عقب تحقيقها الأهداف المتوخاة من الهجوم التاريخي على أهداف عسكرية عديدة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي جاء رداً على الجريمة الصهيونية قبل أسابيع على قنصليتها في العاصمة السورية دمشق، كشفت الجمهورية الإسلامية الايرانية بعض تفاصيل الهجوم على لسان بعض مسؤوليها، معلنة ايضاً أنه في حال قيام العدو بأي رد فعل أو اعتداء جديد فإن العواقب ستكون أكثر خطورة وايلاماً. وهنا تجدر الإشارة إلى إعلان صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن تكلفة الاعتراضات الجوية في سماء الكيان الليلة الماضية تجاوزت مليار دولار.
السيد رئيسي: أي مغامرة جديدة ستقابل برد فعل أثقل
وفي التفاصيل، فقد أعلن الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي أن القوات الإيرانية “لقنت العدو الصهيوني درساً”، مؤكداً أن “أي مغامرة جديدة ستقابل برد فعل أثقل”.
ووصف السيد رئيسي الإجراء الإيراني “بالذكي والمدروس”، موضحاً أن “العمليات المركبة ليلة أمس تحمل رسالة قوة واقتدار للأمة الإسلامية ورسالة خوف ومذلة لأعداء البشرية”.
وتابع الرئيس الايراني أن “إيران استخدمت في الأشهر الماضية كل الإمكانات الإقليمية والدولية لتحذير المجتمع الدولي من خطر عدم فاعلية مجلس الأمن”، مشيراً إلى أن “الكيان الصهيوني هو من يهدد الأمن الدولي والاستقرار في المنطقة عبر انتهاكاته المستمرة وجرائمه الوحشية منذ 6 أشهر في غزة”.
اللواء باقري: العملية كانت بمثابة عقاب… وردنا على أي عمل سيكون أكبر بكثير
قال رئيس الاركان العامة للقوات المسلحة الايرانية اللواء محمد باقري أن “العملية التي قامت بها إيران كانت بمثابة عقاب، ورد إيران على أي عمل سيكون أكبر بكثير”. وقال اللواء باقري إن “هذه العملية تعود إلی تجاوز الکیان الصهيوني لخطوطنا الحمراء، وهو أمر لا يطاق بالنسبة لنا ولا یروق لنا بأي شكل من الأشكال”.
وتابع أنه “إذا نفذ الکیان الصهيوني عملية أخرى، فإن ردنا سيكون أكثر شمولا ولقد حاولنا أن تقتصر عملياتنا على العقاب فقط، ولم يتم استهداف التجمعات السكانية ونحن بالتأكيد على استعداد للدفاع عن أرضنا”.
وأكد اللواء باقري أن “قواتنا المسلحة في كامل الاستعداد ونأمل أن تكون هذه العملية مقدمة لانتصار الشعب الفلسطيني المظلوم”. وأشار إلى إمكانية التحرك الأمريكي ردا على عملية صباح اليوم، قائلاً “أعلنا هذه الرسالة عبر السفارة السويسرية ومفادها أنه إذا تعاونت أمريكا مع الکیان الصهيوني من خلال قواعدها العسكرية، فإن قواعدها لن تكون آمنة”.
اللواء سلامي: تم تنفيذ عملية محدودة توازي العدوان الذي ارتكبه الكيان الصهيوني
من جهته، صرّح القائد العام للحرس الثوري الايراني اللواء حسين سلامي أنه “يجب على الكيان الصهيوني أن يعيد حساباته”، موضحاً أنه “إذا قام بأي رد فعل فمن المؤكد أن رد ايران سيكون اصعب بكثير بناءً على هذه التجربة الجديدة التي اكتسبناها من قدراته”.
وعن تفاصيل العملية العسكرية التي قامت بها ايران، صرح اللواء سلامي أن “الأهداف كانت دقيقة للغاية وتم تنفيذ عملية محدودة توازي العدوان الذي ارتكبه الكيان الصهيوني”، مشيراً إلى أنه “كان من الممكن أن تكون هذه العملية عملية واسعة النطاق، لكنه تم حصر نطاق العملية في ذلك الجزء من القدرات التي استخدمها الكيان الصهيوني لمهاجمة قنصلية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق واستشهاد قادة من الحرس الثوري الايراني”.
واستطرد مؤكداً أن العملية “كانت أكثر نجاحا مما كان متوقعا”، موضحا أن “المعلومات المتوفرة لدى الحرس الثوري عن جميع الضربات المنفذة ليست كاملة حتى هذه اللحظة، إلا أن هناك تقارير دقيقة وموثوقة وميدانية”. وتابع القائد العام للحرس الثوري الايراني بأن “من يسكن في الأراضي الفلسطينية المحتلة والسلطات الصهيونية وجيش كيان الاحتلال الصهيوني الإرهابي والولايات المتحدة قد أدركوا وفهموا الآثار المدمرة لهذه الضربات أفضل منا”.
المعادلة الجديدة: الكيان الصهيوني يهاجم ويتلقى الرد من إيران
وأشار اللواء سلامي الى أن “هذه العملية قد ادّت الى انشاء معادلة جديدة مفادها بأنه من الآن فصاعداً اذا قام الكيان بمهاجمة مصالح ايران وممتلكاتها وقاداتها ومواطنيها في أي وقت، سيواجه هذا الكيان برد مضاد من الجمهورية الاسلامية الايرانية”، لافتا الى ان عملية “الوعد الصادق” “هي مثال بارز وواضح جدا على هذه المعادلة الجديدة”.
وافاد اللواء سلامي بأن “الشيء المهم هو ان هذه المعركة كانت مجهولة وغامضة الى حد ما وفتحت فصلا جديدا من المواجهة بحيث استطاعت المسيرات والصواريخ الباليستية الايرانية خرق المنظومات الدفاعية للعدو الصهيوني من “القبة الحديدية” وصولاً الى “مقلاع داوود” و أنظمة “آرو””.
واضاف أنه “علاوة على التنسيق والمساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني في الأيام الأخيرة في مجال الدفاع الجوي، فإنه لم يستطع مواجهة المسيرات والصواريخ الباليستية الايرانية”.
كما أكد اللواء سلامي أن الكيان الصهيوني قد “أنشأ نظاماً دفاعياً عميقاً ومتعدد الطبقات بدعم من الولايات المتحدة من المجال الجوي العراقي الى المجال الجوي الأردني وحتى أجزاء من سوريا وفلسطين المحتلة”.
وفي هذا السياق، اوضح بأن “هذا النظام الدفاعي العميق يتضمن طائرات مختلفة ومتطورة للغاية منها طائرات أف-15 ، أف-16 ،و اف-35 ، بالاضافة الى طائرات غولف ستريم( Gulfstream) وحتى طائرات التزود بالوقود التي أعطت رحلة مستمرة لطيور العدو الحربية في المجال الجوي،وجميعها كانت تفترض مستوى متواصل ومتكامل للدفاع الجوي الكثيف والمتعدد الطبقات في الفضاء منذ لحظة دخول الطيور اجواء العراق الجوية وحتى منتصف الأردن ، ونفذ الكيان الصهيوني عمليات الدفاع الجوي بنفسه من غرب دولة الأردن الى الأهداف العميقة في الكيان الصهيوني”.
“الوعد الصادق” تطلبت دقة وعبقرية عالية للغاية
وتابع اللواء سلامي أن “القدرات المشتركة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني في مجال الحرب الإلكترونية يمكن أن يكون لها تأثيرات حاسمة على الأدوات المستخدمة في ساحة المعركة، لذلك تطلبت هذه العملية عبقرية في التصميم التكتيكي، أي تم استخدام تصميمات مبتكرة وذكية وغير معروفة للعدو وأدوات قادرة على تحييد العدو في مجال الحرب الإلكترونية أو التصرف بطريقة تجعل أنظمة العدو غير فعالة”.
وافاد بأنه “تم ترتيب وتسلسل هذه العملية بطريقة لا يمكن قولها الآن بحيث تمكنت العشرات من الطائرات والسفن البحرية والصواريخ الباليستية من اختراق الطبقات العميقة للدفاع الجوي المطمئن للكيان الصهيوني والتأثير على التحالف الجوي بين أمريكا وفرنسا والكيان الصهيوني وجعله أقل كفاءة لتكون قادرة على استهداف الأهداف المطلوبة بدقة في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة التي يستخدمها الكيان الصهيوني”.
هتافات النصر في مجلس الشورى الايراني
وأعلن نواب مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، اليوم الأحد، دعمهم لعملية حرس الثورة الإسلاميّة ضد كيان الإحتلال الإسرائيلي. وخلال اجتماع المجلس، أكّد النواب دعمهم للهجوم الصاروخي وصدحوا بشعارات “الموت لإسرائيل” و”الحرس الثوري شكرًا شكرًا”.
وقال رئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد باقر قاليباف، إنّ “الصفعة التي وجهها الشعب الإيراني للعدو الصهيوني كانت قوية وردًا من قبل المدافعين عن الشعب الإيرانية أسعد قلب كل إيراني”.
واعتبر قاليباف أنّ “العمل العسكري الذي قامت به إيران ردًا على العدوان الصهيوني يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة، وإذا اتخذ الكيان الصهيوني أي إجراء، فإن الرد الإيراني المخطط له سيكون أكثر شدة”.
الخارجية الايرانية: طهران لن تتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات الدفاعية لحماية مصالحها المشروعة
إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم أن “طهران لن تتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات الدفاعية لحماية مصالحها المشروعة، في مواجهة أي عدوان عسكري”.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان لها إن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إذ تؤكد من جديد التزامها بمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، تؤكد تصميمها على الدفاع بشكل حاسم عن سيادتها وسلامتها الإقليمية ومصالحها الوطنية ضد أي استخدام غير قانوني للقوة أو العدوان”.
وتابع البيان أن “لجوء إيران إلى التدابير الدفاعية في ممارسة حق الدفاع عن النفس يظهر النهج المسؤول الذي تتبعه طهران تجاه السلام والأمن الإقليميين والدوليين في وقت تشهد فيه الأعمال غير القانونية والإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وتكرار الكيان الصهيوني العدوان العسكري ضد بلدان الجوار ونشر زعزعة الاستقرار في المنطقة وخارجها”.
استدعاء سفراء
يأتي ذلك في وقت استدعت فيه الخارجية سفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشأن مواقف دولهم إزاء رد الحرس الثوري على كيان الاحتلال. وقالت الخارجية “أبلغنا سفراء الدول الأوروبية بأن عملية الحرس الثوري تمت في إطار حقنا في الدفاع عن النفس”، مضيفة “أبلغنا سفراء فرنسا وبريطانيا وألمانيا بأننا ملتزمون بالقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة”.
وتابعت “نستنكر المواقف المزدوجة للندن وباريس وبرلين من هجوم “إسرائيل” على بعثتنا وردنا المشروع عليه”، مشيرة إلى أنه “أبلغنا سفراء الدول الأوروبية بأننا نتفادى دائما تشديد النزاع والتوتر عبر السبل المتاحة”.
احتفالات تعمّ الشارع الايراني
وخرجت مسيرات جماهيرية وشعبية عفوية في عدد من المحافظات الإيرانية، صباح اليوم، تأييدًا لعملية “وعده صادق”. وحمل المشاركون الأعلام الفلسطينية والأعلام الإيرانية وأعلام حزب الله، فيما صدحت أصواتهم بهتافات التلبية للمقاومة والحرس الثوري ونداءات “الموت لأمريكا” و”الموت لإسرائيل”.
وشهدت العاصمة الايرانية طهران، احتفالات شعبية حاشدة. أهالي العاصمة، تجمّعوا في شوارع طهران، حاملين الاعلام الايرانية والفلسطينية ورايات المقاومة، تعبيراً عن دعمهم للرد على جريمة استهداف قنصلية بلادهم في دمشق.
بالتزامن، حرجت مسيرات سيّارة ، عبّرت عن دعمها للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، وتأييدها لخطوات حرس الثورة الاسلامي بوجه الأعداء.
سفير إيران الدائم لدى الأمم المتحدة: العمل العسكري الذي نفذته ايران دفاع عن النفس، وهو ما نصت عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة
هذا وأعلن سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني في رسالة إلى مجلس الأمن مساء السبت أنه “لو قام الكيان الإسرائيلي بأي عدوان عسكري جديد، فإن رد إيران سيكون بالتأكيد أقوى وأكثر حزما”.
وكتب أمير سعيد إيرواني رسالة إلى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك السيدة فانيسا فريزر، السفيرة والممثلة الدائمة لمالطا، التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في الشهر الحالي، قائلاً إن “العمل العسكري الذي نفذته الجمهورية الإسلامية الإيرانية جاء في اطار الدفاع عن النفس، وهو ما نصت عليه بوضوح المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة”.
وقال كبير دبلوماسيي الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الأمم المتحدة “للأسف، فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في القيام بواجباته في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين وسمح للكيان الإسرائيلي بانتهاك الخطوط الحمراء والمبادئ الأساسية للقانون الدولي. وقد أدت هذه الانتهاكات إلى تصعيد التوترات في المنطقة وتهديد السلام والأمن الإقليميين والدوليين”.
وتابع أن “جمهورية إيران الإسلامية، باعتبارها أحد الأعضاء المسؤولين في الأمم المتحدة، ملتزمة بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وتؤكد موقفها الثابت بأنها لا تسعى إلى تصعيد التوترات أو الصراعات في المنطقة”. ودعا ايرواني لتسجيل هذه الرسالة وتوزيعها كوثيقة من وثائق مجلس الأمن.
يأتي ذلك في وقت يجتمع فيه مجلس الأمن الدولي اليوم بناء على طلب قدمه مندوب كيان الاحتلال لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان عبر رسالة وجهها أمس إلى رئيس المجلس.
وشنّت الجمهورية الإسلامية الإيرانية هجوماً بمئات الطائرات المسيّرة والصواريخ على كيان الاحتلال رداً على قصف قنصليتها في دمشق واستشهاد 7 من قادة الحرس الثوري. وسُمع دويّ انفجارات في أجواء القدس، وفي مناطق وسط البلاد، وكذلك جنوبي البلاد في منطقة النقب الغربي والجنوبي والأوسط، خصوصاً في محيط منطقة ديمونا، وكذلك في منطقة إيلات.
المصدر: موقع المنار