تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 14-2-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
ترامب لبوتين وبينغ: تعالوا نتفق على نصف الإنفاق العسكري ووقف إنتاج النووي
المقاومة في غزة تفرض إرادتها بالعودة للاتفاق بشروطها وتكشف موازين القوى
بري ينهي الجدل حول شمال الليطاني رافضاً أي تمديد… وترقّب لكلمة الحريري
كتب المحرّر السياسيّ
ربما تكون أولى المفاجآت العاقلة والحكيمة والسعيدة للبشريّة في آن تلك التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس، على هامش توقيعه للأوامر التنفيذية التي تركزت حول الرسوم الجمركيّة، وتحدث خلالها عن حرب أوكرانيا واتفاقه مع الرئيس بوتين على السير بحل تفاوضيّ، فقد قال ترامب إن الإنفاق على السلاح النووي هدر بلا جدوى، وإن كل الشعوب والدول تستطيع أن تصنع فرقاً في حياة مواطنيها إن أنفقت المبالغ الطائلة التي تنفقها على التسلّح من أجل ضمان حياة أفضل. وتوجّه إلى الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ داعياً إلى تخفيض موازنات الدفاع والتسلح إلى النصف، ووقف إنتاج الأسلحة النووية. وقال خبراء في الشؤون الاستراتيجية والعلاقات الدولية، إن التزاماً أميركياً بهذا التوجه سوف يلاقي استجابة روسية صينية بناء على ما تقوله التجربة السابقة بتخفيض الأسلحة النووية التي أخلّت بها أميركا وانسحبت منها، رهاناً على التفوّق من جهة، واستنزاف الاقتصادين الروسي والصيني من جهة موازية. وقالت المصادر إن ترامب يكون قد وضع يده على الجرح لمعالجة التراجع الاقتصادي الأميركي إذا استطاع الثبات عند هذا الموقف، حيث سيكون لديه فائض هائل من الأموال لإنفاقها على مشاريع استراتيجية اقتصادياً دون التسبّب بالتضخم أو زيادة الديون، بينما سوف يساعد ذلك على تخفيض التوتر على الساحة الدولية، ويفتح طريق التنافس على التنمية والعمران، بدلاً من سباق التسلح والحروب.
في المنطقة، انتهت المفاوضات التي أدارها الوسطاء في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، إلى تأكيد العودة للسير ببنود الاتفاق والالتزامات المتبادلة، حيث تدخل الآليات الثقيلة والبيوت الجاهزة الى غزة، ويجري الإفراج عن ثلاثة أسرى إسرائيليين، ضمن معايير التبادل ذاتها المعمول بها في المرحلة الأولى من الاتفاق. ورأت مصادر متابعة لمسار الاتفاق أن الأزمة أتاحت للمقاومة تظهير حقيقة غابت عن لحظة ولادة الاتفاق في ظل بروباغندا الإيحاء بأن ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب هي التي صنعت الاتفاق، فظهر جلياً أن المقاومة صاحبة اليد العليا في حصيلة الحرب وأن الحديث عن قدرة الاحتلال على العودة إلى الحرب لولا الضغط الأميركي قد سقطت سقوطاً مدوياً مع إعلان ترامب تهديداته لغزة بالجحيم ما لم يتمّ الإفراج عن كل الأسرى، بما يمثل فرصة ذهبية للاحتلال للعودة إلى الحرب، وتشكل عودة الاحتلال للالتزام مقابل عدد الأسرى المقرّر فقط، خير دليل على أن ما صنع الاتفاق كان ثبات المقاومة عسكرياً وصمود شعبها سياسياً.
لبنانياً، تحدّث رئيس مجلس النواب نبيه بري عن اتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي، بعد استقباله رئيس لجنة مراقبة تنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار الجنرال جاسبر جيفرز بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون، حيث أعلن بري، أنّ “الأميركيين أبلغوني أن الاحتلال الإسرائيلي سينسحب في 18 شباط من القرى التي ما زال يحتلها، ولكنّه سيبقى في 5 نقاط وقد أبلغتهم باسمي وباسم رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام رفضنا المطلق لذلك”. ولفت إلى “أنني رفضت الحديث عن أي مهلة لتمديد فترة عمل الانسحاب ومن مسؤولية الأميركيين أن يرفضوا ذلك وإلا يكونوا قد تسببوا بأكبر نكسة للحكومة”، وشدّد على أنّه “إذا بقي الاحتلال فالأيام بيننا. وهذه مسؤوليّة الدولة اللبنانية والجيش يقوم بواجبه كاملاً في جنوب الليطاني، أما في ما يخصّ شمال الليطاني فهذا الأمر يعود للبنانيين ولطاولة حوار تناقش استراتيجيّة دفاعيّة”. وأضاف برّي “إن شاء الله سيمرّ تشييع السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين بخير وبشكل طبيعي من دون اضطرابات”.
وعلى مسافة أيام من نهاية المدّة الممدّدة لاتفاق وقف إطلاق النار، وفيما تعكف اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري للحكومة، على إعداد البيان لمناقشته وإقراره في مجلس الوزراء استعداداً لطلب الثقة من المجلس النيابي، شهد مطار بيروت الدولي توتراً على خلفية قرار وزير الأشغال العامة والنقل وإدارة مطار بيروت، بمنع هبوط طائرة إيرانية تقل لبنانيين قادمين من طهران، بسبب تهديدات إسرائيلية تلقاها لبنان باستهداف المطار إذا هبطت الطائرة الإيرانية. ما يطرح وفق ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء» علامات استفهام حول خضوع المسؤولين المعنيين للتهديدات الإسرائيلية ومنع هبوط طائرة ركاب إيرانية تقل مواطنين لبنانيين مدنيين عائدين من زيارة العتبات المقدّسة في إيران، علماً أن الأجهزة الأمنية في المطار تقوم بعملها بتفتيش الطائرات من دون أي إشكال، فلماذا تمّ منع هذه الطائرة الإيرانية في هذا التوقيت؟ فيما كان الأجدى من الحكومة اللبنانية الحفاظ على سيادتها على المطار والاعتراض على تهديدات العدو الإسرائيلي وتوجيه رسالة احتجاج للأمم المتحدة وللأميركيين الذين يدّعون الحرص على سيادة واستقلال لبنان، وليس الخضوع للتهديدات الإسرائيلية. وحذّرت المصادر من التسليم للتهديدات الإسرائيلية لمطار بيروت، والتي ستتكرّر في مرافق حيوية أخرى ما يجعل لبنان تحت الوصاية الإسرائيلية المباشرة والحصار الشامل.
وربطت المصادر بين التهديد الإسرائيلي للمطار وبين اقتراب موعد تشييع الأمين العام لحزب الله السيد الشهيد حسن نصرالله مع بدء توافد الحشود المدعوّة من دول عربية عدة لا سيما من إيران والعراق واليمن الى حضور التشييع الذي سيُقام في المدينة الرياضية في بيروت في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، مشيرة الى أن الهدف الإسرائيلي التشويش على حفل التشييع ومنع الوفود الخارجية من الحضور، محذرة من إمكانية افتعال العدو بعض الأحداث الأمنية لمحاولة ترهيب الناس من المشاركة في التشييع.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي فيديوات لزوار لبنانيين في العتبات المقدسة في إيران يحتجون في مطار طهران الدولي بعد منعهم من العودة إلى بيروت، وفي التفاصيل فإن الطائرة كان من المفترض أن تقلع عند الساعة 2:30 بعد الظهر بتوقيت طهران (الساعة 1 ظهراً بتوقيت بيروت)، لكن لم يتم الإقلاع من مطار طهران.
وأقدم محتجون على قطع طريق المطار بالإطارات المشتعلة رافعين شعارات مؤيدة للأمين العام الراحل لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، احتجاجًا على عدم السماح للطائرة الإيرانية التي على متنها لبنانيون بالهبوط. وعمل الجيش على تسهيل الحركة من المطار وإليه لضبط الوضع.
كما قطع آخرون طريق سليم سلام في بيروت بشاحنة كبيرة وبالإطارات المشتعلة.
واعتبر رئيس حزب التوحيد وئام وهاب في تصريح له، بأن منع الطائرة الإيرانية المدنية من الهبوط في مطار بيروت بلطجة دبلوماسية وسياسية، ولن تمر على خير.
بدوره، دعا عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب إبراهيم الموسوي «المواطنين الكرام وكل الغيورين على مصلحة بلدهم وأهلهم إلى الوعي العميق والتعقل وإفساح المجال أمام المعالجات لهذه الأزمة المستجدّة، وأن يكون التعبير عن رفض هذه الخروقات والانتهاكات الإسرائيليّة لسيادتنا بشكل سلمي ومسؤول».
وفي بيان نشره «حزب الله»، قال الموسوي: «اللبنانيون الذين تفاءلوا خيرًا بإعادة تفعيل عمل المؤسسات الدستورية يضعون الحكومة أمام مسؤوليّاتها ويطالبونها باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سيادة لبنان على كامل مرافقه العامة وأهمّها المطار حتى لا يظنّ العدو أنه حرّ في ممارسة فعل العدوان وانتهاك السيادة كيفما شاء. وعلى الدولة اللبنانية بأجهزتها كافة أن تتحمل مسؤولياتها لإنهاء هذا الأمر والعمل على إعادة مواطنيها إلى بلدهم فورًا وعدم الامتثال للتهديدات الإسرائيلية تحت أي مسمّى أو ظرف».
وأشارت المديرية العامة للطيران المدني في بيان، إلى أنه «حرصاً على تأمين سلامة وأمن مطار بيروت الدولي والأجواء اللبنانية وسلامة جميع الركاب والطائرات والمطار على حد سواء، وبعد التنسيق مع جهاز أمن المطار، تم اتخاذ بعض الإجراءات الأمنية الإضافية التي تتوافق مع المقاييس والمعايير الدولية والمواثيق المتبعة من منظمة الطيران المدني الدولي، الامر الذي اقتضى إعادة جدولة توقيت بعض الرحلات الآتية الى لبنان موقتاً، ومنها الرحلات الآتية من الجمهوريه الإسلامية الإيرانية لغاية تاريخ 18 شباط، مع العلم أنه تمّ أمس إبلاغ كل الشركات المعنية بهذا التعديل لإبلاغ المسافرين وتفادي أي التباس قد يحصل، وإفساحاً بالمجال لتغيير الحجوزات في حال الحاجة إلى السفر قبل التاريخ إعلاه، ويجري العمل الآن مع شركة طيران الشرق الأوسط لتسيير رحله الليلة لنقل المسافرين اللبنانيين العالقين في مطار طهران».
