بخلاف معظم البشر، يرى أطفال قبيلة في تايلاند تحت الأمواج بوضوح تام. إذ إن هؤلاء الأطفال يعومون في الماء عندما يأتي المد لكن بطريقة مختلفة فهم يقضون تحت الماء وقتاً أكثر مما يقضونه فوق الماء، وتكون أعينهم مفتوحة، وكأنهم دلافين صغيرة. فكيف يفعلون ذلك؟
في جزيرة في عمق أرخبيل بحر أندامان، وبطول ساحل تايلاند تعيش قبائل صغيرة العدد تدعى شعب موكن، ويعرفون أيضاً برحالة أو بدو البحر. يقضي أطفال هذه القبيلة معظم يومهم في البحر، يصطادون للحصول على طعام. أولئك الأطفال متكيفون بشكل فريد لأداء هذه المهمة، لأن باستطاعتهم الرؤية تحت الماء. واتضح أنه مع القليل من التمرين، يمكن أن تكون هذه القدرة الفريدة من نوعها للرؤية متاحة لأي طفل.
كان على الأطفال أن يغوصوا تحت الماء ويضعوا رؤوسهم على لوحة، حيث كان بإمكانهم أن يروا هناك بطاقة تعرض إما خطوطاً رأسية أو أفقية. طلب من الأطفال أن يعودوا إلى السطح للإبلاغ عن اتجاه الخطوط، ما إن ينظروا إليها في البطاقة. كل مرة كانوا يغطسون، كانت الخطوط تزداد نحافة، ما كان يزيد من صعوبة المهمة. واتضح أن أطفال قبيلة موكن قادرون على الرؤية أفضل مرتين من الأطفال الأوروبيين الذين أجروا نفس التجربة في وقت لاحق.
ما الذي كان يحدث؟ من أجل أن ترى بشكل جيد فوق الأرض، تحتاج أن تكون قادراً على كسر الضوء الذي يدخل إلى شبكية العين، حيث ينكسر الضوء عند دخوله إلى العين البشرية، لأنَّ القرنية الخارجية تحتوي على ماء، ما يجعلها أقل كثافة بشكل طفيف من الهواء خارج العين. ثم تقوم عدسة داخلية بكسر الضوء بنسبة أكبر.
عندما تكون العين مغمورة في الماء، الذي يحتوي على نفس كثافة القرنية، فإننا نفقد قدرة القرنية على كسر الضوء، ولهذا تصبح الصورة شديدة التشويش، واتضح أن الأطفال كان عليهم أن يكونوا قادرين على التكيف إلى درجات أكبر بكثير مما توقعت من أجل يكونوا قادرين على الرؤية تحت الماء.
وعادة، عندما تغطس، فإنَّ كل شيء يصبح شديد التشوش إلى حد أن العين لا تحاول حتى التكيف، لا يعود رد فعلك طبيعياً. لكنَّ أطفال قبيلة موكن قادرون على فعل الأمرين معاً: بإمكانهم أن يجعلوا حدقات أعينهم أصغر، وأن يغيروا من شكل عدساتهم. للفقمات والدلافين أسلوب تكيف مشابه.
كان أطفال قبيلة موكن، الذين هم الآن في أواخر فترة مراهقتهم، ما زالوا قادرين على الرؤية بوضوح تحت الماء. ولم تستطع جيسلن اختبار الكثير من البالغين لأنهم كانوا شديدي الحياء، لكنها متأكدة من أنهم قد فقدوا قدرتهم على الرؤية تحت الماء مع تقدمهم في العمر. وكل ما في الأمر أنَّ أعين الكبار ليست قادرة على هذا القدر من التكيف.
لسوء الحظ، فإن أولئك الأطفال ربما يكونون آخر أعضاء القبيلة امتلاكاً لتلك القدرة على الرؤية بوضوح تحت الماء.
المصدر: مواقع