تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 29-04-2017 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها توسّع حركة المشاورات بين القوى السياسية في لبنان للتوصل لمخرج قبل نهاية المهلة الفاصلة عن موعد الجلسة النيابية في 15 أيار المقبل، مع وضع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مبادرته قيد التداول وبمتناول جميع الأطراف التي تنكبّ على دراستها، ومن المتوقع أن تقدّم إجاباتها وملاحظاتها مطلع الأسبوع المقبل.
الأخبار:
برّي: يلعبون معي لعبة حافة الهاوية؟ ليجرّبوا
تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “في الأيام الاخيرة وضع الرئيس نبيه بري على طاولة التداول مشروعين: أحدهما قانون انتخاب يعتمد النسبية وفق دوائر مرنة تكبر او تصغر تبعاً للتوافق الذي يمكن ان تحوزه، والآخر تطبيق المادة 22 من الدستور. مذذاك كل حوار وتشاور خارجهما قليل الاهمية”.
ما بات يقوله رئيس مجلس النواب نبيه بري انه ذاهب الى تطبيق الدستور، وليس الى وضع قانون جديد للانتخاب فحسب. بيد ان ما افصح عنه يفتح الباب على ورشة دستورية أكثر منها الخوض في تقسيم دوائر قانون انتخاب جديد، لبّ المناقشات والمشاورات والاتصالات والاقتراحات المتطايرة من فوق رؤوس الافرقاء جميعاً.
ليست المرة الاولى يطرح بري استحداث مجلس للشيوخ مقترناً بانتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي. المرة الاخيرة كانت الى طاولة الحوار الوطني ابان الشغور الرئاسي، وكان ينتظر أجوبة الجالسين اليها عن هذه الخطة، قبل ان تطيح الخلافات الطاولة وتنسف أعمالها نهائياً. طرح الفكرة نفسها في ما مضى الرئيس سعد الحريري في مرحلة غيابه عن البلاد.
لم تختلف مقاربة بري انشاء مجلس الشيوخ الآن عما كان طرحه قبل سنتين، مجتهداً في تفسير المادة 22 من الدستور التي ترعى في آن انتخاب برلمان وطني لا طائفي واستحداث مجلس للشيوخ، على نحو مغاير لما نصت عليه المادة:
فسّر اولاً كلمة «مع» بأنها تعني الحاضر والمستقبل في وقت واحد، كي يقول ان في الامكان حصول هذين الاجراءين بالتزامن، من غير ان يسبق انتخاب البرلمان الوطني غير الطائفي استحداث مجلس الشيوخ بالضرورة. بل يسير الوصول اليهما في الموازاة فينبثقان معاً. مع ان ما قيل في هذا الموضوع منذ اقرار الاصلاحات الدستورية عام 1990 ان استحداث مجلس الشيوخ يلي انتخاب مجلس نواب وطني لا طائفي.
فسّر ثانياً انتخاب البرلمان الوطني على انه مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، من دون أن يلحظ توزيعاً مذهبياً داخل كل منهما، على نحو مغاير لمغزى اقتران هذا البرلمان باستحداث مجلس للشيوخ، وهو ان يكون المجلس المنتخب وطنياً بكل ما للكلمة من معنى، فيُنتخب بلا حساب المناصفة الطائفية، وانما تبعاً لما تفضي اليه نتائج الانتخابات النيابية العامة. على ان يصير في المقابل الى ضمان حقوق الطوائف والمذاهب في مجلس الشيوخ الذي يلحظ بدوره تمثيلاً متساوياً لها فيه.
الحريري عن بري: لن تجدوا شيعياً سواه يوافق على التخلي عن صلاحيات أساسية لمجلس النواب
منذ اقراره، ما خلا احاديث عابرة غير ذات مغزى، لم يصر مرة الى الخوض في اجراءين مؤجلين الى امد غير محدد، لم يُصِغ اتفاق الطائف سبل الوصول اليهما وتنظيم انتخابهما وآليتهما، ولا بالتأكيد توقيتهما، فأجريت اربع دورات انتخابات نيابية عامة (1992 و1996 و2000 و2005 و2009) مذذاك دونما التفكير في وضع المادة 22، بشقيها المتلاصقين، موضع التنفيذ. ناهيك بولاية تمديد كاملة للبرلمان (2013 ــــ 2017). بيد ان وضع بري الآن المادة 22 في صدارة الحدث، ومن ثم التلازم في تطبيق شقيها على انها الباب الوحيد لانقاذ انتخابات 2017، عوّل على بضعة معطيات كشف عنها رئيس المجلس:
اولها، تلميحه الى ان تمديد ولاية مجلس النواب سنة كاملة صار من الماضي. ورغم اتهامه بأنه اول المشجعين على هذه المدة، يقول رئيس المجلس انه لم يوافق عليها مرة، لا في الجلسة التي كانت مقررة في 13 نيسان، ولن يكون كذلك في جلسة 15 ايار. يضيف: «لم اوافق سوى على تمديد مقترن بقانون جديد لمدة محددة ترتبط بالمهلة الكافية لاجراء الانتخابات النيابية على اساسه، وهي في احسن الاحوال اربعة اشهر ليس اكثر». الا انه يفصل بين دعوته مجلس النواب الى الانعقاد في جلسة 13 نيسان كما في جلسة 15 ايار، وبين واجب توجيه الدعوة مرة بعد اخرى قبل ان تنقضي مدة الولاية القانونية للبرلمان الحالي تجنباً لوقوع السلطة الاشتراعية في الفراغ. فعل الامر نفسه عندما دعا المجلس الى الانعقاد 45 مرة لانتخاب رئيس الجمهورية، وكان متيقناً من تعذر الانتخاب آنذاك، الا انه تمسك بصلاحياته الدستورية.
ثانيها، جزمه بأنه لن يكون في فريق تمديد الولاية في الجلسة المقبلة لا يقترن بقانون جديد للانتخاب. يقول: «يراهنون على تأييدي التمديد، حتى اذا تعذّر يظنون ان في وسعهم استدراجي الى القانون الذي يريدون. يلعبون لعبة حافة الهاوية؟ انها شغلتي القديمة. ليجربوا؟».