في غضون ذلك، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الأميركي أبلغني أن «الإسرائيليّين» سينسحبون من القرى الجنوبيّة باستثناء 5 نقاط مع سبل الوصول إليها وأبلغتهم رفض لبنان هذا الأمر. وعلمت «البناء» أن موقف رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي موحّد تجاه رفض بقاء قوات الاحتلال الإسرائيلي في التلال الخمس، وعلى أن لبنان سيستخدم كافة الوسائل الدبلوماسية والإمكانات للضغط على «إسرائيل» للانسحاب.
وإذ أعلن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي لـ»بلومبيرغ» أن «»إسرائيل» سنحتفظ بـ 5 نقاط استراتيجية داخل لبنان بعد انتهاء مهلة وقف إطلاق النار»، أشار السفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو، في مقابلة مع قناة «الجديد»، إلى «أننا نقوم بإجراء مشاورات دبلوماسيّة من خلال آلية تمّ تنفيذها بعد انتهاء الأعمال العدائية بين لبنان و»إسرائيل»، ثم عبر اتصالات ثنائية كما يفعل شركاؤنا الأميركيون». وقال ماغرو إنّ «الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى اتصالات مع كل من الرئيس جوزاف عون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للعمل على أن يكون الانسحاب الإسرائيلي ممكنًا في التاريخ المحدد»، مضيفًا «هناك اجتماعات مقرّر إجراؤها في الساعات المقبلة حول موضوع الانسحاب ونأمل أن نحرز تقدمًا».
وفي سياق ذلك، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان -نويل بارو بأنه اقترح أن ينتشر جنود من قوة حفظ السلام الأمميّة في لبنان «يونيفيل»، بمن فيهم جنود فرنسيون، في مواقع ما زال الجيش الإسرائيلي يحتلّها في جنوب هذا البلد، وذلك لإتاحة «انسحاب كامل ونهائيّ» للدولة العبريّة من جارها الشمالي.
بدوره، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن لبنان يتابع الاتصالات لإلزام «إسرائيل» بالانسحاب في 18 شباط الحالي، ويتواصل مع الدول المؤثرة ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا للوصول الى الحل المناسب. ولفت من جهة أخرى إلى أننا نريد «ان نستعيد ثقة الدول ونشجع على مجيء أشقائنا في الدول العربية ودول الخليج كي يستثمروا في لبنان».
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري استقبل في عين التينة رئيس لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال جاسبر جيفرز بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون، حيث تناول اللقاء آخر المستجدات الميدانية في الجنوب والخروق «الإسرائيلية» لاتفاق وقف النار ولبنود القرار الأممي 1701.
وقال الرئيس بري في دردشة مع الإعلاميين إن الوفد الأميركي أبلغني أن «الإسرائيليّين» سينسحبون من القرى الجنوبيّة باستثناء 5 نقاط مع سبل الوصول إليها وأبلغتهم رفض لبنان هذا الأمر.
ولفت الرئيس بري إلى أنه رفض الحديث عن أي مهلة لتمديد فترة الانسحاب ومسؤولية الأميركيين أن يفرضوا الانسحاب وإلا يكونون قد تسببوا بأكبر نكسة للحكومة. وأضاف أنه لا علاقة للأميركيين بموضوع السلاح شمال الليطاني، وهذا شأن يناقش في استراتيجية دفاعية يدعو إليها رئيس الجمهورية. وشدّد على أنه إذا بقي «الإسرائيليون» فـ»الأيام بيننا»، وهذه مسؤولية الدولة اللبنانية، والجيش يقوم بواجبه كاملًا في جنوب الليطاني. وتابع: «حزب الله يلتزم بشكل كامل، وإذا بقي الاحتلال فهذا يعني أن «الإسرائيلي» سيمارس حرية الحركة والعدوان في لبنان. وهذا أمر مرفوض». وأكد الرئيس بري أن «تشييع السيد حسن نصر الله سيتمّ بهدوء ولا إطلاق للنار والجيش وقوى الأمن سيحفظان الأمن».
واستقبل رئيس الجمهورية وفداً من كتلة الوفاء للمقاومة برئاسة النائب محمد رعد والنواب أمين شري وعلي عمار وإبراهيم الموسوي الذين سلّموه دعوة للمشاركة في تشييع السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين في الثالث والعشرين من شباط الجاري. وزار الوفد أيضاً رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام للغاية نفسها.
ميدانياً، أغار الطيران الحربي الإسرائيلي مستهدفاً على 4 دفعات المنطقة الحرجية الواقعة بين بلدتي زبقين وياطر. أفادت القناة 14 الإسرائيلية بأن سلاح الجو هاجم أهدافاً في لبنان.
إلى ذلك، رأس رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، في السراي الحكومي، اجتماعاً للجنة الوزاريّة المكلفة صياغة البيان الوزاريّ، في حضور نائب رئيس الحكومة طارق متري، ووزراء المال ياسين جابر، الثقافة غسان سلامة، الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، والصناعة جو عيسى الخوري، المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير والأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية. وتابعت اللجنة دراسة مسودة البيان الوزاري.
وعلمت «البناء» أن الأجواء إيجابية داخل اللجنة وقد تمت مناقشة أغلب بنود مسودة البيان الوزاري، على أن تنتهي من صياغته اليوم وأن يكون على طاولة مجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل لإقراره في جلسة للمجلس في بعبدا على أن يعين الرئيس بري جلسة للمجلس النيابي للثقة خلال الأسبوع المقبل.
واستقبل الرئيس سلام سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان ليزا جونسون التي قالت بعد اللقاء: «زيارتي اليوم هي لتقديم التهنئة للرئيس سلام بتشكيل الحكومة التي تضمّ شخصيات كفؤة لديها رؤية متطورة ويمكنها قيادة لبنان نحو مستقبل أفضل، ونتمنى لهم جميعاً النجاح والتوفيق في مهامهم».
وعلمت «البناء» من مصادر دبلوماسية عربية في بيروت أن الدول العربية والخليجية تنتظر البيان الوزاري لإبداء موقفها من الحكومة على أن تعلن مواقفها تباعاً فور إقرار البيان الوزاري ونيل الحكومة الثقة النيابية، وتربط هذه الدول مساعداتها للبنان وعودة استثماراتها بالبيان الوزاري أولاً وبأداء الوزراء ثانياً وأداء الحكومة بشكل عام، لا سيّما لجهة تطبيق القرارات الدولية وإقرار الإصلاحات الضرورية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي.
وعلمت «البناء» أن رئيس الجمهورية يحضّر لزيارة هامة إلى السعودية بعد نيل الحكومة الثقة برفقة عدد من الوزراء وربما يرافقه رئيس الحكومة، وذلك للطلب من السعودية حزمة مساعدات لإعادة الإعمار وعودة الاستثمارات.
إلى ذلك، تترقب الأوساط السياسية والشعبية مضمون خطاب الرئيس سعد الحريري اليوم في الذكرى العشرين لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما قد يتضمّن من مواقف لا سيما لجهة إمكان إعلان العودة إلى العمل السياسي المُعلّق، له شخصياً ولتيار المستقبل.
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن الرئيس الحريري لن يعود بشكل مباشر إلى العمل السياسي في لبنان كما لن يشارك في الانتخابات البلدية والنيابية بشخصه ولن يدير الحملات الانتخابية مباشرة، لافتة الى أن ظروف عودة الحريري السياسية إلى لبنان لم تتوافر حتى الآن، وبالتالي بقاء الحريري في بيروت سيكون لبضعة أيام قبل أن يغادر.
واستقبل الحريري في بيت الوسط مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد موسّع من مفتي المناطق وقضاة الشرع وأئمة ورؤساء دوائر الأوقاف وخطباء المساجد، في حضور رئيسة مؤسسة الحريري بهية الحريري ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الإسلاميّة علي الجناني. وخلال اللقاء، نوّه الرئيس الحريري «بحكمة واعتدال المفتين وعلماء الدين، ولا سيّما في اللحظات المفصليّة التي مرّ بها البلد».
اللواء:
ابتزاز العدوان الإسرائيلي مستمر.. ولبنان يرفض احتلال النقاط الخمس
الحريري يعلن العودة للعمل السياسي وخوض الانتخابات البلدية.. وطائرة للميدل إيست تعيد اللبنانيين من طهران
التزمت الادارة الاميركية الصمت إزاء رفض لبنان ما يتعلق من اصرار اسرائيل على إبقاء 5 نقاط استراتيجية تحت سيطرتها، لأسباب تعود إليها، وتخالف على نحو صريح اتفاق وقف اطلاق النار، قبل شهرين ونصف، في وقت وجد المساعد السابق لوزير الخارجية الاميركية ديفيد شنكر التبرير بأن ينتشر الجيش اللبناني، وينزع سلاح حزب الله وينسحب الاسرائيليون.
وسط هذا «التفخيخ» تجاوز البلد ليل امس قطوعاً، عندما قررت شركة طيران الشرق الاوسط ارسال طائرة عائدة لها الى طهران لنقل اللبنانيين، الى بيروت، بعد اشكالات تنظيمية، واجراءات اقتضت الغاء رحلة طائرة ايرانية، كانت ستقلهم امس الى بيروت.
وسط ذلك، من المرجح ان تنهي لجنة صياغة البيان الوزاري القراءة الاخيرة اليوم، تمهيدا لاستكمال الاجراءات المطلوبة، مع بروز مؤشرات دعم مالية وسياسية للمرحلة السياسية الجديدة التي دخلها لبنان، مع الكلمة المتوقعة اليوم لرئيس تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري.
الى ذلك لفتت المصادر إلى أن ما من موعد للإنتهاء من مسودة البيان الوزاري، وإن العمل جارٍ لتفادي أي ثغرة وكررت القول ان مضمونه لن يختلف عن مضمون خطاب القسم لرئيس الجمهورية وبيان تكليف رئيس الحكومة، موضحة أن ما من نقاط عالقة بالمعنى الصريح للكلمة إنما جهد لصياغة بيان جديد لا يشبه غيره حيث يتم تأكيد ثوابت أساسية لا سيما حصرية السلاح بيد الدولة والإصلاحات وبعض النقاط.
واشارت لمعلومات الى ان جلسة ستعقد اليوم للجنة البيان الوزاري، اذ كشف مصدر وزاري، انها ستكون مخصصة لقراءة نهائية، على ان ترفع البيان الى جلسة لمجلس الوزراء، مرجحة الاسبوع المقبل لاقرارها، ثم عقد جلسة لمجلس النواب، لمناقشة البيان، ومنح الحكومة الثقة.
