رصدت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم في العاصمة بيروت آخر التطورات والحراك السياسي الدائر على خط انجاز قانون جديد للإنتخابات، وتحذير بعض الاطراف السياسية من ضيق المهل، وهو ما برز في كلام كل من الرئيس العماد ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة سعد الحريري. كما كان هناك رصد ومتابعة لأبرز التطورات على الساحتين الاقليمية والدولية.
الأخبار
بري يؤكد قبول الحريري بالنسبية في لبنان دائرة واحدة… «بلا مقايضة»: التيار يلوّح بـ«الأرثوذكسي» والشارع
ضجّت الأوساط السياسية أمس بما نشرته «الأخبار» بشأن قبول الرئيس سعد الحريري باعتماد لبنان دائرة واحدة وفق النسبية. ففيما لم ينفِ الحريري المعلومات ولم يؤكدها، كشف الرئيس نبيه بري لنواب الأربعاء أمس أن هذه المعلومات كانت موجودة في حوزته منذ أيام
أكد الرئيس نبيه بري أمس ما نشرته «الأخبار» عن استعداد رئيس الحكومة سعد الحريري لاعتماد النظام النسبي قي قانون للانتخابات النيابية يقوم على اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة. وقال الرئيس بري للنواب الذين استقبلهم في «لقاء الأربعاء» إن معلوماته «منذ أيام، تشير إلى أن الرئيس الحريري موافق على النسبية في لبنان دائرة انتخابية واحدة، لكنه (أي الحريري) لم يطرح مقايضة ذلك بضمان بقائه رئيساً للحكومة».
واللافت في حديث بري، بحسب نواب حضروا اللقاء أمس، قوله، ممازحاً، إن التيار الوطني الحر يعترض على هذا الاقتراح، رغم أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موافق عليه. وحين أكّد النائب سيمون أبي رميا أن التيّار الوطني الحر مع النسبية، قاطعه رئيس المجلس مبتسماً: «رئيس الجمهورية مع النسبية في لبنان دائرة واحدة، لكن التيار الوطني الحر يعارض الموضوع. أنا أعرف أكثر منك». وشددت مصادر المجتمعين ببري على أنه يؤيد أن تقوم الحكومة بواجبها لناحية الاتفاق على مشروع قانون للانتخابات، تحيله على مجلس النواب لإقراره.
ويبدو أن الرئيس سعد الحريري يؤيد هذا التوجه، كونه أكّد أمس للصحافيين: «أقول كرئيس للحكومة، إذا لم ننجز قانون انتخاب جديداً فإن هذه الحكومة تكون قد فشلت». وجزم الحريري بوجود قرار سياسي يقضي بالتوصل إلى قانون انتخابي جديد، مضيفاً: «أعتقد أن هذا الموضوع مهم فوق التصور، وكل الفرقاء في الحكومة لديهم نفس التصور. هناك عدة صيغ لقانون الانتخابات تتم مناقشتها بإيجابية من قبل كل الأفرقاء، بمن فيهم النائب وليد جنبلاط». ورأى رئيس الحكومة أن نسبة التقدم على صعيد إنجاز قانون الانتخاب بلغت 70 في المئة. وفيما لم يأتِ الحريري على ذكر موافقته على النسبية في لبنان دائرة واحدة، لا نفياً ولا تأكيداً، نفى وزير الداخلية نهاد المشنوق ما نشرته «الأخبار» أمس في هذا الشأن، قائلاً إن «الكلام عن مقايضة غير حقيقي»، مؤكداً أن وجود الحريري في رئاسة الحكومة هو «حق بسبب حجم تمثيله وعدم قدرة أحد على أن يتجاوزه، لا سابقاً ولا لاحقاً». وعلّق المشنوق على المعلومات عن مقايضة الحريري قانون الانتخابات وفق النسبية في لبنان دائرة واحدة بضمان رئاسته للحكومة بعد الانتخابات النيابية المقبلة بالقول: «كمن يبدّل الحديد بقضامة»! ومساء أمس، استقبل الحريري رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي قال إن المطلوب التوصل الى قانون انتخابي يؤمن الشراكة ويؤكد على المصالحة والانفتاح ولا يخلق توترات. وأكد أن المهم في الجبل هو «التأكيد على الشراكة مع القوات والتيار والكتائب وحزب الله وحركة أمل والجماعة الإسلامية والجميع». وحين سئل إن كان يقبل بالنسبية الكاملة، أجاب بأنه ما زال يعتقد أن المطلوب «الستين معدلاً»، و»نحن نتقدم إلى شيء من المختلط».
من جهتها، نفت مصادر رفيعة المستوى في التيار الوطني الحر لـ»الأخبار» أن يكون الحريري قد أبلغ قيادة التيار موافقته على النسبية الكاملة. وأشارت إلى أن باب التوصل إلى توافق على قانون انتخابي جديد لم يُقفل، «لكن إذا أقفِل، فإن الخيارات مفتوحة أمامنا، وحينها قد نعود إلى طرح اقتراح قانون اللقاء الأرثوذكسي. كذلك فإن النزول إلى الشارع خيار مطروح». لكن السؤال المطروح على التيار هو عن الجهة التي سيوجّه أيّ تحرّك شعبي ضدها، كونه مرتبطاً بتفاهمات مع غالبية القوى الرئيسية، التي «لم يُضبط أيّ منها» في موقع معرقل التوصل إلى قانون انتخابي جديد. ففيما يقبل البعض بالنسبية، يوافق آخرون على «المختلط»، ولا يمانع غيرهم في «التأهيلي».
من جهة أخرى، أكّدت مصادر التيار أن التعيينات ستُبتّ قريباً، فيما قالت مصادر من أكثر من جهة لـ»الأخبار» إن مجلس الوزراء سيبتّ التعيينات الأسبوع المقبل.
الخصخصة قائمة: أين الكهرباء؟
تجدّدت الهجمة من أجل خصخصة الكهرباء. الدوافع مختلفة (ربما)، ولكنها كلها تصبّ في خدمة رأس المال، ولا سيما المصرفي، الباحث عن ربح إضافي سهل ومضمون، بعدما ضاق «الاقتصاد» وتضاءلت قدرة «الدولة» على الاستدانة، في حين تراكمت في المصارف موجودات ضخمة (ودائع وأموال خاصة)، تجاوزت 200 مليار دولار في نهاية عام 2016، تحتاج بإلحاح الى توظيفها ولو من «نتش» ما تبقّى من لحم الدولة ومداخيل أكثرية اللبنانيين… المفارقة، أن الشعارات التي تتلطى خلفها هذه الهجمة تلقى صدى لدى الناس، ولا سيما الوعد بتوفير الكهرباء على مدار ساعات اليوم، إلا أن بعض الامثلة الحديثة يمكن أن تعكس الصدى، إذ إن الدولة قادرة على تحقيق هذا الوعد، بسرعة وبكلفة أقل، إلا أن الخصخصة واقعة بالفعل وهي التي تمنع تحقيق الوعد وترفع الكلفة أكثر فأكثر
محمد زبيب
«معاناة» الكهرباء «حقيقية»، يعيشها المقيمون في لبنان ساعة بساعة كفاجعة متواصلة، تذكّرهم على الدوام بما ابتلوا به منذ أن ارتضوا سلطة عليهم يديرها تحالف أمراء الطوائف وأصحاب الثروات. لا يمكن إنكار الواقع التعيس، ولا يمكن إنكار الكلفة الهائلة التي يرتبها على المجتمع عموماً، ولا سيما الفئات الفقيرة والمتوسطة الدخل، التي تضطر الى تحمّل كلفة الاستعاضة عن الدولة على حساب مستوى دخلها ومعيشتها.
هذا واقع حقيقي، لا يغيّر فيه تبرير من هنا أو سبب هناك أو تحميل مسؤولية لهذا أو ذاك. التعاسة واقعة ولا تفعل الوقائع والتفاصيل سوى زيادة منسوبها ووقعها وكلفتها، ماضياً وحاضراً ومستقبلاًَ.
لكن، لا مفر من رفع منسوب هذه التعاسة في ظل «الهجمة» الشرسة، المتجددة الآن، من أجل فرض «خصخصة» الكهرباء، بوصفها الخيار الوحيد لاستعادة الناس الحق البديهي المسلوب: كهرباء 24 ساعة على 24 ساعة. هل هو خيار وحيد فعلاً؟ لنمعن قليلاً في بعض الامثلة الحاضرة اليوم:
يحظى الناس في لبنان حالياً بنحو 12 ساعة من الكهرباء يومياً، مستمدة من إنتاج مؤسسة كهرباء لبنان. ليس الجميع سواسية في ذلك، إذ إن بيروت الادارية تحظى بنحو 21 ساعة يومياً، وهناك قائمة طويلة من الاستثناءات، التي يحظى بها بعض الاشخاص النافذين وشركات كبيرة محظوظة، منها مولات وفنادق ومنتجعات ومعامل ترابة وقصور وبنايات… الخ. لو جرى اعتماد مبدأ التوزيع العادل، لكان جميع الناس قد حظوا بنحو 15 ساعة من كهرباء الدولة. هذا يمكن أن يحصل فوراً، وهو مسألة جوهرية، إذ إن أسعار كهرباء الدولة مدعومة من الموازنة العامة. هذا الدعم الذي يناله مستهلكو كهرباء الدولة بقرار صدر عام 1994، ولا يزال سارياً، يسميه دعاة الخصخصة خسائر تسجلها مؤسسة كهرباء لبنان أو عجزاً، ولكنه في الواقع، قناة من قنوات التوزيع التي اعتمدتها الدولة بحجة دعم ميزانيات الأسر. تم تحديد الاسعار وتثبيتها عندما كان سعر برميل النفط يبلغ 30 دولاراً وسطياً، وكانت التغذية الكهربائية قد تأمنت على مدار ساعات اليوم في معظم المناطق (بين عامي 1995 و1998)، إلا أن السلطة القائمة قررت أن تتوقف عن أي استثمار عام في زيادة إنتاج الكهرباء مع بداية انفجار أزمة الدين العام اعتباراً من عام 1997، وربطت القطاع كلّه بالخصخصة.
منذ ذاك الوقت ارتفعت أسعار النفط وارتفع عدد السكان وارتفعت الحاجات، وبالتالي ارتفعت قيمة الدعم لأسعار الكهرباء وباتت المؤسسة رهينة التحويلات من الموازنة التي بالكاد تكفي لتسديد ثمن الوقود المطلوب لتشغيل معامل الانتاج. ظهرت هوّة كبيرة بين حاجات الاستهلاك والقدرة الانتاجية، وجرى سدّ هذه الهوة عبر نموّ قطاع واسع من مشغلي المولدات الخاصة، إلا أن الهوّة لم تكن حقيقية لفترة طويلة، بل كانت مفتعلة، بقرار، إذ إن تنامي كلفة الفاتورة النفطية كان يستنزف قسماً من النقد الاجنبي المتاح، بسبب الاضطرار الى تسديد ثمن المستوردات النفطية بالدولار، ما دفع مصرف لبنان الى فرض «تقنين» للإنفاق العام بالعملات الاجنبية، للحفاظ على مستوى عال من الموجودات الخارجية لديه، وهو ما جعل المؤسسة في أحيان كثيرة تطفئ قسماً من الطاقة الانتاجية المتاحة وتحرم المستهلكين منها! في ظل هذا الاستثناءات الواسعة من «تقنين» الكهرباء، صار الدعم نفسه موزعاً بصورة غير عادلة ابداً، إذ إن قاطني بيروت الادارية والشركات الكبرى وأصحاب النفوذ المستثنون يستأثرون بجزء مهم من الدعم للأسعار نتيجة استهلاكهم كميات أكبر من الطاقة الموزعة عبر مؤسسة كهرباء لبنان، وهذا ينطبق ايضاً على أصحاب الدخل الاعلى الخاضعين للتقنين الذي يستهلكون كميات أكبر من الكهرباء من الفقراء. وبدلاً من أن تتحمل السلطة مسؤوليتها في تأمين الكهرباء للجميع على مدار ساعات اليوم وبأسعار تأخذ بالاعتبار شرائح الدخل، ذهبت الى تعميق الازمة عبر تشجيع ما يسمى «سرقة الكهرباء»، إذ إن 40% تقريباً من الطاقة المنتجة في معامل المؤسسة لا تجري فوترتها، منها 15% يُطلق عليها صفة «الهدر الفني»، أي هدر الطاقة الموزعة بسبب تردي شبكات النقل والتوزيع وعدم الاستثمار في صيانتها وتطويرها. لو جرى الاستثمار في الشبكة لكان الناس قد نعموا بنحو 16 ساعة تغذية كهربائية، ولو جرت فوترة كل الطاقة الموزعة لكانت كلفة دعم الاسعار قد انخفضت.