ثالثها، اعتقاده بان كل الاقتراحات المتداولة لقانون الانتخاب تهاوت تباعاً، واحداً بعد آخر، وآخرها مشروع التأهيل بعدما نعاه نهائياً قبل ايام. من ثم قول بري انه ذاهب الى تطبيق الدستور، مع تأكيده ان من الضرورة الذهاب الى قانون انتخاب وطني واستحداث مجلس الشيوخ بغية انقاذ العهد وفي سبيل مصلحته: «لا يتصورن احد انه عهدي انا، او عهد الرئيس سعد الحريري. انه عهد الرئيس ميشال عون فحسب». وضع بري المفاضلة بين خياري قانون النسبية بدوائر مرنة وتطبيق المادة 22. لكل منهما مهلة محددة توجب تأخير اجراء الانتخابات النيابية المقررة قبل 20 حزيران المقبل «بيد ان لا تأجيل لها او تمديداً في معزل عن اي منهما».
رابعها، يقينه من حصول خطته الجديدة المزدوجة الهدف على تأييد اوسع شريحة بين الافرقاء «بما في ذلك اولئك الذين يناقشون ما بات معروفاً اننا نرفضه». سمع من رئيس الحكومة تأييده خطته تلك، وبلغ اليه ايضاً ما قاله الحريري عنه في الاوساط اللصيقة به وهو يشجع على انتخاب البرلمان الوطني واستحداث مجلس للشيوخ: «لن تجدوا شيعياً سواه يوافق على التخلي عن صلاحيات اساسية لمجلس النواب»، في اشارة الى المسودة التي اعدها بري لمشروع استحداث مجلس الشيوخ وتنظيمه وصلاحياته.
كما كتبت الأخبار:
عودة التيارَين إلى «التأهيلي» تجمّد نقاش «مجلس الشيوخ»
تحوّل مجلس الشيوخ من طرح إصلاحي إلى مادة للمزايدة، مع محاولات إفراغه عبر لصقه بقانون «التأهيل الطائفي». وفيما لم يسجّل أي اختراق جدّي في مفاوضات قانون الانتخاب، عادت المشاورات إلى مربعها الاول: البلاد على حافة أزمة كبرى
لم تكن العلاقة بين النائب وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري يوماً بهذا السوء. مع أن جنبلاط مرّةً، وتحت تأثير «القمصان السود»، سار خلف حكومة يرأسها نجيب ميقاتي ومنح ثقته لها، إلّا أن «البيك» كان دائماً السند للحريرية السياسية، في مرحلة الرئيس الراحل رفيق الحريري، ومن بعده ابنه سعد، كرأس حربة لقوى 14 آذار.
كيف وصلت الحال بوليد جنبلاط ليقول إنه لا حليف له سوى الرئيس نبيه بري؟ لا يهمّ، المهمّ أن الحريري نفسه اختار التخلّي عن تحالف استراتيجي مع جنبلاط، مستعيضاً عنه بانسياق خلف الرئيس ميشال عون، وانسياق مستشاره نادر الحريري مع الوزير جبران باسيل، حتى كاد الاشتراكيون وآخرون في عين التينة يخطئون باسمه، معتقدين أنه الرئيس شفيق الوزّان في زمانه.
وربّما كانت الرسالة الاشتراكية الواضحة للحريري قبل باسيل، أن «لا أحد يفاوض عنّا ولا أحد يفاوض علينا»، وراء اللقاء بين باسيل والوزير غازي العريضي، ثمّ زيارة باسيل لكليمنصو، قبل أن ينضمّ العريضي إلى لقاء في وزارة الخارجية أمس (ضم إليه باسيل والنائبين ألان عون وجورج عدوان، والحاج حسين الخليل ونادر الحريري). ولم يلمس الاشتراكيون خلال لقاء أمس أيّ تحوّل في موقف الحريري، سوى وقوفه أكثر فأكثر خلف باسيل وتشدّده حيال «القانون التأهيلي»، ومساهمته في محاولة انتزاع ما يعتبره الاشتراكيون حقّاً مكتسباً لطائفة الموحّدين الدروز برئاسة مجلس الشيوخ المفترض. بالنسبة إلى الاشتراكيين وغيرهم، موقف الحريري «غير مفهوم وغير مبرّر» تجاه الحزب التقدمي الاشتراكي، حتى وإن كانت غاية الحريري تحييد نفسه عن المواجهة مع باسيل، علّ المواجهة تستعر بين عون وبرّي وحزب الله وجنبلاط، فيبقى تيار المستقبل محيّداً. إلّا أن هؤلاء لا يذكرون سوى حكاية «أُكلت يوم أكل الثور الأبيض». ولم ينسَ العريضي أمس تذكير المجتمعين بأن الاشتراكي، في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية، تحفّظ على طرح النسبية لأن تيار المستقبل غير موافق عليه، فيما يترك الحريري الاشتراكيين وحدهم في مواجهة باسيل.
ومع أن برّي، الحليف الوحيد لجنبلاط الآن، هو صاحب طرح تشكيل مجلس الشيوخ بالتوازي مع قانون الانتخاب، إلّا أن ما يثير اعتراض الاشتراكيين هو «التحريف الدائم» لطروحات بري من قبل باسيل. فمثلاً، عندما طرح برّي «القانون التأهيلي» ووضع عتبة ترشّح نسبية لتخفيف قلق التيار الوطني الحرّ من وصول مرشّحين لا يحظون بأي تأييد داخل طوائفهم، عمل باسيل على تحريف القانون، محوّلاً إيّاه إلى قانون يحصر المرشّحين باثنين، أي الذين يمثّلون عصب الطوائف. وكذلك الأمر بالنسبة إلى طرح مجلس الشيوخ، الذي طرحه رئيس المجلس من زاوية تخفيف سموم العصبية الطائفية والمذهبية في قانون الانتخاب وحصرها في مجلس الشيوخ. وبدل ذلك، «حوّل باسيل ومعه الحريري طرح مجلس الشيوخ من «سجن» للطائفية، إلى مادة للمزايدة والتفاوض، تستهدف في المقام الأول الوجدان الذي نشأ عند الدروز منذ اتفاق الطائف، بعد أن جرى التوصّل خلال مداولات اتفاق ما بعد الحرب على منح رئاسة المجلس لطائفة الموحدين الدروز، كدليل على إشراكهم في رئاسات النظام السياسي، الموزّعة بين المسيحيين والسنّة والشيعة»، فيما تؤكد مصادر التيار الوطني الحر أن القوى التي تفاوضه على قانون للانتخاب وافقت على أن يكون رئيس مجلس الشيوخ مسيحياً.
