وجه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، قائد اضراب “الحرية والكرامة” في سجون الاحتلال الاسرائيلي، مروان البرغوثي، رسالة إلى البرلمانيين في مختلف أنحاء العالم ولأعضاء الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، حول إضراب الاسرى المفتوح عن الطعام.
وقال البرغوثي في رسالته “إذا كنتم تقرأون هذه الرسالة الآن، فهذا يعني أن الإحتلال الإسرائيلي قد اختار الاستمرار في سياساته القمعية والعقوبات الجماعية ضد الأسرى الفلسطينيين والتحريض ضدهم بدلاً من تلبية مطالبهم الشرعية، واستلامكم هذه الرسالة يعني أيضاً أنني قد وضعت في العزل الإنفرادي مرة أخرى مع زملائي الآخرين المضربين عن الطعام، ولكننا لن نصمت ولن نستسلم ولن تنكسر إرادتنا.
وأوضح البرغوثي أن إضراب الأسرى عن الطعام هو وسيلة شرعية وسلمية لمواجهة انتهاك حقوق الأسرى التي يكفلها القانون الدولي، وبما أن الأسرى الفلسطينيين يقبعون تحت ظلم الاحتلال، فإن لهم الحق في الحماية بموجب القانون الدولي الإنساني، نحن لجأنا لهذا الإضراب بعد أشهر من استنزاف جميع جهودنا وكافة محاولاتنا لنيل مطالبنا الشرعية المتعلقة بالاعتقال التعسفي الجماعي للفلسطينيين والتعذيب والإجراءات العقابية تجاه الأسرى والإهمال الطبي المتعمد وزيارة ذوينا والاتصال معهم والحق في التعليم، وتلك أبسط الحقوق التي يتوجب أن ننعم بها.
وأضاف “إنني أثمن تضامنكم مع زملائكم النواب الفلسطينيين الأسرى، كما أثمن دعم البرلمانات في مختلف أرجاء العالم لحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير مصيره، وإنهاء الاحتلال الغاشم، وتحقيق السلام العادل والشامل وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ولكن إسرائيل تستمر في اعتقال النواب الفلسطينيين حيث كنت أول نائب فلسطيني يتم اعتقاله وذلك في العام 2002، ومنذ ذلك الحين، اعتقلت إسرائيل 70 نائباً، أي أكثر من نصف أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، ولا يزال 13 منهم يقبعون في سجون الاحتلال، مما يعتبر إهانة لكل البرلمانيين وللديمقراطية ولحقوق الإنسان، كما تعتبر إهانة للحرية والعدالة، ويجب الرد عليها”، لافتاً الى أن “مصير النواب الفلسطينيين هو مصير الشعب الذي يمثلونه، فلقد اعتقل الاحتلال الإسرائيلي 800 ألف فلسطيني خلال 50 عامًا، أي ما يعادل 40% من الذكور في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا يزال 6500 منهم يقبعون في زنازين الاحتلال، جميعنا في نظر إسرائيل مدانون وتهمتنا غير المعلنة هي رغبتنا في الحرية، جوعنا لها، و تضحيتنا من أجلها”.
وكشف البرغوثي أن القانون الإسرائيلي يبيح الاستعمار والعقاب الجماعي والتمييز والفصل العنصري، “لقد قام برلمانيون إسرائيليون بالتحريض على اعتقالنا ودعموه وشجعوه، ها هم يجلسون بينكم في المحافل البرلمانية الدولية بينما يمنعوننا ويحرمون علينا ذلك”، “وكذلك بالنسبة للمحاكم الإسرائيلية، فهي جزء من هذا الاحتلال العسكري الاستعماري الذي لطالما هدف إلى الاستيلاء على أرضنا واستبدال أهلنا واستئصال جذورنا، وعلى عكس إدعاءات المحاكم الإسرائيلية التي لا أساس لها من الصحة، فإننا نملك الأدلة والحقائق، فلقد أدانت هذه المحاكم العسكرية الفلسطينيين بمعدل يصل إلى 90-99%. وأقولها مرة أخرى: هذا أبارتهايد قضائي يدين الوجود والصمود الفلسطيني بينما يمنح الحصانة للإسرائيليين الذين يرتكبون الجرائم ضد شعبنا”.
وقال البرغوثي إنه تمت إدانته من قبل محكمة إسرائيلية رفض الإعتراف بها و بشرعيتها، خاصة بصفته ممثل لشعب يقبع تحت الاحتلال، وحكم عليه بالسجن لـ5 مؤبدات و40 عاماً بتهمة “الإرهاب” في محاكمة سياسية صورية بشهادة المراقبين الدوليين، ولم تقبل أي دولة على وجه الأرض هذا الحكم، لأن مثل هذه الأحكام هي مصير قادة حركات التحرر في مختلف أرجاء العالم عبر التاريخ، فلم تستطع محكمة ريفونيا التي حكمت على نلسون مانديلا بالسجن مدى الحياة نزع الشرعية عنه وعن نضال شعبه، بل ساهمت في نزع الشرعية عن نظام الفصل العنصري الذي أصدر الحكم الجائر عليه.
