تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 04-11-2023 تطورات العدوان على غزة وتصدي المقاومين وخطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
الاخبار:
خطاب اللحظة الصعبة: الوضوح بعيداً عن الانفـعالات
تراوحت ردود الفعل الشعبية والسياسية على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بين من رحّب بكون قائد المقاومة لم يتصرّف بانفعال رغم قساوة اللحظة الفلسطينية، ومن تصرّف بـ»خيبة» لاعتقاده أو رهانه على مواقف أكثر «قساوة» ضد الاحتلال. وإذا كان أبناء قطاع غزة، هم الأكثر تفاعلاً، وهم فقط من يحقّ لهم مطالبة حزب الله وقائده بالمزيد أو الكثير، فإن الأمر يتحول الى نكتة عندما تصدر تعليقات من أشخاص أو جهات تمثّل تاريخياً الخط المعادي للمقاومة.
لم يكن تأخر نصر الله في إطلالته أمراً عادياً. صحيح أن في ذلك جانباً يتصل بالغموض الهادف الى عدم طمأنة العدو، لكنّ فيه جانباً آخر يتعلق بالوصول الى قرار حول مسار عمل المقاومة في لبنان والمنطقة دفاعاً عن فلسطين وفي مواجهة الاحتلال الإسرائيلي من جهة، وداعميه من الغربيين وخصوصاً الأميركيين من جهة ثانية.
وبعيداً عن الانفعالات والمزايدات، يجب الإشارة الى أن نصر الله لم يكن في موقع يحسد عليه إزاء ما يمكن قوله لجمهور محبّ للمقاومة، لكنه جمهور غابت عنه الشروحات الضرورية من جانب قيادة المقاومة خلال الأسابيع الماضية. وهذه نقطة سلبية تسجل في حق الحزب، نظراً إلى كون الناس تركوا ليقعوا تحت تأثير كبير لجرائم العدو ومآسي أبناء قطاع غزة، لكنهم تركوا أيضا فريسة جماعة «فائض القوة» من ناشطين وإعلاميين وحتى سياسيين، نصّبوا أنفسهم أعضاء في غرفة العمليات المشتركة، وتصرّفوا مثل العارف بكل تفاصيل ما جرى ويجري، وقد توالى هؤلاء على الظهور بصورة مكثفة، مطلقين العنان لمخيّلة غير مسبوقة، ولم يتم الاكتفاء بتحليلات عسكرية وسياسية لا صلة لهم بها، بل أكثروا من الحديث عما يعرفون حول ما تخطط له المقاومة في لبنان والمنطقة. وتسبّب هؤلاء، الى جانب الصمت الطويل لنصر الله، وعدم مبادرة قيادة حزب الله الى تقديم شروحات حول ما يحصل، برسم صورة جعلت الجمهور أمس ينتظر من نصر الله الإعلان عن المعركة الكبرى.
ومع ذلك، فإن ما أعلنه قائد المقاومة في لبنان عكس الى حد بعيد التصور المشترك لمحور المقاومة كله. وهو معروف بأنه الشخصية الأكثر نفوذاً على صعيد المحور، والذي تصبّ لديه المعطيات الخاصة بجميع الساحات وبصورة مفصلة. وكان عليه القيام بمهمة إعادة شرح الواقع على ضوء ما حصل في فلسطين من عملية طوفان الأقصى الى المعارك الدائرة في غزة، مروراً بالحشد العسكري الأميركي والغربي الداعم لإسرائيل في المنطقة.
وما قاله نصر الله، أمس، يمكن توصيفه بأنه المقدمة السياسية لمسار جديد ستسلكه المقاومة في لبنان، كما بقية قوى المحور. وعندما تحدث صراحة عن هدفَي وقف العدوان على غزة والعمل على تحقيق انتصار لحركة حماس والمقاومة هناك، فهو عملياً حدّد سقفاً سياسياً مرتفعاً، ما يعني أن المقاومة دخلت على مستوى العمليات العسكرية في مرحلة جديدة، وهو أمر متوقع في وقت قريب. وربما تكون الإطلالة الثانية لنصر الله بعد أسبوع، في ذكرى «يوم الشهيد»، مناسبة للحديث عن هذا المسار وطبيعة التهديدات فيه، وآلية العمل وتهيئة الرأي العام لمتطلبات هذه المرحلة على أكثر من صعيد.
لم يكن نصر الله مربكاً أمس، بل ربما كان متماسكاً أكثر مما يتوقعه المرء، من رجل مجبول بالعاطفة إزاء جرائم العدو ضد شعوب المنطقة، وخصوصاً فلسطين التي تبقى العنوان المركزي لجهده شخصياً، ولجهد المقاومة ومحورها. وكل كلام قيل ويقال في معرض الاحتجاج أو التطلب، يبقى في إطار مقبول، طالما أن ثقة الناس بالمقاومة في لبنان وفلسطين ثابتة وقوية كما تظهر أيامنا القاسية هذه.
هدف محور المقاومة وقف الحرب وضمان انتصار حماس
السيد نصر الله للأميركيين: أعددنا العدّة لأساطيلكم
رأى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أنه لن «تكون هناك معركة كاملة الشرعية من الناحية الإنسانية والأخلاقية والدينية كمعركة قتال الصهاينة»، وأن «هذه المعركة هي من أوضح وأبين مصاديق القتال في سبيل الله».