وبقدر ما هو تحوّل الحريري مستفزّاً، تستنفر الجنبلاطيين محاولات باسيل فرض قانون انتخاب من خارج التوافق. فهؤلاء لا يجدون مبرّراً لمحاولات التصويب الدائمة عليهم من قبل التيار الوطني الحر، و«كأن هناك من يظنّ أن باستطاعته أن يستثني طائفة بعينها، أو الحزب التقدمي الاشتراكي تحديداً». نسي باسيل أن جنبلاط منح أصواته لعون (في انتخابات رئاسة الجمهورية) من دون مقابل، خلافاً لرغبته وهرباً من القول إن جنبلاط يقف في وجه خيارات المسيحيين، وأن رئيس الاشتراكي أوعز إلى مسؤوليه، منذ ما قبل انتخاب عون، بفتح صفحة جديدة مع التيار، طالباً منهم التعاون الكامل مع العونيين في الشوف وعاليه. حتى في مرحلة ما قبل تولّي عون الرئاسة، كان جنبلاط أكثر الداعمين لوصول العميد شامل روكز إلى قيادة الجيش، وهو عاتب الحريري مراراً على رفضه وصول صهر عون إلى قيادة الجيش. أمّا في مرحلة الإعداد لذكرى اغتيال كمال جنبلاط الأخيرة، فحرص جنبلاط على العمل خلال الأسبوعين السابقين للاحتفال على التأكد شخصيّاً من أن سير المواكب والتجمّعات الاشتراكية لن تستفزّ المسيحيين في الشوف، كما عمل في مرحلة الانتخابات البلدية على منح المسيحيين ما يطلبونه في البلديات، في الشوف وعاليه، لا سيّما في بلديات الغرب الأعلى، التي تابع ملفّها العريضي شخصيّاً.
حتى في الخدمات في الوزارات التي تسلّمها الاشتراكيون، نال العونيون ما طلبوه وأكثر، إن في وزارة الأشغال أو في وزارة الصحة. ومن المؤكّد أن عون لم ينسَ حين طلب من الوزير وائل أبو فاعور أن يخالف القانون لحلّ أزمة مستشفى البوار الحكومي، ونفّذ أبو فاعور إكراماً له. ويسأل الاشتراكيون: «لماذا استفزازنا بما هو حقٌ لنا؟»، علماً بأن مصادر نيابية اشتراكية أكّدت لـ«الأخبار» أن «الحزب الاشتراكي لا يريد فتح ملفّ مجلس الشيوخ الآن، وأبلغنا حتى حليفنا الرئيس بري بذلك، لأن هذه المسألة مرتبطة بسلّة واحدة هي تطبيق الطائف وإلغاء الطائفية السياسية وتشكيل مجلس نواب وطني»، معتبرةً أن «الطرح الآن بهذه الصيغة هدفه التوتير ووضع المسيحيين في مواجهة الدروز من دون سبب».
اجتماع الخارجية «عقيم»
على الرغم من الرفض الكلّي من قبل بري وجنبلاط للقانون «التأهيلي»، إلّا أن القانون كان حاضراً في اجتماع أمس، مع تصدّر مشروع النسبية الذي طرحه برّي، إلى جانب النقاش حول ما إذا كان البحث في تشكيل مجلس شيوخ يسير بالتوازي مع قانون الانتخاب أو يتمّ الفصل بين المسألتين. وأسهم غياب الوزير علي حسن خليل عن الاجتماع، الذي ربّما كان مشغولاً أو «تَشَاغل»، في تظهير موقف الرئيس بري المعترض، بعد أن كان بريّ قد تلقّى أول من أمس إشارات إيجابية بعد لقاء الحريري مع عون. لكنّ الإيجابية سرعان ما تلاشت مع تصريحات لباسيل اعتبرها رئيس المجلس سلبية.
غياب وزير المال عن الاجتماع عوّضه حضور العريضي الذي زار عين التينة أمس، واضعاً برّي في أجواء الاجتماع. وأكّد أكثر من مصدر شارك في اجتماع الخارجية أمس أنه لم يتمّ التوصّل إلى أي اتفاق ولم يحدّد اجتماع مقبل. ففي حين كان هدف برّي من طرح تشكيل مجلس الشيوخ المساعدة للوصول إلى قانون انتخاب على أساس نسبي وتخفيف حدّة الطائفية فيه، لا يزال باسيل ومعه الحريري يطالبان بالقانون «التأهيلي»، ومعه تشكيل مجلس الشيوخ، بما يفرّغ الخطوة من معناها. وقالت المصادر إن «العريضي سأل الحاضرين إن كان خيار التصويت على قانون الانتخاب لا يزال مطروحاً أم أن الأمر سيتمّ بالتوافق»، فردّ النائب ألان عون بأن «الأمر يجب أن يتمّ بالتوافق لكن التصويت خيار مطروح». وبعد أن ذكّر العريضي بأن قانون الانتخاب أمر مصيري ويجب أن يتمّ بالتوافق، قال عون: «كنتم ذاهبون إلى التمديد من دون توافق»، وتدخّل بعدها المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل، مؤكّداً أن «قانون الانتخاب أمر كبير لا يجوز أن يحصل عليه شرخ وطني».
