قال صندوق النقد الدولي أمس الأول ان خفض الإنفاق الذي نفذته الجزائر العامين الماضي والذي سبقه ضغط على إمكانية نمو القطاعات الاقتصادية غير النفطية. وقال فرانسوا دوفان، الذي ترأس وفدا أجرى محادثات مع المسؤولين الجزائريين أن نمو قطاعات الاقتصاد خارج قطاع المحروقات تراجع إلى 3.4% عام 2016.
وقد جرت المحادثات بين الطرفين في إطار مشاورات المادة الرابعة، التي تقضي بقيام صندوق النقد الدولي بمراجعات دورية للأوضاع الاقتصادية في البلدان التي يقدم لها خدمات، سواء بشكل مساعدات فنية أو قروض. كان الاقتصاد الجزائري غير النفطي سجل معدلات نمو فاقت 4.5% خلال السنوات التي سبقت 2014 (العام الذي شهد هبوط أسعار النفط الخام).
وشهد الاقتصاد الجزائري في 2016 ارتفاعاً في نسب التضخم التي وصلت إلى 6.4%، مقارنة مع 4.8% في 2015، وانتقلت إلى 8.1% في يناير/كانون الثاني 2017، حسب دوفان، الذي أضاف ان من أبرز مظاهر تأثر الاقتصاد الجزائري بالصدمة النفطية، ارتفاع نسبة البطالة إلى 10.5% في سبتمبر/أيلول 2016، بينما وصلت النسبة بين الشباب إلى 26.7% والنساء 20.1%. كان الصندوق دعا الجزائر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى مواصلة ترشيد الإنفاق العام للدولة، والبدء في إصلاحات كبرى لمواجهة ما وصفه بـ»الصدمة النفطية»، والمتمثلة في تهاوي أسعار النفط منذ عام 2014.
وسجل الميزان التجاري الجزائري، عجزاً إجمالياً خلال 2016 بلغ 18 مليار دولار أمريكي، حسب أرقام رسمية للسلطات، بزيادة 3 مليارات دولار عن العام الذي سبقه.
واعتبر رئيس بعثة الصندوق أن الجهود الجارية للتكيف مع صدمة أسعار النفط حققت تراجعاً ملحوظا في تجلى في زيادةعجز المالية العامة. ولأضاف «من الضروري اختيار مزيج من السياسات يساعد الاقتصاد على التكيف مع صدمة النفط، وبأقل تكلفة ممكنة على النمو وتوظيف العمالة».
وأوصى رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الجزائر بمواصلة سياسة الرفع التدريجي (أي تقليص) لدعم الطاقة (الوقود والكهرباء) وتوجيهه مباشرة إلى الفئات الأكثر احتياجاً.
وأضاف ان الفقراء في الجزائر «يمثلون 20% من عدد السكان العام، ويستهلكون الطاقة المدعمة 6 مرات أقل من استهلاك الـ20% من السكان الأغنياء». وأشار بيان أصدرته بعثة الصندوق أن «المحادثات تناولت المجالات التي يقدم فيها البنك المشورة الفنية، مثل تحسين نظم الحماية الاجتماعية، فضلاً عن الهدف طويل الأجل المتمثل في تقليص اعتماد الجزائر على الوقود الأحفوري، وتنويع أنشطة الاقتصاد لتحفيز النمو وفرص العمل».
كما تناولت المحادثات «التقدم المحرز بشأن تحقيق الأولويات الوطنية الحالية والمساندة الإضافية التي يمكن أن تقدمها الخبرات العالمية التي يمتلكها البنك لتحقيق هذه الأهداف». وتهاوت إيرادات الجزائر من المحروقات بأكثر من النصف في ظرف عامين بسبب الصدمة النفطية، وانتقلت نزولا من 60 مليار دولار عام 2014، إلى 27.5 مليار دولار سنة 2016 حسب أرقام قدّمها رئيس وزراء الجزائر أواخر العام الماضي.
وتعاني الجزائر من تبعية مفرطة للمحروقات التي تشكل 97% من مداخيل البلاد من النقد الأجنبي، كما أن الموازنة العامة للبلاد تعتمد على أكثر من 60% من هذه المداخيل.
وبالترافق مع الأزمة النفطية انهارت احتياطيات الجزائر من النقد الأجنبي، حيث تراجعت 3 أعوام أكثر من 76 مليار دولار (من 193 مليار دولار نهاية 2013، إلى 114 مليار دولار نهاية ديسمبر 2016). يذكر انه في يونيو/حزيران 2016، أعلن رئيس الوزراء الجزائري أن البلاد ستنهج نموذجا اقتصاديا جديدا يمتد من إلى غاية سنة 2019، وسيعتمد على شراكات أجنبية استراتيجية. وهذا النموذج سيتوج بأن تتحول الجزائر في نهاية سنة 2019 إلى بلد ناشئ تقلصت نسبة اعتماد على عائدات تصدير المحروقات.
المصدر: وكالة الاناضول