وفي كلمته خلال الاحتفال التكريمي الذي نظّمه حزب الله لشهداء الحزب وكتائب القسام وسرايا القدس والمدنيين الذين سقطوا في جنوب لبنان، قال إن «المعركة هي معركة الصمود والصبر والتحمّل وتراكم الإنجازات ومنع العدو من تحقيق أهدافه، ونحن جميعاً يجب أن نعمل لوقف العدوان على غزة وأن تنتصر المقاومة فيها». وتناول نصر الله معاناة الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 75 عاماً، قائلاً إن «أوضاع السنوات الأخيرة كانت قاسية جداً، وخصوصاً مع هذه الحكومة الحمقاء والغبيّة والمتوحشة والمتطرفة التي عمدت الى التشديد على الأسرى ما جعل الوضع الإنساني سيئاً جداً».
ولفت إلى أن «عملية طوفان الأقصى العظيمة والمباركة كان قرارها وتنفيذها فلسطينياً مئة بالمئة، وأخفاها أصحابها عن الجميع حتى عن فصائل المقاومة في غزة، وأن سرّيّة العملية المطلقة هي التي ضمنت نجاحها الباهر من خلال عامل المفاجأة». وأكد أن «هذا الإخفاء لم يزعج أحداً في فصائل المقاومة على الإطلاق، بل أثنينا عليه جميعاً وليس له أي تأثير سلبي على أي قرار يتخذه فريق أو حركة مقاومة في محور المقاومة»، كما أن «هذا الأداء من الإخوة في حماس ثبّت الهوية الحقيقية للمعركة والأهداف وقطع الطريق على الأعداء لأن يزيّفوا، وخصوصاً عندما يتحدثون عن علاقات فصائل المقاومة الإقليمية». ورأى أن «عدم علم أحد بمعركة طوفان الأقصى يثبت أن هذه المعركة فلسطينية بالكامل من أجل شعب فلسطين»، مشدداً على أن «ما حصل في طوفان الأقصى يؤكد أن إيران لا تمارس أي وصاية على الإطلاق على فصائل المقاومة».
ولفت إلى أن «العمل الكبير والعظيم في طوفان الأقصى أدى إلى حدوث زلزال على مستوى الكيان الصهيوني، أمني وسياسي ونفسي ومعنوي، وكانت له تداعيات وجودية واستراتيجية وستترك آثارها على حاضر هذا الكيان ومستقبله. ومهما فعلت حكومة العدو فلن تستطيع أن تغيّر من آثار طوفان الأقصى الاستراتيجية على هذا الكيان»، وأضاف إن «العملية كشفت عن الوهن والضعف في الكيان، وإنه بحقّ أوهن من بيت العنكبوت».
وشدد على أن «هذه النتائج يجب أن تُشرح وتُبيّن لنعرف أن التضحيات القائمة الآن في غزة والضفة وفي كل مكان هي تضحيات مستحقة، وأن هذه النتائج أسست لمرحلة تاريخية جديدة لمصير دول المنطقة ولم يكن هناك خيار آخر، لذلك كان الخيار صائباً وحكيماً ومطلوباً وفي وقته الصحيح ويستحق كل هذه التضحيات».
ورأى نصر الله أن «ما يجري اليوم جرى في السابق في لبنان عام 2006 وفي حروب متكررة في غزة مع فارق كمّي ونوعي، وأن من أهم الأخطاء التي ارتكبها الإسرائيليون ولا يزالون هو طرح أهداف عالية لا يمكنهم أن يحققوها أو يصلوا إليها». ولفت إلى أن «حكومات العدو لا تستفيد من تجاربها على الإطلاق، وخصوصاً في حروبه مع المقاومة في فلسطين ولبنان»، مؤكداً أن «العدو لن يتمكن على الإطلاق من تحرير أسراه بدون عمليات تبادل».
وأضاف نصر الله: «عام 2006 وضعوا هدفاً يتمثل في سحق المقاومة في لبنان واستعادة الأسيرَين من دون تفاوض وتبادل، ولمدة 33 يوماً لم يحققوا أهدافهم، واليوم في غزة الوضع نفسه، لكن مع حجم أكبر من الجرائم والمجازر»، مشيراً إلى أن «يقوم به الإسرائيلي هو قتل الناس في غزة وتدمير الأحياء»، قائلاً «كلنا شاهدنا بأمّ العين بطولات المقاومين في غزة، فعندما يتقدم المقاوم ويضع العبوة على سطح الدبابة، فكيف سيتعامل العدو الإسرائيلي مع مقاتلين من هذا النوع»؟
عملية «طوفان الأقصى» فلسطينية مئة بالمئة، وإخفاؤها عن الجميع كان ضرورياً لنجاحها وهي أحدثت زلزالاً لإسرائيل
وأضاف نصر الله إن «أميركا هي المسؤولة بالكامل عن الحرب الدائرة في غزة، فأميركا هي التي تمنع وقف العدوان على غزة وترفض أي قرار لوقف إطلاق النار، والأميركي هو الذي يدير الحرب، لذلك أتى قرار المقاومة الإسلامية في العراق بمهاجمة قواعد الاحتلال الأميركية في العراق وسوريا، وهو قرار حكيم وشجاع».
وتوجّه نصر الله إلى الأميركيين، بالقول: «أساطيلكم في البحر المتوسط لا تُخيفنا ولن تخيفنا في يوم من الأيام، وأقول لكم إن أساطيلكم التي تُهدّدون بها، لقد أعددنا لها عُدّتها أيضاً. فالذين هزموكم في بداية الثمانينيات في لبنان لا يزالون على قيد الحياة، ومعهم اليوم أولادهم وأحفادهم».
