تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 3-12-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
رسالة حزب الله تدوّي في واشنطن وتل أبيب: لا عودةَ للحرب… ولا تخلِّيَ عن حق الدفاع
رغم المواقف التهويلية لقادة العدو والاعتداءات التي توزّعت في أكثر من منطقة أمس، إلا أن التطورات الميدانية لا تزال بعيدة عن انهيار اتفاق الحرب، وإنما هي جزء من محاولة بلورة معادلات ما بعدها. فما يسعى إليه الإسرائيلي هو فرض هامش عدواني واسع نسبياً، استناداً إلى تفاهم جانبي مع واشنطن، فيما المطلوب من لبنان والمقاومة التكيّف معه. إلا أن رد حزب الله أفهم العدو أن هذا الأمر غير وارد مهما كانت التداعيات وأنه يملك التصميم والقدرة على مواجهة فرضه. وسبقت ذلك أيضاً سلسلة مواقف محلية ودولية حذّرت من تداعيات الاعتداءات والخروقات التي تحاول إسرائيل إرساءها كما لو أنها جزء من الروتين اليومي اللبناني.
وقد دوَّت رسائل الرد المدروس لحزب الله في مزارع شبعا، لدى دوائر التقدير والقرار في واشنطن وتل أبيب ودفعتها إلى إدراك أن التمادي في الاعتداءات والخروقات ينطوي على مخاطر جدية تهدّد اتفاق وقف إطلاق النار.
في المقابل، أظهر حزب الله حرصاً على عدم الدفع ابتداء نحو مسارات تؤدي إلى هذا السيناريو، وفي الوقت نفسه بما لا يسمح للعدو بأن يحقّق أهدافاً لم يستطع انتزاعها من لبنان خلال الحرب. فحرص أن يكون ردّه في منطقة مزارع شبعا التي لا يشملها القرار 1701، وتتمتع بخصوصية تميّزها عن الخط الأزرق. فكان الرد محدوداً في بعده العسكري عبر اطلاق صواريخ معدودة نحو موقع عسكري في مزارع شبعا.
وعلى مستوى الموقف أوضح حزب الله بأنه «البيان رقم واحد»، في إشارة إلى أن هناك ما قد يليه في حال أصرّ العدو على محاولاته. كما لم يكن عابراً أن يختم بيان المقاومة الإسلامية بموقف حاسم عبر عبارة «وقد أُعذر من أنذر»، في إشارة إلى تصميمها وقرارها بمواجهة أي تواطؤ أميركي – إسرائيلي يتصل بمستقبل الوضع في لبنان والجنوب. أما بخصوص المواقف الانتقادية التي صدرت من واشنطن للخروقات الإسرائيلية قبل رد حزب الله، فإنها لا تعني شيئاً إن لم تُترجم كبحاً لعدوانية إسرائيل، بل قد تتحول إلى غطاء للعدو من أجل استنفاد محاولاته.
كذلك كان لافتاً أن أصداء الرد المدروس تجاوزت بعده العسكري والجغرافي، ولكنها أكثر تناسباً مع طبيعة رسائله ومؤشراته.
ولذلك توالت المواقف لدى الجهات السياسية والأمنية في تل أبيب وواشنطن، بما يستبطن إدراكاً بأن حزب الله غير مرتدع عن أي خطوات عملياتية يراها ضرورية لمنع العدو من فرض معادلات لا تتوافق مع اتفاق وقف إطلاق النار، وبأنه يتمتع بالتصميم والاستعداد لمواجهة أي مساع في هذا الاتجاه. ويعني أيضاً أن هذه الرسائل وصلت إلى حيث ينبغي.
المقاومة تفرض هامشاً دفاعياً مقابل الهامش العدواني الذي منحته واشنطن لتل أبيب
في مواجهة هذا التحدي اختارت مؤسسة القرار السياسي والأمني في كيان العدو أن ترتقي في اعتداءاتها على أمل أن ترفع منسوب المخاوف لدى حزب الله من التدحرج نحو مواجهة كبرى، بهدف التأثير في قراراته للامتناع عن خيارات عملياتية مضادة للتفاهم الجانبي بين واشنطن وتل أبيب بمنح جيش العدو «هامشاً عملياتياً» عدوانياً في مواجهة ما تراه تهديداً أمنياً، يتسع ويضيق بحسب المتغيرات السياسية والأمنية.
ومع أن اعتداءات العدو أظهرت أن إسرائيل لا تزال تسعى إلى فرض معادلات توافقت عليها مع واشنطن، عبر جعلها أمراً واقعاً. إلا أن تحديد ملامح هذه المعادلات ومداها ووتيرتها يحتاج إلى مزيد من الوقت. وبالتالي فإن ما يجري حتى الآن ليس انهياراً لاتفاق وقف إطلاق النار، وإنما لا يزال الميدان يتحرك ما بين بلورة معادلات ما بعد الحرب، وما دون التدحرج نحو الحرب.
لذلك، فإن مواقف العدو وأداءه أقرب إلى خيارات وضرورات المرحلة الانتقالية من منظور مصالحه وأولوياته ورهاناته، في محاولة لتعويض بعض ما لم ينجح في تحقيقه خلال الحرب. وأيضاً من متطلبات تعزيز صورة إسرائيل التي بدت أمام رأيها العام وأغلب منظومتها السياسية والإعلامية قاصرة عن تحقيق الأهداف التي وضعتها للحرب، وفي محاولة لتوفير «الشعور بالأمن» لدى مستوطني خط المواجهة مع لبنان الذين ترفض غالبيتهم العودة. ولذلك تحاول القيادة الإسرائيلية أن تثبت لهم بالممارسة أن «ما كان» قبل تشرين الأول 2023، «لن يكون» بعد وقف إطلاق النار مع لبنان.
مع ذلك، ينبغي أن لا تحجب المواقف التصعيدية التصاعدية لقادة العدو وأداؤه العدواني أيضاً حقيقة أن العدو أدرك مفاعيل رسالة حزب الله التي من المؤكد أنها حضرت على طاولة الأجهزة المختصة، وفتحت أمامها مروحة من السيناريوهات أثارت مخاوفها لما تحمله من مؤشرات.
فكان واضحاً لها تصميم حزب الله على مواجهة محاولات فرض معادلات من خارج اتفاق وقف إطلاق النار مع الدولة اللبنانية. وبذلك يكون الحزب قد بدَّد أي رهانات على بقاء المقاومة مكتوفة الأيدي إزاء التمادي في الاعتداءات والخروقات.
في الخلاصة، ليس عابراً أن نشهد هذه التداعيات السياسية والأمنية لرد حزب الله المحدود على المستويين العسكري والجغرافي، إذ كشفت عن قرار أصبح أكثر تجذراً لدى مؤسسات القرار الأمني والسياسي في واشنطن وتل أبيب بأن حزب الله لا يزال يملك القدرة والإرادة على المبادرة والرد. والأهم أنه أثبت بالموقف والممارسة أنه قادر على أن يفرض أيضاً هامشاً عملياتياً دفاعياً في مقابل الهامش العدواني الذي منحته واشنطن لتل أبيب.
الهدنة تهتز ولا تسقط و14 شهيداً في انتهاكات العدو للهدنة | المقاومة للعدو: ممنوع تكريس «حرية الحركة»
قبل اكتمال عقد لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية وتفعيل آلية الرقابة في الجنوب، نفّذ حزب الله «رداً دفاعياً أولياً تحذيرياً على الخروقات المتكررة التي يُبادر إليها العدو الإسرائيلي»، بعد إخفاق المراجعات للجهات المعنية في وقف هذه الخروقات، كما أعلن الحزب في بيان أمس.
وفي وقت تحاول فيه تل أبيب فرض معادلتها التي اختصرها وزير المال في حكومة العدو بتسلئيل سموتريش بعبارة «لن ننتظر أي آلية وسنواصل العمل لإحباط أي تهديد أو محاولة من حزب الله لاستعادة قدراته»، جاء ردّ المقاومة لتأكيد أنها قادرة على فرض معادلاتها ولن تقِف مكتوفة اليدين أمام الخروقات ولن تسمح للعدو الإسرائيلي برسم أي خطوط حمر جنوباً والاحتفاظ بهامش مناورة هجومي بناءً على اتفاق جانبي مع واشنطن.
ووصفت المقاومة الرد بأنه «أولي وتحذيري» لتأكيد أنها أعطت ولا تزال الفرصة للجيش اللبناني ولجنة الإشراف للقيام بالدور المطلوب منهما بتنظيم الوضع في الجنوب وفقَ ما نصّ عليه الاتفاق. ولكن، بما أن إسرائيل تريد استغلال مهلة الـ 60 يوماً لتكريس معادلات أمر واقع وإعاقة خطة انتشار الجيش، فإنها على استعداد للتدخل مجدداً وفق ما نصّ عليه القرار بحق الطرفين في الدفاع عن النفس في حال التعرّض لاعتداء.
وقالت مصادر بارزة إن «هدف العملية هو لجم الجيش الإسرائيلي عن مواصلة خروقاته، لذلك نفّذتها المقاومة في مزارع شبعا».
واعتبرت المصادر أن «حزب الله أراد إيصال رسالة إلى الوسطاء المعنيين، الأميركيين والفرنسيين، بضرورة تعجيل تفعيل عمل لجنة الرقابة والبدء بتنفيذ الآلية جنوباً تفادياً لسقوط الهدنة، ولعدم تفسير صمت الحزب في غير إطاره الصحيح أو باعتباره عجزاً وضعفاً».
وعقب العملية، عاش الجنوب «بروفا» استئناف العدوان الإسرائيلي.
وبخلاف الأيام الماضية، تصاعدت الانتهاكات الإسرائيلية جواً بغارات متنقلة من الطيران والمُسيّرات من الجنوب وصولاً إلى الهرمل.
وبلغت ذروتها ليلاً بعد إعلان جيش العدو البدء بـ«تنفيذ هجمات ضد أهداف»، وشنّ سلسلة غارات استهدفت مناطق مفتوحة في حلتا وكفرحمام وإقليم التفاح وجبل الريحان والمحمودية ووادي برغز وأرنون ويحمر الشقيف وزوطر الشرقية وياطر ويارون وحاريص حيث أفيد عن سقوط 9 شهداء في غارة استهدفت منزلين. كذلك استشهد عنصر في أمن الدولة جراء استهداف دراجته النارية في جديدة مرجعيون.
ونفّذت مُسيّرة غارة على تجمع للمواطنين قرب بلدية عيناثا، ما أدى إلى إصابة ثلاثة بجروح. وفي وقت لاحق، استشهد ثلاثة شبان من مجدل سلم، بينهم مسعف في كشافة الرسالة الإسلامية، جراء غارة استهدفتهم في طلوسة خلال قيامهم برفع الركام.
وبالتزامن، سُجّل قصف مدفعي على طول الحدود الجنوبية من كفرشوبا وشبعا والخيام إلى ميس الجبل وعيترون وبنت جبيل ويارون ومارون الرأس وبيت ليف، إضافة إلى عمليات توغل في أحياء لم يتمكن العدو من السيطرة عليها خلال مواجهاته مع المقاومة، في ميس الجبل وعيترون وشانوح في خراج كفرشوبا والخيام.
قائد الجيش للأميركيين والفرنسيين: إسرائيل تعرقل الانتشار
وليلاً زعم المتحدث باسم جيش العدو أنه «هاجم مسلحين وعشرات المنصات الصاروخية والبنى التحتية التابعة لحزب الله في أنحاء لبنان»، واعتبر أن «إطلاق القذائف الصاروخية نحو إسرائيل يشكل خرقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان». لكنه أكّد أن «إسرائيل تبقى ملتزمة بالتفاهمات التي أُبرمت بخصوص وقف إطلاق النار في لبنان».
وكانت الخروقات الإسرائيلية عزّزت مخاوف جهات داخلية وخارجية من سقوط «الهدنة» ما استدعى في اليومين الماضييْن اتصالات مكثّفة تولاها الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون مع الفرنسيين والأميركيين واليونيفل.
وكانَ هذا الموضوع محور لقاء بري وعون في عين التينة أمس، إذ «شرح عون الواقع في الجنوب وصعوبة البدء بتنفيذ خطة الانتشار بسبب الخروقات الإسرائيلية، خصوصاً أن العدو لم يعط فرصة لتراجع حزب الله إلى شمال الليطاني ولا يسمح في الوقت نفسه للجيش بالقيام بدوره». وبحسب مصادر مطّلعة «أطلع عون بري على التعديلات التي طاولت خطة انتشار الجيش وأسباب عدم الإفصاح عنها أمام الوزراء كي لا يجري تسريبها»، كما تناول «الاجتماع الذي عُقِد بينه وبين الممثل الأميركي في اللجنة الجنرال جاسبر جيفرز وتعهد الأخير بالتواصل مع الإسرائيليين لمعالجة الخروقات»، وطلب عون «تكثيف الاتصالات مع الجهات الفاعلة لضبط الوضع».
وعلمت «الأخبار» أن «عون تواصل مع الأميركيين ومع السفير الفرنسي في بيروت وحمّله رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يؤكد فيها أن إسرائيل تسعى إلى تفجير الوضع مشدداً على ضرورة الضغط عليها كي يبدأ الجيش بممارسة دوره».
فيما استغربت مصادر مطّلعة «عدم وصول العضو الفرنسي في اللجنة حتى الآن»، علماً أن معلومات تحدثت عن وصوله إلى بيروت غداً.
وفي هذا الإطار، أتى أيضاً اجتماع جيفرز بالرئيس ميقاتي أمس، فيما أعلن مكتب بري في بيان أن رئيس المجلس «طلب من لجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار إلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها والانسحاب من الأراضي اللبنانية».
رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، من جهته، وصف رد المقاومة بأنه «خرق خطير وسنرد بقوة وأننا مصممون على مواصلة فرض وقف إطلاق النار»، فيما اعتبر البنتاغون أن «قرار وقف إطلاق النار لا يزال صامداً»، وأشار البيت الأبيض إلى أن «آلية المراقبة تؤدي مهامها رغمَ وجود ضربات متقطعة».
وفي هذا السياق، لا يزال لبنان ينتظر البدء بعمل لجنة المراقبة الخماسية مع الزيارة المرتقبة لوزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو إلى بيروت في الساعات المقبلة للبحث في تطبيق قرار وقف إطلاق النار، وتتزامن زيارة وزير الدفاع الفرنسي للبنان، مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للسعودية، حيث سيبحث في ما يمكن أن تقدّمه فرنسا في إطار برنامج التعاون العسكري للمرحلة المقبلة.
ومن المرتقب أن يزور وزير الدفاع الفرنسي كلاً من بري وميقاتي، ووزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش، وأن يتفقد قيادة قوات «اليونيفل» ومقر قيادة القوة الفرنسية في الجنوب.
مجلس النواب يطوّق رئيس مجلس القضاء الأعلى: عبود لم يعد يغرّد وحيداً
الخميس الماضي، وُضع القضاء العدلي على مائدة مجلس النواب الذين صوّتوا بالغالبية لمصلحة تعديل المادة الثانية من قانون القضاء العدلي عبر التمديد للأعضاء الذين انتهت ولايتهم بتاريخ 14/10/2024، بحيث يتمكّنون من ممارسة أعمالهم إلى حين تعيين بدلاء عنهم.
كذلك أُدخل تعديل على الفقرة 1 من المادة 2 يجيز للنائب العام لدى محكمة التمييز (أي القاضي جمال الحجار حالياً) أن يكون عضواً حكمياً ونائباً لرئيس مجلس القضاء الأعلى سواء كان يشغل هذا المنصب بالأصالة أو بالانتداب أو بالتكليف. في الشقّ الأول، مدّد مجلس النواب ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى الذي يرأسه القاضي سهيل عبود وعددهم ستة، بينما في الشقّ الثاني أضاف عضواً جديداً إلى المجلس هو النائب العام التمييزي ليكون نائباً لعبود. هكذا، بأربع جمل، طوّق البرلمان «طموحات» عبود باختصار المجلس بشخصه.
