صرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف في حديث لوكالة “سبوتنيك”، أن بلاده تترقب استئناف المفاوضات السورية بجنيف خلال أيار/مايو الجاري، وأن يقوم المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، خلالها بصياغة توجهات الحوار المستقبلي. وقال لافروف في مقابلة حصرية مع وكالة “سبوتنيك”: “الآن الجولة القادمة كما قلت، مرتقبة في الشهر الجاري، سيقوم خلالها المبعوث الأممي الخاص، ستيفان دي ميستورا، بصياغة التوجهات المستقبلية للحوار”. ورجح الوزير عقد الاجتماع الوزاري للمجموعة الدولية لدعم سوريا خلال الأسبوع المقبل.
وقال : “على الأرجح، سيتسنى عقد اجتماع وزاري خلال أسبوع بهدف واحد رئيسي هو النظر في من وكيف ينفذ القرارات السابقة وفقا لقراري مجلس الأمن الدولي. “خريطة الطريق” هذه تشمل 3 اتجاهات، وهي وقف إطلاق النار وأعمال القتال، والمساعدات الإنسانية، والعملية السياسية”. وذكر لافروف أن المفاوضات المباشرة بين الأطراف السورية، ما زالت غير ممكنة بسبب نزوات الهيئة العليا للتفاوض، تحت تأثير الممولين الخارجيين وعلى رأسهم تركيا.
وقال ردا على سؤال حول توقعاته بشأن موعد استئناف المفاوضات السورية بجنيف: “الجولة القادمة كما قلت، مرتقبة في الشهر الجاري… على الأرجح سيكون الحوار غير مباشر كما كان، مع أنه من الواضح أن البدء بالعمل الفعلي، ممكن فقط عندما تجتمع كل الأطراف السورية خلف طاولة مفاوضات واحدة”. وأضاف: “الظروف لم تتهيأ بعد لذلك، بالدرجة الأولى، بسبب أن هذه الهيئة العليا للتفاوض، والتي نصبت نفسها بنفسها، لديها نزوات كثيرة تحت تأثير الممولين الخارجيين، وأولهم تركيا، هذا واضح جدا، الجميع يعرف ذلك”.
وصرح وزير الخارجية الروسي، بأن الرئيس السوري، بشار الأسد، ليس حليفا لروسيا مثلما تركيا حليف للولايات المتحدة. وقال بهذا الخصوص: “الأسد ليس حليفنا بالمناسبة. نعم، ندعمه في مكافحة الإرهاب والحفاظ على الدولة السورية. لكنه ليس حليفنا مثلما تركيا حليف للولايات المتحدة”.
وأضاف: “أعتقد أنه بمقدور واشنطن مطالبة حلفائها في الناتو بتنفيذ القرارات التي تنص صراحة على ضرورة مشاركة الطيف الكامل من المجتمع السوري في المفاوضات. وبمقدورها أيضا الوفاء بالوعد القديم بابتعاد ما يسمى “المعارضة المعتدلة” التي يدعمونها عن جبهة النصرة وداعش”. ولفت لافروف إلى أن الولايات المتحدة قادرة تماما على التوصل لمشاركة كافة شرائح المجتمع السوري في المفاوضات السورية – السورية بجنيف، وفصل الإرهابيين عن المعارضة المعتدلة.
وقال لافروف: “أعتقد أنه بمقدور واشنطن مطالبة حلفائها في الناتو بتنفيذ القرارات التي تنص صراحة على ضرورة مشاركة الطيف الكامل من المجتمع السوري في المفاوضات. وبمقدورها أيضا الوفاء بالوعد القديم بابتعاد ما يسمى “المعارضة المعتدلة” التي يدعمونها عن “جبهة النصرة” و “داعش”، وأشار إلى وجود تقدم ملموس في مجال إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري، وندد بإغلاق تركيا لمعبر “القامشلي” على الحدود مع سوريا أمام المساعدات الإنسانية.
وقال بهذا الصدد: “هناك تقدم ملموس في المجال الإنساني، على الرغم من أن عدد من المراكز السكنية تظل محاصرة بما في ذلك ومن قبل القوات الحكومية، لكن بشكل عام هي محاصرة ومن قبل قوات المعارضة”.
