تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 25-2-2017 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها ملف قانون الانتخاب وعدم حصول اي تقدم في هذا المجال، ما يثير المخاوف من السير باتجاه أزمة سياسية في لبنان.
النهار:
أزمة قانون أم تسوية مترنّحة؟
تحت هذا العنوان كتبت صحيفة “النهار” اللبنانية “ينقضي الاسبوع الجاري وسط اتساع الغموض الذي يغلف أزمة قانون الانتخاب وعلى خلفية سقوط مهلة دعوة الهيئات الناخبة في 21 شباط بامتناع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن توقيع المرسوم الخاص بتوجيه الدعوة. والواقع أن الجمود الذي يسود المشهد السياسي في شأن هذه الازمة أثار مزيداً من الريبة والشكوك حيال الامكانات المتاحة واقعيا لكسره في وقت قريب في حين لا تظهر أي ملامح جدية في أفق التحركات والمشاورات السياسية للخروج بحل توافقي من شأنه ان يحول دون نشوء تداعيات سلبية اضافية على مجمل الوضع الداخلي. حتى ان الايام الاخيرة التي تلت سقوط مهلة توجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة شهدت تداولا مكتوما لاحتمالات لن تكون لمصلحة العهد والحكومة في حال استمرار الانسداد على حاله وعدم بروز مبادرات في أسرع وقت تخرج البلاد من هذه الازمة. وهي احتمالات ترقى الى مستوى تهديد العلاقات بين أركان الحكم أنفسهم بالاضافة الى ما ترتبه التباينات الحادة بين القوى السياسية حول ملف قانون الانتخاب والمشاريع المختلفة المطروحة في صدده من تعقيدات لا يبدو ان كل المرحلة السابقة التي شهدت طرح مشاريع تجريبية قد أدت الى تقارب جدي أو أحداث اختراق حقيقي في شأنها.
وتذهب أوساط معنية بهذه الازمة الى حدود التخوف الفعلي من ان تكون التسوية السياسية التي بدأت مع انتخاب الرئيس عون وتشكيل الحكومة على كف الاهتزاز والتراجع في ظل الاستسلام الحاصل بغرابة شديدة لحالة انتظارية عقيمة من دون أي مبادرات أو محاولات جادة لتجاوز ما أفضت اليه المراوحة الحاصلة في هذا الاستحقاق. وتقول هذه الاوساط لـ”النهار” إن كل ما أثير في الاسبوع الجاري من جدل حول موضوع المهل القانونية وخطورة التساهل حيالها لم يقترن على الأقل بأي محاولات جدية لاعادة الملف المأزوم الى كنف المؤسسات وفي مقدمها مجلس الوزراء ومجلس النواب. واذا كانت الكرة عملياً الآن في مرمى الحكومة باعتبار انها تعهدت اقرار قانون انتخاب جديد فيما هي تضم معظم القوى الاساسية في البلاد، فان المضي في اضاعة الوقت من دون وضع مجلس الوزراء يده على الازمة بات يثير الكثير من الغرابة ولا تنفع معه الذرائع من مثل الانتهاء أولاً من درس مشروع الموازنة واقراره لان مأزق قانون الانتخاب سابق أولاً للموازنة، كما ان الجميع يدركون ضمناً ان السبب الحقيقي في هذا الانكفاء الحكومي لا يعود الى أولوية الموازنة بل الى تصاعد ازمة التباينات بين مكونات الحكم والحكومة حول قانون الانتخاب بالذات. وتضيف الاوساط ان الفترة الاخيرة لم تشهد نشوء أي تطور مشجع على التوصل الى تفاهمات عريضة حول معضلة المعادلة الانتخابية بين النظامين الاكثري والنسبي على رغم كل ما قيل عن اعتماد المشروع المختلط حلاً وسطياً للتوصل الى تفاهم سياسي واسع حوله. اذ ان الفريق الذي يطالب بالنسبية الكاملة مثل “حزب الله” بات متشدداً أكثر من أي وقت سابق بهذا الشرط فيما الافرقاء المتحفظون عن النسبية الكاملة باتوا اكثر توجسا وعادوا الى التمسك بالصيغ المختلطة التي تلحظ ارجحية للنظام الاكثري. وتشير الاوساط المعنية نفسها الى واقع لا يوحي بالكثير من الآمال ويتمثل في انقطاع الحوار حتى بين المراجع الرسمية حول آفاق معالجة الازمة التي تترك في شكل لم يعد مقبولا للقنوات السياسية الثنائية والثلاثية والرباعية التي أثبتت عدم جدواها وعقمها في التوصل الى حل تسووي مقبول من الاكثرية السياسية على الاقل.
قرار المجلس الدستوري
وسط هذه الاجواء الملبدة ثمة من لا يزال يراهن على ان العهد والحكومة لن يقبلا بانقلاب الامور رأسا على عقب الى حدود تهديد الاستحقاق الانتخابي والوصول الى نهاية ولاية مجلس النواب في حزيران من دون قانون جديد. لكن هذا الرهان لا يخفف تداعيات تجاوز المهل القانونية وتنامي خطر التمديد القسري للمجلس أيا تكن طبيعة التمديد في حال حصوله أو الوقوع في المحظور الاكبر الذي يشكله فراغ المجلس. ولعل أفضل تعبير عن هذا الخطر جاء أمس في بيان لـ”الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات “التي ذكرت بما نصت عليه الفقرة الحكمية لقرار المجلس الدستوري في شأن الطعن في قانون التمديد للمجلس عام 2004 والذي تقدم به آنذاك نواب “التيار الوطني الحر” اذ اعتبر المجلس الدستوري ان “ربط اجراء الانتخابات النيابية بالاتفاق على قانون جديد أو بأي اعتبار آخر عمل مخالف للدستور”. كما ان الرئيس نجيب ميقاتي استغرب “تراجع النقاش في اقرار قانون جديد للانتخاب كأن هناك من يريد ابقاء الغموض سيد الموقف أو ايصالنا الى انتخابات وفق قانون الستين النافذ أو فرض تأجيل جديد للانتخابات بحجج واعذار مختلفة أو ادخال البلاد في متاهات وسجالات دستورية لا تحمد عقباها”.
وعلم ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي استوضح الرئيس عون آفاق معالجة مأزق قانون الانتخاب في زيارته أمس لقصر بعبدا حيث حرص على الاشادة بجولات رئيس الجمهورية الخارجية قائلاً إنه “يعمد الى اعادة لبنان شيئاً فشيئاً الى مكانه داخل الاسرة العربية والدولية”. وأكد البطريرك “الحاجة الكبيرة بعد انتخابات الرئاسة وتشكيل الحكومة الى مجلس نيابي يجدد وجوه اعضائه والى قانون انتخاب يضمن للمواطن قيمة صوته فلا يفرض النواب عليه”.
الجمهورية:
المشهد الإنتخابي مضغوط بـ«الفشل»… والقانــون ينتظر خطوات بعبدا
بدورها، كتبت صحيفة “الجمهورية” اللبنانية “لا إرادة سياسية جدّية للوصول الى قانون انتخابي جديد، وهو ما أفرزته النقاشات التي دارت على مدى الأسابيع الماضية وانتهت الى لا نتيجة. وبالتالي، الى مراكمة السلبيات والتعقيدات والهواجس على الطريق، بما يُبقي الأفق الانتخابي مقفلاً الى أجل غير مسمّى.