لا زالت الحكومة منشغلة بإنجاز بيانها الوزاري بسرعة، واجتمعت لجنة صياغة البيان عصر امس في السراي الحكومية على امل انجازه خلال هذين اليومين على الاكثر، فيما انشغل الرئيسان جوزف عون ونبيه بري بمتابعة موضوع الانسحاب الاسرائيلي مما تبقى من مناطق في الجنوب، واكدا رفض بقاء الاحتلال في اي منطقة جنوبية. فيما قال وزير الخارجية الفرنسي جانويل بارو: اننا اقترحنا أن تحل فرق من اليونيفيل محل القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان.
الجنوب طلب ورفض
فقد اكد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون امام وفد نقابة الصحافة أمس، أن «لبنان يتابع الاتصالات لالزام إسرائيل بالانسحاب في 18 شباط الجاري، ويتواصل مع الدول المؤثرة لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا للوصول الى الحل المناسب». وقال: امامنا صعوبات سنعمل على تذليلها، وفي مقدمها الوضع في الجنوب لاسيما انجاز الانسحاب الإسرائيلي في 18 شباط الجاري.
في هذا الوقت، وعشية اجتماع لجنة مراقبة وقف اطلاق النار، اجتمع رئيس مجلس النواب نبيه بري برئيس لجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار الجنرال الاميركي جاسبر جيفرز (العائد من فلسطين المحتلة) بحضور السفيرة الاميركية ليزا جونسون. وتناول اللقاء آخر المستجدات الميدانية في الجنوب والخروقات الاسرائيلية لإتفاق وقف النار ولبنود القرار الاممي ١٧٠١
.
وافادت المعلومات مساء ان بري أكد رفض نشر أي قوات اجنبية في اي مواقع حدودية لافتا إلى أن اليونيفيل والجيش جاهزان لهذه المهمة.
وقال بري للإعلاميين: الاميركيون أبلغوني أن الاحتلال الإسرائيلي سينسحب في ١٨ الشهر من القرى التي ما زال يحتلها ولكنه سيبقى في ٥ نقاط، وقد أبلغتهم باسمي وباسم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة رفضنا المطلق لذلك. وقد رفضت الحديث عن أي مهلة لتمديد فترة عمل الإنسحاب، ومن مسؤولية الأميركيين أن يفرضوا ذلك وألا يكونوا قد تسببوا بأكبر نكسة للحكومة.
اضاف: إذا بقي الاحتلال فهذا يعني أن الإسرائيلي سيقيد حرية الحركة في لبنان وهذا أمر مرفوض والأيام بيننا، وهذه مسؤولية الدولة والجيش يقوم بواجبه كاملا في جنوب الليطاني، أما في ما يخص شمال الليطاني فلا شأن للاميركيين به هذا الأمر يعود للبنانيين ولطاولة حوار تناقش استراتيجية دفاعية.
وتابع بري: حزب الله يلتزم بشكل كامل. وإذا بقي الإحتلال فهذا يعني أن الإسرائيلي سيمارس حرية الحركة والعدوان في لبنان وهذا أمر مرفوض.
واكد الرئيس بري: ان تشييع السيد حسن نصرالله سيتم بهدوء ولا إطلاق للنار والجيش وقوى الأمن سيحفظان الأمن.
وفيما يستعد لبنان لاستقبال الموفدة الاميركية مورغان اوتاغورس، قال المساعد السابق لوزير الخارجية الاميركية ديفيد شنكر انه في حال انتشر الجيش اللبناني في الجنوب، فإن اسرائيل ستنسحب، وعلى السلطة السياسية ان تعطي الامر للجيش لنزع السلاح، اما بالنسبة للنقاط الـ5 فأشار الى انه في حال تمكن الجيش اللبناني من الانتشار، فسينسحب الجيش الاسرائيلي..
وحول المساعدات للحكومة، قال شنكر: الحكومة ستحصل على مساعدات وفرص الاستثمار في حال طبقت. وقال: لن تعيد اعمار مناطق حزب الله في حال بقي الفساد على حاله، متهما حزب الله بأنه هو من وضع النيترات في مرفأ بيروت.
رئيسة الصندوق الى بيروت قريباً
وتزور مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغينفا لبنان في وقت قريب، لاستئناف المفاوضات الجدية مع الحكومة الجديدة، واعتبرت ان الاولوية في السداد ستكون لاصحاب الودائع قبل حملة السندات في اطار خطة الحكومة لمعالجة الازمة المالية واعادة الثقة بالنظام المصرفي.
تسلم وتسليم
وجرت عملية التسلم والتسليم في وزارتي الطاقة والمياه، والتربية والتعليم العالي، بين الوزير الجديد جو صدي وسلفه وليد فياض، والوزيرة ريما كرامي وسلفها عباس حلبي، ووزير الدفاع العميد ميشل منسى وسلفه موريس سليم.
خطاب الحريري
ويلقي رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري خطابا اليوم في احياء الذكرى العشرين لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، يتطرق فيه الى التطورات، وامكان العودة لممارسة العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة في العام المقبل.
من المرتقب ان يعلن الحريري عن العودة عن تعليق تيار المستقبل العمل السياسي، والاستعداد لخوض الانتخابات البلدية والاختيارية المقبلة في كل لبنان وبيروت تحديدا، انطلاقا من الحرص على جمع كل المكونات السياسية والطائفية في المجلس البلدي الجديد وتجنب حصول اختراقات على حساب احد المكونات، على ان تجري التحضيرات لخوض الانتخابات النيابية في كل لبنان العام المقبل.
وفي الإطار، زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد من المفتين والعلماء، ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في وسط بيروت، وبعد قراءة الفاتحة عن روحه ورفاقه الأبرار، قال مفتي الجمهورية: «في الذكرى العشرين لغياب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ما زالت الساحة اللبنانية والعربية تفتقد إلى هذه القامة الوطنية العربية الكبرى، التي استطاعت أن تشكّل بدورها رمزا وطنيا وعربيا ودوليا، يمثل الوجه الحضاري للبنان ودوره في هذه المنطقة من العالم».
أضاف: «خسارتنا للرئيس الشهيد، هي خسارة وطنية وعربية وأخلاقية وإنسانية كبرى، جسّدها الرئيس الشهيد، في ممارساته الوطنية والسياسية، التي تجاوزت بعمقها الخنادق المذهبية، والكهوف الطائفية التي ما زلنا نعانيها في هذا الغياب الكبير، الذي نفتقده فيه اليوم، وما أحوجنا في هذه الأيام الصعبة إلى أمثاله».
وقال: «وفي هذه المناسبة الأليمة، نتوسّم خيرا بدور الرئيس سعد الحريري، حامل أمانة الإرث الوطني العامل على نهضة لبنان ورسالته الحضارية في هذا الشرق العربي».
دعوات للمشاركة
الى ذلك، سلّم وفد من كتلة الوفاء للمقاومة برئاسة النائب محمد رعد الرؤساء، جوزف عون ونبيه بري ونواف سلام، دعوات للمشاركة في تشييع الامين العامين لحزب الله الشهيدين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين في 23 شباط الجاري.
طائرة الميدل إيست لإعادة اللبنانيين
وتفاعلت قضية تواجد لبنانيين في مطار طهران، بعد القرار بمنع طائراتهم الايرانية من المجيء الى بيروت والهبوط في المطار.
تحرك على طريق المطار
وشهدت طريق مطار رفيق الحريري الدولي حالة من الغضب، إذ اقدم مواطنون على قطع الطريق واشعال الاطارات احتجاجا على ما وصفوه بـ «خضوع الحكومة اللبنانية» لاملاءات العدو الاسرائيلي.وأصبي ثلاثة أشخاص بجروح حالة أحدهم خطرة.
وتوجهت امس طائرة من خطوط طيران الشرق الاوسط لنقل اللبنانيين الى بيروت، بعد الغاء رحلة مهال اير.
وغزت المديرية العامة للطيران المدني الامر الى اجراءات امنية اضافية تتوفق مع المقاييس والمعايير الدولية والمواثيق المتبعة من قبل منظمة الطيران المدني- الإيكو وجرى ابلاغ الشركات المعنية بهذا التعديل، وجدولة توقيت الرحلات القادمة الى لبنان من الجمهورية الاسلامية الايرانية لغاية تاريخ 18 شباط 2025.
الترويج المعادي
جنوباً، استمر الترويج الاسرائيلي لعدم انسحاب قوات الاحتلال من القرى الجنوبية التي لا زال متواجداً فيها، وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية «بأن الجيش الإسرائيلي حصل على موافقة الولايات المتحدة لإنشاء نقاط مراقبة جديدة تهدف إلى رصد نشاط حزب الله». وفي المقابل، افادت وسائل إعلام إسرائيلية اخرى «بأن أميركا رفضت طلباً إسرائيلياً لتأجيل الانسحاب من جنوب لبنان، مؤكدة التزامها بالجدول الزمني المحدد، لكنها وافقت على نقاط مراقبة مؤقتة، أن الجيش الإسرائيلي سينشر مئات الجنود في 5 مواقع مؤقتة جنوبي لبنان».
لكن صحيفة «هآرتس» قالت: أن الولايات المتحدة لم تقرر بعد الموافقة أو رفض طلب الاحتلال.
و مع ذلك، ذكرت قناة كان 11» العبرية ان « الجيش الإسرائيلي بدأ بإقامة خمسة مواقع عسكرية داخل الأراضي اللبنانية».
اضافت: هذه الخطوة جاءت بعد أن حصلت إسرائيل على موافقة أميركية لإبقاء قواتها العسكرية في هذه المواقع حتى بعد انتهاء فترة الاختبار لاتفاق وقف إطلاق النار، المقرر أن تنتهي يوم الثلاثاء المقبل.
وقالت: بالتزامن مع إنشاء هذه المواقع، من المقرر أن تنسحب القوات الإسرائيلية من القرى الشيعية في المنطقة، بما في ذلك في القطاع الشرقي ومنطقة جبل الشيخ (حرمون). ووفقًا لمصادر في الجيش الإسرائيلي، فإن العمليات داخل القرى استُنفدت، لكن هناك حاجة إلى خطوة انتقالية قبل تنفيذ انسحاب كامل.
وحسب الاعلام العبري: «تهدف المواقع العسكرية الجديدة إلى تمكين إسرائيل من مراقبة تنفيذ الاتفاق والتأكد من أن الجيش اللبناني يمنع حزب الله من العمل في المنطقة الحدودية».
