ماذا حقق العدو الاسرائيلي من قتل ليان وريماس وتالين؟ لماذا استهدف هؤلاء الأطفال ووالدتهم وجدتهم؟ ما هذا الاجرام والقتل بدم بارد؟ قد تخطر هذه الأسئلة في بال كل من طالع أو سمع أو رأى خبر مجزرة عيناثا، لكن سرعان ما ستبدو هذه الأسئلة في غير مكانها أو لا منطق فيها لسبب واحد وبسيط، أن لا مكان للاستفهام عن ارتكاب فعل الجريمة، مع كيان هذا جلّ وأفضل ما يتقنه منذ تأسيسه. مع كيان قتل في شهر ما يفوق العشرة آلاف مدني في قطاع غزة أكثرهم أطفال. هذا العدو لا يقتل لسبب واضح. هذا العدو يقتل كجزء من عقيدته التي تبرر ذلك، خصوصاً أننا نحن العرب “حيوانات بشرية” بالنسبة له.
يقتل العدو بيد لا يحدّها لا قانون دولي ولا منظمات حقوقية، يد تصافحها وتشدّ عليها كل أنظمة الغرب المتطورة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، فلماذا يبالي؟
نعتقد إذاً أنه من الأجدى استبدال هذه الأسئلة بأخرى أكثر صوابية: كيف نكفّ هذه اليد المجرمة عن أطفالنا؟ كيف نحمي أحلامهم؟ كيف نحضر لها مستقبلاً أكثر أمناً؟ إنها المقاومة ولا شيء غيرها.
رحلت ليان (10 سنوات) وريماس (14 سنة) وتالين (12 سنة). أودعن أحلامهن في عهدة المقاومة. وكذلك يفعل آلاف الأطفال الشهداء في غزة. ودائعٌ وسع الأرض والسماء، ستنمو وتنمو لتبتلع جبروت العدو يوماً ما، عندما يمنّ الله، على الذين استضعفوا في الأرض.
لا نعلم الكثير عن أحلام الشهيدات الثلاث، ربما تحدثنا عنها أمهم المصابة يوماً ما عندما تتعافى من ألم الفقد. لكن كل من تحدث عنهن بكى خلقهن الرفيع وحبهن للحياة واندفاعهن للعمل المجتمعي، الذي تمثل بحبهن للكشاف الذي كنّ منتسبات له عقب عودتهن من بلاد الاغتراب.
وفي السياق، روت عميدة فوج السيدة خديجة (كشافة الإمام المهدي عج) في بلدة بليدا الجنوبية لموقع المنار بعضاً مما تعرفه عنهن، قائلةً إن الشهيدات كنّ فاعلات إلى حد كبير، مستذكرةً “اعتراضهن على تعديل توقيت النشاط الكشفي الأسبوعي، لأنه يتعارض مع أيام عطلتهن المدرسية، مما سيحول دون مشاركتهن في النشاط”. بتأثر كبير حدثتنا عنهن، بالقول” إن نشاط ولادة الرسول محمد (ص) كان الأخير، للفتيات الشهيدات الخلوقات الهادئات”.
وبعد وصول والدهن المتواجد خارج لبنان تقرر تشييع الفتيات الثلاث مع جدتهن الحاجة سميرة عبد الحسين أيوب في العاشرة والنصف من صباح يوم غد الثلاثاء في جبانة بلدة بليدا.
الحالة الصحية لوالدة الشهيدات مستقرة
وفي وقت تداولت فيه بعض وسائل الاعلام خبر وفاة والدة الشهيدات الثلاث هدى عبد النبي حجازي، نفى مدير عام العلاقات العامة والاعلام في مستشفى الشيخ راغب حرب ذلك، مؤكداً أن حجازي “خضعت لعملية جراحية الليلة الماضية وحالتها مستقرة”، متمنيا على وسائل الاعلام مراجعة مكتب العلاقات العامة والاعلام في المستشفى للاستيضاح عن أي حالة مرضية داخل المستشفى وعدم نشر الاشاعات والأخبار الغير مسؤولة”.
صلاة وتضامن تربويان
هذا وقد خصّص عدد من المدارس صباح اليوم، وقفة تنديد بمجزرة عيناتا. وأصدرت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية بياناً موقّعاً من أمينها العام الأب يوسف نصر، نعى فيه الشهيدات، اللواتي كن يدرسن في مدرسة القلبين الأقدسين التابعة لها في عين إبل.
وفي البيان، استنكرت الأمانة العامة “وحشيّة العمل الإجرامي الذي ارتكبه العدو الإسرائيلي بحق التلامذة الثلاث مع جدتهنّ”، داعيةً إلى “تنفيذ وقفة صلاة وتضامن في مدارسها، التزاماً ببيان الاستنكار والتعزية الصادر عن وزارة التربية”.
أمانة المدارس الكاثوليكية حدّدت في بيانها هوية الجاني في مجزرة أمس، بخلاف بيان مدرستهن في عين إبل، الذي اعتبر أن استشهادهنّ أتى في سياق “لعبة الشر والحرب والموت”، دون تسمية العدو الإسرائيلي كجهة مرتكبة للمجزرة.
المصدر: موقع المنار