خليل موسى موسى – دمشق
أمام مقابض سلاح العطش يجد المواطن السوري متسعاً آخر من المعاناة، سلاح يشهره الإرهاب غير آبه بتحييد أرواح المدينيين عن فوهة النار، لا بل ويجد فيهم ورقة قوية يشهرها من بين أوراق أرشيفه الذي بات ممتلئا بكل أشكال الجرائم بحق الإنسانية، وليس آخرها حتى الآن، منعُ مياه الشرب عن سكان دمشق وريفها.
مع صبيحة يوم الجمعة الماضي، استفاق سكان دمشق على انقطاع مياه الشرب عن منازلهم، كانت القصة عادية بالنسبة لهم، فربما تقنين أو انقطاع روتيني يحدث عادة، لم يكترثوا للأمر بانتظار عودة المياه، ولم يعلموا أنه انقطاع عام عن العاصمة وريفها وضواحيها، وأغلبهم لم يسأل عن السبب آنذاك.
في اليوم التالي، بدأت مواقع التواصل تضج بالخبر؛ والشكوى من انقطاع الماء تتزايد، فليس في حسبان أحد أن ينقطع الماء أكثر من ساعات، وأيضاً ليس في منازلهم مخزون احتياطي. انتشر الخبر بين الجميع، بأن الدولة تعمدت قطع الماء عن جميع بيوت العاصمة بسبب ما أقدم عليه المسلحون في منطقة وادي بردى بالريف الغربي للعاصمة، حيث تم إلقاء مواد ملوثة للمياه في نبع عين الفيجة.
وفي تصريح خاص مع اشتداد أزمة المياه، استضاف موقع قناة المنار المهندس عصام طباع معاون المدير العام لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي، حيث تم اكتشاف المؤسسة للمواد الملوثة قبل دخولها خزانات تغذي المدينة بالمياه، وذلك من خلال الرقابة والمتابعة اليومية عبر الطرق الوقائية، للمياه الواردة من النبع، وبعد فحصها تم قطعها مباشرة.
لم ينتهِ الحدث عند هذا الحد، فبعد تأكد الموارد المائية من انتهاء تلك المواد الملوثة بعد توجيه الماء الملوث إلى الصرف الصحي، تم إعادة استخدام المياه، ولكن المسلحين قاموا بتفخيخ وتفجير مجرى وادي بردى وتحويل مجرى المياه وهدرها في النهر بشكل كامل عن طريق فتح بوابات القوسية للنبع، وهنا وصلت الأمور حدّ خروج المصادر المائية عن الخدمة نهائياً.
كونه ليس الاعتداء الأول لإرهاب على مياه اشرب، ومع خروج المصادر الرئيسية عن الخدمة، تم التحول إلى خطة الطوارئ واستخدام موارد احتياطية تتخذها الدولة السورية، تؤمن فقط ثلث الكمية المطلوبة، ما يتيح تزويد المواطنين بالمياه يوم واحد وتقطع يومين حسب برنامج وضعته وزارة الموارد المائية، ويتم تكرار هذه الدورة الثلاثية.
المخبر المركزي التابع لمؤسسة الموارد المائية، المستنفر بشكل معتاد وعلى مدار لحظات السنة، زاد الضغط عليه، وزاد أيضا استنفار جميع المؤسسات التابعة لوزارة الموارد المائي، من أجل عدم مرور أي جرعة تلوّث إلى مياه الشرب حسب تأكيد معاون المدير. إذا هي معركة شرسة تخوضها مؤسسات الدولة في وجه الإرهاب للحفاظ على جميع مقومات الحياة الأساسية للمواطنين، وحسب ما أوضحه المهندس طباع خلال حديثه، يتبيّن أن الدولة وزعت مؤسساتها ليقوم كل بدوره على كافة الجبهات، لمواجهة هذه الطارئة في حياة المواطنين كونها تتعلق بما جعل الله منه كل شيء حي.
المصدر: موقع المنار