لم يأت هذا الإجراء عبثاً بل كان عملاً ممنهجاً لقطع الطريق على تفرّد عبود بالمجلس. فعند انتهاء ولاية أعضاء المجلس في تشرين الأول الماضي، ونظراً إلى الأوضاع الأمنية المتمثلة بالعدوان الإسرائيلي على لبنان، أعدّ وزير العدل هنري خوري قراراً يقضي بالسماح لمحاكم استئناف النبطية أن تعقد جلساتها في مدينة صيدا، وأرسله إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى للموافقة قبل إرساله إلى الحكومة لتقرّه بمرسوم. عندها وقّع عبود القرار منفرداً باعتبار أنه الرئيس والمجلس معاً وأعاده إلى خوري الذي حوّله إلى مجلس الوزراء. إلا أن الحكومة أجّلت البحث فيه في جلستها الأخيرة بسبب توقيع عبود نيابة عن مجلس القضاء الأعلى، ليُطرح التعديل المقدّم بصورة مستعجلة من النائب علي حسن خليل على جدول أعمال المجلس ويُصار إلى إقراره رغم اعتراض بعض النواب على عدم وضوح آلية التصويت، وعلى ما اعتبروه ضرباً لفصل السلطات وتدخلاً سياسياً في عمل القضاء، مطالبين بإقرار قانون استقلالية القضاء. فالقانون المقترح يخالف القانون عبر قفزه فوق وزير العدل والقضاء لإبداء رأيهما ويسهل الطعن فيه. بينما رأى الفريق المؤيد للاقتراح أنه يحول دون تعطيل المجلس ويؤمّن استمرارية أعضائه إلى حين تعيين بدلاء عنهم؛ بهذا المعنى التمديد لهم لا يقلّ أهمية عن التمديد في المواقع الأمنية، فالضرورات تبيح المحظورات. على هذا النحو، عرض رئيس مجلس النواب القانون على التصويت، وتلته مشادّة بشأن عدم موافقة الأكثرية عليه وعدم المناداة بالتصويت اسماً اسماً.
يتيح التعديل انعقاد مجلس القضاء الأعلى في غياب رئيسه
لكن في النهاية، وإذا ما أقرّته الحكومة في جلستها الأربعاء المقبل، سيصبح القانون نافذاً ويرجّح أن تكون له تداعياته على عمل مجلس القضاء الأعلى الذي «يتحكّم به رئيسه منذ مدة فيدعو إلى جلسات متى يريد ليصدّق القرارات التي تناسب أجندته بينما يرفض توقيع المحاضر التي يتمرّد خلالها الأعضاء على رغباته»، يقول أحد النواب الموافقين على القانون، إذ بات عبود «الحاكم بأمره في العدلية يديرها كما يشاء، بالإضافة إلى سعيه لتشكيل هيئة عامة تواليه الطاعة ليتحكّم بقراراتها». ففي السابق «وقف أعضاء المجلس في وجهه وتعذّر عليه إمرارها، إلا أنه كان ليقرّها بنفسه نيابة عن المجلس برمّته ما لم يجر التمديد للأعضاء كما جرى أخيراً». من هذه الناحية «كان التمديد ضرورياً لإضفاء نوع من الاستقلالية على القضاء خلافاً لما يقوله البعض بأنه تدخل في عمل القضاء الذي يرغب عبود أن يختزله بنفسه ويسيّره وفق أجندته السياسية». ويبرّر مؤيدو التمديد الحاجة إليه من منطلق كسر سيطرة عبود على المجلس وتحكّمه باجتماعاته وبنصابها بحيث بات من الممكن تأمين نصاب لأي جلسة حتى لو لم يكن موافقاً عليها بعد التمديد للأعضاء الستة ودخول عضو سادس إلى المجلس نائباً للرئيس. وبالتالي يمكن تأمين نصاب الستة من دون عبود، ويمكن الدعوة إلى جلسة وفقاً للقانون، إذ يتمتع نائب الرئيس بهذه الصلاحية أيضاً. أما معارضو القانون فيشيرون إلى مخالفات عديدة شكلاً ومضموناً وسعياً إلى الإطاحة باستقلالية القضاة والتدخل في عملهم.
الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري وسام اللحام قال لـ«الأخبار» إن «القانون غير دستوري بكل المعاني. فمن حيث الشكل يخالف أصول التشريع الملحوظة في الدستور، ما يدعو إلى إبطاله لأنه تم التصويت عليه برفع الأيدي وليس بالمناداة كما يفرض الدستور. أما في المضمون، فإنه يخالف مبدأ شمولية التشريع ويستفيد منه أشخاص محدّدون، فضلاً عن كونه بمثابة بثّ الحياة في مجلس منتهي الصلاحية. الأمر الذي يُعدّ تعدياً على استقلالية القضاء أولاً وعلى السلطة التنفيذية صاحبة الصلاحية في هذا الشأن ثانياً وخرقاً لمبدأ المساواة».
ويستعدّ اللحام بالتعاون مع «المفكّرة القانونية» وبعض النواب لتقديم طعن في التمديد أمام المجلس الدستوري فور صدوره في الجريدة الرسمية. فيما دعا عبود إلى «احترام مبدأ استقلالية السلطة القضائية ووجوب تمتّع القوانين بصفة العمومية والتجريد، وإبعادها عن الطابع الشخصي».
وانتقد في بيان «حرص المشرّع على إصدار القانون تحت عنوان استمرارية عمل مجلس القضاء الأعلى وانعكاساته السلبية على حسن سير المرفق القضائي كما جاء في أسبابه الموجبة»، مشيراً إلى أن «تعطيل عمل المجلس بدأ حتى قبل انتهاء ولاية أعضائه نتيجة امتناع السلطات المختصّة عن إجراء التعيينات اللازمة وصولاً إلى تعطيل اجتماعاته عبر التدخلات الحاصلة في عمله، ما يجعل من القانون الجديد تمديداً للتعطيل في حال استمرّ الأمر على ما هو عليه».
الطعن يشمل علي إبراهيم
إلى جانب تمديد ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى، أضاف النائب علي حسن خليل فقرة على القانون هي تمديد ولاية القضاة الذين يبلغون سنّ التقاعد بين 15 آذار 2025 و15 آذار 2026 الذين يتطلّب تعيينهم في مراكزهم مرسوماً يُتخذ في مجلس الوزراء، وذلك لمدة ستة أشهر من تاريخ تقاعدهم. وهو ما ينطبق على النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم حصراً، فضلاً عن أن خليل طرحه في مجلس النواب من هذا الباب بالذات. لذلك سيشمل الطعن هذه الفقرة أيضاً لكونها مُعدّة على قياس شخص، فالمشرّع حرص على التمديد من تاريخ 15/3/2025 حتى لا يشمل التمديد القاضيتين غادة عون وهيلانا اسكندر اللتين تُحالان إلى التقاعد قبله بأيام معدودة.
حراك سياسي مكثّف على خط أنقرة – طهران: الجيش السوري يستعدّ لـ«معركة كبرى»
نجح الجيش السوري في وقف تقدّم المسلحين، وبدأ رسم خريطة سيطرة جديدة بعد إبعادهم عن مناطق عديدة في ريف حماه حاولوا اختراقها. كما نجح في التقدم في ريفَي حماه وحلب الجنوبي، حيث تدور اشتباكات على محور خناصر الاستراتيجي، الذي يمثل بوابة حلب الجنوبية الشرقية. ويأتي ذلك في وقت يستمر فيه الحراك السياسي العربي – الإقليمي حول سوريا، بعد الزيارة العاجلة التي أجراها وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى دمشق، وانطلق منها نحو أنقرة، حيث أكّد من تركيا دعم بلاده المطلق للحكومة السورية في حربها ضد الإرهاب، مشدّداً على أن «المقاومة ستساند الجيش السوري».
وأشار عراقجي، الذي عقد اجتماعاً مطوّلاً مع نظيره التركي، حاقان فيدان، إلى أن «المنظمات الإرهابية» في سوريا تنسّق مع إسرائيل وأميركا، داعياً أنقرة إلى لعب دور أكبر وفق مسار «أستانا»، الذي اعتبره عراقجي مرجعية يمكن الاعتماد عليها، وهو ما وافق عليه الوزير التركي، الذي تحدّث عن احتمال عقد لقاء ثلاثي للدول الضامنة لهذا المسار (تركيا وروسيا وإيران)، محمّلاً في الوقت ذاته الحكومة السورية مسؤولية التطورات الأخيرة.
وقال فيدان إن «غياب الحوار بين النظام والمعارضة أوصل المشكلة إلى هذه النقطة»، مضيفاً أن «التطورات الأخيرة تظهر مرة أخرى أنه يتعيّن على دمشق التوصل إلى تسوية مع شعبها والمعارضة الشرعية»، على حد تعبيره.
