حذر رئيس معهد «إيفو» الألماني لأبحاث الاقتصاد من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى لخروج بلاده من المؤسسات الدولية «التي أسست لاتخاذ قرارات بعيدا عن التيارات السياسية السائدة» «وصياغة التجارة وفقا للمناخ السياسي السائد».
وقال كليمنس فوست، في مقابلة مع مجلة (شبيغل) الألمانية، إن مثل هذه السياسة التجارية تسبب الارتباك.
وعبر فوست في كتابه الجديد «عقدة أوديب» عن مخاوفه من أن تصبح إيطاليا الدولة التالية في منطقة العملة الأوروبية الموحدة (يورو) التي يمكن أن تعود فيها أزمة اليورو على غرار ما حدث مع اليونان «حيث أصبح إجمالي دخل الفرد اليوم أقل مما كان عليه قبل اعتماد اليورو».
ورأى الخبير الاقتصادي الألماني أن الإيطاليين من أكثر شعوب أوروبا ميلا إلى الوحدة الأوروبية «ولكن اعتماد اليورو عملة موحدة غيّر ذلك، حتى وإن كانت المشاكل الإيطالية مثل الأزمات البنكية أو ارتفاع نسبة الديون مشاكل إيطالية المنشأ» وليست ناجمة عن اعتماد اليورو.
وعبر فوست عن مخاوفه من فوز حركة النجوم الخمس بقيادة بيبه جريللو في أي انتخابات محتملة، مما قد يدفعها إلى التهديد بإخراج إيطاليا من الاتحاد الأوروبي. ومع أن فوست رأى أن الأزمة الحالية في اليونان أقل خطرا على منطقة اليورو، مقارنة بأي أزمة محتملة في إيطاليا وذلك بسبب صغر حجم اليونان نسبيا، إلا أنه رأى في الوقت ذاته أن هذه المشاكل «تظهر وكأنها تحت المجهر».
ويرى فوست أن اعتبار اليونان حالة استثنائية كما يراها الكثيرون «هو تفكير متمني بعض الشيء»، ويقول ان دولا أخرى بمنطقة اليورو تعاني من المشكلة الأساسية التي تعاني منها اليونان «ألا وهي البنوك النشطة بقوة في تمويل الدول من خلال سندات الخزانة مما يجعل الدولة لا تسمح بإفلاس هذه البنوك، لذلك لا يمكن إعادة هيكلة ديون الدولة، كما أن مستثمري القطاع الخاص يعفَون من المسؤولية في حين أن دافع الضرائب هو الذي يتحمل العواقب».
وأكد الاقتصادي المرموق، العضو في المجلس الاستشاري لوزارة المالية الألمانية، أن كل هذه الأسباب هي التي تقود إلى تنبؤات متفائلة «وأحيانا تؤدي إلى إخفاء أكاذيب صريحة». وقال ان برنامج المساعدة لليونان برمته «كان تضليلا «لأن اليونان لا تستطيع سداد هذه القروض، لذلك فإن هذه الديون تحويلات مالية في حقيقة الأمر».
كما شدد فوست على أن اليونان «لم تكن مستعدة أبدا لتطبيق برامج الإصلاح التي وقعت عليها».
ورأى فوست، أستاذ الاقتصاد في جامعة ميونخ، أن المؤسسات المالية الأوروبية، وعلى رأسها البنك المركزي الأوروبي، هي التي يجب أن تكون معنية بالدرجة الأولى بالتعامل مع أزمات البنوك أو الأزمات المالية التي تتعرض لها الدول، وليس رؤساء الدول والحكومات لأن هذه المؤسسات تعمل بقواعد ثابتة.
من جهة ثانية توقع فوست أن تتعرض نحو مليون وظيفة في ألمانيا للخطر إذا نفذ ترامب قيوده التجارية التي أعلن عنها، لأن هذا العدد من الوظائف في ألمانيا مرتبط بالصادرات الألمانية للولايات المتحدة التي تعتبر أكبر سوق للمنتجات الألمانية حسب فوست.
وأضاف «لكن إذا اعتمدت أمريكا بنفس القدر جمارك على وارداتها من جميع الدول الأخرى، فإن ذلك سيخفف الوطأة على ألمانيا، وربما أدى لزيادة قيمة الدولار، وهو ما من شأنه أن يعادل ولو جزئيا الزيادة في الجمارك».
ولم يستبعد فوست من الناحية النظرية أن تتنصل الولايات المتحدة في عهد ترامب من جميع الصفقات الدولية «ولكن ذلك غير ممكن من الناحية العملية، لأنه لا يمكن على سبيل المثال تحقيق برنامج البنية التحتية الذي يخطط له ترامب بدون الآلات الألمانية، فهناك أشياء كثيرة لا يستطيع الاقتصاد الأمريكي القيام بها بدون مساعدة الخارج، تماما كما هو الحال بالنسبة لاقتصادنا».
المصدر: د ب ا