قال وزير المصالحة السوري علي حيدر إن دمشق تفضل أن تجري معالجة ملف التدخل العسكري التركي في شمال سوريا بشكل سياسي في المرحلة الأولى ولكنه لم يستبعد أن تحدث مواجهة عسكرية، ورأى أن السعودية تسعى لاستقطاب الإدارة الأميركية الجديدة من أجل عمل عسكري بري في سوريا.
وأكد حيدر في مقابلة مع سبوتنيك أن “سياسة الدولة السورية لم تتغير وموقفها تجاه وجود القوات التركية لم يتغير وهو اعتداء على السيادة السورية وهو احتلال، والباب مفتوح لمواجهة مباشرة بيننا وبين الأتراك، ولكن بالتفصيل اختيار المكان والزمان والآلية لهذه المواجهة متروك للقيادة السياسية والعسكرية وقد يكون من المستحسن أن يعالج في المرحلة الأولى سياسيا وأن لا يتحول إلى صدام مباشر عسكري”.
وتحدث أيضاً عن “قدرة الجانب الروسي لمنع الوصول إلى المواجهة العسكرية وتراجع القيادة التركية عن إمكانية دخولها إلى الأراضي السورية والبقاء فيها إلى أجل طويل ومفتوح، لذلك من غير المستبعد تطور المواجهة في أي وقت من الأوقات، ولا يوجد أي ممنوعات لذلك، الممنوع الوحيد هو أن تحاول تركيا فرض تواجدها في سوريا بطريقة مفتوحة وأن تعتبر أنها تستطيع أن تعيد التاريخ إلى تجربة لواء إسكندرون”.
يذكر أن وحدات من القوات الخاصة في الجيش التركي، بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف الدولي ضد “داعش”، بدأت فجر 24 آب/ أغسطس الماضي، حملة عسكرية في مدينة جرابلس (شمال سوريا)، أطلقت عليها اسم “درع الفرات”، لتطهير المدينة والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، ولاحقاً أكدت تركيا مضيها نحو تحرير مدينة الباب.
إلى ذلك اعتبر حيدر أن تصريحات السعودية بأن قواتها جاهزة لدخول سوريا ومحاربة داعش هي محاولة لاستقطاب القرار الأميركي بهذا الشأن فيما بعد الانتخابات.
وذكر حيدر تعليقاً على تصريحات لوزير الخارجية السعودية عادل الجبير جاء فيها إن القوات السعودية وقوات خليجية أخرى جاهزة لدخول سوريا بانتظار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن “خطط ما قبل الانتخابات المعلنة تختلف كلياً عما بعده، التصريحات المقتضبة من قبل ترامب لا يمكن البناء عليها”.
وأكد أن “المسألة في سوريا ليست مرتبطة بإقامة منطقة حظر جوي أو لا، لأنها خارج إمكانيات ترامب، هذه مسائل لا تعبر عن طبيعة السياسة الأمريكية في المنطقة”.
ووصف الجبير ترامب بأنه رجل أعمال “براغماتي وناجح”، وأكد على تطابق رؤية إدارته مع رؤية المملكة في قضايا مواجهة داعش واحتواء إيران.
وتطرق حيدر إلى إن الملف الكردي واحد واعتبره واحداً من الملفات التي تحتاج إلى معالجة ولكنه أكد أن هذه قضية داخلية ويجب مناقشتها داخلياً” مشيراً الى ان “الأكراد ليسوا مكوناً خارجياً، وليسوا حالة منفصلة عن الشعب السوري”.