ولخّصت مصادر مشاركة نتيجة المشاورات بأن «أول نتيجة هي سقوط جلسة التمديد، أما النتيجة الثانية فهي أن الجميع باتوا أمام حتمية التوصل إلى قانون انتخاب، لأن الفرص بدأت تضيق». هذا في ما يُرتجى من الاجتماع. أما في الوقائع، فبعد الإيجابية التي ظهرت نتيجة قبول جميع القوى بمشروع الرئيس بري القائم على إنشاء مجلس شيوخ وإقرار قانون اانتخابات النيابية وفق النظام النسبي، عاد «التأهيلي» من بوابة التيارين، المستقبل والوطني الحر، لتعود الازمة إلى مربعها الأول، ولتصبح البلاد أمام أربعة خيارات: الاتفاق على مشروع بري، إقرار «التأهيل الطائفي»، التمديد (بقانون أو بالعودة إلى «الستين»)، أو الفراغ. وفي الخيارات الثلاثة الأخيرة، أزمة وطنية كبرى.
الجمهورية :
النقاش الإنتخابي يدور في حلقة مفرَغة… والتصعيد السياسي مفتوح
وكتبت الجمهورية تقول “كلّما ضاقت المسافة الزمنية الفاصلة عن موعد جلسة 15 أيار المقبل، تضيق إمكانية إحداث خرقٍ في الجدار الانتخابي وتجاوُز العقد الماثلة في طريق الوصول إلى قانون جديد، ولكن في المقابل تتّسع دائرة الاحتمالات التي لا يبدو أنّها ملفوحة بإيجابيات، بالنظر إلى «الرفض المتبادل» للصيَغ والمشاريع الانتخابية؛ وهكذا يستمرّ الدوران في حلقة مفرَغة، مقروناً برفعِ وتيرة التصريحات والتصعيد السياسي ربطاً بجلسة مجلس النواب والتحضيرات لحراك شعبي يرافقها. وبعيداً من هذا الإرباك الداخلي، حطّت الزيارة التاريخية التي بدأها البابا فرنسيس إلى مصر، على منطقة ملتهبة بالأزمات والخلافات الحادة، لعلّها تكون فرصة لبناء مساحات مشترَكة وانفتاح بين الأديان في مواجهة الإرهاب وجرائمه، وخصوصاً بحقّ المسيحيين”.
يستمر الحراك بلا أيّ نتيجة لبلوغ قانون توافقي في المدى المنظور. لكن ما يسجَّل على هذا الحراك أنّ كلّ الأطراف تغسل أيديها من الفشل، وتنأى بنفسها عن التعقيد الحاصل، فيما تتمسّك بمواقفها وطروحاتها وكأنّها مُنزَلة غير قابلة للتعديل أو النقاش.
وهذا ما تعكسه النقاشات الجارية، وآخرُها الاجتماع الذي عقِد أمس في وزارة الخارجية، وحضَره: الوزير جبران باسيل، المعاون السياسي لأمين عام «حزب الله» الحاج حسين خليل، النائب جورج عدوان، النائب ألان عون، النائب ابراهيم كنعان، والنائب غازي العريضي ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري.
وعكسَت أجواء الاجتماع أن «لا خرقَ بعد، والبحثُ تطرّقَ إلى الخطوات الأخيرة التي يجب استكمالها، فيما قالت مصادر شارَكت في الاجتماع لـ«الجمهورية» إنّ «الاجتماع كان فاشلاً، والنقاش الذي دار فيه أقربُ إلى النقاش العبثي، بحيث عُدنا إلى ما دون نقطة الصفر».
وبحسب المعلومات، فقد أصرّ باسيل في الاجتماع على السير بالمشروع التأهيلي كـ«حلّ هو الأفضل» للوضع الانتخابي المعقّد، مقروناً بطرح إنشاء مجلس الشيوخ في آنٍ معاً.
وقد أيَّد نادر الحريري باسيل، فيما أبدى ممثّل «حزب الله» ملاحظات أساسية على طرحه، أمّا موقف «القوات اللبنانية» فلم يكن مؤيّداً بالكامل، خصوصاً وأنّ عدوان طرَح سلسلة أسئلة وملاحظات جوهرية حوله وحول مدى قدرةِ هذا الطرح على جذبِ توافقِ السياسيين عليه.
إلّا أنّ الأبرز كان موقف ممثّل الحزب التقدمي الاشتراكي النائب غازي العريضي، الذي قدّم مرافعة اعتراضية مطوَّلة على التأهيلي، وصِفت بالشديدة اللهجة، وفيها:
«قلتم بالتوافق على قانون انتخابي، ونلاحظ أنّكم تراجَعتم عن هذا الأمر، فلماذا؟
مع الأسف يتمّ التعاطي مع قانون الانتخاب ليس كقانون أساسي حسّاس، بل كقانون عادي، بل أقلّ من قانون عادي أو قرار عادي أو بند عادي في مجلس الوزراء يتعلق بقبول هبة أو ما شابه.
«نسمع أنّ هناك من يريد أن يطرح الموضوع الانتخابي على التصويت في مجلس الوزراء، نقول لكم إنّ هذا الأمر خطير ومن شأنه أن يقسم البلد».
«نحن نقول لكم الآن، نحن مع النسبية، فلنَدخل في بحث هذا الأمر».
«التأهيلي نرفضه جملةً وتفصيلاً. والعجب في أنكم تقولون إنّكم تريدون الخروج من الحال الطائفية، ونجدكم في الوقت نفسِه تطرحون التأهيلي الذي يكرّس الطائفية ويُعمّقها أكثر».
«نحن لا نريد مجلس شيوخ، ولسنا نطالب بإنشائه. قالوا لنا إنّ مجلس الشيوخ لكم، ومِن الطائف حتى اليوم لم نأتِ على ذِكره أو طلبِ إنشائه، لأننا نعرف تركيبة البلد. وها أنتم تطرحون الأمور «بالمقلوب»، ذلك أنّ الوصول إلى مجلس الشيوخ يتطلّب مساراً طويلاً يبدأ بإنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، ثم إلغاء الطائفية السياسية، ثم انتخابات لمجلس نيابي على أساس وطني وصولاً إلى مجلس الشيوخ».
