تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 12-6-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
المقاومة تسلّم ردّها: لانسحاب إسرائيلي كامل من غزة خلال أسبوع
سلّمت المقاومة الفلسطينية، أمس، ردّها الرسمي على المقترح الأميركي – الإسرائيلي لصفقة تبادل الأسرى، للوسيطين القطري والمصري. وكما كان متوقّعاً، فقد سجّلت المقاومة ملاحظاتها على المقترح الذي تلقّته عقب إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، عنه في وقت سابق. وهذه المرة، جاء الردّ موقّعاً باسم حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، بعدما عقدت قيادتاهما لقاءات عدة في الدوحة، خلال الأيام الماضية، ليسلّمه لرئيس الوزراء القطري، كلٌّ من رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، والأمين العام لـ«الجهاد»، زياد النخالة، ووفدان مرافقان من الحركتين، بحسب بيان صادر مشترك عنهما. ووفق مصادر مطّلعة، فإن أبرز الملاحظات التي سجّلتها المقاومة هي الآتية:- في المرحلة الأولى، وتحديداً في اليوم الأول، يتمّ وقف مؤقت لإطلاق النار من الطرفين، والانسحاب بعيداً من المناطق المكتظة بالسكان إلى محاذاة الحدود.
– اليوم الثالث: تبدأ عملية الانسحاب من شارعي صلاح الدين والرشيد، وتفكيك كل المنشآت العسكرية الموجودة في محور «نتساريم»، بالتزامن مع انسحاب من كامل محور فيلادلفيا وإخلاء معبر رفح بصورة نهائية، على أن يجري إتمام الانسحابين، خلال مدة لا تتجاوز اليوم السابع.
– ستسلّم المقاومة، في المرحلة الأولى، 33 أسيراً إسرائيلياً، أحياءً وأمواتاً، وستفرج عن 3 أسرى كل 3 أيام. وفي حال لم يتمّ الالتزام بالانسحاب الكامل بحلول اليوم السابع، تتوقّف عملية التسليم.
– ترفض المقاومة أي شروط مسبقة على أسماء الأسرى الفلسطينيين، بخصوص طريقة إطلاق سراحهم (الإبعاد). كما تتمسّك بالقوائم التي تقدّمها هي، والتي تستند إلى مبدأ الأقدمية في الاعتقال.
– في نهاية المرحلة الأولى، يجب أن يكون الانسحاب كاملاً من كل القطاع، وأن لا يتواجد أي جندي إسرائيلي داخل قطاع غزة.
– أما بخصوص وقف إطلاق النار، فتنتهي المرحلة الأولى بالإعلان عن استعادة «الهدوء المستدام»، ما يعني وقف العمليات العسكرية بشكل كامل، ويسري ذلك قبل تبادل الأسرى والمحتجزين عند الطرفين.
– كذلك، تطالب المقاومة بإدخال الصين وروسيا وتركيا، كأطراف ضامنة للاتفاق.
تطالب المقاومة بإدخال الصين وروسيا وتركيا، كأطراف ضامنة للاتفاق
وعلمت «الأخبار» أن «حماس» و«الجهاد» كانتا أبلغتا – شفهياً -، المصريين والقطريين، «بعد التثبّت من المشاركة الأميركية في مجزرة النصيرات، بأن المقاومة لا تعتبر الولايات المتحدة ضامناً للاتفاق». وبحسب المصادر، لم يقدّم الوسيطان إجابات واضحة ومقنعة على أسئلة الجانب الفلسطيني حول استمرار رفض رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، التأكيد بنفسه على الموافقة على مقترح الصفقة الذي أعلنه بايدن، وتواصل الإعلان عن الموقف الإسرائيلي بواسطة الجانب الأميركي. وفي هذا الإطار، حاول الجانب المصري تبرير الأمر بأنه «شكلي»، وأن «واشنطن تراعي نتنياهو الذي يقول إن الإقرار قد يؤدّي إلى نتائج سلبية تخصّ حكومته»، فيما دعا المصريون والقطريون، الجانب الفلسطيني، إلى «التركيز على أن نتنياهو الذي لم يقل نعم صريحة، لم يقل أيضاً لا صريحة»، وأنه «نجح حتى الآن في وقف صدور أي تصريحات رافضة للمشروع»، مع الإشارة المباشرة إلى «صمت مُقرّر»، للوزيرين المتطرّفين، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. لكن، في الوقت عينه، وبعد تسليم المقاومة ردّها على المقترح، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول إسرائيلي قوله: «تسلّمنا ردّ حركة حماس وهو رفض لخطة الرئيس بايدن»، في حين قال «البيت الأبيض»: «سنأخذ الوقت الكافي لتقييم ردّ حماس بالطريقة المناسبة، ومن ثم معرفة الخطوات التالية».
وفي موازاة ذلك، وبعدما رحّبت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بالقرار الدولي الصادر عن «مجلس الأمن»، أول من أمس، والذي يدعو «حماس» وإسرائيل إلى القبول بمقترح بايدن، نقلت وسائل إعلام العدو عن من وصفته بـ«المسؤول السياسي»، وهو في الأغلب نتنياهو أو أحد المسؤولين في مكتبه، قوله تعليقاً على القرار، إن «إسرائيل لن تُنهي الحرب قبل تحقيق جميع أهدافها: القضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية، وعودة جميع أسرانا، والتأكّد من أن غزة لم تعد تشكل تهديداً لإسرائيل». كما أشار المسؤول إلى أن «المخطّط الذي تمّ تقديمه يسمح لإسرائيل بالوفاء بهذه الشروط، وهي ستفعل ذلك بالفعل». أيضاً، قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، المعيّن حديثاً، جلعاد إردان، في مقابلة مع «CNN»، (إننا) «وافقنا على الخطوط العامة لمقترح الصفقة، ولكن يوجد لدينا ما يُقلقنا، وتحديداً كيف ستفسّر حماس صيغة الاتفاق». وأضاف: «لقد كنا على تواصل دائم مع الأميركيين، وفي لحظة تفهّمهم لما يُقلقنا، وافقنا على الاتفاق». وفي السياق نفسه، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه حتى لو وافقت «حماس» على المقترح، فإن «القلق في إدارة بايدن هو من أن نتنياهو سيبحث عن أعذار أخرى»، مضيفة أن تقديرات الإدارة خلصت إلى أن «نتنياهو سيفضّل مصالحه السياسية على عقد صفقة تبادل أسرى».
