منذ لحظة وقوع مجزرة عيناثا، كانت هدى حجازي الخبر. بالرغم من هول ما حدث مع بناتها الشهيدات الثلاثة ليان وريماس وتالين، إلا أن هدى حجازي كانت الخبر. سألنا عندما رأينا النار تلتهم سيارتها وبناتها في الداخل يصرخن لها، ماذا أحسّت، هل التهمت النيران قلبها؟ وبعدها، بعد انطفاء النار في أجسادهن بقيت في قلب الوالدة وروحها، فسألنا عن حالها عند تشييعهن، وعن حالها بعده، وعندما استفاقت اتى جوابها برداً وسلاماً على قلوب حزنت لها، وبات السؤال، ما هذه القوة يا هدى؟ ما هذا السلام الجميل الذي يسكن كل ما فيكي؟ ما هذا الايمان الجميل؟
تربط هدى بين مشهد النيران المشتعلة في سيارتها، وقصة النبي ابراهيم التي كانت الأحب لدى بناتها الثلاث، لتقول إنها لم تشعر أنهن عانين ألم الاحتراق، “لقد انتشلوا هم ووالدتي من السيارة، حملتهن أياد بيضاء إلى مكان آخر، هم تحت عباءة السيدة الزهراء (ع)، وبيد صاحب الزمان”، تصمت وتضيف “برداً وسلاماً يا ماما”.
ومع الكلمات الملأى بالصبر، تظهر هدى الأم القوية المقاومة، التي ربت فتياتها على التعلق بالأرض وقدسية قضيتها، على قضية فلسطين وأحقية الدفاع عنها ونصرتها، على حب سيد المقاومة. تتوجه لعدوها وهي لا تزال على سرير المستشفى، تستقوي عليه بما لا يملك ولن يملك: الطمأنينة. ترفع يدها وتؤكد بصوت هادئ “سأقتلك في أرضي، في أرض فلسطين، ولو كنت في أكبر الملاجئ وأكثر تصفيحاً”.
المصدر: موقع المنار