تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 24-10-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
قواعد جديدة تفرضها المقاومة على وقع ميدان غزّة
صمتٌ رهيب على الأرض، يخرقه طنين الطائرات المُسيّرة، وهي تجوب السّماء على شريط الحدود الفلسطينية ـ اللبنانية. آثار دخان ترتفع من أحد مواقع العدوّ، يقابلها عمود دخانٍ سبّبته غارة للطيران الحربي المعادي، في محاولةٍ للردّ على مصادر نيران المقاومة اللبنانية.
هي أوقات قصيرة بين الجولة والجولة، يمكن استراق التنقّل فيها على الطرقات المحاذية للجدار الإسمنتي، بعدما تحوّلت أطراف القرى وطرقاتها الطرفية إلى مناطق مستهدفة بالقصف الإسرائيلي. لكنّ التقاط هواء عكا والكرمل العابر مع الريح الجنوبية من شبّاك السّيارة المسرعة، على الطريق بين عيتا الشعب ورامية، يستحقّ المغامرة.
يدبّ السكون داخل قرى المواجهة الحدودية. بعض الحيوانات الأليفة، هجرها أهلها، بعد أن فضّل جزء من السكان الانتقال المؤقّت إلى مناطق أخرى بعيدة، بينما التزم جزء آخر بيته ولا يخرج منه إلّا للضرورة القصوى. أمّا المقاومون، فظلالٌ تظهر وتختفي من دون أن تترك أثراً.
في شريط بعمق خمسة كيلومترات تقريباً داخل الأراضي اللبنانية، ومثله على الجانب الفلسطيني المحتلّ، تدور حربٌ حقيقيّة. منذ الثامن من تشرين الأول الحالي، تُلهب المقاومة خط الجبهة من بحر الناقورة في الغرب، إلى سفوح جبل الشيخ في العمق الشرقي. فلا تهنأ عينٌ لجندي إسرائيلي في موقع من المواقع الـ 31 المنتشرة على طول خط الحدود الوهمي، بعدما حوّلت جرأة المقاومين وقبضات صواريخ الكورنيت الموجّهة، التحصينات الإسمنية والملاجئ إلى سجون لا يفارقها جنود الاحتلال.
قبل شهرٍ من الآن، كان قادة جيش العدوّ يتحدّثون عن استعدادهم لـ«أيام قتالية» على «الجبهة الشمالية» مع حزب الله، بينما أطلق رموز الحكومة الإسرائيلية التهديد والوعيد. أحدهم قال إن «إسرائيل ستعيد لبنان إلى العصر الحجري».
لكنّ الواقع في جنوب لبنان عكس ذلك. خلال أسبوعين من القتال، غيّرت المقاومة قواعد الاشتباك القديمة، لصالح قواعد جديدة، عنوانها التماهي العسكري مع الميدان في غزّة، وترتبط بظروف المرحلة وتطوّراتها، بما لا يشبه ما كان قائماً منذ ما بعد حرب تمّوز 2006.
صحيح أن حزب الله يدير المعركة بدقّة متناهية ويتدرّج بالتصعيد، لكنّ حجم الضربات التي يسدّدها، وتوزّعها على خطّ جبهة يتجاوز طولها الـ 100 كلم، يُظهران اندفاعاً هجوميّاً عالياً مع تطوّر العدوان على فلسطين، وجرأة أعلى كلّ يوم، يعاكسان محاولات جيش الاحتلال لاحتواء الهجمات والانتقام بقصف الصحافيين والمدنيين.
تمكّن المقاومون من شلّ حركة قوات العدوّ على مستوى الأفراد وتجمّعات الجنود والآليات وفي النقاط المموّهة
في الحساب، الاستهدافات الكثيفة لمعدات التجسّس والتنصّت والتصوير والاستعلام ووسائط التشويش الإلكتروني والإنذار المبكر، تضرّرت بما يزيد على 40%، وهذا ما يفسّر اعتماد العدوّ الكبير على الطائرات المُسيّرة لتعويض النقص في الجمع المعلوماتي الذي كانت تؤمّنه هذه الوسائط. إلّا أن ذلك، وعلى الرغم من التفوّق الجوي وسقوط ما يزيد على 27 شهيداً للمقاومة، لم يعطِ جيش العدوّ القدرة على تعطيل حركة أطقم الكورنيت و«صائدي الدبابات» ولا من استمرارهم في تحقيق الضربات.
في المقابل، تمكّن المقاومون من شلّ حركة قوات العدوّ، على مستوى الأفراد وتجمّعات الجنود وفي النقاط المموّهة والمستترة، وعلى مستوى الآليات والمدرّعات التي تحوّلت إلى أهداف في أقلّ حركة وأسرع وقت، حتى بات الضبّاط والقادة يتنقّلون بالسيارات المدنيّة خشية الموت في الآليات العسكرية. دبابات الميركافا أيضاً لم تسلم من الضرب والحصار، فبات يلاحظ غيابها عن الخط الأمامي وضيق هامش مناورتها مع اختبائها في تحصينات الخطوط الخلفية، خشية استهدافها بالصواريخ التي يصل مداها إلى حوالي 5 كلم.
وظهرت مشكلة أخرى لدى جيش الاحتلال في الجدار الإسمنتي نفسه، إذ إن تطوّرات الأيام الأخيرة، كشفت هشاشة الجدار الذي كلّف المليارات لإنجازه، من حيث تمكّن المقاومة من الاحتفاظ بامتيازات جغرافية على طول خطّ الجبهة تسمح لها باستهداف واسع وعميق من مناطق متاخمة للجدار أو مشرفة عليه، عدا ظهور الكثير من الثغرات التي سمحت للمقاومين الفلسطينيين مثلاً، باختراق الإجراءات أكثر من مرة والدخول من لبنان إلى العمق الفلسطيني، ما حوّل الجدار الإسمنتي إلى «جبنة سويسرية»، على غرار خطّ بارليف الشهير.
ولا يخلو سير المواجهات، من محاولة كلّ طرف استكشاف الأسلحة المجهولة التي يستخدمها الطرف الآخر، خصوصاً في الجوّ، إذ إن المقاومة تختبر باستمرار ردود فعل الدفاعات الجويّة الإسرائيلية، بينما يحاول العدوّ فعل الأمر نفسه.
أكثر من أسبوعين بقليل، كانت كافية لتظهر صورة الردع الإسرائيلي أمام حزب الله على حقيقتها: سقطت كلّ أوهام «الأيام القتالية» قبل أن تبدأ الحرب الواسعة، وتحوّلت قوات الجيش إلى انتشار دفاعي، بينما تكتظّ المستوطنات الفارغة من المستوطنين بالجنود. وحزب الله لا يرتدع ويصعّد ضرباته، بما يُفقد الاحتلال أي سيطرة على التحكّم بوتيرة المعركة أو قوّتها، وطبعاً نهايتها.
كلّ يوم يمرّ في الجنوب، تتآكل صورة الرّدع الإسرائيلي أكثر فأكثر أمام حزب الله من دون القدرة على تعويضها، مع اضطرار العدوّ للقبول بالتحوّلات… على وقع التطورات الميدانية في غزّة، تتصاعد المواجهة من دون أفق واضح. وإذا ما قرّر العدوّ الدخول البري إلى غزّة والاستمرار في العدوان، فإن التدحرج العسكري، على قواعد الأسبوعين الأخيرين، سيكون السيناريو الأكثر ترجيحاً في الجنوب اللبناني، حيث القبضات مشدودة على الزّناد لتسدّد من دون أي رادع، أو حسابات، لكلّ ما ساد سابقاً.
التوتّر جنوباً مستمرّ
رغم انخفاض وتيرة العمليات والعمليات المضادّة على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، بقي منسوب التوتر مرتفعاً في «الجبهة الشمالية» بما فيها من مواقع عسكرية ومستوطنات، وزاد من حدّة التوتر الغموض الذي يحيط نوايا حزب الله حيالَ المعركة المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على غزة.
