نص كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله يوم الجمعة 03-11-2023 خلال الاحتفال التكريمي للشهداء الذين ارتقوا على طريق القدس، كاملاً:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
أُرحب بهذا الحضور الكبير والمهيب في احتفال اعتزازنا وافتخارنا بالشهداء، بكل الشهداء، الذين اجتمعنا اليوم في حفل تكريمهم وفي حفل تجديد البيعة لِدمائهم ولأهدافهم.
اليوم نحن نُحيي ذكرى هؤلاء الشهداء، شهداء المقاومة الاسلامية في لبنان، شهداء حزب الله، شهداء السرايا اللبنانية لمقاومة الإحتلال الإسرائيلي، شهداء كتائب القسام في لبنان، شهداء سرايا القدس في لبنان، والشهداء المدنيين الذين استشهدوا ظلماً على يد الصهاينة وبينهم صحافيون.
نَتوجه بالدرجة الأُولى إلى عوائل الشهداء، نحن نتحدث عن شهداء الجبهة اللبنانية من لبنانيين وفلسطينيين، نتوجه إلى عوائل الشهداء بالتبريك لنيل أعزائهم وأحبائهم هذا الوسام الإلهي، وبالعزاء لِفقد هؤلاء الأعزة والأحبة من بين عائلاتهم سواءً كان أباً أو أخاً أو زوجاً أو إبناً، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل من الجميع، ويمتد تبريكنا وعزاؤنا إلى كل عوائل الشهداء في قطاع غزة في الضفة الغربية، في كل مكانٍ ارتقى فيه شهداء في هذه المعركة، معركة طوفان الأقصى، التي أصبحت ممتدة في أكثر من جبهة وفي أكثر من ساحة، الشهداء الآن لن أتحدث كثيراً عن الشهداء، لأنه بعد بضعة أيام لدينا احتفال يوم الشهيد، إن شاء الله نتحدث أكثر، لكن الشهداء هؤلاء فازوا فوزاً عظيماً، يكفي أن نقرأ بعض آيات الله سبحانه وتعالى في حقهم، ليكون ذلك موضع اعتزازٍ وافتخارٍ لعائلاتهم ولنا جميعاً، ولنكون على يقين إلى المكان الذي مضوا إليه، إلى العالم الذي رحلوا إليه، الى ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يقول الله سبحانه وتعالى عن الشهداء:” وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”، وفي سورة آل عمران: “وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ”،هم الآن أحياء، وليس المقصود في يوم القيامة، في يوم القيامة كل الناس سيكونون أحياء، أما الآن الشهداء هم الأحياء الفرحون المستبشرون المتنعمون برحمة الله وفضله، “وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ”.
هنيئاً لكل الشهداء، للشهداء المقاتلين، للشهداء المظلومين، للشهداء من الرجال والنساء والولدان والصغار والكبار، هنيئاً لهم انتقالهم إلى ذلك العالم، إلى جوار الله وملائكته وأنبيائه ورسله وأوليائه وشهدائه، حيث لا استكبار أمريكي ولا استبداد صهيوني ولا عدوان ولا قتل ولا مجازر، و لذلك نحن من هذا الموقع الإيماني والعقائدي ننظر إلى الشهداء.
ولعوائل الشهداء أيضا اقول لهم: لقد مضى أبناؤكم واعزاؤكم في معركة اليوم على وجه الأرض، لو أردنا أن نبحث، دائماً كُنا نقول هذا في الماضي، لو أردنا أن نبحث عن معركة كاملة الشرعية من الناحية الإنسانية، من الناحية الأخلاقية، من الناحية الدينية، لن نجد معركة كمعركة القتال مع هؤلاء الصهاينة والغزاة المحتلين لفلسطين، هذه معركة لا غبار عليها، على المستوى الإنساني، على المستوى الأخلاقي، على المستوى الشرعي، ولذلك هي من أوضح وأعظم وأبين مصاديق القتال في سبيل الله سبحانه وتعالى، هذا ما يجب أن نعرفه جميعاً.
اليوم نتوجه إلى عوائل الشهداء، أيضا لِنفتخر بهم، لِنعتز بهم، لقد سمع العالم وسمعنا مواقفهم وكلماتهم التي تُعبّر عن الصمود والثبات واليقين والتسليم والرضا بمشيئة الله واختيار الله واصطفاء الله لأعزائهم شهداء، وهذه هي قوتنا الحقيقية قبل السلاح، قوتنا الحقيقية في هذا الإيمان، في هذه البصيرة، في هذا الوعي، في هذا الالتزام العميق بالقضية، في هذا الاستعداد العظيم للتضحية، في هذا الصبر الذي لا حدود له، الذي يُعبّر عنه آباء وأُمهات وزوجات وأبناء وبنات وعوائل الشهداء، وأيضاً التحية كل التحية للشعب الأُسطوري، للشعب الذي لا نظير له في هذا العالم، لأهل غزة وشعب غزة الذين شاهدناهم على شاشات التلفزيون كيف يخرج الرجل أو المرأة أو الطفل من تحت الأنقاض، وقد دُمر بيته واستشهدت عائلته ويصرخ ان كل ما قدمه هو فداءٌ للمقاومة، فداءٌ للأقصى، فداءٌ لِفلسطين، هنا القوة الحقيقية وهنا الشعب الذي يعجز اللسان والبيان عن التعبير عن عظمته وعن جبروته وعن إيمانه وعن صموده وعن صبره، وكذلك ما نشهده في الضفة الغربية من تضحيات وصمود وصلابة وشموخ وصبر وفي كل الساحات.
أيها الأُخوة والأَخوات، اليوم أنا سوف أُركز حديثي على الحدث المباشر، لِنفهم ما حصل ولِنشرح موقفنا ولِنحدد موقفنا ولِنحدد المسؤوليات ونتحدث عن الأُفق، طبعاً ما يرتبط بالجو اللبناني والتضامن الوطني الموجود وجوانب عديدة، وحتى فيما سأتعرض له، سأُشير أن هذا يحتاج إلى حديثٍ مفصلٍ في وقتٍ لاحق، لكن يجب في البداية أن نُوجه التحية إلى كل الذين تضامنوا وتظاهروا وصرخوا وأيدوا وساندوا ودعموا على مستوى العالم من الدول، من دول عربية أو إسلامية أو أميركا اللاتينية، إلى كل الشعوب، إلى كل المواقف. ويجب أن نَخص بالذكر والتحية السواعد العراقية والسواعد اليمنية التي دخلت إلى قلب هذه المعركة المباركة.
أيها الأُخوة والأَخوات، لماذا وصلت الأمور وما خلفية ما حصل في 7 تشرين أول وعملية طوفان الأقصى؟
طبعاً سأتعرض إلى هذه الأمور باختصار لأنه لا بد من ذكرها ليبنى عليها الموقف.
معروفٌ لكم وللعالم معاناة وآلام الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 75 عاماً،فلا داعي الآن للشرح، جميعكم تعرفون هذا الموضوع.
لكن أوضاع السنوات الأخيرة في فلسطين كانت قاسية جداً وخصوصاً مع هذه الحكومة المتطرفة والحمقاء والغبية والمتوحشة، هناك أربع عناوين كانت ضاغطة في الوضع الفلسطيني: العنوان الأول: هو ملف الأسرى، آلاف الأسرى من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بعضهم مضى عليه سنوات طويلة، بعضهم مرضى يعاني خطر الموت وليس هناك من يُحرك ساكناً، ومع الحكومة المتطرفة وهذا الوزير الغبي قام بالتشديد على الأسرى وعلى عائلات الأسرى مما جعل الأمور في بعضها الانساني سيئة جداً.
العنوان الثاني: ملف القدس والمسجد الأقصى وما تعرض له خصوصا في الأشهر الأخيرة الماضية وخصوصا في الأسابيع التي سبقت عملية طوفان الأقصى، لم يكن له أيضا سابقة منذ احتلال القدس عام 67.
ثالثا: الحصار على غزة، قرابة العشرين عاما هناك أكثر من مليوني انسان يعيشون في مساحة ضيقة في حصارٍ خانق في ظروف معيشية صعبة دون أن يحرك أحد ساكنا في هذا العالم.
العنوان الرابع: المخاطر الجديدة التي بدأت تتهدد الضفة الغربية من خلال مشاريع الاستيطان الجديدة أيضا مع هذه الحكومة المتطرفة الحمقاء الغبية، إضافةً إلى أعمال القتل اليومي والاعتقال اليومي وهدم البيوت.
هذه ملفات كلها كانت ضاغطة وبقوة على الفلسطينيين وعلى حركات المقاومة في فلسطين.
وليس هناك في هذا العالم من يسأل لا أمم متحدة، ولا مجلس أمن دولي، ولا منظمة تعاون إسلامي، ولا جامعة الدول العربية، ولا اتحاد أوروبي ولا كل التكتلات الدولية المعروفة في العالم، بل كانت قضية فلسطين وما يجري في فلسطين وكل هذه الملفات كانت منسية في آخر اهتمامات العالم إن كانت موجودة أساساً على لائحة الاهتمامات، وفي المقابل كانت سياسة العدو تزداد صلافة وطغياناً وعتواً وافساداً وظلماً وقهراً واذلالاً.
إذاً كان لا بد من حدث كبير يهز هذا الكيان الغاصب المستبد المُستعلي ويهز داعميه المستكبرين وخصوصاً في واشنطن ولندن، ويفتح كل هذه الملفات الانسانية أمام العالم ويعيد طرح قضية فلسطين المحتلة وشعبها المظلوم المحاصر، ومقدساتها المهددة طرحها من جديد كقضية أولى في العالم.
فكانت العملية الجهادية العظيمة الكبرى في 7 تشرين الأول عملية طوفان الأقصى والتي قام بها مجاهدوا كتائب عز الدين القسام(رضوان الله عليه) وشاركهم فيها بقية فصائل المقاومة في قطاع غزة.
هذه العملية، إذاً هذه أول نقطة في الخلفية.
النقطة الثانية: هذه العملية العظيمة والمباركة والواسعة كان قرارها فلسطينياً مئة بالمئة وكان تنفيذها فلسطينياً مئة بالمئة قد أخفاها أصحابها عن الجميع حتى عن فصائل المقاومة في غزة، فضلاً عن بقية دول وحركات محور المقاومة، وهذا ضمن سريتها المطلقة، وهذه السرية المطلقة هي التي ضمنت نجاح العملية الباهر من خلال عامل المفاجئة المذهلة خلافاً لما يظنه البعض، لأنكم تعرفون أنه الآن بالمعركة القائمة يتسلل بعض المثبطين أو المخذلين أو الفتنويين خلافاً لما يظنه البعض فهذا الاخفاء لم يُزعج أحداً في حركات المقاومة ومحور المقاومة على الإطلاق، بل أثنينا عليه جميعاً لأنه كان شرطاً طبيعيا لنجاح العمل وليس له أي تأثير سلبي على الإطلاق على أي قرار يتخذه فريق أو حركة مقاومة في محور المقاومة، بل بالعكس هذا الأداء من الإخوة في حماس ثبّت وأكّد الهوية الحقيقية للمعركة والأهداف وقطع الطريق على الأعداء وعلى المنافقين أن يُزيفوا وأن يُحرفوا وخصوصا عندما يتحدثون عن علاقات فصائل المقاومة الفلسطينية الإقليمية، عادة بلبنان وفلسطين واينما كان عندما تحصل معركة معينة سريعاً يقول لك الملف النووي الإيراني، خدمة المفاوضات الإيرانية الأوروبية، خدمة المفاوضات الإيرانية الأمريكية، خدمة للأهداف الإيرانية في المنطقة سريعاً يأخذون الموضوع لمكان آخر من باب الكذب والتضليل والتزوير، معركة طوفان الأقصى من خلال قرارها الفلسطيني وتنفيذها الفلسطيني وأقول لكم وعدم علم أحد فيها، هي تثبت أن هذه المعركة هي فلسطينية بالكامل من أجل فلسطين وملفات فلسطين، وقضايا فلسطين وشعب فلسطين وليس لها علاقة بأي ملف إقليمي أو دولي أو ما شاكل على الإطلاق.
وهذه الحادثة أيضاً تؤكد مصداقية ما كُنا نقوله طوال السنوات الماضية ليفهم ذلك الصديق وليفهم ذلك العدو وإن كان البعض لا يستطيع أن يفهم هذه الحقيقة، ان القرار لدى حركات المقاومة هو لدى قيادات حركات المقاومة، الجمهورية الإسلامية في إيران منذ الإمام الخميني(رضوان الله عليه) إلى سماحة الإمام الخامنئي(دام ظله) تتبنى وتدعم وتساند علناً حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والمنطقة، ولكنها لا تمارس أي وصاية عليها على الإطلاق ولا على قياداتها ولا على قراراتها، ما حصل في الماضي وما حصل في طوفان الأقصى اليوم يؤكد هذه الحقيقة، ومن يريد أن يقرأ ما يجري اليوم ويمكن أن يجري في أي وقتٍ في المستقبل، يجب أن يفهم أن أصحاب القرار الحقيقيين هم قيادات المقاومة وأهل المقاومة ومجاهدو المقاومة ويخدمون أهدافهم وقضيتهم الأساسية والحقيقية.
أيها الإخوة والأخوات، النقطة الثالثة: الحدث وتداعياته، ما حصل ميدانياً كلكم واكبتم بالتفصيل ولا داعي أن أشرح ما جرى في 7 تشرين جميعنا رأيناه على الشاشات وعلى القنوات.
وكان عملاً بطولياً شجاعاً، مبدعاً، متقناً، عظيماً كبيراً تُرفع له كل التحايا، ماذا أدى هذا العمل الكبير والعظيم؟
أدى إلى إيجاد وإحداث زلزال على مستوى الكيان الإسرائيلي، زلزال أمني، وعسكري، وسياسي، ونفسي، ومعنوي، وكانت له نتائج وتداعيات استراتيجية، ووجودية، وستترك آثارها على حاضر هذا الكيان وعلى مستقبل هذا الكيان، ومهما فعلت حكومة العدو، ما فعلت خلال الشهر الذي مضى وخلال الأسابيع والأيام المقبلة، هي لن تستطيع على الاطلاق أن تُغير من نتائج ومن تداعيات ومن آثار طوفان الأقصى الاستراتيجية والتاريخية على هذا الكيان وعلى مستقبل الصراع في هذا الكيان.
وكشفت الكثير من الحقائق التي يجب أن نعرفها جميعاً وأن نُضيء عليها جميعا طبعا ليس الآن، في أوقات مختلفة، الحديث عن نتائج وتداعيات وآثار، الآثار العظيمة والكبيرة لعملية طوفان الأقصى أيضاً تحتاج إلى وقت آخر إلى تفصيل آخر في وقت آخر، لكن أهم نقطة أنها كشفت عن الوهن والضعف والهزال، وأنها بحق أوهن من بيت العنكوت، أنها أوهن من بيت العنكبوت، لقد قرأت في بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية كلاماً يقول أن الاسرائيليين أنفسهم باتوا يؤمنون أكثر من فلان عني أنا يعني، أن الاسرائيليين باتوا يؤمنون أكثر من فلان أن اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت.
وهذه حقيقة ثبتتها عملية طوان الأقصى، سارعت الادارة الأمريكية برئيسها ووزرائها وجنرالاتها لِتمسك بهذا الكيان الذي كان يهتز وكان يتزلزل، من أجل أن يستعيد بعض أنفاسه، يستعيد بعض وعيه، يقف على قدميه من جديد، وليستعيد زمام المبادرة، وهو لم يتمكن حتى الآن من استعادة زمام المبادرة، وتقديم الحماية والمساندة له بكل الأشكال.
هذه الحادثة وهذه السرعة الأمريكية لاحتضان اسرائيل ومساندتها ودعمها واسنادها كشف وهن وفشل وضعف هذا الكيان، تصوروا منذ الأيام الأولى لطوفان الأقصى وفي مواجهة قطاع غزة المحاصر حكومة العدو من اليوم الأول احتاجت إلى أن تأتي الأساطيل الأمريكية إلى البحر الأبيض المتوسط من أجل الدعم المعنوي والاسناد العسكري، أساطيل أمريكية! أين جيشكم؟ أين سلاح جوكم؟ أين اسطولكم البحري؟ أين إسرائيل التي كانت تتفاخر بأنها أقوى جيش في المنطقة؟ شوي تأتي الأساطيل الأمريكية وحاملة الطائرات الأمريكية، وأن يأتي الجنرالات الأمريكيون وخبراتهم إلى الكيان، أن يُؤخذ قرار من اليوم الأول بفتح المخازن الإستراتيجية الأمريكية في فلسطين للجيش الإسرائيلي، إسرائيل من الأيام الأولى طلبت أسلحة جديدة وصواريخ جديدة من أمريكا، من اليوم الأول طلبت اسرائيل عشرة مليار دولار، لم نبدأ بعد، هل هذه دولة قوية؟ هل هذه دولة تملك قدرة الوقوف على قدميها؟ التي تحتاج إلى هذا الدعم الأمريكي وإلى هذا الحشد الغربي الأوروبي، رؤساء جمهورية، رؤساء حكومات، وزراء، وزراء دفاع، جنرالات، يأتون من كل أنحاء العالم من أجل الدعم المعنوي لإسرائيل، ماذا فعل طوفان الأقصى بهذا الكيان وبقادة هذا الكيان؟
النقطة التي تليها، هذه النتائج والتداعيات وهذه الآثار يجب أن تُشرح وتُبين لِنعرف أن التضحيات القائمة الآن في غزة وفي الضفة وعلى كل الجبهات، نعم هذه تضحيات مستحقة لأنه ربما هناك ناس يقولون يعني حماس والإخوة في غزة كانوا عاملين هذا الحساب، نعم هذه الانجازات وهذه النتائج وهذه التداعيات تستحق كل هذه التضحيات، لأنها أسست لمرحلة جديدة من الصراع مع هذا العدو، أسست لمرحلة تاريخية جديدة من مصير الشعب الفلسطيني ومصير شعوب المنطقة ودول المنطقة، هذا الأمر الذي حصل في طوفان الأقصى ولذلك هو يستحق كل هذه التضحيات، ولم يكن هناك خيار آخر وليس هناك خيار آخر، الخيار الآخر يعني السكوت، الصمت، الانتظار، انتظار الموت، انتظار ذهاب الضفة، انتظار ذهاب الأقصى، انتظار المزيد من الحصار، انتظار موت الأسرى، ولذلك هذا الخيار كان صائباً سليماً صحيحاً حكيماً شجاعاً، مطلوباً في وقته الصحيح وفي وقته المناسب ويستحق كل هذه التضحيات.
النقطة التي تليها: كيف تصرف العدو تجاه حادثة 7 تشرين وطوفان الأقصى؟ كان واضحاً من الساعات الأولى ان هذا العدو كان ضائعاً وتائهاً وشارداً، لأنه تعرفون يوم سبت وليلة عيد وهذا طبعا كان التوقيت العظيم الذي تم انتخابه من قبل المقاومة، كانوا الجماعة يبدو كلهم نائمين، لأنه كل الليل سهرانين وسكرانين، وليس فقط في غلاف غزة حتى في تل أبيب وفي القدس، لأنه إلى ساعات لظهر نتنياهو وغالانت وبينوا الجماعة واستيقضوا من النوم.
في حالة ذهول، في حالة جنون، في حالة ضياع، في حالة غضب، غضب مع جنون، ولذلك عندما ذهبوا لاستعادة المستعمرات في غلاف غزة من أيدي المقاومين الفلسطينيين، هم الذين ارتكبوا المجازر بحق المستوطنين الاسرائيليين، وليس ما يتهمون به حماس وبقية فصائل المقاومة، وبدأت الآن أصوات ومقالات وتحقيقات في داخل الكيان الاسرائيلي تُقدم شواهد على هذا الأمر، وغدا عندما يقف غبار المعركة وتبدأ لجان التحقيق سيكتشف العالم أن أغلب من يقولون أنهم مدنيون قتلتهم حماس أو قتلهم الفلسطينيون، إنما قُتلوا بسلاح ورصاص وقذائف وصواريخ الجيش الإ|سرائيلي، الذي كان يتصرف بغضب وبجنون وبضياع.
أمام غزة وأمام الحادث المهول الذي تعرض له العدو، يبدو أن حكومات العدو الاسرائيلي لا تستفيد من تجاربها على الاطلاق، هذا الذي نسمعه دائما يقولون لنا ان اسرائيل تستفيد، تعمل تحقيقات وتأخذ العبر والدروس، لا يظهر هذا.
لا يظهر أنهم يستفيدون من التجارب ولا يأخذون عبر ودروس، وخصوصا من تجاربهم وحروبهم مع حركات المقاومة في لبنان وفي فلسطين، وهذا واضح ما يجري اليوم جرى في السابق، طبعا مع فارق ساتحدث عنه، في لبنان في تموز 2006 وفي حروب متكررة مع غزة مع فارق كمي ونوعي ولكن من نفس الطبيعة ومن نفس الجوهر.
من أهم الأخطاء التي ارتكبت في الحروب السابقة ويرتكبها وترتكبها حكومة العدو الآن هي الأهداف، هي طرح أهداف عالية لا يمكنهم أن يُحققوها ولا يمكنهم أن يصلوا إليها، مثلاً عندما قالوا أن الهدف هو القضاء على حماس في قطاع غزة، على حماس كل حماس، مرة يقول اسقاط حكومة حماس، مرة يقول القضاء على قيادة حماس، مرة يقول القضاء على الجناح العسكري في حماس، ولكن مرة يقول القضاء على حماس، هل هناك من شحص عاقل “في رأسه عقل” يضع هكذا هدف؟ ثم بعد ذلك عندما إستيقظوا على نفسهم وطالبوهم عائلات الأسرى وضعوا هدفاً آخر وهو استعادة الأسرى لدى المقاومة وفصائل المقاومة في غزة بلا قيد وبلا شرط، حسنا، هناك شخص لديه تجربة طويلة عريضة مع فصائل المقاومة من بداية حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية الى اليوم، هل مر يوم من الأيام إستطاع الإسرائيلي فيه أن يُحرر أسراه بدون تبادل وتفاوض؟ هذا لا يستفيد من تجاربه، حسنا، ما جرى في لبنان في الـ2006 نفس الأمر، بعد عملية الأسيرين، جاء وقال أن هدف الحرب القضاء على حزب الله، سحق حزب الله، طبعا كانت معه أميركا والغرب ومعه دول عربية وما شاكل، الهدف هو سحق حزب الله في لبنان وإستعادة الأسيرين بلا قيد وبلا شرط، وقاتل 33 يوما، لا إستطاع سحق حزب الله ولا إستطاع أن يستعيد الأسيرين من دون تفاوض ومن دون تبادل، هذه التجربة هي ذاتها، واليوم في غزة نفس الأمر، طبعا مع فارق أساسي أسمه حجم الجرائم والمجازر والقتل وأعمال الإبادة التي يُمارسها هناك، في حرب تموز أكثر من 150 ألف منزل ما بين تدمير كامل وجزئي، آلاف الشهداء، ولكن في نهاية المطاف صمد الشعب اللبناني، صمدت المقاومة في الجبهات، أُجبر العدو أن يتوقف، وأن يتنازل عن أهدافه، وأنزلوه عن الشجرة، اليوم ما يجري في فلسطين وما يجري في قطاع غزة أيها الاخوة والاخوات، أيضا يكشف غباء الإسرائيلي وحماقته وعجزه، لأن ما يقوم به ما هو؟ هو يقوم بقتل الناس في غزة، الأطفال والنساء، أغلب الشهداء هم من الأطفال والنساء، الأغلبية الساحقة هم من المدنيين، يدمر الكنائيس والمساجد والمستشفيات والمدارس، لا توجد حرمة لشيء، لا لدم ولا لمؤسسة في قطاع غزة، يدمر أبنية مليئة بالسكان، يدمر أحياء بكاملها تحت مرأى العالم، هل هذا يحتاج إلى أقوى سلاح جو في المنطقة؟ هل هذا يحتاج إلى جيش قوي في المنطقة؟ هذا يستطيع أن يفعله أي جيش يملك بعض الطائرات وبعض الصواريخ، ولكن شهر بكامله لم يستطع أن يقدم إنجازا عسكريا حقيقيا واحدا، وعندما تقدم إلى البر نفس السيناريو في حرب تموز، عندما وجد بأن القصف والمجازر وتهجير الناس وتدمير البيوت وآلاف الشهداء وآلاف الجرحى، لم يمس ولم يفت من عضد المقاومة، بدأ عمليته البرية، وكانت البطولات في مارون الراس وفي بنت جبيل وفي القرى الأمامية وفي عيتا وفي غيرها مما شهده العالم ومجازر الدبابات والقتلى والجرحى في صفوف العدو، اليوم يقوم بنفس الأمر بغزة، هو يُحاذر أن يقوم بعملية كبيرة، يبيعها للعالم، أنه لا يقوم بعملية برية كبيرة، ولكن هو يحاذر لأنه خائف، ولأنه عاجز ولأنه فاشل، وحتى الخطوات المحدودة التي قام بها كُلنا شاهدنا بأم العين شجاعة وبطولات المقاومين الفلسطينيين، عندما يتقدم المقاوم ويضع العبوة على سطح الدبابة، كيف سيقاتل هذا الجيش في أرض من هذا النوع ومع مقاتلين من هذا النوع، إذاً هذا الذي تصرف به العدو وما زال، في الجهد العسكري المباشر تردد وإرتباك وخوف وضعف، نعم ما يُتقنه منذ 75 عاما هم إرتكاب المجازر، كما فعل فلسطين وكما فعل في لبنان وفي كل المنطقة، والهدف هو ان يمس بإرادة قيادة المقاومة، لترفع الأعلام البيضاء، لتستسلم ولتخضع، وأنا أعتقد أن المشاهد الآتية كل يوم وكل ليلة وكل ساعة من قطاع غزة تقول لهؤلاء الصهاينة، مشاهد الأطفال ومشاهد النساء والرجال، الخارجين من تحت الانقاض الصارخين بتأييد المقاومة، تقول لهذا العدو أن نهاية المعركة ستكون إنتصار غزة، وهزيمة هذا العدو، وأنك لن تستطيع من خلال القتل والمجازر أن تصل إلى أي نتيجة على الإطلاق.
أيها الإخوة والاخوات، النقطة التي تليها، كل هذا الذي يجري قي قطاع غزة ويراه العالم يكشف لنا من جديد ويؤكد لنا من جديد، أولاً: الطبيعة المتوحشة والهمجية لهذا الكيان، لإسرائيل، للكيان الغاصب الذي زرعوه في منطقتنا في فلسطين بناءً على وعد بلفور المشؤوم الذي كان ذكراه بالأمس ليتلظى بناره وحروبه منذ 75 عاما شعوب المنطقة وأولها الشعب الفلسطيني ومصر والأردن وسورية ولبنان وكل المنطقة، اليوم من جديد وبعد كل السنوات التي حاولوا فيها أن يقولوا للشعوب العربية وللعالم الإسلامي ولشعوب العالم، أن ما في جواركم هي دولة ديمقراطية، دولة قيم إنسانية، دولة أخلاق ودولة قانون ودولة تحترم القانون الدولي، اليوم شهداء غزة، أطفال غزة، نساء غزة، المظلومون في غزة كما في كل المجازر السابقة يكشفون ويُسقطون كل هذه الأقنعة الكاذبة، التي ساهمت سياسات ووسائل الإعلام عالمية وعربية في خداع شعوبنا لِدفعها نحو التطبيع مع هذا الكيان أو السكوت عن هذا الكيان، وثانيا: يكشف ويؤكد المسؤولية الأميركية المباشرة عن كل هذا القتل والمجازر والهمجية وهذا النفاق الأميركي، منذ اليوم الأول وبايدن يقول أوصيناهم أن ينتبهوا للقانون الدولي، حقكم بالدفاع عن النفس ولكن إنتبهوا للمدنيين، كلام فارغ، نفاق، ثلاثون يوماً تسحق غزة أما المجتمع الدولي ودول العالم، ودول الغرب، التي تتغنى بالقيم الإنسانية وحقوق الإنسان، يتخذون حجة كاذبة أن حماس قطعت رؤوس الأطفال ولم يستطيعوا أن يقدموا لها دليلا على الإطلاق، ويسكتون عن آلاف الاطفال الذين تُقطع رؤوسهم في قطاع غزة وتتشظى أجسادهم في قطاع غزة، لنعرف حقيقة أميركا وحقيقة الغرب، وحقيقة المجتمع الدولي، وحقيقة ما يُسمى بالقوانين الدولية، وشريعة الغاب التي تحكم هذا العالم.
أيها الأخوة والأخوات، من خلال هذا الذي يحدث يجب أن نعرف اليوم ان أميركا هي المسؤولة بالكامل عن الحرب الدائرة في غزة وعلى شعبها وأن إسرائيل هي مجرد أدوات تنفيذية، أميركا هي التي تمنع إدانة إسرائيل في مجلس الأمن، أميركا هي التي تمنع وقف إطلاق النار في غزة، أميركا هي التي تمنع وقف العدوان على غزة، وأميركا تثبت من جديد كما قال عنها الإمام الخميني(قدس سره) الشيطان الأكبر، هي المسؤول الأول عن كل المجازر في القرن الحاضر والماضي، من هيروشيما إلى فيتنام إلى العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين وإلى كل المنطقة، ويجب ان تُحاسب على جرائمها وعلى مجازرها، ويجب أن تُجازى على ما ترتكبه بحق شعوب منطقتنا.
وفي هذا السياق أيها الأخوة والاخوات، يأتي قرار المقاومة الإسلامية في العراق بمهاجمة القواعد العسكرية الأميركية، قواعد الإحتلال الاميركي في العراق وفي سورية بإعتبار أن الأميركي هو الذي يُدير الحرب في غزة، وهو الذي يجب أن يدفع ثمن عدوانه ودعمه وإحتلاله وجرائمه في العراق وفي سورية وفي فلسطين، وهذا قرارٌ حكيمٌ من قيادة المقاومة الإسلامية في العراق، قراٌ حكيم وصائب وصحيح وشجاع ومبارك، وقد سمعنا اليوم وبالأمس أيضا خطوات جديدة بإتجاه فلسطين المحتلة في أكثر من نقطة وسيتضح ذلك في الساعات والأيام القليلة المقبلة، ونحن هنا نُوجه التحية لهؤلاء المقاومين الشرفاء الذين ينصرون إخوانهم ويُغيثون المظلومين والمعذبين ويدخلون إلى المعركة بحق. أيها الإخوة والأخوات، النقطة التي تليها، إن واجب كل حر وشريف من هذا العالم أن يُبين هذه الحقائق التي تحدثنا عنها، في معركة الرأي العام التي يخوضونها بالأكاذيب والتزوير والتحريف، والرأي العام العالمي بدأ ينقلب على هؤلاء الطغاة، على قتلة الأطفال الحقيقيين، والعالم كله يرى آلاف الأطفال والنساء يُقتلون وتمزق أجساهم أمام كاميرات العالم، هذا أضعف الإيمان في هذه المعركة، التي هي معركة الحق والباطل، معركة الإنسانية مقابل التوحش والهمجية التي تُمثلها أميركا وبريطانيا وإسرائيل وبعض دول الغرب، الدفاع اليوم عن شعب غزة هو مقتضى إنسانية الإنسان، من يصرخ، من يكتب، من يأخذ موقفاً، من يتظاهر، من يدعم، من يساند، من يتكلم، من يتحرك فضلاً عن من يقاتل، هذا هو مقتضى إنسانية الإنسان، ومن يسكت يجب أن يُعيد النظر في إنسانيته إن كان إنساناً وفي دينه إن كان ينتمي إلى دين وفي شرفه إن كان يدعي أنه شريف، وهنا يجب أن يتحمل الكل مسؤوليته.
أيها الأخوة والأخوات أصل إلى تحمل المسؤولية، في العام 1948 عندما تخلى العالم عن الشعب الفلسطيني قام هذا الكيان، ودفع الشعب الفلسطيني وكل شعوب المنطقة وكل دول المنطقة آثار وسلبيات وآلام قيام هذا الكيان، التبعات لم تكن فقط على الشعب الفلسطيني، كانت على الأردنيين والمصريين والسوريين واللبنانيين، ولعله لبنان من أكثر الدول والشعوب التي عانت من آثار وجود هذا الكيان المعتدي والغاصب والطماع، وهذه حقيقة تاريخية، من يستطيع أن يتهرب منها أو يتنكر لها؟ اليوم نفس الأمر، اليوم ما يجري في غزة ليس حرباً كبقية الحروب السابقة، وليس حادثاً كبقية الحوادث، ليست معركة كبقية المعارك، هي معركة فاصلة، حاسمة تاريخية ما بعدها ليس كما قبلها على الإطلاق وهذا يفرض على الجميع أن يتحمل المسؤولية، عندما نتحدث عن تحمل المسؤولية يجب أن نضع الأهداف القريبة التي يجب أن نعمل لها جميعا وفي رأينا هناك هدفان، الهدف الأول الذي يجب العمل له في الليل وفي النهار، وقف العدوان على قطاع غزة، وقف الحرب على قطاع غزة، والهدف الثاني أن تنتصر غزة، أن تنتصر المقاومة الفلسطينية في غزة وأن تنتصر حماس بالتحديد في غزة، هذه أهداف يجب أن يتم وضعها نُصب العين، ويجب العمل من أجلها، الهدف الأول وقف الحرب ووقف العدوان أسبابه ودواعيه وأدلته إنسانية وأخلاقية ودينية وشرعية وليست قابلة للنقاش، أما الهدف الثاني أيها الأخوة والاخوات ويا كل السامعين هو مصلحة الجميع، هو بالتأكيد أولاً مصلحة الشعب الفلسطيني، مصلحة كل الشعب الفلسطيني، ولكنه أيضا ولأن هناك أناس يلعبون بالتزوير والتحريف، يوجد من يقول لك، إذا إنتصرت غزة يعني إنتصرت إيران، إذا انتصرت غزة فلنقل الأمور على المكشوف يعني إنتصر الإخوان المسلمين في المنطقة، هذا تضليل وتحريف وتزوير، إنتصار غزة يعني إنتصار الشعب الفلسطيني، إنتصار الأسرى في فلسطين، إنتصار الضفة والقطاع والقدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وهو أيضاً إنتصار لدول وشعوب المنطقة وخصوصا دول الجوار، ليس هناك وقت لأن أشرح بالتفصيل، ولكن تكفي الإشارة، إنتصار غزة اليوم هو مصلحة وطنية مصرية، إنتصار غزة اليوم هو مصلحة وطنية أردنية، إنتصار غزة اليوم هو مصلحة وطنية سورية، وأولاً وقبل كل الدول إنتصار غزة اليوم هو مصلحة وطنية لبنانية، وأعتقد أن هذا الأمر تم شرحه خلال الأيام القليلة الماضية، ماذا يعني أن تنتصر إسرائيل في غزة؟ ماذا يعني أن تُهزم المقاومة في غزة؟ ما هي تداعيات هذا على دول المنطقة؟ على فلسطين، على قضية فلسطين؟ وخصوصا على لبنان؟ في البعد الأمني والسياسي والبعد الشعبي والبعد الديمغرافي، والعدو يتهدد لبنان وشعب لبنان، ويتوعد، هو يغرق في رمال غزة عاجز وفاشل ولكنه يستقوي، يستقوي على الشعب اللبناني ويتهدد الشعب اللبناني بماذا؟ بدماء الأطفال في غزة، بدماء وأشلاء النساء في غزة، بالمساجد والكنائس المدمرة في غزة، وهذا منتهى الوحشية والهمجية.
إذاً أيها الأخوة والأخوات، المسؤولية هي مسؤولية الجميع في هذا العالم، كل حر وكل شريف في هذا العالم يجب أن يتحمل المسؤولية، الدول والحكومات العربية والإسلامية يجب أن تعمل كل جهدها لفرض وقف العدوان على غزة بالحد الأدنى، لا تريدون أن تعملون للهدف الثاني، دينكم وإنسانيتكم وأخلاقكم وضمائركم تفرض عليكم أن تعملوا من أجل الهدف الأول وهو وقف العدوان، لا يكفي التنديد وبيانات الإستنكار والشجب، إقطعوا العلاقات، إسحبوا السفراء، لا يكفي أن نخطب، وفي نفس الوقت نُرسل النفط إلى إسرائيل، ونُرسل الغاز إلى إسرائيل، ونُرسل المواد الغذائية إلى إسرائيل، للأسف الشديد في الحروب الماضية، كان الخطاب للدول العربية والإسلامية إقطعوا النفط عن أميركا، وأصبحا اليوم نحلم ونطالب ونقول للدول العربية والإسلامية إقطعوا النفط عن إسرائيل، وإقطعوا المواد الغذائية عن إسرائيل، وأوقفوا تصدير ما تُصدرونه إلى إسرائيل، قرآت لبعض الإسرائيليين متهكماً على الدول العربية، يقول: 22 نظام ودولة عربية لا تستطيع أن تُخرج مريضاً جريحاً من غزة، لا تستطيع أن تُدخل شاحنة مساعدات إلى غزة، هل وصل العجز العربي إلى هذا المستوى؟ الأخوة في غزة في نداءاتهم يقولون للدول العربية لا نُطالب بجيوشكم ولا سلاحكم ولا صواريخكم، ولكن أليس فيكم بعض القوى حتى تفتحوا معبر رفح؟ وتفرضوا إدخال مساعدات وإخراج الجرحى؟ ألا يستطيع هؤلاء أن يذهبوا ويعتصموا عند معبر رفح، من ملوك ورؤساء ووزراء وعلماء، كبار القوم في العالم العربي والإسلامي، هم ونساؤهم وأطفالهم، على مقربة من نساء وأطفال غزة، ويُحولوا الحدود مع رفح إلى منبر يُخاطبون من خلاله كل العالم، ويخاطبون شعوبهم ويُحملون الجميع المسؤولية؟ على كل حال، يجب أن نقول هذا الكلام، أنا لا أريد أن أذهب لا إلى لغة التخوين ولا إلى لغة إساءة الكلام، لأن هذا لا يُجدي نفعا، وإنما بجب أن لا نيأس من المناشدة والمطالبة وإقامة الحجة وتحميل المسؤولية، عسى في لحظة من اللحظات أن يستفيق ضميرٌ هنا وشرفٌ هناك.
أما بالنسبة لحركات المقاومة، وهنا أصل إلى المقطع الأخير، الذي أعتقد أن الجميع بإنتظار هذا المقطع، المقاومة الإسلامية في العراق بدأت تتحمل مسؤوليتها وأعلنت أنها قد تدخل في مرحلة جديدة، الأخوة في اليمن، الأخوة الشرفاء في اليمن، الجيش اليمني، حركة أنصار الله، الشعب اليمني، الصابر المظلوم المقاوم، المجاهد، أيضاً وبشكل علني ورسمي، وبالرغم من كل التهديدات الأميركية والغربية والأجنبية، قام بعدة مبادرات حتى الآن، أرسل صواريخه ومسيراته حتى لو أسقطوها لكنه عندما يواصل في نهاية المطاف ستصل، ستصل هذه الصواريخ وهذه المسيرات اليمنية إلى إيلات، وإلى جنوب فلسطين، وإلى القواعد العسكرية الإسرائيلية المحتلة في جنوب فلسطين، ولهم كل التحية وكل التقدير، أما في جبهتنا اللبنانية، لأن البعض يقول أن السيد سيعلن عن دخول المعركة، نحن دخلنا المعركة من 8 تشرين الأول، نحن دخلنا المعركة منذ ذلك الحين، بدأت المقاومة الإسلامية في لبنان بعملياتها يعني في ثاني يوم من طوفان الأقصى، لم يكن لدينا علم بشيء، صدقاً وعدلاً، يوم السبت أخذنا علم مثل كل العالم، وإنتقلنا سريعاً من مرحلة إلى مرحلة، في اليوم الثاني بدأت العمليات في منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وبعدها امتدت إلى كامل الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وأنتم واكبتم وتُواكبون أخبار العمليات بشكل يومي وبشكل تفصيلي، ما يجري على جبهتنا مهمٌ جداً، ومؤثرٌ جداً، قد يبدو للبعض الذي يتوقع أو يُطالب أن يدخل حزب الله سريعاً في حرب شاملة وكاملة مع العدو قد يبدو ما يجري على الحدود متواضعاً، ولكن لو نظرنا إلى ما يجري على الحدود بموضوعية سنجده كبيراً جداً ومهماً جداً ومؤثراً جداً، طبعا لن يتم الإكتفاء به على كل حال، لن يتم الإكتفاء به على كل حال، ما يجري على جبهتنا اللبنانية من جهة هو غير مسبوق في تاريخ الكيان، منذ العام 1948، ومنذ أن كان هناك مواقع عسكرية إسرائيلية على الحدود مع لبنان، ومنذ أن كان هناك مستعمرات ومستعمرون ومُحتلّون في شمال فلسطين المحتلة على الحدود مع لبنان، لم يحصل حتى في حرب تموز.
ما يجري الآن منذ 8 تشرين الأول، أن تتعرّض كلّ المواقع العسكرية الإسرائيلية من البحر إلى أعالي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، أن تتعرّض إلى عمليات هجومية يومية ومُركّزة تستهدف هذه المواقع وما بينها، تستهدف الدبابات والآليات والمُسيّرات والجنود وتجمّعاتهم وتجهيزاتها الفنية التي هي عيونها وآذانها وبمختلف الأسلحة.
المقاومة الإسلامية في لبنان منذ 8 تشرين الأول تخوض معركة حقيقية لا يشعر بها إلا من هو موجود بالفعل في المنطقة الحدودية، مِنَ المقاتلين ومِن السكان، معركة حقيقية مُختلفة عن كلّ المعارك التي خاضتها المقاومة في لبنان، سواءً قبل عام 2000 أو في عام 2006 وما بعدها، معركة مختلفة من نوع آخر، في ظروفها، في حيثياتها، في عناوينها، في أدواتها، في استهدافاتها، في إجراءاتها، ولذلك تَقدّم فيها هذه الكوكبة الكبيرة من الشهداء الشجعان المضحّين الذين كانوا يُصرّون على البقاء والتواجد في الخطوط الأمامية.
عند الحدود أيها الإخوة، يوم السبت في 7 تشرين الأول، أي بعد عملية طوفان الأقصى مباشرة، بدأ العدو بسحب قوات نظامية من الحدود، دعوني أشرح قليلًا ماذا حقّقت هذه العمليات حتى الآن؟ عندما نتحدّث عن شهداء في الجبهة اللبنانية، ما يقارب سبعة وخمسين شهيدًا بما فيهم شهيدا السرايا اللبنانية، إضافة إلى شهداء كتائب القسام وإضافة إلى شهداء سرايا القدس في لبنان وإضافة إلى الشهداء المدنيين، فلنرى هؤلاء الشهداء، هذا الدم ماذا فعل وماذا أنجز؟ هذا مُهم جدًا أن نعرفه حتى نعرف كيف نُكمل.
أولًا، عند الحدود يوم السبت في 7 تشرين الأول بدأ العدو بسحب قوات من الحدود مع لبنان، لأنّه طبعًا هو في حالة انهيار معنوي ويُريد أن يحشد قوات واستدعى الاحتياط، تصوّروا من أجل غزة وقطاع غزة المحاصر، المساحة المحدودة، هو يُريد أن يُرسل كل الجيش إلى غزة، يريد أن يسحب من الضفة ومن شمال فلسطين ويستعيض عنهم ببعض قوات الاحتياط، واستدعى الاحتياط، وهذه طبعًا يمكن لها سابقة مرة أو مرتين في تاريخ الكيان. حسنًا، العمليات التي بدأت ويومًا بعد يوم كانت تتصاعد وصولًا إلى ما كانت عليه يوم أمس أجبرت العدو على أن يُبقي قواته عند الحدود وفي شمال فلسطين المحتلة بل أن يضيف إليها قوات، بعض القوات وخصوصًا قوات النخبة التي كان يريد أن ينقلها من الضفة إلى غزة جاء بها إلى شمال فلسطين المحتلة، وبالتالي يُمكنني أن أقول هذا العنوان أنّ الجبهة اللبنانية خفّفت جزءًا كبيرًا من القوات التي كانت ستُسخّر للهجوم على غزة وجذبتها باتجاهنا، ونحن هنا نعم، نحن هنا نُعرّض أنفسنا للخطر، صحيح، البعض يقول في لبنان أنّنا نُغامر، صحيح، ولكن هذه المغامرة وضمن حسابات مفيدة وصحيحة.
انظروا يا إخواني، لو كان موقفنا فقط أنّنا متضامنين سياسيًا ونخطب ونقوم بمظاهرات كل يوم وكان الإسرائيلي مرتاح عند الحدود الشمالية كانت كل قواته ستذهب إلى غزة وجزء من القوات إلى الضفة. لكن جبهة لبنان ماذا فعلت؟ لدّي أرقام دقيقة لعديد القوات والآليات والفرق والألوية والكتائب وما شاكل، لكن لأن هذا يحتاج لشرح وأرقام دقيقة أنا طلبت من الإخوان تقدير قريب بتعابير سهلة.
اليوم جبهة لبنان استطاعت أن تجذب ثلث الجيش الإسرائيلي إلى الحدود مع لبنان، ثلث الجيش الإسرائيلي الآن موجود في قِبال هؤلاء المجاهدين الذين يقاتلون عند الحدود، هذا واحد. وجزء مهم من هذه القوات هي قوات نخبة وقوات نظامية، وهذه كان يمكن أن تذهب إلى غزة.
اثنين، نصف القدرات البحرية الإسرائيلية الآن موجودة في البحر المتوسط مقابلنا ومقابل حيفا.
ثلاثة، ربع القوات الجوية مُسخّرة باتجاه لبنان.
أربعة، ما يُقارب نصف الدفاع الصاروخي، أي القبّة الحديدية والقبّة الصاروخية والباتريوت وما شاكل، تقريبًا النصف مُوجّه باتجاه جبهة لبنان. تقريبًا الثلث من القوات اللوجستية مُوجّهة باتجاه لبنان. حسنًا، هذه واحدة من الثمار المباشرة، وهذه أرقام صحيحة ودقيقة، طبعًا يمكن للإخوان لاحقًا أن يضعوا أرقامًا، لكن أنا أحببت أن أقول نسب تقريبية، هذا واحد.
اثنين، نزوح عشرات الآلاف من سكان المستعمرات وإخلاء آلاف آخرين، أي هناك أناس هم لوحدهم رحلوا وهناك أناس جاءت الحكومة والجيش الإسرائيلي رحّلوهم. في الشمال هناك ثلاث وأربعين مستعمرة تمّ إخلاؤها ومن هم موجودون الآن في المستعمرات هم بالأعم الأغلب جنود وليسوا مدنيين.
في الجنوب مقابل غزة ثمانية وخمسين مستعمرة تمّ إخلاؤها. هؤلاء الذين تمّ إخلاؤهم من الشمال ومن الجنوب يُشكّلون ضغطًا كبيرًا على المستوى النفسي والمعنوي والمالي والاقتصادي، وهذا وزير المالية يصرخ على إسرائيل ويخدم في مسألة الضغط والوقت.
العنوان الثالث: وهو الأهم أو لا يقل أهمية، إنّ هذه العمليات على الحدود وفي مزارع شبعا أوجدت حالة من القلق والترقب والذعر والخوف لدى قيادة العدو السياسية والعسكرية، وأيضًا لدى الأمريكيين الذين سنتحدث عنهم في النهاية كلمتين. القلق من إمكانية أن تذهب هذه الجبهة إلى تصعيد إضافي أو إلى حرب كاملة، أو القلق من أن تتدحرج هذه الجبهة إلى حرب واسعة، وهذا احتمال واقعي ويمكن أن يحصل وعلى العدو أن يحسب له كلّ حساب وهو يحسب له كلّ حساب، هم عبّروا عن ذلك وتحدّثوا عن ذلك وهو داخل في حساباتهم ونقرأه بقوة من خلال كل الرسائل الأمريكية والفرنسية والأوروبية والغربية وبعض العربية التي تصلنا في كلّ يوم من 7 تشرين الأول إلى اليوم.
هذه النتيجة، إيجاد حالة القلق والغموض والذعر لدى قيادة العدو تخدم أمرين أساسيين مهمين:
الأمر الأول، تجعل العدو يحسب خطواته جيدًا باتجاه لبنان، هنا نتحدّث عن الردع، هنا نتحدّث عن الخوف الإسرائيلي الحقيقي، لو عملية واحدة ممّا جرى خلال الشهر الماضي، عملية واحدة حصلت على موقع إسرائيلي أو دبابة إسرائيلية أو تحشّدات إسرائيلية عند الحدود ما كان يمكن للعدو أن يتحمّل ذلك، ولكنّه اليوم يتحمّل كلّ ذلك ويضبط إيقاعه لأنّ لديه خشية حقيقية من ذهاب الأمور إلى ما يخاف وإلى ما يحذر. إذًا، الأمر الاول هذا الحضور في الجبهة، هذه العمليات في الجبهة، هذه الجهوزية في الجبهة، هذا العمل اليومي يجعل العدو مردوعًا وإلا كلّنا سمعنا وزير الدفاع وغير وزير الدفاع والأصوات التي تتحدّث عن اغتنام فرصة التأييد الأمريكي والدولي لإسرائيل في حربها على غزة لفتح حرب على لبنان أو القيام بعملية استباقية تجاه لبنان، عمليات المقاومة في الجنوب ودماء شهدائنا وشهدائكم في الجنوب تقول لهذا العدو الذي قد يُفكّر بالاعتداء على لبنان أو بقيامه بعملية استباقية باتجاه لبنان أنّك سترتكب أكبر حماقة في تاريخك ووجودك. ويُخيفنا ويقول ”أيها اللبنانيون انظروا إلى غزة”، لقد شهدنا هذه المشاهد منذ 1948 وهي ليست مشاهد جديدة علينا، وهذه المجازر في لبنان تشهد من قانا إلى صبرا وشاتيلا، بالعكس هذه المشاهد في غزة ستجعلنا أكثر قناعة وإيمانًا بوجوب الصمود والقتال والمواجهة والتحدّي وعدم الاستسلام مهما كانت التهديدات والضغوط.
الأمر الثاني الذي يتحقّق هو من خلال هذه العمليات وهذا القلق وهذا الغموض سيدخله في حساباته وهو يتصرّف مع غزة وخصوصًا في العمليات البرية وهو يعمل لهذا كلّ حساب.
إذًا هذه أهداف، هذه نتائج تُحقّقها المواجهة اليوم في الجنوب وتُحقّقها دماء الشهداء، إضافة إلى حجم الخسائر البشرية والمادية التي أصابت هذا العدو خلال الأسابيع القليلة الماضية، هذه العمليات ودماء الشهداء وتضحيات المُضحّين من الشهداء والجرحى والمقاومين المُرابطين وأهلنا الشرفاء الذين ما زالوا في القرى أو الذين يتحمّلون اليوم أعباء النزوح، النزوح المؤقّت، هؤلاء جميعًا هم في موقع التضحية في هذه المعركة التي تستحق هذا الموقف وهذا الأداء. هذه العمليات هي تعبير عن تضامننا مع غزة، مع شعبها، مع مقاومتها، بدماء الشهداء، بعرق المجاهدين، بسهر الليالي، بمواجهة الأخطار لتخفيف الضغط عنهم في حالة الجنون والضياع التي تُسيطر على قيادة العدو السياسية والعسكرية.
حسنًا، هنا نصل إلى النقطة المهمة، الآن هذه الجبهة عندنا ليعرف العالم. انظروا، على مدى أسابيع ضغوط، اتصالات، تهديدات، حتى قيل لنا من اليوم الأول أنّه إذا تشنون عمليات في الجنوب، إذا تفتحون الجبهة في الجنوب، هذه الأساطيل الأمريكية جاءت من أجلكم، والطائرات الأمريكية هي الذي ستقصفكم، هذا قيل لنا في يوم الأحد في 8 تشرين الأول، وقيل لنا في أكثر من يوم، وفي بعض التفاصيل عندما دخلت بعض المجموعات الفلسطينية من حماس والجهاد من الحدود اللبنانية إلى داخل أرض فلسطين المحتلة، عند أول عملية أيضًا جاء التهديد أنّ الطائرات الأميركية ستقوم بقصفكم، ودخلت المجموعة الثانية ودخلت المجموعة الثالثة وستدخل مجموعات جديدة أيضًا إن شاء الله، هذا التهديد لم يكن ليُغيّر من موقفنا شيئًا على الإطلاق. ولذلك نحن بدأنا العمل في هذه الجبهة وأمر هذه الجبهة وتصاعدها وتطوّرها بأي اتجاه مُعيّن مرهونٌ بأمرين، بأحد أمرين أساسيين:
الأمر الأول، مسار وتطور الأحداث في غزة، هذه الجبهة هي جبهة تضامن، هي جبهة مُساندة لغزة، ولذلك تتطوّر وتتحرّك على ضوء الأحداث هناك وما تقتضيه حقًا طبيعة الأحداث والتهديدات والتطورات هناك.
والأمر الثاني الذي يتحكّم بجبهتنا اللبنانية هو سلوك العدو الصهيوني تجاه لبنان، وهنا مُجدّدًا أحذره من بعض التمادي الذي طال بعض المدنيين فقضوا شهداء وهذا سيُعيدنا إلى المدني في مقابل المدني. في كلّ الأحوال، مسار سلوك العدو اتجاه لبنان هو أيضًا يتحكّم بجبهتنا، أنا أقول بكل شفافية وصدق ووضوح وغموض، بكل شفافية وصدق ووضوح وغموض، وغموض بنّاء أيضًا، أنّ كلّ الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة، وأنّ كلّ الخيارات مطروحة ويمكن أن نذهب إليها في أي وقت من الأوقات، ويجب أن نكون جميعًا مُهيّئين وجاهزين وحاضرين لكل الاحتمالات والفرضيات المقبلة. وأقول للأميركيين، التهديد والتهويل علينا وعلى المقاومين في منطقتنا لا يُجدي نفعًا، لا يُجدي نفعًا، لا على حركات المقاومة ولا على دول المقاومة، تعرفون أنه وصل الأمر، لقد وصلتنا رسائل قيل فيها إذا أكملتم العمليات بالجنوب أميركا ليس فقط ستقصفكم في لبنان بل ستقصف إيران أيضًا، تصوّروا! التهديد والتهويل علينا وعلى المقاومين في منطقتنا لا يُجدي نفعًا، أساطيلكم في البحر الأبيض المتوسط هذه لا تُخيفنا ولم تُخفنا في يوم من الأيام، وأنا أقول لكم بكل صدق وصراحة إنّ أساطيلكم التي تُهدّدون بها لقد أعددنا لها عُدّتها أيضًا. أيها الأمريكيون تذكّروا هزائمكم في لبنان وفي العراق وفي أفغانستان وخروجكم المذل من أفغانستان. أيها الأمريكيون إنّ الذين هزموكم في لبنان في بدايات الثمانينات ما زالوا على قيد الحياة ومعهم اليوم أولادهم وأحفادهم أيضًا.
إذا كانت السياسة الأمريكية والغربية تُنادي بِمنع اتّساع المواجهة في المنطقة فطريقها ليس التهديد والتهويل على المقاومين الشرفاء الذين يُدافعون عن المظلومين وينصرون المقدسات، وإنّما طريقها وقف العدوان على غزة، وهذه إسرائيل أداتكم وجنديكم وخادمكم وتحت وصايتكم أنتم الأمريكيون تستطيعون أن تُوقفوا العدوان على غزة لأنّه عدوانكم، من يريد منع قيام حرب إقليمية – والخطاب للأمريكيين – يجب أن يُسارع إلى وقف العدوان على غزة، وأنتم أيها الأمريكان تعرفون جيدًا أنّه إذا حصلت الحرب في المنطقة فلا أساطيلكم تنفع ولا القتال من الجو ينفع وأنّ الذي سيدفع الثمن بالدرجة الأولى مصالحكم وجنودكم وأساطيلكم التي ستكون الضحية والخاسر الأكبر.
اليوم العالم كله مُطالب باسم هذه الدماء المظلومة، دماء آلاف الأطفال والنساء في غزة، بإسم المدنيين، بإسم المساجد والكنائس والمستشفيات، بإسم كل ما هو إنساني وأخلاقي وله قيمة مُطالب بأن يتّخذ موقفًا، بأن يعمل في الليل وفي النهار بجد من أجل وقف العدوان وليس لرفع العتب.
أيّها الإخوة والأخوات، في الأفق أقول لشعبنا الفلسطيني ولأهلنا في غزة ولكلّ المقاومين الشرفاء في فلسطين وفي منطقتنا، في الأفق نحن جميعًا منذ قيام المقاومة بعد قيام الكيان نخوض معركة صمود، معركتنا لم تصل إلى مرحلة الانتصار بالضربة القاضية، ما زلنا نحتاج إلى وقت، حتى نكون واقعيين، ولكنّنا ننتصر بالنقاط، ننتصر ونغلب بالنقاط، هكذا انتصرت المقاومة في لبنان عام 1985 وفي عام 2000 وفي عام 2006، وهكذا انتصرت المقاومة في غزة وهكذا حقّقت المقاومة في الضفة إنجازات وهكذا انتصرت المقاومة في العراق وهكذا انتصرت أفغانستان، بالصمود، بالصبر، بالقدرة على التحمّل، هذا ما لا يملكه العدو، يخرج الناس من تحت الأنقاض في غزة ويقولون فداء للمقاومة، في حرب تموز تُدمّر البيوت ويخرج الناس ويقولون فداء للمقاومة، هل تجدون في هذا الشعب الذي جِيء به من كل أنحاء العالم من يقول أنّ بيتي وابني وزوجي فداءٌ لإسرائيل؟ لم نسمع شيئًا من هذا حتى الآن.
المعركة إذًا هي معركة الصمود والصبر والتحمّل وتحقيق الإنجازات وتراكم الإنجازات وإفشال العدو ومنع العدو من تحقيق أهدافه وهكذا سننتصر، نحن جميعًا أعود وأقول يجب أن نعمل ليقف العدوان على غزة ويجب أن نعمل لتنتصر غزة وتنتصر المقاومة في غزة.
وأنا أقول لكم أولًا إيمانًا بالوعد الإلهي الذي وعد المؤمنين الصادقين الصابرين المجاهدين بالنصر، هذا وعد الله ولم يُخلف الله معنا في يوم من الأيام وعده،عندما وجدنا حقًا وحقيقة صابرين صامدين ثابتين نُقاتل في سبيله مهما بلغت التضحيات، التضحيات هي دليل الصدق والإخلاص الذي يستجلب النصر الإلهي، هكذا كنا في كل الحروب السابقة. وأنا شخصيًا أيضًا ومن موقع التجربة الشخصية مع سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي الذي كرّر أكثر من مرة في هذه الأيام يقينه وإيمانه انطلاقًا من يقينه بالوعد الإلهي أنّ غزة ستنتصر وأن فلسطين ستنتصر، وهو الذي قال لنا ذلك بعد أيام قليلة من حرب تموز حين لم يكن هناك أيّ أفق للانتصار، عندما قال لنا ستنتصرون بل ستتحوّلون إلى قوة إقليمية.
أنا أقول لأهلنا في غزة بالرغم من كلّ الجراح لأهلنا في الضفة لكل الشعب الفلسطيني لكل الشعوب المقاومة في المنطقة لكل الذين تخفق قلوبهم للأطفال والنساء والمظلومين في فلسطين وفي غزة، أقول لهم: إنّ تحمّلنا المسؤولية وصمودنا جميعا وصبرنا واحتسابنا ما يجري وما نُقدّمه من دماء وتضحيات في عين الله وفي سبيل الله سيكون نتيجته النصر الأكيد إن شاء الله، ونحن وإياكم وإن كنّا اليوم نحتفي ونُكرّم ونحتفل بشهدائنا الأعزاء الأطهار سنلتقي قريبًا للاحتفال إن شاء الله بانتصار غزة وشعب غزة ومقاومة غزة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: العلاقات الاعلامية - حزب الله