قررت سلطات جنوب أفريقيا، التي يعاني ربع سكانها من البدانة، فرض ضريبة على المشروبات الغازية، في محاولة لمكافحة تفشي آفة الوزن الزائد، غير أنّ مستهلكين ومتخصصين في القطاع الصحي يتوقعون فشل هذا التدبير.
وانضم هذا البلد تالياً، إلى قائمة متزايدة من البلدان التي تحاول مكافحة البدانة من خلال تقليص استهلاك المشروبات الغازية، نظراً إلى احتوائها كميات كبيرة من السّكر، من بينها المكسيك وبريطانيا. هذه الضريبة التي أعلن عنها وزير المال برافين غوردهان في شباط الماضي، تدخل حيّز التنفيذ في نيسان العام 2017. وهي لا ترمي إلى تشجيع مدمني المشروبات الغازية على تغيير عاداتهم الغذائية فحسب، بل أيضاً إلى تقليص الفاتورة الطبيّة الناجمة عن الأمراض المتصلة بالبدانة.
وأوضح الوزير، في تبريره للضريبة، أنّ “البدانة الناجمة عن الاستهلاك المفرط للسكر تمثل مشكلة عالمية. خلال السنوات الثلاثين الماضية، تفاقمت هذه المشكلة على نحو مطرد في جنوب أفريقيا التي تحتل المرتبة الأخيرة على هذا الصعيد في دول أفريقيا جنوب الصحراء”.وأضاف: “البدانة تزيد مخاطر الأمراض القلبية الوعائية والسكري والسرطان”.
وفي منطقة زاندسبرويت غرب جوهانسبرغ، يسخر وكيل التأمين ثولاني ماسانغو البالغ 30 عاماً من هذه الضريبة الجديدة.ويقول هذا الرجل خلال مشيه على طريق مغبرة: “نعلم جميعاً أنّ السكر قد يؤدي إلى السكري والبدانة، لكننا لا نستطيع العيش من دون المشروبات الغازية” البخسة الثمن.ويضيف أنّ “سعر اللحوم ارتفع، غير أننا نواصل القيام بحفلات شواء، الأمر نفسه سيحصل مع السكر. لا يمكن التحكم بذلك”.
كذلك لا تخفي الاخصائية الجنوب أفريقية في أمراض الغدد الصمّاء تيس دير ميروي تشكيكها بجدوى هذه الضريبة الجديدة.وتوضح لوكالة “فرانس برس”، أنّ المشكلة أشبه بـ”الوباء”، إذْ أنّ نحو 15 في المئة من سكان جنوب أفريقيا، يعانون البدانة المرضية، أي أنّ مؤشر كتلة الجسم لديهم (قسمة الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر) يفوق مستوى 40.
وبحسب منظمة “الصحة” العالمية، يعتبر الشخص بديناً عندما يتخطى مؤشر كتلة الجسم لديه 30. وتقول الأخصائية: “لا أعرف ما إذا كانت الضريبة ستحد من تفشي الوباء، في حال عدم اعتماد استراتيجية وقائيّة لمعالجة المشكلة. الضرائب على سبيل المثال لم تقلص إستهلاك الكحول ولا التبغ”.
“كابوس متفجر”
وبحسب تحقيق لمنظمة “الصحة” العالمية، نشرت نتائجه في كانون الثاني الماضي، أصبحت البدانة لدى الأطفال “كابوساً متفجراً” في البلاد النامية، فقد تضاعف عدد الأطفال من دون سن الخامسة ممن يعانون الوزن الزائد أو البدانة بين سنتي 1990 و2014، إذْ ارتفع من 5,4 ملايين إلى 10,3 ملايين.
وأعلنت منظمة “الصحة” العالمية قبل عشر سنوات، البدانة مرضاً، غير أنّ السكان يجدون صعوبة في النظر إلى هذه الآفة على أنّها مرض قاتل.ولم يكشف الوزير غوردهان بعد، عن نسبة هذه الضريبة، غير أنّ دراسة نشرت نتائجها مجلة “بلوس وأن” العلمية سنة 2014، أشارت إلى أنّ فرض ضريبة بنسبة 20 في المئة على المشروبات المحلاة، من شأنه تقليص نسبة البدانة في جنوب أفريقيا بمعدل 2,4 في المئة للنساء، و3,8 في المئة للرجال.
وعند مصنعي المشروبات الغازية في جنوب أفريقيا، علت أصوات معارضة لاعتماد مثل هذا التدبير.واعتبرت المديرة العامة لجمعية مصنعي المشروبات جنوب أفريقيا، مابولي نكانيوا أنّ “الإعلان عن ضريبة على فئة واحدة من المنتجات ينطوي على تمييز”. وقالت لوكالة “فرانس برس”: “لا نعتقد أن ذلك سيحمل الآثار المرجوة لتقليص التناول المفرط للسكر، والأمر أسوأ بالنسبة للبدانة، لكن الأكيد هو أن ذلك سيؤدي إلى إلغاء وظائف”.