عادة ما نسمع تعبير “ستنهار أعصابي”، لوصف نوبات الغضب العارم التي تنتاب المرء نتيجة التوتر الشديد والإجهاد، ولكن ما هو التعريف الصائب والدقيق للانهيار العصبي؟ وماذا يجدر بالشخص أن يفعل عندما يشعر بأنه على وشك الانهيار؟
لقد تبين أن مصطلح “الانهيار العصبي” ليس المصطلح المناسب طبياً لما نشعر به من تقلبات نفسية ومزاجية حادة.
ووفقاً لما صرحت به الدكتورة النفسية، إيرين أنجل، وهي أستاذة مساعدة في علم النفس في المركز الطبي التابع لجامعة كولومبيا، فإن الانهيار العصبي لا يعد اضطراباً عقلياً إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يعتبر مسألة خطيرة.
وفي هذا الإطار، أشارت الدكتورة أنجل إلى أن “الانهيار العصبي هو الحالة التي يشعر فيها الشخص بأنه لا يستطيع أن يتصرف بشكل طبيعي بسبب الضغط والتوتر النفسي”.
وفي الحقيقة، توجد العديد من الأمور حسب تقرير نشر على النسخة الأميركية من “هافينغتون بوست” والتي يمكن أن تجعل المرء يعاني من التوتر والضغط النفسي على غرار المشاكل المالية والعاطفية، والحزن والإرهاق النفسي، فضلاً عن ذلك، تختلف أعراض الانهيار العصبي من شخص إلى آخر، ولعل هذا ما أكدته الدكتورة أنجل، إذ أن “أجسادنا وعقولنا تتعامل مع الضغط بطرق مختلفة”.
ومع ذلك، هناك بعض الأعراض النموذجية التي تنذر بإمكانية الإصابة بانهيار عصبي:
1- القلق والاكتئاب: استناداً إلى ما قالته الدكتورة أنجل يعتبر “القلق والاكتئاب ردود فعل مشتركة للتوتر، وقد يؤدي التوتر الشديد بالشخص إلى الوقوع في عدة مآزق نتيجة لعدم تمكنه من تخطي المحنة التي تؤرقه وعدم القدرة على تحمل المزيد من الضغط”، ووفقاً لما أوضحته الدكتورة أنجل، فإن بداية الانهيار العصبي تكون من خلال الشعور برغبة جامحة في البكاء وقد تصل إلى الإصابة بنوبات من البكاء الهستيري.
وفي نهاية المطاف، قد يشعر المرء فجأة بأنه يعاني من حالة نكران الذات وعدم الثقة، وقد يطغى على نفسيته الإحساس بالذنب.
2- كثرة النوم أو قلته: يعتبر أي تغيير في عادات النوم الخاصة بك تحذيراً آخر على اقتراب لحظة انهيار أعصابك، وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة أنجل إن “معظم الأشخاص يلجؤون إلى النوم لنسيان مشاكلهم وقد يغُطّون في نوم عميق طويل، إذ يصبح حينها النوم بمثابة وسيلة للهروب من الواقع”، في المقابل، قد تتطور لدى بعض الأشخاص حالة من الأرق بسبب كثرة التفكير، ما يجعلهم مستيقظين طيلة الليل دون أن يغمض لهم جفن.
وفي هذه الحالة، يظل الشخص الليل بطوله وهو يفكر مراراً وتكراراً في حل يخرجه من الأزمة”.
3- الإعياء: يعتبر التعب الشديد من بين العلامات التي تشير إلى توترك الذي بلغ حدوده القصوى، فمن المرجح أن تشعر بإجهاد جسدي يمنعك من القيام بالنشاطات التي اعتدت ممارستها كل يوم، علاوة على ذلك، قد يفقد الشخص البهجة والشعور بالسعادة بسبب التوتر، مما قد يؤثر على قدرته الجنسية.
4- اضطراب الشهية: بالنسبة لهذا النوع من الاضطرابات، أكدت الدكتورة أنجل أن “الشخص من المرجح أن يقلل أو يفرط في تناول الأكل”، وفي هذه الحالة، قد تعتري الإنسان رغبة شديدة في تناول الأغذية المشبعة بالدهون أو الغنية بالسكريات، ويعزى ذلك بالأساس إلى هرمون “كورتيزول”.
بالإضافة إلى ذلك، عندما يكون الشخص في حالة انهيار عصبي، فإنه لن يفكر في إعداد وجبات صحية ولن يكترث بجودة الغذاء الذي يتناوله.
5- ألم جسدي: من بوادر الانهيار العصبي الشعور بآلام في المعدة وبصُداع، وقد يتسبب التوتر في إصابة الشخص بمشاكل في الجهاز الهضمي على غرار الإسهال والإمساك، ناهيك عن التسبب في العديد من المشاكل الهضمية.
6- تشتّت الذهن: هل تواجه صعوبة في التركيز؟ أو لديك مشكلة في التفكير بكل وضوح؟ غالباً ما تترافق الأعراض الجسدية للانهيار العصبي بأعراض ذهنية، قد تشمل صعوبة في التركيز والشعور بالارتباك والنسيان، فضلاً عن عدم القدرة على اتخاذ القرارات، وذلك وفقاً لما صرحت به الدكتورة أنجل.
7- صعوبة في التنفس: بالإضافة إلى الأعراض المذكورة آنفاً، يجب أن يأخذ الشخص بعين الاعتبار العلامات الكلاسيكية التي تميز الانهيار العصبي؛ أبرزها ضيق الصدر والتنفس السريع. وبناء على هذه الأعراض، قد يصاب الشخص بهبوط حاد وإعياء شديد بسبب اضطراب التنفس، كما يمكن للشخص اللجوء إلى التنفس العميق والبطيء الذي من شأنه أن يهدئ من روعه، لكن إذا تكررت مشاكل التنفس، سيتوجّب على الشخص معالجة جذور المشكلة، في المقابل، يبقى السؤال المطروح في هذه المرحلة يتمثل فيما يجب على الشخص فعله إثر الإصابة بانهيار عصبي، في هذه المرحلة، لقد حان الوقت المناسب لأخذ التدابير الصحية اللازمة والانخراط في آليات صحية للتأقلم مع مشاكلك النفسية على غرار ممارسة هوايتك المفضلة أو ممارسة تمارين الاسترخاء والتأمل.
كما يعتبر التحدث مع أفراد العائلة والأشخاص الموثوقين المقربين منك مفيداً لتجاوز ذلك.
والجدير بالذكر، أنه ينبغي التوجه إلى عيادة طبيب مختص واستشارته بخصوص حالتك والأخذ بنصائحه. وعلى ضوء هذه المسألة، تشجع الدكتورة أنجل على “ضرورة التحدث مع شخص ما والالتقاء به بشكل دوري للإفصاح عن مكنون صدره على غرار الطبيب النفسي أو أخصائي اجتماعي، شرط أن يكون الشخص من أهل الاختصاص”.
المصدر: هافينغتون بوست