ألقى السيد جعفر فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
“من خلال ما نفهمه من مشروع العدل الإلهي للعالم، نستطيع أن نطل على واقعنا السياسي اليوم، لنقرأ من خلاله أين نحن وما هو الأفق الذي ينبغي أن نتحرك فيه.
في المستوى السياسي، نجد أن النظام العالمي اليوم يقوم على أساس أن مجموعة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، قد شكلوا أو طوروا مؤسسات عالمية، سميت بالأمم المتحدة. وهذه الدول اليوم تتحكم بالعالم من خلالها بشكل وبآخر..
وإذا كان وجود مؤسسة من هذا النوع ضرورة بشرية في حدود دنيا، فإن هذا لا يعني أن حركة هذه المؤسسة تعبر عن منطق العدالة العالمية”.
اضاف: “الأمم المتحدة ترى أمامها كل حركة الطغيان والظلم على مساحة هذا العالم، تقوم بها دول تخالف شرعة حقوق الإنسان التي أنتجتها هي، ومع ذلك لا ترى مانعا من أن تشرع الظلم العالمي، تحت حجج الأمر الواقع.. لقد جرى زرع كيان صهيوني على أرض فلسطين بقوة النار والقتل.. فإذا بها تعترف به مخالفة بذلك أبسط شروط العدالة.. وكان هذه الكيان الصهيوني الكيان العنصري الذي ينشر – في ثقافته الذاتية – الكراهية والعنصرية والاستعلاء على شعوب الأرض كلها، وإذا بها تشطب اسمه من لائحة الكيانات العنصرية من دون أن يتخلى عن شيء من ذلك”.
وتابع: “آلاف الأسرى الفلسطينيين، تحت أعين الأمم المتحدة وآذانها، ومنهم كثيرون من دون محاكمة.. وأي نكتة هي العدالة لمحاكم احتلال عنصري دموي يحاكم من يعتبرهم في ثقافته الدينية “حشرات وأفاعي”! في كل الأحوال.. أبسط شروط الكرامة الإنسانية التي تفترضها شرعة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية للأسرى والمسجونين لا تحرك لدى هذه الأمم شيئا.. يسقط الأسرى صرعى الأمعاء الخاوية والإضراب على الطعام، ولا يحرك ذلك ساكنا أمام معاناة فرد من أفراد العالم الأول”.
ورأى ان “هذا ليس سلوكا جزئيا أو فرديا.. إنه نظام عالمي لإنتاج العدالة الاستنسابية.. العدالة التي تخضع للقوي.. العدالة التي تأسف لمآسي الضعفاء.. العدالة التي تعرف أن شعوبا بأسرها تبيت مرهونة لمؤسسات اقتصادية دولية كالبنك الدولي، وهي لا تحرك أي قرار تمنع الآخرين من نهب ثرواتها.. العدالة التي تدفع موظفا للاستقالة من موقعه لأنه نطق بكلمة عدل في “أضعف الإيمان” وأقل الواجب!”.