امام هذا المشهد السلبي المضغوط سياسياً والثابت على تناقضات عميقة بين القوى السياسية وافتراق حاد في النظرة الى القانون الانتخابي شكلاً ومضموناً، تضيق الى الحدود الدنيا مساحة الامل في إمكان وضع قانون جديد في المدى المنظور.
حتى انّ الرهان على استفاقة سياسية مفاجئة تزرع الأمل في مساحة مشتركة بين القوى المختلطة وتبشّر بالولادة الميمونة وتنتشل الجنين الانتخابي من رحم الخلافات التي تستعصي على الحلّ يوماً بعد يوم يبقى في هذه الاجواء رهاناً خاسراً سلفاً.
ما الذي حصل؟
4 عناوين:
عملياً إنتهت مرحلة، ودخل البلد في مرحلة جديدة، فإذا ما استعرضنا وقائع مرحلة نقاشات الاسابيع الاخيرة حول القانون الانتخابي، يتبيّن أنّ عجلتها توقفت عند نقطة الفشل، هذه المرحلة حكمتها أربعة عناوين كبرى على مائدة البحث:
• العنوان الأول، هو قانون الستين. فإذا ما استندنا الى المواقف «الظاهرية» لفرقاء النقاش الانتخابي من هذا القانون، يتبيّن انّ هذا العنوان هو الوحيد الذي اقتربوا فيه الى نقطة التوافق حوله، واعتبار قانون الستين صفحة وطويت نهائياً، وإن كانت بواطِن البعض منهم تَشي بغير ذلك.
• العنوان الثاني، هو النسبية الكاملة التي استحال القبول بها، بما فيها صيغة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي هي أدنى أشكال النسبية.
وكان واضحاً الرفض القاطع لتيار «المستقبل» والنائب وليد جنبلاط لهذه النسبية، فيما لجأ جنبلاط الى طرح فكرة أخيرة وضعها في يد رئيس مجلس النواب نبيه بري تقول بموافقته على أيّ شكل من أشكال القانون الانتخابي، وخصوصاً المختلط بين الأكثري والنسبي مع تعديل يدمج الشوف وعاليه دائرة انتخابية بمقاعدهما الـ13، على ان ينتخب 7 نواب على اساس النظام الاكثري و6 نواب على اساس النظام النسبي.
وحتى الآن لا يبدو انّ طرح جنبلاط قد لقي قبولاً من مختلف الاطراف، علماً انّ هذا الطرح الذي يراعي الخصوصية الجنبلاطية، أشاع في زوايا سياسية معينة مقولة اذا كانت ستتم مراعاة خصوصية لطرف سياسي معيّن، فالحَريّ أن تراعى خصوصية أطراف سياسية أخرى.
• العنوان الثالث، هو القانون التأهيلي على مرحلتين، مرحلة أولى على مستوى القضاء أكثرياً، ومرحلة ثانية على مستوى دوائر وسطى وما فوق الوسطى نسبياً. ولقد أخذ هذا العنوان جدلاً ونقاشاً كبيرين، وخصوصاً حول حجم الدائرة الانتخابية وكذلك حول نسَب التأهيل التي تبايَنت أرقامها بين من يريد 10% نسبة للتأهيل، وبين من أراد هذه النسبة اكثر من ذلك وصولاً الى 15% و20%. وفي النهاية فشلت هذه الصيغة.
• العنوان الرابع هو المختلط، الذي سقطت صِيَغُه على التوالي بدءاً بالمشروع الذي قدّمه بري (64-64) الذي سقط «قوّاتياً» و«حريرياً»، ثم المختلط الثلاثي بين «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي، الذي سقط برفض «حزب الله» و«أمل»، ثم «مختلط باسيل»، أي الصيغة التي قدّمها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في الاجتماع الاخير للجنة الرباعية ويضع عتبة تصنيف 65%.
ويقال انّ هذا المختلط كان واحداً من الاسباب التي أدّت الى نَعي اللجنة وتوقفها عن الاجتماعات. وقد سقط «مختلط باسيل» برفض «حزب الله» و«أمل» وجنبلاط، لأنّ المعترضين عليه وجدوا فيه خللاً تقنياً لناحية تقسيم الدوائر، وكذلك لأنّ خللاً سياسياً يَعتريه، خصوصاً لناحية تذويب مناطق معينة بأطرافها وقواها السياسية، وكذلك لناحية انه يضخّم أحجام بعض القوى المسيحية على حساب كل المسيحيين الآخرين.
النتيجة… لا نتيجة
هنا، تعطّلت لغة الكلام الانتخابي، إنتهت اللجنة، وظلّ التشاور الشكلي قائماً، تارة يأخذ الطابع الثنائي وتارة أخرى يأخذ الطابع الثلاثي. وكانت اللغة مجرد كلام مكرر بصيغ وأفكار مكررة والنتيجة… لا نتيجة. هذا التشاور بما انتهى إليه، إضافة الى ما سبقه من نقاشات، يؤكد انّ الفشل كان عنوان المرحلة الماضية. وسقطت كل الطروحات الانتخابية بالضربة القاضية وانتهت الى غير رجعة.
خطوة رئيس الجمهورية
الّا انّ التطورات التي تسارعت في الفترة الاخيرة، والتي أحاطت تحديداً بإعداد وزير الداخلية نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وامتناع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن توقيع المرسوم، فرضت على الاطراف السياسية على اختلافها الدخول في حال تَريّث وتَرقّب وانتظار ما هو آت، خصوصاً أنّ الاجواء السائدة على الخط الانتخابي تؤشّر الى انّ البلد على ابواب مرحلة جديدة من البحث الانتخابي. وخصوصاً انّ مراكز الأرصاد السياسية بدأت ترصد «القصرين»:
– الأول، «بيت الوسط»، الذي سجّل في الايام القليلة الماضية دخولاً مُستجداً لرئيس الحكومة سعد الحريري على الخط الانتخابي، ومحاولته إعادة إحياء النقاش حول القانون المختلط، وهو طرح ذلك بشكل مباشر مع وزير المال علي حسن خليل وباسيل، وكذلك طرحه مع «القوات اللبنانية» عبر الوزير غطاس خوري الذي التقى مسؤولين في «القوات» لهذه الغاية.
ولكن حتى الآن لم تتلق القوى السياسية أيّ طرح مختلط جديد، تبعاً للطرح الاخير للحريري، علماً انّ تيار «المستقبل» لم يعلن انه تخلّى عن «المختلط الثلاثي» مع «القوات» و«الاشتراكي»، والذي يرى المعترضون عليه وتحديداً «حزب الله» و«أمل» أنه لا يصلح كحلّ، ولا كأساس للنقاش نظراً للاختلالات العميقة التي تعتريه.