«أنتم تقولون إنكم ضد التمديد، فمن قال إننا نريد التمديد، ومن قال إنّ الرئيس بري والنائب جنبلاط يريدان التمديد، نحن نريد قانوناً جديداً، ويدُنا ممدودة لإيجاد قانون قبل 15 أيار».
بري: لم يعُد عندي شيء
واللافت للانتباه، كان غياب ممثّل الرئيس نبيه بري الوزير على حسن خليل عن الاجتماع. وعلمت «الجمهورية» أنّ هذا الغياب تمّ بقرار من بري كتعبير عن امتعاض من كيفية التعاطي مع الملفّ الانتخابي، لا سيّما حول الطرح الأخير الذي تقدّم به بري وسلّمه إلى الأطراف السياسية.
وقال بري إنّ «الجو الانتخابي تعرّضَ لرياح لطيفة في الساعات الماضية حملت معها أجوبةً إيجابية ومشجّعة» على طرحه حول النسبية ومجلس الشيوخ الذي تقدَّم به وأودعَه القوى الأسياسية.
وكان لافتاً للانتباه ترحيب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بهذا الطرح، وكذلك كان موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كان إيجابياً جداً، إضافةً إلى موقف النائب وليد جنبلاط، وصولاً إلى «القوات»، حيث اتّصَل النائب جورج عدوان مشيداً بالطرح ومؤكّداً أنه مهمّ جداً، وجدير بأن يُعتمد. وتلا هذا الاتصال لقاء بين عدوان والوزير علي حسن خليل.
وأشار بري إلى أنّ «الأمور انحدرت مساء الخميس وبشكل مفاجئ من الإيجابية إلى السلبية، مع أنّنا اعتقدنا أنّ الأمور شارفَت على أن تصل إلى خواتيمها السعيدة لولا جاءَنا ردٌّ سلبي قبل منتصف الليل صَدم الأمور بالحائط».
وعلمت «الجمهورية» في هذا السياق من مصادر قريبة من بري أنّ باسيل، أرسَل بُعيد الحادية عشرة مساء الخميس رسالة عبر «الواتساب» يعترض فيها على طرح بري، بمعنى أنه قدّم طرحاً يضع مجلس النواب تحت إشراف مجلس الشيوخ.
وقال بري: أنا أمام ما استجدّ لم يعُد عندي شيء، فقد قدّمتُ لهم أفضلَ ما يمكن أن يقدَّم لهم، الكرة ليست في ملعبي، بل هي في ملعبهم. لا أقبل بالتمديد أبداً، ولا أقبل بالفراغ أبداً، الكرة عندهم ومسؤوليتُهم أن يصلوا إلى قانون توافقي، وأنا أنتظرهم.
وعن سبب غياب خليل عن اجتماع الخارجية قال بري: إنّه مشغول.
وعن الجلسة التشريعية في 15 أيار قال: ما زالت الجلسة في موعدها، وإن اكتمل نصابُها وانعقدت كان به، وإلّا فستُؤجّل إلى موعد آخَر، وهكذا حتى تنعقد.
مصادر مسيحية
وحذّرَت مصادر سياسية مسيحية مستقلّة من أنّ الصيَغ المتداولة حتى الآن تصبّ كلّها في خانة التمديد، معتبرةً أنّ التمديد لا يكون فقط بقانون يمدّد ولاية النواب الحاليين وإنّما يمكن أن يتمّ من خلال العودة إلى الستين أو من خلال صيَغ أخرى تؤدّي عملياً إلى النتائج ذاتها التي يفرزها قانون الستين.
ورأت أنّ رفض التمديدِ يعني رفض التمديد للأسلوب المعتمد في الحكم، بحيث يصرف النظر عن التمديد لسياسة استبدال الدستور بتسويات سياسية من خارج المؤسسات الدستورية، ولسياسة التفاهم المسبَق على نتائج أي انتخابات بحيث تنتفي الحاجة إلى وظيفة الانتخابات التي يفترض أن تترجم ما يريده الناخبون لا ما يتّفق عليه رؤساء الكتل.
وقالت المصادر إنّ أيّ صيغة لا تجدّد في التركيبة السياسية للمجلس النيابي، وتجعل منه رهينة إرادة ثماني كتل نيابية تمثّل الثنائيات الحزبية في كلّ طائفة هي بمثابة تمديد مقنّع للأزمة السياسية المستمرّة منذ سنوات».
زيارة البابا
وفيما سرَقت زيارة البابا فرنسيس إلى مصر ولقاؤه الرئيس عبد الفتّاح السيسي وبابا الأقباط تواضروس الثاني وشيخ الأزهر أحمد الطيب الأضواءَ، أكّد راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله لـ«الجمهورية» أنّ الزيارة «هي رسالة تضامُن مع الأقباط والشعب المصري بعد التفجيرات الإرهابية في البلاد في أحد الشعانين، والبارز فيها لقاءاتُه، ما يؤكّد على رسالته الإنسانية»، وستساهم الزيارة في تعميق الحوار المصري الداخلي وتخفّف التوترات المذهبية وتساعد في حوار الأديان».
وتمنّى خيرالله أن يلبّي البابا دعوةَ عون لزيارة لبنان قريباً، وقال إنّ الكنيسة تنظر بأمل إلى زيارات كهذه، خصوصاً أننا بأمسّ الحاجة إلى الانفتاح لمحاربة الإرهاب والتكفير».
سعيد
ووصَف رئيس «لقاء سيّدة الجبل» النائب السابق الدكتور فارس سعيد زيارة البابا بأنّها تاريخية. وقال لـ«الجمهورية»: «الصورة التي جَمعت الرَجل الأبيض، رَجل السلام بمِصر هي صورة العصر، لأنّ رَجل السلام العالمي يأتي في لحظة يستهدف الإرهاب الكنائسَ المصرية، وهو يتحدّى الإرهاب والخوف والعنف بلباسه الابيض بأنّه فعلاً رَجل السلام، أمّا لقاؤه مع شيخ الازهر فهو لقاء بالغ الاهمية لانه يبحث دائماً عن كلّ المساحات المشتركة لخير البشرية والانسانية، وفي لحظة الاستقطاب المذهبي وفي مرحلةٍ تذهب المنطقة باتجاه العنف والحرب يأتي البابا ليقول إنّ الدين المسيحي هو دين السلام والانفتاح والحوار مع الآخر».
