بدأت الاستعدادات الأمنية والتنظيمية لاستقبال وفود الحجيج اليهود إلى كنيس الغريبة بمدينة جربة السياحية، وتراهن تونس على هذا الحدث الديني السنوي لتلميع صورتها بالخارج وإنعاش سياحتها التي تأثرت بعد الأحداث الإرهابية الدامية التي استهدفتها.
ويعدّ موسم الحج اليهودي إلى كنيس الغريبة بجربة التونسية من أهم الاحتفالات الدينية اليهودية في العالم لما يتميّز به من طقوس خاصة واحتفالات، بسبب أن هذا الكنيس يحظى بمكانة خاصة عند اليهود باعتباره أقدم معبد يهودي في أفريقيا.
وأعلن بيريز الطرابلسي رئيس الطائفة اليهودية والمكلف بعملية تنظيم الحج، أن الحج اليهودي يقام كل عام في جزيرة جربة في اليوم 33 من عيد الفصح ويستمر يومين وهو ما سيوافق هذا العام يومي 25 و 26 من شهر ماي القادم، مشيرا إلى أن الاستعدادات لهذا الحدث انطلقت منذ فترة.
وأضاف الطرابلسي في تصريح لـ CNN بالعربية أن الأشغال انطلقت منذ أسابيع وبدأت بإعادة صيانة الكنيس وطلائه من أجل استقبال اليهود من داخل تونس وخارجها الذين سيبدؤون بالتوافد انطلاقا من يوم 20 ماي في أفضل الظروف، موضحا أنه لم يتم التأكد بعد من عدد الوافدين هذا العام، إلا أنه يتوقع أن يتجاوزا الألفي زائر.
ويذكر أن عدد الحجيج اليهود الذين حضروا السنة الماضية بلغ حوالي 2000 شخصا قدموا من مختلف أنحاء العالم خاصة من فرنسا للقيام بالطقوس، وقد شهدت أعدادهم تراجعا منذ أحداث الثورة التونسية بسبب التهديدات الارهابية التي طالت البلاد ومست في بعض الأحيان الطائفة اليهودية التونسية البالغ عددها حوالي 1500 يقيم أغلبهم في جزيرة جربة وتونس العاصمة.
وبخصوص الإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها لحماية المعبد والزوار اليهود هذا العام، أكد الطرابلسي أنه تم عقد اجتماعات تحضيرية مع مسؤولين أمنيين من وزارة الداخلية وكذلك مع والي الجهة لوضع اللمسات الأخيرة على آخر الترتيبات الأمنية لهذا الحدث، موضحا أن الحماية الأمنية متوفرة في جزيرة جربها في كل وقت نظرا لأهميتها السياحية، إلا أنه يتم تعزيزها خلال الأعياد الدينية لليهود وكذلك خلال أيام الحج.
ومنذ أن تعرض كنيس الغريبة عام 2002 إلى هجوم انتحاري أسفر عن مقتل 21 شخصا أغلبهم من السياح الألمان، أصبحت تونس تفرض إجراءات أمنية مشددة ويقظة عالية لتأمين موسم الحج اليهودي خاصة في السنوات الماضية أمام تنامي مخاطر وتهديدات الجماعات الإرهابية.
وتسعى تونس من وراء ذلك إلى إنجاح الاحتفال اليهودي بهدف إعادة رسم صورة مشرقة عنها في الخارج على أنها بلد الأمن والأمان وبلد المحبة والتسامح والتعايش الديني والسلم الاجتماعي، وذلك في محاولة منها لإعادة كسب ثقة زوارها ومستثمريها وإنقاذ الموسم السياحي لهذا العام.
وفي السنوات الماضية أصبح موسم الحج اليهودي يحظى كذلك باهتمام التونسيين المسلمين الذي يحرص بعضهم على التنقل إلى جربة لمواكبة هذا الحدث من أجل التعرف عن قرب على الطقوس الدينية اليهودية واكتشاف عاداتهم وتقاليدهم.
وتتمثل طقوس حج الغريبة في جملة من الاحتفالات و إقامة صلوات وإشعال شموع داخل الكنيس والحصول على “بركة” حاخاماته وذبح خرفان والغناء في أجواء من الفرح، إضافة إلى ضرورة تناول نبيذ “البوخة” المستخرج من ثمار التين والذي يشتهر بصناعته يهود تونس دون سواهم.
ومن بين طقوس حج اليهود أيضا كتابة الأماني الشخصية على قشرة بيضة واحدة مسلوقة أو أكثر ووضعها داخل المغارة الموجودة داخل الكنيس، وبحسب الأسطورة، فإن كل الأماني التي يدونها الزوار على البيض الذي يضعونه في مغارة الكنيس تتحقق. ولكن يبرز أمامنا سؤال مهم : هل سيقدم يهود الكيان الصهيوني للمشاركة في هذه الطقوس؟.. هل ستسمح لهم تونس بدخول أراضيها ؟!!..
المصدر: سي أن أن