– الثاني، القصر الجمهوري، في ظل الإصرار الشديد الذي يبديه رئيس الجمهورية على إيجاد قانون انتخابي جديد، وما تجميد الرئيس عون لمرسوم دعوة الهيئات الناخبة سوى إيذان بنزوله الى الميدان شخصياً بخطوات بدأها مع الامتناع عن التوقيع، وسيستكملها خلال فترة أقلّ من شهر ولا تزيد عن بداية الربيع المقبل.
وفي ظلّ الصمت الرئاسي حول ماهية الخطوة التي سيقدم عليها رئيس الجمهورية، توالت التخمينات السياسية، ومنها:
أولاً، هل سيُعاد إحياء اللجنة الرباعية؟ هنا تقول مصادر عاملة على الخط الانتخابي لـ«الجمهورية»: «إذا كان الاتجاه الى هذا الإحياء فمعنى ذلك عودة الى الفشل من جديد، فاللجنة جُرّبت وفشلت».
ثانياً، هل سيبادر رئيس الجمهورية الى الطلب من الحكومة بعقد جلسات متتالية لمجلس الوزراء بعد الانتهاء من درس الموازنة الذي يفترض ان يتمّ قريباً، وذلك لوضع الأسس للقانون الانتخابي العتيد إنفاذاً لخطاب القسم وللبيان الوزاري للحكومة، على ان تقترن تلك الجلسات بعمل حثيث للخبراء في المجال الانتخابي يَرفد مجلس الوزراء بالافكار والصيَغ الملائمة؟
ثالثاً، هل سيوجّه رئيس الجمهورية رسالة الى مجلس النواب يطلب فيها التصدي للملف الانتخابي؟ هنا تقول المصادر إنّ هذا الامر، اذا حصل، قد يبدو محاولة إلقاء المسؤولية على مجلس النواب، الذي سبق أن أكّد رئيسه بأنّ مسؤولية إعداد القانون الانتخابي تقع على الحكومة جمعاء.
رابعاً، هل سيبادر رئيس الجمهورية الى الدعوة لعقد طاولة حوار انتخابي، تجتمع حولها القوى السياسية، على أن تكون اجتماعاتها مفتوحة الى حين التوصّل الى قانون انتخابي جديد؟ تقول المصادر انّ هذه الخطوة قد تكون الأقرب الى الواقع.
وبالتوازي مع رصد القصرين، توقعت مصادر عاملة على خط الانتخابات انطلاق نقاش إنتخابي قريب، من دون ان تحدد مستواه او مكانه، لمحاولة إحياء شكل من اشكال المختلط. وكشفت لـ«الجمهورية» انّ أحد الخيارات المرشحة للطرح على الطاولة مجدداً هو «مختلط باسيل»، ولكن بعد ان يخضع لتعديلات جذريّة تعالج الإختلالات التقنيّة والسياسيّة التي تعتريه.
الّا انّ المشكلة تكمن في انّ إمكانية التفاؤل معدومة ربطاً بفشل النقاشات حتى الآن، علماً انّ الشيطان ما زال كامناً في التفاصيل وفي المعايير التي يفترض ان تنطبق على الجميع، كذلك انّ بعض العقد القائمة تحتاج الى ضمانات في القانون الانتخابي نفسه وبالتوازي مع تفاهمات وضمانات سياسية.
وكان لافتاً للانتباه ما قاله وزير بارز لـ«الجمهورية»: «انّ طبخة الانتخابات لم تنضج وقد لا تنضج قريباً، إنما ما أنا أكيد منه هو ان لا انتخابات نيابية قبل أيلول المقبل»، علماً انّ ولاية المجلس النيابي تنتهي في 20 حزيران المقبل. ولم يحدد الوزير المذكور كيفية إدارة مرحلة ما بعد انتهاء الولاية من دون انتخابات، فهل بالتمديد؟
الراعي في بعبدا
سياسياً، شكّلت زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى قصر بعبدا ولقاؤه الرئيس عون مناسبة لمناقشة المواضيع المطروحة أبرزها قانون الإنتخاب، حيث أكّد الراعي دعمه مسيرة رئيس الجمهورية في بناء الوطن، داعياً الى «قانون انتخابي يضمَن للمواطن قيمة صوته، فلا يُفرض النواب عليه، وتتمكّن من جهة ثانية كلّ المكونات اللبنانية أن تتمثّل وفق مسار الأمور، في البرلمان». واعتبر أنّ تقنيات القانون «تعود الى مجلس النواب».
ووصفت مصادر بكركي اللقاء مع عون بالممتاز، وقالت لـ«الجمهورية»: «هناك توافق تام بين عون والراعي على أهمّ العناوين الأساسية المطروحة، ومن ضمنها قانون الإنتخاب»، لافتة الى أنّ «دعم الراعي لرئيس الجمهورية من أجل الوصول الى قانون انتخاب عادل يؤمّن صحة التمثيل واضح ومستمرّ، نظراً لِما يشكّل هذا الملف من أهمية وطنية ومسيحية، كما دعمه في كل الملفات الوطنية المطروحة على الساحة».
محادثات جنيف
وفي محاولة جديدة لإيجاد حلٍّ للنزاع السوري الدامي، بدأت أمس في جنيف المحادثات الفعلية برعاية الامم المتحدة عبر لقاءات يجريها الموفد الدولي الخاص ستيفان دو ميستورا مع كل من وفود الحكومة والمعارضة السوريتين بشكل منفصل. وتناولت اللقاءات التي عقدها تحديد شكل المفاوضات، وما اذا كانت ستعقد اجتماعات وجهاً لوجه بشكل مباشر.
وفي هذا السياق، أعلن رئيس وفد الحكومة السورية إلى المفاوضات، بشار الجعفري، أنه استلم «ورقة» من دو ميستورا، في نهاية المحادثات بينهما. وقال بعد مناقشات استغرقت نحو ساعتين: «تطرّقنا إلى شكل الاجتماعات المقبلة، وأعني بذلك مسائل تتعلّق بشكل الجلسة فقط».
من جانبه، أعلن رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات نصر الحريري إلى مفاوضات جنيف، أنّه أجرى محادثات ثنائية بنّاءة مع دو ميستورا، مشيراً إلى أنّه تسلّم أيضاً من المبعوث الأممي ورقة تخّص الجانب الإجرائي لمفاوضات جنيف. وجاء هذا اللقاء وسط استمرار خلافات بين الأطياف المختلفة من المعارضة السورية التي لم تتمكن حتى الآن من تشكيل وفد موحّد للتفاوض”.
