تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 11-1-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
محاكمة إسرائيل: الإبادة المكتملة
مقترحات قطرية – مصرية جديدة للتسوية: العدو يتخبّط… والمقاومة متمسّكة بوقف النار
بعدما أعلن العدو، رسمياً، انسحاب معظم قواته من شمال قطاع غزة، سُجّلت أمس، اشتباكات بين المقاومين وقوات الاحتلال في بيت حانون وبيت لاهيا، الواقعتين في أقصى شمال القطاع، واللتين تعرّضتا، في المقابل، لقصف إسرائيلي، إضافة إلى جباليا القريبة. كما شهدت المنطقة الواقعة جنوب حي الزيتون، على أطراف المنطقة الوسطى، اشتباكات أيضاً، حيث لا تزال القوات الإسرائيلية موجودة هناك، في إطار حماية عناصرها العاملين في الوسط، ومنع اتصال المقاومين بين الشمال والوسط. كذلك، تستمر العمليات الإسرائيلية في المنطقة الوسطى من القطاع، وتحديداً في مخيّمات البريج والمغازي شرق شارع صلاح الدين، والنصيرات والزوايدة غربيّه. أما في الجنوب، فلا تغيّرات كبرى في الخارطة الميدانية في منطقة خان يونس، حيث تواجه قوات الاحتلال مقاومة شرسة هناك، فضلاً عن كون الجيش الإسرائيلي يعمل في هذه المنطقة بطريقة مختلفة عن تلك التي عمل بها في الشمال، حيث يعتمد جنوباً على المعلومات الاستخبارية، ويبحث عن الأهداف الدسمة، من مثل الأنفاق والأسرى وقادة المقاومة. ولذلك، يعمل بوتيرة نيران أقلّ، وبتخطيط وحذر أكبر. واعترف رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، أمس، بأن «القتال في غزة معقّد، وهناك عدو استعدّ منذ فترة طويلة بشكل منظّم»، مشيراً إلى أن «هذا قتال طويل يشمل العديد من الجبهات ويتضمّن الكثير من التحديات».وإذا كان العدو يريد تحقيق هدفين في وقت واحد: استعادة الأسرى، والقضاء على حركة «حماس»، فإنه يقف أمام «معضلة» عنوانها أن «حماس» لن تسلّم الأسرى، ثم تنتظر «القضاء» عليها، وهذا يُفضي إلى تحوّل كلّ من الهدفين إلى نقيض للآخر تلقائياً، علماً أن «حماس» تصرّ على أن تحقّق وقف إطلاق النار كاملاً، قبل إجراء صفقة تبادل. والكباش بين الجانبين، في الميدان وفي التفاوض، يدور في جوهره حول هذه النقطة بالذات، حيث تحاول الحركة أن تقول للإسرائيلي: استمرار الحرب يعني موت جميع الأسرى، لكنه لا يعني بالضرورة القضاء على المقاومة، بينما يحاول العدو القول إن استمرار الضغط العسكري، يدفع إلى تحرير الأسرى، كلهم أو بعضهم، ويمنح إسرائيل تقدّماً على طريق «القضاء» على «حماس».
في هذا الوقت، عادت الحرارة إلى الخطوط التفاوضية، بعدما شهدت جموداً كبيراً خلال الأسبوعين الفائتين. ومن المعلوم أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كان قد وجّه فريقه الحكومي بممارسة ضغوطات على قطر، لتحريك ملف التفاوض حول الأسرى، قبل أيام، وهو عبّر عن امتعاضه من عدم تقدّم المفاوضات، ومما اعتبره بروداً قطرياً. كذلك، أوصى نتنياهو فريقه، بمنح مصر مساحة أكبر في التفاوض، فيما يستفيد هنا من حالة أشبه بالتسابق بين القطريين والمصريين، حول من يأتي بالصيغة الأفضل للصفقة الممكنة. وبناءً عليه، اتصل المصريون بالفصائل الفلسطينية، قبل يومين، وطلبوا الاجتماع بقياداتها في القاهرة خلال وقت قصير، وأعلموها بوجود مقترح إسرائيلي «معدّل»، في حين طلب الفلسطينيون توضيحات حول التعديلات المزعومة. وبحسب معلومات «الأخبار»، لم تصل هذه التوضيحات بعد، والتي على أساسها سيُتخذ قرار التوجّه إلى القاهرة من عدمه. أما قطرياً، فقد أرسل المسؤولون في الدوحة، إلى تل أبيب، خلال اليومين الماضيين، مقترحاً جديداً أيضاً، وتولّى الإسرائيليون تسريب جزء من فحواه، بينما التزم القطريون الصمت حياله. وبحسب وسائل الإعلام العبرية، فإن المقترح القطري الجديد يتضمّن «إبعاد قادة حركة حماس» الحاليين من قطاع غزة، وتبادلاً للأسرى على أساس «إنساني» في المرحلة الأولى، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل القطاع في المرحلة الأخيرة.
عادت الحرارة إلى الخطوط التفاوضية، بعدما شهدت جموداً كبيراً خلال الأسبوعين الفائتين
في المقابل، نقل الكاتب الإسرائيلي باراك رافيد، في موقع «واللا»، عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم إنه «لا يوجد تغيير كبير في المقترحات المقدّمة من قطر ومصر حول صفقة تبادل جديدة»، وإن «المعضلة الحقيقية التي يجب على حكومة الحرب أن تقرّرها، هي ما إذا كانت إسرائيل مستعدّة لوقف الحرب مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين». وكان رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، تولّى إطلاع أعضاء «كابينت الحرب» على الاقتراحات الجديدة للصفقة، مساء أمس، فيما لم يمضِ وقت طويل، حتى أعلنت قناة «كان» العبرية، أن «هنالك أغلبية مطلقة في مجلس الوزراء الإسرائيلي ضدّ المقترح القطري»، ناقلة عن مصدر في المجلس قوله إن هذا المقترح «مضيعة للوقت». كما تحدّث صحافيون إسرائيليون بنوع من السخرية، عن أنه «من يظنّ أن السنوار أو الضيف، سيوافقان على مقترحات للنّفي خارج غزة، فهو لا يعرف السنوار ولا الضيف ولا حتى يعرف حماس».
ومن بيروت، كان القيادي في حركة «حماس»، أسامة حمدان، يعلن صراحة أن «أسرى العدو لن يعودوا، ما لم يُستجب لشروط المقاومة، وأوّلها وقف العدوان». وأكّد حمدان أن «حكومة الاحتلال تمارس تدليساً بشأن ما يتمّ تداوله عن المبادرات بهدف تهدئة الشارع (الإسرائيلي)»، مضيفاً أنه «لا مبادرات، ما لم يتمّ الحديث عن وقف كامل للحرب». وتطرّق حمدان الى «فكرة نزع سلاح المقاومة»، معتبراً أنها «ساذجة ولا تراعي حقائق الأمور». وأشار، في ردّ واضح على ما تداوله الإعلام الإسرائيلي، إلى أن «الحديث عن خروج المقاومة ومغادرتها (القطاع) مجرّد وهم»، مؤكداً أن «الوضع في غزة أعقد وأفضل مما يظنه الاحتلال».
إلى ذلك، اختُتمت، مساء أمس في مدينة العقبة الأردنية، القمة الثلاثية التي جمعت الملك الأردني عبدالله الثاني، والرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي، والفلسطيني محمود عباس، والتي تعدّ الأولى للمسؤولين الثلاثة منذ بداية العدوان على غزة. وجدّد هؤلاء، خلال القمة، رفضهم لأي خطط إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة. كما أكّدوا رفضهم الفصل بين غزة والضفة، محذّرين من محاولات إعادة احتلال أجزاء من القطاع، أو إقامة مناطق آمنة فيه.
اغتيال الطويل بتفجير عبوة لا بغارة: توقيف عميل قرب منزل بري في بيروت
تستعر الحرب الأمنية بين المقاومة والعدو إلى جانب المواجهة العسكرية، وسط تقدّم سلاح التكنولوجيا إلى جانب العملاء على الأرض. وكان البارز ما كُشف يوم أمس، عن أن اغتيال القائد الجهادي وسام الطويل تمّ بواسطة تفجير عبوة ناسفة زُرعت قرب منزله، ولم يُحسم ما إذا كان تفجير العبوة تمّ من خلال طائرة مُسيّرة أو من خلال جهاز يُفعّل تلقائياً فيها.وكان لافتاً أمس، ما نشرته صحيفة «معاريف» من أن الاغتيال تم بـ«عملية دقيقة من خلال وضع عبوة ناسفة قرب بيته، جاءت لتحديد الرسالة، بأنه ليست قيادة حماس في بيروت فقط مكشوفة ومعرّضة للاستهداف، ولكن أيضاً القيادة الميدانية في حزب الله في جنوب لبنان».
