كلُّ سيلِ الدمِ لم يَسْقِ جفافَ هيبتِه، ولم يَستطِع بكلِّ اشلاءِ الشهداءِ الابرياءِ من غزةَ الى لبنانَ ان يَستُرَ خيبتَه..
ثلاثونَ يوماً من القتلِ والتدمير، والقاتلُ الصهيونيُ يزدادُ غرَقاً وسيدُه الاميركيُ يزدادُ ارباكاً، والصمتُ العربيُ يزدادُ قُبحاً، وكلُّ رهانٍ منهم على الوقتِ سيزيدَهُم خُسرانا ..
فمعَ كلِّ صبحٍ يجدلُ المقاومونَ عبوةً او قذيفةً ويفاجئونَ الجيشَ المتخبطَ على رمالِ غزةَ بضربةٍ او مكمن، وبينَ غاراتِ الليلِ المظلمِ وصواريخِه المدمرة، يَبني المقاومونَ خطةً ويكتبونَ بدماءِ اطفالِهم ونسائِهم مشروع ردٍ جديد ..
هي حالُ غزةَ المغمسةِ ايامُها بدماءِ الابرياءِ والمرصعةِ سماؤها بعشَرةِ آلافٍ او يزيدُ من الشهداء – جُلُهم من الاطفالِ والنساء، ولم يَشفِ العدوُ غليلَه حتى معَ تدميرِ المدارسِ والمستشفيات، فوصلَ اليومَ الى مستشفى الشفاءِ مستهدفاً احدَ مبانيها، ومتوعداً بتدميرها ..
لم يَعُد يلتفتُ الغزيونَ الى عدّادِ التضحيات، فالعينُ على قذيفةِ ياسين التي خَبِرَ لهيبَها العدوُ وجنودُه، فيما أَلسُنُ المجاهدينَ وكلِّ الغزيينَ تلهجُ بـ”ألا اِنَ نصرَ اللِه قريب” ..
يومياتٌ لم تَعُد تسعفُ الكلماتُ لوصفِها، وصلابةٌ لم يَشهَدِ الزمانُ مثيلاً لها، وعلى اسمِها يهتفُ العالمُ من اقصاهُ الى اقصاه، ومن هُتافِ اطفالِها تهتزُ طاولاتٌ سياسيةٌ وترتعدُ بوارجُ حربيةٌ بدأت تشعرُ بثقلِ الاحداث، وهي حالُ الدبلوماسيةِ الاميركيةِ والعربيةِ الفاشلةِ عن تحقيقِ ايٍ من السيناريوهات التي تُنقذُ الاسرائيليَ الغارقَ بحقدِه وفشلِه حدَ الاختناق ..
وعلى حدودِ غزةَ الروحيةِ ما هو اقربُ من تلكَ الجغرافية، وحدةُ دمٍ وسلاحٍ وتضحيات. حدودُ لبنانَ المعمَّدةِ بدماءِ رياحينَ ثلاثٍ وجدةٍ مثابرةٍ حتى الاستشهاد، قضينَ على طريقِ القدس، فكُنَّ شاهداتٍ على حقدِ هذا المحتلِّ وحسابِه الطويلِ معَ هذه الارضِ واهلِها، فيما رجالُها الرجالُ يعرفونَ توقيتَ القِصاصِ وتثبيتَ المعادلاتِ حمايةً للبنانَ واهلِه ونصرةً لغزةَ وقضيتِها .. وبما يُثبِّتُ المأزقَ العبري توسيعُ الحراكِ الاميركي، وجولةٌ انتوني بلينكن على دولِ المنطقةِ بحثاً عن مخرجٍ لتطويقِ النارِ المشتعلة، فيما كانَ الجوابُ العراقيُ الايرانيُ باوضحِ العبارات: مَن لا يريدُ ان يتسعَ الصراع عليه ان يوقفَ العدوانَ على غزة ..
المصدر: قناة المنار