ليس هذا فحسب، توجد اليوم امكانية فعلية، لا نظرية، لزيادة 3 ساعات، على الاقل، ليصبح متوسط ساعات التغذية نحو 18 ساعة يومياً، على أساس عدالة التوزيع وإلغاء الاستثناءات. وقبل معالجة الهدر الفني وغير الفني، فقد أنجزت الدولة إنشاء معملين جديدين في الزوق والجية، الاول بقدرة 193 ميغاواط والثاني بقدرة 77 ميغاواط. انتهت الاعمال منذ مطلع عام 2016، إلا أنهما لم يوضعا في العمل على الرغم من مضيّ نحو 14 شهراً من جاهزيتهما. هذا التفصيل مهم، إذ يجري تعطيل تشغيل المعملين الجديدين بسبب الصراع على الشركة الخاصة التي ستحظى بعقد الصيانة والتشغيل. أهمية هذا التفصيل لا تنحصر بتفويت زيادة ساعات التغذية على المقيمين وتخفيض كلفة اشتراكات المولدات المرهقة لأكثريتهم، بل في التنبيه الى زيف الادعاءات أن الخصخصة والشراكة مع القطاع الخاص هما الحل. فما يجري من صراع بين المصالح الخاصة هو ترجمة فعلية للمعنى الحقيقي لما يروّجون له على أنه الحل. لقد جرى تلزيم عقد صيانة وتشغيل المعملين الى شركة يمثلها رجل الاعمال تحسين خياط، بمبلغ يلامس 108 ملايين يورو لفترة 5 سنوات (من دون الضريبة على القيمة المضافة)، إلا أن وزير المال، علي حسن خليل، رفض فتح الاعتمادات المطلوبة، وأحال الملف الى التفتيش المركزي للتحقيق في الأسعار المرتفعة، علماً بأن رجل الاعمال قاسم حمود سعى للفوز بهذه الصفقة، وقدّم عرضاً أدنى، ولكن بعد فوز شركة خياط!
أيضاً، يمكن الآن رفع ساعات التغذية بمعدّل ساعة ليصبح المتوسط 19 ساعة من خلال زيادة استجرار الطاقة من البواخر، إلا أن ذلك لم يحصل على الرغم من تمديد عقد الباخرتين الموجودتين في لبنان لسنتين إضافيتين. الطاقة الاضافية متاحة بجد، إلا أن هناك سلوكاً سادياً يمنعها عن المقيمين، حرصاً على بقاء خيار الخصخصة خياراً وحيداً. على فكرة، البواخر هي أيضاً شراكة مع القطاع الخاص، وتكلّف الخزينة مبالغ طائلة.
لائحة الامثلة طويلة، وكلّها تدل على أن الشراكة مع القطاع الخاص قائمة بالفعل، ولكنها لا تنفع الا الفائزين بالعقود الذين يراكمون أرباحاً جمّة على حساب المقيمين في لبنان، من دون أن ينال هؤلاء حقهم الكامل في الكهرباء. أخيراً، وليس آخر الامثلة، جرى تعطيل نتائج مناقصة إنشاء معمل جديد في دير عمّار. هبّ نواب تيار المستقبل في المنطقة ضد المشروع، ورفض وزير المال فتح الاعتمادات لتسليم الشركة الفائزة موقع العمل. صحيح أن هناك إشكالية تتعلق بعدم وضوح العقد لجهة من سيتحمل كلفة الضريبة على القيمة المضافة، إذ إن الشركة الفائزة تحصّنت بالعقد المبهم في هذه الناحية، وأصرّت على تحميل الدولة قيمة الضريبة، وهو أمر غير جائز، ولكن في الحصيلة لم يجر تنفيذ المشروع الذي كان مخططاً أن يكون منجزاً اليوم، ويؤمن 700 ميغاواط إضافية، أي أكثر من 4 ساعات تغذية إضافية، ليصل متوسط ساعات التغذية على أساس مبدأ التوزيع العادل الى 23 ساعة يومياً. المفارقة أن قيمة العقد بلغت 360.9 مليون يورو، ما يعني أن قيمة الضريبة على القيمة المضافة المتنازع عليها تبلغ 36 مليون يورو. اليوم تواجه الدولة مطالبة الشركة بتعويضات تبلغ 320 مليون دولار، ويجري التفاوض مع الشركة على تخفيض قيمة هذه التعويضات أو القبول بتنفيذ العقد، إلا أن المفاوضات باتت صعبة، إذ إن الشركة باتت قادرة على الفوز بتعويضات تفوق أرباحها المقدرة من المشروع، من دون أن تكون قد قامت بأي عمل. وهذه أيضاً تندرج في إطار الشراكة مع القطاع الخاص.
ما ورد أعلاه ليس القصة كاملة، بل مجرد أمثلة عن تفاصيل ووقائع تجري الآن. القصة الكاملة فيها ما هو أعظم، والأمثلة المذكورة هي للدلالة فقط على واقع قائم بالفعل، حيث الشراكة مع القطاع الخاص هي النموذج الوحيد للعمل، ومع ذلك لا تحقق الوعد بكهرباء على مدار ساعات اليوم، ولا تخفض الكلفة، لا عن الناس ولا عن خزينتهم العامّة. هذه الشراكة التي يحوّلها دعاة الخصخصة الى «ايديولوجيا»، لا تعني إلا ما جرى في مشروع مقدّمي الخدمات من الشركات الخاصة، إذ جرت خصخصة الجباية والتوزيع، وعلى مدى 4 سنوات لم تتحسن الجباية ولم يتحسّن التوزيع، وكل الاهداف التي جرى التسويق لها لتبرير عقود هذه الشركات السخية، التي تصل الى 800 مليون دولار، لم تتحقق، ومع ذلك جرى التمديد لها، من دون حتى الرجوع الى مجلس الوزراء، ولو بالشكل.
نعم، في الواقع القائم التعيس، كما هو، كان بإمكان المقيمين في لبنان أن ينعموا بتغذية كهربائية على مدار ساعات اليوم. ولكن لو سُمح بذلك، ما كان ممكناً إبقاء الخصخصة واقعة وجعلها خيار الناس ومطلبهم… على الرغم من الكلفة الباهظة جداً جداً، التي نسددها من أجل أن يراكموا المزيد من الأرباح.
النهار
الحريري: قانون جديد أو تفشل الحكومة
اذا صح ان “اللاءات الثلاث” التي اعلنها رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس والمتصلة بملف قانون الانتخاب “لا لقانون الستين ولا للتمديد ولا للفراغ” تختصر الحد الادنى الجامع من التفاهم السياسي على حتمية التوصل الى قانون جديد، فان ذلك لا يعني ان الطريق باتت معبدة امام “الصيغة السحرية” التي من شأنها ان تنهي ازمة القانون الانتخابي. لكن الثابت ان مجمل التحركات والمشاورات السياسية التي عادت تنشط في الايام الاخيرة تجري مبدئيا تحت سقف التزام التوصل الى تسوية لا تزال معظم الاتجاهات الغالبة حيالها ترجح مشروعاً مختلطاً على قاعدتين متلازمتين هما عدم امكان فرض اتجاهات تصنف بانها اتجاهات “حادة” كالنسبية الكاملة أو مشروع “القانون الارثوذكسي” والانفتاح على صيغ مختلطة تحظى بمعايير موحدة لا يشعر معها أي فريق انه قد يكون مستهدفاً.
