“الفرق بيننا وبين إسرائيل، نحن نقاتل بشرف، نستهدف الثكنات والعسكر والدبابات والجنود، بينما هم يقتلون المدنيين والعزّل ويُدمّرون البشر والحجر، لأنّهم جبناء، ولأنّ مشروعهم مشروع احتلال وفشل ووحشية..”، بهذه الكلمات لخّص الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الفارق بين قتال المقاومة وقتال العدو الاسرائيلي، وأكد سماحته “.. الآن نحن نخوض معركة أولي البأس، أقول لهم، ستهزمون حتما..”.
فالمقاومة رغم وجود كل المبررات لديها لرفع منسوب الإضرار بكل ما يوجد في كيان العدو من مستوطنين ومباني سكنية ومصانع وغيرها مما قد يصنف على انه مدني(مع الملاحظة ان في كيان العدو لا يوجد مدنيين بالمعنى الدقيق للكلمة فالجميع هناك يصنف على انه محتل لكن بعضهم محتل بلباس مدني وهم المستوطنون الصهاينة وبعضهم بلباس أو طابع عسكري أو أمني وهم العاملون في الجيش والمؤسسات الأمنية الإسرائيلية)، ومع ذلك ما زالت المقاومة تضبط إيقاع المعركة باستهداف الثكنات والمواقع العسكرية وتجمعات الجيش الصهيوني وغيرها من النقاط العسكرية والامنية البحتة على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة او في شمال كيان العدو او في العمق الاسرائيلي.
ولا نتفاجأ بهذه المقاومة النزيهة الشريفة التي فيها من المقاومين الصفوة الأشداء الأتقياء كالملائكة كما وصفهم رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم السيد في رسالته لهم يوم 1-11-2024 حيث قال “.. ملائكة تمثلوا بشرًا سويًّا عبادًا أولي بأس شديد أو بشرًا تمثلوا ملائكة الغضب الإلهي من قتلة الأنبياء وأولاد الأنبياء وعباده الصالحين. من أنتم حتّى رأت عيونكم أعداءكم في عتمة الليل الدامس؟ وعميت عيون أعدائكم عنكم في منتصف النهار الشامس؟ من أنتم حتّى تكون رميتكم رمية الله وانتقامكم انتقام الله وعذابه وعلى أيديكم وبأيديكم الطاهرة؟”.
بمقابل ذلك، نرى العدو الاسرائيلي يضبط إيقاع ضرباته في غزة ومن ثم في لبنان بشكل كبير وعلى مدى واسع باستهداف المدنيين العزّل وقتل الأبرياء من الاطفال والنساء والشيوخ واستهداف كل معالم الحياة ومراكز الاستشفاء والتعليم ودور العبادة والطرقات والاملاك العامة والبنى التحتية الاساسية، فالعدو يقتل المدنيين ويتعمد الإضرار بمن يبقى منهم على قيد الحياة ويرفض الخروج من بعض المناطق وتنغيص حياتهم وتعطيلها وعرقلة النمو والعيش الطبيعي للبشر، وكل ذلك يدلل على مدى حقارة ونذالة هذا العدو الذي لا يقيم اي اعتبار لأي شريعة دينية او اخلاقية او قانونية، وإنما ما يحكم عمل العدو هو شريعة الغاب والتعاليم التلمودية التي تهدف الى قتل وإبادة كل من ليس بصهيوني.
وهذه الجرائم التي يرتكبها العدو تندرج في تصنيفات قانونية جميعها تخالف القوانين والاتفاقيات الدولية لا سيما اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية ونظام المحكمة الجنائية الدولية التي تشكل انتهاكا فاضحا لقانون الحرب والقانون الدولي الانساني، وهي تندرج في إطار جرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان وجرائم الابادة، ويمكن الاشارة الى بعض الجرائم المصوفة التي تدلل على نذالة العدو، فعلى سبيل المثال استهداف العدو لطواقم الإسعاف والانقاذ يعتبر من أبشع وأشنع الجرائم باعتبار ان هناك ضحية او اكثر قصفتهم الطائرات الاسرائيلية، ومع ذلك يواصل العدو الإمعان في القتل عبر منع إيصال المساعدة الطبية والاسعافية اللازمة لهم وتركهم ينزفون او يموتون ما يشكل أعلى درجات الاجرام الصهيوني، ناهيك انه يقتل طاقم طبي او إغاثي فقط لانه يقوم بدوره الإنساني النبيل الذي يفترض ان القوانين والمبادئ السامية تحميه، لكن في حالة العدو الاسرائيلي نُصدم بأشكال فريدة من الإجرام وكأننا في القرون الوسطى، حتى بات كثيرون لا يؤمنون بجدوى بقاء القوانين الدولية والمؤسسات الاممية الراعية لها وعلى رأسها الامم المتحدة بمختلف فروعها ومؤسساتها.
حتى ان بعض أساتذة القانون الدولي باتوا يعتذرون من الرأي العام ومن طلابهم لما كانوا يصروّن عليه من ضرورة الالتزام بهذه القواعد القانونية ووجوب تطبيقها، بينما تبين في النهاية انها مجرد وسائل دعائية كانت تستخدمها الدول الغربية ومن يدعي حماية حقوق الانسان بهدف تمرير سياساتهم وتحقيق مخططاتهم.
وبعد كل ذلك لا بد من اقتناع كل من لا يزال ينخدع بـ”شعارات جميلة” لكن أفرغت من مضمونها عن حقوق الانسان والبشر والدفاع عن الحريات وسيادة الدول، انها وغيرها باتت غير صالحة في هذا الزمن، وربما لم تكن واقعية وحقيقة وجدّية منذ ان وجدت، فهذا العالم لا يفهم إلا منطق القوة، ففي شريعة الغاب العالمية التي نعيش بها: عندما تكون قويا تفرض رأيك واحترامك على الجميع بمن فيهم خصومك وأعداءك، وبالتالي ففي مثل هذا العالم الذي تتحكم به الإدارات الغربية بدرجة بكبيرة ومن خلفهم اللوبيات الصهيونية وكيان العدو الاسرائيلي، لا يمكن الركون إلا لمنطق المقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها المقاومة العسكرية حتى نفرض على هؤلاء احترام حقوقنا وعدم الاعتداء علينا وضرورة إعادة كل الحقوق الفلسطينية واللبنانية والعربية، فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
المصدر: موقع المنار