يخضع تاريخ تفشي مرض الجدري في العالم للمراجعة، بعد دراسة حديثة وجدت أن فكرة تاريخ إصابة البشر الأوائل بهذا المرض محل شك حاليا.
ويقول علماء بأن المرض الفتاك ظهر منذ مئات السنين وليس قبل آلاف السنين كما كان يعتقد في وقت سابق، وأدت عينات فيروسية من الحمض النووي (دي إن اي)، مأخوذة من بقايا مومياء طفل عاش في القرن السابع عشر وقت انتشار المرض، إلى التشكيك في السجل التاريخي لهذا المرض.
وكان يُعتقد في السابق أن تاريخ الجدري يعود إلى ألف عام، واعتمد تشخيص المرض في الماضي على علامات جسدية تظهر على جسم المريض، مثل ظهور طفح جلدي وبثور، والتي كان من الممكن أن تكون ناتجة عن الإصابة بأمراض أخرى.
وعن هذه الفكرة تحدث إدوارد هولمز، من جامعة سيدني الأسترالية لبي بي سي نيوز عن التمكن من ترتيب الجينوم الكامل للفيروس المتسبب في مرض الجدري، الذي يسمى فيروس فاريولا variola virus”، وأكد على أن هذا أقدم فيروس بشري نجح العلماء في ترتيبه وإنشاء التسلسل الخاص به.
وحصل العلماء على تصريح بدراسة عينات من مسببات المرض، مأخوذة من طفل مدفون في سرداب كنيسة بمدينة فلنيوس، في ليتوانيا، وأظهر فحص المومياء بالكربون المشع أن هذا الطفل عاش في حوالي 1650 بعد الميلاد، وهي الفترة التي تفشى فيها مرض الجدري في أوروبا.
وقال الدكتور هولمز “منحتنا هذه المومياء القدرة على فحص تسلسل المرض بدقة، إنها حفرية فعالة”، وأضاف “دلتنا هذه الحفرية على حقيقة أن التاريخ التطوري (للمرض) أكثر حداثة مما كنا نعتقد في السابق، إنها في الواقع مئات السنين فقط وليس آلاف السنين”.
لكن مع هذا فإنه من غير الممكن تحديد منشأ مرض الجدري ومن أين جاء، وما هي أصول هذا الفيروس، وأين ظهر للمرة الأولى في العالم، بحسب الطبيب الأسترالي.
ويظل هذا المرض هو الوحيد الذي نجح البشر في القضاء عليه تماما من خلال اللقاحات.
وقال جوناثان بال، من جامعة نوتنغهام عن الدراسة التي لم يشارك بها إنها “أظهرت بشكل قاطع أن تفشي الجدري في البشر بدأ من نفس الفيروسات الموجود لدينا عينات منها، وتتشارك في نفس الأصل الذي ربما يعود إلى أواخر القرن السادس عشر ومنتصف القرن السابع عشر”، لكنه أشار إلى أن هناك سؤالا حول تفشي المرض قبل هذه الفترة، وما إذا كان قد حدث من خلال سلالات لم تظهر مرة أخرى.
وأوضح أن الوصول إلى عينات أقدم وتحليلها سوف يجيب فقط عن هذا التساؤل، لكن من الصعب الوصول إلى هذه العينات والعمل عليها، مما يشير إلى أننا قد لا نعرف أبدا متى نشأ المرض”.
المصدر: بي بي سي