يوافق اليوم الحادي عشر من ذي القعدة ذكرى ولادة أنيس النفوس الامام(ع) علي بن موسى الرضا(ع)، وهو الامام الثامن ابن الامام موسى بن جعفر الكاظم(ع)، ولد يوم الجمعة سنة مائة وثمان واربعين هجرية في المدينة المنورة وتوفي مسموما يوم اخر صفر سنة مائتين وثلاث هجرية.
وتولى تجهيزه ولده الامام الجواد(ع) ودفن في طوس من ارض خراسان حيث مرقده الان في قرية يقال اسمها سناآباد من رستاق نوقان وعمره خمس وخمسون سنة.
طلب منه المأمون ان يتولى امر الخلافة لكنه لم يقبل حيث علم ما في ذلك من مظهر من مظاهر العظمة وهو الزاهد في الدنيا.
ولما لم يقبل الامام الرضا(ع)الخلافة اجبره المأمون على قبول ولاية العهد بعد ان اشترط عليه الامام الرضا ان لا يتدخل في أي شأن من شؤون الدولة. فقبل الامام الرضا(ع) مكرها رغم قبول المأمون بهذا الشرط.
وقد ظهر عليه السلام من علومه الشيء الكثير بالنسبة الى الاديان والمذاهب والمبادىء في مجلس المناظرة وقد صار حديث الركبان….
أما عبادته فانه كان يحيي الليل ، ويقرأ القرآن في ثلاثة ايام، وكثيرا ما كان يسجد سجدات طويلة تستغرق ساعات، وكان كثير الصيام وكثير المعروف وكثير العطاء وأكثر صدقاته كانت في الليالي المظلمة.
ومن آدابه انه ما أزعج احدا بكلامه قط، ولا أغلظ في القول ولا اتكأ بين جليسين ولم يقهقه ولم يبصق امام احد واذا حضر الطعام أحضر جميع اهله وخدمه حتى نساءه وأكل معهم.
عاصر الامام الرضا(ع) ثلاثة من الخلفاء العباسيين :الرشيد والامين والمأمون. وكانت ايامه فيها شيء من الحرية لما كان من قبل المأمون اليه ومعرفته بفضله فكان أعلم أهل زمانه وأفقههم وأجلهم.
ليس الامام الرضا(ع) أقل حنكة من المأمون، لكنه ممثل القيم الالهية وصاحبها، لذا فان اي اجراء يريد فيه مواجهة خطة المأمون لابد من ان يحكي عن تلك القيم والمبادىء التي تمثل الاسلام الحقيقي.
قام الامام الرضا بخطوات احبط فيها مؤامرة المأمون ضده، فقام بما يلي:
1. اظهر الامام (ع) اكراهه على ترك المدينة المنورة، وان المأمون يضمر له السوء.
2. رفض ولاية العهد، ثم قبلها تحت التهديد بالقتل، وقد شاع بين الناس ذهده فيها.
3. فرض على المأمون شرطا بعدم التدخل في شؤون الدولة ليقبل بولاية العهد.وقد ادت هذه الاجراءات الى انقلاب خطة المأمون لصالح الامام الرضا(ع) ومشروعه.
-من النتائج والثمار التي تحققت جراء قضية ولاية العهد:
1.اعتراف المأمون بأحقية اهل البيت عليهم السلام بالخلافة ضمنيا، وحتى بالتصريح في بعض المواقف، الامر الذي ادانه واسلافه جميعا بوصفهم مغتصبي الخلافة.
2.انتشار التشيع جهارا، وخرق التقية.
3. توظيف الاعلام لصالح الامام الرضا(ع).
4. نشر فضائل اهل البيت عليهم السلام ومقاماتهم.
5. حقن دماء المسلمين.
-لما أعيت المأمون الحيلة، وانقلبت مخططاته كلها، ولم يعد بين يديه ما يحارب به الامام(ع)، قرر التخلص منه بأغتياله، فدس اليه السم في عنب قدمه له، فقبض(ع)سنة 203.
غريب الغرباء..
إن السبيل إلى زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) -بحَمد الله تعالى- مُيسرةٌ في كُل القرون، فما جرى على مقام الحُسين (عليهِ السلام) لم يجرِ مثلهِ بالنسبةِ إلى مَدفَنِ الإمام الرِضا (عليه السلام)!.. كما أن وسائل السَفر مُيسرةٌ وسريعة هذه الأيام، أما في الأزمنة الغابرة فقد كان الذهابُ إلى أرضِ طُوس يحتاجُ إلى معاملة، ومن يَذهب قد لا يرجع، فالحَج بالنسبةِ إلى أهل العراق تقريباً كالذهابِ إلى بَلد الإمام (عليه السلام).. ومن هُنا سُميَّ بـ”غريبِ الغُرباء”، لا مِن حَيث الزائرين، وإنّما من جِهةِ بُعدِهِ عَن موطنِ آبائه، فالإمام كانَ في المَدينة بجوارِ قَبرِ جَده، وأُخرجَ قَسرَاً إلى أرضِ خُراسان إلى أن ماتَ في أرض الغُربَة، ويكفيه أذىً وإيذاءً أنّهُ تَركَ فَلذةِ كَبدِه الإمام الجَواد (عليهِ السلام) في المَدينة وهو صَغير..
المصدر: مواقع