وفي اتصال هاتفي بين الرئيسين، السوري بشار الأسد، والإيراني مسعود بزشكيان، أكّد الأسد أن ما يحصل من تصعيد إرهابي يعكس أهدافاً بعيدة في محاولة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها وإعادة رسم الخرائط من جديد وفقاً لمصالح وغايات أميركا والغرب، مضيفاً أن «هذا التصعيد لن يزيد سوريا وجيشها إلا إصراراً على المزيد من المواجهة للقضاء على أذرع الإرهاب في كامل الأراضي السورية».
ونبّه الرئيس الإيراني، بدوره، إلى أن «المساس بوحدة سوريا هو ضرب للمنطقة واستقرارها ووحدة دولها»، مشيراً إلى أن «الأطماع الإسرائيلية الأميركية واضحة في استهداف دول المنطقة وشعوبها، وأن ما يحصل في سوريا هو وجه لتلك الأطماع».
وفي وقت أكّد فيه العراق دعمه لسوريا، نفى رئيس هيئة «الحشد الشعبي» العراقية، فالح الفياض، «بشكل قاطع» ما أشيع عن دخول وحدات من «الحشد» إلى مناطق في سوريا، مضيفاً أن «الحشد لا يعمل خارج العراق» وأن «الخطوط الدفاعية مع سوريا حصينة».
وشدّد على أن «الحشد والقوات الأمنية كافة تحت إمرة العمليات المشتركة (القيادة العسكرية في الجيش العراقي)».
يعقد «مجلس الأمن» اليوم جلسة طارئة لمناقشة الهجوم الإرهابي على الشمال السوري والوضع في حلب
إلى ذلك، أعلنت مصادر دبلوماسية عقد اجتماع طارئ في «مجلس الأمن»، اليوم، بطلب من دمشق، لمناقشة الهجوم الإرهابي على الشمال السوري والوضع في حلب.
وحظي الطلب السوري بدعم من الجزائر (العضو العربي في مجلس الأمن) وروسيا والصين وغويانا وموزامبيق وسيراليون.
كما عقد السفير السوري في روسيا، بشار الجعفري، اجتماعاً مطوّلاً مع نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، الذي أكّد تضامن موسكو مع القيادة السورية، مضيفاً أن روسيا تدعم جهود دمشق لتحقيق استقرار الوضع في البلاد.
وذكر بيان للخارجية الروسية أن الجانب الروسي أكّد «موقفه المبدئي والثابت الداعم لضرورة احترام وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها».
على الصعيد الميداني، تؤكد مصادر ميدانية تحدّثت إلى «الأخبار»، أن القيادة العسكرية السورية أوكلت مهمة قيادة العمليات الهجومية لاستعادة المناطق التي دخلتها الفصائل المسلحة، بقيادة «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة – فرع تنظيم القاعدة السابق في سوريا)، للقائد العسكري الشهير، سهيل الحسن، الذي قاد عمليات استعادة حلب عام 2016، كما تم تعيينه قائداً لـ«الفرقة 25»، التي شكّلت العمود الفقري لتلك العمليات.
ويستبطن هذا التعيين، بحسب المصادر، إشارة إلى أن الجيش السوري، وبعد استعداداته الطويلة نسبياً، يتجهز لمعركة كبيرة قد يذهب فيها بعيداً، وتتجاوز حدود «أستانا» ومناطق «خفض التصعيد»، خصوصاً أن الفصائل هي التي خرقت هذه الاتفاقية، وأن من يقود الهجوم فصيل مصنّف على لوائح الإرهاب.
وكانت وزارة الدفاع السورية أكّدت، في بيان، أن قوات الجيش السوري تتابع تصديها للفصائل الإرهابية، مشيرة إلى أن سلاح الجو السوري دمّر، بإسناد من القوات الجوية الروسية، 5 مقرات قيادة و7 مستودعات للإرهابيين في ريفي حلب وإدلب، في وقت أعلن فيه «مركز التنسيق الروسي» في حميميم أنه «تم القضاء على أكثر من 400 إرهابي في ريفي حلب وإدلب خلال الساعات الأخيرة».
وفي خطوة استباقية، حذّرت مصادر روسية من استعدادات تجريها «هيئة تحرير الشام» الإرهابية لتلفيق هجمات كيماوية على يد الجيش السوري، في وقت نقلت فيه وكالة «سوبتنيك» عن مصادر أن ضباطاً من الاستخبارات الأوكرانية دخلوا إلى الأراضي السورية وأجروا جولة في «مركز البحوث العلمية» في السفيرة، علماً أن هذا المركز – الذي تعتبره إسرائيل أحد أبرز المراكز التي ساهمت في تقديم الدعم لـ«حزب الله» – تعرّض لاعتداءات إسرائيلية عديدة، وقام مسلّحون باغتيال مديره، الدكتور يروانت أرسلانيان، أول أمس، بعد وصولهم إليه.
وتلعب أوكرانيا دوراً كبيراً في الحرب الدائرة في الشمال السوري عبر دعم «هيئة تحرير الشام» التي قادت الهجوم بطائرات مُسيّرة فرنسية، شكّلت أحد أبرز الأسلحة التي تم استعمالها لاستهداف الجيش السوري. وفي هذا السياق، لا تستبعد المصادر الميدانية تورط فرنسا بشكل مباشر في دعم «الهيئة»، في سياق محاولاتها المستمرة للانخراط في الحرب السورية من جهة، واستهداف المصالح الروسية من جهة أخرى.
وعلى الصعيد المعيشي في حلب، يعيش أبناء المدينة حالة خوف وترقب، في انتظار معرفة ما ستؤول إليه الأمور، في وقت قامت فيه «هيئة تحرير الشام» بقطع الاتصالات الخلوية السورية عن بعض المناطق، وبدء تشغيل المشغّل التركي الذي يعمل في إدلب بشكل تدريجي، بدءاً من أحياء غرب المدينة التي باتت جميع الطرق المؤدية إليها مقطوعة.
قلق إسرائيلي «مستجدّ» حيال سوريا: ماذا لو تنشّط «كوريدور التسليح»
يبدو أن نظرة تل أبيب إلى المتغيّرات في سوريا قد انقلبت من فرصة إلى تهديد، وإن كان الرهان ما زال قائماً على ديناميات ما، تفيد المصلحة الأمنية الإسرائيلية جرّاء نجاحات للجماعات المسلحة في إشغال المحور المعادي لها، في إيران والعراق ولبنان، بتموضع دفاعي إلى جانب الجيش السوري، بعيداً منها.
وإلى جانب انشغالها في حربها التي لا تتوقّف على الساحة الفلسطينية، ومحاولة انتزاع مكاسب وقواعد اشتباك ملائمة لها في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في لبنان، تنشغل طاولة القرار في تل أبيب بالمتغيّرات السورية، عبر رصد التطورات والعمل على التأثير فيها، وفي حد أدنى الاستعداد لأسوئها، خاصة أن سوريا نفسها تحوّلت إلى ساحة جذب لكل حلفائها لمؤازرتها، وهو مصدر قلق في تل أبيب، وفيه الكثير من السيناريوات والفرضيات التي من شأنها تهديد المصالح الأمنية الإسرائيلية.
وإذا كان الوجود الروسي ومؤازرته سوريا لا يشكل تهديداً للدولة العبرية، رغم المساندة الفعّالة المنتظرة من سلاح الجو الروسي في صد الهجمات، إلا أن ما يقلق تل أبيب هو فرضيات تدخّل إيران وحلفائها، خاصة أن مستلزمات دعم الجيش السوري تستدعي منهم زيادة معتداً بها في العتاد والعديد، ما يعني فتح الباب أمام إعادة ترميم القدرات العسكرية لـ«حزب الله» بسرعة بعد الحرب، في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل البحث عن أفضل السبل وأنجعها لمنع ترميم تلك القدرات.
وعلى خلاف اليوم الأول للأحداث السورية، حيث كانت التعبيرات التفاؤلية سائدة في تل أبيب، إلى جانب التعبيرات المشكّكة والقلقة، يبدو أن الحذر هو السائد الآن من رفع سقف التوقّعات التي تلائم المصلحة الأمنية للدولة العبرية. إذ حلّت محلّ الأمل في أن ينصب اهتمام إيران و«حزب الله» على الساحة السورية، عبارات القلق من أن ينزلق تدفّق العتاد والعديد إلى سوريا، عبر إيران والعراق، نحو لبنان، لمساعدة الحزب في إعادة ملء مخازنه ومستودعاته.