وتفيد أوساط معنية بالمشاورات الجارية ان جميع الافرقاء بدأوا يستشعرون خطورة المضي من دون التوصل الى تسوية في ظل خطر الفراغ المحتمل في مجلس النواب والذي لم يعد مجرد سيناريو بدليل بروز اجتهادات حول ما يتضمنه الدستور من مواد محصنة لاستمرار السلطة التشريعية في حال انتهاء ولاية المجلس من دون الاتفاق على قانون انتخاب أو التمديد للمجلس. واكتسب لقاء رئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس “اللقاء الديموقراطي ” النائب وليد جنبلاط عقب جلسة مجلس الوزراء مساء أمس في السرايا دلالات بارزة لجهة ابراز تزخيم المساعي للتوصل الى تسوية ولو ان الفريقين يجمعهما مبدئيا التحفظ عن اعتماد النظام النسبي. وأوضح جنبلاط ان “أهم شيء ان نخرج من هذا المأزق ونتوصل الى قانون انتخابي يؤمن الشركة والمصالحة والانفتاح ولا يخلق توترات”، لافتاً الى “ان هذا اتجاه الجميع “. وفي موضوع النسبية الكاملة ذكر جنبلاط بمطالبته في مؤتمر الحزب التقدمي الاشتراكي “بالستين معدلا بحيث نتقدم الى شيء من المختلط”. ونفى وجود اي خلافات مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وحرص الرئيس الحريري بدوره على تبديد الاجواء المتشائمة حول ازمة القانون، فأكد ان “هناك صيغاً عدة تتم مناقشتها بكل ايجابية من كل الافرقاء”، وشدد على “اننا نريد قانون انتخابات وان تجري الانتخابات قريبا والجميع مدركون انه لا بد من التوافق على قانون جديد”. وأضاف: “كرئيس للحكومة اذا لم ننجز قانون انتخاب فان هذه الحكومة تكون قد فشلت وكل الافرقاء في الحكومة لديهم هذا التصور “. وقدر نسبة التقدم الحاصل لانجاز قانون الانتخاب بانها “قد تصل الى 70 في المئة”. وكرر ان “القرار السياسي الذي اتخذ هو ان سيكون هناك قانون انتخاب وهذا القرار سينفذ”. ونفى كل ما يثار حول رغبة “تيار المستقبل” في تأجيل الاستحقاق الانتخابي لانه ” ليس تياراً ضعيفاً بل تيار قوي وموجود في كل لبنان”.
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق نفى الكلام عن مقايضة يتبنى بموجبها الرئيس الحريري النسبية كاملة في مقابل الحصول على ضمانات لبقائه في رئاسة الحكومة. وقال ان وجود الحريري في رئاسة الحكومة” هو حق بسبب حجم تمثيله وعدم قدرة احد على ان يتجاوزه لا سابقاً ولا لاحقاً”. لكن المشنوق جدد اقتناعه بعدم امكان التوصل الى قانون انتخاب جديد قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة.
المواد الضريبية
في غضون ذلك، انجز مجلس الوزراء الكثير من المواد المتبقية من مشروع الموازنة ولم يستبعد وزير الاعلام ملحم الرياشي الانتهاء من مناقشتها في جلسة غد، مع ان الرئيس الحريري أشار الى ان ثلاث جلسات أخرى ستعقد الاسبوع المقبل. وعلم ان مجلس الوزراء ناقش أمس 56 مادة تتعلق باجراءات ضريبية وتنظيمية وادارية، اما كل ما له علاقة باجراءات ضريبية لتمويل سلسلة الرتب والرواتب فترك للجان النيابية المشتركة في اجتماعها الاثنين المقبل. كما علم ان عدداً من الوزراء اعترضوا على اجراءات ضريبية بينهم الوزير ميشال فرعون. وغرد وزير المال علي حسن خليل بعد الجلسة موضحاً “ان ما انجز اليوم يؤكد ان الموازنة تسير جدياً نحو الاقرار ولا ضرائب تطاول الفقراء او تؤدي الى مشكلات اقتصادية ومالية”.
النار تحت الرماد
على الصعيد الامني وعلى رغم نجاح الاتصالات الفلسطينية – الفلسطينية والفلسطينية – اللبنانية في التوصل إلى اتفاق لوقف النار في مخيم عين الحلوة، بعد اللقاء الموسع للفصائل الفلسطينية وخصوصاً منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل التحالف التي تضم حركتي “حماس” و”الجهاد الاسلامي ” اضافة الى قوى اخرى تتخذ دمشق مقراً لها، لا تزال النار تحت الرماد، علماً ان موقف “حماس” الرافض لسحب سلاح المخيمات قد ينذر ببقاء الاوضاع على حالها.
وبدت جولة الاشتباكات الأخيرة التي شهدها المخيم بمثابة إختبار من الجماعات المتشددة لحركة “فتح” بعد التسريبات عن اتفاق الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الحكومة اللبنانية على تسليم أمن المخيمات الى الجيش، الامر الذي ترفضه بعض الفصائل الفلسطينية ومنها “حماس” التي أكد ممثلها في لبنان علي بركة لـ “النهار” ان “السلاح الفلسطيني مرتبط بحق العودة والعدو الصهيوني يريد إنهاء هذا الحق عبر دمج اللاجئين الفلسطينيين في المجتمعات التي يقيمون فيها وبالتالي القضاء على المخيمات، بينما المطلوب هو الحفاظ على المخيمات ككيانات اجتماعية الى حين عودة الفلسطينيين الى ديارهم”.
وفي موقف بالغ الوضوح من تسلم الجيش أمن المخيمات، قال بركة: “نحن لا نرحب بتسلّم الحكومة اللبنانية امن المخيمات، فالامر يحتاج الى حوار لبناني – فلسطيني شامل، عدا انه اذا تسلمت الحكومة الامن في المخيمات فإن وكالة الاونروا ستفقد دورها وهي الشاهدة على تهجير الفلسطينيين وحق عودتهم الى فلسطين، لذلك ننبّه الى عدم الاستعجال في مسألة سحب السلاح”. ولا تتفق رؤية “حماس” للتوصل الى حل لأزمة المخيمات وتصوّر رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني الوزير السابق حسن منيمنة الذي صرّح لـ “النهار” بأنه “يجب سحب السلاح الفلسطيني من المخيمات لأنه فقد دوره في مواجهة اسرائيل واصبح اداة للاقتتال الداخلي والاغتيالات والتفجيرات. ويكمن الحل الجذري في تسلّم الدولة أمن المخيمات، عدا ان الحوار الوطني اللبناني أكد ضرورة سحب هذا السلاح”. واعتبر ان “الحل الامني غير مجدٍ ما لم يتم اخراج المتطرفين بالقوة من المخيمات في موازاة تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي فيها”.