وزعم وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون دريمر لـ «بلومبرغ»: أن التزامات لبنان لا تشمل إبعاد «حزب الله» عن الحدود بل نزع سلاحه، و سنحتفظ بـ5 نقاط استراتيجية داخل لبنان بعد انتهاء مهلة وقف إطلاق النار.
ميدانيا، عمد جيش العدو منذ الصباح الباكر، الى اضرام النيران بمنازل وممتلكات عدة في بلدة العديسة. والقت مُحلَّقة إسرائيلية قنبلتين عند الأطراف بين بلدتي برعشيت وعيترون.
الى ذلك، نعت المُديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي شهيدها الرقيب خليل علي فيّاض، الذي استُشهد مُتأثّرًا بجروحه التي أُصيب بها، جرّاء إطلاق العدوّ الإسرائيلي النّار على بلدة عيترون بتاريخ 26-01-2025.
كما أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني في بيان تمكن الفرق المختصة من انتشال أشلاء شهيد عند مدخل محلة وادي قيس – الخيام، حيث تم نقلها إلى مستشفى مرجعيون الحكومي لإجراء الفحوصات الطبية والقانونية اللازمة، بما في ذلك فحوصات الحمض النووي (DNA)، بإشراف الجهات المختصة لتحديد هويته.
وليلاً، شنت الطائرات الاسرائيلة غارات على محيطة بلدة زبقين وعلى مناطق في الليطاني.
الاخبار:
بنية تحتية وفوقية معادية للمقاومة: تفاصيل خطة ترامب لاستملاك غزّة
تتضمّن خطّة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لتحويل قطاع غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، خلاصات دراسة كان قد وضعها البروفسور الإسرائيلي – الأميركي في «جامعة جورج واشنطن»، جوزيف بيلزمان، في تمّوز 2024، وحملت عنوان «خطة اقتصادية لإعادة بناء غزة: نموذج بي أو تي (بناء – تشغيل – تحويل)». وبحسب الخطة المشار إليها، فإنه بعد إخلاء القطاع وتسويته أرضاً، ستعمل شركات أميركية على إعادة بناء البنية التحتية ومنشآت سياحية وتجارية وإدارية وسكنية، تشغلها على مدى 50 عاماً، ومن بعدها، قد يسلّم المستثمرون غزة إلى «ناس في المنطقة».
وعلى رغم خلفية بيلزمان العلمية والأكاديمية، إلا أن الدراسة/ الخطة التي عمل عليها تفتقد للحد الأدنى من الالتزام بالأمانة العلمية والأخلاقيات الأكاديمية؛ إذ استهلّها بتبرير مواصلة الإبادة الجماعية التي رأى أنها حرب «دفاعية»، وهدفها «استعادة أكثر من 200 رهينة اختطفتهم «حماس» وشركاؤها، والقضاء على حماس والمسلحين الآخرين المتآمرين معها»، معتبراً أن «التكلفة» التي يتحمّلها سكان غزة تعود بالكامل إلى وجود «مقاتلي حماس»، محمّلاً إياهم مسؤولية «خلق الفوضى وتعظيم الخسائر البشرية». وأشار إلى أنه «كجزء من إعادة هيكلة غزة وضمان القضاء التام على شبكة حماس المسلحة، يجب حفر منطقة غزة بأكملها. ويمكن دمج هذه العملية مع البدء في تحديد تكلفة بناء شبكة فنادق على الجانب الغربي (الواجهة البحرية)، ومجمع سكني على الجانب الشرقي»، وهو ما يورده في الصفحة 22 من الدراسة المؤلفة من 49 صفحة، نعرض في الآتي أبرز ما تتضمّنه.
تحمّل الدراسة حركة «حماس» كامل المسؤولية عن دمار القطاع، كما تشبّه ما حصل في غزة من دمار شامل وانهيار لمقوّمات الحياة بإفلاس مصرفي يستدعي اعتماد الـ«بي أو تي» كحلٍّ شامل للصراع القائم، في ما يُعد تجاهلاً واضحاً لكل الأسس القانونية السياسية والاقتصادية التي تنظّم العلاقات الدولية تبعاً لنظام الأمم المتحدة. وتشير الدراسة إلى ضرورة قيام إدارة مدنية في غزة تعتمد نظاماً اقتصادياً يستند إلى قاعدة «تأمين الخدمات العامة من خلال القطاع الخاص»، في إطار القانون الجديد الذي سيجري اعتماده لتثبيت الحكم الجديد. وفيما تذكّر بأن خطة غزة هي استكمال لاتفاقيات «أبراهام»، وصف بيلزمان الهجمات التي شنّها الجيش الإسرائيلي على غزة في أعوام 2008 و2012 و2014 و2021، بأنها جزء من حروب الـ«بينغ بونغ» (كرة الطاولة) نظراً إلى أنها لم تكُن حاسمة في اتجاه «حماس»، التي كانت تردّ في كل مرة وتستهدف المستعمرات الصهيونية.
لمحة تاريخية
تناول بيلزمان المشروع البريطاني لإنشاء وطن لليهود في فلسطين، لافتاً إلى أن هذا المشروع كان يفترض أن يضمّ كل المساحة التي تشمل الأردن اليوم وقطاع غزة والضفة الغربية، واصفاً التعديل الذي خضع له بين عامي 1921-1922، بـ«الخطأ الأكبر تاريخياً». أما بشأن مصر، فقد أورد تشويهاً إضافياً للحقائق، بقوله: «ظهر المصريون على الساحة في عام 1948 عندما هاجموا إسرائيل واحتلوا القطاع الذي كانت تسيطر عليه بريطانيا في السابق.
ولم تقم مصر بضم غزة وحافظت على الحكم العسكري المدني لكنها لم تمنح السكان حقوق الملكية». وخلص بيلزمان إلى أن «الدولة الوحيدة التي يمكنها منح حقوق التأجير للمستثمرين الأجانب بموجب القانون الدولي هي إسرائيل». كما تشير دراسته إلى «خطأ استراتيجي» في السماح لقطر بتمويل «حماس» في غزة؛ إذ ورد في الصفحة الـ8 أن الأموال القطرية استُخدمت من قبل «حماس» لتطوير بنيتها العسكرية، فيما حمّل مصر مسؤولية «تهريب السلاح الذي يقتل المدنيين الإسرائيليين إلى القطاع».
تشويه الوقائع والتلاعب بالقانون
استخدم بيلزمان معلومات ثبت أنها خاطئة ومضلّلة عن أحداث 7 أكتوبر 2023؛ إذ قال إن «حماس اجتاحت إسرائيل وقتلت وقطعت رؤوساً وأحرقت أكثر من 1200 مدني»، على رغم أنه تبيّن لاحقاً أن معظم القتلى سقطوا بسبب القصف الإسرائيلي على المستعمرات بهدف دفع «حماس» إلى الانسحاب منها. وأضاف بيلزمان فقرة في الهامش المخصّص للمراجع العلمية، ادّعى فيها بأن الهجوم الإسرائيلي على غزة «يتناسب مع قواعد القانون الدولي»، على الرغم من وصفه من قِبل «محكمة العدل الدولية» بالإبادة الجماعية، واعتبار «المحكمة الجنائية الدولية»، أيضاً، أنه يشمل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
بعد إخلاء القطاع وتسويته أرضاً، ستعمل شركات أميركية على إعادة بناء البنية التحتية ومنشآت سياحية وتجارية وإدارية وسكنية، تشغلها على مدى 50 عاماً
كما ذكرت الدراسة عدة مراجع في القانون الدولي تسمح باستهداف المستشفيات والمنشآت المدنية والمدارس والإسعافات «إذا كانت هذه الأماكن تُستخدم لدواعٍ عسكرية وقتالية»، علماً أنها تجاهلت غياب الدليل على ذلك، كما تجاهلت مبدأ التناسبية في الحروب وتحريم التجويع وتجنّب التعذيب والمعاملة غير الإنسانية واستخدام الأسلحة المحرّمة، وغيرها من مبادئ القانون الدولي الإنساني الملزمة لكل دول العالم.
كما تنقل الدراسة عن الجيش الإسرائيلي أن «100% من المساجد والمستشفيات والمدارس والمنازل بُنيت فوق الأنفاق، وتقع فيها مداخل الأنفاق وهي تُستخدم لتخزين العتاد العسكري»، زاعمةً أن عدد المدنيين الذين قُتلوا في غزة بسبب الهجوم الإسرائيلي هو «26 ألف عربي» (من دون ذكر أنهم فلسطينيون)، بالإضافة إلى 13 ألف مقاتل ينتمون إلى «حماس». أيضاً، تشكّك الدراسة في دقة أعداد القتلى التي نشرتها منظمتا «الأمم المتحدة» و«الصحة العالمية» و«الهلال الأحمر الفلسطيني» ووزارة الصحة الفلسطينية، فيما تحرّض على استكمال الدمار الشامل في غزة.
نسف «حلّ الدولتين»
تدّعي الدراسة بأن قطاع غزة، بحسب اتفاقات «أوسلو»، هو «أرض متنازع عليها»، وأن انسحاب الإسرائيليين منه عام 2005 كان «لمنح الفلسطينيين فرصة لتطوير القطاعين السياحي والزراعي هناك، لكنهم قاموا بعكس ذلك وحوّلت حماس غزة منذ عام 2007 إلى دولة مقاتلة طوّرت على مدى 15 سنة بنية تحتية عسكرية للاعتداء على المدنيين الإسرائيليين».
ولم تذكر الدراسة الحصار الخانق الذي فرضه الجيش الإسرائيلي على غزة وآثاره ونتائجه على الناس بشكل عام، وعلى القطاعات: الاقتصادي والتجاري والإنتاجي، كما على القطاعات: الصحي والاجتماعي والسياسي. وزعمت أن «إسرائيل وافقت على خمسة أنواع مختلفة لمشروع حلّ الدولتين، لكنّ (ياسر) عرفات رفض كلاً منها»، من دون تقديم أي دليل أو شرح لهذه المزاعم. وفي الصفحة 19، يشير بيلزمان إلى أن «أكثرية العرب المقيمين في الضفة الغربية وغزة يعارضون مشروع حل الدولتين»، مضيفاً أن «معظم المدنيين الفلسطينيين يسعون إلى إبادة اليهود جماعياً»، في ما بدا تبريراً للاستمرار في إبادتهم.
