أكد رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي الوزير علي قانصو في إجتماع إداري لهيئات المنفذيات ومسؤولي الوحدات الحزبية في لبنان، حضره رئيس المجلس الأعلى الوزير السابق محمود عبد الخالق، وعضوا الكتلة القومية الإجتماعية النائبان أسعد حردان ومروان فارس، وأعضاء مجلس العمد والمجلس الأعلى، والمكتب السياسي، وعدد من المسؤولين المركزيين، على موقف الحزب من جملة الأحداث والمستجدات السياسية والأمنية الحاصلة مؤخرا، وفي مقدمها موقف الحزب من مشاريع قوانين الإنتخاب المطروحة على بساط البحث في لبنان، والعدوان الأميركي على الشام.
و قال الوزير قانصو “استغربنا أشد الاستغراب لا مبالاة الدولة اللبنانية إزاء هذا العدوان الاميركي على سوريا، إذ لم يصدر عنها اية ادانة ولا أي موقف متضامن مع سوريا، وسأل: “هل صحيح ان الصواريخ الاميركية عبرت الاجواء اللبنانية في طريقها الى ريف حمص، وإذا كان الجواب بالإيجاب وهو كذلك، هل أعلمت الدولة بالأمر وإذا أعلمت ما كان موقفها؟ وان لم تعلم الدولة بأمر هذه الصواريخ فالمصيبة أكبر، لأن عبور الصواريخ الاميركية الاجواء اللبنانية خرق فاضح للسيادة اللبنانية وللقوانين الدولية، كما للاتفاقات المعقودة بين لبنان وسوريا، فكيف تسكت الدولة عن ذلك؟
واكد على “دور الحزب الفاعل في الحياة السياسية في لبنان”و قدم عرضا للمشهد السياسي في لبنان بعد إنتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، مشيرا الى “أن التفاهم الذي نشأ بين القوى السياسية في الأشهر الاخيرة انما حصل برعاية دولية وإقليمية ولم يكن صناعة لبنانية فقط”، لافتا الى أن “ما يجمع الحزب القومي مع الرئيس ميشال عون جملة من الثوابت في مقدمها العداء لـ “إسرائيل” بشكل مطلق، التأكيد على حق لبنان في المقاومة، والتمسك بالعلاقة الجيدة مع الشام، والعمل من أجل بناء الدولة القادرة وإنطلاقا من هذه الثوابت كانت مشاركتنا في إنتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية”.
وقال الوزير قانصو “نعلق الآمال بأن يتم تحقيق نقلة نوعية في عهد الرئيس عون من خلال إجراء الإنتخابات النيابية وفق قانون جديد يعتمد لبنان دائرة إنتخابية واحدة وعلى اساس النسبية”.
أضاف: “في ظل التفاهم عينه أمكن تأليف حكومة جديدة، حكومة وحدة وطنية تمثل فيها الحزب وهذا أمر ايجابي”.
وعن مشاركة الحزب في الحكومة، لفت قانصو الى أن “مشاركتنا في هذه الحكومة كما في أي حكومة سابقة كانت لأهداف حددتها مؤسساتنا الحزبية وتتمثل بالدفاع عن خيارات البلد التي نص عليها اتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني، والمساهمة في بناء مشروع الدولة المدنية، العادلة، دولة المواطنة لا دولة الطوائف، ومن أجل الدفاع عن المطالب الشعبية ـ الاجتماعية المحقة”.
كذلك أكد قانصو أن “الحزب هو شريك أساسي على طاولة مجلس الوزراء ويلعب دورا اساسيا الى جانب بقية القوى في مناقشة مشاريع القوانين المطروحة، ودورنا داخل الحكومة من أجل التصدي لأي محاولة لتمرير بعض القوانين ذات الطابع الطائفي، والعمل من أجل الدفاع عن حقوق الفقراء، ومن هنا مشاركة الحزب في الحكومة ليس من باب الوجاهة بل من خلال المشاركة الفاعلة في إتخاذ القرار”.