وتحدّثت وسائل إعلام عبرية عن رصد جسم مشبوه يحلّق في سماء كيبوتس دان عند الحدود مع لبنان، مرجّحة دخول طائرة مُسيّرة. فيما دوّت صفّارات الإنذار في كريات شمونة إثر سقوط صاروخ فيها منطلقاً من لبنان، ما أدّى إلى جرح مستوطنَيْن بحسب اعتراف الإعلام العبري.
وفي السياق، أعلن المتحدّث باسم جيش العدو عن إطلاق نار من لبنان على موقع للجيش الإسرائيلي في مسكاف عام. فيما أعلن حزب الله استهداف موقع المرج مقابل مركبا بالصواريخ الموجّهة والأسلحة المناسبة. كما أعلن عن استشهاد مصطفى حسين زعيتر (بلدة جلالا في البقاع)، وكذلك أعلنت «السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي» استشهاد علي كمال عبد العال وحسين حسان عبد العال (من بلدة حلتا في العرقوب).
وفي وقت متأخر من ليل أمس، سُجل سقوط صاروخ إسرائيلي استهدف منطقة الحرج قرب تل النحاس شمالي بلدة كفركلا، كما نفّذ الطيران الحربي للعدو غارة جوية جنوب بلدة عيترون.
باسيل يحرّك السياسة الداخلية: الحرب والرئاسة وقيادة الجيش والنازحون
تسود في بيروت هواجس لم تعُد مكتومة من سيناريو الحرب الكبيرة مع العدو، واحتمال انخراط حزب الله في المعركة بشكل أكبر. ويعزّز هذه الهواجس الفراغُ السياسي الناجم عن الشغور في رئاسة الجمهورية وعدد من المناصب الأخرى في البلاد، من بينها رئاسة المصرف المركزي، وتلكَ المتوقّعة كقيادة الجيش.
تراخي المكوّنات السياسية على خلفية الصراعات الداخلية لم يحجب اهتمام الجميع بالتطورات الأخيرة على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وكانت لافتةً أمس جولة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل التي شملت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط، على أن يلتقي اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري. كما أجرى باسيل اتصالاً بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للبحث في التطورات والاحتساب لأي تطور أو احتمال، «وتخلّله عرض للتطورات الأخيرة في لبنان والمنطقة وسبل حماية لبنان وتعزيز الوحدة الوطنية. وتمّ الاتفاق على استمرار التشاور الدائم بما يخدم مصلحة لبنان وجميع اللبنانيين»، وفق بيان أصدره التيار أمس. وعُلم أن الاتصال كان طويلاً، وأن باسيل «لمس اطمئنان السيد نصرالله وعدم وجود أي توتر في مقاربة الأمور» وفقاً لمصادر مطّلعة.
وقالت مصادر قريبة من باسيل إن برنامجه الحالي يستند إلى ورقة عمل من 4 نقاط، تشمل توحيد الموقف من العدوان على غزة، وكيفية المواجهة في حال وقوع عدوان إسرائيلي على قاعدة عدم إفساح المجال أمام العدو الإسرائيلي عبر تحركات غير منضبطة، وإيجاد حل لملف رئاسة الجمهورية. وأخيرا تطوير البحث في قضية النازحين السوريين.
وخرج باسيل من جولته الأولى بانطباعات إيجابية. وعُلم أن جنبلاط كان هادئاً وعقلانياً مع خشية من لعبة الاستفزاز الإسرائيلية التي يمكن أن توصل إلى حرب. وشدّد على «أهمية طمانة المقاومة، وعلينا التعاون لطمأنة الحزب أكثر وأكثر». وبشأن الملف الرئاسي، قال جنبلاط إنه ليس لديه أي مرشح.
باسيل لمس اطمئنان نصرالله وعدم وجود أي توتّر في مقاربة الأمور
وبينما يُفترض أن تكون زيارة باسيل لبري اليوم مفصلية، فإن جولته تزامنت مع زيارة قائد الجيش جوزف عون لعين التينة. وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن «أحد الأسباب الرئيسية لجولة باسيل يتعلق بمصير قيادة الجيش عشية انتهاء ولاية عون بعد حوالي شهرين»، مشيرة إلى «رسالة وصلت إلى باسيل بأن القوى السياسية اتفقت في ما بينها على ضرورة الذهاب إلى خيار حاسم، إما بتأجيل تسريح عون أو تعيين رئيس للأركان، وأن حزب الله لا يمانع جلسة في هذا السياق بسبب تطورات الوضع في الجنوب والمنطقة». فضلاً عن «اتصالات سياسية داخلية وخارجية تضغط لأجل التمديد لعون أو تعيين رئيس أركان»، وهو ما يفسر التصريحات الأميركية بما خصّ «دعم الجيش والمؤسسة العسكرية».
وأضافت المصادر أن «جنبلاط يصرّ على تعيين رئيس للأركان وقبِل سابقاً باسم مقرّب من التيار الوطني الحر أكثر من الحزب الاشتراكي وهو قائد اللواء الحادي عشر العميد حسان عودة (علماً أن المنصب هو من حصة الدروز). ومع أن لا اتفاق أخيراً حتى الآن، إلا أن مصادر حكومية أكّدت أن «باسيل قد يقبل لاحقاً بتعيين أعضاء المجلس العسكري تحت عنوان مواجهة مخاطر اندلاع الحرب مع العدو الإسرائيلي، وعدم جواز ترك المؤسسة العسكرية تواجه المصير الذي تواجهه الرئاسة ومواقع أخرى، نظراً إلى حساسية المرحلة وخطورتها».
من جهتها قالت مصادر وزارية إنه «لا اتفاق حتى الآن حول موضوع التمديد لقائد الجيش أو تعيين رئيس للأركان، والقوى السياسية لم تحسم خياراتها بعد، لكنّ التشاور قائم وجديّ أكثر من أي وقت مضى، وقد نشهد تطوراً خلال الأسبوعين المقبلين في هذا الملف».
وصرّح باسيل بعد اللقاءات أنّ «الظرف يحتّم علينا العمل أكثر من أجل التفاهم الوطني الذي يحفظ الوحدة اللبنانية ويؤدي إلى إعادة تكوين السلطة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية أولاً وتأليف حكومة»، وأضاف: «علينا أن نكون معاً صوت العقل، فنحن حريصون على البلد والحفاظ عليه وعلى بعضنا، لأننا في مواجهة حرب أكبر من لبنان وعلينا أن نرى كيف سنحميه». أما جنبلاط فقال إن «القواسم مشتركة بيننا وبين باسيل والتيار الوطني الحر، وفي طليعتها كيف نستطيع أن نوفّر على البلاد اندلاع أو اتّساع الحرب، وهذا يعني أن نكون معاً صوتاً واحداً من أجل نصحِ بعض القوى بألا تتوسّع الحرب، لأن الحرب قد تندلع من جهتنا، وقد تندلع من جهة إسرائيل. من جهة إسرائيل، هذا ليس من شأننا. ومن جهتنا، علينا أن نضبط الأمور، وذلك بالتشاور. وننصح الإخوان في حزب الله أن تبقى قواعد الاشتباك كما هي». واعتبر أن «هذه المرحلة قد تكون أخطر مرحلة من الحروب، فمصير لبنان على المحكّ».
فرنسا تهدّد وأميركا تريد الهدوء!
بعيداً من الدور الفرنسي السلبي في تغطية العدوان الصهيوني على غزة والأسلوب الذي اتّبعته باريس بتهديد اللبنانيين فيما لو قرّر حزب الله الانخراط في الحرب، قالت مصادر دبلوماسية رفيعة على تواصل مع مسؤولين في السفارة الأميركية إن «المسؤولين الأميركيين يظهرون اهتماماً بالغاً بأي رسالة تصل من المسؤولين اللبنانيين أو قوات الطوارئ الدولية في الجنوب تتعلق بالوضع في الميدان، ويسارعون إلى لملمة الوضع والضغط على إسرائيل لعدم توجيه ضربات قوية يذهب ضحيتَها مدنيون، ليس من باب الحرص على حياتهم، ولكن حتى لا يؤدي ذلك إلى رد فعل كبير من الحزب».