ووسط الاستنفار الأمني السائد، كُشف أمس أيضاً، عن توقيف الأجهزة الأمنية المعنية، لبنانياً مشتبهاً في تعامله مع العدو. وعلمت «الأخبار» أن (م. س. ح) يخضع للتحقيق لدى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي منذ نحو أسبوعين، بعدما أوقفه عناصر من سرية حرس رئيس مجلس النواب الذين ارتابوا فيه أثناء تصويره شوارع محيطة بمقر الرئيس نبيه بري في عين التينة في بيروت. وقد عُثر في حوزته على جهاز إلكتروني «شديد التطور» كما عُثر في هاتفه على عشرات الفيديوات بما يشكّل مسحاً لكامل المنطقة.
ولدى استجوابه أمام حرس المجلس، قال الموقوف إنه يعمل لمصلحة شركة أميركية بموجب عقدٍ رسمي. وبعد تسليمه لفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، أفاد المشتبه فيه بأنه يملك شركة اتصالات وتكنولوجيا تعمل مع شركة «غوغل». غير أن معلومات أمنية أفادت بأن الشركة التي يملكها الموقوف وقّعت عقداً مع شركة أجنبية تقدّم خدمات لمحرّك «غوغل» لإجراء مسح للطرقات في مناطق مختلفة في لبنان، وتبيّن بعد البحث أن للشركة علاقات بإسرائيل. ولدى التوسّع في التحقيق مع المشتبه فيه تبيّن أن الجهاز الإلكتروني الذي ضُبط في حوزته متطور جداً ولم يسبق أن عُثر عليه مع أي من العملاء الذين اعتُقلوا سابقاً. وقالت مصادر قضائية إنّ حجم الداتا التي حصل المحقّقون عليها كبير جداً، إلا أن الموقوف الذي سبق أن ارتبط بعمل مع وزارة الاتصالات، نفى أن يكون على علم بهوية الشركة التي تعاقد معها.
وفي السياق نفسه، وزّعت المقاومة الإسلامية أمس بياناً دعت فيه سكان المناطق الجنوبية للتنبه من نشاط أمني لقوات الاحتلال. وقال بيان المقاومة إن «العدو يستمر في البحث عن بدائل لتحصيل معلومات عن المقاومة وأماكن وجود مجاهديها في الجنوب، خصوصاً بعد فقدانه قسماً كبيراً من فعالية أجهزة التنصت والتجسس المنصّبة في مواقعه الحدودية بسبب استهدافها وتدميرها من قبل المقاومة».
وأشار البيان إلى أن العدو يلجأ إلى الاتصال بالناس «من أرقام هواتف تبدو لبنانية، عبر الشبكتين الثابتة والخلوية، بهدف الاستعلام عن بعض الأفراد وأماكن وجودهم ووضعية بعض المنازل. وينتحل العدو صفات متعددة، تارة صفة مخافر تابعة لقوى الأمن الداخلي، وأخرى للأمن العام اللبناني، أو صفة هيئات إغاثية تقدّم المساعدات وغير ذلك. ويسعى المتصل، الذي يتحدّث بلهجة لبنانية سليمة، إلى استقاء معلومات يستغلّها للتثبت من وضعية وجود الإخوة المجاهدين في بعض البيوت التي يعتزم استهدافها». وتمنّت المقاومة على الناس «عدم التجاوب مع المتصل والمبادرة إلى قطع الاتصال فوراً، والمسارعة إلى إبلاغ الجهات المعنية».
إسرائيل تتهم حزب الله بـ«فرض الرّعب»: حرب غزة «مخيّم صيفي» مقارنةً بلبنان
واصلت المقاومة في لبنان عملياتها ضدّ مواقع الاحتلال الإسرائيلي، إذ استهدفت أمس موقعَي المرج والجرادح، وحقّقت إصابات مباشرة فيهما. في المقابل، أعلن حزب الله استشهاد المقاوم نابغ أحمد القادري (أبو علي) من بلدة كفرشوبا، فيما استشهد المواطن حسن طويل من بلدة كفركلا في قصف مدفعي على محيط منزله في منطقة الهورة.وفيما تشهد الجبهة تطورات متسارعة، وتصعيداً تمثّل باغتيال القائد الشهيد وسام طويل، أعلن حزب الله أن السيد حسن نصر الله سيتحدث عند الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر الأحد المقبل، خلال احتفال تكريميّ في ذكرى مرور أسبوع على استشهاد طويل، في بلدة خربة سلم الجنوبية.
وبحسب تسريبات إعلامية، فإن الرقابة المشددة في كيان الاحتلال حول ما يجري في الشمال لا تشمل الصحافيين الإسرائيليين، بل الصحافيين الأجانب الذين لم يحصل قسم كبير منهم على «أذونات عسكرية» لأجل القيام بنشاط صحافي في مناطق الشمال، وإن الجيش الإسرائيلي برر قراره «بالخشية على حياتهم».
وبانتظار ما ستحمله الكلمة من مواقف وردود على التصعيد الإسرائيلي، تستمر وسائل الإعلام الإسرائيلية في كشف حجم الأذى الذي تلحقه المقاومة في لبنان، منذ 8 تشرين الأول 2023، في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ولا سيما مع الارتقاء النوعي في الأسلحة والأهداف، الذي شهدته الجبهة خلال الأيام والأسابيع الفائتة. وسائل إعلام إسرائيلية أعربت عن «القلق من أن حزب الله يعمد إلى تخدير المنطقة استعداداً لعملية جدية لاحقاً وسط طقس عاصف»، إذ لفتت صحيفة «هآرتس» إلى توسيع «مدى إطلاق الصواريخ المضادة للدروع من لبنان إلى أهداف في عمق إصبع الجليل (…) عنصر الخوف يلعب دوراً مركزياً هنا، فإصابة قاعدة المراقبة الجوية الإقليمية في ميرون كشفت أن حزب الله لديه أيضاً صواريخ مضادة للدروع، يبلغ مداها نحو 10 كيلومترات، ما يُدخل مستوطنات إضافية تُرى من لبنان في دائرة النيران». ورأت الصحيفة العبرية أن استخدام حزب الله للأسلحة الدقيقة ضدّ المستوطنات «لم يسبق له مثيل في إسرائيل، وربما حتى في العالم بأسره»، مشيرةً إلى تحوّل المنطقة إلى «حقل رماية». وقالت «هآرتس» إن حزب الله يستغل ضعف إسرائيل بأفضل طريقة ممكنة، ويشهد على ذلك الهجوم الدقيق على قاعدة مراقبة الحركة الجوية في جبل الجرمق.
حزب الله حوّل المستوطنات إلى «حقل رماية» لأسلحته الدقيقة
وحذّر رئيس مجلس آشر الإقليمي، في الجليل الغربي، موشيه دافيدوفيتز، في مقابلة مع قناة «كان» الإسرائيلية، من «خسارة الشمال، إذا لم يقم الكابينت بإبعاد حزب الله جسدياً إلى ما بعد الليطاني». ورأى الباحث البارز في معهد الدراسات الاستراتيجية، يهوشع كاليسكي، أن النيران الدقيقة لحزب الله «تسمح بإبقاء نيرانه دون عتبة الحرب وهي العتبة التي تتردد أيضاً إسرائيل حالياً في تجاوزها، في حين أنه ينجح في فرض الرعب»، مشيراً إلى حقيقة أن «عشرات الآلاف من المستوطنين لا يستطيعون العودة إلى مستوطناتهم».
وحول عملية اغتيال طويل، قبل يومين، رأى المحلل العسكري في صحيفة «معاريف»، طال ليف رام، أنها «تغيير جوهري في سياسة ممارسة القوة الإسرائيلية في الجبهة الشمالية. إسرائيل، لأسباب ومصالح عديدة، لا تزال غير معنية بحرب بكامل القوة.
لكن بسبب استمرار الوضع غير المسبوق بإجلاء عشرات آلاف السكان عن بلدات الشمال، الذين تحوّلوا إلى لاجئين، فإن إسرائيل مستعدة الآن لتحمل مخاطر أكثر». وقال عاموس هرئيل، في صحيفة «هآرتس»، إن عمليات الاغتيال «تعكس محاولة إسرائيلية واضحة لجباية ثمن آخذ بالارتفاع من حزب الله وشركائه في الجبهة الشمالية (…) والنتيجة الفعلية لهذه العمليات هي أن جزءاً كبيراً من قوات حزب الله، وبينهم مقاتلو الرضوان، انسحبوا من منطقة الحدود ويخوضون عمليات من خطوط خلفية تحسّباً من خسائر أخرى». ووفقاً لهرئيل، فإن «إسرائيل لا تنجح في هذه المرحلة في ترجمة هذه الإنجازات التكتيكية إلى نتيجة استراتيجية.