وأكد أن «ما بعد عملية طوفان الأقصى ليس كما قبلها، وهذا ما يحتم على الجميع تحمل المسؤولية، مشيراً إلى أن «هناك هدفين يجب العمل عليهما: وقف العدوان على غزة أولاً، والهدف الثاني أن تنتصر حماس في غزة. فانتصار غزة يعني انتصار الشعب الفلسطيني، وانتصار الأسرى في فلسطين وكل فلسطين والقدس وكنيسة القيامة وشعوب المنطقة وخصوصاً دول الجوار»، كما أن «انتصار غزة هو مصلحة وطنية مصرية وأردنية وسورية، وأولًا وقبل كل الدول هو مصلحة وطنية لبنانية».
وأشار نصر الله إلى أن «المقاومة في لبنان دخلت معركة طوفان الأقصى منذ 8 تشرين الأول، وما يجري على الجبهة الجنوبية مهم ومؤثر جداً وهو غير مسبوق في تاريخ الكيان، ولن يتم الاكتفاء بما يجري على جبهتنا على كل حال». ولفت إلى أن «الجبهة اللبنانية خففت جزءاً كبيراً من القوات التي كانت ستسخّر للهجوم على غزة وأخذتها باتجاهنا، ولو كان موقفنا التضامن سياسياً والتظاهر لكان الإسرائيلي مرتاحاً عند الحدود الشمالية وكانت قواته ستذهب إلى غزة».
وتابع أن «جبهة لبنان استطاعت أن تجلب ثلث الجيش الإسرائيلي إلى الحدود مع لبنان، وأن جزءاً مهماً من القوات الصهيونية التي ذهبت إلى الجبهة الشمالية هي قوات نخبة، ونصف القدرات البحرية الإسرائيلية موجودة في البحر المتوسط مقابلنا ومقابل حيفا، وربع القوات الجوية مسخّرة باتجاه لبنان، وما يقارب نصف الدفاع الصاروخي موجّه باتجاه جبهة لبنان، ونزوح عشرات الآلاف من سكان المستعمرات، وهذه العمليات على الحدود أوجدت حالة من القلق والتوتر والذعر لدى قيادة العدو وأيضاً لدى الأميركيين». وأكد أن «العدو يقلق من إمكانية أن تذهب هذه الجبهة إلى تصعيد إضافي أو أن تتدحرج إلى حرب واسعة، وهذا احتمال واقعي ويمكن أن يحصل، وعلى العدو أن يحسب له الحساب»، مضيفاً «بكل شفافية وغموض بنّاء، إنّ كل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة وإنّ كل الخيارات مطروحة ويُمكن أن نذهب إليها في أي وقت من الأوقات، ويجب أن نكون جميعاً جاهزين لكل الفرضيات المُقبلة».
الضاحية لغزة: حربك حربنا
وكانت جماهير المقاومة حبست أنفاسها منذ الإعلان قبل أيام عن موعد كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس. كثرة التحليلات والتكهنات لم تمنع أهل الضاحية من إفراغ الشوارع بشكل شبه تام والانتقال باكراً نحو «باحة عاشوراء». الساحة امتلأت باكراً قبل موعد الكلمة بساعات، وتظلّل الحضور بالأعلام للاحتماء من حرّ الشمس التي «لا يعدّ لهيبها شيئاً أمام ما يقع على غزة من أهوال». أما من لم يصل إلى الساحة، فقصد المقاهي الكثيرة في الشوارع المحيطة للاستماع إلى الخطاب. الإجراءات الأمنية التي ترافق احتفالات الحزب هي نفسها، من تفتيش وتوجيه لآلاف الزاحفين الى الساحة بأعلام فلسطين، فـ«المعركة معركتنا، ولن نترك فلسطين.
نحن والفلسطينيون معاناتنا واحدة، وعمليات المقاومة في غزة تذكّرنا بمشاهد تدمير الدبابات في وادي الحجير عام 2006»، يقول أحدهم. مشاعر مختلطة تخيم على الحاضرين. مزيج من قلق من القادم، والحزن على معاناة أهالي غزة، والفرح بإطلالة انتظروها بفارغ الصبر منذ السابع من الشهر الماضي، لأن «وحده السيد من يجعلنا نطمئن، فلا تعود تعني شيئاً الحشود العسكرية وحاملات الطائرات والتهديدات». «لن تعود النيوجيرسي»، قالها بثقة «الختيار»، بحسب ما عرّف عن نفسه مع دخول خطاب السيد نصر الله ربع الساعة الأخير، وإطلاقه تهديداً ضد البوارج الأميركية في البحر المتوسط. «الختيار»، يذكر تماماً أصوات مدافعها التي دكّت بيروت عام 83. ولكن، «تغيّر الزمن كثيراً، لن يقتربوا من شواطئنا وسيبقون في الأفق»،
«المعركة في غزة معركتنا». هذا ما أجمع عليه عدد من الحاضرين، و«النصر فيها محتوم، ولا نقاش فيه، وإلا فتكون مقدمةً لتصفية المقاومة في لبنان». ومع نهاية خطاب الأمين العام لحزب الله حسمت الضاحية نصرها في الحرب النفسية، فـ«مصيرنا المواجهة من دون شك، وننتظر الحرب ولا نخشاها»، و«الشهداء الـ 57 هم الطليعة فقط».