وأشارت المصادر إلى أن «كل التهويل الأميركي والتهديد بالدخول في الصراع في حال قرّر حزب الله فتح الجبهة على مصراعيها، لا يتطابق مع العمل الدبلوماسي الأميركي الذي يستهدف عدم إثارة غضب الحزب كي لا تتورّط الإدارة الأميركية في حرب لا تريدها».
وقالت إن «المسؤولين الأميركيين ومن ضمنهم السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا يحرصون على نقل وقائع الميدان في الداخل اللبناني وما يجري على الحدود بدقّة شديدة لضبط الحدود، وإبقاء الأمور تحت السيطرة وضمن قواعد الاشتباك».
حرب غزّة: العودة حتماً إلى درس 2006
كلما طلب سفير غربي موعداً لمقابلة مسؤول رسمي سأله اولاً: «ماذا عندكم؟»، ثم: «ماذا ستفعلون؟». همّه الاطمئنان الى امتناع حزب الله عن الانخراط في حرب غزة كأنه هاجس وحيد، من غير امتلاكه جواباً لمضيفيه: «ماذا ستفعل اسرائيل بعد الآن؟». لا ذاك عنده، ولا هذا
أول مَن أرسل اشارات سلبية الى اخطار قد تكون محدقة بلبنان غداة 7 تشرين الاول، كان موظفو بعثة صندوق النقد الدولي في بيروت بأن غادروا قبل انقضاء 48 ساعة على هجوم حماس على غلاف غزة. تفادياً لما خبره الصندوق لدى اجلائه موظفيه في افغانستان في آب 2021 وفي السودان في نيسان 2023 وافتقاره الى لوجستيات الترحيل، فيما لا يزيد طاقمه في بيروت عن عشرة، طلبت منهم ادارتهم في واشنطن المغادرة فوراً. بعد ثلاثة ايام لحق بهم موظفو بعثة البنك الدولي وعددهم ضعف اولئك. من بعدهم في الاسبوعين الاخيرين كرت سبحة السفارات ولا تزال. كلما استفسر المسؤولون الرسميون من سفراء غربيين بارزين عن دوافع ترحيل رعاياهم اكتفوا بالاجابة، على غرار صندوق النقد والبنك الدولي، انها اجراءات احترازية بناء على طلب حكوماتهم ليس الا. اما الجزء الباقي من احاديثهم مع المسؤولين اللبنانيين، فهو الاستفسار عما سيفعله حزب الله ولبنان حيال حرب غزة.
خلافاً لمغزى تعليمات الترحيل باظهار القلق والخوف من الآتي على جبهة الجنوب، يحضر السفراء كي يعلموا لا كي يُعلِموا. لا تملك الحكومة اللبنانية ان تجيبهم. احدهم سألها عما يمكن ان يُقدم عليه حزب الله. جواب مسؤول حكومي انها ارسلت اليه اسئلة لم يُجبها عن معظمها. بينما تقول الحكومة اللبنانية انها مطمئنة الى اشارات غير مباشرة من الحزب مؤكداً حرصه على استقرار لبنان، لحزب الله جواب قاطع: لم يطمئن احداً ولن يطمئن اي احد.
عندما يُسأل السفراء اولئك عما يبصرونه في المرحلة المقبلة، يتحدثون عن معطيات خمسة:
اولها، ليس لبنان اصل المشكلة، بل غزة والحرب الناشبة بين اسرائيل وحماس. الا انه، بل حزب الله، مصدر فعلي لتوسّع الحرب اذا عزم على الانخراط فيها.
ثانيها، رغم التوتر البادي في الايام الاخيرة بين الاميركيين والايرانيين مذ تصاعدت الهجمات على القواعد العسكرية الاميركية في العراق وسوريا، الا ان كلا البلدين لا يتوقف عن توجيه رسائل سياسية ضمنية، غير مباشرة، الى الآخر برفض الحرب المفتوحة واشتعال جبهات المنطقة كلها.
ثالثها، لم يعد سيناريو ما نشأ في اللحظات التالية لما حدث في 7 تشرين الاول والتكهنات التي اعقبته هو النافذ في الوقت الحاضر. وضعت زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن لاسرائيل اخيراً – وإن باصراره على الوقوف الى جانبها وتبنّي وجهات نظرها في ما حدث في الايام المنصرمة – سقفاً لما يفترض ان تؤول اليه تطورات المرحلة التالية. ذلك ما فسّر تأجيل الهجوم البري الاسرائيلي على غزة يوماً تلو آخر. مع انه في الحسبان قائم ينتظر توقيته، الا ان احداً وخصوصاً الاميركيين والاسرائيليين لا يسعه الا تحسُّب ما سينتهي اليه وكيف؟ ومدى القدرة على تحقيق تقدّم نوعي حاسم والكلفة التي سيتكبدها الاسرائيليون في جيشهم والمسؤولية التي سيتحمل الاميركيون تبعتها السياسية. ذلك ما يحمل السفراء اولئك على الاعتقاد بأن المنطقة تمر في نهاية البداية لا في بداية النهاية.
رابعها، ان القلق الفعلي من الحرب الدائرة في غزة الآن وامتداداتها ليس الاشتباكات عند الجبهة الشمالية وتدمير اسرائيل القطاع، بل الخوف من ان تكون المرحلة المقبلة تغيير الجغرافيا واعادة النظر في الحدود الحالية. لا يطاول غزة فحسب، بل يمتد ايضاً الى مصر والاردن. في حسبان اسرائيل ان الهجوم البري الواسع لاحتلال ما امكن من غزة في مرحلة اولى، يرمي الى احداث هذا التغيير بتهجير اهالي القطاع، او التنبؤ باحتمال طرح الدولة العبرية حزاماً امنياً واسعاً. ليس على صورة الحزام الامني الذي انشأته في جنوب لبنان بين عامي 1978 و2000 وأزيل باجلائها عنه، بل محاولة الغاء القطاع في جغرافيته الحالية. ذلك ما يفسّر في اعتقاد السفراء امام المسؤولين اللبنانيين – وهم يشرحون مراقبتهم للاحداث الى حد كبير – حماوة الاشتباكات في الجبهة الشمالية لاسرائيل. ما يجزمون به ايضاً وإن لا يتوقفون عن طرح سؤالهم عما سيفعله حزب الله في الساعات الصعبة، استبعاد فتح جبهات جديدة ما دام اللاعبون الاصلاء، الاميركيون والايرانيون، يقولون انهم لا يريدون حرباً شاملة، ولا يمانعون في عضّ الاصابع.
خامسها، مع انهم لا يكتمون تأييدهم اسرائيل ومناوأتهم حماس المحسوبة منظمة «ارهابية» وتحفظهم في الوقت نفسه عن استمرار استهداف المدنيين في غزة، على انهم يقولون ان ما يفعله الجيش الاسرائيلي في غزة يستعيد الدرس نفسه المستمد من حرب تموز 2006 في لبنان: ضرب البنية التحتية للقوة العسكرية لحماس وترسانتها وكذلك تدمير مجتمعها وبشرها لا يغيّر في المعادلة شيئاً. ذلك ما حدث في نهاية حرب 2006. انتصر الضعيف ولم ينتصر القوي. صمود حزب الله احال كل ما تعرّض اليه واضعافه وايذاء مجتمعه وتخريب لبنان برمته منتصراً على اسرائيل، فيما اخفقت هي في تصفيته وهي المهمة التي اوجبت مهاجمة هذا البلد. اعاد الحزب تدريجاً بناء ترسانته واضحى لاعباً اقليمياً يُحسب حسابه، ويُنظر اليه الآن على انه اكثر الاخطار جدية في حرب غزة يملك ان يشعل المنطقة كلها. المعادلة نفسها مرشحة لأن تستعاد مع حماس اياً تكن وطأة الضربات التي تتلقاها، وسيكون في وسعها الزعم انها هي المنتصرة اخيراً لمجرد بقائها واسرائيل المهزومة.