على العكس، يصرُّ حزب الله على مواصلة الهجمات اليومية، وهو راضٍ عن الثمن الذي جباه، بمغادرة حوالي 60 ألف مواطن إسرائيلي للبلدات المحاذية للحدود».
وأشار هرئيل إلى ادّعاء «الشاباك» أن إيران وحزب الله «معنيّان بالبقاء تحت سقف الحرب الإقليمية. ورغم ذلك، فإن التوالي السريع للأحداث وخطورتها يُقلّص حيّز مناورة جميع الأطراف.
فعندما يكون التوتر الميداني مرتفعاً، ويقع حدث شديد نسبياً كل عدّة ساعات، ليس هناك يقيناً أنه سيكون بالإمكان أن تسير الأمور بشكل لا ينتهي بصدام شامل».
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه «لدى النظر إلى القتال في غزة ضدّ عدوّ أدنى من حزب الله بدرجة كبيرة، يجب وضع الحديث عن تطهير المنطقة في جنوب لبنان في إطار حجمه الصحيح. مثل هذه المهمّة سيكون لها ثمن، وستتطلّب وقتاً يجعل من الـ 95 يوماً من القتال في غزة أشبه بمخيم صيفي.
ومن المناسب أن يوضّح ذلك لمن يقترح باستخفاف إدخال عدة فرق إلى الحرب وإدخال مئات الآلاف إلى الملاجئ».
أما المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» يوسي يهوشواع فقال إن «الجيش يدعم الحكومة من أجل حل سياسي، وإنه لا مفر من حل آخر، سوى بإبعاد حزب الله ولكن ليس إلى شمال نهر الليطاني، أما الحديث عن تنظيف المنطقة فهو ليس أكثر من فنتازيا».
إيلون ماسك «يُجزِّر» بفلسطين على X
في الثامن والتاسع من الشهر الحالي، بدأت منصة X (تويتر سابقاً) حملة تطهير ممنهجة بحقّ أبرز حسابات المؤثرين اليساريين والحسابات المؤيدة للشعب الفلسطيني التي تحظى بعدد كبير من المتابعين. أعيدت هذه الحسابات، المعروفة بانتقادها لإسرائيل، في وقت لاحق من مساء الثلاثاء. صحافيون ومراسلون أمثال آلان ماكلويد، وكين كليبنشتاين، وروب روسو، وستيفن موناسيلي وجدوا أنفسهم محجوبين على المنصّة، وكان البودكاست الشهيرTrue Anon Pod والحساب اليساري @zei_squirrel من بينهم أيضاً
بداية، يتوجب الإشارة إلى ما يحدث داخل المجتمع الأميركي كي نفهم السياق الذي حصلت فيه مجزرة الحسابات على X. ينشغل الرأي العام الأميركي حالياً بالوثائق التي تكشف عن تورّط شخصيات أميركية بارزة في قضية الإجرام الجنسي بحق قاصرات وقصّر من المتوفى جيفري إبستين وغيلاين ماكسويل. كما ينشغل الرأي العام بقضية اعتقال مجموعة من الرجال الذين ينتمون إلى الطائفة اليهودية الحسيدية في نيويورك، يوم الإثنين الماضي، بسبب نفق غير قانوني حُفر سراً أسفل المعبد اليهودي التاريخي. إضافة إلى ذلك، لا يزال موضوع استقالة رئيسة «جامعة هارفارد» كلودين غاي (راجع مقال الزميل عبد الرحمن جاسم في مكان آخر من الصفحة) يتفاعل على منصة X بسبب هجوم الملياردير الصهيوني، بيل أكمان عليها، منذ الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بحجة مناصرتها لفلسطين. كل ذلك يحدث بالتوازي مع بدء عملية شد أواصر الناخبين من كلا الحزبين في الولايات المتحدة الأميركية مع حلول عام الانتخابات الرئاسية التي ستجري أواخر العام الحالي.
ليست المرة الأولى التي «يطهّر» فيها إيلون ماسك منصة X من الحسابات الناقدة (مات تشيس)
وفقاً لمشغّلي بعض الحسابات البارزة التي أُوقفت على منصة X، تكهّن بعضهم بأن تعليق حساباتهم ذو علاقة بالانتقادات الموجهة إلى زوجة الملياردير الصهيوني ويليام بيل أكمان. الأخير، شارك بشكل ملحوظ في معارضة المنظمين الطلابيين المؤيدين لفلسطين، وخصوصاً في «هارفارد»، جامعته الأم. حتى مع استقالة رئيسة «جامعة هارفارد»، كلودين غاي، التي اتهمها أكمان بتزوير أطروحاتها (كلامه عار عن الصحة بحسب الجامعة)، كثّف أكمان هجومه عليها عندما وجد أنها ستبقى في مجلس الجامعة مع الراتب نفسه الذي كانت تتقاضاه كرئيسة لها.
المهم، بعد استقالة غاي، نشر موقع Business Insider، في السادس من الشهر الحالي، تقريراً يكشف أن نيري أوكسمان، زوجة أكمان، ارتكبت «حالات متعددة من السرقة الأدبية، إذ قامت بنشر كتابات من مصادر أخرى على أنها خاصة بها من دون الاستشهاد بالأصل بأي شكل من الأشكال». وقالت Business Insider إن أطروحة أوكسمان الأستاذة السابقة في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» تحوي «15 مقطعاً تم جلبها من ويكيبيديا من دون إسناد» وفشلت في الاستشهاد بمصادر أخرى. رداً على ذلك، اعترفت أوكسمان بأنها لم تنسب الفضل إلى عمل أكاديمي في أطروحتها. واعتذرت أيضاً عن الحالات الأخرى التي «حذفت فيها علامات الاقتباس لبعض الأعمال التي استخدمتها». إلى هنا، استطاع الملياردير الصهيوني والمقرب من إيلون ماسك، احتواء ما حصل، لكن ما لم يُتوقع حصوله، أن يخرج اسم زوجته مجدداً إلى التداول وهذه المرة في قضية ارتباط مع المدان بالتحرش الجنسي بالأطفال جيفري إبستين، ومع الممثل الأميركي، براد بيت، التي تتفاعل كل يوم. ردّ أكمان أتى سريعاً، وقال إنّ المختبر التي كانت تديره زوجته في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» تلقى «150 ألف دولار من إبستين».
وأضاف أن زوجته «التقت به (إبستين) مرة واحدة في معهد ماساتشوستس بناءً على طلب رئيس MediaLab. لقد تم تقديمه (إبستين) لها كمتبرع لا يختلف عن مئات المتبرعين الآخرين على مدار السنوات التي طلب منها تقديم عملها بناء على طلب الإدارة». وتابع أكمان: «لقد دُعيت من قبل إبستين إلى وجبات عشاء عدة ولم تقبل أبداً دعوة واحدة أو رأته أو تحدثت معه مرة أخرى».
مع إفرادنا تلك الأمور، نعود إلى ما قاله أصحاب الحسابات التي أوقفتها منصة X ثم أعادت تفعليها. حساب @zei_squirrel اليساري الذي يحوي 217 ألف متابع، نشر في موقع التدوين الشهير substack «كنت الآن في منتصف كتابة موضوع حول فساد بيل أكمان وأكاذيبه، وفجأة تلقيت إشعاراً بأنه لم يعد بإمكاني النشر لأنني موقوف… هذا هو السبب الوحيد الذي أفكر فيه عن سبب تعليق حسابي الآن على X، حيث لم تتغير منشوراتي بأي شكل من الأشكال عن الأشهر أو السنوات القليلة الماضية في المحتوى».
حساب @TrueAnonPod، الذي يحوي أكثر من 150 ألف متابع، والمختص في متابعة ونشر محتوى وثائق جيفري إبستين، كتب على منصة X بعد إعادة تفعيل حسابه «لقد قدمنا استئنافاً (لمنصة X) لكن لم يكن هناك بريد إلكتروني لإعلامنا إن كان هناك إبلاغ ضد الحساب وما إلى ذلك. أنا متأكد تماماً من أنّ جميع الحسابات قد قدمت بعض التعليقات على هذه الحادثة» في إشارة إلى منشور نشره الحساب بخصوص علاقة زوجة أكمان بإبستين، كذلك، فقد كان حساب ستيفن موناسيلي ينتقد أكمان.
