ما يحصل داخل الجمعية الوطنية في البرلمان الفرنسي لم يحصل في اية دولة غربية، بالنسبة الى النشاط المؤيد للقضية الفلسطينية وتأثيره الى الداخل الفرنسي سيكون حاسما، ويمكن عنونته: العلم الفلسطيني يحرر بلد الحريات
الفضل يعود الى التحرك الذي تقوده (فرنسا الأبية). ما حصل مؤخرا يهدف الى الضغط على الحكومة الفرنسية من اجل الإعتراف بدولة فلسطين ومن اجل فرض عقوبات على اسرائيل رفضا للهجوم على رفح.
كلنا رأينا صورة نائب فرنسا الأبية ( سيباستيان دولوغو) Sébastien Delogu يرفع العلم الفلسطيني في قاعة الجمعية الوطنية، الأمر الذي اخرج عن طورها رئيسته اليهودية الصهيونية (يائيل برون بيفيه) Yaël Braun-Pivet و قررت تعليق مشاركته خلال الأسبوعين وفرضت عليه العقوبة القصوى.
رأينا أيضا صور علم فلسطين مرة اخرى ولكن عبر الوان ثياب كل نواب (فرنسا الابية)، و نائبة أخرى ( راشيل كيكي) Rachel Kéké ترفع بدورها العلم الفلسطيني و (يائيل برون بيفيه) Yaël Braun-Pivet تهدد بأن العقوبة سوف يتم تشديدها.
صور نململها اثارت مواقع التواصل “وكأنها رأت عزرائيل… كادت تختنق…”
لقد تحدثنا سابقا كيف تم استدعاء رئيسة كتلة (فرنسا الابية) من قبل الشرطة الفرنسية، وملاحقتها من قبل القضاء، وهي سابقة في التاريخ الفرنسي، على خلفية دعوى أقامتها ضدها منظمة يهودية فرنسية. كل هذا القمع لم يكن مجدية، لم يردع (فرنسا الابية).
ما يحصل يظهر ان الأمور بدأت تفلت من الحكومة والسلطة الفرنسية، جرعة التحدي مرتفعة لدى (فرنسا الابية) هي تتسم بالإستمرارية.
كما بدأت الأمور تفلت من ارباب اللوبي الإسرائيلي في فرنسا الذي بدووأ يفقدون أعصابهم. خاصة وان بعض الإعلام الفرنسي بدأ يتغير. خاصة الذي يحمل تراثا يساريا.
“خنزير الإبادة”
بعد حدث رفع علم فلسطين الأول، حصلت مشادة بين نائب من (فرنسا الابية) (دافيد غيرو) David Guiraud خلال مقابلة تلفزيونية والنائب الفرنسي الاسرائيلي من حزب (الجمهوريون) (ميير حبيب) الذي تحشّر به.
ما نقلته وكالة الأنباء هو ان (غيرو) نعت (حبيب) بالخنزير.
علما ان (حبيب) والمعروف ببذاءته و تشبيحه هو الذي كان قد قال استعمل اولا هذه الكلمة قائلا: “لا ندع الخنازير مع بعض” فرد عليه (غيرو): ” انت الخنزير الغارق في وحل الإبادة”.
خطاب معادة السامية يتزعزع
صحيفة ليبيراسيون Libération تناولت هذه المشادة ونقلت حذافير كلام حبيب تصحيحا لما تداوله الإعلام الفرنسي المجتزأ. تحت عنوان: ( الدقائق الثلاثة للنائب (ميير حبيب)) للكاتب “دانيل شنايدرمان” و هو صحافي يساري مشهور بنقده للتلفزيون و المواد الإعلامية و كيفية تأثيرها على الرأي العام يعتبر (حبيب) انه “الممثل عن مصالح إسرائيل الدائمة” و عن “مصالح نتنياهو”>
يشبه الصحافي شنايدرمان “ميير حبيب” بنتنياهو و يعتبر انه يعتمد نفس الخطاب: “اي شخص يعارضه يتهمه بأنه معاد للسامية”، كما يشبهه بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قائلا: “الوجوه الثلاثة للتعجرف و الإفلات من العقاب”. ويعتبر الإفلات من العقاب من قبل المؤسسات الدولية منذ احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967 هو الذي اوصل الأمور الى ما هي عليه.
من الواضح ان خطاب التهويل بمعاداة السامية بدأ يتزعزع و هذا مؤشر جدا قوي على انهيار القاعدة الأساس التي يقوم عليها الخطاب الصهيوني في فرنسا كما في العالم الغربي. هو يتزعزع من قبل اليهود انفسهم. الصحافي دانيال شنايدرمان يهودي.
(فرنسا الأبية) تعتمد سياسة متعمدة لتقويض هذا الخطاب. تركز دائما ان سبب التحرك الحالي في فرنسا دعما لفلسطين لا علاقة له بمعاداة السامية وجهابذة واعلام اللوبي يستنفرون.
مؤخرا جان لوك ميلانشون رئيس (فرنسا الأبية) قال جملة أجنّتهم: “بعكس الخطاب الرسمي. معاداة السامية تركت اثارا قديمة في فرنسا وهي غائبة عن التجمعات الشعبية” الحالية.
احد جهابذة اللوبي في فرنسا (برنار هنري ليفي) رد عليه في مقابلة مع BFMTV “ان القول بان معادة السامية مجرد بواقي هو بصقة في وجه النساء اليهوديات و الرجال اليهود في فرنسا”.
صحيفة لو فيغارو التي تمتلكها العائلة الثرية من اصول يهودية (داسو) ايضا ردت في مقالة للصحافية اليهودية Noémie Halioua .تخلط بين ما وصفته “بالغضب المتفلت” للموالين لفلسطين على مواقع التواصل، “شتائم سائقي اوبر”، تاغات على الجدران في مقابل المسكنة او مظلومية اليهود: ( طلاب يهود يطردون من قاعات الجامعات، الالم الأصم ، المواطنون اليهود الذي يتالمون، العديد منهم الذي يغلقون على أنفسهم في الوحدة والصمت، وكأنهم خجلون من عذاباتهم ويخشون التعبير عنها).
دق على وتر “الجذور المسيحية اليهودية”
ولكن من الافكار التي لفتت انتباهي في هذه المقالة الجملة التالية: ” ليس من الضرورة ان يكون المرء كاهنا ليعرف أن جان لوك ملنشون سيبقى الرجل الذي كسر كل أقفال العار ، مما يمهد الطريق لجيل من السياسيين على حدود الأمية ، الذي يدافعون بغطاء ثلاثي الألوان عن جميع المصالح الأجنبية ، المعادية لفرنسا ، لجذورها اليهودية المسيحية وعلى نطاق أوسع للغرب الذي هو وريثها” اي هذه الجذور اليهودية المسيحية.
ميلانشون في كلامه كان يرد على رئيس الوزراء الاسرائيلي الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تمت استضافته من قبل سي نيوز في 30 ايار و الذي تحدث فيه عن الجذور اليهودية المسيحية للغرب،
فيما قاله: “انتصارنا هو انتصاركم! انه انتصار اسرائيل على معاداة السامية، انه انتصار الحضارة اليهودية المسيحية على البربرية. انه انتصار لفرنسا”.
شبه الهجوم البري على رفح بإنزال القوات الأميركية في النورماندي ابان الحرب العالمية الثانية: “اذا أعطيتموهم دولة ستكون افضل جائزة للإرهاب… سوف يشجع الأعمال الإرهابية في العالم… يجب منع قيام حماس في الغرب…انها مشكلتكم ايضا، ان الإرهابيين بينكم” اذكر بجريمة سامويل باتي، بمجزرة ال باتاكلان. اقول لكم: لن نذهب من غزة انها طبيعة الحكومة التي سوف التي سوف توضع فيها”.
جهد نتنياهو منصب على فرنسة الصراع عبر مقارنة الحرب على غزة بالحرب على النازية، هناك استخفاف بالعقول و يقول بكل صراحة انه سوف يبقي الإحتلال في غزة.
“انتصارنا هو انتصاركم” و حرب الحضارات
هذه الجملة “انتصارنا هو انتصاركم! انه انتصار الحضارة اليهودية المسيحية على البربرية انه انتصار لفرنسا”. لم تمر مرور الكرام في الإعلام الفرنسي خاصة في الإعلام اليساري خاصة وان هذه العبارة هي من ادبيات اليمين المتطرف.
ليبيراسيون في مقالة لمحللها توما لوغران Thomas Legrand كتبت: “الجذور المسيحية اليهودية”: نتنياهو يريد جر العالم نحو حرب حضارات.
بنيامين نتنياهو اظهر بأنه لا يعرف هوية فرنسا و يؤكد بأنه يأخذ اسرائيل، ليس الى حرب من أجل أمن واستدامة بلده الصغير في وسط بيئة معادية ، لكنه يعتبر ان مهمته حضارية و دينية”.
موقع صحيفة ميديابار يسارية عنونت: “الحضارة اليهودية المسيحية: الكذبة التاريخية لبنيامين نتنياهو”.
صحيفة لومانيتيه الناطقة باسم الحزب الشيوعي اكتفت بهذا الكاريكاتور (عين بوبيكا) مع تعليق: مجموعة TF1 فرشت السجاد الأحمر لنتنياهو، سجاد من الدم.
المصدر: موقع المنار