الاخبار:
جوزف سماحة: سيرة صاخبة تحت راية الكادحين والعروبة وفلسطين
من جهتها، كتبت صحيفة “الاخبار” اللبنانية “يقال إن الانسان لا يختفي بموته، بل يموت حقّاً حين يرحل آخر الذين عرفوه وأحبّوه، فلا يبقى من يستحضره ويتذكّره. جوزف سماحه (1949 ـــ 25 شباط 2007) بمنأى عن هذا «الموت»، هو الذي أسس، مع إبراهيم الأمين، جريدة «الأخبار»، في انطلاقتها الثانية كجريدة يوميّة العام 2006. جوزف مُلهم هذه المغامرة المستعصية على التصنيف التي ما زلنا نخوضها بالحماسة نفسها، والمثاليّة نفسها، بعد عقد على رحيله. أصدقاؤه كثر من كل الجهات والأوساط في لبنان والعالم العربي والعالم. وهو اليوم حاضر في وجدان الكثيرين ووعيهم وذاكرتهم. هناك أبناء جيله الذين عرفوه وساجلوه وتشاركوا تجاربه وعملوا أو ناضلوا إلى جانبه، بين بيروت وباريس ولندن، هؤلاء الذين رافقوا صعوده وتألّقه، وشهدوا على حضوره الفكري، وتابعوا كتاباته ونضالاته وإنجازاته المهنيّة والسياسيّة. وهناك كل الذين أتوا بعده وتأثّروا به، وتتلمذوا على يده، بشكل مباشر أو غير مباشر… لكن الزمن ماكر، علينا أن نحترس منه. خلال هذا العقد الشائك، برز جيل هو ابن مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكيّة والثقافة البراغماتيّة. جيل تبدو له فلسطين فكرة جميلة مجرّدة، وأحياناً «مضجرة ومملّة آن تجاوزها». كثيرون من هذا الجيل يؤمنون بأن الخلاص يكون فرديّاً أو لا يكون. أو يبحثون عن طريق التغيير في مجاهل «الجمعيّات» و«المنظمات» التي تستقطبهم بـ «تدريباتها»، واغراءاتها الماديّة، و«مبادئها» السهلة الاستهلاك كوجبات الـ «فاست فود».
هؤلاء لم يعرفوا جوزف سماحة ولم يعايشوه، وربّما لم يسمعوا حتّى به. أو لعلّ بينهم من سمع بالإسم ويظنّه من أعلام نهضة بعيدة… وهناك شبان وشابات في العشرين، العمر الذي بدأ فيه جوزف حياته السياسيّة والصحافيّة، يعرفون بعض الأشياء: «آه طبعاً، أبي وأمّي يتذكرانه أحياناً». «كان صحافيّاً محترماً أيّام اليسار والعروبة، أليس كذلك؟». إفهم: قبل الطوفان! «لم يكن والدي يفوّت مقالة من مقالاته». هكذا يخشى على صديقنا من الإمحاء خلف هالة مضيئة تفرض الإعجاب الغامض، والاحترام المجرّد. يخشى أن يأتي يوم نعبر قرب الصرح فلا نراه، ونواصل طريقنا بلامبالاة في وحول الانحطاط الفكري والثقافي والسياسي والاعلامي.
يطرح السؤال نفسه: كيف تقدّم إلى هؤلاء الشباب «الرفيق جوزف سماحة» الذي نحتفي اليوم بذكرى رحيله العاشرة؟ كيف تحكي لهم الحكاية؟ حكاية رجل استثنائي، كان ليكون بطلهم وملهمهم في زمن آخر… هل تبدأ من طبخة البحص التي كانت الأرملة الشابة الفاتنة، الناصريّة الهوى، تلهي بها ولديها كي يناما؟ تلك الأم «كوراج» التي سيخيّم طيفها بقوّة على حياة جوزف. هل تبدأ من مدرسة الفرير التي لم يكن بمقدور الولد الشقي أن يدفع أقساطها، رغم عمل أخيه الأكبر «حمّالاً» في البور كي يعلّمه؟ في تلك البؤرة الفرنكوفونيّة التي بقي على صدام فكري ووجودي معها إلى النهاية، تكوّن وعي جوزف سماحة الأوّل. «وعيه الطبقي» يجب أن نحدّد، مع أن هذه المصطلحات لا تحصل على «لايكات» كثيرة…
إنّها حكاية شاب فقير، سيبقى طوال حياته وفياً لطبقة الكادحين التي انتمى إليها، وكان يمكن أن ينشأ نشأة بورجوازيّة لولا رحيل والده المبكّر. حكاية مثقف عضوي بنى حياته على مقاومة الظلم والاستغلال، ونذر قلمه للدفاع عن العدالة. كما بقيت بوصلته فلسطين، على أساسها يختار الحلفاء والخنادق والمعارك والأولويّات الوطنيّة والسياسيّة. صدمة حزيران/ يونيو 67 صنعت وعيه، وحبّه للسياسة أخذه إلى دراسة الفلسفة. المراهق الذي ترعرع في حي الأشرفيّة، سيكبر بسرعة في السبعينيات المجيدة لبيروت. أستاذه ياسين الحافظ سيترك بصمات حاسمة على وعيه. وسرعان ما سيكتشف الماركسيّة ويلتحق بـ «منظمة العمل الشيوعي» في العام 1972، ويبدأ تجربة صحافيّة أولى في مجلّة «الحريّة»، قادته بعد عامين إلى «السفير» لدى تأسيسها. عشيّة الحرب الأهليّة وجد نفسه معتقلاً مع أخيه وليد لدى مقاتلي الكتائب الذين كانت أمّه تدلق عليهم الماء من بلكونها. كان سماحة الشاب الممتشق والرياضي الذي يعشق الكرة الطائرة، قد أصبح «عدوّاً خطيراً للوطن»، يقيم في بيته اجتماعات مشبوهة، وينشر في المنطقة أوبئة اليسار والعروبة، ويهتف باسم عبد الناصر وفلسطين. على جدران الرميل والجعيتاوي كان يمكن أن تقرأ آنذاك: «لقّحوا أطفالكم ضد الشيوعيّة»!
للأسف لا بد من الاختزال، وتجاوز العائلة الصغيرة: سهيلة وولديهما أمية وزياد، والقفز فوق الذكريات: بينو قرية أمّه في عكار، وأصدقاء المراهقة، والأحلام الأولى. المرجعيّات السياسيّة الأولى أيضاً، تلك التي سرعان ما انتقلت من المحلّي إلى الأممي، لكنّها بقيت من الثوابت التي حددت خياراته ومساره الفريد.
ينبغي أن نقول هنا إن حياة جوزف ستكون مجبولة بالسياسة. لا يحقق وجوده إلا عبرها، ولا يطيب له عيش إلا من خلال مسائلها وقضاياها وصراعاتها الكبرى. لم يكن جسده هو الذي يؤلمه، بل الحقوق القومية المهدورة، حتّى خانه القلب تلك الليلة في وحشة لندن من دون أن يلاحظ. لم تكن احلامه فرديّة، بل مقترنة بنضالات «الشعب المسكين» من أجل العدالة. لم تصبح اللغة الفرنسيّة المفروضة عليه في ملعب مدرسة «الفرير»، أداة تواصله، رغم تمكنه منها وثقافته الواسعة، بل حفر مشروعه في صميم اللغة العربيّة التي انحاز لها ثقافيّاً وسياسيّاً ووجوديّاً. لاحقاً، في لحظات النشوة والفرح سيتحصّن خلف الطرب والموسيقى الأصيلة ليداوي كل الحزن العالق في أعماقه. يُجمع كل من عرف جوزف وعاشره عن قرب، على أن هناك أمرين فقط كان بوسعهما انتزاع الرجل الطويل، القليل الكلام، من كآبته المزمنة وصمته وانطوائه وإطراقه. سهرات الأنس والطرب والشرب… والكلام في السياسة! حديث السياسة كان هو نفسه، من السهرات الليليّة والصالونات والمقاهي، إلى الحلقات الحزبيّة مروراً باجتماعات التحرير في محتلف الصحف والمجلات التي عمل فيها، أو تولّى قيادتها.