كما من المتوقّع أن يستجلب الانشغال بالتهديد القادم من سوريا، موارد مالية سيخصّص جزء منها للساحة اللبنانية، التي عليها أن تتجهّز أيضاً لمواجهة فرضيات متطرفة، قد لا تكون منظورة ومحسوسة في المرحلة الحالية.
تخشى تل أبيب من أن ينزلق تدفّق العتاد والعديد إلى سوريا عبر إيران والعراق نحو لبنان
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد جمع كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين في تل أبيب، مرتين متتاليتين جرى الإعلان عنهما، فيما انشغلت طاولة التخطيط لدى الأجهزة الأمنية، بالمستجد السوري وسيناريواته.
ومن بين الفرضيات المتداولة في الإعلام العبري، والتي تسربت في اليومين الماضيين، والأكثر ترجيحاً، انقلاب الوضع الميداني لمصلحة الجيش السوري وحلفائه، ولو بعد حين، وهو سيناريو يلزم حلفاء الرئيس، بشار الأسد، بتزخيم حضورهم في سوريا، والذي يعد بذاته مصدر تهديد لإسرائيل.
كما لا تغادر فرضيات متطرفة أخرى طاولة التقدير في تل أبيب وإن كانت غير مرجّحة وفقاً للمعطيات الحالية، ومنها أن يفشل الأسد وحلفاؤه في صد المسلّحين، ويتسبّب ذلك في امتداد نجاحات هذه الجماعات نحو وسط سوريا وجنوبها، ما يعني أن على إسرائيل أن تستعد من الآن لاحتواء التهديدات التي ستنتج من فوضى انكسار النظام، وتحديداً في جنوب البلاد، حيث البقعة الجغرافية الأكثر أهمية بالنسبة إليها.
وتوحي المقاربة العلنية لإسرائيل بأنها جهة متلقية للحدث وليست مسبّبة له، وفي حد أدنى بنَت عليه لتحقيق مصالحها، علماً أن أهم جهة فاعلة ومؤثرة في قرار تحريك المسلحين وتمكينهم، وهي الولايات المتحدة، لا تفرّق كثيراً بين مصالحها ومصالح اسرائيل، ما يعني أن ادعاء الحياد والمراقبة من بعد وتقدير الفرضيات والاستعداد لمواجهتها أو مواكبتها، هو نوع من أنواع التضليل العلني غير المتوافق منطقياً مع الواقع وعوامل تشكّله ومؤثراته، حيث إسرائيل عبر الولايات المتحدة، مؤثر رئيسي فيه.
لا بل إن الواقع الحالي يشبه ذلك الذي كان سائداً في سوريا قبل سنوات، حيث كانت إسرائيل تحرّك المسلحين وتموّلهم وتساندهم ضد الجيش السوري ومؤسسات النظام، فيما تدّعي أنها تحصر دعمها بـ«بتزويد المدنيين بحليب الأطفال والأغطية»، وهو ما ورد على لسان وزير أمنها في حينه، موشيه يعلون.
على أي حال، قد يكون التدخّل الإسرائيلي المباشر المستنسخ من التدخّل الماضي، ينتظر ظروفه ومؤثراته، وأهمها نجاحات إضافية وازنة للمسلحين من شأنها أن تهدّد النظام، فتعمد الدولة العبرية لملاقاة مسلحي الشمال عبر تحريك أتباعها في الجنوب.
على أن سيناريو كهذا لا تظهر مؤشراته حالياً، وإن كان هو مقصد إسرائيل وأكثر الفرضيات ملاءمة لمصالحها. وعليه، تظل إسرائيل في حالة قلق أكثر منها في أمل، إذ إن النتائج تنتظر رد فعل الطرف الآخر لتحديد إن كانت تل أبيب أصابت أو فشلت، بمعية رعاتها، في رهاناتها على تحريك الساحة السورية ضد أعدائها.
اللواء:
إسرائيل تهز وقف النار.. وتحذير أميركي لنتنياهو من «لعبة خطيرة»!
حزب الله يردّ في مزارع شبعا ويقصف الجليل ليلاً .. والمسيّرات فوق العاصمة وكل لبنان
أول اختبار جدّي لاتفاق وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحزب لله وضع على الطاولة في وقت لم تنعقد بعد لجنة مراقبة الاتفاق الذي يتعرض باعتراف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والوسيط الاميركي هوكشتاين لخروقات اسرائيلية موصوفة.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تعرض للإهتزاز قبل بلوغ أسبوع على التوصل إليه، لا يزال قيد الإختبار، وفي الوقت نفسه تبقى الاتصالات الأميركية قائمة لمنع عودة الأمور إلى الوراء.
ورأت المصادر أن هذه الاتصالات قد تكون ضاغطة من أجل المحافظة على هذا الاتفاق، في حين أن اللجنة التي تراقب تنفيذ الاتفاق تباشر مهامها مع اكتمال نصابها، في حين أن الموقف الرسمي اللبناني منصب على الإلتزام بالقرار ١٧٠١ ودعم الجيش ومناقشة توسع انتشاره على الحدود.
فبعد اسبوع على دخول الاتفاق حيّز التنفيذ (27/11/2024)، وبعد تمادي الانتهاكات المعادية، وفي ضوء حق الدفاع عن النفس، بعد سقوط شهداء وتهديم مبانٍ وتجريفها، واستمرار الطلعات الجوية فوق كل لبنان، وصولاً الى العاصمة، وفي منطقة تخضع للاحتلال، ولا يشملها القرار 1701، الذي اعلن حزب لله إلتزامه به، ردّت المقاومة الاسلامية على اثر الخروقات المتكررة، وبعد التزام اسبوع كامل بعدم الردّ، وبعد عدم جدوى المراجعات للجهات المعنية، نفذ حزب لله مساء امس الاثنين (3/12/2024) رداً دفاعياً اولياً تحذيرياً مستهدفاً موقع روسيات العلم التابع لجيش الاحتلال في تلال كفرشوبا المحتلة.
وسارعت تل ابيب الى ابلاغ واشنطن عن عزمها الرد على حزب لله، وتوعد رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو برد قوي، بعد تنفيذ حزب لله ضربة على موقع عسكري اسرائيلي محتل في مزارع شبعا.
لكنه، قال بالمقابل، عازمون على الاستمرار في تطبيق قرار وقف النار والرد على خروق حزب لله، سواءٌ أكانت كبيرة او صغيرة.
واعلنت هيئة البث الاسرائيلية ان وزير الدفاع كاتس صادق على خطط لشن هجمات واسعة النطاق على حزب لله.
ولم تستبعد هيئة البث احتمال دخول اسرائيل القتال لعدة ايام.
وأكد مسؤولون أميركيون أن «الإسرائيليين يمارسون لعبة خطيرة في لبنان قد تعيد اندلاع الحرب»، وحذّروا من «احتمال انهيار وقف إطلاق النار الهش».
ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن «الإسرائيليين يلعبون لعبة خطيرة في الأيام الأخيرة، وإدارة بايدن تشعر بالقلق من احتمال انهيار وقف إطلاق النار الهش في لبنان بعد تبادل إسرائيل وحزب لله إطلاق النار في الأيام الأخيرة».
وأضاف موقع «أكسيوس»: «إذا انهار وقف إطلاق النار، فقد توسِّع إسرائيل عمليتها البرية في جنوب لبنان، مما قد يؤدي إلى تصعيد الحرب في المنطقة».
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي للصحفيين الاثنين إن «الضربات المتفرقة في الأيام الأخيرة كانت متوقعة، وحدث انخفاض كبير في أعمال العنف، كما أن آلية المراقبة تعمل بكامل طاقتها.. بشكل عام فإن وقف إطلاق النار صامد».
وأعرب الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لاسرائيل عن قلقه بشأن ضرباتها المستمرة في لبنان، وابلغها انه يتعين عليها افساح المجال لآلية مراقبة وقف اطلاق النار.
وعلمت «اللواء» من مصادر دبلوماسية متابعة عن قرب لعمل لجنة الاشراف الخماسية على وقف اطلاق النار في الجنوب، «ان عضو اللجنة الضابط الفرنسي لم يتم تعيّنه بعد رسمياً لكن قد يتم تعيينه بين ساعة وساعة وسيصل الى بيروت هذا الاسبوع، بالتزامن مع او قبل زيارة وزيري الخارجية جان نويل بارو والدفاع سيباستيان لوكورنو الفرنسيين المقررة مبدئياً نهاية هذا الاسبوع، لمواكبة تطبيق قرار وقف اطلاق النار»، الذي تمادى العدو الاسرايلي في خرقه طيلة ستة ايام بلا وازع ما اضطر المقاومة الى تنفيذ ماوصفته «ردّا دفاعياً أولياً تحذيرياً مستهدفةً موقع رويسات العلم التابع لجيش العدو الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة».