لم ينتقد آخرون، مثل آلان ماكلويد (حوالى 240 ألف متابع) وروب روسو (حوالى 100 ألف متابع)، أكمان صراحةً، لكنهم نشروا وأعادوا تغريد المحتوى الداعم لفلسطين. وكان رد فعل الصحافي اليساري في «ذي إنترسنبت»، غلين غرينوالد (لديه مليونا متابع) على عمليات الإيقاف، إذ كتب: «حساب @Zei_squirrel يتمتع بشعبية كبيرة. كان تركيزه على انتقاد السياسة الخارجية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشدة. لقد نجا هذا الحساب من نظام تويتر السابق. وكان تركيزه الأخير على انتقاد إسرائيل وأكمان». وكتب في منشور آخر: «يبدو أن جميع الحسابات التي كانت تنتقد إسرائيل وأكمان حظرت في الساعات الـ 48 الماضية». بعض الحسابات أوقفت لنشرها أنّ «خروج أفراد الطائفة اليهودية الحسيدية في نيويورك من النفق أشبه بالجرذان».
صار دميةً في يد اليمين من ترامب إلى «إسرائيل» مروراً بجورجيا ميلوني في إيطاليا
ليست المرة الأولى التي «يطهّر» فيها إيلون ماسك منصة X من الحسابات الناقدة. الملياردير الذي يتغنى بدعمه لحرية التعبير المطلقة، واجه في كانون الأول (ديسمبر) عام 2022، رد فعل عنيفاً عندما طهّر المنصة من الصحافيين البارزين، بمن في ذلك دوني أوسوليفان من CNN وميكا لي من «ذي إنترسنبت». ثم أعاد تفعيل تلك الحسابات بعد احتجاج كبير، مدعياً أنها أوقفت عن طريق الخطأ. استحوذ إيلون ماسك على تويتر في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2022 مقابل 44 مليار دولار، وتعهّد بجعل المنصة ملاذاً لحرية التعبير المطلقة. لكن الملياردير الذي ذكر ترامب أنه أتى إليه وهو على شفير الإفلاس عندما كان رئيساً للولايات المتحدة، راجياً المساعدة، وحصل عليها، صار دميةً بين يدي جماعات اليمين من ترامب إلى «إسرائيل» مروراً بجورجيا ميلوني في إيطاليا. ويكفي أن نتابع منشورات ماسك على منصة X: عملياً الرجل ينشر ويعيد تغريد كل القضايا التي يتبنّاها ترامب وأقطاب اليمين بشكل متواصل في حسابه على المنصة.
حرية التعبير المطلقة التي يتفاخر بها ماسك على X، تسري فقط على حسابات اليمين المتطرف التي أعاد ماسك تفعيلها. لا تتسع المنصة لصوت الشعب الفلسطيني ولا لأي حرّ يحاول الكتابة عن الفظائع والتوحش الذي يمارسه الكيان الصهيوني بحق الأطفال والنساء والمدنيين العزّل في غزة. ماسك لم يشتر تويتر عن عبث أو ملل، المنصة التي تحول اسمها إلى X أداة بالغة الأهمية في تشكيل الرأي العام والسردية، وسيكون لها دور كبير في الانتخابات الأميركية القادمة لناحية تقوية كفة اليمين.
بكركي غائبة عما يُرسم لمستقبل لبنان
بين حزب الله وخصومه، بات الكلام عن التفاوض الدولي حول لبنان معلوماً. لكنْ بين بكركي وحزب الله، ثمة كلام آخر، يتعدّى العلاقة المتأرجحة في المواضيع المحلية، إلى ما يمكن أن يخشاه الحزب من أي دور لبكركي، وسط تراجع تأثير القوى السياسية المناهضة له.ما لفت في الأشهر الأخيرة، أكثر من مرة، حملة من أوساط قريبة من الحزب ومؤيدين له على بكركي، في سياق مباشر وغير مباشر، تحت مسميات مختلفة. وليست قضية المطران موسى الحاج سابقاً وحالياً وحدها المعبّرة عن ذلك. ثمة انطباع بأنه في خضمّ تراجع دور القوى السياسية المارونية، والانهيار التدريجي لمواقع سياسية وأمنية وإدارية ومالية، من الطبيعي أن تأخذ بكركي حجمها التقليدي السياسي المعتاد وفقاً لتجارب سابقة.
وهذا يعني تلقائياً أن تتصدّر المشهد السياسي في التعبير عن رأي المجموعة عند أي حدث مفصلي يتعلق بالنظام أو بتسويات كبرى، ولا سيما في غياب رئيس الجمهورية الماروني. فأي محاولة خارجية لفرض تسوية بالمعنى الشامل، لا بد أن تأخذ في الاعتبار موقف بكركي من احتمالات التوصل إلى تفاهمات تترك تأثيرها على مستقبل البلد. لذا، كان التلميح إلى أن تسهيل التعرّض لها، بعناوين مختلفة، يهدف إلى كبح كل مسار يراد منه إعطاؤها دوراً في ما يدور من حوارات، أو أن تكون لها كلمة مؤثّرة مع عواصم القرار (عربية أو غربية) التي تُعنى بلبنان.
ولكن، هل هناك ما يبرّر تخوّف حزب الله من الدور الذي يمكن أن تلعبه بكركي في مواجهة تفاوض يتم على حساب رؤيتها ورؤية خصوم حزب الله للبنان، أو في وجه تسوية تراعي الحزب في شؤون مفصلية، ولا سيما أن هناك خيوطاً رفيعة لا تزال تربط بكركي بزوار غربيين وعرب يحرصون على زيارتها والأخذ برأيها.
بغضّ النظر عن الدور التاريخي للبطريرك الياس الحويك الذي سافر إلى باريس سعياً وراء لبنان الكبير، لا تزال تجربة البطريرك نصرالله بطرس صفير في تسويق فكرة الدفاع عن لبنان واستقلاله، في المحافل الخارجية، الأكثر حضوراً في تاريخ الحياة السياسية اللبنانية. وقد تحوّلت علامة دبلوماسية فارقة في تاريخ بكركي، من خلال جولاته الخارجية وعلاقاته ولقاءاته في واشنطن وباريس وعواصم أوروبية وعربية، ومع الجاليات اللبنانية واللوبيات المؤثّرة التي زارها حصراً لتسويق فكرة الدفاع عن لبنان، في عزّ الوجود السوري وتأثيراته وغضّ نظر خارجي – أميركي تحديداً – عن ممارساته. والأهم أن صفير تمكّن في ولاية البابا يوحنا بولس الثاني الذي عرف معنى السيطرة السوفياتية على بلاده، وكان يكنّ احتراماً خاصاً لصفير، من العمل مع الفاتيكان على تزخيم حركته الخارجية.
غياب فاضح للصرح عن عواصم القرار في مقابل الانغماس في ملفات محلية
مع الكلام عن احتمالات استعادة تجربة ما بعد الطائف، والدور السوري، وصياغة تفاهمات دولية وإقليمية تعطي لحزب الله ما يريده، وخلفه إيران، كان التعويل على دور لبكركي بأن تكون الحاضر الأكبر قبل جلوس المفاوضين على طاولة التفاهمات الجارية حالياً. لكنّ المشكلة أن ما يخشاه حزب الله قد لا يكون له وجود في الواقع، وربما يبالغ الحزب في تصوير قدرة بكركي الحالية على التأثير كما كانت حالها سابقاً، لأن القراءة السياسية لبكركي لم تعد قراءة موحّدة، بل تخضع لتأثيرات داخلية يعرفها الجسم الدبلوماسي والسياسي المعنيّ. والازدواجية قد تريح البعض في زمن الأزمات التي تحتاج إلى قرار واحد. والغياب الدبلوماسي الخارجي لبكركي التي كان يفترض أن تكون موجودة في عواصم القرار على غرار تجارب سابقة، وضخّ الحياة في خطاب عدم جعل لبنان مادة تفاوضية، غياب فاضح، في مقابل الانغماس في ملفات محلية الطابع.
