[وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً،فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً, ثم رددنا لكم الكرَّة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً, إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا,عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا].
في هذ الآيات يخبر الله قبل أكثر من الف واربعمائة وأربعين سنة عما يقوم به بنو إسرائيل في المستقبل من إفساد وعلو كبير وعما سيجري عليهم.
والمعنى الاجمالي لهذه الايات:ان الله سبحانه وتعالى اخبر واعلم بني اسرائيل في الكتاب الذي انزله على نبيهم وهو التوراة انهم سيرتكبون فسادين كبيريين يقود كل منهما الى الطغيان والعدوان والاحتلال والاستكبار في الارض، وان الله سينتقم منهم في الدنيا قبل الاخرة فيسلط عليهم بعد كل افساد واحتلال عباداً لنا مؤمنين وصادقين ورجالا اشداء اولى بأس شديد يذلونهم بالقتل والاسر ويذيقونهم جزاء فسادهم واستكبارهم ويطهرون الأرض والمقدسات من إحتلالهم ورجسهم، ويجبرونهم على الرحيل من حيث أتوا.
وهذا الإخبار هو اخبار غيبي يدخل في جملة إخبارات القرآن الغيبية.. وهو دليل على صحة الإسلام، وصدق النبي (ص)، وحقانية القرآن، لأنه خبر صدر عند نزول القرآن قبل أكثر من ألف وأربعمائة وأربعين سنة وسيتحقق وسنعاين ونشاهد ويشاهد العالم كله تحققه وصدقه.
هذا الخبر يُفهمُ الناس أن عليهم أن لا يصابوا باليأس والإحباط وهم يواجهون الجبروت الإسرائيلي والإفساد الإسرائيلي في الأرض والقتل والمجازر والتدمير الذي يرتكبه الاسرائيلي بحق الناس الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ.
هذا الخبر يُفهمُ الناس أن عليهم أن لا يتأثروا بكل هذا العدوان والطغيان والاستكبار والعتو والإرهاب والوحشية الإسرائيلية، وأن لا يرعبهم ولا يخيفهم جبروتهم العسكري والأمني والسياسي والإعلامي وكل الإرهاب الذي يمارسونه.
هذا الخبر والإخبار يعنينا بالصميم نحن العرب والمسلمين الذين نعيش في هذه المنطقة, لأنه يكشف عن أن هؤلاء الإسرائيليين (بني إسرائيل) سوف يمعنون في هذه المنطقة فسادا وإفسادا وإرهابا واحتلالا وعلوا واستكبارا ويرتكبون القتل والمجازر ويقومون بالتخريب والتدمير.
وقد أكد الله في هذه الآيات على حصول هذا الأمر (الغلبة على بني اسرائيل) بكل تفاصيله في أكثر من ستين مؤكداً.. والسبب في كل هذه التأكيدات هو أن الله يريد أن يقول بأن هذا الأمر حتمي وهو واقع لا محالة وهو غير قابل للتشكيك او الشبهة، وسيأتي ذلك اليوم لا محالة لكن يحتاج الى إعداد واستعداد وجهوزية وإرادة مقاومة، ويحتاج أن يتحمل المسلمون مسؤولياتهم تجاه القدس التي احتلها هؤلاء الصهاينة.
ومن أجل أن يستعد المسلمون لتحمل هذه المسؤوليات ومن أجل أن تبقى القدس حية في وجدان الأمة وثقافتها وأولوياتها وجهادها ومن أجل أن يسلّط الضوء في كل عام، على هذه القضية المركزية فقد أعلن الإمام الخميني (رضوان الله عليه) هذا اليوم وهو آخر يوم جمعة في شهر رمضان المبارك يوما عالميا للقدس ، ليؤكد المسلمون فيه: بان فلسطين، كلها أرض محتلة مغتصبة ، وإسرائيل كيان غاصب ومحتل لا يجوز الاعتراف به ولا التسليم ولا تقديم التنازلات له ويجب أن يزول من الوجود وأن تعود فلسطين كلها الى شعبها وأهلها.
وأن الطريق الوحيد المتاح لاستعادتها هو طريق الصمود والمقاومة، وشرف القدس يأبى أن يتحرر الا على أيدي المجاهدين الشرفاء والأحرار الأوفياء(عبادا لنا أولي بأس شديد) ورجالا شجعان لا يخافون ولا يترددون ولا يعرفون معنى للتراجع والضعف.
