يشتعل مجدداً الجدال في الصحف الإسرائيلية بشأن أيهما أولى “تحرير الأسرى” أم “اجتياح رفح”، في حين تتصاعد التصريحات الصادرة عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حول القيام بعدوان وهجوم بري على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، على اعتبار أن هذه العملية، إن وقعت، فإنها تضمن النصر لفريق نتنياهو السياسي والديني والعسكري.
غير أن جملة من المعطيات تشير إلى ان هذه العملية، إن وقعت، فإنها لن تكون مختلفة عن معارك باقي القطاع من شماله إلى جنوبه، خصوصاً وأن المقاومة قد أعدت العدة لها، حماية للمدنيين ودفاعاً عنهم، بالإضافة إلى تكبيد العدو خسائر إضافية بالعتاد والأرواح.
وأجرى موقع المنار الالكتروني استطلاعاً للرأي على موقعه الرسمي ومنصاته الإجتماعية شارك فيه (3506) مستطلعاً، وكان السؤال الأساسي الذي امتد لنحو أسبوع من الوقت: “هل تعتقد بأن الهجوم الصهيوني على رفح: ورقة ضغط للتفاوض، وشيك، أم بروبغندا فارغة.” وجاءت النتائج على الشكل التالي:
وفي هذا السياق، يؤكد ممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبد الهادي، بأن تصريحات نتيناهو تاتي في إطار اليأس، وانعدام الخيارات لديه، خصوصاً وأنه أخفق في تحقيق أي من الأهداف المعلنة للعدوان، بدءاً من القضاء على حركة حماس (فاذا به يفاوضها في القاهرة)، أو من خلال استعادة الأسرى (ما تم استعادته هو بالتفاوض مع المقاومة)، أو حتى بالسيطرة العسكرية على القطاع (جيش الاحتلال خرج من معظم مدن غزة من دون تحقيق أي هدف).
وبحسب عبدالهادي، فإن كيان العدو ورئيس حكومته وفريقه المتطرف، لا يؤمن لهم جانب، وبالتالي، فإن نتنياهو يريد من عملية رفح إطالة أمد العدوان كي لا يذهب إلى التحقيق حول اخفاقاته، وبالتالي يتم القضاء على مستقبله السياسي.
وأشار عبدالهادي إلى أن تصريحات نتنياهو تندرج أيضاً في إطار الضغط على قيادة المقاومة لدفعها للتنازل عن شروطها في المفاوضات، كما أنه يضغط على الحاضنة الشعبية الصهيونية، بأن يجعلها في حالة قلق.
وأوضح ممثل حماس أن الأمريكي والعدو الصهيوني يريدون وقفاً مؤقتاً للعدوان، وأن ياخذوا ورقة الأسرى من المقاومة وبعد ذلك يستأنفون العدوان، مؤكداً أن المقاومة وضعت 4 شروط:
1- وقف كامل للعدوان
2- انسحاب كامل للعدو من غزة
3- عودة النازحين
4- إزالة آثار العدوان
كيف يحضّر العدو لإخلاء رفح؟
وفي هذه الأثناء، تواصل قوات الاحتلال، وبالتنسيق مع القيادة الوسطى في الجيش الأميركي والمخابرات المصرية، العمل على خطة «إخلاء النازحين» من منطقة رفح. وبحسب جريدة الأخبار اللبنانية، فإن المداولات أفضت حتى الآن إلى الآتي:
أولاً: إنذار مصري بوجود حقول ألغام على طول الشريط الحدودي مع غزة، وأن كتائب المقاومة نصبت أشراكاً متفجّرة في كل الطرقات المؤدية إلى المنطقة المستهدفة، علماً أن المعطيات تشير إلى أن الهجوم سينطلق من موقع صوفا ومعبر كرم أبو سالم.
ثانياً: سألت المخابرات المصرية قيادة «حماس» عمّا إذا كانت كتائب القسام في صدد تفجير العوائق الحدودية بقصد دفع النازحين للدخول إلى سيناء. كما ظهر إرباك عند القيادة العسكرية المصرية، حيث تقرّر تعزيز الإجراءات لمنع عبور الناس إلى سيناء، ولكنّ مصر تخشى أن تدبّ الفوضى وأن يحصل صدام مع العسكريين المصريين. وقال الوسطاء إن القاهرة لا تتحمّل ظهور صور لجنود مصريين وهم يطلقون النار على النازحين الفلسطينيين.
ثالثاً: طلبت واشنطن إطلاق عملية «إخلاء آمنة» لنحو 800 ألف نازح من المنطقة، وضمان انتقالهم إلى مخيمات وافقت مصر على المساعدة في بنائها، وتقع في المنطقة الممتدة من المواصي جنوباً حتى دير البلح وبعض الأراضي الزراعية غرب خان يونس والوسط.
رابعاً: أعدّت قوات الاحتلال خطة لرمي منشورات وبثّ رسائل صوتية إلى هواتف كل المتواجدين في المنطقة، لتحديد طرق السير نحو المخيمات الجديدة، حيث تمّ توفير أربعين ألف خيمة (طلبتها إسرائيل من الصين ودفعت دولة الإمارات ثمنها) على أن تتسع كل خيمة لعشرين فرداً على الأقل.
خامساً: رصدت المقاومة حركة لقوات الاحتلال في أكثر من منطقة عسكرية، يتم فيها حشد كبير لقوات مقاتلة باتجاه غلاف غزة من عدة جهات، ولا سيما المناطق المتاخمة لمحور منطقة رفح. وتم نقل نحو ألف مؤلّلة من دبابات وناقلات جند إلى تلك المنطقة، كما تمت إعادة نقل قوات من المناطق الوسطى والشمالية إلى تلك المنطقة.
حمدان للمنار: هناك جهد ميداني للمقاومة اذا ما قرر العدو الدخول الى رفح
وبدوره، أكد القيادي في حماس أسامة حمدان، أن العدو يحاول ابتزاز الجميع بمعركة رفح وإذا قام بالعملية سيتم وقف التفاوض، فالمقاومة “لا تتفاوض تحت النار.”
وشدد حمدان في مقابلة مع قناة المنار ضمن تغطية طوفان الأقصى أن “هناك جهد ميداني للمقاومة اذا ما قرر العدو الدخول الى رفح”، وأكد: “قلنا بوضوح أن ورقة التفاوض الحالية موقفنا منها سلبي”. ولفت حمدان إلى أن “الجيش الإسرائيلي لم يعد مقنعاً لأحد رغم الدعم الأميركي”.
عاموس غلعاد: اجتياح رفح لا يضمن إعادة الرهائن الإسرائيليين
وبالتزامن، شكك الجنرال الإسرائيلي المتقاعد والرئيس السابق للدائرة السياسية – الأمنية في وزارة الحرب، عاموس غلعاد، في إمكانية أن تستعيد حكومة الاحتلال الرهائن من خلال اجتياح لرفح. وأشار في مقابلة أجرتها معه إذاعة 103FM الخميس، إلى عدم وجود إستراتيجية واضحة لدى الكيان.
وقال غلعاد، الخبير في الحلبة الفلسطينية كضابط مخابرات ويرأس “المعهد للسياسة والإستراتيجية” في جامعة رايخمان، إنه “إذا دخلنا إلى رفح، فإن هذا لا يضمن إحضار المخطوفين. لا ضمان لحدوث ذلك، وهذه ليست إستراتيجية، ولا يوجد إستراتيجية. وحقيقة هي أنه بعد ستة أشهر لا يزال السنوار موجود، وحتى أنه يضع شروطا ونحن ننتظر ردّه، وهذا نتيجة غياب الإستراتيجية”.
وأشار إلى أنه “إذا دخلنا إلى رفح من دون تنسيق مع المصريين والأميركيين، فإنك لن تضع حلاً للشمال (أي مقابل حزب الله)، وستكون هناك حرباً متواصلة وبضمن ذلك توسيعها إلى كافة أنحاء إسرائيل وسنخسر الحلف الإستراتيجي وتوسيع السلام والقدرة على مواجهة التهديد المركزي (إيران) وهو أكبر بكثير من السنوار، فهو ليس القوة المركزية في الشرق الأوسط”.
نتنياهو يهدد بعملية رفح منذ شباط الماضي
وقبل أيام، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن كيانه بدأ بالفعل عملية إجلاء السكان من مدينة رفح استعداداً للعملية البرية المرتقبة. وقال نتنياهو: “إسرائيل لن تستسلم لحركة حماس، ويطالبوننا بوقف الحرب لكن هذا غير وارد قبل القضاء على كتائب حماس الأربعة في رفح”.
ومع الإعلان الرسمي عن بدء إخلاء رفح من سكانها، كشفت هيئة البث الإسرائيلية الثلاثاء أن العملية البرية على رفح جنوب قطاع غزة “ستبدأ قريباً في حال فشلت المفاوضات”.
وأضافت الهيئة “سبق وقرر نتنياهو مرتين تأجيل العملية العسكرية في رفح بسبب الضغوط الدولية وجهود الوسطاء للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين”، وأشارت إلى أنه “إذا كانت الظروف مهيأة لصفقة جديدة للإفراج عن الأسرى، فمن غير المتوقع أن تؤتي العملية ثمارها في المستقبل القريب”.
ومنذ شباط الماضي ونتنياهو يهدد بشن هجوم على مدينة رفح، ما أثار خلافات بينه وبين القادة العسكريين. ويشكك الخبراء والمحللون الصهاينة، بأن “نتنياهو غير قادر على إتمام العمل العسكري المرفق بعمل سياسي، وهو قادر فقط على مواصلة الكلام مثل ترديد عبارة أنا أعطيت التعليمات وأعطيت الأوامر لتحقيق النصر المطلق”.
وفيما يري معلقون أن إعلان نتنياهو عن أن تحقيق “النصر المطلق” بات في متناول اليد، فإنه يخدمه سياسياً فقط، كما قال رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إيهود باراك في شباط الماضي إنّه “من الهذيان الاعتقاد بأن من جلب الفشل التام قادر الآن على تحقيق النصر الكامل”.
المصدر: موقع المنار