شكوك في رواية الحوت عن التأمين: حصار ما قبل الحرب
أثار محمد الحوت الذعر بقراره القاضي بخفض عدد رحلات شركة «ميدل إيست» بنسبة 80%. برّر خطوته بأن الشركة تلقّت إنذاراً من شركة التأمين التي خفّضت التغطية على الطائرات، وبالتالي لم يعد ممكناً استعمال كامل الأسطول. إزاء ذلك، عقد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، مؤتمراً صحافياً أمس، للتشكيك في رواية الحوت ووجّه إليه اتهاماً بالاستئثار بالقرار الوطني للنقل الجوي من لبنان، وسط سكوت تام من المعنيين، أي من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري ووزير النقل علي حمية. إثبات صحّة ما قام به الحوت صعب، لأن الشركة لا تمارس أي شفافية في عملها بينما بَسَطَت نفوذها على كامل المطار، ما أتاح لها استعماله من دون إيداع إدارة الطيران المدني نسخة من عقد التأمين الذي يمكن أن يكشف الكثير عن طريقة تلزيم التأمين وعن شروط العقد وقيمته.
تقطيع أوصال لبنان
لم يهضم سلام «القرار الكبير الذي اتّخذته الشركة (ميدل إيست) بأُحادية، من دون أن تعي وقعه، ليس على حركة المسافرين فحسب، وإنّما على البلد ككلّ»، مذكّراً بأنّ شركة طيران الشرق الأوسط هي شركة وطنية «يتألف أسطولها من 24 طائرة، 11 منها ملك مصرف لبنان، أي ملك للدولة». وهي شركة الطيران الوحيدة، أي إنه «لا يمكن التدخل في قرارات الشركات الأجنبية إذا قرّرت قطع خطّ طيرانها مع لبنان مثلاً». في الواقع، من المثير للاستغراب أن يقدّم سلام شكواه علناً في وجه الحوت ومن خلفه في وجه ميقاتي. لا بل إنه استدعى جمعية شركات التأمين وسألها عن مدى صحّة ما يقوله الحوت، وما إذا كانت هذه الشركات قد انخرطت في تقديم خدمة التأمين على طائرات شركة طيران الشرق الأوسط. تبيّن له أن الأمر ليس كذلك. ولفت سلام، إلى أنه كان بالإمكان «القيام بمفاوضات أكثر ربطاً بالظروف الحساسة» مشيراً إلى إمكانية «تعديل بنود العقود مع شركات التأمين حتى تظلّ جميع الطائرات في الخدمة، وأضعف الإيمان ألا تتعطل 80% من حركة الطيران بقرار واحد، بل تتوقّف تدريجياً بنسبة 40% على سبيل المثال».
اللافت، أن سلام أشار إلى أنه كان بإمكان إدارة الرقابة والتفتيش في مديرية الطيران المدني أن تقول «كلا» لشركات التأمين، وأن تبحث شركة طيران الشرق الأوسط عن أفضل شروط استمرار هذا المرفق الأساسي، لكنّ إدارة الرقابة لا تعرف شيئاً عن عقود «ميدل إيست» مع شركات التأمين العالمية، بحسب سلام نفسه. وهو ما أكّده المدير العام للطيران المدني بالإنابة فادي الحسن، إذ قال لـ«الأخبار»: «ما يهمّ المديرية هو أن تكون بوليصة التأمين على الطائرات صالحة في الملف الفني الذي تقدّمه شركات الطيران قبل تسيير الرحلات في مطار بيروت من لبنان وإليه، ولا نتدخّل في مستوى المخاطر على البوالص».
ودقّ سلام ناقوس الخطر محذّراً من نتائج قطع أوصال لبنان الجوية مع الخارج على الأمن الغذائي تحديداً لجهة عرقلة وصول المواد الغذائية إذا اندلعت الحرب. ذلك أنه «برّاً، لم تعد التجارة على الحدود مع سوريا كما كانت عليه في الحرب السابقة عام 2006، وإذا فرض العدو حصاراً بحرياً على لبنان، هل نغلق المتنفّس الحيوي لحركة الصادرات والواردات جواً»؟
الأولوية «ليست للجميع»
إذاً، قرّر الحوت حصار لبنان بشكل مبكر قبل اندلاع مواجهة شاملة مع العدو، وقبل أن تؤدّي المخاطر العسكرية إلى منع استعمال مطار بيروت. هذا الأمر لم يحصل في عزّ الحرب الأهلية عندما قُصفت طائرات في مطار بيروت. يومها، بحسب رواية أحد المسؤولين، فقد جرت مفاوضات مع شركات التأمين التي كانت تؤمّن على طائرات ميدل إيست، واتُّفق معها على أن تخفض التغطية التأمينية وإبقاء كل الأسطول عاملاً ضمن معادلة إبقاء أربع أو خمس طائرات في المطار في وقت واحد. وبالتالي كانت غالبية طائرات الأسطول تعمل إنما عدد الطائرات الموجودة في مطار بيروت لم يكن يزيد على أربع أو خمس طائرات في الوقت نفسه. وضمن الاتفاق أيضاً أنه يتم إخلاء الطائرات الموجودة في مطار بيروت خلال ساعتين.
خلافاً لكل ذلك، قرّر الحوت أن يعرض خطواته في مهرجان مثير للذعر. ورغم أن الحوت قال لحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إن خطواته ستخفّض عدد الطائرات لكنها تغطّي 80% من الطلب على السفر، إلا أن ما قاله في المؤتمر الصحافي لا يتطابق مع كلامه لمنصوري، بل قال: «أولويتنا ألا نؤمّن كل العالم…»، وهذا يتطابق مع قوله بأن الشركة ستعيد ثمن بعض تذاكر السفر المحجوزة مسبقاً، وستركّز على رحلات من بلدان محدّدة. فلو كان كلام الحوت لمنصوري عن تأمين 80% من الطلب المحلّي على السفر، لما تطلّب الأمر إعلان خفض عدد الرحلات في مؤتمر صحافي، بل كان بالإمكان جدولة بعض المقاعد بطريقة سلسلة وبلا إثارة للذعر.
لكنّ الحوت الذي يستند إلى دعم من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، يواجه أسئلة عن شفافية الشركة وعن نفقاتها المتصلة بشراء الطائرات وبيعها. فهو يملك فعلياً 11 طائرة من أصل 24 طائرة. لديه عدد من الطائرات المستأجرة، وطائرات مرهونة بقيمة أقساطها. كلّ الطائرات المستأجرة، والطائرات المرهونة هي جديدة، وباقي الطائرات هي قديمة، لكنّ الحوت أراد إيهامنا طوال الوقت بأن الميدل إيست تملك أسطولاً كبيراً وجديداً، لكنها بالفعل لا تملك السيادة على أسطولها، والقسم الأكبر من هذا القرار خضع لقرارات شركات أجنبية فرضت على الميدل إيست اتخاذ هذا القرار.
كذلك، تقول المصادر إن التأمين يغطّي الطائرات بقيمتها المخمّنة بنحو 750 مليون دولار، وإن شركات التأمين خفّضت قيمتها وبالتالي قيمة التأمين إلى نحو 150 مليون دولار. لكنّ الحوت أبلغ المعنيين بأنه أبقى 8 طائرات تُقدّر قيمتها بنحو 200 مليون دولار. بمعزل عن النقاش في السعر الوسطي للطائرة المبالغ فيه جداً، فإن الطائرات التي تملكها الميدل إيست بشكل كامل وحرّ هي قديمة ومتهالكة نسبياً، وبالتالي فإن تخمين الطائرات التي بقيت تعمل بنحو 200 مليون دولار فيه الكثير من المبالغة. ما يتبيّن، هو أن الشركات الأجنبية التي تملك طائرات الميدل إيست، أو الشركات الأجنبية التي لديها حقوق على طائرات الميدل إيست، فرضت قرارها على الشركة الوطنية التي تتمتّع بحصرية العمل انطلاقاً من مطار بيروت الدولي. في هذه اللحظة تبدّدت الأوهام التي روّجتها الميد إيست بأنها تملك أسطولاً من الطائرات الحديثة، فهي لا تملك طائراتها ولا قرارها، بل كان المؤتمر الصحافي مجرّد أداة وسيطة لإبلاغ لبنان القرار الغربي ببدء الحصار، حصار ما قبل الحرب.