تصعيد عراقي ويمني ضدّ أهداف إسرائيلية وأميركية
سجّلت مؤازرة «محور المقاومة» للمقاومة في قطاع غزة، أمس، هجومين من العراق واليمن على ميناء إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر، وثالث على قاعدة أميركية في سوريا.
وأكدت مصادر في صنعاء أن «القوات المسلّحة اليمنية شنت هجوماً جديداً على أهداف إسرائيلية في فلسطين المحتلة». وأوضحت لـ«الأخبار» أن الهجوم الجديد «استُخدم فيه عدد من الطائرات المسيّرة البعيدة المدى، وهي وجّهت نحو ميناء إيلات».
وقالت المصادر إن «الهجمات التي توجّهها صنعاء تتّسم بالاستمرارية وفق مخطّط عسكري يهدف إلى إرهاق العدو وتشتيت قواه، إذ يتم الاستهداف بشكل متقطّع عبر إرسال طائرة أو اثنتين بين ساعة وأخرى، وأن العمليات التي يُعلن عنها يستخدم فيها عدد كبير من الطائرات وأحياناً صواريخ باليستية مجنّحة».
من جهتها، أعلنت «المقاومة الإسلامية في العراق» أنها قصفت هدفاً في أم الرشاش (إيلات) المحتلة». وأكدت استمرارها في «دك معاقل العدو». وكانت هذه المرة الثانية التي تعلن فيها المقاومة العراقية قصف أهداف إسرائيلية خلال 24 ساعة.
كذلك، أعلنت المقاومة العراقية أنها استهدفت قاعدة «خراب الجير» الأميركية في شمال شرق سوريا، برشقة صاروخية «أصابت أهدافها بشكل مباشر».
اللواء:
السيد نصر الله: لبنان جبهة مساندة ولن نكتفي بـ«حرب المواقع»
نتنياهو يتوعد والبيت الأبيض يحذّر.. وجنبلاط يصف الخطاب بالواقعي
الكلمة للميدان، وكل الاحتمالات مفتوحة، في ما خصَّ جبهة الجنوب اللبناني مع الاحتلال الاسرائيلي، حيث تدخل الحرب عتبة الشهر (29 يوماً)، ولم يوفّر فيها القصف مستشفى أو مدرسة أو مؤسسة إنسانية.
شكلت كلمة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في مناسبة تكريم شهداء الحزب على طريق القدس (57 شهيداً) محطة بارزة أمس، لجهة الرسائل التي تضمنتها والمسار المنتظر للمواجهة، وذلك على مدى ساعة وربع الساعة.
وكشف نصر الله معلومات عن عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس انطلاقاً من غزة، بأنها كانت قراراً فلسطينياً محضاً، ولم يطلع احد عليه، حتى هو شخصياً، قبل حصول العملية، حرصاً على نجاحها، مؤكدا ان ما حدث كان لا بد منه لإعادة طرح القضية الفلسطينية كقضية اولى في العالم، مشيرا الى آلاف الاسرى الفلسطينيين، في سجون الاحتلال منذ سنوات طويلة، كذلك الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى غير مسبوقة في التاريخ الحديث.
وأشار نصر الله الى ان ما يتحكم بجبهتنا امران: الأول هو مسار تطور الاحداث في غزة، والثاني هو سلوك العدو الصهيوني تجاه لبنان، وهنا احذره من التمادي الذي يطال بعض المدنيين، وهذا سيعيدنا الى المدني مقابل مدني، وكل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة.
وقال: يمكن ان تتدحرج الجبهة على الحدود الجنوبية والعدو يعلم ذلك، واضاف: عمليات المقاومة في الجنوب ودماء الشهداء تقول للعدو انك سترتكب اكبر حماقة في تاريخك ووجودك، مشيرا الى انه يجب ان نكون جميعاً مهيئين وجاهزين وحاضرين لكل الاحتمالات والفرضيات المقبلة.
وخاطب الأميركيين، الذين اتهمهم بإدارة المعركة في غزة: اساطيلكم التي تهددون بها، لقد اعددنا لها عدتها ايضاً.
ووصفت مصادر سياسية مواقف نصر الله بأنها بعثت رسالة الى الداخل، ان حزب الله قوة مساندة للفلسطينيين، وان المعركة الفعلية هي في غزة، وقللت من الاشارات المعلنة حول احتمالات توسع الحرب، معتبرة ان حزب الله يدرك خطورة ما يحل، وليس من السهل فتح جبهتين، وتدمير الضاحية او بيروت او مناطق اخرى، في وقت يدمر فيه قطاع غزة.
ووصفت مصادر سياسية الظهور الاول للسيد نصرالله بعد قرابة الشهر من تنفيذ عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حركة حماس الفلسطينية، بما واكبها من تحضيرات استباقية وحملات دعائية وبث شائعات وتهويل في اوساط اللبنانيين والخارج، بالمواقف التي سيعلنها، ولاسيما انخراط الحزب بالحرب الواسعة ضد إسرائيل بانه يهدف إلى تحقيق امور اساسية منها: نفي اي علاقة للنظام الايراني والحزب بعملية طوفان الأقصى،وحصرها بحركة حماس،لإبقاء هامش المناورة وتحرك طهران بمعزل عن آية تداعيات سلبية تضر مصالح ايران مع الغرب عموما، وابقاء قرار احتمال مشاركة حزب الله بالحرب ضد إسرائيل بشكل موسع، معلقا ومرتبطا بمسار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزّة، ما يعني ضمنا، ان لا قرار ايرانيا لتوسيع نطاق الحرب حاليا ، وابقاء حدود تحرك الحزب بالمناوشات وتبادل اطلاق الصواريخ والنار بالمناطق الساخنة على الحدود اللبنانية الجنوبية، كما يجري حاليا ،واظهار مع استثناءات محدودة جدا، وتجنب الانخراط بالحرب بشكل موسع بالوقت الحاضر.
