برز في الفترة الاخيرة إعلان العدو الاسرائيلي بشكل رسمي او عبر الإعلام، عن ارتفاع أعداد قتلاه في الجبهة الشمالية بمواجهة حزب الله، بالاضافة الى أعداد كبيرة من الجرحى بينهم إصابات خطيرة، وذلك بعد ان كان العدو يتكتم بشكل كبير ويمنع وصول أي معلومة من هذا النوع الى العلن، ما يؤشر الى ازدياد كبير في الخسائر بالأرواح الصهيونية التي يُمنى بها العدو بشكل ما عاد باستطاعته إخفاء حقيقة ما يجري بشكل كامل على الحدود مع لبنان.
لكن ذلك لا يعني أن العدو لن يواصل سياساته بمزيد من التعتيم عن خسائره المختلفة، سواء الجبهة على الجبهة مع لبنان او بالمستوطنات الشمالية والعمل المحتل جراء الضربات الصاروخية والجوية للمقاومة الاسلامية او على جبهة قطاع غزة، وكلها جبها تكبد العدو خسائر بشرية (قتلى وجرحى) بصورة يومية بالاضافة الى الخسائر المادية والاقتصادية، وهذه السياسة الاسرائيلية طالما كانت متبعة وهي تهدف الى عدة أمور، منها:
– منع الإعلان عما يتكبده الصهاينة بشكل صريح وواضح وهذا يدلل على مدى الكذب المتبع من قبل قيادات الكيان.
-منع تأثر الجبهة الداخلية بالضربات الموجعة التي يتلقاها الجيش الصهيوني.
-منع اهتزاز معنويات الجنود جراء ما يتكبده الجيش والداخل من خسائر.
-الإيحاء ان الجيش الاسرائيلي لا يتلقى الكثير من الخسائر واستغلال ذلك في وسائل الاعلام لتكبير حجم المعركة والانتصارات الوهمية التي يستثمر بها الصهاينة في الداخل والخارج، للزعم بالقول إن “دولة إسرائيل” ما تزال قوية.
ويعيد الصهاينة حساباتهم على الجبهة الشمالية بعد الضربات القوية التي توجهها المقاومة لقوات الاحتلال والتي اظهرت امساكها بالمبادرة على استنزاف جيش العدو بقوة وجره الى مستنقع لا ينتهي من الخسائر.
إلا ان كل هذه المحاولات الاسرائيلية لإخفاء الحقائق ما عادت تنطلي على أحد وباتت وسائل الاعلام المختلفة وكثير من وسائط التواصل الاجتماعي والرأي العام الاسرائيلي والاقليمي والغربي يتحدث بصراحة عن الخسائر اليومية والاستنزاف الكبير الذي تعاني “إسرائيل”، كما ان الاعلام الاسرائيلي بات يتناول الامر بشكل كبير مع ارتفاع “فاتورة” العدوان على لبنان، كما ان حركة الطائرات والاسعافات اليومية لنقل القتلى والجرحى من الجبهة الشمالية باتجاه مستشفيات حيفا وصفد وغيرها من المناطق المحتلة.
لكن ما سبق ذكره، يوضح مدى العلاقة غير الطبيعية بين القيادة الصهيونية في الكيان وبين عناصر وضباط الجيش وغيرها من القوى الامنية، فمن يقتل من هؤلاء لا يتم الاعلان عنه والاحتفال به كقتيل فدى نفسه لبقية الصهاينة، بل سيتم دفنه إما بالسرّ او بشكل بسيط وسريع بعيدا عن وسائل الاعلام لإخفاء وجود خسائر بالجيش الاسرائيلي، وهذا امر يدلل على مدى هشاشة العلاقة بين الصهاينة أنفسهم، كما لو ان الكيان يجنّد مرزقة فقط للقتال والموت في سبيل ان العصابات او الحركات واللوبيات الصهيونية الحاكمة والمتحكمة بالكيان تبقى وتستمر في مناصبها ووجودها في الاراضي المحتلة.
وتسجل المقاومة الإسلامية ارقاماً قياسية لناحية عدد العمليات التي تقوم بها ضد العدو الإسرائيلي، والتي تتنوع بين تصدي على الحدود عبر الاشتباك المباشر، أو في قصف التجمعات عند الحدود، وبين قصف مدن وقواعد عمق الشمال المحتل وصولا إلى تل أبيب.