بعد عودته النهائيّة من لندن في العام 2000، رجع جوزف للسكن في الحيّ الذي هرب منه شاباً. كانت الحرب الأهليّة بصيغتها القديمة قد انتهت، ومهّد الطائف للحريريّة الاقتصاديّة التي وقف سماحة ضدّها وساجلها، محتفظاً بعلاقة احترام متبادلة مع رفيق الحريري. ذات يوم صعد جوزف شارع مونو باتجاه عبد الوهاب الانكليزي، حام حول بيت طفولته الذي باعه أخوه لاحقاً لمحتلّيه، في عزّ الحرب، تحت وطأة الحاجة، بـ… 75 ألف ليرة! دق باب الطابق الأرضي. جاره القديم الذي كان لا يزال مقيماً هنا، استقبله بحرارة. كان يحتفظ له بمجموعة من اللوحات، غلّفها بعناية بورق الجرائد التي تعود للسبعينيات، كما ليخفي محتواها «الآثم» عن رجال الميليشيا. كان بينها لوحة تمثّل القدس، وأخرى بريشة غسان كنفاني، إلى جانب أعمال أخرى علّقها في شقّته الجديدة شارع فيكتور هوغو فعاشت حياة جديدة. اليوم في مكان البيت البيروتي القديم ذي القرميد الأحمر، انتصب برج عملاق من الشقق العصريّة الفخمة. يا لسخرية القدر! لقد مرّ مسخ الإعمار فوق ذكريات جوزف، في هذه المدينة التي لم تعد لأهلها، ولن يبقى لأبناء الطبقات الدنيا والوسطى فيها أين يسندون رأسهم.
عشيّة الحرب، تركت العائلة بيتها والتجأت الى بيروت «الغربيّة». في المدينة الأمميّة التي كانت عاصمة لحركات التحرر، تكرّست مسيرة جوزف سماحة منتصف السبعينيات، بعد الخروج من «الغيتو الانعزالي». هذا المصطلح لعلّه أحد مخترعيه ومكرّسيه، لحصر ظاهرة القوى اليمينية المسيحية التي استقالت من التاريخ، وتقوقعت على نفسها، وباعت روحها للشيطان، متوهّمة أنها سوف تحمي وجودها بهذه الطريقة. الكلام هنا أيضاً قد يبدو لبعضهم «قديماً»، في زمن لم نعد نفرّق فيه بين الانعزالي والتقدّمي. قد تكون الكلمات فٌرّغت من نسغها، لكن حقيقة الصراع لم تتغيّر: ضدّ الاستعمار بأشكاله الجديدة، وضدّ الاحتلال، وضد الطغم السياسيّة والماليّة المهيمنة التي ازدادت وحشيّة وتواصل قضم مساحات الوطن وثرواته. يكفي أن نتابع اليوم، لحظة كتابة هذه السطور، نقاشات الحكومة اللبنانيّة حول الموازنة والضرائب، ومناورات المصارف وأرباب العمل لإلقاء الأعباء كلّها على كاهل شعب تائه، يتخبّط بين الخنادق الفئوية الضيّقة. في هذه الدوامة يحلو للمرء أن يستنجد بجوزف سماحة، بمواقفه وأفكاره وكتاباته. في قلب الكابوس العربي أيضاً والدوامة التي تلفّ المنطقة، نستنجد أيضاً بجوزف كل صباح، لنتلمّس طريقنا داخل صراع مصيري معقّد، يحاول الخطاب المهيمن اختزاله وتزويره.
في بيروت «الغربيّة» في قلب الحرب، حين بدأ نجمه يصعد (كم كان الآن ليستهجن هذه العبارة)، بدا الصراع أكثر وضوحاً بالنسبة إلى جوزف ورفاقه. والقضيّة العربيّة تتقاطع مع مشاريع العدالة والعلمنة والحريّة. كان ذلك أيّام «الحركة الوطنيّة» و«المقاومة الفلسطينيّة»، كمال جنبلاط وياسر عرفات والآخرين. في العام 1977 دخل إلى اللجنة المركزية لـ «منظمة العمل الشيوعي»، ثم صار مسؤول الإعلام المركزي للمنظمة. وكان اسم جوزف سماحة قد ترسّخ في «السفير» حين غادرها عام 1978 ليصبح، في السابعة والعشرين، رئيس تحرير جريدة «الوطن» الناطقة باسم «الحركة الوطنية اللبنانية» التي وصل توزيعها حينذاك إلى عشرات آلاف النسخ. في العام 1980 عاد مجدداً إلى «السفير». كان دائماً يتركها ويعود إليها، إلى أن جاءت «الأخبار» لتكون نقطة اللارجوع… في «السفير» عاش السنوات الحاسمة، مع طلال سلمان ورفاق أساسيين تفاوتت مصائرهم، بينهم ناجي العلي. الاجتياح الاسرائيلي الثاني للبنان العام 1982، وحصار بيروت، ودخول الصهاينة إليها ثم هروبهم منها، ثم خروج المقاومة الفلسطينيّة، واغتيال بشير الجميّل، ومجازر صبرا وشاتيلا، وولادة المقاومة الوطنيّة، وصولاً إلى «انتفاضة 6 شباط 1984»… هنا حان موعد قطيعة جديدة مع «السفير». حزم حقائبه ميمماً شطر باريس التي سبق أن أمضى فيها فترة دراسيّة.
في باريس كانت ولادته الثانية، فكريّاً ومهنيّاً. تلك أيّام مجلّة «اليوم السابع» التي أسسها مع بلال الحسن وخاضت مع مجموعة من الصحافيين والصحافيّات العرب، مغرباً ومشرقاً، تجربة رائدة في الصحافة العربيّة، السياسيّة والثقافيّة، تحت راية القضيّة الفلسطينيّة. فيها كتب إميل حبيبي بعض أجمل نصوصه الأخيرة. وفيها نشرت مراسلات محمود درويش وسميح القاسم، وحوار المشرق والمغرب بين محمد عابد الجابري وحسن حنفي. وفيها كتب سماحة زاويته الشهيرة «بلا ضفاف». عاش باريس حتّى الثمالة. كانت مرحلة اعادات النظر، وبلورة نظريّاته السياسيّة، والاحتكاك المباشر مع الغرب، بحياته الفكريّة والسياسيّة وتجاربه الاعلاميّة المختلفة في مرحلة تحوّلات مهنيّة وسياسيّة. كانت مرحلة إلتهام الكتب، والتعمّق في اعادة فهم العالم العربي، ومراجعة تاريخ صراعات العالم الثالث ضد الاستعمار، ومساجلة العولمة، والتعمق في دراسة الحركات الاسلاميّة، ورصد ارتداد بعض النخب اليساريّة في فرنسا وأوروبا، في عهد ميتران، وعودتهم إلى حضن الليبراليّة والتخلي عن الوعي العالمثالثي والتعاطف مع إسرائيل. إنّها السنوات التي سبقت «أوسلو» ومهّدت لها… ولعلّ مرحلة «اختبار السلام» تلك، بنتائجها الكارثيّة التي نعرف، أعادت ترسيخ تلك القناعة التي لم تفارق سماحة أصلاً، بأن اسرائيل بسياساتها العنصريّة وبعقيدتها الاستيطانيّة التوسعية وبطبيعتها السبارطيّة، وتحصّنها خلف مصالح الغرب الاستعماريّة، لا تفهم إلا لغة واحدة: لغة المقاومة المسلّحة.