ومن الاهداف: الاصرار على مكانة ودور حركة حماس في أي حلول مطروحة على الطاولة، لانهاء الحرب والبحث عن الصيغة المستقبلية للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ورفض كل ما يروج من سيناريوهات للقضاء عسكريا على الحركة وابعادها من قطاع غزة الى الخارج،على غرار ما حصل بإخراج منظمة التحرير الفلسطينية والتنظيمات الفلسطينية من بيروت بعد الاجتياح العسكري الإسرائيلي للعاصمة اللبنانية في صيف العام ١٩٨٢، واشراك قوى فلسطينة اخرى مكانها ، مثل السلطة الفلسطينية، وبعبارة اوضح حجز مكانة ايران على طاولة التفاوض التي يجري التحضير لها بشكل اساسي حول مستقبل الوضع الفلسطيني، من خلال حركة حماس او مباشرة.
وفي اسرائيل، حسب الاعلام الاسرائيلي، فإن الاجهزة الامنية واعضاء الكابينت، وشعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية استمعوا باهتمام لخطاب نصر الله.
وهدد رئيس وزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو السيد نصر الله، وقال: سيدفع ثمناً لا يمكن تخيله في حال خوضه حرباً مع اسرائيل.
وقال البيت الابيض: لا يمكن تصور الدمار المحتمل الذي سيحل بلبنان وشعبه في حال توسع الصراع، ويجب تجنب ذلك.
يشار الى ان سفيرة الولايات المتحدة الاميركية دورثي شيا التقت وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بوحبيب، الذي اعلن ان اميركا هي الأقدر على عقلنة اسرائيل، ولديها القدر على الدفاع المفاوضات تؤدي الى حل منصف وعادل وشامل للقضية الفلسطينية.
وفي المواقف المحلية، وصف النائب السابق وليد جنبلاط خطاب نصر الله: «بالكلمة الموزونة جدا، وواقعية».
لوكورنو
وموقع لبنان في الحرب الدائرة في غزة، استمع وزير الجيوش الفرنسية سبستيان لوكورنو الى كل من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزاف عون.
وقد استهل لقاءاته من السراي حيث استقبله رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. وشارك في الاجتماع سفير فرنسا في لبنان هيرفي ماغرو والوفد المرافق للوزير. خلال الاجتماع «تم التشديد على التعاون والتنسيق الوثيق بين الجيش واليونيفيل وتفعيل مهام القوات الدولية وضرورة ارساء الهدوء على طول الخط الازرق». وشدد لوكورنو «على اهمية أن تتحلى كل الاطراف في الجنوب بالعقلانية والحكمة وعدم دفع الامور نحو التصعيد والتدهور». وأكد» ضرورة ايجاد حل عاجل لقضية الرهائن في غزة والبحث في ايجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية».
وأبلغ الوزير الفرنسي الحكومة أن «فرنسا قررت ارسال مساعدات عاجلة للجيش ومن بينها معدات طبية وأدوية»… من السراي، انتقل المسؤول الفرنسي الى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ثم انتقل الى اليرزة حيث اجتمع الى العماد عون.
وفي اطار تلبية طلبات الرعايا الاجانب بمغادرة لبنان، أصدرت رئاسة مجلس الوزراء قرارا يحمل الرقم 141/2023، تحت عنوان «تشكيل لحنة لدراسة طلبات إجلاء الرعايا الاجانب وما يستتبع ذلك من تدابير» تتعلق باجلاء الرعايا الاجانب، وطلبات تحليق الطائرات العسكرية الاجنبية في الاجواء اللبنانية والهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي.
الوضع الميداني
وعلى الأرض، استمر التصعيد العسكري عند الحدود وتعرض الوادي الواقع بين بلدتي طيرحرفا والجبين وأطراف بلدات الناقورة وعلما الشعب والجبين منذ الصباح لقصف مدفعي اسرائيلي. كما طال القصف الإسرائيلي المدفعي منطقة الصالحاني بلاط جبل باسيل في القطاع الغربي ومحيط بلدة رامية وأطراف عيتا الشعب والقوزح. وقبل الظهر، قصف الطيران الاسرائيلي مشروع الطاقة الشمسية في بلدة طيرحرفا ، والذي يغذي بئر المياه العام بالطاقة الكهربائية، وتقدر كلفة المشروع ب ٣٠٠ الف دولار. في ساعات بعد الظهر، افيد عن إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان على موقع للجيش الإسرائيلي في الجليل الأعلى، فردت مدفعيته على مصدر اطلاق النار. الى ذلك، قصف الجيش الاسرائيلي محيط بلدة البستان وبركة ريشة . كما سمعت انفجارات في محيط موقع هرمون على أطراف بلدة رميش. وسمع قصف مدفعي اسرائيلي في محيط تلال كفرشوبا وشبعا.
وليلا، اجلى الصليب الاحمر اللبناني باشراف الجيش اللبناني وبالتعاون مع اليونيفيل شهيدا (حسين علي سرور) من خراج عيتا الشعب.
