“إنقاذ المفاوضات المتعثرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) و”إسرائيل””، هي المهمة التي زعم مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز توليها حالياً، مقرراً تمديد إقامته في قطر طوال اليوم الاثنين، ليتوجه بعدها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة مساء اليوم. عن أي مفاوضات يتحدث بيرنز؟
هي مفاوضات يخوضها العدو، الذي لم يحقق أي من أهدافه المعلنة في حربه ضد المقاومة بل لا يزال يتلقى منها ضربات موجعة في كل مكان آخرها ما جرى في “كرم أبو سالم”، يخوضها بسقوف غير واقعية، متعامياً عن حقيقة الميدان، لا بل إنه وحليفه الأميركي يريدون ترميم اخفاقاتهم من خلالها (تحرير الأسرى دون وقف نهائي للحرب). إنها مفاوضات الخديعة، كما قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة اليوم، وأبرز دلالاتها بحسب بيانه “الإعلان اليوم عن عزم اجتياح رفح”، إذ دعا جيش الاحتلال الليلة نحو 100 ألف شخص في مناطق شرق رفح للنزوح باتجاه خان يونس والمواصي، وذلك عقب قتل 28 فلسطينياً بينهم أطفال إثر غارات مكثفة استهدفت 11 منزلاً في تلك المنطقة.
وصباح اليوم ذكرت صحيفة هآرتس أن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت أبلغ نظيره الأميركي لويد أوستن في اتصال أن “حماس ترفض كل اقتراح، وأن معنى ذلك بدء العملية العسكرية في رفح”، على حد زعمه.
وقال إن المقاومة “تطالب باتفاق يشمل إنهاء الحرب على قطاع غزة، لكن “إسرائيل” ترفض ذلك”، على حد تعبيره.
ضرب العدو بكل فشله الميداني عرض الحائط، واهماً أن هناك ما قد يحققه في رفح، متلطياً خلف حججه الواهية بأن المقاومة “هي من يفشل المفاوضات”. لكن الأخيرة ستقول كلمتها من جديد كما فعلت في المغازي وبيت حانون وخانيونس وغيرها. وهذا ما عكسه بيانها اليوم بأن رفح لن تكون “نزهة” لجيش الاحتلال، وأنها “على أتَم الاستعداد للدفاع عن الشعب الفلسطيني”.
العدو يفاوض بنقاط وسقوف غير واقعية
وفي السياق، رأى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني تيسير الخطيب أن “الإسرائيلي يفاوض بنقاط وسقوف غير واقعية، والأميركي يفاوض تحت ضغط الوقت، ونتنياهو يغرد خارج السرب”.
وفي مقابلة على قناة المنار، قال الخطيب إن “الكلمة الفصل في الحرب على غزة هي للأميركيين”، مرجحاً “التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غضون ٦ أسابيع ولكنه ليس محسوماً”، وفي ذلك إشارة إلى ارتباط المفاوضات بمآلات العملية العسكرية في رفح.
وبالنظر إلى جبهات الإسناد، لفت الخطيب إلى إن “العدو يعمل تحت السقف الذي رسمه له محور المقاومة”.
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: نرفض مزاعم الاحتلال بربط عملية رفح بعملية كرم أبو سالم
من جهته، المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أعلن “رفض مزاعم الاحتلال بربط هذا الإعلان بعملية المقاومة في موقع كرم أبو سالم العسكري”، موضحاً أن “إعلان مناطق شرق رفح مناطق خطيرة يؤكد النية المسبقة لشن عدوان على المدينة”.
وتابع بيان المكتب أن “عدوان الاحتلال لم يتوقف لحظة في كل مناطق قطاع غزة، وحتى رفح لم تسلم من عمليات القصف”، مشيراً إلى أن “إعلان اليوم يأتي استمراراً لنهج الجرائم والإبادة ضد شعبنا ويهدد حياة 1.5 مليون فلسطيني”.
وقال البيان “رصدنا تجاوباً محدودا من المواطنين مع أوامر الإخلاء، وما زالت المؤسسات الحيوية شرق رفح تعمل كالمعتاد”.
يأتي ذلك في وقت أفادت فيه “قناة الجزيرة” أن “الأحياء التي دعا جيش الاحتلال إلى إخلائها شرق مدينة رفح تعرضت لقصف عنيف الليلة الماضية”، مؤكداً أن عدداً كبيراً من الفلسطينيين لا يزالون تحت أنقاض هذه المنازل.
وأفاد المصدر نفسه أن “المناطق التي يدعي الاحتلال أنها “إنسانية” ويطالب بالنزوح إليها في خان يونس والمواصي مدمرة ولا يمكن نصب الخيام فيها، كما أنها لا تتسع لأعداد كبيرة من النازحين”، موضحةً أن “المناطق التي دعا جيش العدو الإسرائيلي إلى إخلائها في شرق رفح تحتوي على أماكن إستراتيجية مثل معبر رفح وهو المعبر الوحيد الذي يمكن للسكان السفر من خلاله، ومستشفى أبو يوسف النجار الممتلئ بالمصابين”.
المقاومة: عملية رفح لن تكون نزهة
من جهتها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن “تحضير جيش الاحتلال للهجوم على مدينة رفح، جريمة تؤكّد إصرار حكومة بنيامين نتنياهو على المضي في حرب الإبادة”. وأكدت المقاومة أن العملية العسكرية في رفح لن تكون “نزهة” لجيش الاحتلال، مشيرة إلى أنها “على أتَم الاستعداد للدفاع عن الشعب الفلسطيني”.
ودعت “حماس” المجتمع الدولي للتحرك العاجل لوقف هذه الجريمة التي تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين العزل.
الاتحاد الأوروبي: أوامر “إسرائيل” بإجلاء المدنيين في رفح غير مقبولة
في المقابل، أكد مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عبر منصة إكس أن “أوامر “إسرائيل” بإجلاء المدنيين في رفح تنذر بالأسوأ، وهي أمر غير مقبول”. وقال بوريل إنه “يجب على “إسرائيل” التخلي عن الهجوم البري وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2728″، مشيراً إلى أنه “يجب على الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع المجتمع الدولي التحرك لمنع مثل هذا السيناريو”.
وفي السياق، جددت وزارة الخارجية الفرنسية معارضتها هجوم العدو على مدينة رفح، كما جددت دعوتها إلى “إطلاق سراح المحتجزين ووقف دائم لإطلاق النار”. وأكدت الوزارة أن أي تهجير قسري للمدنيين يمثل جريمة حرب.
من جهتها، قالت بيترا دي سوتر نائبة رئيس وزراء بلجيكا إن “الأوامر الإسرائيلية لإخلاء المواطنين والنازحين من رفح والإعلان عن الاجتياح سيؤدي إلى مجزرة”.
بدورها، قالت وزيرة التعاون والتنمية البلجيكية كارولين غينّيز إن “انتهاكات “إسرائيل” للقانون الدولي تتطلب ردا قويا”، مؤكدة العمل على فرض عقوبات أوروبية اقتصادية على تل أبيب.
أونروا: لن نشارك بالإجلاء القسري لسكان رفح
كما أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أنها “لن تشارك في الإجلاء القسري للسكان في رفح أو في أي مكان آخر في قطاع غزة”. وقالت الوكالة إن “الحياة في رفح محفوفة بالمخاطر، والظروف المعيشية رهيبة بالفعل، ويمكن أن تتفاقم أكثر”.
وأضافت أن “التهديد الذي يلوح في الأفق بالنزوح الإضافي قد يدفع المجتمع إلى تجاوز نقطة الانهيار، مما يزيد المخاطر على مئات الآلاف من الناس”.
المصدر: موقع المنار