عون: مسيرة الاصلاح انطلقت ولن تتوقف لأنها تتجاوب مع رغبة جميع اللبنانيين
أكد رئيس الجمهورية ميشال عون “أن مسيرة الاصلاح انطلقت ولن تتوقف، لأنها تتجاوب مع رغبة جميع اللبنانيين التواقين الى وطن تسوده العدالة والمساواة”، منوهاً بـ”العمل الذي تقوم به وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد”.
استقبل عون في قصر بعبدا، وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني الذي أوضح أنه أطلعه “على ما تحقق حتى الان في مجال مكافحة الفساد، خصوصاً ان هذه المسألة هي موضع اجماع جميع اللبنانيين الى اي اتجاه سياسي انتموا”.
وأشار الى أنه اكد “ان مكافحة الفساد ليست موجهة ضد فريق معين او جهة محددة، ولا هي عملية استنسابية او ذات خلفية كيدية للاقتصاص من موظف هنا او موظف من هناك، وأنها لن تستثني اي قطاع يثبت من خلال التحقيق والتدقيق ان ثمة ارتكابات حصلت فيه او لا تزال تحصل”.
الصراف
ثم استقبل وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف الذي قدم إليه تقريرا عن مشاركته في “مؤتمر ميونيخ للأمن”، ولقائه على هامشه وزراء الدفاع اليوناني والفرنسي والبريطاني والايراني، حيث بحث معهم في “التعاون العسكري بين لبنان وبلدانهم”.
بلحاج
كذلك التقى المدير الاقليمي لمنطقة الشرق الاوسط في البنك الدولي فريد بلحاج، في حضور رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان. وقال بلحاج انه عرض مع رئيس الجمهورية “اهتمامات لبنان في المجال التمويلي وتطوير البنى التحتية، والتعاون لتأمين التمويل اللازم والاصلاحات في الادارات والمشاريع التي تهمه”، وأطلعه على الزيارة التي يعتزم القيام بها للبنان نائب رئيس البنك الدولي حافظ غانم. واكد “ان البنك الدولي مهتم بالإصلاحات في الموازنة وفق التوصيات التي صدرت عن لجنة المال والموازنة النيابية، اضافة الى متابعة انعكاسات الازمة السورية على لبنان والتجاوب الذي يبديه المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في هذا الشأن”.
الصليب الاحمر
ومن زوار بعبدا أيضاً، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الاحمر في لبنان فابريسيو كاربوني، في حضور رئيس الصليب الاحمر اللبناني انطوان الزغبي والامين العام جورج كتانة، والسيدة باسمة طباجة من اللجنة الدولية. وعرض كاربوني عمل اللجنة الدولية والخدمات التي تقدمها، وقدم إليه تقريرا تضمن “توصيات في ما خص مسألة الكشف عن مصير الاشخاص الذين فقدوا خلال النزاعات المسلحة في لبنان منذ عام 1975، والتدابير التي يمكن ان تتخذ في هذا الصدد”. وأطلعه الزغبي على عمل الصليب الاحمر اللبناني. واستقبل بعد ذلك المديرة العامة للتعاونيات ومديرة المشروع الاخضر غلوريا ابي زيد، ثم الفنانة عبير نعمة.
اللواء
مانشيت اليوم: التعيينات الأمنية على النار.. والموازنة قيد الإنجاز «بضرائب طفيفة»
قانون الإنتخاب عند النِسَب.. وعين الحلوة في غرفة العناية الفائقة أمنياً وإقليمياً
بين 70٪ تقدّم على صعيد إنجاز التفاهم على صيغة لقانون انتخاب جديد، وفقاً للرئيس سعد الحريري، وإجماع الوزراء الذين حضروا جلسة مجلس الوزراء (28 وزيراً) على أن العقد الصعبة عولجت في ما يتعلق بالموازنة، لا سيما حزمة الضرائب التي جرى تخفيضها، واستبعدت منها زيادة 1٪ من الضريبة على القيمة المضافة، حتى لا تطال الفقراء والمساكين، كما كشف وزير المال علي حسن خليل، بعد انتهاء الجلسة السابعة، بدت الأجواء السياسية أكثر انفراجاً، فيما كانت مدينة صيدا تنفذ اضراباً احتجاجاً على الاقتتال الفلسطيني، وفي ما يشبه الإشارة الواضحة الى انه بات من الصعب أن يبقى الوضع داخل مخيم عين الحلوة، معرضاً للانفجار أو لاحداث قلاقل مع المحيط، وهو الامر الذي كان الاجتماع الذي عقد في ثكنة الجيش بين مدير المخابرات في الجنوب العميد خضر حمود ووفد الفصائل الفلسطينية يبحث في كيفية وضع ما اتفق عليه في اجتماع السفارة الفلسطينية في بيروت لجهة تسليم المطلوبين وإنهاء حالة احتضان العناصر اللبنانية المتوارية عن الملاحقة القضائية والأمنية، فضلاً عن عناصر الشغب الفسطيني، في ظل هدوء عززته اللجنة الميدانية المعززة بقوة امنية لفرض الامن واعتقال العناصر المسلحة، وفي ظل توجه بقرار سياسي كبير يقضي بوضع حدّ للتمادي في الاستباحة الأمنية، كان على طاولة الاجتماع الامني الذي ترأسه الرئيس الحريري وحضور الوزيرين نهاد المشنوق ويعقوب الصراف وقادة الاجهزة الأمنية.
وكشف مصدر متابع لهذا الملف لـ«اللواء» أن المناقشات الامنية انطلقت من التقارب الذي حصل بتشخيص المشكلة داخل المخيم بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكبار المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم.
وأكّد هذا المصدر أن موضوع السلاح داخل المخيم، والذي يتسبب بعدم الاستقرار في المخيم والمحيط كان في صلب الأمور التي طرحت.
وكشف أن الرئيس عباس لم ير مانعاً يحول دون استلام السلطات اللبنانية مسؤولية الأمن داخل المخيم.
وفهم أن الجانب اللبناني تريث لأنه لا يمكن اتخاذ أي قرار على هذا الصعيد ما لم يتم تسليم الأسلحة والعناصر المشاغبة او الإرهابية أولاً.
لكن مصدراً لبنانياً آخر قال أن الاتصالات التي جرت على أعلى المستويات لاحتواء الموقف انطلقت من رفض لبناني – فلسطيني مشترك للبقاء في هذه الدوامة، وما لم يُصرّ إلى خطوات من قبل اللجنة الفلسطينية المشتركة فان الاحتمالات الأخرى تصبح على الطاولة.
في هذا الوقت، كانت مصادر في 8 آذار تتوقف باهتمام امام ما يجري وتدرجه في خانة خطة أميركية – إسرائيلية قابلة للتطور وتقضي بانفلاش أمني فلسطيني خارج المخيم، بالتزامن مع ضربة إسرائيلية عدوانية ضد «حزب الله» على خلفية دوره في سوريا، والمخاوف من تطوّر الموقف على جبهة الجولان بعد اندفاع الجماعات المسلحة الى جنوب سوريا، وتحديداً منطقة درعا والجولان.
وتخوفت هذه المصادر من إبقاء المناوشات قائمة بعد دخول جهات استخباراتية إلى داخل المخيم وتحضير الأجواء بانتظار ساعة الصفر الأميركية – الإسرائيلية للقيام بحرب خاطفة ضد الحزب.
ويهدف هذا الانفلاش إلى اشغال الجيش وقطع طريق الجنوب، محذرة من انه من غير المسموح أن يتحوّل عين الحلوة إلى خاصرة أمنية رخوة تُهدّد لبنان، مؤكدة أن هناك مراقبة مكثفة للحركة الأمنية داخل المخيم من قبل الجيش والقوى الأمنية ومن قبل جهات حزبية تطوقه من كل جوانبه.
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اللواء هرتسي هليفي استبعد مواجهة عسكرية، لأن «حزب الله» و«حماس» لا يرغبان في مواجهة عسكرية مع إسرائيل قريباً.
وحذر هليفي من أن يُشارك الجيش اللبناني إلى جانب «حزب الله» في حرب مستقبلية ضد إسرائيل، وتخوف من تعاون مستقبلي أيضاً بين «حماس» و«حزب الله».
قانون الانتخاب
وعلى الرغم من الانشغال الظاهر في الموازنة، فان اللقاءات الجانبية واليومية بين الاطراف المعنية بصيغة قانون الانتخاب، حاضرة بقوة خلف الكواليس.
وتفيد معلومات «اللواء» أن صيغ المختلط التي اشارت إليها «اللواء» في الأيام الماضية أصبحت ثابتة، وأن الأخذ والرد يتناول حدود النسب ما بين النظامين الأكثري والنسبي.
وكشفت مصادر المعلومات أن هذه النقطة لم تحسم بعد، معربة عن تفاؤلها بأن هذا الموضوع سيحسم.
وسيبدأ مجلس الوزراء قبل 13 آذار الحالي في مناقشة مشروع قانون الانتخاب الذي سيصبح على الطاولة، بعد إنجاز مشروع الموازنة والتعيينات الأمنية والعسكرية.
وكان الرئيس الحريري أعلن بعد لقائه رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي زاره ليلاً في السراي، بعد انتهاء مجلس الوزراء، الوصول إلى تقدّم إلى شيء من المختلط في قانون الانتخاب، وان هناك نقاشاً يدور حول القانون المختلط والتأهيلي، مشيراً إلى ان أهم ما في كل هذه الحوارات ان الجميع يُدرك انه في نهاية المطاف لا بدّ من التوافق على قانون انتخاب جديد، كاشفاً عن قرار سياسي متخذ بأنه سيكون هناك قانون انتخاب، وأن هذا القرار سينفذ، وستكون فيه «كوتا نسائية».
التعيينات الأمنية
في هذا الوقت، توقع مصدر وزاري ان تكون التعيينات الأمنية وضعت على نار حامية، على ان تصدر في جلسة تعقد في بعبدا، الأسبوع المقبل.
وأشار هذا المصدر إلى ان العميد جوزف عون سيُرقّي إلى رتبة لواء ويعين قائداً للجيش خلفاً للعماد جان قهوجي الذي عاد وزير الدفاع يعقوب الصرّاف إلى التأكيد انه باق في منصبه لحين تعيين قائد جديد للجيش.
في المقابل، سيُرقّي العميد عماد عثمان إلى رتبة لواء ويعين مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي خلفاً للواء إبراهيم بصبوص الذي سينقل إلى السلك الدبلوماسي ويعين سفيراً للبنان في مصر.
اما بالنسبة لمديرية الأمن العام، فإن اللواء عباس إبراهيم سيبقى في منصبه.
ولم يعرف ماذا سيكون عليه الوضع بالنسبة لرئيس جهاز أمن الدولة اللواء جورج قرعة الذي شارك أمس في الاجتماع الأمني في السراي الكبير إلى جانب العماد قهوجي واللواءين بصبوص وابراهيم.
الموازنة
وإذا كانت اللجان النيابية المشتركة ستباشر بدءاً من الاثنين بمناقشة سلسلة الرتب والرواتب من حيث توقفت مناقشتها في الجلسة العامة، في ظل قرار سياسي ثابت باقرارها، لكنه متحرك لجهة دفعها خلال السنتين أو الثلاث سنوات المقبلة، مراعاة لوضعية المالية العامة للدولة، فإن الموازنة ستكون بين يدي النواب بدءاً من الأسبوع المقبل، تمهيداً لتحديد جلسات لمناقشتها واقرارها في حدود منتصف الشهر الحالي، بعد ان ارتؤي إيجاد صيغة قانونية للمليارات المتراكمة خارج قطع الحساب والناجمة عن الصرف منذ العام 2005 على القاعدة الاثني عشرية.
وما خلا السجال الذي دار بين وزير الصحة نائب رئيس الحكومة غسّان حاصباني ووزير الطاقة سيزار أبي خليل فإن سلاسة كانت ملحوظة في مقاربة الأرقام لغاية المادة 82، حيث بقيت 8 مواد فقط من الموازنة، قدر لها وزير الإعلام ملحم رياشي ان تنتهي غداً، في حين توقع الرئيس الحريري ان تحتاج إلى جلسة أو أكثر في الأسبوع المقبل.
وليلاً، غرد الوزير خليل عبر «تويتر» قائلاً: «ان ما أنجز اليوم (أمس) يؤكد ان الموازنة تسير جدياً نحو الإقرار، وأن لا ضرائب تطال الفقراء أو تؤدي إلى مشكلات اقتصادية ومالية».
البناء
ترامب يتجاهل روسيا وسورية وحزب الله كخصوم… والملف النووي كقضية
الجيش السوري يدخل تدمر… و«الإرهاب» بند جنيف الأول رغم «الرياض»
عون لن يقبل بتمديد تقني قبل إقرار قانون جديد… وتشاور حريريّ جنبلاطيّ
كتب المحرّر السياسي
خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب المطوّل أمام الكونغرس كان خالياً، وفقاً للمراقبين، من المعارك وعلى قدر من الهدوء الذي يفتح باب رسم السياسات. وقد علّقت موسكو بالترحيب بالخطاب بانتظار الأفعال، كما قالت. بينما خلا الخطاب من الحديث عن روسيا كخصم، وتجاهل الدولة السورية التي اعتاد سلفه باراك أوباما وضع مواعيد لرحيل رئيسها في كل إطلالة مشابهة، كما تجاهل حزب الله حاصراً حديثه عن الإرهاب بتنظيم القاعدة وداعش، وفي العلاقة مع إيران حصر الخلاف بالملف الصاروخي متجاهلاً الملف النووي كقضية.
تزامنت إشارات ترامب مع نجاحات سجلها الجيش السوري في الميدان على جبهتي الشمال والوسط بتقدّمه نحو قلعة تدمر وانتزاعها من قبضة داعش، وتقدّمه شمالاً إلى خط تماس مع الانتشار الأميركي قرب منبج، ما استدعى استعانة أميركية بالتواصل مع موسكو لمنع وقوع أحداث ناجمة عن عدم التنسيق، بعد بيان اتهم الطيران الروسي بقصف مناطق سيطرة جماعات تدعمها واشنطن ونفي روسي للاتهام.
في جنيف بدت جماعة الرياض الفاقدة للقدرة العسكرية، فاقدة للقدرة السياسية رغم الأكاذيب عن منجزات يروّج لها وفدها، بعد لقاءاته مع نائب وزير خارجية روسيا غينادي غاتيلوف والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، ما استدعى منهما الرد بتأكيد التفاهم على إدراج بند مكافحة الإرهاب كقضية أولى على جدول أعمال المحادثات بعد رفض متواصل لوفد الرياض، والتمسك بتسمية البند السياسي بـ»شؤون سياسية»، خلافاً لما أشاعه وفد الرياض عن التوصل لوضع بند تحت عنوان «الانتقال السياسي».
لبنانياً، قالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن خيار التمديد التقني للمجلس النيابي لستة شهور تحت باب تضمينه التزام المجلس بإنتاج قانون جديد خلال هذه المهلة سقط من التداول، بسبب إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على ربط أي تمديد تقني بصدور قانون جديد يستدعي مهلاً إضافية لوضعه قيد التطبيق وإلا صار التمديد سياسياً، وهذا غير وارد، وفقاً للاءات التي صاغها رئيس المجلس النيابي مجدداً بلا للتمديد ولا للستين ولا للفراغ، ونعم لقانون جديد. والقانون الجديد صار قدراً لا مفر منه قبل نهاية ولاية المجلس النيابي، وربما يساعد هذا في تيقّن القوى السياسية المعنية من حتمية إنتاجها قانوناً جديداً، وبالتالي لا جدوى الرهان على تقطيع الوقت لملاقاة نهاية الولاية وفرض تمديد لستة شهور يتمدد مرة ثانية ريثما تتبلور، بالنسبة للبعض المعني بالحسابات الإقليمية واستيضاح حدود اندفاعات الرئيس الأميركي في مواجهة إيران، واستكشاف كيفية تعامله مع الملف السوري، ووفقاً للمصادر نفسها، هذا ما يفسّر الحركة المتسارعة نحو البحث عن صيغ توافقية للقانون الجديد، بعدما نام البعض على حرير التأجيل برهان التمديد التقني المكرّر ستة بستة مرّتين.
جنبلاط في السراي مستطلعاً
وفي ما تردّد أن الرئيس سعد الحريري يدرس بشكلٍ جدّي قانون النسبية على أساس الدائرة الانتخابية الواحدة، وأنه طلب ضمانات من حزب الله والتيار الوطني الحر تتعلّق برئاسة الحكومة مقابل السير بالنسبية، قصد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط السراي الحكومي لاستطلاع الأمر عن كثب وهو الذي لم ينسَ بعد التسوية الرئاسية التي ذهب اليها الحريري منفرداً وأدت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ويخشى أن يكرر الحريري «الخطيئة» نفسها مرة أخرى ويوافق على قانون النسبية الذي يرفضه جنبلاط بشكل قاطع.
وأكد جنبلاط بعد لقائه الحريري أمس، ضرورة التوصل الى قانون انتخابي يؤكد على الشراكة والمصالحة ولا يخلق توترات. وهذا اتجاه الجميع. وأشار إلى أننا «في الجبل القضية ليست عدد نواب بالنسبة للقاء الديمقراطي، بل قضية تأكيد على هذه الشراكة مع القوات والكتائب والتيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل والجماعة الاسلامية وباقي الأفرقاء من أجل تثبيت مبدأ الشراكة». ولفت جنبلاط إلى أننا «نتقدم نحو الستين معدلاً وهو شيء من المختلط»، وأكد العلاقة الجيدة مع الرئيس عون وأن لا مانع من زيارته في بعبدا.
وفي المقابل اعتبر الحريري لدى مغادرته السراي الحكومي أنه «إذا لم تقرّ حكومتنا قانون انتخاب جديد فتكون فشلت، ولا يعتقدنّ أحد أن تيار المستقبل ضعيف وأنه لا يريد الانتخابات، فهو قوي وموجود في لبنان كله»، مؤكداً «أنني أريد قانون انتخابات جديداً وهناك صيغ عدة تتم مناقشتها بإيجابية من كل الفرقاء ونريد أن تكون هناك انتخابات».
وفي تصريح له، لفت الحريري إلى أن «أهم ما في الحوارات ان الجميع يعلم انه يجب التوافق على قانون»، مشيراً إلى «أننا نعقد جلسات متتالية للموازنة وسنكمل الاسبوع المقبل للانتهاء منها في أقرب وقت ممكن».
ويأتي اللقاء، بحسب ما أشارت مصادر لـ«البناء» في إطار التنسيق الدائم بين الحريري وجنبلاط في كافة الصعد لا سيما ملف قانون الانتخاب الذي كان محور النقاش الذي دار بين الطرفين، كما استعرضا الجهود التي تبذل من خلال اللقاءات بين القوى السياسية للتوافق على قانون جديد، وأكدا ضرورة استمرار التواصل بين المكونات كافة للتوصل الى صيغة انتخابية يوافق عليها الجميع ولا يمكن فرض هذا الأمر على الآخرين». ولفتت المصادر الى أن «لا علاقة للزيارة التي حدّدت منذ أيام بما سرّب عن صفقة يسعى إلى عقدها الحريري بموضوع قانون الانتخاب».
وأشار مصدر نيابي في تيار المستقبل لـ«البناء» الى أن «التيار لا يزال يتمسك بالصيغة الثلاثية المختلطة لكنه لم يعلن يوماً أنه يرفض أي صيغة أخرى بما فيها النسبية»، وأوضح أن «التيار مستعد لبحث النسبية الكاملة ونقاش في نقاط الخلل والنقاط الإيجابية فيها»، وشددت على أن «قانون الانتخاب لن يمر الا عبر توافق جميع المكوّنات وليس عبر تهديدات من هنا أو هناك».
.. والمشنوق ينفي
وفي حين أكد أكثر من مصدر نيابي في التيار الوطني الحر إعلان الحريري بأن لا مانع لديه من الموافقة على النسبية الكاملة وأنه يريد تطمينات بعيداً عن أي مقايضات، نفى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الحديث عن مقايضة الحريري في قانون الانتخاب، مشيراً الى أن «وجود الحريري في رئاسة الحكومة هو حق بسبب حجم تمثيله وعدم قدرة أحد على تجاوزه لا سابقاً ولا لاحقاً». وجدد عدم قناعته «بإمكان التوصل الى قانون انتخاب جديد قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة».