وقالت المصادر لـ«اللواء»: ان اتصالات على أعلى مستوى تجريها فرنسا وبخاصة الرئيس إيمانويل ماكرون مع الجهات المعنية لا سيما الاميركية والاسرائيلية، بهدف وقف خروقات قوات الاحتلال لإتفاق وقف اطلاق النار.
موضحة ان إلتزام العدو الصهيوني قد يتم بعد إنتهاء انتشار الجيش اللبناني في قرى الشريط الحدودي التي يتحرك بها جيش العدو بحرّية نظراً لإنعدام المرجعية القادرة على وقف الخروقات، طالما لم تباشر لجنة الاشراف على وقف اطلاق النار عملها بعد بإنتظار إنضمام الضابط الفرنسي.
واوضحت ان فترة الستين يوماً التي تضمنها اتفاق وقف إطلاق النار هي فترة لمعالجة الخروقات المتوقعة وليتم خلالها انتشار الجيش في قرى جنوب الليطاني كافة حتى الحدود مع فلسطين المحتلة.
وردا على سؤال عن سبل وقف الخروقات التي تتمادى بها اسرائيل خلال فترة الشهرين؟ قالت المصادر: ان هذا الامر تُسأل عنه الحكومة اللبنانية التي ابرمت الاتفاق، الذي لم يتضمن تفاصيل عن كيفية وقف الخروقات. مكررة انها قد تتوقف بعد انتهاء انتشار الجيش، وقالت: كلما اسرع الجيش بتنفيذ خطة الانتشار كلما ضاقت رقعة الخروقات.
لكن العدو الاسرائيلي لم يوفر الجيش من خروقاته، ما يؤكد حسب المصادر ذاتها ان الامور بحاجة الى حركة سريعة لا سيما من الجانب الاميركي.
وقد زار الجنرال جيفرز امس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في حضور سفيرة الولايات المتحدة الاميركية ليزا جونسون. وتم البحث في مهمة اللجنة الخماسية المكلفة مراقبة وقف اطلاق النار. وفي خلال الاجتماع اكد رئيس الحكومة «ضرورة الالتزام الكامل بوقف اطلاق النار ومنع الخروقات الامنية وانسحاب العدو الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية المحتلة».
وفي السياق، ابلغت فرنسا كيان الاحتلال بوجوب التزام كل الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان. وكشفت الخارجية الفرنسية، أن الوزير جان نويل بارو، أكد في اتصال هاتفي مع نظيره الاسرائيلي جدعون ساعر»على ضرورة احترام جميع الأطراف لوقف إطلاق النار في لبنان». وذلك، بعد أن إنتهك العدو لإتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بـ54 خرقاً.
ورد وزير الخارجية الاسرائيلي جدعون ساعر باستغراب يقلب الحقائق: نسمع ادعاءات بأن إسرائيل تنتهك اتفاق وقف اطلاق النار في لبنان والعكس هو الصحيح!
ورأى المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري «أنّ مهلة الـ 60 يوما هي مرحلة تدريجية للتأكد من زوال تهديد حزب لله».
بري يسأل عن دور اللجنة
وشدّد الرئيس نبيه بري الذي عرض للخروقات وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب مع العماد جوزاف عون، على ان ما تقوم به قوات الاحتلال من اعمال عدوانية تمثل خرقاً فاضحاً لبنود اتفاق وقف اطلاق النار، سواءٌ عبر تجريف المنازل في القرى الحدودية او عبر استمرار الطلعات الجوية وتنفيذ غارات في عمق المناطق اللبنانية، وسقوط شهداء، كما حصل في مرجعيون والهرمل.
ودعا بري اللجنة الفنية الى مباشرة عملها فوراً، وتساءل اين هي اللجنة بعدما تجاوز خرق الاتفاق 54 خرقاً اسرائيلياً، والمقاومة ملتزمة بعدم الرد؟
ورفض ان يكون ما تقوم به اسرائيل منذ بدء سريان وقف اطلاق النار وكأنه من ضمن بنود الاتفاق.
والموضوع نفسه بحثه الرئيس نجيب ميقاتي مع الرئيس المشارك لآلية تنفيذ ومراقبة وقف الأعمال العدائية الجنرال جاسبر جيفرز بعد ظهر امس في السرايا في حضور سفيرة الولايات المتحدة الاميركية ليزا جونسون، وتم البحث في مهمة اللجنة الخماسية المكلفة مراقبة وقف اطلاق النار.
وخلال الاجتماع اكد رئيس الحكومة ضرورة الالتزام الكامل بوقف اطلاق النار ومنع الخروقات الامنية وانسحاب العدو الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية المحتلة.
وإجتمع رئيس الحكومة مع سفير قطر لدى لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني وتم البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفي خلال الاجتماع، جدد رئيس الحكومة شكر قطر على دعمها المستمر للبنان على الصعد كافة لا سيما في تجاوز تداعيات الحرب الاسرائيلية.
التوتير الإسرائيلي
وبعد ان اعادت الانتهاكات الاسرائيلية التوتير الى الاجواء، على وقع مزايدات داخل النظام الامني والسياسي في اسرائيل.
وتبارى نتنياهو ووزراؤه على التهديد والوعيد، ذكرت وسائل اعلام اسرائيلية ان التقييمات في النظام الامني ان رد فعل اسرائيل على صواريخ حزب لله سيكون قاسياً.
وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش: «إن حزب لله ارتكب خطأ فادحاً بإطلاق النار على إسرائيل ويجب علينا الرد بضربة قوية». كما قال الوزير السابق في حكومة الحرب رئيس حزب «المعسكر الرسمي» بيني غانتس: إذا لم نرد بقوة ضد الدولة اللبنانية فإننا سنعود إلى مرحلة المعادلات.
ورأى رئيس حزب العمل الإسرائيلي يائير غولان على انه «على الجيش الرد بقسوة على استفزازات حزب لله».
لكن مراسل إذاعة «الجيش الإسرائيلي» قال: أن الحزب اختار إطلاق النار على «جبل دوف» (مزارع شبعا) حيث لا يوجد سوى مواقع للجيش الإسرائيلي وهي منطقة متنازع عليها بالنسبة للبنانيين ولم يطلق النار على المستوطنات الإسرائيلية.
الا ان إذاعة الجيش قالت لاحقاً: ان الجيش يهاجم الآن (مساءً) أهدافا في جنوب لبنان بعد انتهاك وقف إطلاق النار! لكنها عادت ونقلت عن مسؤولين أمنيين قولهم: «إن الغارات التي نفذها الجيش في الساعة الأخيرة على جنوب لبنان ليست هي الرد على إطلاق حزب لله الصواريخ».
وكانت الخروقات المعادية استمرت في الجنوب وتحذير المواطنين الجنوبيين من الانتقال الى جنوب نهر الليطاني او العودة الى قرى الحد الامامي. وطالت العمق اللبناني، حيث أغارت مسيرة إسرائيلية بـ 3 صواريخ على مركز للجيش اللبناني في بلدة حوش السيد علي شمال قضاء الهرمل.
وأعلن الجيش على منصة «إكس»: أن مسيّرة للعدو الإسرائيلي استهدفت جرافة للجيش أثناء تنفيذها أعمال تحصين داخل مركز العبّارة العسكري في منطقة حوش السيد علي- الهرمل، ما أدى إلى إصابة أحد العسكريين بجروح متوسطة.
كما أقدمت طائرة مسيّرة تابعة للعدوّ الإسرائيليّ على استهداف أحد عناصر أمن الدولة العريف مهدي خريس من مديريّة النبطيّة الإقليميّة بصـاروخ موجّه، أثناء أدائه لواجبه الوطنيّ في بلدة مرجعيون ممّا أدّى إلى استشهاده.
كما توغلت قوة معادية راجلة معززة بعدد من الدبابات والجرافات والآليات باتجاه منطقة دوبيه غرب بلدة ميس الجبل لجهة بلدة شقرا. كذلك تقدمت قوات مشاة معادية ترافقها دبابات “ميركافا” الى مزرعة “شانوح” في مرتفعات حلتا، تحت غطاء ناري من الرشاشات والقنابل الدخانية، في عملية اقتحام لمنطقة لم تدخلها قوات العدو خلال المواجهات، وتقوم بإحتلالها مستغلة وقف اطلاق النار.