البناء:
الخطاب الذي انتظره العالم رسم معالم المرحلة المقبلة وأبقى العطش للمعادلات
نصرالله: لوقف العدوان وانتصار حماس في حرب غزة… وكل الاحتمالات مفتوحة
الأميركي صاحب الحرب وإذا أراد المواجهة فليعلم أننا أعددنا للحاملات عدتها
كتب المحرّر السياسيّ
حضر خطابَه الفلسطينيون في غزة والمستوطنون في كيان الاحتلال، فقال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لكليهما أهم ما في خطابه، وانتظره العرب والعالم، ولذلك رسم لهم معادلات نصفها واضح، مبقياً في الغموض سرّ الاحتمالات المفتوحة، ومَن أراد الاطمئنان بأنه لن يعلن حرباً مفتوحة نام مطمئناً، ومن أراد حرباً مفتوحة لم يقطع الأمل بالخيارات كلها فهي مطروحة وفي أي وقت. قال للفلسطينيين إن حربهم هي حرب محور المقاومة ولن تترك غزة ومقاومتها وحدهما، وإن النصر أكيد لكنه يحتاج المزيد من الصبر، لأن الحرب على الكيان تُربح بالنقاط لا بالضربة القاضية، وإن ما يجري على جبهة لبنان استثنائي، كما أن ما جرى في طوفان الأقصى تاريخي. وقال للمستوطنين إن حكومتهم واهمة ومنفصلة عن الواقع وتورّطهم بأكاذيب ووعود غير قابلة للتحقيق، وإن هزيمة طوفان الأقصى التي أصابتهم سوف تلحق بها هزيمتهم الأصعب والأعقد في غزة، وإن الأميركي الذي يعتمدون عليه كي يرد قوى المقاومة هو المردوع والعاجز عن خوض حرب، وإذا توهّم أنه يستطيع ذلك واختبر قوة المقاومة، فقد أعدّت المقاومة لحاملات الطائرات والبوارج والمدمّرات عدتها.
رسم السيد نصرالله الإطار الذي سوف تتحرّك الحرب ضمن معادلاته، ووضع معادلات التعامل مع التحديات. فالهدف هو انتصار المقاومة ووقف العدوان على غزة، وهذا يعني نجاح المقاومة في المواجهة البرية، وهذا يتحقق، والضغط على الأميركي ليوقف العدوان لأن الكيان مجرد أداة وقرار الحرب في البيت الأبيض، وهذا طريقه ما بدأته المقاومة العراقية في العراق وسورية، وما قد يتوسّع ليشمل مناطق أخرى ومواقع مختلفة للانتشار الأميركي في مرمى نيران قوى المقاومة، والمقاومة بدأت وهي مستعدّة للذهاب الى الأبعد، وقد أعدّت العدة لذلك.
لم يرتوِ عطش المنتظرين لمعادلات اعتادوا عليها من السيد نصرالله، كمثل إذا فعلتم كذا سوف نفعل كذا، والبعض كان ينتظر إعلان إطلاق الصواريخ على الهواء، لكن السيد نصرالله الذي قال إن «إسرائيل» هُزمت كقوة عسكريّة، لكنها لا زالت خطرة كقوة نارية، يريد أن يستنزف ما تبقى من قوتها العسكرية دون أن تستطيع استعمال فائض قوتها النارية للقتل والتدمير في المنطقة تعميماً لنموذج غزة، والطريق هو إجبار الأميركي صاحب الحرب على وقف العدوان على غزة؛ أما إذا اقتضى الأمر للذهاب بعيداً لضمان وقف العدوان، فيجب التمعن بمعنى الاحتمالات المفتوحة.
وأعلن السيد نصر الله، أن «تصاعد جبهة الجنوب وتطوّرها مرهونان بأحد أمرين أساسيين، الأمر الأول هو مسار وتطور الأحداث في غزة، والأمر الثاني هو سلوك العدو الصهيوني تجاه لبنان»، محذّرًا «العدو الصهيوني من التمادي الذي طال بعض المدنيين في لبنان، وهذا سيعيدنا إلى المدني مقابل المدني».
وأضاف: «بكل شفافية وغموض بنّاء أن كل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة وأن كل الخيارات مطروحة ويمكن أن نذهب إليها في أي وقت من الأوقات، ويجب أن نكون جميعًا جاهزين لكل الفرضيات المقبلة».
وتوجّه للأميركيين بالقول: «أساطيلكم في البحر المتوسط لا تخيفنا ولن تخيفنا في يوم من الأيام، وأقول لكم إن أساطيلكم التي تهددون بها لقد أعددنا لها عدتها أيضًا». وأضاف «الذين هزموكم في بداية الثمانينيات ما زالوا على قيد الحياة ومعهم اليوم أولادهم وأحفادهم».
وأشار إلى أن «مَن يريد منع قيام حرب أميركية يجب أن يسارع إلى وقف العدوان على غزة، وإذا حصلت الحرب في المنطقة فلا أساطيلكم تنفع ولا القتال من الجو ينفع». وأضاف متوجهًا للأميركيين «في حال أي حرب إقليمية ستكون مصالحكم وجنودكم الضحية والخاسر الأكبر».
وأوضح أن «جبهة لبنان استطاعت أن تجلب ثلث الجيش الإسرائيلي إلى الحدود مع لبنان، وأن جزءًا مهمًا من القوات الصهيونية التي ذهبت إلى الجبهة الشمالية هي قوات نخبة، ونصف القدرات البحرية الإسرائيلية موجودة في البحر المتوسط مقابلنا ومقابل حيفا». وقال: «ربع القوات الجوية مسخّرة باتجاه لبنان وما يقارب نصف الدفاع الصاروخي موجّه باتجاه جبهة لبنان ونزوح عشرات الآلاف من سكان المستعمرات. وهذه العمليات على الحدود أوجدت حالة من القلق والتوتر والذعر لدى قيادة العدو وأيضًا لدى الأميركيين». ونوّه إلى أن «العدو يقلق من إمكانية أن تذهب هذه الجبهة إلى تصعيد إضافي أو تتدحرج هذه الجبهة إلى حرب واسعة، وهذا احتمال واقعي ويمكن أن يحصل، وعلى العدو أن يحسب له الحساب».
ولفت إلى أن «هذا الحضور في الجبهة وهذا العمل اليوميّ يجعل العدو مردوعًا»، مشيرًا إلى أن «عمليات المقاومة في الجنوب تقول لهذا العدو الذي قد يفكر بالاعتداء على لبنان أو بعملية استباقية إنك سترتكب أكبر حماقة في تاريخ وجودك».
«لقد دخلنا معركة «طوفان الأقصى» منذ 8 تشرين الأول، مضيفًا «أخذنا علمًا بعملية «طوفان الأقصى» كما كل العالم، وسريعًا انتقلنا من مرحلة إلى مرحلة»، ولفت إلى أن «ما يجري على جبهتنا مهم ومؤثر جدًا وهو غير مسبوق في تاريخ الكيان، ولن يتمّ الاكتفاء بما يجري على جبهتنا على كل حال».
وأضاف: «المقاومة الإسلامية في لبنان منذ 8 تشرين الأول تخوض معركة حقيقية لا يشعر بها إلا من هو موجود بالفعل في المنطقة الحدودية وهي معركة مختلفة في ظروفها وأهدافها وإجراءاتها واستهدافاتها».
كما أكد أن «انتصار غزة يعني انتصار الشعب الفلسطيني وانتصار الأسرى في فلسطين وكل فلسطين والقدس وكنيسة القيامة وشعوب المنطقة وخصوصًا دول الجوار»، كما أن «انتصار غزة هو مصلحة وطنية مصرية وأردنية وسورية وأولًا وقبل كل الدول هو مصلحة وطنية لبنانية».
وشدد السيد نصرالله على أن «المسؤولية على الجميع في كل العالم، وعلى الدول العربية والإسلامية أن تعمل على وقف العدوان على غزة»، مشيرًا إلى أن «البيانات والتنديدات لا تكفي، وفي الوقت نفسه يتم إرسال النفط والغذاء إلى «إسرائيل»»، لافتًا إلى أن «على الحكومات العربية والإسلامية العمل من أجل وقف إطلاق النار وقطع العلاقات الدبلوماسية مع «إسرائيل»».
وأشار إلى أنه «بالرغم من كل التهديدات قام الشعب اليمني بعدة مبادرات وأرسل صواريخه ومسيّراته حتى لو أسقطوها، لكن في نهاية المطاف ستصل هذه الصواريخ والمسيّرات إلى إيلات وإلى القواعد العسكرية الإسرائيلية في جنوب فلسطين».
كما توجّه للشعب الفلسطيني ولكل المقاومين الشرفاء في المنطقة بالقول «ما زلنا نحتاج إلى وقت ولكننا ننتصر بالنقاط، وهكذا انتصرنا في عام 2006 وفي غزة، وهكذا حققت المقاومة في الضفة إنجازات».
وأضاف: «المعركة هي معركة الصمود والصبر والتحمّل وتراكم الإنجازات ومنع العدو من تحقيق أهدافه، ونحن جميعًا يجب أن نعمل لوقف العدوان على غزة وتنتصر المقاومة في غزة.. وأنا شخصيًا ومن موقع التجربة الشخصية مع الإمام الخامنئي الذي كرّر يقينه وإيمانه أن غزة ستنتصر وأن فلسطين ستنتصر، وهو الذي قال لنا ذلك في الأيام الأولى في عدوان تموز»، وختم بالقول «غزة ستنتصر وفلسطين ستنتصر وسنلتقي قريبًا للاحتفال بذلك».
وأشار خبراء ومحللون في الشؤون العسكرية والسياسية لـ»البناء» إلى أن السيد نصرالله رسم معادلات عدة وخطوطاً حمراً مع الأميركيين قبل الإسرائيليين لكون الولايات المتحدة هي التي قررت الحرب على غزة وتدير هذه الحرب وتشارك فيها في الميدان على كافة الصعد، وهي منحت «إسرائيل» الضوء الأخضر لارتكاب المجازر وحرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني وتمنع صدور قرار في مجلس الأمن الدولي لوقف الحرب وإدانة «إسرائيل»، لذلك الرسائل التي وجهها السيد للأميركيين كانت قاسية وشديدة الأهمية ونقلت الحرب بين محور المقاومة و»إسرائيل» إلى «إسرائيل» وأميركا معاً، وبالتالي باتت الكرة في ملعب واشنطن، وطبيعة قرارها ووجهتها تفجّر جبهة الجنوب على نطاق واسع وتأخذ حزب الله ومحور المقاومة الى إقليمية كبيرة وشاملة وتخاطر بكل مصالحها في المنطقة، أم تأخذ المنطقة الى التهدئة، وهذا مدخله الوحيد وقف الحرب على غزة وإدخال المساعدات الإنسانية».
وتوقع الخبراء تصعيداً كبيراً من محور المقاومة في مختلف الساحات بدءاً من اليوم ويأخذ منحًى تدريجياً ويزيد مستوى الحرب وتحوّلها الى إقليمية متفجرة كلما طالت الحرب على غزة. ويؤكد الخبراء بأن الأميركيين سيحللون خطاب السيد نصرالله بدقة ويستخرجون المعادلات والرسائل ويدرسون الخيارات وقد يُسرّعون العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ويطلبون من حكومة الاحتلال الحد من المجازر تمهيداً لاحتواء ردات فعل محور المقاومة تجاه «إسرائيل» ولتجنب الحرب الإقليمية واستهداف المصالح والقواعد الأميركية في المنطقة، والتي ليست مصلحة أميركية، لا سيما على أبواب الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وترك السيد نصرالله الاحتمالات مفتوحة منها توسيع جبهة الجنوب وانخراط المحور بالحرب الإقليمية الشاملة، إذا فرضت عليه، وربط ذلك بأمرين الأول عدوان إسرائيلي استباقي على لبنان، والثاني مجريات الميدان في غزة، أي بمدى ذهاب حكومة نتنياهو بالحرب على غزة، وفي المقابل بمدى صمود المقاومة والشعب في غزة وفلسطين. أما الرسالة الأهم فهي للأساطيل الأميركية في البحر المتوسط بإرساء معادلة ردع جديدة بأن المقاومة ستردّ بقصف البوارج والمدمرات الأميركية في المتوسط بحال قصفت لبنان، وهذا يشكل مظلة حماية إضافية للبنان، ويتيح لحزب الله توسيع الانخراط بالحرب ضد «إسرائيل» من الجنوب بعيداً عن التهديدات الأميركية.
وفي أول رد إسرائيلي على الخطاب، أشار رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتانياهو، الى أنني «أقول لأعدائنا على الجبهة الشمالية لا تخطئوا تجاهنا لأن ذلك سيكلفكم غالياً ولا يمكنكم حتى أن تتخيلوه».
من جهته، رد البيت الأبيض على السيد نصرالله، أنّ «الولايات المتحدة لا تريد أن ترى الصراع بين حماس و»إسرائيل» يتوسّع إلى لبنان»، مشيرة إلى أنّه «لا يُمكن تصور الدمار المحتمل الذي سيحلّ بلبنان وشعبه في حال توسّع الصراع ويجب تجنب ذلك». وأكّد «الاطلاع على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله».
وذكر متحدث باسم البيت الأبيض، أنّ «على حزب الله ألا يحاول استغلال الصراع الدائر في غزة»، مدّعيًا أنّ «الولايات المتحدة الأميركية لا تريد أن ترى هذا الصراع يمتد إلى لبنان».
أما لجهة ساحات محور المقاومة، فوجّه الأمين العام لحركة «النجباء» في العراق الشيخ أكرم الكعبي، شكره للسيد نصرالله على خطابه الأخير، معتبرًا أنّه «وضع الأمور في موازينها».
ولفت، في بيان، إلى «أننا نطمئن الإخوة في فلسطين ولبنان أن إخوتهم في العراق الذين دخلوا معهم منذ اليوم التالي قلب المعركة، على جهوزية كاملة وقدرة مستدامة للمطاولة وتسلط واسع على كل مساحة المعركة».
في المواقف الداخلية، وصف الرئيس السابق لـ»الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في تصريحات متتالية إطلالة السيد نصرالله بالـ»موزونة جدًا وواقعية».
وعن مسارعة الأميركيين بإطلاق موقف بأنهم لا يريدون أن تتوسّع الحرب وتشمل لبنان، لفت الى أنني «لم أسمع الاشارة، مشكورون على كرم أخلاقهم وليتفضلوا ويطبقوا وقف إطلاق النار في غزة وليفكوا الحصار وليفتحوا معبر الذل الذي اسمه رفح».
وأضاف: «حماس تقاتل عن العرب لأن غالبية العرب ضد الحركة باعتبارها إخوان مسلمين. فحماس فلسطينية قبل أن تكون اخوان مسلمين»، مؤكداً أن «كل الاحتمالات مفتوحة ولا نعرف ماذا في النيات العدوانية عند «إسرائيل»».
وحجبت مواقف السيد نصرالله الأضواء عن كل الملفات الداخلية، وجال وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو على المسؤولين اللبنانيين في محاولة للجم أي تصعيد عسكري على الحدود. واستهل لقاءاته من السراي حيث استقبله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وشارك في الاجتماع سفير فرنسا في لبنان هيرفي ماغرو والوفد المرافق للوزير. وخلال الاجتماع «تم التشديد على التعاون والتنسيق الوثيق بين الجيش واليونيفيل وتفعيل مهام القوات الدولية وضرورة إرساء الهدوء على طول الخط الأزرق». وشدد لوكورنو «على اهمية أن تتحلى كل الأطراف في الجنوب بالعقلانية والحكمة وعدم دفع الأمور نحو التصعيد والتدهور». وأبلغ الوزير الفرنسي الحكومة أن «فرنسا قررت إرسال مساعدات عاجلة للجيش ومن بينها معدات طبية وأدوية».
كما زار المسؤول الفرنسي عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري. ثم التقى قائد الجيش العماد جوزيف عون.
المصدر: صحف