تجري الاستعدادات في بلدات وقرى شمال وغرب وجنوب جنين، على قدم وساق لاستقبال موسم الزيتون، الذي يوصف في هذه المناطق بـ”الممتاز” وربما بالتاريخي، وفي مجمل فلسطين بـ”الجيد جدا”، مع توقعات بأن يكون حول المعدل السنوي (حوالي 20 ألف طن زيت) أو يتجاوزه هذا العام، لكن المخاوف من إجراءات الاحتلال وهجمات المستعمرين تتزايد، إذ تهدد بفقدان حوالي 15% من إنتاج الموسم.
ويواجه قطاع الزيتون في فلسطين مخاطر جمة، أبرزها وأكثرها تأثيرا هجمات لبصهاينة وإجراءات الاحتلال التي تحول دون وصول المزارعين إلى أراضيهم لجني محصولهم من ثمار الزيتون.
في عام 2023 الذي تزامن موسم الزيتون فيه مع بدء العدوان على قطاع غزة، لم يتمكن المزارعون من قطف نحو 60 ألف دونم خلف جدار الفصل والتوسع العنصري وفي محيط المستعمرات، ما شكّل خسارة بنحو 10% من كامل الإنتاج.
ومع تصاعد إجراءات الاحتلال وهجمات المستوطنين، تتوقع وزارة الزراعة عدم تمكن المزارعين من الوصول إلى 80 ألف دونم من المساحة المزروعة بالزيتون، ما قد يترتب عليه فقدان نحو 15% من الإنتاج (إنتاجية الشجرة خلف جدار الفصل العنصري أصلا ضعيفة لعدم تمكن أصحابها من خدمتها طوال العام).
منذ عام 2012، تضرر، بالقطع أو التكسير، حوالي 278 ألف شجرة زيتون بسبب إجراءات الاحتلال وهجمات المستعمرين، فيما يُمنع المزارعون من الوصول إلى مساحات واسعة تقع خلف الجدار وفي محيط المستعمرات، ناهيك عن سرقة المستعمرين للمحصول في مناطق عدة.
وفق تقديرات وزارة الزراعة، يبلغ عدد أشجار الزيتون في فلسطين حوالي 13.2 مليون، منها نحو 10 ملايين شجرة مثمرة، ونحو 3 ملايين شجرة لم تصل بعد إلى مرحلة الإنتاج، وتبلغ المساحة الإجمالية للأراضي المزروعة بالزيتون حوالي 935 ألف دونم، وتتم زراعة حوالي 300 ألف شتلة جديدة سنويا.
ويبلغ معدل استهلاك الفرد من زيت الزيتون في فلسطين حوالي 3 لترات فقط (يزيد وينقص تبعا للأسعار).
وإضافة إلى المخاطر الناجمة عن إجراءات الاحتلال وهجمات المستوطنين، يواجه قطاع الزيتون في فلسطين العديد من التحديات، بعضها مرتبط بعملية الإنتاج، وبعضها مرتبط بالمعاصر، والبعض الآخر مرتبط بالتسويق وتعامل المستهلكين.
فيما يتعلق بالإنتاج، فإن معدل إنتاجية الأشجار في فلسطين متدنية، وهي الأقل بين الدول المنتجة (وزارة الزراعة تقدّر إنتاجية الدونم بنحو 40 كيلوغراما فقط)، ويعزو فياض سبب هذا التدني في الإنتاجية إلى طول عمر الأشجار وتركها دون تشبيب (قص الأغصان القديمة القائمة كليا وإفساح المجال أمام بروز أغصان جديدة)، إضافة إلى نقص العناية بالأشجار بالتقليم السنوي المعتاد بما يبقي داخلها أكثر عرضة للتهوية والشمس، والتسميد الطبيعي (روث الحيوانات).
أما فيما يتعلق بالتسويق، فإن التحدي يتمثل في ممارسات سيئة لبعض التجار، إذ يعرضون في أسواق خارجية زيتا من بلدان أخرى أقل جودة، باعتبارها زيتا فلسطينيا، وحتى تسويق زيت قديم (من مواسم سابقة) مخزّن بطريقة خاطئة باعتباره زيتا جديدا، ما يسيء إلى سمعة الزيت الفلسطيني.
أما فيما يتعلق بالمستهلكين، فإن التحدي يتمثل في التخزين السيئ، كتخزينه بعبوات بلاستيكية، وتعريضه للشمس والحرارة، وتعبئته بعبوات كبيرة حيث يبقى عرضة للهواء لفترة أطول أثناء الاستخدام، وشراء الزيت من مسوّقين على الطرق بعبوات بلاستيكية شفافة معروضة بالشمس في الشوارع والطرقات.
بين عامي 2010 و2017، عاش قطاع الزيتون فترة ذهبية، لدرجة أن المعاومة (تناوب الحمل بين سنة وأخرى) اختفت، فبقي الإنتاج عند مستوى مرتفع طوال هذه السنوات.
والسبب في ذلك، أن هذا القطاع شهد ثورة بدأت في عام 2005، إذ حظي بدعم كبير من الحكومة والمانحين، على صعيد الإرشادات للمزارعين، والمعاصر، والميكنة، والآفات والأمراض، وعبوات التخزين المعدنية غير القابلة للصدأ والأكسدة (ستانلس ستيل)، واستصلاح الأراضي “فكانت ثورة في كل شيء يتعلق بهذا القطاع”.
وبدأ أثر هذا الدعم والاهتمام بالظهور عام 2010 واستمر حتى 2017، إذ حافظ الانتاج على مستوى مرتفع في كل عام، واختفت المعاومة، لكن هذا انتهى بعد عام 2017، إذ توقف الدعم لهذا القطاع، وعاد القطاع إلى ظاهرة المعاومة، سنة وفيرة (ماسية) وسنة ضعيفة (شلتونية).
المصدر: وكالة وفا