حذّر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الدول التي تعهّدت بتطبيق اتفاق وقف النار من العواقب التي ستترتب على الإخلال به، وقال: “إن العالم سيرى بأس شعبنا رغم كل الآلام، لأنه شعب يأبى الضيم والهوان والإذلال، ولن يترك لغازٍ ومحتل أن يستقر، ولا لاحتلال أن يبقى أو يدوم”.
ودعا في خطبة الجمعة إلى “الإسراع في تأليف الحكومة اللبنانية ليتسنّى لها أن تقوم بمهامها الدستورية، ومن دون وضع العصي أمام التأليف والتعاطي معها بالعقلية التي حاول البعض أن يتعاطى بها مع بيئة المقاومة عبر البروباغندا، بعقلية منتصر ومهزوم”.
وأضاف سماحته: “وأي محاولة استغلال من أي جهة أو مكوّن لظرفٍ من الظروف من أجل تحصيل مكاسب لا تعود بالخير على أحد، كما أكدت التجارب المتعددة، وإنما كانت وبالًا على الجميع. وإن الطريق الوحيد لحل المشاكل الداخلية هو التفاهم والحوار والخروج بحلول لمصلحة الجميع.
أما استغلال الظروف واللجوء إلى الاستعانة بقوى خارجية لفرض أمر واقع، فقد جُرّب أكثر من مرة. ووصل الأمر بالبعض إلى الاستعانة بالعدو، لكنه فشل في النهاية، لأن العدو وجد في هذا الأمر فرصته الثمينة للتقدم خطوة نحو تحقيق حلمه التاريخي، إسرائيل الكبرى، الذي انتهى إلى الفشل، وأُخرج من لبنان مهزومًا يجر أذيال الفشل. بينما كان البعض يمني النفس بأن العصر أصبح عصرًا إسرائيليًا، وأن على الجميع أن يخضع لإرادته، خصوصًا أنه استطاع أن يجتاح لبنان ويحتل العاصمة بيروت في ثلاثة أيام”.
ولفت الشيخ الخطيب إلى أننا “اليوم نمرّ بمرحلة جديدة أراد العدو فيها أن يعيد التجربة، مطمئنًا إلى أن الظروف التي مرت بها المنطقة، والتي كان عنصرًا فاعلًا في أحداثها، قد هيأت الأمور أكثر من أي وقت مضى للقضاء على العوامل التي شكّلت تهديدًا وجوديًا لكيانه بعد الهزيمة المدوّية التي تجرّعها في العدوان الذي شنه على لبنان عام 2006. ولكنه رغم كل ما أحدثه من مجازر وإبادة وحشية، فشل في تحقيق أهدافه التي وضعها لهذا العدوان الهمجي. ولم يستطع أن يتجاوز الحافة الأمامية للحدود، واضطر لطلب وقف إطلاق النار وقبول القرار الأممي الذي أصدره مجلس الأمن الدولي عام 2006، على الرغم من حجم الدمار الهائل الذي أحدثه في المدن والقرى والمجازر بحق المدنيين. لكنه فشل استراتيجيًا فشلًا ذريعًا باعتراف قادة جيشه، وإن حاولت بعض القوى القبلية التي تسمي نفسها سياسية قلب الحقائق واتهام المقاومة بأنها هُزمت، بعد أن خاضت هذه القوى حرب العدو الإعلامية، وما زالت للأسف تحمل نفس العقلية ونفس الخطاب، وترى أن انتصار المقاومة هزيمة لها قبل أن تكون هزيمة للعدو”.
وسأل سماحته: “كيف كانت صورة الكيان أمام الرأي العام العالمي قبل طوفان الأقصى ومساندة قوى المقاومة له، حيث كان العالم يراها الدولة الحضارية والديمقراطية الوحيدة في المنطقة؟ وأين أصبحت الآن؟ إذ انكشفت على حقيقتها كيانًا متوحشًا وقاتلًا ومجرمًا. قادتها يقدمون للمحاكم الدولية بتهم الإبادة الجماعية تحت ضغط الرأي العام الغربي، الذي لولاه لما تحقق هذا الإنجاز”.
وقال: “معركة الرأي العام الدولي أساسية في هذه المعركة. شعور العدو بأن هذه المعركة وجودية دفعه إلى ارتكاب هذه المجازر وحرب الإبادة، لكنه عجز وفشل في تحقيق أهدافه. ما ثبّت لديه هذا الشعور بأن كيانه إلى زوال، بعد أن كان يهدد بتحقيق خرائط جديدة للشرق الأوسط، التي بدا للبعض أنها بدأت تتحقق. وما هو إلا وهم كاذب سرعان ما ستكشف عنه الأيام والليالي، وافتضحت فيه بعض القوى على حقيقتها”.
وتابع: “نحن، من منطلق قوله تعالى: {قُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}، ومع الوقائع الجديدة التي أنتجت مرحلة جديدة بفضل ما أنجزته المقاومة بدماء الشهداء من قادة ومقاومين، نؤكد على ضرورة استغلال هذه الفرصة والمضي سريعًا بتأليف الحكومة ليتسنى لها القيام بمهامها الدستورية، من دون وضع العصي في دواليب التأليف، ومن دون التعاطي معها بالعقلية التي حاول البعض أن يتعاطى بها مع بيئة المقاومة عبر البروباغندا، بعقلية منتصر ومهزوم. فهذا عود على بدء، وسيؤدي إلى فرملة العهد الذي بدأ بخطاب فخامة رئيس الجمهورية، واعدًا كما الرئيس المكلّف، وما سمعناه مباشرة من فخامته لدى تقديم التهاني بانتخابه، بأنه لن تثنيه الصعوبات والعراقيل عن السير في بناء لبناننا الجديد الذي يتطلع إليه اللبنانيون بأمل كبير، وبناء الدولة القوية العادلة، دولة المواطنة.
الأمر يتطلب حنكة وصبرًا وجدية، وهي صفات متوفرة في فخامته، كما الحزم في تطبيق القرار 1701 وخروج العدو من الأراضي التي احتلها وعاث فيها خرابًا ودمارًا. وإن تلكؤه في الانسحاب موجه بالدرجة الأولى إلى مصداقية العهد. وكذلك إعادة الإعمار والبناء وعودة الناس إلى بيوتهم وقراهم التي احتلها العدو. فلا يستطيع أحد منعهم منها”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام