عقب زيارته الشهيرة إلى كيان الاحتلال الاسرائيلي، مسرعاً للقاء المسؤولين الصهاينة لإبداء القلق والتضامن والدعم للأخير الذي تلقى صفعة تاريخية لردعه وأمنه اثر عملية طوفان الأقصى، في ظل ذلك كله حرص الرئيس الأميركي جو بايدن على التأكيد بأنه “لم يبلغ الحكومة الإسرائيلية خلال زيارته لتل أبيب، أن الولايات المتحدة ستدخل الحرب في حالة انضمام حزب الله للصراع في المنطقة”.
التصريح كان لافتاً. كان لافتاً للأعداء وللأصدقاء.
الفريق الأول ومما لا شك فيه توقّع ربما دعماً أميركياً منقطع النظير لكيان الاحتلال الاسرائيلي، الذي وبحسب ما أكدت واشنطن على مدى عشرات السنوات السابقة بأن أمنه جزءٌ من أمنها القومي، وقد جاء التصريح أعلاه كمفاجأة، إن صحّ التعبير، في هذا السياق.
لقد أتى تصريح الرئيس الأميركي متناقضاً مع ما سبقه وتلاه من تسريبات عن رسائل أميركية لحزب الله مفادها “تحذير من عدم دخول الحرب إلى جانب حركة المقاومة الفلسطينية حماس من خلال فتح الجبهة الشمالية، وإلا فإن هذا سيستدعي رداً أميركياً”. وقد استند العديد من الخبراء إلى هذه الرسائل للقول إن الولايات المتحدة باتت تعي جيداً عدم قدرة جيش العدو الاسرائيلي على الحرب على أكثر من جبهة وتحقيق الانجازات، كما جرت العادة في فترة الستينات، ولهذا فهي تعلن بأنها ستدخل الحرب إلى جانبه في حال توسعها، وهو غير قادر حتى اللحظة على تحقيق انجاز عسكري واضح وحقيقي على الجبهة الجنوبية، انجاز يعوّل عليه للتفاوض وانهاء الحرب.
كان لافتاً تصريح بايدن، في وقت حرصت بلاده على ممارسة نوع من استعراض القوة، بإرسال حاملة الطائرات جيرالد فورد إلى المنطقة، علّها تبث الذعر في نفوس مقاومات المنطقة، لكن الرد جاء واضحاً بأن لا مكان للتحذيرات الأميركية في حسابات هذه المقاومات. ويبدو أن هذا لقي صداه لدى واشنطن التي أعلن النائب في كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله مؤخراً أنها منعت العدو الاسرائيلي من شنّ ضربة استباقية للمقاومة في لبنان خوفاً من هزيمته.
هذا الأداء الأميركي، الذي لا زال مربكاً لجهة كيفية إخراج حليفه الاسرائيلي من المأزق الكبير الذي وقع فيه في السابع من تشرين الأول/اكتوبر، غارقاً في طوفان المقاومة الإسلامية “حماس”، وقد ظهر هذا الارباك ولا زال من خلال التردد في قرار شنّ عملية برية داخل القطاع تتخوف واشنطن من تداعياتها، وفي الوقت نفسه تعي أن لا مهرب منها ولو كتوغل محدود وشكلي مقابل الضربة التي تعرضت لها تل أبيب.
وسط ذلك كله، وبالرغم من إعلان بايدن لنتنياهو من فلسطين المحتلة عن “دعم غير محدود”، إلا أن جو وإدارته ليسوا حتى اللحظة بوارد ارسال جنودهم لمساندة الكيان في حربه البرية. لماذا؟
هل لأنهم لم ينسوا ما جرى في مثل هذه اليوم من العام 1983 في بيروت، عندما عاد حوال 270 أميركيا بصناديق إلى بلادهم؟ إنها ذكريات قاسية حقاً. والأقسى أن تتكرر وبسيناريوهات أكثر سوءاً ورعباً.
المصدر: موقع المنار