وعن انعكاسات الزيارة على المسيحيين، أجاب سعَيد: اولاً، إنّ زيارة البابا لمصر تؤكد انّ المسيحيين في هذه المنطقة هم جزء لا يتجزّأ منها، يربطهم مع المسلمين تاريخ وحاضر ومستقبل مشترك، وبالتالي لا يمكن ان يكونوا خارج إطار هذه المنطقة.
ثانيا، زيارة البابا تندرج في إطار الحاجة المشتركة لدى فريق العالم العربي والاسلامي لهذا الانفتاح الكنسي حتى يفصل صورته عن صورة الارهاب. كذلك العالم المسيحي او دوائر القرار المسيحية هي بحاجة الى البابا فرنسيس من اجل التقارب الاسلامي ـ المسيحي في العالم، وبالتالي هناك مصلحة مزدوجة.
فالعالم العربي والاسلامي هو في أزمة وبحاجة لأن يعقد العلاقة مع الكنيسة من اجل فصلِ صورته عن صورة الارهاب، والعالم المسيحي ايضاً الذي يأخذ إجرءات وتدابير ضد العالم الاسلامي هو ايضاً بحاجة لهذه الكنيسة من اجلِ الربط مع العالم العربي والاسلامي وبين الغرب والعالم العربي والاسلامي. الكنيسة كانت ولا تزال الرابط الانساني والبشري بين الحضارات، وهذه الزيارة اساساً إيجابية على المسيحيين والمسلمين».
البناء:
اقتتال وحروب تصفية بين حلفاء واشنطن من تل أبيض إلى الغوطة
هجمات تركية على مواقع الأكراد وعشرات القتلى بين جيش الإسلام والنصرة
فوضى سياسية تدير البلد في النصف الأول من أيار بانتظار الانفراج أو الانفجار
كتب المحرّر السياسي
وكتبت البناء “بينما يُعدّ الأميركيون مشاريع تضمن إطلاق معركة الرقة بوجه داعش، ويراهنون على نجاح مساعيهم بضمّ الأتراك إلى الاستعدادات التي بذلوها تدريباً وتسليحاً على الجماعات الكردية بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني والجماعات العربية بقيادة أحمد الجربا، أدّى طلاق الجماعتين إلى قرار أميركي بنقل الجربا وجماعته إلى دير الزور، وتفجّرت الحرب بين الأكراد والأتراك وهرب الأميركيون من تل أبيض في حمّى النار الملتهبة بين الحليفين، وتركوا مواقعهم ومكاتبهم وبعض معدّاتهم”.
معارك تل أبيض التي تتسع على طول خط الحدود السورية التركية شرق نهر الفرات، حيث تقصف الدبابات التركية والمدفعية الثقيلة مواقع الأكراد وسط إظهار الأميركيين عجزهم عن التدخّل والوفاء بتعهّداتهم للأكراد بحمايتهم من الأتراك لقاء تفرّغهم للاستعداد للحرب على داعش في الرقة، لتعلن قيادة لجان حماية الشعب الكردي اضطرارها للانسحاب من التحضيرات لمعركة الرقة ومواقعها فيها للتفرّغ لحماية البلدات الكردية من الهجوم التركي.
بالتوازي، كانت حرب أخرى تشتعل في جميع القرى والبلدات الواقعة في الغوطة الشرقية لدمشق تحت سيطرة الجماعات المسلحة التي يسعى الأميركيون لتوحيد صفوفها تحت عنوان الاستعداد لغزوة «وأعدّوا لهم» التي تستهدف فتح جبهة جنوب سورية، بالتزامن مع تصعيد المواجهات في ريف دمشق، فتفجّرت معارك دموية بين جيش الإسلام وجبهة النصرة ومعها فيلق الرحمن وأحرار الشام، على خلفية تقاسم الأموال الآتية من السعودية لتمويل حرب الغوطة، والتي حاول جيش الإسلام التحكّم بها من موقع علاقته الخاصة بالسعودية. وقد ضبطت جبهة النصرة على حواجزها بعض الأموال المهرّبة بين مواقع جيش الإسلام وقامت بمصادرتها، بعد تذرّع جيش الإسلام بالسعي لصرف الأموال من الدولار إلى الليرات السورية، وتعذّر ذلك بسبب الكمية الضخمة للمبلغ المطلوب بالليرات السورية واضطراره لقبول سعر أدنى من سعر السوق الرائج لصرف الدولار واتهام الآخرين لجيش الإسلام بالكذب والسرقة ووضع اليد على الأموال.
معارك الغوطة في ساعات حصدت قرابة المئة قتيل بين الفصائل المتحالفة في معارك الغوطة، والتي تمثل رأس حربة المشروع الذي تديره واشنطن، بينما كان الجيش السوري يسجل المزيد من التقدّم في جبهة القابون.
الحالة السياسية اللبنانية وحروب الأخوة كانت على البارد بلا دماء تشبه ما يجري بين حلفاء واشنطن في شمال سورية أو في غوطة دمشق، فعناوين مشاريع قوانين الانتخابات لا تزال حروب تصفية وإلغاء، والفوضى عارمة في الحياة السياسية حيث كلّ شيء معطل، لا مجلس نيابي يجتمع بعد قرار تعليق جلساته من قبل رئيس الجمهورية ولا حكومة تجتمع بسبب تمنّع رئيسها عن دعوتها للاجتماع خشية مواجهة استحقاق التزام الحكومة بأولوية البحث بضوع قانون جديد للانتخابات.
خمسة عشر يوماً من الفوضى سيعيشها لبنان واللبنانيون بانتظار منتصف أيار ليقف لبنان على المفترق بين الإنفراج بولادة قانون جديد أو الانفجار بالوقوف أمام الحائط المسدود، حيث علامات الاستفهام تحيط بمصير جلسة التمديد، وعلامات أكبر حول فتح دورة استثنائية لمجلس النواب. والأهمّ ما بعد العشرين من حزيران المقبل، ونهاية ولاية المجلس الحالي من دون قانون جديد ليطلّ العريس الذي ينتظره اللبنانيون على حصان أبيض ويتبادلوا التهاني بعودته من الموت إلى الحياة، فقانون الستين لا يموت وسيعود على حصان أبيض ملوّحاً بيده لكلّ من قال لا للستين، أو لقد دفنّاه وشبع موتاً. سبحان مَن يُحيي الموتى!
