نقلت صحف محلية عن رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد قوله الأحد إن احدا من المتورطين في الفساد لن يسلم من “الحرب” التي تشنها حكومته على الفساد.
وانتشر الفساد بشكل واسع في تونس في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به انتفاضة شعبية عام 2011، شكلت شرارة انطلاق الربيع العربي في باقي المنطقة لاحقا، والشهر الماضي اعتقل أكثر من عشرة أشخاص بينهم رجل الأعمال شفيق جراية المعروف في الأوساط السياسية والإعلامية، في اطار حملة ضد مشتبه بهم بقضايا فساد وبـ “التآمر” على أمن الدولة.
وقال شاهد في مقابلة معه نشرت في صحيفتي “لا برس” والصباح “إن ما قمنا به ليس كما يقول البعض مجرد حملة إنها فعلا حرب على الفساد الذي تفشى في كل الأماكن فهي ليست حملة بل سياسة”، وأضاف أن “مقاومة الفساد أولوية كلنا اصرار على المضي إلى آخر المطاف في الحرب دون هوادة”.
وأوضح شاهد أن الاعتقالات جاءت نتيجة “أسابيع وأشهر من النشاط المتواصل للفرق المختصة” حيث أشرف شخصيا على التحقيقات التي تمت بشكل سري.
ويوم الأربعاء، انتقدت صحيفة الشروق ما اعتبرت أنه “غياب خطة” واضحة لدى الحكومة في هذا الشأن فيما أشارت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان إلى أنها “تفاجأت” من “ضبابية” السلطات حيال المسألة.
وأوضح الشاهد أن حرب حكومته على الفساد التي تتبع سياسة “انتهجناها بتوافق تام مع رئيس الجمهورية” الباجي قايد السبسي. “لن تستهدف أي شخص لكنها لا تستثني أي شخص”، وقال الشاهد إن السلطات حجزت ما قدره 700 مليون دينار (288 مليون دولار) في شكل بضائع مهربة خلال ثمانية أشهر.
وأوضح أن اهتمام حكومته يتوجه إلى تفكيك شبكات الجريمة المنظمة والمحسوبية. وتهرب ضريبي “كبير جدا” واعادة المليارات المهربة. مضيفا أن الاعتقالات “قد تشمل آخرين”، ونفى أن يكون التحرك الاخير مرتبطا بتنامي الاحتجاجات الاجتماعية، خاصة في مناطق الجنوب.
واتهمت السلطات بعض الموقوفين بي”تمويل” التظاهرات و”التحريض” عليها، ولاقت الاعتقالات ترحيبا واسعا، وهي جاءت في إطار محاربة الفساد التي سمحت بها بشكل أكبر حالة الطوارئ المفروضة في تونس منذ تشرين الأول/نوفمبر عام 2015، ولكن البعض يصر على أن الاجراءات يجب أن تذهب أبعد من ذلك وتطال بعض الشخصيات البارزة.
ومن ناحيته، رفض شاهد الانتقادات الموجهة لحكومته باستغلال حالة الطوارئ للقيام بحملة الاعتقالات قائلا “في حالة الطوارئ تستعمل الدولة كل ما لديها من أدوات” مشيرا إلى أن الوضع “استثنائي” حاليا وأن التونسيين “سيتعودون على ذلك كما تعودوا على العمليات الإرهابية واقتنعوا أن ما يحدث أصبح ضمن حياتهم اليومية”.
وواجهت تونس منذ انتفاضة عام 2011 تناميا في الاعتداءات الجهادية التي تسببت بمقتل العشرات من عناصر الأمن و59 سائحا أجنبيا، وتحدث الشاهد في هذا السياق عن “ثلاثي متربص بتونس وهو الإرهاب والتهريب والفساد. وهي منظومة كاملة ومتكاملة”.
وقال المحلل حمزة مدب من معهد الجامعة الاوروبية قرب فلورانس قبل مقابلة يوم الأحد، إن حكومة الشاهد ارادت من خلال حملة الاعتقالات التخفيف من الضغط الذي تسبب به الحراك الاجتماعي، إلا أن رئيس الوزراء وجد نفسه في وضع دقيق حيث قال مدب “اذا استمر، فإنه يخاطر بالتعرض لمصالح النخب السياسية الراسخة”، وإن تراجع “فسيظهر وكأنه سمح لنفسه بأن يتم استخدامه” من قبل جهة ما.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية