تلقت السياحة التونسية دفعة جديدة إلى الأمام، وسط آمال باستعادة أسواق أوروبية بعد سنوات من الترنح بسبب الهجمات الإرهابية والاضطرابات الاجتماعية.
وتحتاج تونس إلى الحفاظ على وتيرة الاستقرار الأمني، الذي حققته تدريجيا منذ 2016، في أعقاب ثلاث هجمات دامية في 2015 خلفت 59 قتيلا من السياح و13 عنصرا أمنيا، بهدف استعادة صورتها كوجهة سياحية جاذبة وآمنة في حوض المتوسط.
وبدأت السياحة فيما يبدو بالتعافي تدريجيا من الأثر الكارثي لتلك الهجمات على القطاع الذي يشغل أكثر من 400 ألف عامل بشكل مباشر ويساهم بقسط مهم في توفير النقد الأجنبي.
فقد بدأت الإجراءات الأمنية تعطي أُكلها اليوم مع ارتفاع نسق الرحلات البحرية إلى تونس هذا العام، وعودة متوقعة لسياح الأسواق التقليدية من فرنسا وألمانيا بشكل خاص ودول أخرى من غرب أوروبا.
وقال رضوان بن صالح، الخبير في السياحة وعضو الجامعة التونسية للنزل (الفنادق) «المؤشرات جيدة حتى الآن وهي أفضل من 2016. وكالات الأسفار الألمانية لها برامج مع تونس هذا العام، وعلينا انتظار شهر مارس لتقييم الحجوزات». وأضاف «الأمر المهم أننا تجاوزنا التحذير السابق بأن تونس وجهة غير آمنة. هذا الانطباع لم يعد موجودا اليوم».
وعزز هذا التحول قرار الخارجية البلجيكية أمس الأول عن رفع جزئي لتحذير السفر لمواطنيها نحو تونس شمل الوجهات الواقعة على الساحل شرق البلاد.
وستبدأ شركة «توماس كوك» العالمية باستئناف أولى رحلاتها إلى تونس انطلاقا من بلجيكا في الثامن من أبريل/نيسان المقبل. كما أعلنت شركة «توي» الألمانية عن نيتها استئناف رحلاتها إلى تونس خلال موسم الصيف. وقالت آنيا براون، المسؤولة الاعلامية بشركة «توي» ان الشركة ستبدأ تسيير رحلات منظمة هذه الصيف إلى جزيرة جربة السياحية جنوب تونس، بمعدل رحلتين كل يوم سبت انطلاقا من مدينتي فرانكفورت ودوسلدورف.
وفي زيارة إلى تونس، قال فرانسيسكو فاغو، الرئيس التنفيذي لشركة «إم.إس.سي» للرحلات البحرية، عقب لقائه أمس الأول رئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزير السياحة سلمى اللومي الرقيق «الشركة لها تاريخ كبير مع تونس. نحن هنا للنظر في إمكانية العودة واستئناف هذه الشراكة في المستقبل والاستثمار في تونس». وأضاف «نريد العودة سريعا لنكون الشريك السياحي الأول لتونس».
وتوقفت الرحلات البحرية باتجاه تونس منذ الهجوم الإرهابي على متحف باردو في مارس/آذار 2015 وسقوط 21 سائحا أجنبيا جاؤوا في رحلة بحرية.
ولم تستأنف الرحلات إلا في أكتوبر/تشرين الأول في رحلة واحدة فقط في عام 2016 ،الذي شهد انحسارا ملحوظا للعمليات الإرهابية، واستقرارا أمنيا مع تشديد السلطات لإجراءاتها الأمنية في المطارات والموانئ والحدود والمدن الكبرى وحول معاقل الجماعات المسلحة في المرتفعات.
واستقبل ميناء حلق الوادي في العاصمة العام الجاري ثلاث رحلات بحرية حتى الآن، ويتوقع استئنافها بنسق عادي في الربيع.
وفي العادة يشكل سياح الرحلات البحرية نحو 20 في المئة من حجم الزائرين الأجانب لتونس على امتداد العام، والبالغ عددهم أكثر من ستة ملايين سائح، قبل أن يشهد حالة من الكساد في أعقاب هجمات 2015.
وألقت تلك الهجمات بظلالها على السياحة التقليدية، مع تقلص الوافدين من الأسواق الأوروبية الغربية بشكل حاد بسبب تحذيرات السفر إلى تونس، وفي مقدمتها بريطانيا.
وطالبت وزارة الخارجية التونسية، في وقت سابق، بريطانيا برفع تحذير السفر لرعاياها منذ هجوم فندق «إمبريال» في سوسة في يونيو/حزيران 2015 والذي خلف 38 قتيلا أغلبهم بريطانيون.
وقال وزير الخارجية خميس الجهيناوي «بريطانيا تدرك جيدا الجهود التي تبذلها تونس لحفظ أمن زوارها وتأمين المواقع والمسالك السياحية ونقاط العبور».
وأنقذت الأسواق الروسية في آخر لحظة الموسم السياحي العام الماضي، بتوافد أكثر من 600 ألف سائح روسي على أبرز المنتجعات السياحية، في وقت لم يكن يتخطى فيه العدد القادم من هذه السوق سنويا 50 ألفا في أحسن الأحوال.
وليس واضحا بعد ما إذا كانت وكالات الأسفار الروسية ستحافظ للعام الثاني على التوالي على النسق ذاته لحجم التدفق الاستثنائي، على الرغم من التطمينات التي قدمتها الوزير اللومي في وقت سابق.
ولا تزال حالة الطوارئ سارية في البلاد منذ التفجير الارهابي في 24 نوفمبر/تشرين ثاني2015، والذي خلف 12 قتيلا من الأمن الرئاسي. وتم التمديد فيها آخر مرة في 16 من الشهر الجاري لمدة ثلاثة أشهر. وقال وزير الدفاع فرحات الحرشاني ان خطر الإرهاب يظل قائما طالما أن الأوضاع ليست مستقرة في الجارة ليبيا في ظل غياب مؤسسات الدولة على الأرض.
وتجري تونس والجزائر ومصر وساطات للتوصل إلى حل سياسي شامل بين الفرقاء الليبيين.
المصدر: د ب أ