أصدر الإمام السيد علي الخامنئي، نداءً بمناسبة بدء أعمال الدورة الثانية عشرة لـ«مجلس الشورى الإسلامي»، وقد جرت قراءة هذا النداء من قِبل مدير مكتب سماحته، حجة الإسلام والمسلمين محمدي الكلبايكاني، خلال مراسم افتتاحية الدورة الجديدة للمجلس.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلم على سيدنا محمّد المصطفى وآله الطاهرين، ولا سيّما بقيّة الله في الأرضين.
الآن وقد بدأت الدورة الثانية عشرة لـ«مجلس الشورى الإسلامي»، كما هو الحال دائمًا في الموعد المحدد ومن دون تأخير، أمرّغ جبهة الخشوع عند الحضرة الإلهيّة العزيزة والحكيمة، شاكرًا استمرار السيادة الشعبيّة الدينية وصلابتها التي تعدّ هديّة إلهيّة عظيمة إلى الشعب الإيراني.
باستطاعة كلّ مجلس جديد أن يضيف تألّقًا جديدًا في أفق البلاد المشرق، ويزيد أمل الشعب ويعزّز دوافعه. إن الجمع بين النواب الجدد مع المنتخبين ذوي الخبرة والتجربة يبعث برسالة مفادها أن بيت الشعب، وباستخدام صلاحياته الدستورية، وبالالتزام بمسؤوليته الجسيمة تجاه أركان البلاد، سيتمكن من جمع الحداثة والابتكار مع النضج والتجربة، وإبعاد التشريع والرقابة عن الاضطراب والفوضى، وعن الركود والسكون أيضًا.
ومما لا شك فيه أن التفاعل المنضبط والمتآزر مع السلطات الأخرى، وكذلك السلوك الجماعي الصحيح والصبور داخل السلطة التشريعية، سيساعد على تحقيق كل خصائص المجلس الكفوء، ويخلّد الذكرى الطيبة للنواب.
إنّ النقطة التي أؤكّدها دائمًا هي ضرورة أن يكون المجلس مبعثًا للسكينة، وصانعًا للأمل، ومحفّزًا للهمم، وداعيًا للوئام والأخوّة في البيئة العامة للبلاد. وفي المجلس نفسه، يجب ألا تشغل المنافسات الإعلامية غير المجدية والخلافات السياسية الضارة وقت المسؤولية وعمرها القصير، وإلا فإن القدرات القيّمة لوجود النواب في هذا المنصب الرفيع ستذهب سُدى، وهذه خسارة كبيرة.
نقطة أخرى تتعلق بقسم النواب. إنّ هذا القسم ليس شكليًا أو استعراضيًّا؛ هو قسم حقيقي ويحتّم المسؤولية التي ستلاحقكم في الدنيا والآخرة. لابدّ للنواب الموقّرين أن يضعوا هذا القسم الشرعي نُصب أعينهم طوال مدّة النيابة، وأن يروا الالتزام به معيارًا للحكم على أدائهم.
النقطة التالية تتعلق بالالتزامات الأخلاقية. إن نمط الحياة الإسلامي، الذي يشكّل جزءًا مهمًّا من الفضائل الأخلاقية، يغدو أكثر أهمية في مجال التحديات السياسية والمنافسات المشروعة. وهنا يكشف إكسير التقوى والصفح والإنصاف والصدق وتحمّل المسؤولية والعمل بلا منة، عن ثمنه الحقيقي. إنّ إحدى خصائص شهداء رحلة أيّار- الذين تعيش البلاد كلها ألم فقدهم الآن – كانت مراعاة الفضائل الأخلاقية. لذا ينبغي أن تؤخذ مراقبة النفس على محمل الجد.
النقطة الأخرى هي التذكير بحقيقة أنّ كلّ واحد من نوّاب المجلس يمثّل الشعب الإيراني بأسره، وهذا يعني أنّ المهمّة الرئيسة للنائب هي توفير المصالح الوطنيّة. إنّ متابعة شؤون الدائرة الانتخابيّة ينبغي أن يتمّ ضمن إطار الرؤية الشاملة لقضايا البلاد، ولا بدّ من تجنّب الإغراق في إقرار المشاريع العمرانيّة خارج نطاق قدرة استيعاب الميزانيّة العمرانيّة.
الإخوة والأخوات الأعزّاء، إنّ العمل انطلاقًا من نيّة الخدمة للنّاس، عملٌ صالحٌ وحسنةٌ إلهيّة مأجورة، وإنّ الله الشاكر العليم سيُثيبه في الدنيا والآخرة. إنّ جذب قلوب النّاس وشكرهم من دون وجل يستدعيان الثواب الإلهي في الدنيا، كما أنّ التشييع المليوني لرئيس الجمهوريّة الفقيد ورفاقه الأعزّاء نموذجٌ على هذا الثواب الإلهي. لقد أحيا الناس الأوفياء والواعون في مختلف المدن بدموعهم المنسكبة على هذه الجثامين الطاهرة، ذكرى شهداء الثمانينات للجيل الجديد في البلاد، ودحضوا على أرض الواقع آلاف الأكاذيب والتّهم والشائعات. رحمة الله وسلامه عليهم.
في الختام يجدر بي أن أقدّم الشّكر للنواب الموقّرين في الدورة الحادية عشرة، خاصّة رئيسهم الدؤوب، ولجنتهم الرئاسيّة النشيطة.
المصدر: موقع الامام الخامنئي