اللواء:
رسائل تطمين أميركية لحزب الله: المعركة اليوم مع حماس
باسيل يتصل بـ«نصرالله» ورئاسة الجمهورية بند أول مع ميقاتي وجنبلاط
هل ثمة من يدفع منطقة «الشرق الأوسط» وتحديداً دول الشرق الأدنى إلى غمار حرب طويلة، بصرف النظر عن حجم الدول والأطراف المشاركة، والمخاطر المترتبة على ذلك؟
من الوجهة هذه، وفي ضوء تلمُّس الإجابات الممكنة، والأقرب إلى التشخيص الصحيح، يمكن التماس مصير المواجهة الجارية عند الحدود اللبنانية- الإسرائيلية من الناقورة وقراها غرباً إلى مزارع شبعاً جنوباً، وعلى امتداد الخط الأزرق.
والأخطر، أن اسرائيل، وخلفها الولايات المتحدة الأميركية وبعض دول الغرب الأوروبي تتحدث عن حرب قد تطول، ولا بأس بين 4 أشهر أو 6 أشهر، ضمن أهداف تبدو بالغة العنصرية والعدوانية كالقضاء على حماس، ولو اقتضى الأمر اقتلاع شعب غزة من أرضه وجذوره، أو إحراقه بالحديد والنار والركام؟
والنقطة المحورية في الموضوع أن تطور الموقف جنوباً، باتجاه حرب شاملة، يتوقف إلى حد كبير على ما يجري على جبهة غزة، فإذا انكفأ العدوان، وسقط خيار الحرب البرية، انتفت الحاجة إلى انهيار الهدوء والحذر على الجبهة الجنوبية..
تشير مصادر المقاومة إلى أن ما يحدث عند الحدود الجنوبية ما يزال تحت سقف قواعد الإشتباك حتى اللحظة، مع اعتبار الامور مفتوحة على كل الإحتمالات.
وكشفت المصادر للمرة الاولى عن تغير اللهجة الاميركية في مقاربة مسألة الحرب على الجبهة الجنوبية ، فبعد التهديد والوعيد واستقدام حاملات الطائرات الى شرق المتوسط ، ارسلت واشنطن طلبات متكررة إن لم نقل تمنيات عبر اكثر من وسيط للطلب من حزب الله وقوى المقاومة عدم الدخول في الحرب ، وانها لا تريد اي تصعيد في المنطقة سواء على الجبهة الجنوبية او اية جبهة اخرى…
يشار إلى ان السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا، ولمناسبة، إحياء ذكرى مرور 40 عاماً على تفجير مقر مشاة البرية الأميركية في بيروت في 23 ت1 1983، وأدى إلى مقتل 241 جندياً من «المارينز» الأميركي، قالت أن بلادها «ترفض – ويرفض الشعب اللبناني، تهديدات البعض بجرّ لبنان إلى حرب جديدة»..
أما رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، فلخص نتيجة اتصالاته بالقول:
«لا أطمئن إلا عندما يحصل وقف إطلاق نار في غزة، وطالما وقف النار غير موجود، والاستفزازات الإسرائيلية لا تزال مستمرة، سيبقى الحذر لدي قائماً.
ونقل عن الرئيس ميقاتي أن هناك اتصالات دولية لوقف الإستفزازات الإسرائيلية التي تحصل في الجنوب، كاشفاً: أتواصل مع أطراف الداخل لوقف إطلاق الصواريخ من الجنوب.
وحضرت كل هذه التطورات في جولة بدأها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تحت عنوان حماية لبنان والوحدة الوطنية.
بدأت الجولة صباحاً بزيارة إلى السراي الكبير، حيث التقى الرئيس ميقاتي، وجرى البحث في الفكرة، وما يترتب من خطوات على هذا الصعيد، ثم زار عند الخامسة من بعد ظهر أمس كليمنصو والتقى النائب السابق وليد جنبلاط، على أن يزور عين التينة اليوم للقاء الرئيس نبيه بري.
وتطرق الجانبان (باسيل وجنبلاط) إلى إمكانية التوصل إلى مقاربة تؤدي إلى إنهاء الشغور في الرئاسة الاولى، من دون الإعلان عن شيء ملموس على هذا الصعيد.
وتطرق البحث إلى بذل جهد مشترك لإقناع حزب الله بعدم الإنجرار إلى حرب واسعة، والإكتفاء بقواعد الإشتباك.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن تحرك باسيل وإن كان ربطه البعض بالمراكز الأمنية الشاغرة إلا أنه يحمل في طياته هواجس من تعرض البلاد لأي انتكاسة في ظل التطورات الراهنة.
وأكدت المصادر نفسها انه في خلال اللقاءات التي عقدها ويستكملها لم يفتح أي نقاش بشأن التمديد لقائد الجيش وكان التركيز على المخاوف الأمنية وصون الاستقرار والدور المطلوب من القوى السياسية في هذه المرحلة.
إلى ذلك لم يتأكد ما إذا كانت جولة باسيل تشمل افرقاء من المعارضة .
وفي مجال آخر، قالت أوساط في التيار الوطني الحر لـ «اللواء» أن مسألة عودة الوزراء المقاطعين والمحسوبين على التيار إلى حضور مجلس الوزراء لم تبت بعد، وأن المسألة تتصل بالمبدأ وأن أي قرار بالعودة يدرس بين النائب باسيل والوزراء والاسس التي يتم اعتمادها ايضا في حال عاد هؤلاء الوزراء عن المقاطعة وشاركوا في جلسات الحكومة المقبلة.
وعن أهداف الجولة، قال باسيل: «نجد ان الظرف اليوم يحتم علينا العمل اكثر على تفاهم وطني يحفظ الوحدة الوطنية ويؤدي الى اعادة تكوين السلطة بانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة».
وقال:«تداولنا بمواضيع كثيرة اخرى نترك الحديث عنها لوقت لاحق، لكن اعتقد اننا نستطيع ان نكون سوياً لنتساعد ونكون صوت العقل والحريصين على البلد وعلى بعضنا البعض لأننا اليوم بمواجهة حرب اكبر من لبنان علينا ان نحمي البلد منها».
واعتبرجنبلاط ان القواسم المشتركة مع التيار والوزير باسيل كبيرة وفي طليعتها كيف نستطيع ان نوفر على البلاد اتساع الحرب، ويعني ذلك ان نكون سويا صوتا واحدا لنصح بعض القوى في هذا الاطار لأن الحرب قد تندلع من جهة اسرائيل اما من جهتنا فعلينا ان نضبط الامور بالتشاور ونصح الاخوان في حزب الله ان تبقى قواعد الاشتباك كما هي، مشيرا الى اننا لاحظنا ان بعض الفصائل في الجنوب تنتشر ونحن نتمنى ان يكون الانتشار تحت امرة ووصاية حزب الله لان بغير ذلك سنذهب الى المجهول .
وحول رئاسة الجمهورية اكد جنبلاط انه اذا امكن ان نتفق على الاسم فلا مانع لدينا وليس لدينا إسما محددا ونحن لم نناقش موضوع رئاسة الاركان لان اليوم مصير لبنان على المحك بسبب ما يجري في المنطقة.
وليلاً، عمم فريق باسيل ،ما أسماه «معلومة» مفادها أن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تلقى اتصالاً هاتفياً عن «طريق آمن من رئيس التيار الوطني الحر، حيث عرض لمجموعة من الملفات، لا سميا التطورات الأخيرة في المنطقة، ربما يهدف إلى حماية لبنان وتعزيز الوحدة الوطنية، وتمّ الاتفاق على استمرار التشاور الدائم، بما يخدم مصلحة لبنان وجميع اللبنانيين.