وفي عرض للمستجدات السياسية على الساحة اللبنانية أشار الى “أن البعض يعتقد أن الوضع في لبنان مستقر، الا أن لبنان هو في قلب العاصفة التي تضرب المنطقة والوطن، فهو لا يزال في مرمى العدوانية الصهيونية (جزء من أرضه محتل ـ الخروقات لسيادته يومية ـ التهديدات دائمة ـ الاطماع بثروته النفطية والغازية معروفة) لبنان الذي أذل العدو ستبقى “اسرائيل” تحاول الانتقام منه عاجلا أم آجلا”.
كما لفت الى أن “لبنان مهدد بالإرهاب الذي يضرب في سوريا فالأجهزة الأمنية تكشف العشرات من خلايا الارهاب بشكل دوري، ولبنان متأثر أيضا اقتصاديا واجتماعيا بالحرب على سوريا فهناك مليون نازح، كما تم وقف طريق الترانزيت ما إنعكس تعثرا في تصدير المنتجات الزراعية إلى سوريا ويأتي ذلك في ظل فشل البدائل الاخرى”.
كما تطرق الوزير قانصو الى بعض المواقف في مجلس الوزراء لافتا الى “أننا طالبنا في مجلس الوزراء بفتح حوار مع الحكومة السورية حول الملفات ذات الاهتمام المشترك (ملف النازحين السوريين في لبنان ـ ملف مكافحة الارهاب ـ ملف التبادل التجاري)، ولدى مناقشة الموازنة العامة تقدمنا بورقة مكتوبة تضمنت ملاحظاتنا حول الموازنة وفيها إننا ضد كل ضريبة تطال ذوي الدخل المحدود والفقراء وخاصة زيادة الضريبة على القيمة المضافة 1% وزيادة الضريبة على المازوت وغيرها”.
وأضاف: “كما طالبنا باعتماد موازنة تقشف نظرا لحجم الدين العام المرتفع (75 مليار دولار) ولارتفاع خدمة هذا الدين أكثر من 5 مليار دولار سنويا، ففي ظل هكذا وضع مالي للدولة لا يجوز ان يبقى الانفاق كما لو أننا بخير، وطالبنا بإعطاء سلسلة الرتب والرواتب للموظفين باعتبارها حقا لهم، وبإنصاف اساتذة التعليم الثانوي والمتقاعدين من كل الاسلاك، على أن تؤمن ايرادات السلسلة من عائدات محاربة الهدر والفساد الذي ينخر ادارات الدولة، ومن ضرائب على المؤسسات المالية التي تجني ارباحا طائلة (5 مليارات دولار ربحت المصارف من الهندسة المالية…) ومن ضرائب على المضاربات العقارية ومن غرامات على الاملاك البحرية وعلى الكماليات… وطبيعي أن يكون منطلقنا في مناقشة الموازنة العامة اعتماد نمط جديد لاقتصادنا يقوم على الانتاج وليس على الريوع، أي على دعم الزراعة والصناعة، إضافة الى السياحة والخدمات المصرفية.”.
واشار قانصو أنه “وبعد انتهاء الحكومة من مشروع الموازنة، ومن خطة الكهرباء، ومن التعيينات في المواقع الامنية، ومن مناقشة سلسلة الرتب والرواتب، بدأت البارحة بمناقشة مشروع قانون للانتخابات النيابية، وهذا أمر جيد وإن جاء متأخرا، لأنه لا يجوز أن نتأخر أكثر في انجاز هذا القانون بعد أن أحرقت المهل الدستورية لدعوة الهيئات الناخبة، وبتنا على بعد شهرين من انتهاء ولاية المجلس النيابي، وإذا كان قانون الدوحة أو قانون الستين مرفوض من جميع القوى السياسية، فالبديل قانون جديد، وعدم التفاهم على القانون العتيد وضع البلاد أمام احتمالين مرفوضين وهما: إما التمديد أو الفراغ، وهذا يرتب الاسراع في وضع قانون جديد للانتخابات النيابية، وهناك صيغ طرحت في التداول بين القوى السياسية ولم يحصل التفاهم على أي منها، وهذه الصيغ كانت مادة النقاش الاولي على طاولة مجلس الوزراء، وما يهمنا هو التأكيد على الثوابت التالية في موقفنا من قانون الانتخاب، وقد عبرنا عن هذه الثوابت في جلسة مجلس الوزراء”.
