أكد وزير الخارجية الصيني وانج يي، الخميس، أن العدوان الصهيوني على غزة “وصمة عار على الحضارة”، بينما انتقد موقف الاتحاد الأوروبي من بلاده، ووجه اتهامات متكررة إلى الولايات المتحدة، فيما أشاد بالعلاقات مع روسيا، مؤكداً أن الصين “ستظل قوة عالمية للسلام والاستقرار”.
وقال وانج يي خلال مؤتمر صحافي على هامش الدورة الثانية للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني (البرلمان) في بكين، استعرض خلاله استراتيجية بكين ورؤيتها بشأن السياسة الخارجية وعلاقاتها الدولية، إنه “في مواجهة الاضطرابات المعقدة في البيئة الدولية، ستستمر الصين في كونها قوة للسلام وقوة للاستقرار وأيضاً قوة للتقدم في العالم”.
وأشار إلى أن “المشهد العالمي يشهد حالياً تغيرات عميقة، فيما يواجه المجتمع البشري تحديات متعددة”، مؤكداً أن الصين “ستقف بحزم على الجانب الصحيح من التاريخ وعلى جانب تقدم البشرية”، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”.
ولفت وزير الخارجية الصيني، إلى أنه “مع تكريس الصين نفسها للسلام والتنمية والتعاون والمنفعة المتبادلة، فإنها ستواصل بذل جهود حثيثة لحماية السلام والتنمية العالميين، في الوقت الذي تمضي فيه قدماً على درب تنميتها الذاتية، وستقدم مساهمات أكبر للسلام والتنمية العالميين من خلال تنميتها الذاتية”.
ومضى قائلاً: “نحن نعارض بحزم جميع أعمال الهيمنة والتنمر، وسندعم بقوة السيادة الوطنية والأمن فضلاً عن مصالح التنمية”، وسنواصل العمل مع المجتمع الدولي “لاستعادة السلام وحماية الأرواح”.
وتطرّق الوزير الصيني إلى الحرب على غزة، واصفاً إياها بأنها “وصمة عار على الحضارة”، مكرراً دعوات بكين إلى “وقف فوري لإطلاق النار”. وقال وانج يي، للصحافيين “إنها مأساة للبشرية ووصمة عار على الحضارة، حيث اليوم، في القرن الحادي والعشرين، هذه الكارثة الإنسانية لا يمكن وقفها”.
وشدد على أنه “لا يمكن التذرع بأي سبب لقتل المدنيين”، فيما طالب بإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين. وتدعو بكين إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، منذ بدء الحرب الجارية على القطاع في 7 أكتوبر الماضي.
وقال وانج يي: “لا يوجد سبب يمكن أن يبرر استمرار النزاع”، مضيفاً: “يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل عاجل، ويجعل من التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار ووقف الأعمال العدائية، أولوية قصوى”.
وأضاف: “ندعو الفلسطينيين وإسرائيل إلى استئناف محادثات السلام في أقرب وقت ممكن”، داعياً إلى عقد “مؤتمر سلام أوسع وأكثر موثوقية”، فيما أكد أن بكين تدعم “العضوية الكاملة” لـ”دولة فلسطين” في الأمم المتحدة.
وشدد على أن “ضمان الإغاثة الإنسانية هو مسؤولية أخلاقية عاجلة”، لافتاً إلى أن “الكارثة في غزة، ذكّرت العالم مرة أخرى بحقيقة أنه لم يعد بالإمكان تجاهل أن الأراضي الفلسطينية محتلة منذ فترة طويلة”.
ومضى قائلاً: “رغبة الشعب الفلسطيني التي طال انتظارها في إقامة دولة مستقلة لم يعد من الممكن تفاديها، كما أن الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يستمر لأجيال دون تصحيحه”.
والصين تاريخياً متعاطفة مع القضية الفلسطينية، وداعمة لحل الدولتين، وكان الرئيس الصيني شي جين بينج دعا إلى عقد “مؤتمر دولي للسلام” لحل النزاع.
وكرر وزير الخارجية الصيني اتهامات بلاده للولايات المتحدة، معتبراً أنها تلقي باللائمة على الصين “تحت أي ذريعة”، وسط توتر العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم. وقال إن “الأساليب المستخدمة لقمع الصين يتم تجديدها باستمرار، وقائمة العقوبات الأحادية يتم توسيعها باستمرار”، مضيفاً: “الرغبة في تكديس اللوم تحت أي ذريعة وصلت إلى مستوى غير معقول”.
واعتبر وزير الخارجية الصيني، أن بكين وموسكو أنشأتا “نموذجاً جديداً” للعلاقات بين القوى العظمى، قائلاً إن “الصين وروسيا وضعتا نموذجاً جديداً للعلاقات بين القوى الكبرى يختلف تماماً عن حقبة الحرب الباردة القديمة”، مشيراً إلى أن العلاقات الثنائية تقوم على “أساس عدم الانحياز وعدم المواجهة وعدم الاستهداف لأطراف ثالثة”.
ورأى وزير الخارجية الصيني، أن موقف الاتحاد الأوروبي من الصين “ليس واقعياً أو قابلاً للتنفيذ” مع تصاعد التوتر بين العملاقين الاقتصاديين بشأن التجارة والتكنولوجيا وقضايا أخرى.
وفي إشارة إلى تحديد الاتحاد الأوروبي لبكين على أنها “شريك ومنافس وخصم مؤسسي”، اعتبر وانج يي، أن “هذا الوضع الثلاثي ليس واقعياً أو قابلاً للتنفيذ، وتسبب في الواقع بتدخلات وعراقيل غير ضرورية أمام تطوير العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي”.
وفيما يتعلق بالنزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، أكد الوزير الصيني، أن بلاده ستدافع عن “حقوقها المشروعة وفق ما يقتضي القانون”، وذلك بعد سلسلة من الحوادث مع الفلبين في الآونة الأخيرة في هذه المنطقة البحرية المتنازع عليها بين دول عدة.
وأضاف: “في ما يتعلق بالنزاعات البحرية، أظهرت الصين على الدوام ضبط نفس كبيراً”، متابعاً “لكن بالتأكيد، لن نسمح لأحد باستغلال نيتنا الطيبة، ولن نقبل التشويه أو الانتهاك المتعمد لقوانين البحار”.
وتطالب الصين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي بأكمله تقريباً، وهو ممر لما قيمته أكثر من 3 تريليونات دولار من التجارة السنوية المنقولة بالسفن، بما في ذلك الأجزاء التي تطالب بها الفلبين وفيتنام وإندونيسيا وماليزيا وبروناي في هذا البحر، الذي قد تحوي بعض مناطقه احتياطات نفطية كبيرة. وقالت محكمة التحكيم الدائمة في عام 2016 إن ادعاءات الصين ليس لها أي أساس قانوني.
ولم يذكر وزير الخارجية الصيني، أي دولة بعينها، لكنه حضّ “بعض الدول الواقعة خارج المنطقة، على عدم إثارة الاضطرابات وعدم الانحياز لطرف، وعلى ألا تصبح مخرّبة أو مثيرة للاضطراب في بحر الصين الجنوبي”.
وتنظر الصين بقلق الى تعزيز الروابط العسكرية بين الولايات المتحدة والفلبين، وتعتبر ذلك بمثابة محاولة لمواجهتها في المنطقة. واتهمت الصين، الأربعاء، الولايات المتحدة باستخدام الفلبين “بيدقاً” في بحر الصين الجنوبي، في حين استدعت مانيلا السفير الصيني لديها للاحتجاج على نشاطات “عدائية” لبكين في البحر.
وفي ما يتعلّق بالتوتر حول تايوان، التي تقول الصين إنها جزء من أراضيها، اعتبر وزير الخارجية الصيني أن نتائج انتخابات تايوان لا يمكن أن تغير الاتجاه التاريخي الذي سيعود بها إلى “الوطن الأم”. وقال الوزير للصحافيين، إن “القوى المؤيدة لاستقلال تايوان، هي أكبر العوامل التي تقوّض السلام والاستقرار في مضيق تايوان”.
وتعتبر الصين تايوان جزءاً من أراضيها، رغم الاعتراضات القوية من الحكومة في تايبيه، التي تقول إن شعب الجزيرة وحده هو الذي يستطيع أن يقرر مستقبله.
والتقى وانج بالصحافيين، الخميس، على هامش أكبر تجمع سياسي سنوي في الصين افتتحته بكين في وقت سابق من الأسبوع الجاري.
ويشكل انعقاد “الدورتين السنويتين” لعام 2024 للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني والمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي بشكل متوازٍ، فرصة نادرة لتلمس استراتيجية الحكومة الصينية التي يقودها الحزب الشيوعي للعام المقبل.
المصدر: مواقع