بعد الأجواء السلبية التي خلفتها جولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخيرة إلى المنطقة (مصر والأراضي المحتلة والدوحة)، خصوصاً بعد إعلان الأخير في ختامها تأييد نتنياهو لما أسماه “المقترح الأميركي الجديد”، وهو المقترح الذي يتضمن شروط نتنياهو المتشددة، مطالباً حماس بالموافقة على المقترح، في إشارة إلى أن رفضها سيكون هو السبب في فشل الجولة التفاوضية. حتى أن وسائل إعلام غربية وصفت خلاصة زيارة بايدن بالرصاصة التي أطلقت على جولة المفاوضات المرتقبة في القاهرة، في ظل مخاوف من تصعيد عسكري على مستوى المنطقة، ليعلن بعد ساعات من حديث بلينكن إجراء الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالاً هاتفياً بنتنياهو “لإقناعه ببعض التفاصيل للمضي قدماً بالمفاوضات”، ولا نعلم في هذا السياق من أقنع الآخر.
وفي الساعات الأخيرة، ظهر أن الولايات المتحدة الأميركية، بحسب بعض المصادر المطلعة، تقوم بما أسموه محاولات “الفرصة الأخيرة”، لمنع المفاوضات بين العدو الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، من الانهيار بشكل كامل، وتتعلق هذه المحاولات بمسألتين أساسيتين: الأولى، تواجد جيش الاحتلال الإسرائيلي في “محور فيلادلفيا” ومعبر رفح جنوبي قطاع غزة عند الحدود مع مصر، والثانية، تموضع قواته أيضاً في “محور نتساريم” وسط القطاع.
ومع إبلاغ حركة حماس الوسطاء بوضوح أنه لا إمكانية حتى لإجراء نقاش حول المقترح الأميركي الجديد، وتلويحها بـ “إنهاء الاتصالات التفاوضية”، طلبت واشنطن، ومعها الوسطاء، فرصة أخرى للتوصل إلى “حلول مختلفة”. وهنا فإن المقبل من الأيام ستظهر إن كانت هذه الحلول كسابقاتها أن أنها جدية.
وفي هذا الاطار، سيصل مبعوث البيت الأبيض إلى الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، إلى المنطقة خلال الأسبوع الجاري، لضمان عقد المحادثات المقررة العاصمة المصرية، واستمرار المفاوضات، حسبما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية “كان 11″، مساء أمس الأربعاء.
سبق ذلك حديث الرئيس الأميركي، جو بايدن، هاتفياً مع رئيس حكومة العدو، في مكالمة انضمت إليها نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، “لحثه على إظهار المزيد من المرونة بشأن القضايا المتعلقة بالمنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة في محادثات وقف إطلاق النار، في إشارة إلى محور فيلادلفيا ومعبر رفح”، حسب زعم إعلام العدو.
وجاء في بيان للرئاسة الأميركية أن “الرئيس شدّد على الضرورة الملحّة لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن وناقش المحادثات المرتقبة في القاهرة لإزالة أي عقبات متبقية”.
في الوقت عينه، أبلغ الرئيس الأميركي نتنياهو بـ”الجهود الأميركية المبذولة لدعم الدفاع عن “إسرائيل” في مواجهة التهديدات الآتية من إيران والجماعات” المرتبطة بها. فيما ترى واشنطن أن إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يساهم في تجنّب اتساع نطاق النزاع في الشرق الأوسط.
وأكد مسؤولون إسرائيليون أن “هناك فجوات بين التفاؤل الذي يبديه المسؤولون الأميركيون وما يحدث خلف الأبواب المغلقة”. في وقت يستعد فيه الفريق الإسرائيلي المفاوض للمشاركة في المحادثات في القاهرة، رغم عدم التوصل إلى تفاهمات حتى اللحظة بشأن محور فيلادلفيا.
ونقلت القناة الرسمية الإسرائيلية عن مصادر مطلعة على المحادثات أنه “طالما تصر “إسرائيل” على نشر قواتها على طول المحور، لن يكون هناك اتفاق”، وذكرت المصادر أن “الخيارات الإسرائيلية المطروحة في الغرف المغلقة تتعلق بتقليص القوات، لكن ليس بإعادة تموضعها”.
وقال المصادر “للأسف، وصلنا إلى مرحلة تبادل الاتهامات، حيث يتصرف كل طرف وكأنه يهدف إلى إظهار الطرف الآخر على أنه المسؤول عن الوضع”، على حد تعبيرهم، وادّعت “كان 11” أن المقترح الذي الأميركي الجديد الذي قالت واشنطن إن نتنياهو وافق عليه يشمل انسحاباً إسرائيلياً من محور فيلادلفيا خلال المرحلة الثانية من الاتفاق المحتمل.