مشروع استملاك بتكلفة تريليوني دولار
تفترض الدراسة أن تكلفة مشروع استملاك غزة قد تصل إلى تريليوني دولار، من دون تحديد المساهمين، موردةً أنّه «ستراوِح تكلفة بناء مجمع فندقي ووحدات سكنية بما في ذلك الحفر الكامل لأنفاق الإرهاب ومجموعة كاملة من البنية التحتية للطاقة الشمسية، بين 500 مليار دولار و1 تريليون دولار» (صفحة 22). وفي فقرة أخرى يرد الآتي: «ستراوِح تكلفة عملية إعادة الإعمار الضخمة هذه في غزة، بين 1 و2 تريليون دولار، وسيستغرق استكمالها من 5 إلى 10 سنوات».
ولم تحدد الدراسة عدد المدارس والطلاب الذين يتوقّع أن يكونوا في غزة بعد انطلاق العمل بالمشروع، لكنها حدّدت وجهة المنهاج التعليمي بأنه ضمانة للقضاء على ثقافة المقاومة، إذ ورد فيها أنه «ينبغي أن يعتمد النظام التعليمي والتربوي في غزة المنهاج المعدّل المعتمَد في الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية»، والذي لا يتضمن دروساً تشرح القضية الفلسطينية بدقّة وأمانة علميّة، لا بل يُشوّه في محاولة لمنع ممارسة الحقّ في مقاومة الاحتلال.
بداية المشروع في شمال غزة
يبدأ المشروع في شمال غزة ببناء محطة لتحلية المياه ومرفأ، فيما توكل «مهمة حفظ الأمن» في القطاع إلى «شركاء محايدين لديهم مصلحة في القضاء على حماس ونزع السلاح بشكل كامل وحماية المستثمرين». وإلى جانب ذلك، ترد في الدراسة إشارة إلى «الحكم المدني في غزة، حيث يكون لدى أصحاب المصالح أفضل الحوافز لإدخال المواهب الأكثر تأهيلاً من الخارج لحماية استثماراتهم المالية». وتلفت إلى أن هذا النموذج متّبع في بَنما وبويرتو ريكو (جنوب أميركا)، علماً أن هذه الدول لم تشهد حرب إبادة جماعية ونقل السكان أو تجويعهم.
وخُصصت أقسام من الدراسة لتناول تفاصيل محطة توليد الكهرباء والمطار والميناء والسكك الحديدية. وحول الكهرباء، تذكر أن أي استثمار في التوليد المحلي في غزة، يجب أن يُحل محل الديزل مزيج طاقة أنظف، بما في ذلك الطاقة الشمسية الكهروضوئية. أما حول الغاز، فقد اقترحت المفوضية الأوروبية وهولندا و«مكتب اللجنة الرباعية»، بحسب بيلزمان، برنامجاً استثمارياً لتوفير إمداداته إلى غزة، فيما تقدّر التكلفة الإجمالية للمشروع بما يراوِح بين 85 و100 مليون دولار. ويهدف ما يسمى بمشروع «الغاز من أجل غزة» (G4G) إلى ربط غزة بشبكة الغاز الطبيعي الإسرائيلية. وبشكل عام، فإن تكلفة إنشاء محطة كهرباء واحدة في غزة، مستقلة عن إسرائيل، ستبلغ حوالي 20 مليار دولار.
وتقدّر الدراسة تكلفة بناء ميناء بحري – وهي عبارة عن تقديرات متوسطة فقط للبنية التحتية القياسية للنقل، ولا تشمل تكلفة شراء الأرض -، بين 16 مليون دولار لكل رصيف بطول 300 متر، و7 مليارات دولار لكل ميناء تجاري كامل.
وبالنسبة إلى نظام السكك الحديدية العادي، تورد أن تكلفة بنائه تراوِح بين مليون دولار لكل كيلومتر و5 ملايين دولار لكل كيلومتر. وبالنسبة إلى نظام السكك الحديدية السريعة، فإن التكلفة ستكون بين 20 و30 مليون دولار لكل كيلومتر.
«الاقتصاد الأخضر السيادي غير العسكري»
يدّعي بيلزمان بأن مسألة المستقبل الاقتصادي لغزة، هي «مسألة ديناميكية»، متسائلاً عمّا «سيحدث لاقتصاد غزة إذا حدثت تغييرات معينة في علاقتها مع إسرائيل. وقد تتعلق مثل هذه التغييرات بالبنود الاقتصادية القياسية مثل التحويلات الإسرائيلية والضرائب الإسرائيلية». وبناءً عليه، يوصي باستخدام نموذج «التوازن العام المحسوب» (CGE) المعروض في الورقة – لتتبع اقتصاد غزة المكوّن من ثلاثة قطاعات (السياحة والزراعة والتكنولوجيا المتقدمة) -، والذي سيتم تنفيذه «لمعالجة مسارات بديلة لتطوير هذا الاقتصاد الأخضر السيادي غير العسكري».
من هو جوزيف بيلزمان؟
هو، بحسب جامعة جورج واشنطن، مرجع «معترف به دولياً»، وخبير في سياسة التجارة الدولية للولايات المتحدة و«منظمة التجارة العالمية»، واقتصادات القانون التجاري الدولي، وسياسات التجارة الدولية المعاصرة والتي تؤثّر على جمهورية الصين الشعبية، وله اهتمام بحثي بـ«الاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي آسيا. قبل انضمامه إلى هيئة التدريس في «جامعة جورج واشنطن» عام 1980، كان باحثاً في السياسة الاقتصادية في «معهد بروكينغز». وقبل ذلك، كان عضواً في هيئة التدريس في «جامعة كارولينا الجنوبية» (1976-1979). كما شغل مناصب في «جامعة رنمين»، و«كلية الاقتصاد» في بكين (جمهورية الصين الشعبية) كباحث في برنامج فولبرايت (2012)، وفي «جامعة بن غوريون» في النقب (فلسطين المحتلة) كباحث في «برنامج فولبرايت» (1995-1996)، وعمل أستاذاً زائراً للقانون والاقتصاد في كلية الحقوق في «الجامعة الكاثوليكية» (2001-2005)، وأستاذاً زائراً للقانون في «كلية الحقوق رادزينر»، المركز المتعدد التخصصات في هرتسليا (فلسطين المحتلة) (2001)، وباحثاً في «معهد موريس فالك للأبحاث الاقتصادية» في فلسطين المحتلة، و«الجامعة العبرية» في القدس (1988-1997)، وباحثاً في مركز الأبحاث الروسي في «جامعة هارفارد» (1991-1992)، وأستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية في القدس (1984-1985).
العدو يتجسّس على جمعيّات مسيحيّة: عميل عين ابل زوّد الإسرائيليّين بصور عبر «البث المباشر»
كشفت التحقيقات مع متّهم، اعترف بالتعامل مع العدوّ الإسرائيلي، أن الموساد الإسرائيلي كان مهتماً خلال العدوان الأخير بالحصول على معلومات حول جمعيات ومجموعات دينية مسيحية تجهر بعدائها لحزب الله، وتنشط في المناطق «الشرقية»، بقصد اختراقها، إضافة إلى معلومات حول مركز لإيواء النازحين في منطقة الدكوانة، كانت القوات اللبنانية قد زعمت بأن «تحصينات» تُبنى داخله!
وكانت المديريّة العامّة لأمن الدولة قد أعلنت في بيان في 23 كانون الثاني أنها أوقفت في 21 منه علي أنطانس صادر (والدته ماري مارون، مواليد 1982/ عين ابل)، في منطقة سعسع في خراج بلدة رميش، «أثناء عودته من الأراضي المحتلّة، التي كان قد دخلها خلسةً»، وأنه «اعترف بتعامله مع العدوّ الإسرائيليّ منذ بداية حرب غزة، وقيامه بالمهام التي كُلّف بها». وعُثر بحوزته على «جهاز متطور يُستخدم لمراقبة وتصوير بعض المراكز المهمّة ويتيح تواصلاً مباشراً بينه وبين العدوّ»، إضافة إلى 3000 دولار.
وتبيّن في التحقيق مع صادر لدى أمن الدولة أنه أثناء حرب الإسناد وخلال العدوان، زوّد مشغّليه الإسرائيليين، بناءً على طلبهم، بفيديوات لطرقات محددة، من بينها طريق بيروت – الجنوب، مروراً بصيدا والزهراني وبرج رحال وصور، إضافة إلى مسالك ومواقع محددة في القرى والبلدات المؤدية إلى بلدته عين ابل». وأوضح أنه زوّد استخبارات العدو بهذه الفيديوات عبر تطبيقَي «واتساب» وgmail، وبواسطة تطبيق آخر تم تنزيله على جهاز هاتف يمكنه التصوير وإجراء عمليات مسح أثناء إقفاله.
طلبت استخبارات العدوّ من صادر دراسة مفصّلة حول مركز إيواء للنازحين أثارت القوات اللبنانية إشكالاً حوله
كما طلب منه مشغّلوه التجوّل في مناطق محددة داخل بعض القرى بعد تثبيت كاميرا على سيارته يمكنها إرسال بث مباشر للفيديوات إلى استخبارات العدوّ عبر الـ«واتساب». واعترف الموقوف بأن جيش العدو قصف مواقع وأماكن بناءً على معلومات زوّد الإسرائيليين بها، من بينها مقام النبي الخضر بين الحارتين المسيحية والإسلامية في بلدة يارون وحارة المسيحيين في البلدة.
وطلب المشغّلون الإسرائيليون من صادر معلومات مفصلة حول مراكز وحواجز محدّدة للجيش اللبناني، بما فيها تحديد مواقعها على الخريطة بدقة والإجراءات الأمنية المتخذة داخلها، وعدد العناصر العاملين فيها، وما إذا كانت لأيٍّ من الضباط والعناصر علاقة بحزب الله، إضافة إلى معلومات حول قياديّين وعناصر ينتمون إلى حزب الله وحركة أمل في بعض القرى والبلدات الجنوبية وأماكن إقامتهم.
واعترف الموقوف بأن مشغّليه طلبوا معلومات مفصلة عن مركز إيواء النازحين في مهنية الدكوانة، وهو المركز الذي أثار نائب القوات اللبنانية رازي الحاج، في نهاية تشرين الأول الماضي، إشكالاً حوله، مشيراً إلى إدخال شاحنتين تحملان أكياساً من «الترابة» إلى المهنية، ومتسائلاً عن «حاجة المركز إلى بناء تحصينات»، علماً أن مخابرات الجيش كشفت يومها على الأكياس، التي تبيّن أنها تقدمة من إحدى الجمعيات لرفع خزانات المياه وتثبيتها. كما طلب المشغّل الإسرائيلي من الموقوف دراسة مفصلة عن جمعيات ومجموعات مسيحية في شرق بيروت والمراكز التابعة لها وأسماء الفاعلين فيها، إضافة إلى دراسة مفصلة حول ترددات المحطات الإذاعية اللبنانية.