وفي إطار ترتيبات خطة الطوارئ، ومواجهة الاوضاع المالية سألت لجنة المال والموازنة الحكومة عن خطة الطوارىء للحرب وكيفية تمويلها، داعية مصرف لبنان الى جلسة مقبلة للاطلاع على الاثر المالي والنقدي حول الاجراءات التي تقوم بها الحكومة في حال تدهورت الاوضاع اكثر. وانتهت جلسة لجنة المال أمس حول التعديلات الضريبية في الموازنة وسجلت اللجنة رفضها الاجتزاء المعتمد من دون رؤية ضريبية شاملة تترافق مع الاثرين الاقتصادي والنقدي، مطالبة الحكومة بتزويدها بما حققته المادة ٢٢ المكررة من موازنة العام ٢٠٢٢ امتداداً الى ٢٠٢٣ فضلا عن لائحة مفصلة عن المؤسسات المختلطة بين القطاعين العام والخاص ورواتب موظفيها للبناء على الشيء مقتضاه.
وفي شأن متصل، أعرب وزيرا خارجية لبنان عبد الله بو حبيب وسوريا فيصل المقداد عن دعمهما لحق الفلسطينيين بمواجهة الاحتلال، وفي ما خصَّ عودة النازحين السوريين، صدر عن الجانبين بيان مشترك تضمن أن الجانبين تدارسا الهدف من الزيارة وهو معالجة التحديات المتصلة بأزمة النزوح السوري في لبنان، وشددا على أهمية التعاون المشترك لضمان العودة الكريمة للمهجرين السوريين إلى وطنهم الأم، وضرورة تحمُّل المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة لمسؤولياتهم في المساعدة على تحقيق هذا الهدف.وشرح الوزير المقداد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية على مدى السنوات الماضية وفي الآونة الأخيرة لإعادة الأمن والاستقرار وتيسير عودة السوريين إلى وطنهم، مؤكداً أن سوريا ترحب بجميع أبنائها وتتطلع لعودتهم، وهي تبذل قصارى جهدها بالتعاون مع الدول الصديقة والشركاء في العمل الإنساني لتحقيق ذلك.وأعرب الوزير بو حبيب عن امتنانه وتقديره للجهود والإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية. وتم الاتفاق على عقد اجتماعات تنسيقية لاحقة على مستوى المسؤولين والخبراء المختصين لمتابعة المسائل المتصلة بعودة النازحين، وضبط الحدود، وتبادل تسليم المحكومين العدليين، وغيرها من المسائل ذات الاهتمام المشترك.
اليوم 17 للعدوان
وفيما استمر القصف المتبادل بين جيش الاحتلال الاسرئيلي والمقاومة الإسلامية، عبر المدفعية والصواريخ والمسيّرات في جولة من القتال وصفتها وسائل إعلام الاحتلال بأنها الاكبر بين اسرائيل وحزب الله منذ تموز 2006 نجحت فرق الصليب الأحمر بالتنسيق مع قوات «اليونيفيل»، بسحب 3 جثامين من مرتفعات حلتا، بعد منتصف الليل، تعود إلى مدنيّين من آل عبد العال من حاصبيا، كانا يحاولان سحب جثمان أحد عناصر «حزب الله»، قبل أن يستهدفهما القصف الإسرائيلي. وامس، اعلن الصليب الأحمر في بيان ان طواقم الصليب الأحمر اللبناني نقلت بعد ظهر أمس من خراج بلدة كفرحمام إلى مستشفى مرجعيون الحكومي، جثمان شهيد و4 جرحى، تم إستهدافهم بالقصف الإسرائيلي، وجرت هذه العملية بالتنسيق مع الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
البناء:
الأميركيّون يحيون ذكرى استهداف المارينز في بيروت… وقواتهم تتلقى الضربات في سورية والعراق
ضغوط مالية وسياسية لتقييد حركة حزب الله جنوباً… والدعوة لترك غزة تسقط تفتح باب توطين اللاجئين
القسام تطلق رهينتين… وماكرون في تل أبيب… ومناشدات لمقايضة الرهائن الفرنسيين بجورج عبدالله
كتب المحرّر السياسيّ
تتواصل المذبحة الإسرائيلية المفتوحة بحق النساء والأطفال والشيوخ والجياع والجرحى في غزة، بالتوازي مع مواصلة حصار قاتل لا تخفّف من وطأته الشاحنات المعدودة التي تدخل من معبر رفح، وفقاً لاعترافات مفوّض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، والأسئلة الكبرى مرفوعة بوجه الحكومات العربية التي غسلت يديها من دم الشعب الفلسطيني مكتفية ببيانات الإدانة، بينما ينخرط الغرب كله وفي مقدّمته الأميركي بتفاصيل الحرب الإسرائيلية، وبيد العرب الكثير الكثير ليفعلوه وبين أيديهم ممرات التجارة العالمية في قناة السويس والبحر الأحمر، ومصادر الطاقة تذهب من بلادهم وقد باتت مورداً وحيداً لتبقى أوروبا تضيء بيوتها وشوارعها وتشغّل معاملها، ولا تتحوّل الى غزة ثانية. ويجري تسليط الضوء على ما سيفعله حزب الله، من جهة بخلفية تصوير عدم ذهابه إلى الحرب الشاملة تخلياً عن الشعب الفلسطيني ومقاومته، وتحميله مسؤولية المذبحة الفلسطينية، بينما يحمل وحده من بين العرب أعباء فتح جبهة إسناد لفلسطين واستنزاف لجيش الاحتلال.
الأميركي الذي أحيا ذكرى تفجير مقرّ قواته في بيروت عام 1983، والتي سقط فيها أكثر من مئتي قتيل ومثلهم من الجرحى، أمام معادلة أخذ العبرة والتعلّم من التجربة، فهل تعلّم؟
المقاومة لا تريد حرباً معه، لكنها ستدافع عن حقها بفعل ما يجب عليها فعله لنصرة غزة، وبما يتعدى كثيراً ما تفعله اليوم إذا اقتضى الأمر ذلك، غير آبهة بتهديدات البوارج والحاملات، والرسائل النارية تصل للأميركي الذي انضم عملياً الى جبهة القتال الى جانب جيش الاحتلال. ففي سورية استهدفت قواعد أميركية في حقل العمر وحقل الشدادة، وفي العراق استهدفت قاعدة أميركية قرب مطار بغداد، بعد استهداف متكرّر لقاعدة عين الأسد.
في غزة، حيث الحرب الإسرائيلية التي تنتظر قرار الحرب البرية المؤجل من يوم إلى يوم، وسط تقاذف المسؤولية عن التأجيل بين رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو وحليفه الرئيس الأميركي جو بايدن، ومن منهما سيتكفل بالمواجهة مع حزب الله، فيقول نتنياهو هذه مسؤولية أميركية ويردّ بايدن، لم نتعهد بذلك ولسنا بوارد خوض حرب، ويجري ابتكار أعذار من نوع ربط التأجيل بملف الرهائن، او المقايضات الجارية بين الرهائن والمساعدات الإنسانية. وفي هذا السياق سجل دخول عشرين شاحنة إضافية من المساعدات الى غزة، بينما أعلنت قوات القسام إطلاق سراح رهينتين جديدتين، وبينما يصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماركون الى تل أبيب، ويدخل المناضل جورج عبدالله سنته الأربعين في السجن، رغم انتهاء محكوميته منذ أكثر من خمس وعشرين سنة، خرجت مناشدات لقيادة القسام بربط الإفراج عن سبع رهائن فرنسيين لديها بمقايضتهم بالإفراج عن المناضل جورج عبدالله.