وقال:”نحن ضد قانون الستين، وضد أي قانون يعتمد الطائفية أساسا في نظامه الانتخابي، لماذا؟ لأن الطائفية علة لبنان فكيف نعززها في قوانيننا وخاصة في قانون الانتخاب؟ ولأن النائب في الدستور اللبناني هو نائب عن اللبنانيين جميعا فكيف تجعله بالنظام الانتخابي الطائفي نائبا عن طائفته أو مذهبه؟ ولأن رسالتنا في المجتمع هي رسالة وحدة اللبنانيين، باعتبارها ضمان قوتهم ومستقبلهم فكيف نقبل بنظام انتخابي يفتتها ويضرب نسيجها؟ ولأننا نريد الانتخابات فرصة ديمقراطية حقيقية يعبّر الناس فيها عن إراداتهم ويتمثلون في المجلس النيابي وفق احجامهم فكيف نقبل بنظام انتخابي يشوه إرادة اللبنانين إما بالعصبية المذهبية وإما بالمال السياسي ويقفل الابواب على التمثيل الصحيح والعادل؟ لهذه الاعتبارات وغيرها نرفض النظام الاكثري الذي ثبت منذ الاستقلال الى اليوم، أنه يعيد انتاج الطبقة السياسية ذاتها ويعزز مثالب الطائفية وتأثير المال السياسي في العملية الانتخابية. كما أننا رفضنا الصيغ المطروحة لقوانين انتخابية مختلطة كصيغة التأهيل الطائفي على مستوى القضاء وصيغة المكون الطائفي الأكثر عددا، وصيغة 69 على اساس أكثري وطائفي و59 على أساس النسبية والمحافظة مع صوت تفضيلي للقضاء، رفضنا هذه الصيغ لأنها طائفية التكوين وأبلغنا هذا الموقف لحلفائنا وعبرنا عنه في مجلس الوزراء”.
ولفت قانصو الى “أن الثابت الثاني هو أننا مع النظام النسبي وعلى اساس لبنان دائرة انتخابية واحدة ومن خارج القيد الطائفي، لان هذا النظام هو المدخل الالزامي لإصلاح النظام السياسي وتطويره باتجاه لا طائفي، وهو يؤمن صحة التمثيل وعدالته ومشاركة الجميع في الحياة السياسية، ويساهم في وحدة اللبنانيين ويستبدل الخطاب الطائفي بخطاب وطني، ويحد من تأثير المال السياسي في العملية الانتخابية”.
وأكد قانصو أن “انتخاب مجلس نيابي لا طائفي أوصت به المادة 22 من الدستور فلماذا لا نعود اليها، أليس من الواجب تطبيق أحكام الدستور كل احكام الدستور بما فيها المادة 22 بدلا من الدوران في متاهات صيغ لا صلة لها بالدستور وتفتقر الى وحدة المعايير، بقدر ما تفتقر الى أي بعد اصلاحي للنظام السياسي؟ قالوا: لكن الطوائف لا يطمئنها قانون لا طائفي للانتخابات؟ قلنا: جيد فليكن هناك مجلس شيوخ كما نصت المادة 22 تتمثل فيه العائلات الروحية بالتوازي مع مجلس نيابي لا طائفي، لكنهم رفضوا هذا الامر، وأصروا على تخييرنا بين نظام أكثري طائفي، ونظام مختلط طائفي أكثري بأكثريته ونسبي بأقليته، ولهذا رفضنا النظامين وأصررنا على نظام نسبي بالكامل، وهذا ما أكدنا عليه أمام حلفائنا وعلى طاولة مجلس الوزراء. يقلقنا هذا الاصرار على قانون طائفي للانتخابات النيابية، خلافا لما نص عليه اتفاق الطائف ذلك لأن هذا الاصرار يأتي في لحظة سياسية تتشظى فيها المنطقة إلى مذاهب وطوائف وأعراق وتزدهر مشاريع التقسيم والفدرلة، ونخشى أن تنعش الطروحات الطائفية من جديد أفكار الفدرالية أو اللامركزية السياسية كصيغ حل للبنان”.