وعصرا ذكرت مصادر ميدانية أن أصوات الانفجارات التي تُسمع في المنطقة الحدودية، ناجمة عن نسف قوات الاحتلال إسرائيلية منذ الصباح مبانٍ ومنازل في كفركلا وميس الجبل. فيما قام العدو بأعمال تجريف في بلدة مارون الراس. اسفرت عن جرف مسجد بلدة مارون الراس بالكامل.
وكانت نتيجة الغارة ليلاً على بلدة طلوسة 3 شهداء وجريحان كما شن العدو غارة على بلدة ياطر، وكذلك على حاريص.
ولم يتأخر رد حزب لله مرة ثانية، اذ انطلقت صواريخ باتجاه سهل الحولة، ودوت صفارات الانذار في لهفوت هيشان بالجليل الاعلى.
كما شن العدو غارات على الريحان وسجد والقطراني وجباع وجبشيت والمنطقة الواقعة بين عين قانا وكفرفيلا، وبين اللويزة وجبل صافي ومليخ.
كما سجلت غارات اسرائيلية على حوش السيد علي على الحدود اللبنانية – السورية شمال الهرمل، وغارة على جرد وادي الزين في سلسلة جبال لبنان الغربية.
وسجلت حركة مسيرات ليلاً فوق بيروت والضاحية الجنوبية على علو منخفض.
وتحدثت المعلومات عن شهداء في ياطر وحاريص.
البناء:
الجيش السوري والحلفاء لتحضير الهجوم.. وروسيا وإيران لاجتماع مع تركيا وقطر
واشنطن وباريس تحمّلان الكيان مسؤولية تهديد وقف النار بالسقوط بعد 52 خرقاً
المقاومة تنفذ رداً تحذيرياً في «المزارع».. والاحتلال يردّ بغارات في الجنوب والبقاع
كتب المحرّر السياسيّ
بعدما أعلنت موسكو وطهران بلسان الرئيسين فلاديمير بوتين ومسعود بزشكيان التأييد الكامل لسورية في خطة استعادة سيادتها، وبعدما بدأت الاستعدادات المشتركة السرية مع روسيا وإيران وقوى المقاومة لهجوم عاكس يستعيد المناطق التي سيطرت عليها الجماعات الإرهابية بقيادة جبهة النصرة وبدعم تركي وقطري واضح، بدأت موسكو وطهران حراكاً سياسياً نحو أنقرة والدوحة على خلفية الموقف الحاسم المؤيد لموقف سورية، تحت سقف الدعوة لانسحاب الجماعات الإرهابية من المواقع التي احتلتها، ودعوة تركيا وقطر الى إعلان موقف واضح رافض لهذا العدوان الذي تعتبر موسكو أنه يهدّد بإطاحة مسار أستانة ومساعي الحل السياسي، بينما تصفه طهران بالالتفاف الأميركي الإسرائيلي على انتصارات محور المقاومة، لتوجيه ضربات بالنيابة عن كيان الاحتلال لقوى المقاومة عبر تهديد الدولة السورية واستقرارها وسيادتها، والسعي لقطع شريان التواصل عبر سورية بين قوى محور المقاومة.
في لبنان انشغال بالخروقات الإسرائيلية المتمادية لاتفاق وقف إطلاق النار، بعدما قام الجيش اللبناني بإعلان تسجيل 52 خرقاً تم إيداع تفاصيلها لدى ممثلي أميركا وفرنسا في لجنة الشكاوى التي ينص عليها الاتفاق لمعالجة الخروقات، وجاء الإعلان من عدة وكالات إعلامية عن رسائل تلقتها حكومة كيان الاحتلال من المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين كرئيس مدني للجنة، ومن وزارة الخارجية الفرنسية، تقول إن هذه الخروق المخالفة لاتفاق وقف إطلاق النار باتت تهدد بسقوط الاتفاق، وتسأل ما اذا كانت حكومة الاحتلال مهتمة بتطبيق الاتفاق أم لا، وبعدما ردت المقاومة على الخروق بضربات تحذيرية لمواقع الاحتلال في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة، قام جيش الاحتلال بشن عدة غارات جوية في مناطق مختلفة من البقاع والجنوب، ثم صدر عن وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة الاحتلال رون ديرمر تأكيد التزام حكومة الاحتلال بالاتفاق.
مصادر متابعة للوضع المتوتر قالت إن محاولة الاحتلال بنقل صيغة المعركة بين حروب التي يطبقها على الوضع في سورية، لا يمكن التساهل مع جعلها نموذج تطبيق وقف إطلاق النار، بحيث يستمر الاحتلال باعتداءاته اليومية وتلتزم المقاومة بالامتناع عن الرد. وقالت المصادر إن هذه هي رسالة المقاومة عبر الرد التحذيري، والقول لحكومة الكيان إن عليها الاختيار بين العودة الكاملة للحرب أو الالتزام الكامل بالاتفاق، وإن المقاومة ملتزمة ومستعدة لأداء موجباتها اللاحقة إذا التزم الكيان وأدى موجباته وفي مقدمتها الانسحاب حتى الخط الأزرق بداية، بما في ذلك الانسحاب من الشق اللبناني من بلدة الغجر، ووقف الانتهاكات الجوية كعمل عدائي لا لبس فيه، وأن المقاومة لا تريد العودة للحرب، لكن المقاومة لن تمتنع عن الرد على أي اعتداء عندما تفشل الجهات المعنية بالاتفاق في تطبيقه، والمقاومة لم تلتزم بعدم الرد من قبل ضعفاً بل لإظهار حرصها على المضي قدماَ بتطبيق الاتفاق، والمسؤولية اليوم على عاتق رعاة الاتفاق في فرنسا واميركا، والخيار لحكومة الاحتلال بين العودة الى حرب لا يريدها أحد، وبين اتفاق يقول الجميع إنهم يرديونه.
رفعت «إسرائيل» مستوى خروقها لاتفاق وقف النار. ذلك أنها وفي خلال أيام نفذت 54 خرقاً فاضحاً، بحسب ما أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبلغت أمس، العمق اللبناني بقاعاً، غير آبهة بالتحذيرات الفرنسية والأميركية من إمكان انهيار الاتفاق.
وأطلق جيش العدو الإسرائيلي رشقات رشاشة باتجاه المنازل في بلدة الناقورة. واستهدفت غارة إسرائيلية بلدة عيناتا قرب مبنى البلدية. وأيضاً أغارت مسيرة إسرائيلية على دراجة نارية قرب محطة تحويل كهرباء مرجعيون متسببة بسقوط شهيد، وفق وزارة الصحة.
وأفيد عن وقوع جريح جراء غارة إسرائيلية بصاروخ موجّه على عيناتا لناحية مثلث بنت جبيل – مارون الراس. وقالت المديرية العامة لأمن الدولة: فـي خرق فاضـح لاتفـاقيّة الهدنة، أقدمت طائرة مسيّرة تابعة للعدوّ الإسرائيليّ على استهداف أحد عناصر أمن الدولة العريف مهدي خريس من مديريّة النبطيّة الإقليميّة بصاروخ موجّه، أثناء أدائه واجبه الوطنيّ، ممّا أدّى إلى استشهاده. وقالت إن هـذا الاعتداء يشكل تصعيدًا خطيرًا وانتهاكًا صارخًا للسيادة اللبنانية، ويؤكد الطبيعة العدوانية للاحتلال الذي لا يلتزم بأي اتفاقيّات أو مواثيق دوليّة. وقال الجيش الإسرائيلي: نحن على علم بالتقارير عن إصابة جندي لبناني في إحدى الهجمات والحادث قيد التحقيق.
وسجلت غارتان من الطيران المسيّر على بلدة عيترون. واستهدفت قذيفتا مدفعية بلدة بيت ليف.
وأفيد عن توغل جديد لقوات العدو الإسرائيلي وآلياته ودباباته في محيط مستشفى ميس الجبل الحكومي شمالي البلدة في ما انسحبت قوات الجيش الإسرائيلي وآلياته من منطقة دوبيه غربي البلدة، وذلك بعد توغلها في المنطقة وإجراء عملية تفتيش واسعة، وما تزال متمركزة على عدة تلال في بلدة ميس الجبل وتقوم بين الحين والآخر برمايات وتمشيط وإطلاق قذائف مدفعية. كما أغارت مسيرة إسرائيلية بـ 3 صواريخ على بلدة حوش السيد علي شمال قضاء الهرمل.