صادر، الذي أوقف أثناء عودته على دراجة نارية من لقاء مع مشغّليه الإسرائيليين داخل الأراضي المحتلة، في 21 كانون الثاني الماضي، قال إنّه جُنّد عن طريق أحد العملاء الذين فرّوا إلى إسرائيل عام 2000. وأوضح أن الأخير تواصل معه بعد أيام من عملية «طوفان الأقصى»، في 7 تشرين الأول 2023، وعرض عليه العمل لمصلحة الإسرائيليين.
وبعد موافقته، أمّن له تواصلاً «تجريبياً» مع ضابط إسرائيلي تبيّن أنه يعرف الكثير عن حياته منذ الطفولة. وبعد وضع الموقوف تحت الاختبار لفترة قصيرة وتنفيذه مهمات كُلّف بها، جرى نقله للعمل تحت إشراف ضابط آخر كان يكلفه بما هو مطلوب منه حتى توقيفه الشهر الماضي، علماً أن صادر سُلّم إلى مديريّة المخابرات في الجيش اللبناني للتوسع في التحقيق ومتابعة التحريات.
إلى جوزيف عون ونواف سلام: السلم الأهلي رهن موقفكم
قد يكون ممكناً التعامل بمسافة مع الحدث المتصل بالحصار الإسرائيلي – الأميركي على لبنان لدفعه إلى فتنة داخلية تستهدف أساساً المساس بحزب الله داخلياً، بعد فشل الحرب الإسرائيلية في تحقيق هدف القضاء على المقاومة عسكرياً.
لكنّ الأمر يصبح مستحيلاً عندما ينتقل الأميركيون إلى مستوى جديد من الضغط، يتزامن مع قرار العدو بالإبقاء على احتلاله المباشر لأراضٍ لبنانية، وإعطاء نفسه حق التصرف عسكرياً وأمنياً في لبنان في أي وقت يراه مناسباً.
ومع تطور الأحداث، يبدو أنه لا يمكن أخذ أي مسافة من هذا الحدث. فانشغال اللبنانيين في إعادة بناء بلدهم، جراء العدوان الإسرائيلي من جهة، وجراء الهدم الداخلي للمؤسسات من قبل السلطات المتعاقبة، ليس ذريعة لعدم القيام بما يلزم، لمواجهة المسعى الأميركي – الإسرائيلي لفرض وقائع داخلية في لبنان، تحاكي جانباً من أهداف الحرب الإسرائيلية من جهة، والاستفادة من تداعيات التغيير الكبير الذي شهدته سوريا بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، باعتباره من حلفاء المقاومة في لبنان، وخصماً للجانبين الأميركي والإسرائيلي.
العدو يرفض الانسحاب الكامل من الجنوب، ويريد إدخال تعديلات على اتفاق وقف إطلاق النار، بدعم أميركي كامل. وفي مكان آخر، تتوسّع سياسة الحصار على كل ما يتصل بالمقاومة وأهلها، ولا سيما محاولات منع حزب الله من إطلاق ورشة الإعمار الواسعة بعدما اقترب من إنجاز أضخم عملية لإيواء نحو ربع مليون لبناني، والمباشرة بترميم أكثر من خمسين ألف وحدة سكنية تضرّرت بفعل الحرب، والمحاولة الفاشلة لتحقيق أحد أهداف الحرب بإبعاد حزب الله عن حكومة العهد الأولى. وفيما أبلغ الحكم الجديد في سوريا لبنان أنه غير جاهز لترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين، وليس جاهزاً لعودة النازحين السوريين، ولا يملك قدرات على ضبط الحدود مع لبنان، إلا أنه وجد أنه قادر على خوض معارك بالسلاح في مقطع من الحدود الشرقية للبنان، «صودف» أنه ملاصق لمناطق نفوذ حزب الله في البقاع الشمالي.
واشنطن تعدّ برنامج عقوبات جديدة وتطلب إقفال جمعية «القرض الحسن» وتضغط لتقليص العلاقات بين لبنان وإيران
داخلياً، تبدو الحكومة الجديدة منشغلة بصياغة البيان الوزاري. وبمعزل عما ستخرج به من تصورات وأولويات، إلا أن المناخ الذي رافق اختيار الوزراء، وتوزّع الحصص على القوى السياسية، دلّ على أن هناك ميلاً أكيداً لتوفير مناخ حكومي في حالة خصومة مع المقاومة، أو أقله سعي لنيل رضى الولايات المتحدة والغرب والسعودية وحلفائها في لبنان.
وهذا ما ينعكس خطوات قد تؤثّر على الوضع العام في لبنان، خصوصاً أن الأميركيين يعدّون منذ الآن لائحة مطالب من الحكومة، مع تهديد بأن واشنطن ستطلق الشهر المقبل سلسلة جديدة من العقوبات ضد شخصيات وكيانات لبنانية على صلة بالمقاومة.
والأهم أن الجانب الأميركي مهتم حالياً بالملف المالي، ليس لجهة تقديم المساعدات للبنان، بل لوضع الشروط قبل تقديم أي نوع من الدعم، سواء على شكل هبات أو قروض. وفي رأس الأولويات الأميركية اليوم دفع الحكومة في لبنان إلى اتخاذ خطوات تمنع وصول أي أموال إلى حزب الله، من إيران أو من أي دول أخرى، أو حتى من أفراد. وتقضي الخطة الأميركية بالضغط على الحكومة لإصدار سلسلة قرارات، منها:
أولاً، اعتبار أن ملف إعمار ما دمّرته الحرب من مسؤولية الدولة اللبنانية، وبالتالي السعي إلى منع حزب الله من القيام بأي مبادرة تساعد المتضررين على إعادة إعمار بيوتهم وقراهم.
ثانياً، وضع عراقيل أمام ما يقوم به حزب الله في هذا المجال، من خلال استصدار قرار رسمي من الحكومة بإقفال مؤسسة «القرض الحسن»، ومنعها من فتح فروع لها، واتخاذ إجراءات لمنعها من التداول في الأموال، وصولاً إلى اعتبارها مؤسسة مخالفة للقانون. ويعتقد الأميركيون بأن خطوة كهذه ستعرقل آلية توزيع أموال إعادة الإعمار من جهة، كما ستدفع المودعين لدى المؤسسة إلى سحب ودائعهم من أموال وذهب وغيرهما، ما يجبرهم على التوجه إلى المصارف اللبنانية.
ثالثاً، اتخاذ إجراءات قانونية من نوع رفع السرية عن جميع الحسابات المصرفية، مع التشديد على إعادة درس الودائع لجهة التثبّت من مشروعية الأموال ومصدرها، وصولاً إلى الحجز على كل وديعة لا يثبت صاحبها مصدرها.
رابعاً، الشروع في خطوات عملية لتقليص مساحة التواصل بين لبنان وإيران، مع محاولة لإحياء مشروع الرئيس الأسبق أمين الجميل مطلع ثمانينيات القرن الماضي، عندما قطع العلاقات مع إيران على خلفية دعم طهران لقوى لبنانية معادية لحكم الكتائب في حينه. ويسعى الأميركيون إلى دفع الحكومة اللبنانية إلى وضع عراقيل وشروط على العلاقة مع إيران، من بينها منع شركات الطيران الرسمية أو الخاصة الإيرانية من التوجه إلى لبنان، علماً أن العقوبات الأميركية المفروضة على الطيران الإيراني تعقّد عمله في كثير من دول العالم، لكنها لا تعطّله بصورة كاملة.
خامساً، توسيع الرقابة على كل ما يرد إلى لبنان من إيران أو العراق وإخضاعه لتفتيش دقيق للتثبت من أن حزب الله لا يستفيد من أي دعم مالي أو غير مالي يصله عبر هذين البلدين، مع التشديد على تعاون أمني بدأ مع الحكم الجديد في سوريا التي أعلن رئيسها الجديد أحمد الشرع التزامه بمنع حزب الله من استخدام الأراضي السورية لعبور الأموال أو السلاح.
حكومة الشرع في سوريا تلتزم بالإجراءات الكاملة لمنع حزب الله من الاستفادة من الأراضي السورية كمعبر بري لحاجاته
وقد بدأت الفرق الأمنية والعسكرية التابعة للشرع خطوات عملانية في هذا المجال، سواء على الحدود مع العراق أو على الحدود مع لبنان، علماً أن سلطات دمشق الجديدة تبرّر ما تقوم به بأنه لمواجهة عمليات التهريب وتجارة المخدّرات، بينما يعرف العالم كله أن منطقة إدلب نفسها تشكل إحدى أكبر بؤر هذه التجارة في سوريا، وقد توسّع نشاط المهربين هناك بعد استيلاء «هيئة تحرير الشام» على دمشق.
عملياً، ليس هناك أي غموض في البرنامج الأميركي – الإسرائيلي في لبنان. وليس منطقياً، كما أنه ليس مقبولاً، أن يسألنا أركان الحكم عن تفاصيل هذا البرنامج. وبينما يقع على عاتق الناس ابتداع آليات المواجهة المباشرة لهذا المشروع وأدواته، فإن المسؤولية الكبرى تقع اليوم على عاتق رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، وعلى عاتق الحكومة الجديدة ورئيسها نواف سلام.
وكي لا يبقى الأمر قيد نقاش عبثي، فالأمور الجارية تقول لنا، بوضوح، إن ما يريده الأميركيون، هو ما يريده الإسرائيليون، وعلى الرئيسين عون وسلام تحمل المسؤولية المباشرة، ليس لخوض معركة مع واشنطن، بل لإشعارها أولاً بخطورة ما تدعو إليه، ولمنع تدهور الأوضاع الداخلية التي قد تذهب إلى صدام كبير، رغم أن حزب الله يمارس منذ لحظة توقف الحرب المباشرة والواسعة مع العدو أعلى درجات ضبط النفس، ويتحمل حتى اللحظة ما تقوم به قوات الاحتلال.
وعلى أهل الحكم إدراك أن مستوى الانضباط لدى قواعده وناسه، وعدم الذهاب نحو خيار التصادم، إنما هو انعكاس لقرار مركزي، بينما ستصبح الأمور أكثر صعوبة بطريقة لا يعود الحزب قادراً على ضبطها، عندما تشعر بيئة المقاومة بأن هناك من يريد إذلالها.
بكل بساطة، والكلام للتفسير والتوضيح وليس للتهديد كما سيقول خصوم المقاومة، على عون وسلام، وأركان الحكومة الحالية، المبادرة إلى وضع إطار لحماية السلم الأهلي، إذ إن الانفجار في حال حصوله، لن تنفع معه التحليلات والتبريرات، ولا كل بيانات الدعم الآتية الآن من خلف البحار…
ببساطة، ليست هناك الآن أولوية تتقدّم على أولوية حماية السلم الأهلي. أمّا مقاومة الوصاية الأميركية، فهي برنامج طويل، سيتعزز يوماً بعد يوم، وسيكون له ناسه والقادرون على تحويله إلى وقائع تضع حداً لهذه العربدة!