كان جوزف بحاراً، يتعب من المدن. بعد أن ابتلعت «أوسلو» مجلة «اليوم السابع» (1991)، عاش فترة تأمّل ورصد، مع بداية الغزو الأميركي للعراق. وعمل في «الحياة» من باريس، كاتباً ومحللاً سياسيّاً. وألف كتاباً يبني على اخفاقات أوسلو بعنوان: «سلام عابر: نحو حلّ عربي للمسألة اليهوديّة» («دار النهار» في مرحلة اشراف سمير قصير عليها ـــ 1993). يستشرف الكتاب ارهاصات الخروج من السلام (الأميركي ـــ الاسرائيلي) المفروض على العرب. ويرى أن آفاق الخلاص في قيام مشروع نهضة عربيّة جديدة، عبر أوسع جبهة ممكنة. في العام نفسه، وكان لا يزال مقيماً في باريس، صدم برحيل صديقه السينمائي مارون بغداي الذي سقط سهواً في بيروت الغارقة في أوهام «إعادة الإعمار». كان قد عاد مارون لتصوير فيلم عن «المسامحة» قيد الكتابة مع حسن داوود، فوجد ميتاً في قفص درج عمارته في الأشرفيّة. ورغم ذلك، بل ربّما بسببه، قرر جوزف الاستجابة لنداء بيروت، المدينة التي لم تغادره يوماً. كانت بيروت دخلت عصر الحريريّة، و«السفير» تبحث عن روح جديدة. فشرّع صفحاتها لجيل جديد من الصحافيين الشباب الذين صاروا اليوم جزءاً أساسيّاً من المشهد الاعلامي. في تلك الفترة كتب مقالته الشهيرة التي يقارن فيها بين رفيق الحريري وزياد الرحباني. وكتب سمير قصير مرحّباً بأستاذه وصديقه في مجلّة الـ«أورينت أكسبرس» الشهريّة الفرنكوفونيّة التي كان يرأس تحريرها ما مؤداه: عاد جوزف سماحة ليرفع مستوى التحدّي، على مستوى الحياة الاعلاميّة والسياسيّة في بيروت (نوفمبر 1995). لكن التجربة لم تكتمل، وسرعان ما ضاقت به المدينة، بل المرحلة، فحزم حقائبه مجدداً. لنقل إنّها البروفة الأخيرة قبل العودة النهائيّة إلى مدينته العام ألفين.
هجرته الأخيرة ستكون إلى لندن. كان قد حصل على محاضر التحقيق المرتجل والذي تعتريه مناطق ظل، في موت مارون بغدادي، فاستوحى منها، خلال عشرين يوماً، كتاباً بعنوان «قضاء لا قدر: في أخلاق الجمهوريّة الثانية» («دار الجديد» ـــ 1996). ينطلق الكتاب من فرضية «القتل» الرمزي للسينمائي على يد الحريريّة الساعية إلى احتوائه واحتواء وجوه كثيرة من اليسار اللبناني، وينتهي بمحاكمة هذا اليسار في عزّ الاستقالات والتنازلات. في لندن عمل مسؤولاً عن «الدائرة السياسيّة» في جريدة «الحياة». وهو منصب على قياسه لم يكن له وجود قبله، ولم يستمر بعده. في هذه الجريدة نشر سلسلة تحقيقات نادرة مع مجاهدي المقاومة الاسلاميّة في جنوب لبنان، كان ذلك قبل تحرير الجنوب في ٢٢ أيار/ مايو 2000. بدا موقف جوزف السياسي حاسماً منذ أوّل التسعينيات، وربّما قبلها: لا يمكن إلا الوقوف إلى جانب حزب الله، في خندق المقاومة. تلميذ ياسين الحافظ، والمثقف الناصري اليساري الذي زاوج بين الخيار الماركسي والوعي القومي، فهم مبكّراً أنه بعد غرق العمل الفدائي في فخ «أوسلو» الذي قضى على ياسر عرفات نفسه، ليس من خيار صائب خارج المقاومة… فالبوصلة كانت وتبقى فلسطين.
في العام ألفين كان قد استقرّ نهائيّاً في بيروت، وعمل رئيساً لمكتب «الحياة» فيها بعد توسّعه وانتقال جزء أساسي من فريق «الحياة» التحريري إلى بيروت… لكن «حبّه الأوّل» استعاده، فإذا به رئيس تحرير جريدة «السفير» مرّة أخيرة. حين سيتسلل منها العام 2006، ويجتاز شارع منيمنة صعوداً إلى مبنى الكونكورد المجاور، سيكون ذلك لتحقيق حلمه المهني، ومحاولة التعويض عن كل خيباته. باقي الحكاية يعرفها الجميع: ترك جوزف «السفير» من جديد، ليدخل مع صديقه ورفيق مرحلته الأخصب إبراهيم الأمين، وبعض أصدقائهما في مغامرة جديدة، أكثر طموحاً، وأكثر راديكاليّة من سابقاتها: إطلاق جريدة يوميّة عربيّة من بيروت، تأخذ أفضل ما توصّلت إليه الصحافة اللبنانيّة، وتنطلق منه في اتجاه تأسيس مشروع عربي طليعي، شبابي وعصري ونقدي، في خندق الممانعة. مشروع يعتبر منعطفاً في مسار الصحافة اللبنانيّة لجهة الشكل والمضمون واللغة والأسلوب والخيار الراديكالي، ونمط الانتاج الذي يقطع مع النموذج البطريركي.