في لبنان محاولات أميركية لتصعيد الضغوط المالية والاقتصادية، في ملف التأمين والطيران، وتحريك جبهة سياسية مناوئة للمقاومة للضغط على حزب الله، لضمان عدم تشكيل ضغط على جيش الاحتلال، تحت شعار تحييد لبنان، رغم أن حزب الله يدير بكل حكمة ومسؤولية معركته الحدودية ويقدّم فيها كل يوم المزيد من الشهداء، يطرح السؤال على دعاة التحييد، هل يصدّقون أن جيش الاحتلال إذا نجح في التخلص من غزة ومقاومتها سوف يدع لبنان دون الاستدارة نحوه، بحيث يصير مطلب التحييد مجرد دعوة لتمكين جيش الاحتلال من الفوز بحلقة أولى للاستعداد لجعل لبنان حلقة ثانية؟ وهل يتوهم دعاة التحييد أن هناك مشروعاً سياسياً يتضمّن حق العودة للاجئين إذا تمّ ضرب المقاومة في غزة؟ وهل من بديل غير التوطين للاجئين عندما يسقط حق العودة؟
وحافظت الجبهة الجنوبية على سخونتها رغم تراجع حدة الاشتباكات بين المقاومة الإسلامية وقوات الاحتلال الإسرائيلي قياساً بالأيام الماضية، وقد واصلت المقاومة عملياتها النوعية ضد مواقع الاحتلال في عمق الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة ملحقة خسائر فادحة في صفوف جيش الاحتلال الذي رفع درجة الاستنفار الى الحد الأقصى خوفاً من توسيع حزب الله رقعة العمليات والدخول المسلّح الى المستوطنات المحاذية للحدود. وتعزّز هذا الخوف مع تحطيم المقاومة للجدار الإلكتروني وللمواقع الأمامية الحسّاسة التي تشكل خط الدفاع الأول وحائط الحماية للجيش الإسرائيلي وللمستوطنات وفق ما تشير مصادر مطلعة على الوضع الميداني لـ»البناء». وفي مقابل إرباك الاحتلال الإسرائيلي على جبهة شمال فلسطين وتكبّده خسائر كبيرة بشرية ومالية، تصاعدت الحرب الإعلامية والنفسية ضد لبنان التي تقودها غرفة عملية أميركية – إسرائيلية – داخلية لبث الرعب والذعر في نفوس اللبنانيين والتسويق لرسائل التهديد الخارجية وتعظيم مفاعيلها للضغط على حزب الله لكي يوقف عملياته ضد الاحتلال ولثنيه عن توسيع الحرب بحال الدخول البري الاسرائيلي الى قطاع غزة، بموازاة تولي بعض وسائل الإعلام الإضاءة على التداعيات الاقتصادية والسياسية للحرب على الجبهة الجنوبية على لبنان ومحاولة تحميل حزب الله مسؤولية أي حرب مفترضة على لبنان، والتعمية على التداعيات السلبية الكبيرة السياسية والاقتصادية والنفسية لحرب الشمال على كيان الاحتلال والتي تنشرها معاهد ووكالات إعلامية غربية وعربية وحتى إسرائيلية.
وأشارت مصادر سياسية لـ”البناء” الى أن “قوى سياسية وإعلامية لبنانية تشكل جزءاً من الحرب الإعلامية والنفسية الأميركية – الإسرائيلية التي تقودها السفارة الأميركية في عوكر ضد لبنان، من خلال الحديث عن تداعيات عمليات المقاومة في الجنوب والتداعيات المحتملة لتوسيع حزب الله مشاركته في الحرب”. ولفتت الى أن الأميركيين يجمعون كافة أوراق وأدوات الضغط السياسية والاقتصادية والإعلامية على لبنان لمنع الحزب من توسيع الحرب ضد “إسرائيل”، ولكي ينأى بنفسه عن حرب غزة، وإحدى الأدوات المعلومات المسربة عن عدم وجود نفط وغاز في البلوك 9، وتحذير الرعايا الأجانب والعرب بمغادرة لبنان وعدم السفر إليه، وتوقف شركات التأمين عن التغطية التأمينية لمطار بيروت وشركات الطيران ولمرفأ بيروت وتخفيض رحلات الطيران ونقل طائرات الى الدول المجاورة، كل ذلك تحت ذريعة الإجراءات الاستباقية فيما الحرب لا تزال محدودة في المنطقة الحدودية ولا مؤشرات على توسعها الى حرب صواريخ بين الحزب و”إسرائيل” لتطال العاصمة والمرافق الحيوية. ومن المبكر الحديث عن حربٍ إقليمية وفق ما يشير خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لـ”البناء”. و”هذه الإجراءات وفق مصادر اقتصادية تؤدي الى ارتفاع نسبة مخاطر الاستيراد وبالتالي تهدد الأمن الغذائي والاستشفائي والنفطي ويحدث فوضى في الأسواق حتى قبل اندلاع الحرب في لبنان”. وتتساءل المصادر عن الجهة التي طلبت من شركات الطيران هذا الأمر، وخاصة طيران الشرق الأوسط المملوكة من مصرف لبنان! ولماذا لم تنسق هذه القرارات مع الحكومة والوزارات والأجهزة المعنية خاصة في ظروف حساسة يمكن لأي قرار أن يعرض الأمن الاقتصادي لمزيد من الخطر؟
وفي سياق ذلك، كشف وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، أنه “عندما اتخذت شركات التأمين في الخارج قراراً كهذا كان يمكن لنا أن نتدخل قبل الوصول الى هذه المرحلة لتحقيق شروط أفضل. وقد تأكدت اليوم من شركات التأمين أنه تتوفر خيارات أخرى: الخيار الأول، كان يمكن تعديل البند المتعلق بالطائرات أو برفع قيمة التأمين وإبقاء جزء أكبر من الرحلات أو الطائرات قائمة، فهو موضوع إدارة مخاطر. وكان هناك خيار آخر أنه لا يمكننا إلغاء 80 بالمئة من الرحلات، حتى لو تم رفع الكلفة، ولا يمكننا بشركة واحدة وبقرار واحد وبند واحد أن نعطل 80 بالمئة من حركة السفر من وإلى لبنان”.
وذكر أن “ثمة أموراً استباقية كان يمكن القيام بها، فقد قلنا سابقاً بأن هناك مطار الشهيد رينيه معوض في الشمال وهو بعيد عن الخطر، ويمكن ركن الطائرات فيه لتكون بأمان وسلام بدل نقلها الى الخارج وتكبّدنا أكلافاً مالية لقاء ذلك”.
وأكد سلام أنه “يجب أن يكون لقطاع التأمين اللبناني نسبة أو حصة ولو ضئيلة في التأمين لشركة الشرق الاوسط، من أجل تأمين ظروف ومفاوضات أفضل مع الشركات الأجنبية في تأمين طائراتنا، في وقت هذه الشركة هي المرفق الأساسي والوحيد على صعيد نقل الركاب”.
وأضاف سلام: “في ملف الأمن الغذائي وتوفر المواد الاستهلاكية. لقد دعونا كل النقابات المعنية وقطاع المحروقات والنقل الى اجتماع موسّع لنكون على بينة مما لدينا من مخزون ومواد غذائية، وضرورة توفر المحروقات للنقل والدواء والمعدات التي نحتاجها”.
بالعودة الى الوضع الميداني على الجبهة الجنوبية، واصلت المقاومة ضرباتها على مواقع العدو على طول الحدود، وأعلن الإعلام الحربي في حزب الله، أن “مجاهدي المقاومة الإسلامية قاموا أمس باستهداف موقع المرج مقابل مركبا بالصواريخ الموجّهة والأسلحة المناسبة”.
وأعلنت “قناة 12” الإسرائيلية، عن سقوط “إصابتين جراء سقوط صاروخ اطلق من لبنان على مستوطنة كريات شمونة، وتسجيل أضرار في بعض المباني”.
في المقابل واصلت مواقع الاحتلال قصفها على القرى والبلدات الحدودية ووسّعته ليطال أطراف بلدات طلوسة ومركبا وبني حيان. كما قصفت مسيّرة إسرائيليّة خراج بلدة كفرحمام بصاروخين. فيما نجحت فرق الصليب الأحمر بالتنسيق مع قوات “اليونيفيل”، بسحب 3 جثامين من مرتفعات حلتا، بعد منتصف ليل أمس الأول، تعود إلى مدنيّين من آل عبدالعال من حاصبيا.