واشنطن تغطّي العدو: إسرائيل ستبقى في 5 نقاط | اتصالات دولية لتفادي الانفجار واقتراح فرنسي للحلّ
اقتربَت المهلة الممدّدة لانسحاب جيش الاحتلال من جنوب لبنان من نهايتها، في 18 شباط الجاري، وسطَ إصرار العدو على عدم الانسحاب بصورة كاملة، وطلبه الاحتفاظ بنقاط ذات أهمية استراتيجية، مُبرّراً ذلك بأسباب أمنية. وهو ما يُلقي بظلال من الشك على التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار، ويثير القلق من إمكانية انفجار الجبهة مجدّداً.
التسريبات الإسرائيلية بعدم الالتزام بالمهلة، والتي بدأت منذ أيام، تحوّلت أمس إلى قرار رسمي أبلغته إسرائيل إلى الولايات المتحدة، وحمله رئيس لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق الجنرال جاسبر جيفرز إلى المسؤولين اللبنانيين، إذ زار عين التينة برفقة السفيرة الأميركية ليزا جونسون للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي صرّح بعد الاجتماع بأنّ «الأميركيين أبلغوني بأنّ الاحتلال الإسرائيلي سينسحب في 18 من الشهر الجاري من القرى التي لا يزال يحتلها، لكنه سيبقي قواته في 5 نقاط. وقد أبلغتهم، باسمي وباسم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، رفضنا المطلق لذلك».
وأضاف بري: «رفضت الحديث عن أي مهلة لتمديد فترة عمل الانسحاب، ونعتبر أن على الأميركيين تحمّل مسؤولية فرض ذلك، وإلا فإنهم يكونون قد تسبّبوا بأكبر نكسة للحكومة»، مشيراً إلى أنه «إذا بقي الاحتلال فالأيام بيننا، وهذه مسؤولية الدولة اللبنانية. الجيش يقوم بواجبه كاملاً في جنوب الليطاني، أما في ما يخص شمال الليطاني فهذا الأمر يعود للبنانيين ولطاولة حوار تناقش استراتيجية دفاعية». وأكّد بري أن «حزب الله يلتزم بشكل كامل، وإذا بقي الاحتلال فهذا يعني أن الإسرائيلي سيمارس حرية الحركة في لبنان، وهذا أمر مرفوض».
من جهته، أكّد رئيس الجمهورية جوزيف عون أن «لبنان يتابع الاتصالات لإلزام إسرائيل بالانسحاب في 18 شباط الجاري، ويتواصل مع العواصم المؤثّرة، ولا سيما واشنطن وباريس، للتوصل إلى حلّ مناسب». بينما أكّد وزير الدفاع ميشال منسى أن الاتصالات جارية مع الولايات المتحدة وفرنسا، و«أبلغنا موقفنا برفض طلب إسرائيل تمديد احتلال بعض المواقع»، مشدّداً على أن «لبنان يسعى لتحقيق انسحاب إسرائيل من أراضيه، والحكومة ستعمل على تطبيق القرار 1701».
وكشفت مصادر وزارية لـ«الأخبار» أن الحكومة «ستناقش هذا الملف في جلسة لها مطلع الأسبوع»، مشيرة إلى أن «الموقف الإسرائيلي مقلق ويؤشر إلى تصعيد غير معروف النتائج».
باريس تقترح انتشار قوات فرنسية تعمل ضمن «اليونيفل» في النقاط الخمس
وأضافت أن «موضوع الجنوب هو من الامتحانات الصعبة التي تواجه الحكومة، وهي معنية بمعالجته انطلاقاً من موقعها ودورها، علماً أننا لا نزال مشغولين الآن بصياغة البيان الوزاري الذي يفترض أننا أصبحنا في نهاية صياغته، وننوي عقد جلسة الأسبوع المقبل لمناقشته في الحكومة». وأشارت إلى «وجود وساطات دولية لمنع الانفجار وتدخّلات لضبط الوضع، خصوصاً أن الداخل اللبناني قابل للانفجار في أي لحظة بسبب الاحتقان الموجود».
وفي هذا السياق، كشف وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو أمس ما سبق أن أشارت إليه «الأخبار» عن أن «فرنسا قدّمت حلاً من أجل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان، يشمل نشر بعض وحدات لليونيفل، منها وحدات فرنسية، في الأماكن التي تريد إسرائيل البقاء فيها».
وأشار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «وافق على الاقتراح، لكنّ إسرائيل لم تجب بعد». وقال السفير الفرنسي في بيروت هيرفي ماغرو إن «اجتماعات ستُعقد في الساعات المقبلة حول الانسحاب، ونأمل أن تحرز تقدّماً».
وعلمت «الأخبار» أن الاقتراح الفرنسي يقضي بأن تعزّز باريس عديد قواتها العاملة ضمن القوات الدولية المنتشرة في الجنوب، على أن يتم تكليفها بالانتشار في النقاط التي تقول إسرائيل إنها تشكل تهديداً أمنياً لها. ويقضي الاقتراح بأن «يكون الانتشار من ضمن مهام القوات الدولية، بما لا يفرض أي تعديل على مهامها، ولا يفرض تغييرات على آليات العمل، فيما يمكن لإسرائيل الاتكال على الوجود الفرنسي لعدم استخدام هذه النقاط كمراكز تهديد لها».
وكان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر أعلن أن «إسرائيل ستحتفظ بخمس نقاط استراتيجية عالية داخل لبنان بعد انتهاء مهلة وقف إطلاق النار الثلاثاء المقبل». ولفت ديرمر، وهو من المقرّبين من رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع وكالة «بلومبرغ»، إلى أنّ «الجيش الإسرائيلي سيُعيد نشر هذه المواقع الخمسة حتى يُنفّذ لبنان التزاماته بموجب المعاهدة»، وأنّ «القوات الإسرائيلية لن تُسحب في الأمد القريب».
وقال إنّ «التزامات لبنان كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ توقيعه في تشرين الثاني لا تشمل فقط إبعاد حزب الله عن الحدود الشمالية لإسرائيل، بل تشمل أيضاً نزع سلاح الحزب ومنعه من إعادة بناء قوته».
والنقاط الخمس التي ينوي العدو الإسرائيلي البقاء فيها هي:
– تلة اللبونة، التي تقع على مستوى بلدات الضهيرة واللبونة وعلما الشعب، وتشرف بشكل كبير على مستوطنات عدة.
– تلة العزية القريبة من بلدتَيْ يارين ومروحين.
– تلة جبل بلاط التي تقع على حدود بلدتَيْ رميش وعين إبل.
– جبل الباط في عيترون ويشرف على كامل القطاع الأوسط.
– تلة العويضة الواقعة بين قرى العديسة والطيبة ورب ثلاثين.
استنفار إسرائيلي تحسّباً لتجدّد القتال: غموض يلفّ تبادل السبت
فيما نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التوصّل إلى تفاهمات بشأن حل الأزمة مع حركة «حماس»، مشيراً إلى أن التقارير التي تحدّثت عن نجاح الوساطات هي «أخبار كاذبة»، وأنه «لم يتمّ التوصل حتى الآن إلى تفاهمات»، تشير معلومات من مصادر مختلفة إلى أن الطرفين عادا فعلياً إلى الالتزام بالاتفاق، وأنه سيتمّ إطلاق سراح الأسرى غداً، وفق ما نصّ عليه اتفاق التبادل. وفي هذا السياق، نقلت قناة «كان» العبرية عن مصادر أن هناك «استعدادات لتلقّي أسماء ثلاثة أسرى سيتم الإفراج عنهم يوم السبت (غداً)»، وهو ما يتناقض مع نفي مكتب نتنياهو.
ويعزّز هذا الاتجاه، موقف حركة «حماس» التي أعلنت، أمس، أن وفدها في القاهرة «عقد اجتماعات مع مسؤولي ملف المفاوضات في مصر وقطر، وكذلك مع فرق العمل الفنية للإخوة الوسطاء»، مشيرةً إلى أن البحث «تركّز على ضرورة الالتزام بتطبيق بنود الاتفاق كافة، خاصة تلك المتعلقة بتأمين إيواء الشعب الفلسطيني وإدخال المعدات الإنسانية والوقود والمستلزمات الطبية»، مؤكدة «استمرارها في موقفها الداعي إلى تطبيق الاتفاق كما تم التوقيع عليه، بما في ذلك تبادل الأسرى وفق الجدول الزمني المحدّد».
وفي المقابل، تستغل إسرائيل تشديد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على ضرورة الإفراج عن «جميع» الأسرى بحلول يوم غد السبت، وتهديده بـ«فتح أبواب الجحيم» إذا لم يحصل ذلك، للضغط على حركة «حماس»، فيما يواصل العدو الحفاظ على «ضبابية» بشأن عدد الأسرى الذين سيُفرج عنهم غداً. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله: «نحن نعمد إلى عدم الإعلان عن العدد الدقيق للمختطفين، لأن هذا بيد حماس». وأشار إلى أن التقديرات الإسرائيلية تفيد بأن بعض الأسرى سيتم إطلاق سراحهم يوم غد السبت، لكنّ «العدد النهائي سيعتمد على ما تراه حماس». وأضاف أن «حماس تتلقّى رسالة ترامب، كما أن مواقفها في المفاوضات تشير إلى استعدادها للمضي قدماً في الصفقة». وفي السياق نفسه، نقلت «يديعوت أحرونوت» عن عضو في «الكابينت»، لم تُسمّه، إشارته الى أن «إسرائيل وحماس ترغبان في نجاح المرحلة الأولى من الصفقة حتى نهايتها».
يواصل العدو الحفاظ على ضبابية بشأن عدد الأسرى الذين سيكون «مقبولاً» لديه الإفراج عنهم غداً
كما بدا لافتاً ما نقلته «القناة 13» الإسرائيلية عن مسؤول أميركي رفيع، من أن «ترامب يرغب في لفتة من حماس من خلال إطلاق سراح رهائن أميركيين»، وأن «البيت الأبيض» يتوقّع «إطلاق حماس 6 رهائن يحملون الجنسية الأميركية تقديراً للرئيس ترامب». ومع ذلك، اعترف عضو «الكابينت» بأن مطالبة ترامب بالإفراج عن جميع الأسرى يوم غد السبت «تضع إسرائيل أمام معضلة، وهي كيفيّة الردّ إذا تمّ إطلاق سراح ثلاثة محتجزين فقط؟». وأوضح أنه رغم أن هذا «مجرد اقتراح من ترامب»، إلا أن «تصريحاته قد ضاعفت الضغوط على رئيس الوزراء نتنياهو من قبل اليمين الإسرائيلي».
وفي الوقت نفسه، أفادت قناة «كان» العبرية بأن مكتب نتنياهو أصدر بياناً، بتوقيع «مصدر سياسي»، قال فيه إنه «منذ حوالي أربع ساعات، يجري رئيس الوزراء نتنياهو تقييماً للوضع في القيادة الجنوبية، وللخطط العملياتية للجيش الإسرائيلي لمختلف السيناريوهات، بعد أن عزّز الجيش قواته في غزة وجمعها حولها تنفيذاً لتوجيهات رئيس الوزراء». كما وافق وزير الجيش الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في حال انهيار الاتفاق بشكل رسمي، على «خطط هجومية كبيرة»، وفق ما أشارت إليه «هيئة البث الإسرائيلية»، التي عادت وأكدت أن «القرار بشأن ما إذا كان سيستمرّ وقف إطلاق النار أم العودة إلى القتال أصبح بيد نتنياهو، مع تقديرات بأن إدخال البيوت المتنقّلة ومعدات إعادة الإعمار قد لا يتم قبل الأسبوع المقبل».
وفي ما يتعلّق بالمساعدات الإنسانية، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصادر إسرائيلية نفيها دخول معدات ثقيلة وبيوت جاهزة إلى غزة عبر معبر رفح، في حين أظهرت مقاطع مصوّرة عشرات الآليات الثقيلة والبيوت المجهّزة محمّلة على شاحنات عند بوابة المعبر، في انتظار الحصول على إذن للدخول إلى قطاع غزة، علماً أن بعضها تحمل أعلام قطر، والأخرى أعلام مصر.
محاولات فرنسية لهندسة الانتقال: باريس تُزاحم أنقرة
في لقاء يُعتبر متمّماً للقاءين سابقين أُجريا في العقبة والرياض، استضافت باريس مؤتمراً حول سوريا، وسط حضور إقليمي ودولي وازن تقدّمه وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، أسعد الشيباني، في أول تمثيل لسوريا في لقاء دولي غربي رفيع المستوى، بعد مشاركته الشرفية، الشهر الماضي، في «منتدى دافوس». وأصرّت فرنسا على إعطاء المؤتمر الذي حمل شعار «العدالة والمساءلة في الانتقال السياسي في سوريا»، زخماً كبيراً عبر مشاركة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي أعلن عن منحة مالية لسوريا بقيمة 50 مليون يورو، بنفسه فيه.
وخلال كلمته، ركّز الرئيس الفرنسي الذي تخوض بلاده صراعاً مع تركيا التي تحاول الاستئثار بالملف السوري، على مقترح من شأنه أن يقوّض مساعي أنقرة لخلق تحالف رباعي (تركي – عراقي – أردني – سوري) لمحاربة تنظيم «داعش»، ليكون بديلاً من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تعمل تركيا على حلّها. ويقضي المقترح الفرنسي بانضمام القوات السورية إلى الجهود الدولية في إطار التحالف الدولي ضد «داعش»، وهو ما تزامن مع دعوات ماكرون إلى دمج «قسد» في الجيش السوري، الذي رأى أنه «سيساعد على مواجهة الإرهاب»، مؤكداً أن باريس ستتابع جهودها لرفع العقوبات عن سوريا، في إشارة إلى المساعي الألمانية – الفرنسية لرفع العقوبات وفق «خريطة طريق» تهتدي بمبدأ «خطوة مقابل خطوة».
ويأتي هذا علماً أن تلك المساعي لاقت قبولَ معظم دول الاتحاد الأوروبي، باستثناء اليونان وقبرص، اللتين أبدتا تخوّفهما من عدم وجود ضمانات، حسبما نقلت صحيفة «بوليتكو» عن مصادر دبلوماسية، أكدت أن الدولتين العضوين في الاتحاد الأوروبي «تريدان ضمانات بأن العقوبات التي يعتزم الاتحاد رفعها يمكن استبدالها بسهولة إذا لزم الأمر». وقال أحد الدبلوماسيين، للصحيفة، إنه «إذا لم تغيّر الإدارة الجديدة في سوريا من موقفها فلن نتمكن من المضي قدماً»، مشيراً إلى أن «النص (المتعلق برفع العقوبات) قيد المناقشة في مجموعة العمل ذات الصلة، ونأمل أن نتمكن من الانتقال إلى الخطوة التالية من العملية قريباً».
وبينما يعتبر لقاء باريس استكمالاً لجهود عربية – غربية مشتركة، بدأت في لقاء العقبة في كانون الأول، ولقاء الرياض في كانون الثاني، يكشف إصرار فرنسا على تصدّر هذه الجهود عن مساعيها المستمرة للاستحواذ، قدر الإمكان، على الملف السوري، بحجة «حماية الأقليات»، و«محاربة الإرهاب»، إلى جانب تصدرها الجهود المبذولة لرفع العقوبات، وذلك بمواجهة تركيا، التي تعتبر المتحكم الأبرز بالملف السوري، والتي أعلنت تعيين ملحق عسكري في سوريا، في سياق عمليات إعادة هيكلة القوات السورية التي تشرف عليها.
وفي هذا الإطار، أكدت وزارة الدفاع التركية، في بيان بشأن التقارير المتعلقة بسيطرة الإدارة الجديدة في سوريا على منطقة عفرين بعد إنهاء نفوذ «الجيش الوطني السوري»، أن «أولويتنا هي تطهير سوريا من التنظيمات الإرهابية»، لافتةً، على لسان الناطق باسمها، زكي أكتورك، إلى أن هناك «توافقاً في الرؤى بين بلادنا والإدارة الجديدة في سوريا بشأن هذا الهدف». وأضافت أن الوزارة مستمرة في العمل على تعيين ملحق عسكري في سوريا، موضحة أن «هذا الإجراء سيتم قريباً جداً»، وأنه «إذا اقتضت الضرورة، قد يتم إجراء تغييرات في مواقع وحداتنا الموجودة في سوريا».
اعتبر المتحدث باسم «لجنة الحوار» أنها لن تقبل تمثيل أي فصائل عسكرية في الحوار
وسبق المؤتمر، لقاء أجراه الشيباني بنظيره الفرنسي، جان نويل بارو، الذي أعلن أن اللقاء لا يهدف إلى جمع المساعدات لسوريا، وإنّما للتمهيد لهذه الخطوة، التي من المنتظر المضي فيها في لقاء بروكسل الذي ينعقد في الثالث من آذار المقبل، مشيراً إلى أن بلاده ستعمل على مساعدة سوريا، ولكنها تحتاج إلى ضمانات، في إشارة إلى ضرورة تحقيق انتقال سياسي يشمل جميع السوريين، ويضمن حقوق الأقليات.
وفي تزامن مقصود مع لقاء باريس، أعلنت الحكومة البريطانية عزمها تعديل نظام العقوبات التي تفرضها على سوريا. وقال وزير أوروبا وأميركا الشمالية والأقاليم الخارجية البريطاني، سيفان دوغتي، في بيان، إن بريطانيا ستجري تحديثاً بشأن مستقبل العقوبات التي فرضتها على سوريا، بعد السقوط المرحّب به لنظام الأسد. وتابع: «تظل العقوبات أداة قوية في السياسة الخارجية والأمنية، وتلتزم الحكومة بتعظيم تأثيرها، بما في ذلك مراجعة استخدامها في ضوء الظروف المتغيرة». وعزا الوزير البريطاني هذه الخطوة إلى دعم الشعب السوري في إعادة بناء بلده وتعزيز الأمن والاستقرار، على أن تشمل تلك التغييرات تخفيف القيود المفروضة على قطاعات الطاقة والنقل والتمويل، وتوفير المزيد من الدعم لتقديم المساعدات الإنسانية.
في غضون ذلك، أعلنت اللجنة المصغّرة التي قام بتشكيلها الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، للتحضير لمؤتمر الحوار، والتي لاقت انتقادات واسعة في المجتمع السوري بسبب خلفية أعضاء اللجنة المقربين من «هيئة تحرير الشام»، أنها لن تقبل تمثيل أي فصائل عسكرية أو قوى على الأرض، في إشارة إلى استبعاد «قسد» والفصائل التي رفضت حل نفسها والانضمام إلى وزارة الدفاع الناشئة من الحوار. وقال المتحدث باسم اللجنة، حسن الدغيم، إن اللجنة بدأت أعمالها «مستندةً إلى المرحلة السابقة ومستلهِمةً منها في إعداد الآليات المتعلقة بإدارة المضامين أو الإدارة التقنية»، مضيفاً، خلال مؤتمر صحافي، أنه «عندما تنضج عملية التواصل وإعداد الأوراق الأولية للتنفيذ، ستتم الدعوة إلى مؤتمر الحوار الوطني».
وتابع أن «مشاركة المحافظات في المؤتمر ستتم بعد الاجتماع بالمواطنين في كل محافظة للوقوف على خصوصياتها واختيار الشخصيات الوطنية القادرة على تمثيل مصالحها»، مشيراً إلى أن «البلاد، بعد تعطيل دستور 2012، بحاجة إلى ملء الفراغ الدستوري من خلال إعلان دستوري». ورأى أن «اللجنة ستراعي التنوع السوري، وستركز على الحوار لتبادل الآراء، وليس لاستعراض القوى العسكرية، ولا مكان للمحاصصة الطائفية في المؤتمر، فيما يبقى الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً هو الهدف الأساسي»، متابعاً أن «أعضاء اللجنة هم خبراء أمضوا سنوات عديدة في إدلب وحلب، وأداروا عمليات حوار، ويملكون معرفة واسعة بالمجتمع السوري تمكّنهم من اختيار الشخصيات المناسبة من جميع المحافظات»، وفق تعبيره.
أما على الصعيد الداخلي، فتستمر حالة الانفلات الأمني، وعمليات الاعتقال والخطف على خلفية طائفية في محافظات عدة، أبرزها حمص وطرطوس واللاذقية، في وقت أعلنت فيه وزارة التعليم العالي منع استثناء عوائل الشهداء من رسوم التسجيل في الجامعات السورية، وتقديم استثناء للطلاب التركستان يسمح لهم بالتسجيل في جامعة إدلب بشكل مجاني، في قرار أثار جدلاً كبيراً في الشارع السوري.
المصدر: صحف