في افتتاحيّته الأولى «توقيت صائب»، رسم جوزف خريطة الطريق: «ندرك أنها مغامرة، غير أنها مغامرة محسوبة. (ونعلن) أننا ننتمي، سياسياً، إلى معسكر رافضي الهيمنة، وهو معسكر يمتدّ من قلب الولايات المتحدة الأميركية إلى أقاصي الشرق وأفريقيا وأميركا الجنوبية وأوروبا، (ونعلن) أيضاً أننا ننتمي، مهنياً، إلى معسكر الحرص على التعددية والديموقراطية والموضوعية والحداثة والثقافة الإبداعية» (14/ 8/ 2006). الأعداد الصفر لـ «الأخبار» ظهرت على وقع هدير الطيران الإسرائيلي، صيف 2006. والعدد الأوّل في يوم النصر. الحملات الشرسة التي تعرّضت لها «الأخبار» قبل صدورها، في وضع لبناني متوتّر ومعقّد دخل انقسامه الحاد، مع تفشّي الطاعون المذهبي، أثّرت في جوزف كثيراً. ويعتقد بعض أصدقائه المقرّبين أن هذا التوتّر العالي، هو الذي خطفه من أهله ورفاقه وقرائه، بعد ستة أشهر فقط من تحقق حلمه الأخير بإصدار «الأخبار». ولحظة كتابة هذه السطور، بعد عقد بالتمام والكمال على رحيله في لندن التي قصدها مؤاسياً صديقه اللدود حازم صاغيّة على رحيل رفيقة دربه مي غصوب، لا يسعنا إلا أن نقيس المسافة التي تفصلنا عن تلك اللحظات البطوليّة. مسافة تغيّر فيها الكثير، وازداد العالم العربي تفككاً، وغرغرينا التأسلم استشراءً، والغرب الاستعماري تمكناً من قراراتنا ومقدراتنا. لقد عبرنا بصعوبة وألم امتحان «الربيع العربي» المسروق الذي استحال كابوساً عظيماً، وها هو يهدد مجتمعاتنا بالتفتت والتخلّف، وما زالت المغامرة مستمرّة، والتحدي كاملاً. نواصل طريقنا اليوم على الدرب التي شقّها سماحة، وهو المدافع بقوّة عن صحافة الرأي الرائدة التي لا يقلّل الالتزام من مهنيّتها وانفتاحها واستقلاليتها وطليعيتها…
في ثلاثينياته، انسحب جوزف سماحة نهائيّاً من العمل الحزبي، وانصرف إلى الكتابة والصحافة. هذا كان مجاله النضالي. لكن هناك فكرة بقيت تراوده، خصوصاً بعد العودة النهائيّة من لندن: تجديد اليسار، واعادة تأسيس حركة أو تيّار يساري معاصر يتسع للشباب ويعيد اختراع العمل السياسي والمطلبي. كان الرجل يكتب بإلتزام المناضلين، ومهنيّة المحترفين، وعقلانيّة المثقفين الذين يمتلكون رؤيا شاملة لأشكال الصراع وعناصره ومكوّناته. عاش جوزف ومات في خط معاداة الاستعمار، وضرورة النضال بالوسائل المختلفة، من أجل استعادة الحقوق الوطنيّة والقوميّة المسلوبة. واليوم نتشبّث بسيرته وفكره وتركته وجريدته، وسط هذا الخواء، حيث الفرد العربي مخيّر بين أشكال مختلفة من الانهيار والتبعيّة والاستبداد والموت”.
البناء:
موسكو للفيتو بوجه مشروع غربي لإدانة سورية بعد حملة تشهير كيماوي
جنيف لليوم الثاني يبحث بجدول الأعمال وتوحيد الوفد المعارض
لبنان يُكمل فلسطينياً مع جمود الملف الانتخابي… والموازنة للفكفكة
وكتبت صحيفة “البناء” اللبنانية “بينما تملأ الدبلوماسية الأميركية أوقات حلفائها وخصومها بأوراق قديمة لتغطية ضياع قواعد صناعة القرار بين البيت الأبيض ومؤسسات الأمن والدفاع والدبلوماسية، تحيي موسكو ذكرى فيتالي تشوركين ممثلها الدائم لعشر سنوات في مجلس الأمن وأحد فرسان دبلوماسيتها، الذي ارتبط استخدام الفيتو برفع كفّه اليمنى، وخصوصاً دفاعاً عن سورية، برفع كفّ الفيتو مجدداً بوجه مشروع غربي يهدف لإدانة سورية بتهمة استعمال الأسلحة الكيميائية بناء على ما وصفته موسكو بالافتراءات والمزاعم المفبركة والتحقيقات الاقتراضية التي تعوزها شروط المهنية والحياد والموضوعية، وتأتي بعد حملة تشهير علنية بحق سورية لخلق ضغوط على مجلس الأمن لتمرير المشروع.
واشنطن التي تحضر، حيث لا جدوى من الحضور إلا تسجيل المواقف وتمرير الوقت الضائع بضياعها، تغيب حيث يجب الحضور فيفتقدها الجميع في محادثات جنيف السورية، ويسأل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا عن الموقف الأميركي لبرمجة خطواته فلا يجد جواباً، فينفق وقته والمفاوضات على بنود إجرائية تملأ بدورها الوقت الضائع لضياع دي ميستورا نفسه، ويمضي اليوم الثاني بعناوين من نوع الوفد الموحد للمعارضة للتمكّن من بحث الدخول بمفاوضات مباشرة، وجدول الأعمال للتمكن من بدء مفاوضات غير مباشرة. وقد وزّع دي ميستورا مشروعه لجدول الأعمال على الوفد الحكومي السوري ووفود المعارضة بانتظار تسلّم أجوبتها ومناقشتها معها كل على حدة اليوم، أملاً ببدء المفاوضات على مضمون الجدول الذي يتمّ إقراره إن تمّ ذلك في يوم غد، اليوم الثالث للمفاوضات.
جدول الأعمال تضمن البنود التي سبق وأعلن دي ميستورا أنها محور المحادثات، وهي الحوكمة والمقصود شكل الحكم بعد التفاهم بين الحكومة والمعارضة، والدستور الجديد، والانتخابات. ومنعاً للبحث في تسلسل البنود قال دي ميستورا للوفود المشاركة إنه مستعد لتشكيل مسارات متوازية للبنود الثلاثة بوفود تتفاوض مباشرة أو بممثلين عنه يفاوضون كل وفد على حدة، أملاً بإنضاج نقاط مشتركة تسمح بتحقيق تقدم ولو جزئي، بينما تساءلت مصادر متابعة للمحادثات عما إذا كان دي ميستورا نسي أو تناسى جعل كل شيء منوط بإعلان الوفود المعارضة قبولها جوهر القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي قبل عام والذي يشكّل مستند المحادثات الرئيسي، لجهة التسليم بأولوية الحرب على الإرهاب قولاً وفعلاً كشرط لإثبات صدقية المشاركين وعدم تحوّل المفاوضات إلى مفاوضات بالواسطة مع تنظيمات إرهابية.
تمر أيام جنيف البطيئة، كما تمر أيام البحث بقانون الانتخابات النيابية في لبنان، ابتكارات لمخارج تغطي العجز، وحديث عن مهل وفرص تاريخية لمنح الأمل، لكن لا شيء جديّ بعد، وفي لبنان حيث الموازنة تخضع لعملية تقريش لكلفة بنود سلسلة الرتب والرواتب وفكفكة بنود المداخيل الجديدة وما فيها من ضرائب وتقريش تأثيرها على الفئات المحدودة الدخل تمهيداً لجلسات الأسبوع المقبل للبتّ بها، بينما أمضى لبنان يوماً فلسطينياً ثانياً عبّرت عنه اللقاءات التي جمعت الرئيس الفلسطيني محمود عباس بكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، والإجراءات التي تجري بلورتها بورقة عمل لبنانية فلسطينية على المستويات الأمنية والاجتماعية كاهتمامات متبادلة للفريقين، بعدما بدا واضحاً حجم التلاقي السياسي الذي أظهرته التصريحات والمواقف.
الفلسطينييون يتطلّعون إلى العهد
لا تزال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى لبنان الحدث الطاغي على المشهد الداخلي، وبعد المباحثات المثمرة التي عقدها أمس الأول مع رئيس الجمهورية في بعبدا والمواقف الهامة التي تخلّلتها، واصل عباس أمس، زيارته على المسؤولين اللبنانيين والتقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة وبحث معه «الأوضاع العربية والقضية الفلسطينية والعلاقات اللبنانية – الفلسطينية والجهود المبذولة من أجل توحيد الفلسطينيين، بالإضافة الى الأوضاع الفلسطينية في لبنان».