مبادرة بري الفرصة ذهبية
توسّعت حركة المشاورات بين القوى السياسية للتوصل لمخرج قبل نهاية المهلة الفاصلة عن موعد الجلسة النيابية في 15 أيار المقبل، مع وضع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مبادرته قيد التداول وبمتناول جميع الأطراف التي تنكبّ على دراستها، ومن المتوقع أن تقدّم إجاباتها وملاحظاتها مطلع الأسبوع المقبل.
وبحسب المعلومات، فإن مبادرة الرئيس بري التي أراد أن تبقى تفاصيلها بعيدة عن الأضواء الإعلامية، قائمة على مبدأ النسبية الكاملة مع تقسيم لبنان الى 10 دوائر بحيث تُقسم المحافظات الخمس التقليدية الى دائرتين مع مراعاة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط عبر جعل الشوف وعاليه دائرة واحدة، بالتزامن مع وضع إطار لإنشاء مجلس الشيوخ الذي يتألّف من 64 عضواً ينتخبون على أساس القانون الأرثوذكسي، علماً أن النقاش في طرح مجلس الشيوخ وصل الى طريق مسدود في جلسات الحوار الوطني التي عقدت في عين التينة بمشاركة جميع الأقطاب قبل إنجاز التسوية الرئاسية.
فهل يتمكّن الفرقاء الذين عجزوا طوال العقود الماضية عن تطبيق الدستور من تأمين التوافق على نظام المجلسين في غضون أسبوعين؟ وما هي الآلية الدستورية والقانونية التي ستُشرّع إقرار مجلسَيْ النواب والشيوخ من دون إلغاء الطائفية السياسية، كما ينصّ اتفاق الطائف؟ وهل نحن أمام مفاجآت تحول جلسة 15 أيار من جلسة للتمديد لتصويت على قانون انتخاب جديد أم المواجهة في الشارع ستكون بديلة عن التوافق؟
مصادر «قواتية» أشارت الى أن «فريقاً قواتياً منكباً على مناقشة طرح بري من أجل الوصول لسلة متكاملة ويمكن التوصل الى نقاط مشتركة»، بينما رأت مصادر مستقبلية لـ«البناء» في المبادرة فرصة ذهبية للتوافق حولها، لا سيما وأنها تعبر عن مضمون ما طرحه الرئيس سعد الحريري عام 2013 بإنشاء نظام المجلسين النواب والشيوخ وتحديد صلاحياته بما يُرضي المكوّنات تطبيقاً للدستور، وبالتالي موافقة التيار على هذا الطرح شبه مؤكدة، لكن المصادر شككت في موافقة الثنائية المسيحية على هذا الطرح، كما استبعدت أن يتم التوافق على هذه القضايا المصيرية خلال أسبوعين إلا في حال توافرت الإرادة السياسية والنيات الحسنة لدى الجميع».
وفي حين تصرّ عين التينة على الاتفاق على أحد الخيارين: اتفاق على النسبية الكاملة أم التمديد قبل 15 الشهر المقبل لتجنب الفراغ، ينقل مطلعون على موقف بري لـ«البناء» «مخاوف لدى رئيس المجلس من أن تحول ظروف سياسية أو أمنية من فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي الذي ينهي عقده العادي في 31 أيار، من دون إحراز أي اتفاق إن كان على صعيد القانون أو التمديد، ما يدخل البلاد في فراغ قاتل وليس على صعيد السلطة التشريعة فقط، وبالتالي بري منفتح على كل المخارج التي تؤمن استمرارية المؤسسة التشريعية ويعوّل على التوافق حول مبادرته».
..و«التيار» يلوّح بالشارع
وعاد التيار الوطني الحر للتلويح بالشارع في مواجهة التمديد، وتوجّه الوزير جبران باسيل أمس الى مناصري «التيار» بالقول: «كونوا جاهزين معنا بقانون أو بلا قانون، بالتصويت في صندوق الاقتراع أو النزول الى الشارع، ليس هناك تمديد بل قانون انتخابي جديد». وتابع: «لقد تحمّلنا سنتين ونصف السنة من الفراغ حتى تعود الميثاقية الى موقع الرئاسة. وهذه الميثاقية لا تكتمل فقط في الحكومة بل ايضاً في المجلس النيابي، ولبنان من دون ميثاق ليس لبنان».
وقالت أوساط مطلعة في «التيار» لـ«البناء» إن «التيار تسلّم نسخة من مبادرة بري ويدرسها بشكلٍ جدي»، موضحة أن «النسبية ومجلس الشيوخ هو ما نادى به التيار في وقتٍ سابق، وهو غير متمسك بمشروع التأهيل، بل طرحه رئيس التيار جبران باسيل من باب الوصول الى تسوية. وهو في الأصل كان طرح الرئيس بري وأدخل باسيل عليه تعديلات على أساس التأهيل في داخل الطوائف على مستوى القضاء لكي نضمن أن يكون المرشحون ممثلين داخل طوائفهم».
ولفتت الأوساط الى أن «التيار يستعدّ للاحتمالات كافة، منها الوصول لطريق مسدود وبالتالي سيواجه بالشارع سلب إرادة الشعب بالتمديد للمجلس الحالي وهو يُعدّ قواعده الشعبية والحزبية في المناطق لساعة الصفر»، وأوضحت أن «مقاطعة الرئيس الحريري للجلسة، كفيلة بمنع التمديد وتجنيب لبنان خطر الشارع، وبالتالي نفتح مهلاً أخرى للتوافق على قانون جديد من دون فرض التمديد كأمر واقع ووضعه كسيف مسلّط على رقابنا، لا سيما أن ولاية المجلس لم تنته بعد، فلماذا الاستعجال على التمديد؟».