ولفتت الرسالة الى أنه لهذا السبب، قام أحمد كاثرادا، رمز مناهضة الأبرتهايد ورفيق مانديلا، بإطلاق الحملة الدولية لحرية مروان البرغوثي وكافة الأسرى الفلسطينيين، وهو الذي كان قد أطلق حملة الحرية لمانديلا قبل أن يمضي هو كذلك 26 عاماً في سجون الفصل العنصري، ولهذا السبب تم إطلاق هذه الحملة من زنزانة نيلسون مانديلا في روبن آيلند، وانضم 8 من حاملي جائزة نوبل للسلام، و120 حكومة، والمئات من البرلمانيين، والقادة، والأكاديميين، والفنانين، والمفكرين، ومؤسسات المجتمع المدني لهذه الحملة الدولية، ولهذا قرر حائزون على جائزة نوبل للسلام وبرلمانيون وبرلمانات ترشيح البرغوثي لجائزة نوبل للسلام دعماً لنضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية.
وراى البرغوثي أن الأسرى الفلسطينيين لطالما عانوا من الظلم والاضطهاد، ولكن في السنوات الأخيرة عمدت سلطات الاحتلال إلى حرمان الأسرى حتى من حقوقهم التي تمكنوا من انتزاعها من خلال خوضهم إضرابات سابقة عن الطعام، “فكان علينا التصدي لهذا التصعيد في عقاب الأسرى وذويهم، ولقد قررنا خوض هذا الإضراب لأن إسرائيل لم تترك لنا أي خيار آخر فلقد أجبر الفلسطينيون دائما على التضحية من أجل نيل حقوق من البديهي التنعم بها ولكنهم حرموا منها، كذلك الأسرى الفلسطينيين”.
وصرّح البرغوثي في رسالته بأن الاسرى أطلقوا اسم “الحرية والكرامة” عنوانا لهذا الإضراب لأن الحرية والكرامة تخفق في قلب الشعب وتعيش في وجدانه، “فنحن عانينا على مدى 70 عاماً ولا نزال نسعى لتحقيق حريتنا والحفاظ على كرامتنا، ونعلم أن للحرية والكرامة صدًى يدوي في كل أرجاء العالم وفي تاريخ البشرية وتاريخ النضال ضد جميع أشكال القمع والعبودية، الحرية والكرامة قيم إنسانية جوهرية تحقيقها وحده يسمح بإنجاز السلام، لأن السلام لا يقوم بين الظالم والمظلوم، ولأن السلام لا يمكن أن يتحقق مع وجود الظلم والاضطهاد، كما لا يوجد سلام بين السجين والسجّان، وحدها الحرية هي الطريق إلى السلام”.
ودعا البرغوثي البرلمانيين الى رفع صوتهم عاليًا من أجل جميع من تحاول إسرائيل إسكاتهم، وقال “إنني أدعوكم لوقفة عز من أجل من تم الزج بهم في غياهب الزنازين ليتم نسيانهم، أدعوكم لدعم المطالب العادلة لإضراب الأسرى الفلسطينيين وضمان احترام القانون الدولي الذي يحفظ لهم حقوقهم، أدعوكم لدعم حرية وكرامة الشعب الفلسطيني حتى يتم تحقيق السلام”، وأضاف “ربما يعتقد البعض بأن هذه هي النهاية وأننا سوف نهلك هنا في العزل الإنفرادي، ولكنني أعلم أن رغم هذا العزل الجائر نحن لسنا وحدنا، أعلم أن ملايين الفلسطينيين وغيرهم في مختلف أرجاء العالم يقفون معنا وإلى جانبنا، فأقول لكم جميعا بأن لنا لقاء قريب، ولنا موعد مع الحرية”.
ووجه البرغوثي رسالة تم توزيعها على البرلمانيين في مختلف أنحاء العالم حول إضراب الحرية والكرامة، كما وجه الرسالة إلى أعضاء الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا الذي يضم 47 دولة ويمثل 800 مليون مواطن في دول القارة الأوروبية ويعنى بقضايا حقوق الانسان والديمقراطية، مع العلم أن فلسطين دولة شريكة في إطار الجمعية البرلمانية وإسرائيل عضو مراقب في أعمالها.
ويشارك حالياً وفد من المجلس الوطني في الدورة العادية للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا ويطرح بشكل دوري قضية الأسرى وخاصة النواب الأسرى، كما سيتم توزيع رسالة البرغوثي، والذي كان قد صاغها تحسبًا لعزله ولعزل الأسرى المضربين لمناشدة برلمانيين العالم بدعم الإضراب ومطالب الأسرى العادلة والشرعية، على كافة برلمانات العالم من خلال سفارات دولة فلسطين ومن خلال المجلس الوطني والتشريعي.
المصدر: وكالات