333 يوماً على الإبادة الجماعية في قطاع غزة. ولا زال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يقف متحدثاً عن أهداف حربه التي لم يحقق منها فعلياً أي شيء. هو الذي أقرّ بهذا الأمر ضمنياً في مؤتمره الصحافي مساء الاثنين عندما قال إن “ثلاثة من بين أهداف الحرب الأربعة التي حددتها “إسرائيل”، لن تتحقق إلا بمواصلة السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وغزة”، أي إنها لم تتحقق بعد.
فما الذي قام به رئيس الوزراء وجيشه مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لهذا العدوان، سوى قتل الآلآف من المدنيين والأطفال؟ ما الذي قام به حقاً؟ أين أسراه؟ إنهم يعودون في توابيت بين الحين والآخر، يقتلهم بتعنته لأن ما في باله “أهداف كبرى” تمرّ من “فيلادلفيا”، حيث لا زالت المقاومة بالمناسبة حاضرة، تكبد جنوده خسائر كبرى.
لا بأس بقتل كل الأسرى بالنسبة لنتنياهو، فالكيان “يخوض حرباً وجودية”، وهؤلاء سيكونون كبش فداء، أما أسرهم فسيطلب منهم الصفح، كما فعل في بداية كلامه، إذ قال لأهالي الأسرى الستة الذين تم العثور على جثثهم في نفق في رفح جنوبي القطاع، “أطلب منكم الصفح لعدم إعادتهم أحياء. كنا قريبين لكننا لم ننجح”، وبهذا أراد ايضاً اسكات آلاف المتظاهرين ضد سياساته، والقول عقب إضراب شلّ الكيان أمس، إنه لم يحدث شيء.
وفي السياق، زعم نتنياهو أنه باستثناء هدف “إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان”، فإن أهداف الحرب التي تتمثل بـ”القضاء على حماس وإعادة الأسرى والرهائن وإلغاء أي تهديد مستقبلي على “إسرائيل” من غزة، تتطلب السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح”.
وفي تحايل واضح على الفشل الاستخباراتي والعسكري المدوي الذي شهده الكيان في 7 تشرين الأول/اكتوبر (تاريخ عملية طوفان الأقصى)، قال نتنياهو إن “الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تحت قيادته كانت ترغب بالسيطرة على محور فيلادلفيا غير أن عدم وجود شرعية دولية تتيح لـ”إسرائيل” اجتياح قطاع غزة واحتلاله منعته من فعل ذلك”، زاعماً أن حماس “تستغل المنطقة لإمدادات السلاح”.
وحرص نتنياهو خلال مؤتمره على استعراض خريطة لقطاع غزة تبين موقع محور فيلادلفيا، قائلاً إن “محور الشر متمسك بمحور فيلادلفيا، ونحن لن نتنازل عن السيطرة عليه”، حسب قوله.
وزعم نتنياهو أن السيطرة على المحور “مسألة وجودية وإستراتيجية لا تنازل فيها”، قائلاً إن ذلك يضمن “قطع شريان الحياة لحماس، وضمان عدم إعادة بناء قوة الحركة العسكرية، وكذلك تضمن عدم تهريب الرهائن إلى خارج قطاع غزة”، وفق زعمه.
ورد نتنياهو على الدعوات للانسحاب من المحور من أجل اتمام اتفاق يؤدي إلى صفقة تبادل ووقف لاطلاق النار في القطاع، (وزير الحرب يوآف غالانت دعا إلى تراجع الكابينيت عن قرار السيطرة على المحور عقب العثور على جثث الأسرى)، رد بالرفض مبرراً أن “ما سيعيق عودة “إسرائيل” إلى المنطقة ليست مسألة عسكرية تكتيكية وإنما غياب غطاء سياسي دولي أو شرعية دولية قد تسمح للقوات الإسرائيلية بالعودة إلى المنطقة بعد 42 يوماً من الهدنة التي ينص عليها المقترح المطروح للصفقة”.
انتقادات داخل الكيان.. إنها “خديعة فيلادلفيا”
وعقب مؤتمر نتنياهو، خرجت تصريحات مضادّة من أقطاب السياسة الإسرائيلية، إذ قال الوزير السابق في “مجلس الحرب” بيني غانتس، إن “العجيب أن من كان يخشى الدخول في عملية برية في غزة ولم يكن يريد الدخول البري إطلاقاً في جنوب القطاع، يشرح اليوم للبلاد كلها أهمية محور واحد لم يكن يريد الدخول إليه”، معتبراً أن “من لا يستطيع الوفاء والالتزام بتحقيق أهداف الحرب، عليه أن يضع المفاتيح جانباً ويترك الأمر لمن يستطيع مواجهة التحديات”.
ورأى زعيم المعارضة، يائير لابيد، بدوره، أن “محور فيلادلفيا لا يزعج نتنياهو حقاً، بل محور بن غفير – سموتريتش”، معتبراً أن ذريعة “فيلادلفيا”، هي “حيلته الجديدة لمنع تفكك ائتلافه، وكل ما قاله نتنياهو عن محور فيلادلفيا هو خدعة وكذب”.
كما رأت “هيئة عائلات الأسرى” أن “خطاب نتنياهو مليء بالأكاذيب والتلفيق، وهو اختار التخلي عن أبنائنا بدلاً من إنقاذهم وإعادتهم”.
بايدن: نتنياهو لا يفعل ما يكفي
وعلى المقلب الأميركي، اتهم الرئيس جو بايدن أمس، نتنياهو، بأنه “لا يفعل ما يكفي”، من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، متحدثاً في الوقت نفسه في مفارقة غريبة، عن “قرب التوصّل إلى اتفاق نهائي بهذا الشأن”.
وقال “البيت الأبيض” إن بايدن ونائبته كامالا هاريس ناقشا خطوات لـ”تأمين إطلاق سراح المحتجزين واستمرار التشاور مع الوسيطين القطري والمصري”، حسب زعمه. وأضاف أن بايدن ونائبته “عقدا اجتماعاً مع فريق التفاوض الأميركي حول غزة، وتلقّيا إحاطة حول وضع المفاوضات الخاصة بالمحتجزين في القطاع”. وعقب مؤتمر نتنياهو الصحافي، قال بايدن “لا نزال نواصل مفاوضات وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، ونتفاوض مع فريق نتنياهو وليس معه هو”، وهنا تجدر الإشارة إلى استحالة المصادقة على أي صفقة في الكيان دون موافقة رئيس الوزراء الذي هو نفسه من يحدد حدود صلاحيات الفريق المفاوض.
يُذكر أن وسائل إعلام العدو ذكرت أن رئيس الموساد زار الدوحة أمس الإثنين “لإجراء محادثات مع الوسطاء بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حماس في غزة”. وبالتوازي مع ذلك، أجرى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان محادثات مع مسؤولين قطريين وإسرائيليين.
المصدر: موقع المنار+مواقع إخبارية