وما يزيد من عزلة بكركي الخارجية (والتعويل على زيارات دبلوماسية بروتوكولية للصرح لا تقدّم ولا تؤخّر) وانكفائها التام عن مجاراة الحدث الإقليمي وتداعيات حرب غزة، أن عدم التنسيق بينها وبين الفاتيكان يلعب دوراً مؤثّراً. فأجندة الفاتيكان وسفيره في لبنان مختلفة تماماً، ولا ودّ معروفاً بين البابا فرنسيس والبطريرك بشارة الراعي. وتدخّل الفاتيكان مع واشنطن أو فرنسا منعزل تماماً بخريطة طريقه عما تريده بكركي. وهذا يضاعف، لبنانياً ومارونياً، من العوامل التي تجعل غياب أي حضور فاعل في برنامج التفاوض، على الأقل للتعبير عن وجهة نظر مختلفة عما يريده حزب الله أو إيران. وهذا التمايز الفاتيكاني يرسم كذلك علامة استفهام عن قدرة الكرسي الرسولي على امتلاك وجهة نظر واضحة وتفصيلية عن لبنان، ما دامت ذراعه الأساسية، أي الكنيسة المارونية، غير حاضرة كما يجب. وبقدر ما يمكن أن يكون ذلك مزعجاً أو مؤذياً، فإنه يريح الأطراف التي ستقود على طاولة التفاوض حواراً نظيفاً بالنسبة إليها، متحرّراً من محاولات عرقلة ما يُكتب من تفاهمات.
اللواء:
هوكشتاين في بيروت: خطوة على طريق الإستقرار وربط نزاع حول المزارع
باسيل لن يكون بعلاقة تبعية مع حزب الله ويرحب برؤية بن سلمان.. والثنائي متمسك بفرنجية
يصل اليوم الى بيروت الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين، في ظروف عسكرية وحزبية وسياسية ودبلوماسية صعبة التشابك، وفي محاولة لفك الارتباط بين تسوية الوضع في لبنان بصرف النظر عن مسار: اليوم التالي بعد توقف الحرب على غزة الذي لم يكن من مناص امامه سوى اعلان ان الحرب يجب ان تستمر، لأن وقفها الآن يعني انتصاراً لحماس.
وبمعزل عن الاشتراطات التي سبقت وصوله الى بيروت، لجهة طبيعة الحل الذي يحمله او يسعى اليه، فإن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والنقاط البرية الـ13 العالقة عند الحدود الجنوبية، يتعين ان تكون في صلب مهمة هوكشتاين، إن لم يكن على مستوى العمل، فأقله على مستوى النظر.
وحسب مصادر واسعة المتابعة في «الثنائي الشيعي» فإن البحث في اية صيغ لمعالجة الوضع الحدودي، غير قابلة للترجمة، خارج ما يمكن وصفه تلمُّس خارطة طريق اميركية لإنهاء الحرب في غزة.
وفهم ان هوكشتاين يحاول استطلاع المدى الذي يسعى لمعرفته، الامر الذي حوّل زيارته الى «زيارة استطلاع» ومعرفة الموقف من النقاط التي وصلت الى لبنان عبر شخصيات قريبة من اطراف السلطة.
وزار نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب عين التينة، ووضع الرئيس نبيه بري في اجواء محادثاته مع هوكشتاين في روما، معرباً عن اعتقاده ان تساهم الزيارة اليوم «بخطوة لتحقيق الاستقرار».
ولفتت أوساط مراقبة لـ«اللواء» إلى أن اجتماعات الموفد الأميركي تخرق رتابة المشهد المحلي نظرا لما يمكن أن تحمله معها على صعيد ملف جبهة الجنوب في الوقت الذي لا يعول عليها البعض ما لم تأت زيارته بمسعى يتصل بكيفية إرساء الاستقرار، وأشارت إلى أن النقاط التي يتطرق إليها آموس هوكشتين تتركز على موضوع الاشتباكات في الجنوب والقرار ١٧٠١ وكيفية العمل على حل من أجل وقف الحرب على الحدود، مؤكدة أن ما قد يسمعه الموفد الأميركي هو التشديد الرسمي على أهمية وقف إسرائيل اعتداءاتها واحترام لبنان القرارات الدولية.
وقالت لـ«اللواء» ان تكون زيارته خطوة في سياق زيارات متتالية له بعد أن يسمع من المعنيين طروحاتهم، أما إذا كان مصرا على الأسراع في العمل على حل، فإنه يدرك أن هناك اتصالات تتم مع حزب الله.
إلى ذلك، توقعت هذه الأوساط أن تشهد العاصمة بيروت زيارات لعدد من المسؤولين الأجانب في سياق العمل على الحؤول دون توسع رقعة الحرب، في حين أن الجانب الانبىكي سيظل يلعب دور الوساطة إلا إذا قرر سحب يده وهذا ليس متطقيا وفق هذه الأوساط.
ووصفت مصادر سياسية بدقة الزيارة التي تقوم بها وزيرة خارجية المانيا إلى لبنان، وما إذا كانت تحمل مبادرة ما، او افكار محددة بخصوص الاوضاع الملتهبة على الحدود الجنوبية اللبنانية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، باعتبار ان المانيا على صلة جيدة بالاسرائيليين، ولطالما توسطت بالسابق لايجاد حلول لمشاكل بينهم وبين خصومهم.
وبالرغم من التكتم الحكومي على فحوى اللقائين اللذين جمعها مع كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وما اعلن بعدهما من معلومات ومواقف عامة، تترقب المصادر ما إذا كانت وزيرة الخارجية الألمانية ستلتقي احد من حزب الله، وعندها لا بد من تقصي مضمون هذا اللقاء ومفاعيله على الأوضاع الجنوبية المتردية، في حين ترددت معلومات مفادها ان الوزيرة الألمانية تسعى لتسويق مبادرة المانية اعدت بروية، وقد طرحت النقاط الاساسية فيها خلال زيارتها إلى إسرائيل، وهي تحاول البحث فيها مع حزب الله في الوقت الحاضر، لتذليل اي عقبات يمكن ان تعترض التنفيذ، في حين ان هذه المبادرة لاتتعارض مع فحوى التحرك ألذي يقوم به المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين إلى لبنان اليوم، لتبريد الجبهة الساخنة جنوبا أولا، ومن ثم الانتقال إلى البحث الجدي لايجاد حل دائم على الحدود اللبنانية الجنوبية، ضمن مبادرة ما، اومسودة افكار تنتهي إلى ترسيم الحدود الجنوبية اللبنانية.
وفي الاطار الدبلوماسي، قدَّم لبنان شكوى لمجلس الامن الدولي رداً على الاعتداءات الاسرائيلية وخرق القرار 1701 مراراً وتكراراً.
وامس، استقبل الرئيس نجيب ميقاتي وزيرة خارجية المانيا أنالينا بيربون، قبل ظهر امس في السراي الكبير، بمشاركة الوزير عبد الله بو حبيب، التي شددت على اهمية «تطبيق القرار الدولي الرقم 1701»، بدوره شدد ميقاتي على ان «لبنان يحترم القرارات الدولية كافة بدءاً باتفاق الهدنة، بهدف تحقيق الاستقرار الدائم جنوب لبنان».
الثنائي متمسك بفرنجية
وحول الرئاسة الاولى اكدت اوساط قيادية في الثنائي الشيعي ان هذا الفريق يريد «رئيساً مطمئناً للمقاومة، ولا يطعنها في الظهر، ولا يتآمر عليها، مضيفة: سبق ان قلنا بأن الوزير سليمان فرنجية يحمل هذه المواصفات، وما زال وسيبقى خيارنا الرئاسي الوحيد، ونحن مصرون عليه ومتمسكون به».
باسيل: لا للتبعية
في تطور سياسي لافت، حاول رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل العودة الى «بيت الطاعة» في ما خص دعم المقاومة في العمليات الجارية في الجنوب، معتبراً ان المقاومة عندما تحدثت عن فرصة لتحرير ارضنا، فهذا ثمن دماء الشهداء، وليس حسابات في الداخل، تتعلق بالرئاسة او غيرها..
وأكد اننا لا نكون بحالة عداء مع حزب الله مهما كلف الامر، ولكن لسنا بحالة تبعية، مشيراً الى تطوير تفاهم مار مخايل، لانه غير قادر على بناء دولة، موضحاً اننا كنا نرغب برؤية الدور الاصلاحي للمقاومة، ولكننا فشلنا، مؤكداً ان العمل مع حزب الله سيكون على القطعة.
وقال ان بعض اللبنانيين يمكن ان يعترضوا على الاستشهاد على طريق القدس، لكن شهداء حزب الله سقطوا للدفاع عن حقوق لبنان.
وحول العلاقة مع الرئيس نبيه بري، قال: ان بحبه بالشخصي للرئيس بري، داعياً الى الذهاب الى دولة مدنية كاملة.
وكرر الدعوة الى قيام البلد على الدستور والميثاق وكشف انه جرى التقاطع على انتخاب رئيس، وصوتنا الى جانب الوزير السابق جهاد ازعور، رافضاً ان يكون له اية شراكة في امر لا يقبل به.
وحول الرئاسة، قال تنازلنا عن شرط التمثيل، لكننا لن نقبل برئيس خارج ارادة المسيحيين.
وأكد باسيل المضي في الطعن ضد التمديد لقائد الجيش، محدداً 10 نقاط دستورية تسمح بقبوله الا اذا مورست اساليب معروفة، معتبراً ان التعزية لقائد الجيش جاءت كواجب اجتماعي.
واعتبر ان الاسماء المرشحة لا فرصة لها للوصول الى الرئاسة الاولى.. مكرراً الدعوة الى انتخاب «رئيس توافقي» واذا حصل اجماع على رئيس من الاسماء المرشحة، فلا بد من صلاحيات استثنائية بعدها على عدم توافر شروط اخرى.
ودعا الى الاسراع بانتخاب الرئيس وتوفير الدعم المطلوب له.
ورحب باسيل برؤية ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، معتبراً ان للبنان مصلحة في هذه الرؤية الازدهارية، بدل الحروب وسواها، و«نحن معنيون بها ولدينا موقف ايجابي منها».
حياتياً، ظهر تململ لدى الموظفين والمتقاعدين من استبعاد زيادة الرواتب، كما كان متوقعاً، عن جدول اعمال مجلس الوزراء الذي سينعقد قبل ظهر غد، فضلاً عن التعيينات في المجلس العسكري، اما حياتياً، فأعادت مؤسسة كهرباء لبنان «رفع التغذية تدريجياً، كاشفة عن اجراءات احترازية ضرورية تحوطاً في المحظور اواسط شهر شباط المقبل».
الوضع الميداني
ميدانياً، استهدف قصف الجيش الإسرائيلي فجر أمس منزلاً في كفرشوبا-حاصبيا، وانتشل عناصر من الدفاع المدني بين الساعة ٣:٣٠ والساعة ٦:٠٠ من تاريخ أمس جثة شهيد، زفه حزب الله لاحقاً المقاوم نابغ أحمد القادري «أبو علي»، من بلدة كفرشوبا في جنوب لبنان.
وعمل الدفاع المدني على اخماد الحريق الذي شب على اثر الاستهداف.
كما تمكنت عناصر من الصليب الاحمر بمؤازرة من «اليونيفيل» والجيش من سحب جثة تعود الى ع.ب مواليد العام 2006 – صيدا، في محيط الحمامص قبالة مستعمرة المطلة، وهو مبتور القدم اليمنى.وتم نقل الجثة الى مستشفى مرجعيون الحكومي.
والى ذلك، قتل مواطن مدني يدعى حسن علي طويل في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف بلدة كفركلا الجنوبية بعد ظهر امس.
واستهدف حزب الله موقع المرج ظهر امس بالاسلحة المناسبة.
واحبط الجيش اللبناني خطة اسرائيلية لحرق الاراضي اللبنانية في عيتا الشعب واللبونة، عبر مد خراطيم لضخ مواد حارقة.
ويتحدث الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عند الساعة الثانية من بعد الظهر الاحد المقبل في مناسبة اسبوع الشهيد وسام الطويل.
البناء:
يديعوت: فشل حرب غزة وأيامها الـ 95 مخيم صيفي لما ينتظرنا في حرب لبنان
واشنطن تعترف بالمواجهة المعقدة في البحر الأحمر… والأنصار يهاجمون بقوة
هوكشتاين لـ«الحلحلة»… وباسيل: التهدئة ترتبط باللاجئين وما يحمله أمر صغير
كتب المحرّر السياسيّ
ثلاثة ملفات تتزاحم اليوم، أولها ما سوف يصدر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي بصدد الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا وتتضمن اتهامات موثقة ضد كيان الاحتلال لقيامه بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، والتي تطلب بموجبها قراراً إجرائياً فورياً بوقف العمليات الحربية لجيش الاحتلال في غزة وسحب قواته من النقاط التي توغل فيها بعد أحداث 7 تشرين الأول الماضي، وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية بسلاسة الى المدنيين المهددين بالموت جوعاً ومرضاً بسبب حرمانهم من الغذاء والدواء.
الملف الثاني هو التصعيد في البحر الأحمر تحت ضغط السعي الأميركي لتعطيل قرار أنصار الله بمنع السفن الإسرائيلية والمتوجّهة الى موانئ كيان الاحتلال، وحالة الإنكار التي يعيشها الأميركي تجاه الفشل في فرض بلطجته العسكرية كشرطي غير مكلف بمهام الأمن في البحار.
وقد وجد هذا الفشل صداه في امتناع دول المنطقة عن الانضمام إلى الحلف البحري الذي قادته واشنطن لمواجهة أنصار الله بما فيها الحليفان السعودي والمصري لواشنطن، ورفضت دول صغيرة مثل الصومال وجيبوتي المشاركة بتقديم التسهيلات للأساطيل الأميركية.
ويوم أمس، رد أنصار الله على قيام البوارج الأميركية بتسيير دوريات في مياه البحر الأحمر لتوفير الحماية للسفن الإسرائيلية، ورداً على استشهاد عشرة جنود بإطلاق نار أميركي على زورقهم خلال قيامهم بمهام منع السفن الإسرائيلية من العبور، فاستهدفت البحرية اليمنية بعشرات الصواريخ والطائرات المسيَّرة البوارج الأميركيّة.
وقد اعترف الأميركيون بالعملية التي وصفوها بالخطيرة والمعقدة، وتحدّثوا عن خمس سفن أميركية وبريطانية كانت في مسرح الأحداث وتعرّضت للنيران، وينتقل الملف الى مجلس الأمن الدولي لمناقشته بصورة منفصلة عن وقف العدوان على غزة وفق الطلب الأميركي، بانتظار معرفة كيف سوف تتصرّف روسيا والصين، بعدما كان المندوب الروسي قد قال قبل أسبوع «إن أصل القضية هو أنها امتداد للصراع بين «إسرائيل» وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، وانتقد واشنطن لعرقلتها قرارات تدعو إلى وقف إطلاق النار.
الملف الثالث هو التصعيد على الحدود الجنوبية للبنان، حيث شكلت الأيام التي أعقبت اغتيال القيادي في حركة حماس الشهيد الشيخ صالح العاروري، واغتيال القيادي في حزب الله الشهيد وسام الطويل، تطوّرات وضعت الحدود على شفا حالة حرب وسط تهديدات إسرائيلية من مختلف مستويات القرار السياسي والعسكري في كيان الاحتلال بتكرار مشهد غزة في بيروت، وردّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بالقول إن المقاومة سوف تفعل الشيء نفسه في الكيان إن وقعت الحرب، وفيما يتحدّث السيد نصرالله الأحد المقبل في ذكرى استشهاد الطويل، وصل إلى بيروت المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين حاملاً مشروعاً للوساطة بهدف حلحلة القضايا العالقة في النقاط الحدودية، وقد سحب من بينها قضية مزارع شبعا من التداول، بطلب إسرائيلي، فيما قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في حديث تلفزيوني، «لا ننسى سقوط 150 شهيداً من حزب الله وهؤلاء ماتوا دفاعاً عن لبنان وبات يمكننا تحصيل حقوق لبنان، ونحن قدّمنا في ورقتنا خلال الجولة التشاورية نقاطاً ثوابت من بينها تنفيذ القرارات الدولية والـ 1701 واستعادة الأراضي اللبنانية المحتلة وأولها مزارع شبعا وعودة اللاجئين الفلسطينيين وحقوقنا في موارد الغاز وعودة النازحين السوريين، ولا يقولنّ أحد أن النقطة الأخيرة
ليست لها علاقة بالصراع مع «إسرائيل»». واستطرد بأن «رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يريد استمرار الحرب ليبقى في السلطة، والحرب على هذه الحال لا يمكن أن تستمرّ ونتنياهو فشل في القضاء على حماس والإصابة التي تعرّض لها الكيان الإسرائيلي ليست بسيطة، وما يطرحه المبعوث الأميركي الى لبنان أموس هوكشتاين يقتصر على أمر صغير وهو يتطلّب وجود رئيس للجمهورية فمن يفاوض؟ وأنا أحذر من أن السقف قليل نسبة لما نريده وحل النقاط المتنازع عليها غير كافٍ وأي شيء يستدعي اتفاقاً يتطلب رئيساً للجمهورية ورئاسة الجمهورية ليست في سوق مقايضة».
في المشهد الحدودي وقراءته إسرائيلياً تبدلت التعليقات على فرضية الحرب عبر الحدود مع لبنان، حيث كتبت يديعوت أحرونوت، أن «الخط الذي ينتهجه الجيش الإسرائيلي بدعم من المستوى السياسي لإبعاد قوات الرضوان عن الخط الحدودي، دون تجاوز حدود المعارك إلى حرب واسعة، وبما يتيح للجيش الحفاظ على غزة كجبهة رئيسية للحرب، يشكّل تحدياً تبدو كلمة معقد صغيرة لوصفه، لعدة أسباب، من بينها أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أكد أن ما يحدث في الشمال لن ينتهي دون انتهاء الحرب في غزة»، مشيرة إلى أنه «عملياً هذا الوضع لا تحتمله «إسرائيل»، وتسبب بإقامة منطقة أمنية عازلة داخل أراضيها، ودفع أكثر من 100 ألف من سكان المناطق القريبة من الحدود إلى ترك بيوتهم». وأشارت الصحيفة إلى أن رد «حزب الله أمر يجب عدم الاستهانة به»، موضحة أن «الطائرة المسيّرة التي تمكنت من التسلل إلى «إسرائيل» وهاجمت مقر القيادة الشمالية، الثلاثاء، كان يمكن أن تؤدي أيضاً إلى استهداف قائد المنطقة الجنرال أوري جوردين، وعليه من الصعب توقع ما قد يقود إليه استهداف ضابط كبير».
وحذرت من أنّ «مثل هذه المهمّة سيكون لها ثمن وسوف تتطلب وقتاً يجعل من الـ 95 يوماً من القتال في غزة أشبه بمخيم صيفي، ومن المناسب أن يوضح ذلك من يقترح باستخفاف، إدخال عدة فرق إلى الحرب وإدخال مئات الآلاف إلى الملاجئ».
وبعد أيام ساخنة على الجبهة الجنوبية لا سيما في خربة سلم والغندورية كادت تودي الى حرب واسعة النطاق بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، تراجعت حدة المواجهات أمس، وتقدّمت المساعي الدبلوماسية عشية زيارة كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين الى بيروت، مع تسجيل تخفيف نبرة التهديدات الأميركية والأوروبية خلال الساعات الماضية ما يؤشر الى أن هوكشتاين يحمل طروحات جدّية للوضع على الحدود الجنوبية قابلة للنقاش ولو أنها غير قابلة للتنفيذ بسبب استمرار الحرب في غزة ورفض حزب الله البحث بأي ترتيبات أو مقترحات للملف الحدودي قبل توقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
وتشير أوساط سياسية لـ«البناء» أن الموفد الأميركي يحمل مقترحات تفصيلية لحل النزاع على الحدود بين لبنان و»إسرائيل» وناقشها مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب خلال لقائهما في روما منذ أيام، بهدف نزع فتيل التوتر وضبط الحدود ومنع امتداد العمليات العسكرية الى حرب واسعة قد تكون مدمرة.
ولفتت الأوساط الى أن الأميركيين يسعون بشكل جدّي الى لجم حكومة الحرب في «إسرائيل» ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشكل خاص، ويضغطون أيضاً على الحكومة اللبنانية للطلب من حزب الله وقف العمليات الهجومية ضد «إسرائيل» والابتعاد عن الحدود بضعة كيلومترات لنزع الذريعة من نتنياهو بشن عدوان كبير على الجنوب.
مع الإشارة الى أن صحيفة «واشنطن بوست» نقلت عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن «خطر شن «إسرائيل» هجوماً على حزب الله لم يختفِ أبداً».
لكن مصادر في فريق المقاومة لفتت لـ«البناء» الى أن «الوضع في الجنوب بلغ مرحلة الخطر والأمور مفتوحة على كافة الاحتمالات وقيادة المقاومة تأخذ في الحسبان أسوأ الخيارات والمقاومة في كافة تشكيلاتها ومستوياتها على أهبة الاستعداد على امتداد الجبهة لصد أي عدوان اسرائيليّ واسع على لبنان ولو أنها تستبعد قيام العدو بهذه الحماقة لأسباب عدة تتعلق بتشظي جبهته السياسية والمجتمعية والاقتصادية وتمزق جيشه في ميدان غزة واستنزاف قواه بفعل تعدّد جبهات المقاومة المنخرطة في الحرب، وأسباب أخرى تتعلّق بالحسابات الأميركية الانتخابية والمصالح في المنطقة وضغط الرأي العام الأميركي والغربي على حكوماته»، ولذلك تضع المصادر «رسائل التهديد الأميركية الأوروبية اليومية في إطار الحرب النفسية لتحصيل مكاسب عسكرية وأمنية وسياسية لـ«إسرائيل» بالطرق الدبلوماسية لم تستطع تحقيقها في الحرب العسكرية، وهذا ينطبق على زيارة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الى المنطقة للضغط على دولها وحركات المقاومة فيها لانتزاع مكاسب لـ«إسرائيل» تكون مخرجاً لانتهاء الحرب بما يحفظ هيبة الكيان وقوة ردعه وضمانات لأمنه على حساب حقوق الشعب الفلسطيني».
لكن المصادر لا تلغي احتمال انزلاق الوضع الى حرب كبيرة بحال أخطأت «إسرائيل» بالحسابات وأقدمت على المزيد من الاغتيالات لقيادات في المقاومة ما يدفع المقاومة للردّ بضرب أهداف أمنية واستراتيجية حساسة في قلب «تل أبيب» لا تستطيع تحملها فتبادر باستهداف المدنيين في لبنان ونذهب الى مستويات أعلى من الحرب.
ولفتت جهات مطلعة على الوضع الميداني لـ«البناء» إلى أن الحساب المفتوح مع الكيان الإسرائيلي لم يقفل وهناك دفعات جديدة من الردّ على اغتيال الشيخ صالح العاروري وضرب الضاحية الجنوبية واغتيال القائد في المقاومة وسام الطويل. مشدّدة على أن الاحتلال يعيش أسوأ أيامه في شمال فلسطين المحتلة حيث تسود حالة من الرعب والإرباك والاستنفار في صفوف جيش الاحتلال والمستوطنين الذين لا يزالون في بعض المستعمرات بانتظار رد المقاومة».
وفي حادثة تعكس حجم الإرباك والقلق، تحدث إعلام الاحتلال مساء أمس، عن محاولة تسلل عند الحدود الجنوبية للبنان مقابل مستوطنة دوفيف بالتزامن مع إطلاق قنابل مضيئة في خراج رميش ويارون المقابلة.
وأوضحت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن حادثة دوفيف، بأنه «بعد التحقيق، تبيّن أن هناك خطأ في التعرف على قواتنا. يبدو أنه تمّ إطلاق النار على حيوانات اقتربت من السياج الحدودي».
في غضون ذلك، يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى أسبوع القيادي الجهادي الشهيد وسام حسن طويل «الحاج جواد» بعد ظهر الأحد المُقبل في خربة سلم.
في المقابل يواصل قادة الكيان توجيه رسائل التهديد الى لبنان مع تراجع في حدتها بعد لقائهم بوزير الخارجية الأميركي حيث أفيد عن نقاشات حادة بينهم، إذ ادعى الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس «أننا نعمل في الجبهة الشمالية على تغيير الواقع، وعلى حكومة لبنان أن تحدّد هل تستطيع حماية مواطنيها أم لا»، زاعماً «أننا سنتحرك في جنوب لبنان كما نتحرّك في شمال غزة إذا استمرت هجمات حزب الله». وزعم رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، أنّه «بعد أن حاربنا في غزة سنعرف كيفيّة المحاربة في لبنان، إذا كنّا بحاجة لذلك».
إلا أن الصحافة الإسرائيلية كشفت ادعاءات قادة الكيان الكاذبة والتي تهدف الى رفع معنويات الجيش وتضليل المستوطنين، إذ لفتت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن «الخط الذي ينتهجه الجيش الإسرائيلي بدعم من المستوى السياسي لإبعاد قوات الرضوان عن الخط الحدوديّ، دون تجاوز حدود المعارك إلى حرب واسعة، وبما يتيح للجيش الحفاظ على غزة كجبهة رئيسيّة للحرب، يشكّل تحدياً تبدو كلمة معقد صغيرة لوصفه، لعدة أسباب، من بينها أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أكد أن ما يحدث في الشمال لن ينتهي دون انتهاء الحرب في غزة»، مشيرة إلى أنه «عملياً هذا الوضع لا تحتمله «إسرائيل»، وتسبب بإقامة منطقة أمنية عازلة داخل أراضيها، ودفع أكثر من 100 ألف من سكان المناطق القريبة من الحدود إلى ترك بيوتهم».
وأشارت الصحيفة إلى أن ردّ «حزب الله أمر يجب عدم الاستهانة به»، موضحة أن «الطائرة المسيّرة التي تمكنت من التسلل إلى «إسرائيل» وهاجمت مقر القيادة الشمالية، الثلاثاء، كان يمكن أن تؤدي أيضاً إلى استهداف قائد المنطقة الجنرال أوري جوردين، وعليه من الصعب توقع ما قد يقود إليه استهداف ضابط كبير».
وحذرت من أنّ «مثل هذه المهمّة سيكون لها ثمن وستتطلب وقتاً يجعل من الـ 95 يوماً من القتال في غزة أشبه بمخيم صيفيّ، ومن المناسب أن يوضح ذلك من يقترح باستخفاف، إدخال عدة فرق إلى الحرب وإدخال مئات الآلاف إلى الملاجئ».
وواصلت المقاومة عملياتها النوعية واستهدفت نقطة »الجرداح «بالأسلحة الصاروخية وأصابته إصابة مباشرة، كما قصفت موقع «المرج» بالأسلحة المناسبة، وأصابته إصابة مباشرة.
وأعلن حزب الله، استشهاد المقاوم نابغ أحمد القادري «أبو علي»، من بلدة كفرشوبا. وتمكنت عناصر من الصليب الأحمر بمؤازرة من «اليونيفيل» والجيش من سحب جثة تعود الى المدعو ع. ب. مواليد العام 2006 – صيدا ، في محيط الحمامص قبالة مستعمرة المطلة، وهو مبتور القدم اليمنى. وتمّ نقل الجثة الى مستشفى مرجعيون الحكومي.
في المقابل استهدف القصف المدفعي الإسرائيلي الأطراف الشرقية لبلدة ام التوت في القطاع الغربي، وأطراف مدينة الخيام، وتلة حمامص في سردا وباب ثنية قرب منطقة الشاليهات في الخيام ومحيط جل العلام، ومنطقة اللبونة. وأغار الطيران الإسرائيلي على أطراف بلدة الناقورة وجبل اللبونة واستهدف قصف مدفعي بلدات عيتا الشعب ورميش ويارون. وأغار الطيران المسيّر الإسرائيلي على أطراف بلدة الناقورة.
وأعلن الإعلام الحربي في «حزب الله»، في بيان أن «العدو الإسرائيلي يلجأ إلى الاتصال ببعض أهالينا الكرام من أرقام هواتف تبدو لبنانية، عبر الشبكتين الثابتة والخليوية، بهدف الاستعلام عن بعض الأفراد وأماكن وجودهم ووضعية بعض المنازل، وينتحل العدو في هذه الاتصالات صفات متعددة، تارة صفة مخافر تابعة لقوى الأمن الداخلي في مناطق الجنوب، وأخرى صفة مراكز للأمن العام اللبناني، وتارة ثالثة ينتحل صفة هيئات إغاثية تقدم المساعدات وغير ذلك». ودعا البيان «أبناء القرى الأمامية عدم التجاوب مع المتصل في أيّة عملية استعلام تتعلق بالمحيط وحركة الأفراد فيه والمبادرة إلى قطع الاتصال فورًا، ثم المسارعة إلى إبلاغ الجهات المعنية دون تلكؤ».
بدورها، أشارت قيادة الجيش إلى أنّ «العدو الإسرائيلي يعمد إلى إطلاق بالونات حرارية فوق القرى والبلدات اللبنانية، ويَسقط البعض منها قرب المناطق السكنية وبين المنازل دون أن ينفجر، ما يمثّل خطرًا على المواطنين بسبب احتوائها على مواد متفجرة وحارقة»، وحذّرت، في بيان، المواطنين من «خطورة الاقتراب من هذه البالونات أو لمسها لكونها معرّضة للانفجار، كما تؤكد ضرورة إبلاغ أقرب مركز عسكري عن مكان وجودها».
على الصعيد الرسميّ، اجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزيرة خارجية المانيا انالينا بيربوك، قبل الظهر في السراي الحكومي، وتم البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين والوضع في غزة وجنوب لبنان، بحضور زير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب.
وخلال الاجتماع شدّد رئيس الحكومة على «ان لبنان يحترم القرارات الدولية كافة بدءاً باتفاق الهدنة، بهدف تحقيق الاستقرار الدائم جنوب لبنان». وطالب بـ «دعم الجيش لتمكينه من القيام بمهامه». وقال ميقاتي «حان الوقت لايجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، وبالتالي البدء بوقف اطلاق النار واطلاق مسار دولي لحل نهائي وشامل على قاعدة الدولتين». أما الوزيرة الألمانية، فشددت على اهمية «تطبيق القرار الدولي الرقم 1701».
وأوعز الوزير بو حبيب، بناء لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، الى مندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة هادي هاشم بتقديم شكوى بتاريخ 9 كانون الثاني 2024 امام مجلس الامن الدولي رداً على الشكوى الإسرائيلية الأخيرة حول عدم التزام لبنان بقرار مجلس الامن 1701».
وعشية وصول المبعوث الرئاسي الاميركي أموس هوكشتاين الى بيروت في الساعات المقبلة، أشار نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بوصعب، في تصريح من عين التينة، إلى أنّ «الحرب لن تعيد المستوطنين الإسرائيليين إلى مستوطناتهم، بل تبعدهم أكثر وتجعل الأمر يمتد إلى عام»، موضحًا أنّ «الحل ليس بالحرب بل بالجهد الدبلوماسي». ولفت إلى أنّ «اللقاء مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان لوضعه في أجواء اللقاء الذي حصل مع المبعوث هوكشتاين في روما»، معتبرًا أنّ «في النهاية هناك حلولاً في الحروب، وبرّي كان له دائماً طروحات لإبعاد شبح الحرب ونأمل أن تساهم الزيارة بخطوة لتحقيق الاستقرار».
وعلمت «البناء» من مصادر رسمية أن الموقف اللبناني سيكون موحّداً أكان من رئيسي المجلس النيابي والحكومة ووزير الخارجية والنائب بوصعب، لجهة الطلب من هوكشتاين الضغط على «إسرائيل» لتطبيق كل القرارات الدولية وليس فقط القرار 1701، وأن المعبر الوحيد لتهدئة الجبهة الجنوبية والبحث في تسوية النزاع الحدودي للتوصل الى حل يمكن في وقف الحرب على غزة، لأن لا يمكن تطبيق أي حلول على أرض الواقع في ظل حالة الحرب القائمة على طول الحدود. كما سيؤكد المسؤولون للموفد الأميركي أن الحرب التي يهدد بها المسؤولون في حكومة الحرب ليست الحل للأزمة التي تواجه «إسرائيل» في الشمال، بل ستزيد الوضع سوءاً وقد تمتد الحرب لأشهر إضافية.
وأكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أننا «متفقون مع حزب الله على حماية لبنان ومواجهة إسرائيل التي تعتدي دائماً علينا لكن ليس أكثر من ذلك، ووثيقة التفاهم لم تتحدّث عن تحرير فلسطين لأن ذلك مهمة الفلسطينيين على أرضهم وهم من يقرّرون كيف يواجهون على أرضهم، ونحن لسنا مع منطق وحدة الجبهات لكن أفهم من يستعملونه للحصول على مكاسب وفي النهاية نحن مع منطق السلام وفلسطين هي التعبير عن التعايش السلمي بين الأديان السماوية، والإسرائيليون يستعملون التوراة في أفظع تعابير الحقد على الآخر لتبرير ما يقومون به».
ولفت باسيل في تصريح تلفزيوني، الى أننا «لا ننسى سقوط 150 شهيداً من حزب الله وهؤلاء ماتوا دفاعاً عن لبنان وبات يمكننا تحصيل حقوق لبنان، ونحن قدمنا في ورقتنا خلال الجولة التشاورية نقاط ثوابت من بينها تنفيذ القرارات الدولية والـ 1701 واستعادة الأراضي اللبنانية المحتلة وأولها مزارع شبعا وعودة اللاجئين الفلسطينيين وحقوقنا في موارد الغاز وعودة النازحين السوريين، ولا يقولنّ أحد أن النقطة الأخيرة ليس لها علاقة بالصراع مع «إسرائيل»».
ويعقد مجلس الوزراء جلسة في التاسعة صباح يوم غد الجمعة الواقع فيه 12/1/2024 في السراي الكبير، لبحث المواضيع المبينة في الجدول الموزع. وأشارت معلومات صحافية الى أن «لا تعيينات للمجلس العسكري في جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة».
المصدر: صحف