وتابع قائلا: “منع تركيا استخدام معبر “القامشلي”، الذي كانت تنقل عبره المساعدات الإنسانية، لا يساهم في تسوية المشاكل الإنسانية. الأتراك، بغض النظر عن كافة الدعوات، يرفضون فتح هذا المعبر”. وأضاف الوزير: “لكن بشكل عام يبقى الوضع في مجال إيصال المساعدات الإنسانية إلى مختلف مناطق سوريا ذات اتجاه إيجابي”.
وأكد أن موسكو راضية عن العمل المشترك للعسكريين الروس والأميركيين في مجال الهدنة في سوريا، مشيرا إلى أن مستوى العنف انخفض بشكل ملموس بعد بداية الهدنة. وقال: “لم يتوقع أحد أن ينخفض مستوى العنف لهذه الدرجة، نحن راضون عن العمل المشترك للعسكريين الروس والأميركيين”. كما أعرب لافروف عن رفض روسيا الرهان على تحويل الوضع في سوريا إلى اتجاه الحل بالقوة.
وقال : “على الأرجح، هناك رهان ممن يدعم “النصرة” لإفشال الهدنة والقيام بكل شيء ممكن من أجل تحويل الوضع إلى الحل بالقوة. سيكون ذلك مرفوضا تماما”. ونوه وزير الخارجية الروسي إلى وجود أدلة لم يتم التحقق منها بعد، على أن مجموعات المعارضة المعتدلة تتعمد البقاء بمواقع “جبهة النصرة” لعدم المساس بهذه الأخيرة.
وقال: “لدي انطباع، وهناك أدلة في شكل بيانات لم يتم التحقق منها بعد، على أن هذه المجموعات تتعمد البقاء بمواقع “جبهة النصرة” لعدم المساس بالنصرة”. ولفت لافروف إلى أن هناك أطراف كثيرة تحاول إفشال الهدنة في سوريا.
وقال بهذا الصدد : “هناك أطراف كثيرة تريد إفشال الهدنة، لقد تحدثت سابقا عن اللعبة التي تخوضها “جبهة النصرة”، وكذلك مشكلة الحدود التركية.. على خلاف المعبر المغلق في وجه المساعدات الإنسانية، تظل “مليئة بالثغرات” لنقل الأسلحة، والمسلحين إلى سوريا، وتهريب النفط والآثار من سوريا إلى تركيا”.
وأضاف لافروف: “طبعا بعد قيام سلاحنا الجوي بضرب المهربين، وبعد أن قام التحالف بقيادة الولايات المتحدة بتوجيه الضربات ضد مهربي النفط، انخفض حجم التدفق، لكنه لا يزال موجودا، وتغذية الإرهابيين على حساب ذلك مستمرة”.
وفي التطرق إلى الوضع في حلب، أشار لافروف إلى أنه يجب على جميع الأطراف المعنية بالأزمة السورية عمل كل ما في وسعها لفرض نظام التهدئة في حلب. وقال بهذا الشأن : “هناك عدة أيام من وضع التهدئة في اللاذقية وفي الغوطة الشرقية، في ضواحي دمشق، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام ، وآمل أن تستمر، وفي النهاية يصبح لأجل غير مسمى. واليوم، كما كنت آمل، فإنه كان يجب إعلان وقف لإطلاق النار في مدينة حلب، ولكن حتى الآن لم أسمع هذا الإعلان”. وتابع الوزير الروسي: ” لقد سمعت تصريحات الحكومة السورية حول استمرار المعارضة بإطلاق النار. ولكن نحن سنتحقق مع عسكريينا، فهم، أكرر، على اتصال مباشر مع القيادة الأميركية وتحالفهم لمكافحة الإرهاب في عمان، العاصمة الأردنية. على الأقل، يجب علينا أن نفعل كل شيء لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ”.
وأكد لافروف أنه ” جرى الاتفاق على كل شيء بين الجانب الروسي والتحالف، والحكومة السورية أيدت ما تم التفاوض بشأنه”. وأضاف: “مرة أخرى، في مسار التفاوض على الهدنة بشأن حلب، والتي، وأكرر، حددت معالمها. يوم أمس، قبل يوم أمس اتفاقنا حول هذا، يجب أن إدخاله حيز التنفيذ بسرعة”.
وذكر لافروف أن الجانب الأميركي حاول ضم المناطق التابعة لجبهة النصرة المحظورة في روسيا إلى مناطق نظام التهدئة في حلب، مشيرا إلى أن أحد ما يرغب باستخدام الأميركيين لمساعدة النصرة على الهروب من تحت القصف.