واعتبر قانصو انه وفي “كل الحالات إما يكون هناك قانون جديد للانتخابات خلال ايام وإلا نحن ذاهبون على الارجح نهار الخميس القادم الى تمديد لأشهر أو لسنة للمجلس النيابي، لأنه لا يجوز تحت أي طائل الوصول الى فراغ على مستوى المجلس النيابي، لان هذا الفراغ إن حصل يشل عمل المؤسسات كلها بما فيها رئاسة الجمهورية والحكومة ويأخذ البلد الى المجهول. وأيا كان قانون الانتخاب العتيد، فإننا سنخوض الانتخابات النيابية، وسنعمل على زيادة عدد نوابنا ليكون لنا كتلة نيابية يؤخذ رأيها في الاعتبار في الاستحقاقات الحكومية وغير الحكومية”.
وعلى صعيد الوضع في سوريا أشار الوزير قانصو الى ان “الحرب على الشام تدخل عامها السابع وليس في الافق القريب ما يبشر بنهاية لهذه الحرب، ذلك لأن القوى الدولية المعادية وعلى رأسها الادارة الاميركية و”اسرائيل” والقوى الاقليمية والعربية وعلى رأسها تركيا والسعودية، تريد لهذه الحرب ان تستمر لسفك المزيد من دماء السوريين وتعميق الانقسامات بين مذاهبهم وأعراقهم، وإنهاك دولتهم، واستنزاف جيشهم، ولتدمير المزيد من المنشآت والبنى التحتية، وشل مقومات الاقتصاد وتجويع المواطنين، ودفع سوريا الى الاستسلام لمشيئتهم، وكلما حقق الجيش السوري المزيد من الانجازات في الميدان، كلما ازداد هذا الضغط على سوريا، كما هي الحال اليوم، فبعد استعادة حلب، وتدمر والكثير من القرى والبلدات في مختلف المحافظات، إندفعت المجموعات المسلحة في جوبر لإحداث خرق في العاصمة ففشلت، واندفعت في ريف حماه ففشلت ايضا، ما استدعى تدخل الاصيل بعد فشل الوكيل، فكانت الغارات الصاروخية الاميركية على مطار الشعيرات في حمص لرفع معنويات المجموعات المسلحة بعد أفشالها المتكررة”.
ولفت الوزير قانصو الى أن “ما قامت به الادارة الاميركية مدان، لأنه اعتداء على دولة ذات سيادة، ولأنه خرق للقوانين الدولية، وتعريض للأمن والاستقرار الاقليميين، وستكون له عواقب وخيمة ـ اذا ما تكرر ـ على المصالح الاميركية في المنطقة على ما أكد حلفاء سوريا، وهذا العدوان لن يغير في واقع الميدان في سوريا شيئا، اذ فور انتهاء القصف انطلقت الطائرات العسكرية السورية من المطار المقصوف لانجاز اهدافها، ان العدوان الاميركي سيزيد الشعب السوري اصرارا على محاربة الارهاب حتى استئصاله”.
وأضاف:”نقف مع سوريا في مواجهة هذه العدوانية الاميركية، ونعلن اليوم، بأن الحزب السوري القومي الاجتماعي من خلال نسور الزوبعة أكثر اصرارا وعزما وقدرة على مواجهة العصابات الارهابية في الشام جنبا الى جنب مع الجيش العربي السوري والمقاومة حتى دحر تلك العصابات، فالتحية لشهدائنا الابرار ولجرحانا ولأبطالنا المرابطين في جبهات القتال”.
وختم قانصو مؤكدا “إننا متفائلون بقدرة الجيش العربي السوري على تحقيق المزيد من الانجازات الميدانية التي ستفرض نفسها في انتاج حل سياسي يخرج سوريا من محنتها ويعيدها الى دورها القومي”، وشدد على ان “لا نجاة لأمتنا من الخطر الصهيوني إلا بتحرير فلسطين فلا المفاوضات، ولا المساومات تعيد فلسطين، وحدها المقاومة، وحدها الانتفاضة في ظل وحدة فلسطينية راسخة تعيد فلسطين”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام