ملف ساخن | عن الـ (1701) والعدوان.. أي رسائل اسرائيلية في اعتدائها على حاجز الأولي ؟ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

ملف ساخن | عن الـ (1701) والعدوان.. أي رسائل اسرائيلية في اعتدائها على حاجز الأولي ؟

العدوان على لبنان - صيدا - الأولي
أحمد فرحات

اجتمعت عناصر أربعة في صورة واحدة واستهداف واحد (مدنيون، الجيش اللبناني، قوات اليونيفل، الجيش الاسرائيلي)، عند حاجز الأولي على مدخل مدينة صيدا، بوابة الجنوب اللبناني. عدوان اسرائيلي واضح، استهدف سيارة مدنية، أدت إلى استشهاد (3) أخوة من آل شومر، عند حاجز الجيش اللبناني وأثناء مرور قوات دولية باتجاه الجنوب.

لم يعر العدو الإسرائيلي اهتماماً لمكان الاستهداف، بل أصر على القيام باعتدائه، عند حاجز عسكري رسمي للدولة اللبنانية، بوجود قوات دولية في المكان، ولمدنيين في السيارة المستهدفة، في إشارة تعكس مضي الحكومة الإسرائيلية في تجاهل واضح أي قرار دولي متعلق بالقواعد الحاكمة للصراع في الشرق الأوسط وعلى الجبهة اللبنانية.

العدوان على لبنان - صيدا - الأولي

وإذا كان السلوك الإسرائيلي العدواني على الارض على هذا المنوال، فعلى ماذا يفاوض المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين على تطبيق القرار رقم (1701)، واي قرار معدل يضمن حماية المدنيين؟ وإذا كنت الولايات المتحدة ومعها الأمم المتحدة غير مستعدة لحماية الطواقم الدولية؟، فللمدنيين في لبنان من يحميهم، “جيش وشعب ومقاومة”.

جنود وضباط في الجيش اللبناني على الأرض يؤمنون للمواطنين الحماية والأمان، ومقاومة تتصدى للعدوان باستبسال، وشعب صامد مضحي، يقف خلف مقاومته وجيشه، في صد الغطرسة الإسرائيلية، فيما قوات الطوارئ الدولية اختارت أن تكون على الحياد في صراع عنوانه القانوني، اجبار المعتدي على الرضوع للقوانين الدولية، وامتثاله للمواثيق الإنسانية التي تراعي حرمة المدنيين في النزاعات.

بيان قيادة الجيش اللبناني كان واضحاً، بأن العدو الإسرائيلي استهدف سيارة أثناء مرورها عند حاجز الأولي – صيدا، ما أدى إلى استشهاد 3 مواطنين، و3 عسكريين وعناصر الوحدة الماليزية العاملة ضمن اليونيفيل، وذلك أثناء مرور آلياتهم عند الحاجز.

بالفيديو | من مكان الاستهداف عند حاجز الأولي في صيدا

غير أن اليونيفيل تحاول في لبنان التنكر للواقع، فهي وإن أعلنت في بيان إصابة (5) من جنودها وصلوا حديثاً إلى لبنان، فهي تجاهلت أن من استهدفهم هو طائرة اسرائيلية، ضربت كل المواثيق الدولية بعرض الحائط. فكان بيانها محاولة منها لتبرئة العدو الإسرائيلي من قتل المدنيين واستهداف العسكريين اللبنانيين والدوليين على حد سواء.

وهنا نقتبس من البيان “بعد ظهر اليوم، كانت قافلة تابعة لقوات اليونيفيل، تنقل جنود حفظ سلام وصلوا حديثا إلى لبنان، تمر عبر صيدا عندما وقع هجوم بطائرة مسيّرة بالقرب منها. أصيب خمسة من جنود حفظ السلام بجروح طفيفة، وجرى علاجهم على الفور من قبل الصليب الأحمر اللبناني، ثم واصلوا طريقهم إلى مواقعهم في جنوب لبنان”.

بهذه البساطة كان بيان قوات الطوارئ الدولية، تجهيل للفاعل، رغم معلوميته، وفي هذا تساؤلات كبرى، خصوصاً وأن عملية البترون لم تنته فصولها بعد، حيث جرت على مرأى من قوات دولية ألمانية في عرض البحر المتوسط.

ويعيد هذا الاستهداف إلى الذاكرى، مجازر سابقة أقدمت عليها قوات الاحتلال تحت علم الأمم المتحدة، وفي قانا (نيسان 1996) عنوان وذكرى كي لا ننسى، عندما أقدمت قوات الاحتلال في عدوان نيسان المسمى اسرائيلياً “عناقيد الغضب”، على ارتكاب مجزرة راح ضحيتها (106 أشخاص) هم مدنيون، احتموا بمقر للأمم المتحدة في بلدة قانا الجنوبية، فما حمتهم بوجه آلة قتل دموية، عضو في الأمم المتحدة ويطلق عليها اسم “دولة اسرائيل”.

لم تتخذ الأمم المتحدة بمؤسساتها المختلفة اجراءات رادعة تجاه الكيان الإسرائيلي على مدى الصراع، سوى بقرارات بقيت حبراً على ورق، في ظل الحماية السياسية التي تؤمنها لها قوى في مجلس الامن الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة. ومن المفيد التذكير هنا أن الأمم المتحدة قبلت اسرائيل كدولة في جمعيتها العامة بتاريخ (11 أيار 1949)، بعد عام واحد فقط من قيام هذا الكيان بأكبر حملة تطهير عرقي في العصر الحديث، وارتكابه مئات المجازر بحق الشعب الفلسطيني وطرده من أرضه.

ومن سخرية القدر أن القرار الدولي رقم (273) الذي أعطى الشرعية للكيان المغتصب لأرض فلسطين يقول في أحد بنوده “تقرر أن إسرائيل دولة محبة للسلام راضية بالالتزامات الواردة في الميثاق، قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وراغبة في ذلك”.

وفي صيدا (2024) برهنت اسرائيل على “محبتها للسلام”، وضربت بعرض الحائط حتى قرار قبولها في تلك المؤسسة الدولية، التي شكلت وتشكل أملاً للعديد من الشعوب في الارض، بالسلام والحياة، ومنها الشعبين اللبناني والفلسطيني. فالأمم المتحدة مدعوة لالزام العدو بتطبيق القرارات الدولية الحاكمة للصراع والتي تشكل ضمانة دولية للمدنيين، خصوصاً البعيدين عن خطوط المعارك والإشتباكات، بعيداً عن التسييس والتمييز الذي لطالما طبع سلوك هذه المنظمة في العالم.

وإلى الداخل، وجهت قوات الاحتلال رسالة واضحة لا لبس فيها، بأن العدوان هو على كل لبنان، بجشيه ومواطنيه، وقوات اليونيفل، ما يؤكد صوابية قرار المقاومة بالتصدي لهذا العدوان والجامه، وأن المعادلة الثلاثية “جيش وشعب ومقاومة”، هي الضمانة الوحيدة لاستقلال البلد وحمايته.

وفي غزة أيضاً، يشن الجيش الاسرائيلي اعتداءات على مقرات الأمم المتحدة، التي تقوم بمهام انسانية في القطاع رغم أنها ليس كافية، وتستهدف مدارس وكالة الانروا وغيرها من المنشآت الإنسانية والحيوية، في حين تصدر الحكومة الإسرائيلية في “تل أبيب” قرارات لمحاصرة الوكالات الأممية المعنية بحقوق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، دون أي تحرك دولي وأممي فاعل، يضع حداً للانتهاكات القانونية بحق الانسانية والواضحة والتي لا تحتاج إلى تحقيقات، بل تحتاج إلى وقفة جادة، وقرار جريء بالزام العدو بالقرارات والمواثيق الدولية السامية.

المصدر: موقع المنار