هذه العمليات تأتي ضمن مرحلة “ايلام العدو” والتي أعلن عنها نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في حين أن المقاومة أطلقت أيضاً سلسلة عمليات نوعية، تحت عنوان “عمليات خيبر”، مع ما تحمله هذه التسمية من معانٍ تاريخية، يدرك العدو الإسرائيلي مضامينها جيداً.
وتعلن المقاومة الاسلامية في بياناتها المتواصلة على مدار ساعات النهار عن العمليات التي تقوم بها، كما أوجزت عبر غرفة عملياتها اكثر من مرة منذ بدء العدوان الصهيوني الواسع على لبنان حصيلة لما يجري في ميدان المعركة، على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة بين المقاومين وقوات العدو، وشرحت بعض التفاصيل لما يجري بالمواجها البريّة في مختلف المحاور وما أحصته من خسائر أكيدة لدى العدو بين قتلى وجرحى واستهداف دبابات او آليات اخرى تم إحراقها وتدميرها او إعطابها، كما شرحت غرفة عمليات المقاومة بشيء من التفصيل ما تقوم به القوّتين الصاروخية والجوية وأيضا وحدة الدفاع الجوي في المقاومة.
فصحيح ان المواجهات البرية تكبد العدو الكثير من الخسائر يوميا، إلا ان تشكيلات القوات البرية في المقاومة تعمل بالتوازي والتناغم مع القوتين الجوية والصاروخية والدفاع الجوي، لاستهداف “تحشدات العدو في المواقع والثكنات العسكريّة على طول الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة وفي المُستوطنات والمُدن المُحتلّة في الشمال، وصولًا إلى قواعده العسكريّة والاستراتيجيّة والأمنيّة في عمق فلسطين المحتلة بمختلف أنواع الصواريخ، ومنها الدقيقة التي تُستَخدم للمرّة الأولى”، كما تصدت المقاومةمؤخرا للعديد من الطائرات الحربية الاسرائيلية وايضا المسيّرات الصهيونية من عدة انواع وأحجام لا سيما “هرمز 450 وهرمز 900”.
وبنفس الإطار، أكدت غرفة علميات المقاومة في بيان لها يوم 23-10-2025 ان “حصيلة خسائر العدو بلغت وفق ما رصده مُجاهدو المُقاومة الإسلاميّة ما يزيد عن 70 قتيلًا وأكثر من 600 جريحًا من ضباط وجنود جيش العدو الإسرائيلي. تدمير 28 دبابة ميركافا، و4 جرّافات عسكريّة وآليّة مُدرّعة وناقلة جند. إسقاط 3 مسيّرات من طراز “هرمز 450 وواحدة من طراز “هرمز 900″، واوضحت ان “هذه الحصيلة لا تتضمن خسائر العدو الإسرائيلي في القواعد والمواقع والثكنات العسكريّة في شمال وعمق فلسطين المُحتلّة”.
حصيلة خسائر الجيش الإسرائيلي في الهجوم البري على جبهة جنوب لبنان#المقاومة_الإسلامية pic.twitter.com/H1dfNM2E0w
— قناة المنار (@TVManar1) October 23, 2024
يبقى انه من المفيد التذكير بما قاله مسؤول العلاقات الاعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف في مؤتمر عقده يوم 23-10-2024 حيث لفت الى ان “وزير الحرب الصهيوني غالانت يقول إن لا مفاوضات الا تحت النار، هذا مفهوم، فهل أجريتم يوماً مفاوضات في غزة وفي سواها إلا تحت القتل والتدمير والمجازر؟ هل كنت تعتقد اننا سنضع أيدينا خلف رقابنا ونوقع لك وثيقة استسلام؟ هل كنت تعتقد أننا سنرفع الاعلام البيضاء المذلة؟ هل بلغ بك الخيال والجموح حداً أن تحلم بمستوطنات صهيونية على أرض الجنوب أو دويلة عميلة على غرار ما مضى من زمن، جوابنا لك أن النار بالنار والدم بالدم والحديد بالحديد..”، وجواب المقاومة واضح في الميدان التي تُظهر نتائجه ان العدو لا يمكنه فرض شروطه لانه غير قادر على تحقيق أي نصر، بل ان نتائج الميدان تبين الى أين يسير النصر وبأي اتجاه وان المقاومة منتصرة لا محالة وإن غدا لناظره قريب.
المصدر: المنار