ونفى أن تكون روسيا وسيط في هذه القضية قائلاً إن “روسيا حليف لروسيا وتحاول أن تساعدها في جميع الملفات والملف الكردي من ضمن هذه الملفات التي تحتاج إلى معالجة، دور روسيا ميسر”.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال إن الجانب الروسي يبذل جهودا في تيسير التفاهم بين الحكومة السورية والأكراد السوريين من أجل الحفاظ على وحدة سوريا، مشيراً الى أن “المسألة الكردية تعتبر قضية أساسية في الحفاظ على وحدة الدولة السورية، وأفاق التسوية الشمالية في الشرق الأوسط. إن مشاركتنا المعمقة في شؤون المنطقة، والتي تنطلق من مصلحة إعادة إرساء الاستقرار هناك، والقضاء على بؤرة الإرهاب الدولي، يقضي بمواصلة الجهود على صعيد البحث عن حلول وسطية مقبولة تسمح لكافة المجموعات العرقية للشعب السوري العيش في سلام ووفاق”.
مجموعات مسلحة تحمل طابع “جبهة النصرة” تعطل جهود المصالحة في القابون بدمشق
وعلى صعيد آخر لفت وزير المصالحة السوري علي حيدر إن جهود المصالحة حققت نتائج طيبة في حي برزة في دمشق بينما تواجه صعوبات في حي القابون بسبب تواجد مجموعات مسلحة تحمل طابع جبهة النصرة تخرب جهود المصالحة.
واشار أن “برزة حالة مختلفة قطعناً فيها شوطاً بالمصالحة وهناك هدنة مستمرة منذ فترة على الرغم من بعض الشوائب من عمليات خطف وقنص وقطع للطريق في بعض الأحيان ولكن نحاول تعزيز هذه المصالحة وتحويلها إلى مصالحة حقيقية دائمة وراسخة وعميقة”.
وأضاف أن “القابون لم تصل إلى تلك المرحلة ومازال بها مجموعات مسلحة تحمل طابع جبهة النصرة وبالتالي من الصعب الوصول معها إلى عملية مصالحة لذلك نحاول العمل على فصل المجموعات المسلحة داخل القابون بين من يريد التسويات والمصالحة وبين جبهة النصرة والمجموعات المسلحة الأخرى المرتبطة بها لإيجاد وسيلة لإخراجهم خارج القابون”.
واتهم حيدر هؤلاء المسلحين بالسعي “لافتعال المعركة وبالتالي الجيش السوري يحضر نفسه ويهيء الأجواء، نحن نسير باتجاهين رئيسيين وخطين متوازيين، الاستعداد للمعركة العسكرية باللحظة المناسبة الذي هو قرار القيادة العسكرية الذي لا نتدخل به وجهود المصالحة التي نأمل أن تسبق الجهود العسكرية في بدء مرحلة المصالحة في القابون التي من الممكن أن تمتد يميناً باتجاه غرب منطقة حرستا ويساراً باتجاه حي تشرين ومحيطه وبالتالي توسع الدوائر للمصالحة”، معتبراً أن ذلك كله “لا يكفي، لأننا بحاجة إلى صدق نوايا المسلحين وهذا ما ننتظره في الأيام المقبلة”.
وأكد حيدر أن جبهة النصرة تعطل أيضاً مساعٍ للمصالحة في حي الوعر في مدينة حمص وسط البلاد، والذي تحاول السلطات “عن طريقة لإخراجه من الوضع الذي هو فيه، لأننا لا نريد إخراج السكان منه، ولا حتى المسلحين الراغبين بتسوية أوضاعهم لا نريد أن نخسرهم، بل نعيد تأهيلهم من أجل الاستفادة منهم في إعادة إعمار البلد”.
ورأى أنه “لابد من إيجاد وسيلة لإخراج المسلحين الرافضين للتسوية من حي الوعر أو الاحتكام إلى العملية العسكرية لإنهاء هذا الوجود الإرهابي السرطاني المنتشر بين المدنيين في تلك المناطق”.
وتسيطر فصائل معارضة على حيي برزة والقابون في غرب دمشق، وبينما شهدت برزة هدوءاً بعد توقيع اتفاق الهدنة فإن المواجهات مستمرة بمعدل أعلى في القابون التي تشهد تواجداً لمسلحي جبهة النصرة التي تصنفها الأمم المتحدة كمنظمة إرهابية.