وأضافت الأوساط العونية أن «التيار يقبل بالنسبية الموسّعة بمعزل عن عدد الدوائر مقابل تقديم ضمانات من الأطراف الأخرى لجهة عدم طغيان العامل الديموغرافي»، وأشارت الى أن «لا مانع لدى رئيس الجمهورية من فتح دورة استثنائية للمجلس شرط أن يحدد هو جدول أعمالها ضمن تفاهم عام حول إقرار قانون وإحالته الى المجلس النيابي وتحديد موعد الانتخابات، لكن لن يعطي وعوداً بفتح المجلس بهدف التمديد وإن لم نقرّ قانوناً، لكنه سيعطي كل الفرص أمام التوصل الى قانون جديد».
كما جزمت الأوساط بأن «رئيس الجمهورية يرفض أية تسوية تؤدي الى التمديد ولو لشهر واحد، غير أن التمديد التقني مرتبط بإقرار قانون جديد، وبالتالي نرفض التمديد لثلاثة أشهر، وإن كانت للتوصل الى إقرار قانون، لكن في حال توصلنا الى مشروع قانون يمكن أن نجد مخرجاً لتجنب الفراغ ونضع جدولاً زمنياً لتطبيق ما اتفقنا عليه».
وفي حين بقي مصير جلسات مجلس الوزراء مجهولاً مع الحديث عن تهديد رئيس الجمهورية والتيار لرئيس الحكومة بتعطيل جلسات مجلس الوزراء في حال شارك بجلسة التمديد، لفت مستشار رئيس الجمهورية، جان عزيز، في تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنّ «الكلام المنسوب إلى دوائر بعبدا عن لقاءات أمس، وعن جلسة حكومية وجدول أعمال منجز. كل هذا غير صحيح كليّاً»، كما أن «الأكيد المؤكّد واليقين أنّ الرئيس لم يجر اتصالاً هاتفيّاً وأنّ الخبر كاذب».
اجتماع خماسي في الخارجية بغياب خليل
وعقد اجتماع مساء أمس، في وزارة الخارجية بغياب وزير المال علي حسن خليل، ضمّ وزير الخارجية جبران باسيل والنائبين ابراهيم كنعان والنائب ألان عون والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حسين الخليل، والوزير السابق غازي العريضي والنائب جورج عدوان ومستشار رئيس الحكومة نادر الحريري.
وأشارت قناة «أو تي في» الى أن «الاجتماع خلص الى الاتفاق على توسيع مروحة الاتصالات تمهيداً لحسم القانون».
وأشار مصدر نيابي في المستقبل لـ«البناء» الى أن «الحريري منفتح على الاقتراحات كلها، وهو دائماً يقدم مبادرات وحلولاً على طاولة النقاش، والأمر لا يتوقف على المبادرة التي يُقال إنه سيقدّمها»، ولفت الى أن «المستقبل يناقش داخل الجدران المغلقة وطاولة النقاشات ويبدي كل ملاحظاته ورؤيته للاقتراحات. ومن المبكر وضع فرضيات أو سيناريوات لجلسة 15 أيار ويجب أن نضع فرضية واحدة فقط هي إيجاد قانون انتخاب، لكن المصدر أكد أن «موقف الحريري برفض التمديد وعدم المشاركة في الجلسة المقبلة، ليس من باب المناورة، بل موقف جدي»، مشيراً الى أن «الكتلة ستلتزم بجميع نوابها بموقف الحريري».
السيد نصرالله يُطلّ الثلاثاء
وفي غضون ذلك، يطل السيد نصرالله الثلاثاء المقبل في كلمة له بمناسبة «يوم الجريح المقاوم» في مجمع المجتبى في الضاحية الجنوبية، يحدّد خلالها موقف الحزب من قانون الانتخاب وجلسة 15 أيار ونتائج المشاورات والمخارج المطروحة، كما يتطرّق الى المستجدات الإقليمية والتطورات الميدانية في سورية والوضع على الحدود الشرقية.
وأكد رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين أن «حزب الله يبذل كل طاقاته للتوصل إلى قانون انتخابي ينقذ البلد مما هو فيه»، مشيراً إلى خطورة إيصال الناس لمرحلة اليأس عند الحديث عن قانون انتخابي جديد، لأن هذا القانون الجديد سيكون الحل الأمثل والأفضل للجميع، لكنه مع أهميّته وضرورته، فهو لن يحلّ كل الهواجس ولن يحقق كل الأهداف».
لبناني خرق إجراءات العدو الأمنية جنوباً
أمنياً، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي شخصاً لبنانياً في محلة مستوطنة «كريات شمونة»، بعد أن خرق كل الإجراءات الأمنية التي يتخذها العدو على الحدود اللبنانية الفلسطينية من خلال تخطيه الشريط التقني الحدودي، وسط استنفار أمني ضمن سرية «المطلة» «الإسرائيلية» الحدودية، بسبب عدم تشخيصها حالة الخرق أثناء عبور الشخص الذي حصل من جهة بلدة كفركلا اللبنانية. كما شهدت الجهة اللبنانية استنفاراً للأجهزة الأمنية والجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
ولاحقاً أفرج العدو عن الشاب علي مرعي من بلدة حبوش الجنوبية وسلّم الى قوات اليونيفيل عند معبر الناقورة، التي سلمته بدورها الى مخابرات الجيش اللبناني.
سلامة: ندرس قانون العقوبات الجديد
على صعيد آخر، وفي وقتٍ يستعد لبنان لمواجهة قانون العقوبات الجديد الذي سيطال بحسب المعلومات المتداولة شخصيات وشركات وأحزاباً لبنانية بشكلٍ تعسفي واستنسابي، لفت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في تصريح الى «أننا في مصرف لبنان ندرس موضوع قانون العقوبات الأميركية وننتظر أن يكون التحرك منسقاً على صعيد الدولة اللبنانية»، لافتاً الى «أننا نريد أن نعرف ما الدور الذي يجب أن نلعبه والحكومة تقرّر الخطة لمواجهة الوضع».
المصدر: صحف