وأكد بري أن «القضية الفلسطينية هي الموضوع الأوحد الذي يجمعنا ووحدة الفلسطينيين تشجع على وحدة العرب والمسلمين». بينما أشار عباس الى أن «لبنان هو البلد الذي تحمّل الكثير الكثير وضحّى الكثير الكثير من أجل القضية الفلسطينية، ولا يمكن أن ينساه الشعب الفلسطيني أبداً على مدى العقود كلها، ولا يزال هذا البلد منارة من أجل الدفاع عن قضية فلسطين».
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«البناء» إن «السبب الرئيسي لزيارة الرئيس عباس هو تعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية لا سيما في المحافل الدولية لحماية القضية الفلسطينية وتنسيق المواقف بين الجانبين»، مشيرة الى «أهمية الموقف اللبناني المميّز حيال قضية فلسطين والشعب الفلسطيني في المنظمات الدولية لا سيما المواقف الأخيرة لكل من الرئيسين عون وبري».
ولفتت المصادر إلى أن «السلطة الفلسطينية والفلسطينيين في لبنان يتطلعون ويعلقون الآمال على العهد الجديد الى حل الأزمة الاجتماعية في المخيمات المتراكة عبر عقود من الزمن من خلال إعطاء الحدّ الأدنى من الحقوق الإنسانية والمدنية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين ما يمكّنهم من العيش بكرامة تحت سقف القانون، ووعد الرئيس عون خلال لقائه عباس بإيلاء هذا الملف اهتمامه، وقد تمّ تكليف عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد متابعة الملفّ مع قيادة الحركة والقيادة السياسية للفصائل مع السلطات اللبنانية».
ونفت المصادر وجود أزمة داخلية في قيادة فتح في المخيّمات، موضحة أن «المشكلة هي في الأداء الأمني في المخيم بسبب تعدد المسؤوليات واللجان وعدم استقلالية اللجنة الأمنية ووجود لجان على رأسها تؤثر على سرعة اتخاذها القرار، ما يتطلّب إعادة هيكلة اللجنة على أسس علمية لتستطيع اتخاذ القرار بشكل سريع وفاعل لتطويق الأحداث الأمنية وضمان أمن المخيمات».
وفي حين ستعقد القيادة السياسية للفصائل في المخيم اجتماعات خلال اليومين المقبلين لمناقشة الوضع الأمني، لا سيما متابعة تسوية أوضاع المطلوبين الى الدولة اللبنانية، لفتت المصادر الى أن «قائد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح قدّم استقالته من اللجنة ووضعها في عهدة قيادة فتح»، مشدّدة على أن الاستقالة لن تؤثر على الجهد الأمني التي تبذله فتح في المخيم، كاشفة عن «إجراءات أمنية جديدة وواسعة ستتخذ في المخيمات لا سيما في عين الحلوة، بعد إعادة هيكلة اللجنة الأمنية في إطار تعزيز الوضع الأمني في المخيمات والجوار وكي لا تكون ممراً لمشاريع دمار وفوضى وموئلاً للإرهابيين».
كما زار الرئيس الفلسطيني بيت الوسط والتقى رئيس الحكومة سعد الحريري، كما التقى عدداً من القوى والشخصيات السياسية.
الضبابيّة تلفّ قانون الانتخاب
على صعيد آخر، لم تبرز معطيات جديدة في ملف قانون الانتخاب وسط أجواءٍ ضبابية تلف النقاشات حولها مع إصرار القوى السياسية على مواقفها. وفي حين سقطت الطروحات التي تقدم بها رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل آخرها التأهيل على أساس النسبية، أفادت معلومات أن باسيل سيطرح صيغة جديدة للنقاش، بينما من المتوقع أن تعود المشاورات حول القانون الى حيويتها ونشاطها الأسبوع الطالع مع عودة الرئيس بري من طهران الذي سيستقبل رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وفق معلومات «البناء» وذلك للاطلاع على موقف بري بشأن الصيغة الانتخابية المختلطة التي طرحها عليه جنبلاط.
والى حين انتهاء مجلس الوزراء في جلساته المتتالية التي سيعقدها الأسبوع المقبل من مناقشة مشروع الموازنة وإقرارها وإحالتها الى المجلس النيابي، سينتقل ملف قانون الانتخاب الى الحكومة بطلب من رئيس الجمهورية في محاولة للتوصل الى صيغة توافقية قبل موعد 21 آذار.
صيغة بنسبية وازنة
وأكدت مصادر مقربة من بعبدا لـ«لبناء» «أننا سنكون أمام قانون جديد للانتخاب فيه نسبية وازنة في نهاية المطاف مهما طالت المشاورات وتصلبت مواقف بعض الأطراف، لكن العهد الجديد سيكون عهد الإصلاح والتغيير وسيقدم للبنانيين إصلاحات على رأسها قانون انتخاب جديد يحقق طموحاتهم ويعيد إنتاج السلطة ويحقق مفهوم العدالة التمثيلية على مستوى الطوائف والشرائح والفئات الشعبية كلها».
ولفتت المصادر الى أن «الرئيس عون لن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وبالتالي لا انتخابات على قانون الستين وأن عون ينتظر اتفاق القوى السياسية على صيغة جديدة وهناك متّسع من الوقت كي يحصل التوافق والمهلة الدستورية حتى 21 آذار المقبل، أي قبل 90 يوماً من موعد الانتخابات النيابية وبالتالي لن يستعمل رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية بانتظار ما ستتوصل اليه القوى السياسية».
وتشير مصادر سياسية الى أن «المستقبل وجنبلاط يرفضان النسبية الوازنة في أي قانون جديد، لأنهما سيخسران المقاعد المسيحية التي يحصلان عليها في القانون الأكثري، كما وسيواجهان منافسة ايضاً من معارضين داخل طائفتيهما، لذلك يعمل تيار المستقبل على تأجيل الانتخابات أو البحث عن صيغة جديدة لا تكون فيها النسبية مؤثّرة وكبيرة كالقانون المختلط الذي قدّمه مع القوات والاشتراكي».
لكن المصادر رجّحت الاتفاق على القانون المختلط الذي قدّمه الرئيس بري مع بعض التعديلات في بعض الدوائر، مشيرة لـ«البناء» الى أنه «من المبكر الحديث عن رسالة لرئيس الجمهورية الى المجلس النيابي لدعوته طرح مشاريع القوانين على التصويت في الهيئة العامة، إذ إن هناك اتفاقاً ضمنياً بين المعنيين لمنح مهلة جديدة لإنجاز صيغة انتخابية حتى 20 آذار المقبل». واستبعدت المصادر «اللجوء إلى الشارع لوجود خطوات تدريجيّة تصعيدية لن يلجأ اليها الرئيس عون والتيار والمؤيدون لقانون النسبية قبل استنفاد كامل الوقت والمهل المتاحة»”.
المصدر: الصحف اللبنانية