وزير المصالحة السوري يعزي روسيا بوفاة تشوركين ويؤكد أنها قادرة على إنجاب المئات مثله
ووجه الوزير علي حيدر العزاء للحكومة الروسية والشعب الروسي وعائلة المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين الذي توفي الأسبوع الماضي في نيويورك وقال إن روسيا التي أنجبته قادرة على إنجاب المئات مثله، مضيفاً أن “هذا العزاء له وجه آخر، وهو أن روسيا التي أنجبت تشوركين قادرة على انجاب المئات مثله، وبالتالي لا يخيفنا أننا فقدناً نصيراً قويا في مجلس الأمن على المستوى الشخصي لأننا نستطيع من خلال نصرة الشعب والدولة والحكومة الروسية لقضايانا أن يكون هناك من يمثل هذا الشعب والحكومة والدولة خير تمثيل ويكمل مسيرة الراحل تشوركين”.
يذكر أن وزارة الخارجية الروسية أعلنت يوم الاثنين، 20 شباط/فبراير عن وفاة تشوركين في نيويورك قبل يوم من عيد ميلاده الخامس والستين.
وولد تشوركين في 21 فبراير/شباط عام 1952 في موسكو، في عائلة مهندس لتصميم الطائرات.
وعين في شهر نيسان/أبريل من العام 2006، ممثلاً دائماً لروسيا الاتحادية لدى الأمم المتحدة، وممثلها لدى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة والذي تتمتع روسيا فيه بعضوية دائمة، واستمر في منصبه حتى وفاته.
تواصل الراغبين بتسوية أوضاعهم مع روسيا خير من التواصل مع أعداء
واكد حيدر إن دمشق ترحب بأن يتواصل المسلحون أو الراغبون في تسوية أوضاعهم مع الجانب الروسي فذلك خير من أن يتواصلوا مع “دول أعداء لنا”.
واوضح أن “الجانب الروسي يستطيع أن يدعم جهود المصالحة، من حيث قدرته على التواصل مع الراغبين في تسوية أوضاعهم والمترددين في التواصل مع الدولة السورية رغم كل ما قدمناه لهم”.
وتابع “لا يضيرنا أن يتواصلوا مع حلفائنا وأصدقائنا بدلاً من تواصلهم من دول عدوة لنا، نحن ندعم هذا التواصل ونحاول الاستفادة منه لجعله جزءاً من مشروع المصالحة، وبالتالي هذا التواصل هو لبنة أساسية”.
ونوه بأن روسيا تلعب دور “الميسر المسهل للوصول إلى مرحلة إجراءات بناء الثقة واستقطاب هؤلاء المسلحين لإيصالهم إلى بر الأمان وعودتهم إلى حضن الوطن”.
وأشاد حيدر بالدور الذي يلعبه مركز المصالحة في الأراضي السورية وذلك بعد إنجاز المصالحة في منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق”، مشيراً الى ان عمل المركز “استكمال للدور السياسي والعسكري الداعم والمنسق مع الدولة السورية في مصلحة تخدم الاستقرار”.
وأضاف أن “الجانب الروسي قدم الكثير من المساعدات الإنسانية والغذائية التي كانت بالمطلق إنسانية في المرحلة الأولى ولكن الآن نحاول توظيفها في عملية المصالحة وأن تستهدف الأماكن جغرافياً وديموغرافياً للناس الداخلين في مشاريع المصالحة لتعزيز خطوات المصالحة في المناطق”.
وأكد أن “الدور الروسي بالطبع استطاع جذب بعض من قيادات المسلحين إلى عملية سياسية بدأت في أستانا وهذا شيء بمثابة اختبار صدق نوايا للمجموعات المسلحة بأنها راغبة في استبدال السلاح بالعملية السياسية واستبدال الطلقة بالكلمة، وهذا الاختبار ستظهر نتائجه بعد فترة من الزمن للجانب الروسي دور مهم فيها”.
المصدر: سبوتنيك