كان الكثير من سكان كاليفورنيا سعداء بالمطر مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ولكن هذا المطر تحول الآن إلى مصدر للخوف.
كانوا قلقين قبل بضعة أشهر من احتمال تعرض هذه الولاية الواقعة على السواحل الغربية الأمريكية لشتاء جاف آخر، مما جعلهم يُرَشِّدون استهلاك المياه ويتوقفون عن ري الحشائش أمام منزلهم. ولكن وبعد سنوات من الجفاف تخللها قليل جدا من المطر، تعرضت «الولاية الذهبية» لطقس قاري أدى إلى هطول أمطار غزيرة، بل وثلوج في مناطق جبلية مثل سلسلة جبال سييرا نيفادا.
وأعلنت حالة طوارئ أيضا في سد أوروفيل الذي يبلغ ارتفاعه 235 مترا ويعتبر الأعلى في الولايات المتحدة.
فبعد أيام من القلق من انهيار مفيض في هذا المخزون الهائل من المياه، كانت هناك يوم الثلاثاء الماضي حالة هدوء رسمية مؤقتة.
ولكن نحو 190 ألف شخص اضطروا إلى مغادرة منازلهم خلال الأيام الماضية. وألقت عدة طائرات مواد بناء في أجزاء من السد لتأمين قناة المفيض.
وتم إيواء الكثير من الناس في أماكن مبيت طارئة. واضطرت نساء مسنات لقضاء عدة ليال على أسرة ميدانية، واصطف الأطفال أمام مراكز توزيع سندوتشات الهامبورغر.
في هذه الأثناء سُمح لعشرات الآلاف من سكان المناطق القريبة من السد للعودة لمنازلهم، آملين ألا تتغير تنبؤات السلطات وخبراء الأرصاد التي تبشر بالهدوء. ولكن الزوجين ألبريشت في مدينة يوبا سيتي على بعد نحو 60 كيلومترا من بحيرة السد فضلا الإبقاء على حقائبهما التي تحمل أمتعتهما الضرورية محزَّمة، وذلك للانصراف بسرعة في حالة الضرورة من هذا المكان.
وأمس الأول قالت الزوجة نانسي، وهي معلمة ألمانية تعيش مع زوجها ستيف منذ 35 عاما في المناطق الريفية القريبة من بحيرة السد شمال مدينة ساكرامنتو» «ففي حالة انهيار السد سنأخذ قططنا وأمتعتنا على عُجالة وسننطلق بالسيارة».
ويقع منزل نانسي مباشرة على نهر فيزر ريفر الذي تصب فيه مياه البحيرة. وحسب التنبؤات، فإن العاصفة المقبلة المتوقع هبوبها اليوم الخميس ستؤدي إلى هطول أمطار أقل عن سابقاتها التي هبت في الأسابيع الماضية.
وبضل عزارة الأمطار أصبحت البحيرات وخزانات المياه التي جفت عن آخرها تقريبا في السنوات الماضية تفيض عن آخرها بالمياه الآن. عن ذلك قال بيل كرويل، من هيئة الموارد المائية للولاية، في مؤتمر صحافي «نحن بحاجة للمياه» حتى وإن أشار قبل المؤتمر إلى الجهود التي بذلها العاملون من أجل إنقاذ السد».
ورغم الكثير من الأمطار في الفترة الأخيرة، إلا أن هناك علماء ومخططين وساسة لا يزالون يرون أن هناك خوف من التعرض لخطر الجفاف، وأن الولاية لم تتجاوز سنوات الجفاف الخمس بهذه السرعة، حيث مدت اللجنة الرسمية للمياه الأسبوع الماضي إجراءات ترشيد استهلاك المياه.
وقالت رئيسة اللجنة إن أعضاء اللجنة «تغمرهم السعادة» بمياه الأمطار، ولكن بعض المناطق لا تزال تعاني من آثار الجفاف.
كما تسببت خزانات المياه، التي نفدت مياهها والآبار التي نضبت خاصة في وادي سنترال فالي، في قلق أعضاء اللجنة.
يضاف إلى تلك الأضرار، التي عانت منها الغابات في كاليفورنيا سنوات طويلة، حيث أظهرت دراسة أجرتها إدارة الغابات في الولاية أن الجفاف أدى إلى موت نحو 40 مليون شجرة منذ عام 2010 .
وساهمت في ذلك أيضا الحرائق الناجمة عن الجفاف وإصابة الأشجار الضعيفة بحشرة خنفساء اللحاء. وكان حاكم الولاية جيري براون قد أعلن «طوارئ الأشجار» عام 2015 بسبب هذه الظروف.
من المتوقع أن تتعرض الولاية للعواصف مرة أخرى مطلع الأسبوع المقبل. هذه الأجواء تحيي لدى نانسي ألبرشت ذكريات الأمطار الجارفة التي هطلت عام 1997،عندما امتلأ سد أوروفيل بالمياه عن آخره. وتعرض هيكل السد آنذاك أيضا للمراجعة والفحص.
وتدعو منظمات بيئية منذ ذلك الحين بالحاح السلطات المعنية لترميم السد الذي بني في ستينات القرن الماضي.
وانتقدت المنظمات أيضا المفيض غير المتين بشكل كاف، والذي تآكل مطلع الأسبوع الجاري جراء المياه الفائضة.
وأشارت صحيفة (ميركوري نيوز) إلى تحذيرات صدرت عام 2005 وشددت على ضرورة تعزيز هذا الممفيض بالخرسانة. وقالت الصحيفة ان اللجنة الاتحادية الأمريكية للرقابة على الطاقة رفضت هذا التعزيز آنذاك واعتبرته غير ضروري.
ورأت نانسي ألبرشت أن «البنية التحتية في كاليفورنيا وفي جميع أنحاء أمريكا سيئة جدا» وأن «الجسور والسدود والطرق تنهار ولا تفعل السلطات شيئا حيال ذلك».
المصدر: د ب أ