وأياً تكن الظروف والأوضاع التي آلت اليها الأمة من ضعف ووهن وعجز فإن ذلك لا يسوّغ التسليم للعدو والاعتراف بشرعيته والقبول به والتطبيع وإقامة العلاقات معه، او التواطؤ معه على المقاومين والصامدين والرافضين للاستسلام.
وهذا ما يحصل الآن، للأسف بعض الأنظمة العربية اليوم كالسعودية اصبحت تزايد على اسرائيل في اظهار العداء لحركات المقاومة ولإيران وتعتبر ايران والمقاومة هي العدو وليس اسرائيل، وهي تسعى للتطبيع مع اسرائيل واقامة علاقات تجارية واقتصادية ويمكن تسيير رحلات جوية قريباً .
واليوم الهدف الحقيقي والأهم والأساسي من كل الحملة التي تقودها السعودية ضد ابران وحركات المقاومة في لبنان وفلسطين هو تصفية القضية الفلسطينية،ودفع الشعوب للتخلي عن هذه القضية، لكننا نحن وأنتم وكل الأحرار لن نتخلى عن هذه القضية .
على السعودية وكل أدوات أميركا وإسرائيل في المنطقة أن ييأسوا من إمكانية أن تتخلى شعوبنا وحركاتنا وقوانا الحية عن فلسطين وعن القدس وعن شعب فلسطين، وعن المقاومة مهما فعلتم،ومهما تآمرتم .
والمشروع التكفيري الذي تم انشاؤه لإشغال الشعوب عن فلسطين بفتن داخلية ولضرب المقاومة، هو في طريقه الى الزوال والإنهيار في العراق وفي سوريا
ليس هناك من أفق امام المشروع التكفيري في المنطقة ، ولا أفق للمعركة التي تخوضها داعش في العراق وسوريا ، ولا أمل لها في تحقيق أي شيء.
والمنطقة اليوم تشهد تغيرات وانجازات استراتيجية لصالح محور المقاومة، في الموصل وفي بادية الشام وعلى طرفي الحدود العراقية والسورية، ووصول الجيش السوري وحلفائه الى الحدود السورية العراقية وملاقاته للحشد الشعبي من جهة العراق هو إنجاز كبير يفشل المخطط الامريكي الاسرائيلي السعودي الذي كان يريد السيطرة على طول الحدود السورية العراقية للتحكم في التواصل الإقتصادي والسياسي والعسكري بين العراق وسوريا ولقطع التواصل البري بين إيران وبقية دول محور المقاومة
وكل الذين كانوا يأملون ويراهنون على إسقاط سوريا من أمريكيين وغير أمريكيين باتوا يعترفون بأنهم كانوا واهمين لأنهم اصطدموا بمقاومة قويةوخابت آملهم ورهاناتهم.
اليوم الميدان هو الذي يحدد نتائج المعركة وهو الذي يرسم مستقبل المنطقة وكل الوقائع الميدانية تؤشر الى تراجع المشروع الأمريكي الإسرائيلي السعودي التكفيري في المنطقة بالرغم من المليارات السعودية والدعم اللامتناهي الذي تقدمه السعودية لهذا المشروع ماليا وسياسيا واعلاميا وعسكريا، بينما في المقابل مشروع محور المقاومة في تقدم مستمر ولديه تصميم على مواصلة المعركة حتى الحاق الهزيمة الكاملة بالمشروع الأمريكي الإسرائيلي وأدواته في المنطقة.
اليوم هزيمة داعش في سوريا والعراق ستساهم في انهاء هذه الحروب وإيقاف هذه الفتن وفي كما ستساهم في استقرار المنطقة وأمنها، ولبنان سيكون اول المستفيدين والرابحين لأن أمن لبنان من أمن االمنطقة ،وعلى لبنان القوي بجيشه وشعبه ومقاومته ان يلاقي انجازات الجيش السوري والعراقي بطرد داعش والنصرة من جرود عرسال ورأس بعلبك واستأصال وجودهما من الأراض اللبنانية حتى نحمي وطننا واهلنا ونعزز أمننا واسقرار بلدنا.