وعن التأجيل التقني، قال المشنوق: «حسب الوقت أولاً، إذا أقر القانون في أيار فلا يمكن إجراء الانتخابات في 21 أيار. وثانياً حسب طبيعة القانون، هل هي سهلة وبسيطة، ويمكن ايجاد آلية يتدرب عليها الموظفون والقضاة ورؤساء الأقلام بسرعة ويعتاد عليها المواطنون».
واستبعدت مصادر نيابية لـ«البناء» أن يسير الحريري بالنسبية الكاملة التي قد تؤدي الى خسارته عدداً كبيراً من المقاعد المسيحية والسنية».
ووفقاً لنواب مستقبليين تضيف المصادر أن «الحريري مستعد أن يوافق على أي قانون يحصد من خلاله 22 نائباً ما يؤهله بأن يعود رئيساً للحكومة وأن لا يتقلص حجم كتلته البالغ 34 عن 12 نائباً».
ولفتت المصادر نفسها الى أن «التأجيل التقني لمدة 3 أو ستة أشهر هو الحل الوحيد في حال لم يتم التوافق على قانون جديد. وفي هذه المدة ربما يتوصل الاطراف الى هذا القانون، وحينها يمدد للمجلس النيابي الحالي تقنياً ضمن القانون الجديد».
تفاؤل في بعبدا
ولا يزال التفاؤل في بعبدا سيد الموقف حيال قانون الانتخاب، ونقل زوار رئيس الجمهورية عنه لـ«البناء» أن «الرئيس عون متفائل حيال إقرار قانون جديد ومصرّ على إنجازه. وهو سيستعمل جميع صلاحياته للضغط في هذا الاتجاه، كما أنه سيدعو الحكومة فور الانتهاء من ملف الموازنة الى مناقشة وإعداد مشروع قانون انتخاب وإحالته الى المجلس النيابي»، كما نقلوا عنه تصميمه على مكافحة الفساد الذي ورد بخطاب القسم».
ونوّه العماد عون، بـ»العمل الذي تقوم به وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد»، مؤكداً أن «مسيرة الإصلاح انطلقت وهي لن تتوقف، لأنها تتجاوب مع رغبة جميع اللبنانيين التواقين الى وطن تسوده العدالة والمساواة».
بري: لا للتمديد والفراغ والستين
وفي غضون ذلك رفعت عين التينة لاءات ثلاث، لا للتمديد ولا للستين ولا للفراغ النيابي، ونقل النواب عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقاء الأربعاء أمس، رفضه «التمديد للمجلس الحالي، كما قانون الستين والفراغ». وأشار بري الى أن «المطلوب العمل من أجل إقرار قانون جديد بأسرع وقت قبل الدخول في المحظور بعد الدخول في نيسان المقبل». مجدداً القول «إن على الحكومة مناقشة وإقرار مثل هذا القانون وإحالته الى المجلس، مع الإشارة الى أن أولى مهامها هو هذا الموضوع».
ورأى بري «أن المصلحة الوطنية تقتضي الوصول الى قانون انتخاب يعتمد النسبية لأنه بمثل هذا القانون نتجاوز الطائفية ونحافظ على الطوائف»، وفي سياق آخر شدّد بري على إقرار الموازنة بعد كل هذه السنوات من غيابها، مؤكداً في الوقت نفسه على إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي هي حق لأصحابها، وأشار الى أن اجتماع اللجان النيابية المشتركة يندرج في إطار استكمال ما بدأه المجلس في درس السلسلة».
ونقل زوار رئيس المجلس عنه لـ«البناء» وجود إيجابيات على صعيد قانون الانتخاب قد تؤدي الى الاتفاق على قانون جديد، لكن لم يفصح عنها، كما شدّد على ضرورة أن تنجز الحكومة قانون انتخاب وترسله الى المجلس وبدوره سيحيله الى اللجان المشتركة لدراسته ثم الى الهيئة العامة لإقراره».
كما نقل الزوار رفض بري الشديد للفراغ في المجلس النيابي الذي يشكل مصدر السلطات وتأكيده اليوم ذلك هو حث الحكومة على إنجاز القانون الجديد، ونقل عن بري أيضاً تأكيده صحة ما نشر أمس في الصحف حول موافقة الرئيس الحريري على النسبية، لكنه نفى عرض الحريري صفقة النسبية مقابل استمراره في رئاسة الحكومة.
الموازنة الجمعة بلا السلسلة
وعلى صعيد آخر، استكمل مجلس الوزراء دراسة بنود مشروع الموازنة، في جلسة عادية عقدها أمس في السراي الحكومي بعد اكتمال النصاب المطلوب، برئاسة الرئيس الحريري.
ووصل المجلس الى البند 82 حول تقسيط الديون المترتبة على الدولة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولم يبتّ البند 83 بشأن المرامل والكسارات، حيث دار نقاش طويل بين الوزراء وطالب بعضهم بتشجير الكسارات حماية للبيئة، بينما توقعت مصادر وزارية لـ«البناء» أن تشهد الجلسة المقبلة نقاشاً صعباً وطويلاً حول بند الكسارات.
وفي حين قذفت الحكومة كرة السلسلة الى المجلس النيابي لغياب أي توافق نهائي حيالها في مجلس الوزراء، توقعت المصادر أن تقر الموازنة في جلسة الجمعة المقبل لكنها أوضحت أن «سلسلة الرتب والرواتب والإيرادات المتعلقة بها ستحيلها الحكومة الى المجلس النيابي لدراستها كي لا يحصل تضارب بين مجلسَي الوزراء والنواب». ولفتت المصادر الى أن الجلسة كانت منتجة وإيجابية وأقرت كامل بنود جدول الأعمال ولم تشهد اي سجالات أو خلافات بين الوزراء. ولفتت الى أن السياسة الضرائبية تتجه الى فرض ضرائب على أرباح المصارف والعقارات لتمويل العجز في الموازنة، بينما رفض وزراء رئيس الجمهورية وحزب الله وحركة أمل ووزراء آخرون فرض ضرائب جديدة تطال الشرائح الشعبية الفقيرة».
ولم يتطرق المجلس الى موضوع خصخصة قطاع الكهرباء الذي طرحه وزراء حزب القوات.
واعتبر وزير المال علي حسن خليل عبر تويتر: أن «ما أنجز اليوم يؤكد أن الموازنة تسير جدياً نحو الإقرار وأن لا ضرائب تطال الفقراء أو تؤدي الى مشكلات اقتصادية ومالية»، بينما أشار وزير الدفاع يعقوب الصراف أن «قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي باقٍ في موقعه حتى يعيّن مجلس الوزراء قائداً جديداً».
المصدر: صحف