علم خوان بينيتو درويت أن حياته قد تتغير عما قريب بفضل كلية سليمة متوفرة في إطار نظام رائد لوهب الأعضاء تتميز به اسبانيا عن غيرها من بلدان العالم منذ 25 عاماً. ويقول الرجل البالغ من العمر 63 عاماً في غرفته في مستشفى لاباز في مدريد «لا أعلم ما سيحصل لكن لا بد من المخاطرة».ويحاول الطاقم الطبي طمأنته، فهذا النوع من العمليات ينفذ كل يوم في اسبانيا.
وفي العام 2016، تم إجراء 4818 عملية زرع أعضاء، من بينها 2994 على مستوى الكليات، حسب المنظمة الوطنية لاستزراع الأعضاء (أو ان تي). وتسمح هذه المنظمة لإسبانيا بأن تكون رائدة في مجال وهب الأعضاء منذ 25 سنة مع أكبر عدد من الواهبين المتوفين لكل مليون نسمة، بمعدل بلغ 43.4 ٪ سنة 2016 حسب «أو ان تي». وكان هذا المعدل 40.2 مليون سنة 2015 في اسبانيا، في مقابل 28,2 في الولايات المتحدة و28.1 في فرنسا و10.9 في ألمانيا، بحسب بيانات مجلس أوروبا.

يستغرق استزراع كلية أربع ساعات ونصف الساعة. ويقوم الجراحون بتنظيف العضو وتحضيره غداة استئصاله من مريض توفي الأمس ويشقون بطن المتلقي ويزرعون العضو. وبعد العملية «يكتسب المرضى بعض الوزن وتتحسن حالتهم، كما لو كنا نبعث الحياة فيهم» على ما يقول رافاييل ماتيسانز مؤسس «أو ان تي» . وهو يشيد بهذا النظام الإسباني الممركز والمحبك التنظيم الذي نسخته كرواتيا أو البرتغال بكل تفاصيله والذي شكل مصدر إلهام في بلدان عدة.

وفي كل مستشفى، منسق لعمليات الزرع قد يكون طبيباً أو ممرضاً وهو في أغلب الأحيان من المتخصصين في الرعاية المركزة وهو اختصاص كانت اسبانيا من أول البلدان التي اعتمدته بحسب الطبيب ماتيسانز. فهم أكثر الخبراء المخولين تحديد المرضى الذين قد يتعرضون لموت دماغي أو لتوقف القلب والتنفس، وهما حالتان تظل فيهما الأعضاء المعروفة بالصلبة (أي الكليتان والكبد وأحياناً القلب والرئتان والبنكرياس وحتى الأمعاء الدقيقة) صالحة ويمكن بالتالي زرعها عند مرضى آخرين.
وتنقل إفادات الموافقة على وهب الأعضاء إلى «أو ان تي» التي تتولى البحث عن المرضى الأكثر حاجة إلى هكذا عمليات في قوائم الانتظار عندها. وفي حال كان المريض بعيداً، ينقل العضو المنشود جواً في ثلاجة توضع في مقصورة الطيار. والعملية مجانية ولا داعي إلى الكشف عن الهوية في إطارها لكنها محصورة بالمقيمين في اسبانيا لقطع الطريق أمام أي انحراف أو اتجار بالأعضاء.

وتقول ماري-شارلون بواسو المتخصصة في المسائل الأخلاقية في منظمة الصحة العالمية إن «ما يميز (اسبانيا) هو حسن تدبير هذه الآلية. فهذه الشبكة المركزية هي مفتاح» نجاح نظام مماثل في اسبانيا. وهي تؤكد أن 10 ٪ لا غير من حاجات زرع الأعضاء تُلبى على الصعيد العالمي، مستندة إلى تقديرات صادرة عن منظمة الصحة العالمية.
وينص القانون الإسباني على أنه يُفترض أن الشخص المتوفى يقبل بالتبرع بأعضائه، في حال لم يعلن خلاف ذلك عندما كان على قيد الحياة. لكن تتم تلقائيا استشارة ذويه قبل أي خطوة «ولا بد من التحلي بالكثير من الاحترام والتعاطف واللباقة» للتعامل مع أهله، على حد قول بيلين إستيبانيز التي تتولى تنسيق عمليات الزرع في مستشفى لا باز.

المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية