تعليقاً على إشكالية ملف تفرّغ اساتذة الجامعة اللبنانية بسبب التوازن الطائفي أشار الخبير الدستوريّ الدكتور جهاد اسماعيل إلى أن “اساتذة الجامعة اللبنانية، وفق المادة ٣٥ من قانون تنظيم الجامعة اللبنانية، هم خاضعون لنظام الموظفين وللأحكام الخاصة الواردة في قانون تنظيم الجامعة، وهذه الإزدواجية في الخضوع تجري ترجمتها في شمول طرق ومفاعيل التفرّغ أو التعيين إلى نظام الموظفين، وفي إنتماء الأساتذة، في آنِ، إلى نظام خاص في شأن شروط التعيين في الوظيفة العامة، حيث تؤول إلى خروج الأساتذة عن الفئات الوظيفية الملحوظة في نظام الموظفين تبعاً لإختلاف شروط تعيين الموظفين في الإدارات العامة بمختلف الفئات عن تلك المطلوبة في تعيين اساتذة الجامعة اللبنانية، بدليل أن المادة ١٠ من قانون رقم ٤٤/٢٠١٧ والمادة ٢٢ من قانون رقم ٦٦٥/١٩٩٧ قد استثنيا أساتذة الجامعة اللبنانية من واجب الاستقالة فور الترشح للانتخابات النيابية أو البلدية، ما يعني أن شرط التوازن الطائفي في وظائف الفئة الأولى لا يسري على اساتذة الجامعة اللبنانية، لكونهم صُنفوا ضمن هيكلية خاصة: اساتذة، اساتذة مساعدين، اساتذة معيدين، انسجاماً مع مبدأ ذي قيمة دستورية معمول به في فرنسا وهو مبدأ استقلالية اساتذة التعليم الجامعي أو العالي”
وفي حديثٍ لموقع “المنار” قال اسماعيل” إنّ نصّ المادة ٩٥ دعا إلى الغاء التمثيل الطائفي، واعتماد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات الأمنية والعسكرية والمؤسسات العامة وفقا لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الأولى، وهو نصٌ يعني أن الوفاق الوطني قد قضى في إخراج الوظيفة العامة، باستثناء الفئة الأولى، عن الطائفية، وأنشد، استطراداً، الاختصاص والكفاءة وفق ما تؤكده المادة ١٢ من الدستور لجهة حظر التمييز بين لبناني وآخر الا من حيث الجدارة والاستحقاق، وإلا لما كانت المادة نفسها قد استثنت وظائف الفئة الأولى من التوازن الطائفي الّذي جاء به الوفاق الوطني حيث أدى إلى إعمال معيار الكفاءة ضمن القاعدة العامة في المادة ١٢ من الدستور، واستثنى، في الوقت نفسه، وظائف الفئة الأولى من هذه القاعدة بما لا يقوّض الاختصاص والكفاءة”
وحول ما إذا كان ملف التفرّغ المطروح يخالف مبدأ الميثاقية لفت اسماعيل إلى أنه “الفقرة “ي” من مقدمة الدستور تنصّ على أن “لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”، وهو نصّ يمنع السلطات من العبث بحقوق الطوائف الّتي كفلتها قواعد النظام الدستوري في لبنان، وتحديداً الأعراف والمواد الدستوريّة ولا سيما منها: احترام نظام الأحوال الشخصيّة والمصالح الدينية (المادة 9)، حق إنشاء المدارس الخاصة للطوائف (المادة 10)، استحداث مجلس شيوخ عند انتخاب مجلس نيابي وطني لا طائفي (المادة 22)، المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في مجلس النواب (المادة 24)، تمثيل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الحكومة ومراعاة التوازن الطائفي في وظائف الفئة الأولى خلال المرحلة الانتقاليّة (المادة 95)، التوزيع الطائفي للرؤساء الثلاثة (عرف دستوري مكمّل)، ما يعني أن كلّ محاولة تهدف إلى انتهاك الحقوق السالف ذكرها هي، في النتيجة، تعدٍ على قواعد الميثاقيّة، لكنّ وبما أن تفريغ اساتذة الجامعة اللبنانية لا يعتبر انتهاكا لأيّ حق من حقوق الطوائف، فليس معقولا القول بأنه يخالف الميثاقية!”
المصدر: بريد الموقع