وأعلن الصليب الأحمر في بيان أن “طواقم الصليب الأحمر اللبناني نقلت من خراج بلدة كفرحمام إلى مستشفى مرجعيون الحكومي، جثمان شهيد و4 جرحى، تمّ استهدافهم بالقصف الإسرائيلي، وجرت هذه العملية بالتنسيق مع الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل”. ونعى “حزب الله” أمس شهيدين في العدوان الإسرائيلي على الجنوب، هما عباس علي السوقية “علي الهادي” من بلدة عيناثا جنوب لبنان، ومصطفى حسين زعيتر «أبو الهدى” من بلدة جلالا في البقاع.
إلى ذلك واظبت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، على مواقفها الإستفزازية وتهديداتها للبنان، وأشارت خلال إحياء الذكرى الأربعين لتفجير مقرّ مشاة البحرية الأميركية في بيروت في 23 تشرين الأول 1983، الى أن “الشعب اللبناني، يرفض تهديدات البعض بجرّ لبنان إلى حرب جديدة. ونحن مستمرّون في نبذ أي محاولات لتشكيل مستقبل المنطقة من خلال الترهيب والعنف والإرهاب ــ وأنا هنا أتحدث ليس فقط عن إيران وحزب الله، بل وأيضاً عن حماس وآخرين، الذين يصوّرون أنفسهم كذباً على أنهم “مقاومة” نبيلة والذين ومن المؤكّد أنهم لا يمثلون تطلّعات – أو قيم – الشعب الفلسطيني، في حين أنهم يحاولون حرمان لبنان وشعبه من مستقبلهم المشرق”.
وإذ تتواصل رسائل التهديد الغربية للحكومة اللبنانية بأن لبنان سيدفع ثمناً كبيراً بحال وسع حزب الله الحرب ضد “إسرائيل” خلال العملية البرية العسكرية ضد غزة، أكدت أوساط مطلعة في فريق المقاومة لـ”البناء” أن “كل رسائل التهديد والوعيد والويل والثبور وعظائم الأمور التي تصل إلى لبنان عبر السفراء والمسؤولين الديبلوماسيين الغربيين والعرب الى لبنان لمنع تدخل حزب الله بالحرب الى جانب غزة، لن تثني الحزب عن فعل ما يراه مناسباً لدعم المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، ولن تغيّر بالخطط التي وضعتها غرفة عمليات محور المقاومة لمواجهة كل السيناريوات المحتملة بما فيها الاجتياح البري لغزة”، وجزمت المصادر بأن محور المقاومة اتخذ القرار بكافة ساحاته بالدخول بالحرب الموسعة بحال دخل الإسرائيليون ومن خلفهم الأميركيون بحرب عسكرية برية وتدميرية شاملة لقطاع غزة والقضاء على حركات المقاومة الفلسطينية وتهجير أهلها الى سيناء”، موضحة أن “هذا هو العنوان العام أما توقيت دخول الحرب وتكتيكاتها والساحات التي ستتحرك والأهداف فتبقى رهن تقييم قيادة المحور ومجريات المعركة في غزة”.
على المستوى الرسمي، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن “الاتصالات الديبلوماسية مستمرة، ونحن نحضّ الجهات التي تتكلم معنا على وقف الاستفزازات الإسرائيلية التي تحصل في الجنوب، ومن ناحيتنا نسعى مع الأطراف المحلية لضبط النفس، وعدم انجرار لبنان لأي مخاطر معينة».
ولفت ميقاتي، في حديث تلفزيوني الى أننا “أبلغنا هذا الموقف الى الجهات الدولية والاطراف المحلية”، مؤكداً أنني “لا اطمئن لنتيجة هذه الاتصالات الا عندما يحصل وقف إطلاق نار في غزة، وطالما وقف النار غير موجود، والاستفزازات الاسرائيلية لا تزال مستمرة، سيبقى الحذر لديّ قائماً”.
وأشار ميقاتي الى أننا “في جو متشنج جداً في المنطقة، وكل الدول المحيطة بنا وضعها ليس أفضل من وضعنا. جميعنا ينتابنا الخوف مما يحصل، أما الخطوات العملانية التي نقوم بها فتتمثل باجتماعات لهيئة الكوارث ولدينا خطة طوارئ كاملة، وعقدنا اجتماعات مع كل الهيئات الدولية، ودعونا الأمم متحدة للمساعدة، لأنه لا مقومات أساسية لدينا لمواكبة كل الاوضاع ومواجهتها”.
على الصعيد السياسي، تلقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اتصالًا هاتفيًّا عن طريقٍ آمن من رئيس التيار “الوطني الحر” الوزير جبران باسيل، حيث عرضا مجموعة من الملفات لا سيما التطورات الأخيرة في لبنان والمنطقة وخاصة تلك التي تهدف إلى حماية لبنان وتعزيز الوحدة الوطنية. وتمّ الاتفاق على استمرار التشاور الدائم بما يخدم مصلحة لبنان وجميع اللبنانيين.
ومن ضمن جولة بدأها باسيل على القيادات المحلية، زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي، وجرى عرض للتطورات الراهنة. كما التقى الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو، على ان يزور اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة. وتأتي زيارة باسيل الى السراي من ضمن جولة يقوم بها على القيادات السياسية “في ضوء المخاطر والتحديات التي يواجهها لبنان، خصوصًا بعد العدوان الإسرائيلي والأحداث في غزّة واندلاع الاشتباكات على الحدود الجنوبية للبنان، عنوانها “حماية لبنان والوحدة الوطنية”.
وكان الرئيس بري استقبل في عين التينة قائد الجيش العماد جوزف عون حيث جرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات الامنية والعسكرية. كما استقبل بري سفير البرازيل لدى لبنان تاركسيو كوستا وتناول اللقاء الوضع في لبنان والمنطقة في ضوء تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان. وحيا بري الدور الذي تلعبه البرازيل لا سيما رئيس الجمهورية لولا دا سيلفا وجهوده الرامية لوقف العدوان الإسرائيلي ودعم حقوق الشعب الفلسطيني سواء في مجلس الأمن الدولي اوعبر المشاركة في مؤتمر القاهرة. وأكد بري بأن لبنان ملتزم بالشرعية الدولية وهو يمارس حقه المشروع في الدفاع عن نفسه أمام العدوان الإسرائيلي الذي يستهدف لبنان.
على مقلب آخر، استقبل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في مقر الوزارة، في دمشق وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب والوفد المرافق.
وصدر بيان مشترك عن الوزيرين جاء فيه: “تدارس الجانبان الهدف من هذه الزيارة وهو معالجة التحديات المتصلة بأزمة النزوح السوري في لبنان، وشددا على أهمية التعاون المشترك لضمان العودة الكريمة للمهجرين السوريين إلى وطنهم الأم، وضرورة تحمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة لمسؤولياتهم في المساعدة على تحقيق هذا الهدف”.
وشرح المقداد وفق البيان الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية على مدى السنوات الماضية وفي الآونة الأخيرة لإعادة الأمن والاستقرار وتيسير عودة السوريين إلى وطنهم، مؤكداً أن سورية ترحب بجميع أبنائها وتتطلع لعودتهم، وهي تبذل قصارى جهدها بالتعاون مع الدول الصديقة والشركاء في العمل الإنساني لتحقيق ذلك. وأعرب بو حبيب عن امتنانه وتقديره للجهود والإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية. وتمّ الاتفاق على عقد اجتماعات تنسيقية لاحقة على مستوى المسؤولين والخبراء المختصين لمتابعة المسائل المتصلة بعودة النازحين، وضبط الحدود، وتبادل تسليم المحكومين العدليين، وغيرها من المسائل ذات الاهتمام المشترك.
المصدر: صحف