وفي المقابل، أعلن حزب الله في بيان، بأنه على إثر الخروق المتكررة التي يبادر إليها العدو الإسرائيلي لاتفاق وقف الأعمال العدائية المعلن عن بدء سريانه فجرَ نهار الأربعاء في 27 تشرين الثاني 2024، والتي تتخذ أشكالاً متعددة منها إطلاق النيران على المدنيين والغارات الجوية في أنحاء مختلفة من لبنان، ما أدى إلى استشهاد مواطنين وإصابة آخرين بجراح، إضافة إلى استمرار انتهاك الطائرات الإسرائيلية المعادية للأجواء اللبنانية وصولاً إلى العاصمة بيروت، وبما أن المراجعات للجهات المعنية بوقف هذه الخروق لم تفلح، نفذت المقاومة الإسلامية مساء اليوم الاثنين ردّا دفاعياً أولياً تحذيرياً مستهدفةً موقع رويسات العلم التابع لجيش العدو الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة.
ولاحقاً أشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن “إسرائيل” أبلغت واشنطن نيتها تنفيذ سلسلة هجمات في لبنان رداً على إطلاق حزب الله صواريخ، ولفتت إلى أن وزير الحرب يسرائيل كاتس صادق على خطط لشنّ هجمات واسعة النطاق على حزب الله.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية بأن المؤسسة الأمنية تعتبر أن عدم الردّ بشدة وفوراً قد يضرّ بوقف إطلاق النار لسنوات، والمؤسسة الأمنية تأخذ بالاعتبار احتمال دخول “إسرائيل” القتال لعدة أيام.
وقال رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن “إطلاق حزب الله الصواريخ نحو جبل الروس خرق خطير لوقف إطلاق النار و”إسرائيل” ستردّ على ذلك بقوة”.
وعقب ردّ حزب الله باشر جيش العدو الإسرائيليّ بتنفيذ غاراتٍ عنيفة طالت بلدة طلوسة وأدّت إلى استشهاد شخصين وإصابة اثنين آخرين، فضلًا عن السريرة في ما يسمى حورتا التحتا في قضاء جزين، وطال قصفٌ مدفعيّ أطراف راشيا الفخار، كما وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على مجرى نهر الليطاني في أطراف بلدة برغز، ونفذ سلسلة غارات مستهدفاً بلدات يارون، مارون الراس وحانين في قضاء بنت جبيل.
ونقلت إذاعة جيش العدو الإسرائيلي عن مصدر عسكري (لم تسمّه) قوله إن “الهجمات التي شنها الجيش الإسرائيلي في الساعة الأخيرة على جنوب لبنان ليست بعد ردًا إسرائيليًا على إطلاق نار حزب الله باتجاه “هار دوف”.
سيكون هناك رد إضافي في وقت لاحق”، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي “يستغل الفرصة” لضرب أهداف إضافية في الجنوب اللبناني.
وأفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن وقف إطلاق النار في لبنان ناجح، ونحن توقعنا وجود اختراقات في وقف إطلاق النار وهناك آلية للنظر فيها.
وأشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية إلى أننا لا نرى تفكك اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ويجب أن نترك للآلية الخاصة بوقف إطلاق النار في لبنان التحقق في مزاعم الانتهاكات. ولفت إلى أننا نريد رؤية انتخاب رئيس لبناني، ولكن ذلك ليس جزءاً من اتفاق وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” ولبنان، ونحن لا ندعم شخصية بعينها لرئاسة لبنان بل هو أمر يتعلق بالفاعلين السياسيين اللبنانيين.
ونقلت “أكسيوس” عن مسؤول أميركي: “الإسرائيليون مارسوا لعبة خطيرة في الأيام الأخيرة”. وذكرت بأن الوسيط الأميركي أموس هوكتشاين أبلغ “إسرائيل” أنه يتعين عليها إفساح المجال لآلية مراقبة وقف إطلاق النار.
وفيما أبلغت الخارجية الفرنسية “إسرائيل” بوجوب التزام كل الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، يصل وزير الدفاع الفرنسي، سيباستيان ليكورنو، إلى لبنان في الساعات المقبلة للبحث بتطبيق قرار وقف النار وغيره من القرارات التي تتعلّق بعمل لجنة المراقبة الخماسية على الحدود. وبحسب المعلومات فإن اللجنة الخماسية المولجة مراقبة وقف إطلاق النار، من المفترض أن تجتمع هذا الأسبوع.
وفي الإطار نفسه، أوضح رئيس مجلس النواب نبيه بري أن “خلافاً لكل ما يروج له في وسائل الإعلام بأن ما تقوم به “إسرائيل” منذ بدء سريان وقف إطلاق النار وكأنه من ضمن بنود الاتفاق، فإن ما تقوم به قوات الإحتلال الإسرائيلي من أعمال عدوانية لجهة تجريف المنازل في القرى اللبنانية الحدودية مع فلسطين المحتلة يضاف اليها استمرار الطلعات الجوية وتنفيذ غارات استهدفت أكثر من مرة عمق المناطق اللبنانية وسقط خلالها شهداء وجرحى وآخرها ما حصل اليوم في حوش السيد علي في الهرمل وجديدة مرجعيون، كل هذه الأعمال تمثل خرقاً فاضحاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم إعلانه في تمام الساعة 4:00 فجراً بتاريخ 27 تشرين الثاني عام 2024 وأعلن لبنان التزامه به”.
وأضاف: “نسأل اللجنة الفنية التي أُلفت لمراقبة تنفيذ هذا الاتفاق، أين هي من هذه الخروقات والانتهاكات المتواصلة والتي تجاوزت 54 خرقاً فيما لبنان والمقاومة ملتزمان بشكل تام بما تعهدا به”. وختم بري “ان اللجنة المولجة بمراقبة تنفيذ الاتفاق مدعوة الى مباشرة مهامها بشكل عاجل وإلزام “إسرائيل” بوقف انتهاكاتها وانسحابها من الأراضي التي تحتلها قبل أي شيء آخر”.
وفي السياق نفسه، استقبل الرئيس بري في عين التينة قائد الجيش العماد جوزاف عون، وتابع معه الأوضاع الأمنية وأوضاع المؤسسة العسكرية والمهام الموكلة للجيش اللبناني في المرحلة الراهنة.
واستقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الرئيس المشارك لآلية تنفيذ ومراقبة وقف الأعمال العدائية الجنرال جاسبر جيفرز في السراي بحضور سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون. وتمّ البحث في مهمة اللجنة الخماسية المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار.
وفي الاجتماع أكد رئيس الحكومة ضرورة الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار ومنع الخروقات الأمنية وانسحاب العدو الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة.
وعقد ميقاتي لقاءات دبلوماسية في السراي، كما عرض مع عدد من الوزراء شؤون وزاراتهم. وفي هذا الإطار، اجتمع رئيس الحكومة مع سفير قطر لدى لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني وتمّ البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقال وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب بعد لقائه وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في القاهرة: “شكرت سمو الأمير على ما قدمته المملكة من مساعدات إنسانية للبنان خلال العدوان الإسرائيلي آملاً استمرار الدعم السياسي والأخوي للنهوض بلبنان مجدداً من خلال ورشة إعادة الإعمار واستمرار المساعدات الإنسانية”.
هذا سيكون لبنان، محور مباحثات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إطار زيارة الدولة التي بدأها ماكرون إلى السعودية أمس والتي تنتهي غداً. وحسب المعلومات، فإنّ ماكرون سيبحث مع ولي العهد السعودي ملف الرئاسة في لبنان، فضلاً عن اتفاق وقف إطلاق النار، وكذلك دعم الجيش اللبناني لتعزيز دوره في الجنوب.
وأكد وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال، علي حمية، في تصريح له من معبر العريضة، أن “المعبر بات سالكاً وبإمكان اللبنانيين في سورية العودة الى لبنان”.
وشدّد حمية، على “أننا لسنا في هدنة بل اتفاق لوقف إطلاق نار. وهذا الموضوع قيد المتابعة من قبل رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة”، لافتاً إلى أن “الجيش اللبناني يقوم بواجبه على كامل الارض اللبنانية”.
المصدر: صحف