وبحسب مسؤولين إسرائيليين كبار، فإن مصر نقلت رسالة إلى “إسرائيل” مفادها أنه “ليس لديكم ما تبحثون عنه في المحور؛ الأنفاق العابرة للحدود تتوغل بعيداً عنها”، وذكرت “كان 11” أن الوسطاء محبطون في ظل الوصول إلى طريق مسدود: “المقترح الإسرائيلي هو خط أحمر بالنسبة لحماس، ومقترح حماس هو خط أحمر بالنسبة لإسرائيل”.
بدورها، أشارت القناة 13 في نشرتها المسائية، إلى “غضب” لدى الجانب المصري من جراء تراجع “إسرائيل” عن تفاهمات بشأن محور فيلادلفيا، في حين رد مكتب نتنياهو زاعماً أنه “لم تكن هناك تفاهمات حول محور فيلادلفيا، وبالتالي لم نتراجع عن التفاهمات المزعومة”، حسب قوله.
بدورها، نقلت صحيفة “هآرتس” عن مسؤولين في إدارة بايدن أن المواقف التي طرحها نتنياهو خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تعرقل التقدم نحو اتفاق. الأمر الذي يتناقض مع تصريحات بلينكن، الإثنين، التي أفادت بأن نتنياهو “قبل بالكامل العرض الأميركي للوساطة وأن العقبة الرئيسية أمام الاتفاق هي موقف حركة حماس”.
وبحسب “هآرتس”، انتقدت أوساط في الإدارة الأميركية تصريح بلينكن الذي كان يهدف إلى خلق انطباع بالتفاؤل والتقدم نحو الاتفاق، لكن أحد كبار المسؤولين الأميركيين الذي تحدث للصحيفة أوضح أن هذا التصريح “لم يعكس بدقة واقع المفاوضات”.
وأشار المسؤولون إلى أن “نتنياهو قد أبدى بعض المرونة في حديثه مع بلينكن، لكنه في اليوم التالي عرض موقفًا متشددًا خلال اجتماعه مع عائلات ثكلى معارضة للصفقة”. وقال أحد المسؤولين “بلينكن منحه الضوء الأخضر لعرض موقف متشدد، وهو ما لا يساعدنا في التقدم نحو الاتفاق”.
وأضافت الصحيفة، عبر موقعها الإلكتروني، أن “”إسرائيل” قدمت في إطار المحادثات اقتراحًا محدثًا لإعادة نشر قواتها على طول محور فيلادلفيا على الحدود بين مصر وقطاع غزة. ومع ذلك، فإن هذا الاقتراح غير مقبول لدى مصر”.
وتعتقد الإدارة الأميركية أنه “يمكن التوصل إلى تسوية بشأن محور فيلادلفيا دون الحاجة إلى إخلاء كامل للمنطقة من وجود قوات الجيش الإسرائيلي (في إشارة إلى سحب قوات الاحتلال من المنطقة)، ولكن ذلك سيتطلب مزيدًا من المرونة من الجانب الإسرائيلي في المحادثات”، بحسب إعلام العدو.
غالانت يعلن بشكل غير مباشر من “محور فيلادلفيا” انتهاء المهمّة في المحور الحدودي
وفي ما بدا دعماً للمقترح الجديد، أعلن وزير حرب العدو، يوآف غالانت، خلال زيارته “محور فيلادلفيا”، أمس، بشكل غير مباشر، انتهاء المهمّة في المحور الحدودي، مع “الانتهاء من تدمير وردم أهمّ 150 نفقاً تمّ العثور عليها في رفح”، بحسبه.
وأضاف غالانت أن “الشيء الأكثر أهمية هو أن نتذكّر ما هي أهداف الحرب، يجب أن نحقّق جميع أهداف الحرب، سواء في ما يتعلّق بحماس، أو في ما يتعلّق بالمختطفين، والآن نحن ننظر إلى الشمال”.
ورأى المراسلون السياسيون الإسرائيليون، في تصريحات غالانت، موافقة غير معلنة على الانسحاب من “فيلادلفيا” في إطار أي صفقة تبادل.
وفي السياق نفسه، نقل موقع “واللا” عن مصدرين قولهما إن “واشنطن والقاهرة رفضتا خرائط قدّمتها تل أبيب لنشر قواتها في المحور، ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل”، حسب زعم المصادر.
المصدر: مواقع إخبارية