وقال : ” ولكن عندما جرت المفاوضات، شركاؤنا الأميركيون حاولوا تحديد حدود منطقة التهدئة هذه بطريقة لتشمل جزء كبير من المواقع التي تسيطر عليها النصرة. استطعنا أخيرا منع هذا ، هذا غير مقبول على الإطلاق، ولكنه يجعلني أعتقد أن أحداً ما يريد استخدام الأميركيين، أنا لا أصدق أن هذا من مصلحتهم – حماية النصرة، ولكن هناك من يريد استخدام الأميركيين من أجل إخراج النصرة من تحت الضربات. في هذا الصدد، وبطبيعة الحال، لا أستطيع إلا أن أذكر ما قلته – عن المعلومات المتوفرة حول العلاقات غير لائقة للقيادة التركية مع داعش والنصرة.
وتأتي مفاوضات جنيف في إطار مساع حثيثة يبذلها المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة التي تعانيها سوريا منذ أكثر من خمس سنوات والتي شهدت خلالها أعمال عنف واضطرابات داخلية ناتجة عن اشتباكات مسلحة بين القوات السورية النظامية، والعديد من المجموعات المسلحة المتطرفة ذات الولاءات المختلفة، أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وتنظيم “جبهة النصرة”.
وأسفر القتال الدائر في سوريا، حتى الآن، ووفقاً للإحصاءات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، عن سقوط أكثر من 250 ألف قتيل، فضلاً عن نزوح الملايين داخل سوريا وخارجها، هرباً من تداعيات القتال، ومن ويلات القصف والمعارك التي اجتاحت أكثر المدن السورية.
لافروف : روسيا احتفظت بقوات جوية كافية في سوريا لتنفيذ المهام في الوقت الحالي
أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الأربعاء، على أن تكرار حادث إسقاط طائرة “سوخوي-24” الروسية أمر مستحيل، مشيرا إلى أن كافة التدابير لتجنب أية حوادث قد اتخذت، والأتراك يعلمون بذلك. وقال لافروف في مقابلة حصرية مع وكالة “سبوتنيك” في هذا الصدد: “لقد سبق أن تعرضنا لاستفزاز، وكان تقييمنا واضحا – القيادة التركية قامت بخطأ وبجريمة.. في الوقت الحالي، لن يتكرر ذلك بالطبع، لأنه تم اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتجنب تكرار أية حوادث والأتراك يعلمون بذلك”.
وأعرب لافروف، عن أسف بلاده لتقبل الاتحاد الأوروبي، تحت ضغط الابتزازات التركية لفكرة تقسيم سوريا إلى مناطق أمنية، كأمر مفروغ منه. وقال لافروف: “بالحديث عن مناطق أمنية مختلفة، للأسف الشديد، يبدو أن الاتحاد الأوروبي تحت ضغط الابتزازات التركية، وكأنه يتقبل هذا الطرح الأمني كأمر مفروغ منه”.
وأضاف لافروف: “في تصرفات تركيا، وهي المحرض الرئيسي على كل هذه الأحاديث حول المناطق الأمنية والخطة “ب” والطموحات العدوانية الأخرى، يمكن رؤية هذه الدوافع التوسعية ليس فقط تجاه سوريا. مازال الأتراك متواجدين في العراق، ولديهم مجموعة عسكرية بدون موافقة ورغما عن مطالبة الحكومة العراقية الرسمية، معلنين في نفس الوقت أنهم أدخلوا قواتهم إلى هناك لكي يعززوا سيادة ووحدة أراضي العراق، ماذا يمكن أن يقال، هنا لا يمكن حتى التعليق”.
واستطرد الوزير قائلا: “تلك هي الطموحات العثمانية الجديدة: نشر النفوذ والاستحواذ على الأراضي، إنها تظهر بقوة، وبشكل عام بأنها تصرفات غير لائقة”. هذا وتدهورت العلاقات الروسية التركية ، بعد إسقاط طائرة حربية روسية في سوريا، من قبل طائرات حربية تركية، أثناء قيامها بعملية لمكافحة الإرهاب بالقرب من الحدود التركية. ووصف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التصرف التركي حينها بأنه “طعنة في الظهر من قبل المتواطئين مع الإرهاب”، وأوعز باتخاذ تدابير لحماية أمن المواطنين الروس وفرض قيود اقتصادية على تركيا.
المصدر: وكالة سبوتنيك