وفي خضمّ ذلك، اختتم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، زيارته للكيان الإسرائيلي، وتوجّه بعدها إلى الأردن، للمشاركة في «مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة». وكانت وسائل إعلام العدو نقلت عن مصادر قولها إن «بلينكن أثار مع نتنياهو القلق من احتمال ضم بن غفير وسموتريتش إلى حكومة الحرب». كما خصّص جزءاً من اجتماعاته لقضية «اليوم التالي»، وتساءل أمام المسؤولين الإسرائيليين بتعجّب: «في لحظة ما، ستنتهي العملية في رفح، وماذا بعد ذلك؟ ما هي الخطوة التالية في غزة؟ وأيضاً من ناحية مدنية؟». وعقب لقائه نتنياهو، أعلن الوزير الأميركي أن رئيس حكومة العدو أكّد له موافقته على مقترح بايدن. كما التقى بلينكن زعيم المعارضة، يائير لابيد، الذي أكّد للأول «الحاجة إلى التوصل إلى صفقة. وإلى أن يعود الجميع، لن نعرف الراحة، ولن تنام هذه البلاد ولن تهدأ إلا عندما يعود جميع المخطوفين». والتقى أيضاً بالوزير المستقيل من «كابينت الحرب»، بني غانتس، الذي أكّد له أنه «من المهم ممارسة أقصى الضغوط على الوسطاء لإقناع حماس بالموافقة على صفقة الأسرى المطروحة على الطاولة. سندعم أي خطة مسؤولة تؤدي إلى عودة الأسرى حتى خارج الحكومة».
جعجع يطلب من باسيل تأييده للرئاسة!
تعليقاً على حراك رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، استعار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أمس «مرتا» من جبران خليل جبران، مخاطباً باسيل بالقول: «مرتا مرتا، تطرحين كل يوم أموراً عدة، ومواضيع شتى، واقتراحات جمّة، وتتعبين نفسك وتتعبين الشعب اللبناني معك…»، فيما توحي أوساط جعجع بأن «ناسك معراب» يرفض إعطاء باسيل موعداً لم يطلبه الأخير. لكن بعيداً عن هذا «الترفّع»، علمت «الأخبار» أن جعجع تواصل في اليومين الماضيين، مع باسيل، عبر القناة الرسمية المعتمدة بينهما، طالباً من الأخير تأييد ترشيح قائد القوات لرئاسة الجمهورية!فبعد دعوة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الأحد الماضي، القوى المسيحية إلى التوافق على انتخاب رئيس حزب القوات اللبنانية لتكون المنازلة بينهما في مجلس النواب، يبدو أن الدعوة دغدغت أحلام جعجع الرئاسية، إذ سارع قائد القوات إلى التواصل عبر القنوات الرسمية المعتمدة مع رئيس التيار الوطني الحر، أكثر من مرة، طارحاً إلزام فرنجية بما ألزم به نفسه بدعوته إلى حصر المنازلة بينه وبين جعجع. وفي المعلومات أن رسائل جعجع تضمّنت إقراراً بـ«صعوبة انتخابي رئيساً»، إلا أنه طلب من باسيل دعمه بحجة «التسكير على فرنجية».
إلى ذلك، تواصلت أمس المساعي واللقاءات السياسية التي يقوم بها الحزب التقدمي الاشتراكي من جهة، والتيار الوطني الحر من جهة أخرى، لتقريب وجهات النظر تمهيداً لترتيب لقاءات تشاورية تسهّل عقد جلسات نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية، إذ التقى باسيل النائبين فيصل كرامي وفريد الخازن، كما زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط على رأس وفد من «اللقاء الديمقراطي» كرامي وأعضاء تكتل «التوافق الوطني» النواب محمد يحيى وعدنان طرابلسي وحسن مراد، وتغيّب النائب طه ناجي لأسباب عائلية. كما التقى الديمقراطي كتلة «تحالف التغيير» التي تضم النواب وضاح الصادق ومارك ضو وميشال الدويهي.
وبحسب المصادر، فإن حركة باسيل تهدف في جانب منها إلى سحب ورقة المعارضة من يد جعجع، مع سعي لجمع كتلة نيابية كبيرة يمكن من خلالها أن يفرض تخلي المعارضين عن دعم ضمني لترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون، وأن يستخدم هذا الوزن النيابي لإقناع الثنائي أمل وحزب الله بسحب ترشيح فرنجية.
رسائل جعجع تضمّنت إقراراً بـ«صعوبة انتخابي رئيساً» وطلباً بدعمه لـ«التسكير على فرنجية»
وما يقوم به باسيل لا يختلف في جوهره عما بدأه الحزب التقدمي الاشتراكي وقبلهما تكتل «الاعتدال»، وهو محاولة لملء الفراغ الناجم عن جمود الاتصالات الخارجية بشأن لبنان، ومحاولة للاستفادة من آخر رسالة نقلها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان بالدعوة إلى خيار جديد خارج المرشحين الحاليين. لكن مشكلة هذه المحاولات ليست في استمرار الانقسام السياسي الداخلي حول الرئاسة، بل في كون التحرك لا يأخذ في الاعتبار الظروف الإقليمية والدولية الحاسمة في ملف الرئاسة، سيما أن أبرز اللاعبين يقرون حالياً بأن الملف الرئاسي عالق فعلياً بين استمرار الحرب ودخول الولايات المتحدة مدار انتخاباتها الرئاسية وانشغالها عن الملفات الأخرى.
ولم تحقق مشاورات باسيل في يومها الثاني، وفقَ ما أكّدت مصادر مطّلعة، أكثر من تثبيت نفسه في موقع الطرف الثالث الذي يريد أن يكون صلة وصل بين الثنائي حزب الله وحركة أمل وحلفائهما من جهة والمعارضة التي تقاطع معها على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور. وقالت المصادر إن غالبية الأطراف حذرة في التعاطي مع باسيل، ولا سيما فريق المعارضة الذي لا يزال مقتنعاً بأن رئيس التيار يستهدف من حراكه هذا «الضغط على حزب الله لسحب ترشيح فرنجية ليس إلا، ولا يمانع في الاتفاق مع الحزب على رئيس ثالث لا يستفزّ الحزب»، علماً أن «المعارضة بغالبيتها، لا القوات حصراً، تسعى إلى الإتيان برئيس مواجهة». وأشارت المصادر إلى أن «تراجع بعض قوى المعارضة عن المطالب السابقة والقبول بالحوار ليسا دليلاً على جدية أو تحوّل. فقد بات كل طرف ينتظر من الطرف الآخر تعطيل المبادرة لتقاذف المسؤوليات مع اقتناع الجميع بعدم فائدة أي تحرك».
3 اقتراحات للاستيلاء على أصول الدولة: نقل إيرادات عامة إلى صندوق «توزيع الخسائر»
أُدرج على جدول أعمال اللجان النيابية المشتركة أمس، ثلاثة اقتراحات قوانين تتفق على «الاستيلاء» على أصول الدولة ومنحها أو منح إيراداتها للقطاع الخاص واستعمالها في توزيع الخسائر الذي يفترض أن تتحمّله المصارف. أتى هذا الأمر في إطار العنوان الذي أصبح الكل أسيراً له، وهو «ردّ الودائع». وفي الجلسة لم يناقض المضمون، بل جرى التركيز على صلاحيات المجلس في درس القوانين من دون أن تمرّ على اللجان (المال والموازنة، الإدارة والعدل، وغيرهما)، وانتهى النقاش بتشكيل لجان فرعية لدرس الاقتراحات الثلاثة خلال مهلة شهر ونصف شهر، إلا أن كتلة التنمية والتحرير سحبت اقتراحها.
الاستيلاء على أصول الدولة
اقتراحات القوانين الثلاثة، قُدّمت في عام 2023. نواب تكتل التنمية والتحرير (حركة أمل) قدّموا مشروعاً بعنوان «حماية الودائع المصرفية المشروعة وإعادتها إلى أصحابها»، ونواب تكتل الجمهورية القوية (القوات اللبنانية) بعنوان «إنشاء مؤسّسة مستقلّة لإدارة أصول الدولة»، ونواب تكتل لبنان القوي (التيار الوطني الحر) قدّموا مشروعاً بعنوان «إنشاء الصندوق الائتماني لحفظ أصول الدولة وإدارتها». تنطوي هذه الاقتراحات على فكرة واحدة: تجنيب المصارف المسؤولية الرئيسية عن الخسائر، وتحميل القسم الأكبر منها للدولة عبر تجيير أصول وأملاك الدولة وإيراداتها لصندوق يسدّد الودائع.
وتنسجم الاقتراحات الثلاثة، مع سردية المصارف التي تردّد أن الأزمة في لبنان نظامية وبالتالي على الدولة أن تمنحها براءة ذمّة وأن تتحمّل جزءاً كبيراً من المسؤولية. وهذه السردية تتعارض مع توجهات صندوق النقد الدولي التي تراعي تراتبية توزيع الخسائر التي تبدأ بالمصارف أولاً ثم تنتقل إلى الدولة والمودع. وهذا ما يوحي بأن «المتسابقين» على هذا المشروع لديهم رغبة في الاستيلاء على أصول وأملاك الدولة والإيرادات المستقبلية التي تتأتّى منها لمنحها لأطراف آخرين. فهذه الأموال هي إيرادات يفترض أن تنفقها الدولة على رعاية المقيمين فيها، لكنها بدلاً من ذلك سيتم تخصيصها. والأطراف الثلاثة التي قدّمت الاقتراحات تتسابق على آليات التخصيص التي تختلف في الشكل الإداري والتنظيمي وتتفق في الجوهر. ووفقاً للاقتراحات الثلاثة، فإن الإيرادات التي تنتجها مؤسسات عامة وشركات خاصة مملوكة من الدولة مثل شركتَي الخلوي وشركة طيران الشرق الأوسط وشركة التبغ والتنباك وغيرها، ستصب، جزئياً أو بشكل كامل في صندوق خاص بردّ الودائع تنتقل إليه حسابات الودائع التي ترفض المصارف تسديدها. ما يعني أنّ الشعب اللبناني سيعمل من أجل تغطية خسائر المصارف. فعلى سبيل المثال، إن إيرادات مطار بيروت الدولي في موازنة 2024 تبلغ 7100 مليار ليرة، وفي حال تطبيق أحد هذه المشاريع، سواء عبر إنشاء صندوق أو مؤسسة لإدارة الأصول، فإن هذه الإيرادات لن تُسجّل في الخزينة بل ستوضع في خدمة الصندوق، ولا أحد قدّم أي تصوّر بشأن تعويض هذه الإيرادات في الخزينة، ما يعني زيادة العجز.
رهن الأملاك والإيرادات
الاقتراحات الثلاثة، هي عبارة عن ثلاث خلطات عجيبة تختلف على طرق إدارة أصول الدولة وآلية تسييلها. فالاقتراح المقدّم من كتلة التنمية والتحرير لم يأتِ على إمكانية بيع أصول الدولة، إلا أنه فتح الباب على إشراك القطاع الخاص في الإدارة مع القطاع العام. والإشراك، أو التشركة، هو أحد أنواع الخصخصة إلى جانب البيع الكامل. فقد أتاح المشروع في مادته الـ15 إصدار سندات مالية بقيمة 5 مليارات دولار مضمونة بجزء من إيرادات الدولة من دون تحديد مدّة قصوى للاستثمار أو تحديد هوية المستفيدين. عملياً الدولة ستقترض وترهن أملاكها بواسطة الشراكة مع القطاع الخاص الذي يملك «حق النقض» في التصويت، أي إنه أصبح شريكاً بكل القرار السيادي.
ويرمي هذا الاقتراح إلى إنشاء هيئتين؛ الأولى لـ«المراقبة والإشراف والعمل على تفعيل دور كل مرفق عام أو شركة مملوكة من الدولة، وكيفية إدارة أي منها واستثماره، وتحديد الطريقة التي يجب أن يستثمر فيها بهدف تحسين إيرادات الدولة». والثانية لـ«المراقبة والإشراف على الأملاك العامة والخاصة للدولة، وكيفية إدارتها واستثمارها». على أن تقوم الهيئتان المنشأتان بـ«إعداد لائحة شاملة بالمرافق العامة والشركات والأملاك الخاصة بالدولة، من ضمنها الشواطئ والأنهار والأحراج، لتبيان طريقة إدارة كلّ منها». وإلى جانب الأموال المحصّلة من مزايدات استثمار أصول الدولة، أضيفت فقرة عن اقتطاع نسبة من أموال النفط والغاز بهدف «تسديد ديون الدولة لدى المصارف التي هي أصلاً من أموال المودعين».
البيع بلا هوادة
ويأتي اقتراح كتلة الجمهورية القوية بشكل أكثر وضوحاً تجاه الخصخصة، إذ يرمي إلى «إنشاء مؤسّسة مستقلّة لإدارة أصول الدولة، تتمتّع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي، ولا تخضع لأي نوع من أنواع الوصاية»، ما يشير إلى نيّة مقدّمي الاقتراح إنشاء تنظيم إداري ثانٍ في الدولة. وبعكس اقتراح «التنمية والتحرير» الذي أشار بخجل إلى مسؤولية المصارف، خلا اقتراح القوات من أيّ إشارة متعلقة بمسؤولية المصارف عن ردّ الودائع، بل مهّد الطريق لتسليم الدولة بالكامل للقطاع الخاص عبر مؤسّسة تدار بطرق غير مسبوقة، سواء لجهة تعيين مجلس إدارتها المؤلّف من 9 أشخاص (حاكم مصرف لبنان، رؤساء هيئات مستقلة، و5 نقباء مهن حرّة)، أو لجهة إخضاعها للجنة رقابة مموّلة من القطاع الخاص. وستتولى المؤسسة المولودة من رحم الاقتراح القواتي، إدارة أصول الدولة وشركاتها ومؤسّساتها وإداراتها التي تتّسم بالطابع التجاري، ولها صلاحية تعيين الموظفين وصرفهم، بالإضافة إلى إبرام عقود التشغيل وتعيين مجالس الإدارة. كما تشرف هذه المؤسّسة على مؤسّسة أخرى ستنشأ على شكل شركة قابضة هي «المؤسّسة العقارية المستقلّة» تكون كياناً تجارياً يحقّق الأرباح والخسائر، ولديها إمكانية إصدار سندات الدين «وتضع الحكومة بتصرّفها، بموجب مراسيم، العقارات العامّة المبنيّة وغير المبنيّة». ولا يكون لهذه المؤسّسة الحق في البيع أو الاستثمار لمدة تزيد على 50 سنة. وتهدف المؤسستان إلى زيادة الإيرادات، على أن «توزّع مداخيل الشراكة والأرباح التشغيلية والخصخصة على الخزينة، وعلى صندوق إعادة تكوين الودائع المؤسّس بموجب قانون».
التمليك ضمن سقوف
في السياق نفسه، اقترحت كتلة لبنان القوي، تحويل كلّ مؤسّسات الدولة وأصولها إلى شركات مساهمة، وإشراك القطاع الخاص في إدارتها. وينص الاقتراح العوني على إنشاء صندوق ائتماني تُعهد إليه مهمّة إدارة بعض أصول الدولة مثل كهرباء لبنان، المؤسسات العامة للمياه ومصلحة الليطاني، شركات الاتصالات، الريجي، المرافئ والمطارات، المؤسسة العامة للنقل، الكازينو، منشآت النفط، وعدد من المجالس والمؤسّسات المملوكة من مصرف لبنان. ويدير الصندوق في المرحلة الأولى 7 مدراء عامّون، ويمكن لمجلس الوزراء الاستعانة بشركات توظيف عالمية إضافة إلى مجلس الخدمة المدنية ومكتب وزير الدولة للتنمية لاختيار لائحة من المؤهّلين لتعيين مجلس إدارة الصندوق بعد انتهاء المرحلة الأولى.
الاقتراحات الثلاثة تأتي بعدما أصبحت القوى السياسية أسيرة «ردّ الودائع»
هذا الاقتراح يختلف عن الاقتراحين الآخرين في أنّه نصّ على تحويل ملكية أصول الدولة إلى الصندوق، بينما نصّت الاقتراحات الأخرى على تحويل سلطة الوصاية أو الإدارة إلى المؤسّسات المنشأة بموجبها، من دون تحويل حقّ الملكية، ما يشير إلى تسهيل بيع أصول الدولة من قبل الصندوق مباشرةً من دون المرور بالتعقيدات القانونية. وتطرّق الاقتراح العوني، صراحة إلى البيع، في الفقرة الثالثة من المادة الثالثة مشترطاً موافقة مجلس الإدارة، وفق سقوف لعمليات التملك التي تكون 5% للمشتري الفردي من أي شركة يملكها الصندوق و7% للشركات، وحظر بيع أي جزء من أسهم الدولة في الشركات التي تُعنى بالمرافئ البرية والبحرية والجوية. ويتم تحويل أرباح الصندوق على النحو الآتي: 30% إلى مؤسسة ضمان الودائع لتسديد ديون المودعين، و35% إلى المناطق الجغرافية الإدارية المنشأة بموجب تنفيذ اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة بالتساوي بين المناطق، بعد حسم الديون الناشئة عن فشل أي منطقة في قمع التعديات على الكهرباء والمياه من حصتها من أرباح الصندوق، و35% لخزينة الدولة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الاقتراح حدّد الحد الأقصى لمسؤولية الدولة عن الوديعة بـ3 ملايين دولار مشترطاً أن تكون الوديعة «معروفة المصدر، وناتجة عن أعمال مشروعة، وسدّد عن مصدرها الضرائب المستحقّة عليها».
جميل السيد: اقتراحات سرقة المستقبل
يقول النائب جميل السيد إن الاقتراحات الثلاثة لم تُناقش في اللجان النيابية المشتركة لأنها لم تمر في أيّ لجنة فرعية، رافضاً توصيف «الخسائر» المعتمد في الأسباب الموجبة الثلاثة للاقتراحات المطروحة للدرس، إذ يرى فيها هروباً من تحمّل المسؤولية «كأنّنا كنّا في لعبة وأخطأنا فخسرنا، بينما الحقيقة تشير إلى أنّ هناك نهباً وهدراً وتحقيقات معطّلة». وسأل السيّد «من يتحمّل مسؤولية هذا الشعار، التعويض لا يكون من أصول الدولة، بل نذهب إلى الأصول ونجمع منها الأموال». ورفض السيّد استخدام أموال الدولة للتعويض على المودعين، الدولة للناس، وأموالها من الناس، ووصف أفكار استخدام الأصول لردّ الودائع بـ«سرقة المستقبل».
العدو يغتال قائداً كبيراً في المقاومة
وجّه العدو الاسرائيلي أمس ضربة لئيمة وقاسية للمقاومة الإسلامية في عملية امنية – عسكرية استهدفت أحد القادة البارزين في المواجهة الجارية منذ ٨ تشرين الاول الماضي، ومعه ثلة من المجاهدين، بعدما أغارت مسيّرات اسرائيلية على ثلاث دفعات مستهدفة منزلاً في بلدة جويا قضاء صور.ونعت المقاومة «الشهيد المجاهد القائد طالب سامي عبدالله (الحاج أبو طالب)»، وهو من مواليد عام 1969من بلدة عدشيت في جنوب لبنان.
وتعد عملية الاغتيال تصعيداً نوعياً وخطيراً من جانب العدو ما يفتح الباب امام توقعات بادارة مختلفة للمواجهة التي تحولت في الأسابيع الستة الماضية إلى جبهة ضغط كبير على جيش الاحتلال في كل المنطقة الشمالية وصولا إلى عمق ثلاثين كيلومتراً.
وواصل حزب الله أمس الارتقاء العملياتي الكمّي والنوعي في العمليات على الجبهة الشمالية، ونفّذ سلسلة عمليات نوعية، فقصف مقر فوج المدفعية ولواء المدرعات التابع لفرقة الجولان 210 في ثكنة يردن بعشرات صواريخ الكاتيوشا. واستهدف مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة المطلة، ومبانيَ مماثلة في مستعمرة مسكفعام. كذلك قصف مستعمرتي «كفر بلوم» و«غشر هازيف» بعشرات صواريخ الكاتيوشا، ومكان تموضع واستقرار جنود العدو في موقع بركة ريشا و«أصابه إصابة مباشرة وأوقعهم بين قتيل وجريح». كما قصف تجمّعاً لجنود العدو في محيط مستوطنة نطوعا وأوقع أفراده بين قتيل وجريح، وتجمّعاً مماثلاً في حرج برعام وموقع الرمثا في تلال كفرشوبا. كما تصدّت وحدة الدفاع الجوي في حزب الله، منتصف ليل الإثنين الثلاثاء، لطائرة معادية وأطلقت باتجاهها صاروخ أرض – جو، ما أجبرها على مغادرة الأجواء اللبنانية على الفور.
ونعى حزب الله الشهداء عباس محمد ناصر من بلدة طيرفلسيه، وبلال وجيه علاء الدين من بلدة مجدل سلم وهادي فؤاد موسى من بلدة شبعا.
ومع تصعيد حزب الله في الجبهة الشمالية، يصبح السؤال أكثر تكراراً وإلحاحاً في إسرائيل عن «المسؤول عن الإذلال الذي يقوم به حزب الله في الشمال؟ والمسؤول عن إدارة حملة فاشلة لمدة ثمانية أشهر؟»، وفقاً لتساؤلات جلعاد شارون في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، ليجيب بأن المسؤول عن كل ذلك، هو «مَن قال لنا إن حماس وحزب الله مردوعان. لا أحد مرتدعٌ من رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) الضعيف والجبان هذا، الذي لا يستطيع حتى أن ينظر في عينَي رئيس بلدية كريات شمونة عندما تُدمر مدينته ويشتعل الشمال».
المعركة في الشمال، وما تشهده من «تصعيد ممنهج» وصلت إلى حدّ سعي حزب الله المستمر لتكريس «الردع الجوي»، وصفها «مركز ديان لدراسات الشرق الأوسط، بأنها» غير مريحة لجندي الجيش الإسرائيلي الذي يشبه البط في ميدان الرماية»، و«لا لسكان الشمال الذين تم إجلاؤهم. حزب الله قال إنه لن يوقف المعركة إلا إذا توقفت الحرب في غزة، لهذا من الصعب أن نرى عودة للسكان في الشمال». وما يزيد الوضع قلقاً بالنسبة إلى المستوطنين، هو اعتراف مصدر في سلاح الجو الإسرائيلي بأن «الجيش استعد لسيناريو هجوم حزب الله على منطاد «تل شمايم» ومع ذلك فشل في اعتراض مُسيّرات حزب الله»، بحسب موقع «والاه» العبري.
اللواء:
ترتيبات «اليوم التالي» ولو تأخرت تشمل لبنان بالتزامن
برّي لـ«اللواء»: الدعوة للحوار عندما تتأمن مشاركة 86 نائباً.. وباسيل يبلِّغ الكتل أنه من المشاركين
أكدت مصادر دبلوماسية لـ«اللواء» ان الوضع اللبناني، جنوباً وعلى صعيد الرئاسة ليس متروكاً، بل هو على ترابط قوي مع ما يجري في عموم المنطقة، في ضوء التحركات الاميركية الرامية الى وقف النار في غزة، والبدء بترتيبات ما بعد اليوم التالي، ليس في القطاع وحسب، بل ايضاً في لبنان.
وعلى هذه الخلفية، ومع توسع العدوان الاسرائيلي باتجاه اقصى الشرق، بغارات على الهرمل والبقاع الشمالي، وتسجيل المقاومة حضوراً ملموساً في الردع الجوّي عبر صواريخ ارض – جو، والمسيَّرات المستعصية على الانكشاف، نقل زوار الرئيس نبيه بري عنه قوله، عندما تتأمن مشاركة 86 نائباً والتزامهم بحضور الجلسات ادعو الى الحوار، وهذا الامر ليس مؤمناً الى الآن.
يعتقد الرئيس بري انه «عندما تقف الحرب في غزة، ستقف في لبنان اتوماتيكياً، ونحن ملتزمون بقواعد الاشتباك وبتطبيق القرار 1701، واسرائيل تمتنع عن تطبيقه، موضحاً أنه منذ اليوم الاول تصلنا رسائل تبدي تخوفها من توسع الحرب، وهذا صحيح، ولكن «نحن ما منخفش» ومعودين على التهديدات، ومن انجازات المقاومة من الحرب ان السماء لم تعد لهم وحدهم (اشارة الى سلاح المسيَّرات)».
وقالت مصادر نيابية معارضة لـ«اللواء»:إن الإصرار على التشاور من دون أية ضمانات لإجراء الانتخابات الرئاسية لن يجد أي تجاوب له، وأكدت أن التشاور المطروح يجب ان يكون مبنيا على أسس واضحة وإن التعاون القائم اليوم بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لن يطول لأنه مبني على مصلحة، معتبرة أنه ما لم يخرج إعلان واضح برغبة الممانعة في البحث بمرشحين جدد، فإن الملف الرئاسي سيظل متأخرا.
ونفت المصادر وجود أية مبادرة لدى المعارضة لأن المطلب الوحيد هو عدم التعطيل واللجوء إلى العملية الدستورية في الإنتخاب، مبدية انفتاحها لكل مسعى في هذا المجال.
وفي حين، اعتبر النائب السابق وليد جنبلاط ان «الحوار الذي يطالب به رئيس المجلس ضروري وهو الذي ينقذ لبنان»، لاحظ نواب «تكتل التوافق الوطني» برئاسة النائب فيصل كرامي بعد لقاء الرئيس بري في عين التينة، ان كرة مؤيدي الحوار تكبر، وان لدى النائب جبران باسيل النية للمشاركة بالحوار او التشاور.
وكانت الحركة النيابية تقاطعت عند تكوين مجموعة الـ86 نائباً ليتمكن بري بعد ذلك من تحديد موعد لجلسات الحوار، ثم الجلسات النيابية.
وفي السياق نقل عن مصادر تيار المردة ان النائب فرنجية ماضٍ بترشيحه، وان «القوات» والكتائب والتيار الوطني الحر، ليس بامكانهم كسره او التأثير على خياراته.
باسيل و«تكتل التوافق»
وخلال لقاء تكتل «التوافق الوطني» مع رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل اكد الاخير ان «لا حل إلا بأن نتفاهم ونتوافق على رئيس، وغير ذلك لا احد يستطيع ايصال رئيس، وان الرهان على ربح احد على الآخر هو فشل المرحلة القادمة، لان لا احد استطاع ان يحكم البلد من خلال اقصاء الآخرين.
كما اجتمع باسيل مع «التكتل الوطني المستقل» في دارة النائب فريد الخازن.
جنبلاط في دارة كرامي
وفي دارة الرئيس عمر كرامي في بيروت، التقى النائب فيصل كرامي ونواب تكتل «التوافق الوطني» مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، ونواب من اللقاء وبعد الاجتماع، اعلن النائب فيصل الصايغ ان المبادرات تلتقي مع بعضها، ونتقاطع عند الحوار دون شروط.
واوضح ان الكلام عن «تفاهم واتفاق» يعني التسوية، مشيراً الى حوار محصور بمدة زمنية ويؤدي بعدها الى انتخابات رئاسية.
ميقاتي لمساعدة لبنان
ومن «البحر الميت» في الاردن طالب الرئيس نجيب ميقاتي مؤتمر «الاستجابة الانسانية الطارئة في غزة» الذي افتتح امس من قبل ملك الاردن عبد الله الثاني، بـ«مد يد العون والمساعدة واصلاح الاضرار ومساعدة الناس ودعمهم في اعادة الاعمار، لان لبنان الأرز سيبقى بلداً مهماً لكم مهما عصفت به الازمات».
صرخة المودعين عند حجار
وفي سياق مالي – قضائي، كشفت جمعية «صرخة المودعين» ان وفداً منها التقى مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار، وبحث معه في الاجراءات القضائية بحق الذين ارتكبوا تجاوزات واساءة ائتمان في ما يتعلق بالودائع، وطالب حجار باصدار قوانين من المجلس وفرض ضريبة على الذين سددوا قروضاً بأقل من قيمتها.
الوضع الميداني
ميدانياً، اعلن حزب الله انه رغم الاعتداءات الاسرائيلية على القرى الصامدة والمنازل الآمنة، خصوصاً في كفرا، قصف مستعمرة «كفر سلوم» بعشرات صواريخ الكاتيوشا، ومعظمها عبر من لبنان، وتم اعتراض بعضها حسب «القناة الاسرائيلية 12».
ورداً على قصف عيترون، استهدف حزب مستعمرة مسكفعام بالاساحة الصاروخية المناسبة، وكذلك موقع الرمثا في تلال كفرشوبا.
وليلاً استهدفت طائرة حربية اسرائيلية سيارة في بلدة جويا.
البناء:
حماس والجهاد تربحان بالنقاط بالذكاء المقاوم على الذكاء الصناعي لمبادرة بايدن
ردّ المقاومة يربط بدء المرحلة الثانية بانتهاء المفاوضات على اتفاق إنهاء الحرب
واشنطن والقاهرة والدوحة: لدراسة متأنية وتقييم الردّ ومواصلة الجهد التفاوضي
كتب المحرر السياسي
أسدل الستار على الحملة المبرمجة والمكثفة التي شنتها واشنطن وتل أبيب، لفرض حصار سياسي ودبلوماسي وإعلامي على المقاومة، وتحميلها مسؤولية استمرار الحرب، وتقديم نموذج متوحش مثلته غزوة مخيم النصيرات لترويع الشعب الفلسطيني من مخاطر هذا الاستمرار. وبعد عشرة أيام من إعلان مبادرة بايدن، قدمت المقاومة ردها المكتوب، ولم تؤثر في موقفها وتأنيها واستثمارها لذكاء التوقيت كل الضغوط والملاحقات والاتصالات والتصريحات التي تمت تحت عنوان، الكرة في ملعب حركة حماس والمقاومة، وعلى المقاومة وحماس عدم إضاعة الفرصة، والعالم كله ينتظر حماس، كما قال بلينكن واضاف أن على الدول العربية والشعوب العربية الضغط على حماس للقبول العلني الصريح بلا شروط للصفقة.
ربحت المقاومة بالنقاط، باستخدامها للذكاء المقاوم، في مواجهة مبادرة تقول تقارير أميركية أنها ولدت عبر الاستعانة بالذكاء الصناعي، من خلال أخذ النص الذي قدمه وليم بيرنز لقطر ومصر بعد مفاوضات شاقة مع قيادة المقاومة كعرض أخير، وانتهى في السادس من أيار بموافقة المقاومة على العرض الأخير، وتمت عملية فصل للنقاط التي اعترض كيان الاحتلال على وجودها في العرض بموجب مذكرة قدمها للوسطاء، وتمت إعادة ترتيب النص المكتوب بما يتناسب مع اعتراضات الكيان، وإحالة النقاط التي تمثل الاستجابة لطلبات المقاومة، الى المداخلة الشفوية التي قدمها الرئيس جو بايدن في مؤتمره الصحافي، بحيث تكون على المقاومة الموافقة على نص مكتوب لا يحقق لها ايا من مطالبها الأساسية بداعي أن الرئيس الأميركي قال إن هذه الموافقة سوف تحقق تلك المطالب، وهنا كانت أهمية ذكاء التوقيت هي الحاسمة، فصمدت المقاومة أمام الضغوط واستثمرت على الوقت، ونجحت بضمان موقف روسي صيني يرفض إصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي يدعم مبادرة بايدن دون تضمينه التعهدات الشفوية التي أوردها بايدن والتي تشكل طلبات المقاومة، وهي جوهر ما يدعو إليه القانون الدولي في تدخل مجلس الأمن في مثل حالة الحرب على غزة، وهي تحديدا، الدعوة لإنهاء الحرب، والدعوة لانسحاب كامل لجيش الاحتلال من كل مناطق قطاع غزة.
ذكاء التوقيت كان بتمرير ثلاثة استحقاقات قبل تقديم الرد، الأول موعد الثامن من حزيران الذي أعلن عضو مجلس الحرب في الكيان أنه موعد استقالته ما لم يذهب بنيامين نتنياهو الى صفقة تعيد الأسرى، وعندما مدد غانتس المهلة انتظرت المقاومة حتى أعلن استقالته وتلقت حكومة نتنياهو الصفعة الأولى، ثم جاء الاستحقاق الثاني وهو موعد التصويت على قانون الجندية، وقضية إعفاء الحريديم، وتلقت حكومة نتنياهو الصفعة الثانية بتصويت وزير الحرب يوآف غالانت ضد القانون، حتى جاء أول الاستحقاق الثالث وهو التصويت على مشروع القرار الأميركي الداعم لمبادرة بايدن، بعد تعديله ثلاث مرات، بحيث تضمن ما تريده المقاومة من طلبات تجنبا لاستخدام الفيتو.
هنا دقت ساعة الرد، فاجتمع قادة حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي لأول مرة في تقديم رد، وبدت صورة القائدين اسماعيل هنية و زياد نخالة يقرآن ويعدلان على النصوص، ذات معنى، في تأكيد وحدة المقاومة وتماسك صفوفها في مقابل التفكك الذي ينخر الكيان، وكان الرد ذكيا ومرنا و هادئا، لكنه مستند إلى قرار مجلس الأمن، وليس إلى كلام بايدن، طالما أن واشنطن تعتبر القرار تأييدا للمبادرة.
مصادر متابعة للملف تقول إن المقاومة ضمنت ردها الكثير من الملاحظات، خصوصا تأكيدها لعنواني الوقف النهائي للحرب والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، لكن يبقى الأهم هو الرد ينطلق من أن الإشارة الى استمرار وقف اطلاق النار بعد نهاية المرحلة الأولى، إذا استدعى التفاوض على وقف الحرب نهائياً مزيداً من الوقت، بحيث يستدعي لضمان التوصل إلى اتفاق وتحقيق التوازن بين مصالح الفريقين، الاحتلال والمقاومة، ربط تنفيذ المرحلة الثانية بانجاز الاتفاق النهائي الذي يعلن إنهاء الحرب، بحيث لا يتمّ الإفراج عن الأسرى من الذكور الأحياء، الضباط والجنود خصوصا، إلا بعد الإعلان عن نهاية الحرب والالتزام بتنفيذ الانسحاب الشامل.
وبعدما سلّمت قوى المقاومة ردّها، أعلنت واشنطن والدوحة والقاهرة انها بصدد دراسة متأنية للملاحظات، وتقييم الردّ والتمسك بمواصلة مساعي الوساطة التفاوضية حتى يتحقق التوصل إلى اتفاق، فربحت المقاومة بالنقاط حيث أريدَ لها أن تخسر بالضربة القاضية.
يواصل التيار الوطني الحر حراكه تجاه القوى السياسية من اجل فتح كوة في جدار الازمة الرئاسية، والتقى النائب جبران باسيل امس، النائب فيصل كرامي الذي اعتبر أن «علينا أن نبقي خطوط التواصل مفتوحة للخروج من الازمة الرئاسية التي هي مفتاح كل الحلول والحوار والتشاور هو المخرج الوحيد وما طرحه الرئيس بري خريطة طريق ونذهب من دون شروط مسبقة». أما باسيل فأشار الى انه تم الاتفاق على عدة أمور منها وجوب عدم استمرار الفراغ الرئاسي، وقال: «لا حل الا بالتفاهم والتوافق على رئيس «لأن غير هيك ما حدا ح يقدر يوصل رئيس واي رهان على فوز فريق على آخر هو فشل»…. على أن تكون محطتاه المقبلتان اليوم مع النائب تيمور جنبلاط وكتلة الاعتدال.
وكرر باسيل خلال اجتماع تكتل لبنان القوي طرحه انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب على دورتين بما يؤمن البعدين الميثاقي المسيحي والوطني، غير أن هذا الطرح يستلزم تعديلاً دستورياً ونصاب الثلثين، وهو أمر إذا تأمن يمكن عندئذ استبدال التعديل بالانتخاب.
وعُقد مساء امس، في دارة النائب فريد هيكل الخازن في جونية، لقاء بين «التكتل الوطني المستقل» ورئيس «التيار الوطني الحر اكد بعده الخازن أن «الوضع الرئاسي معقد ولا بد من ان تكون هناك لقاءات وتفاهمات بين القوى السياسية للتوصل الى انتخاب رئيس».
وفي إطار جولته على القوى السياسية، التقى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط على رأس وفد من اللقاء الديمقراطي، أعضاء تكتل التوافق الوطني، فيصل كرامي ومحمد يحيي وعدنان طرابلسي وحسن مراد.
وليس بعيداً، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، في عين التينة وفدا من تكتل التوافق الوطني النيابي. ونقل النائب محمد يحيى عن رئيس المجلس قوله: «إن بعض الكتل وبعض النواب المنفردين ومن خلال اللقاءات والتحاور استطاعوا التوصل إلى نتيجة والتراجع عن المطالب السابقة والقبول تقريباً بالحوار. وتمنى ان تكون النيات صافية لأننا فهمنا أن بعض الكتل ومنها التيار الوطني الحر لديهم النية للمشاركة بالحوار او التشاور ونتمنى من كل الكتل ان تلبي هذا المطلب». واعتبر يحيى «لو اننا مشينا بالذي طرحه الرئيس بري، ومن الطبيعي وفقا للقانون والاصول أن يدير رئيس مجلس النواب هذ الحوار في المجلس النيابي»… وأشارت المعلومات الى ان «برّي وكرامي تداولا بالمبادرات القائمة ولا سيما جهود الخماسيّة وبرّي مصمّم على الحوار الذي طرحه أي 7 أيام حوار تليها جلسات متتالية حتى خروج الدخان الأبيض». وبينما استقبل الرئيس بري الوزير السابق غازي العريضي وبحث معه في الاوضاع والمستجدات السياسية والميدانية، اكدت مصادر الاشتراكي لـ»البناء» ان المبادرات المطروحة اليوم ايجابية لكن الأهمية تكمن في الوصول الى تفاهمات والابتعاد عن منطق التعطيل، مشددة على اهمية الحوار كمدخل لأي حوار، ورداُ على سؤال حول ما يطرح عن كتلة تضم الاشتراكي والاعتدال والتيار الوطني الحر والتي من شأنها ان تكون بيضة القبان في البرلمان، شددت المصادر على ان الاشتراكي يرفض هذه المقاربة ولن يكون تحت خيمة أحد، فهو يعمل على إيجاد قواسم مشتركة بين المكونات السياسية.
واعتبر الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أنّ «التواصل بين جميع الأفرقاء السياسين ضروري ومهم في هذه المرحلة». وشدد على أهمية الحوار من أجل انتخاب رئيس للجمهورية. ورأى جنبلاط أنّ «الحوار الذي يطالب به رئيس مجلس النواب ضروري وهو الذي ينقذ لبنان، لافتًا إلى أنّ لبنان قائم على الحوار أصلًا».
وأبدى نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب خشيته مجددًا ألّا ينتخب هذا المجلس رئيسًا للجمهورية، وأن نبدأ التحضيرات لاقتراح قانون يرمي إلى تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي».
ومن الأردن أشار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال مؤتمر الاستجابة الانسانية الطارئة في غزة، إلى أنّ «نهج التدمير الذي تتبعه اسرائيل لا سابق له في التاريخ ونختبره يوميا في لبنان على ارض جنوبنا الغالي». وناشد ميقاتي «دول العالم التدخل بكل قوة لوقف ما يحصل بعد 75 عاما من تجاهل حقوق الفلسطينيين على أمل أن يكون قرار مجلس الأمن الرقم 2735 الذي صدر بالأمس والذي نرحّب باسم الدولة اللبنانية بكونه الخطوة الأولى ولو متواضعة نحو الاستقرار». وأكّد أنّ «لبنان مستعد اليوم لإغاثة مصابي غزة خاصة الأطفال في مستشفياته ومؤازرتهم تعبيرا عن تضامنه معهم اضافة الى المساعدة في تجهيز كوادر طبية وتأهيلها للتعويض عن قتل إسرائيل لمئات العاملين في القطاع الصحي». واضاف ميقاتي أنّنا «مستعدون للتعاون مع السلطة الفلسطينية لإنجاز الترتيبات الادارية اللازمة لتسهيل عبور الجرحى لمعالجتهم ومن ثم عودتهم معافين سريعا الى بلادهم». وتابع: «لكم أيها الأحبة أن تتخيلوا حجم الأضرار الحاصلة في لبنان نتيجة العدوان المستمر منذ الثامن من تشرين الاول الفائت». وأردف: «جنوبنا وأهله أيها السادة في نكبة حقيقية لا وصف لها والعدوان المستمر يمعن في القتل والتدمير والحرق الممنهج محوّلا جنوب لبنان ارضًا قاحلة ومحروقة». وختم ميقاتي: «لبنان الرمز سيبقى بلدا لكم مهما عصفت الأزمات».
وعلى هامش المؤتمر، استقبل ميقاتي في الاردن، في حضور وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الذي أكد تفهم الموقف اللبناني من مسألة النازحين السوريين في لبنان»، مشيراً الى ان «القادة الاوروبيين مدركون للضغوط التي يشكلها هذا الملف على لبنان ويعتبرون أن مسار الحل لهذه المعضلة سيتسارع بعد الانتخابات الاوروبية». كما اعتبر «ان انطلاق مسار وقف اطلاق النار في غزة سينعكس حكما تهدئة في جنوب لبنان».
وعقد ميقاتي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الذي شدد على أن بلاده تدعم لبنان في موضوع معالجة أزمة النازحين السوريين ومعالجة تداعيات هذا النزوح، ووعد بنقل واقع وموقف لبنان على مستوى الاتحاد الأوروبي.
على صعيد آخر، تم تأليف لجنة فرعية برئاسة رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان للقوانين المالية المتعلقة بالودائع وبإدارة أصول الدولة والصندوق الائتماني.
وبينما يركز وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، سيركز بشكل أساسي على الجهود الهادفة لاحتواء التصعيد في الجبهة الشمالية تشير اوساط سياسية لـ»البناء» الى توافق دولي لمنع حرب إسرائيلية على لبنان ولمنع بنيامين نتنياهو من التصعيد، معتبرة ان هناك ترقبا لما يمكن ان تخرج به زيارة بلينكن التي تشمل القاهرة والأردن وتل أبيب في سياق مساعي التهدئة لا سيما أن نجاح مقترح الرئيس الاميركي جو بايدن من شأنه ان يفتح أبواب التسوية في المنطقة ويقطع دابر توسع الحرب لا سيما في لبنان.
وأكد الجيش الإسرائيلي «إسقاط مُسيّرة تابعة لسلاح الجو في سماء لبنان، وهي الخامسة منذ بدء الحرب». كما أعلن حزب الله في بيان أنه «أثناء المراقبة والمتابعة الدائمة لحركة العدو في الأجواء اللبنانية، كمن مجاهدو المقاومة الإسلامية لمُسيّرة من نوع هرمز 900 مسلحة بصواريخ لتنفذ بها اعتداءات على مناطقنا، وعند وصولها إلى دائرة النار استهدفها المجاهدون بأسلحة الدفاع الجوي، قبل تنفيذ اعتدائها وأصابوها إصابة مباشرة وتم إسقاطها». في المقابل، استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية بست غارات مواقع لحزب الله وشاحنة أسلحة على الطريق ما بين مدينة القصير والحدود اللبنانية، فيما أفيد عن سقوط صاروخ في منطقة فنيدق العكارية. ونعى حزب الله عباس محمد ناصر من بلدة طيرفلسيه، وبلال وجيه علاء من بلدة مجدل سلم وهادي فؤاد موسى من بلدة شبعا. وأدت غارة إسرائيليّة على أحد المنازل في بلدة جويا، الى استشهاد علي صوفان ونجله.
كذلك شن الطيران الحربي الإسرائيلي، عدواناً جوياً مستهدفاً مكان وقوع المسيّرة في مرتفعات جبل الريحان، والتي أسقطتها المقاومة قبل ربع ساعة من الغارة. كما شن الطيران المعادي غارة، مستهدفاً بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل. كما شن غارتين جويتين على بلدة عيتا الشعب، واستهدفت غارة محيط جبل بلاط لجهة راميا.
من جهة ثانية، أقرّ جيش العدو أنه تمّ إطلاق “صواريخ اعتراض نحو المُسيّرات التي اخترقت من لبنان وسقطت في شمال هضبة الجولان لكن محاولات الاعتراض فشلت.
المصدر: صحف