تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 17-10-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
عبداللهيان: المقاومة تدرس ضربة استباقية خلال ساعات
أميركا نحو إرسال جنود إلى المنطقة لـ«ردع أعداء إسرائيل»
الانطباع القوي بفشل الجولة الدبلوماسية لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، انعكس خطوات أميركية أكثر تشدداً في سياق توفير الحماية لإسرائيل. وكان لافتاً ما نقلته قناة «الجزيرة» عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية من «وضع قوات أميركية على أهبة الاستعداد في حال استدعت الحاجة إلى نشرها في منطقة الشرق الأوسط»، فيما نقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤول في البنتاغون «أننا خصّصنا 2000 جندي لدعم العملية البرية الإسرائيلية في غزة».
وبحسب زوار أجانب لبيروت والدوحة، فإن الولايات المتحدة تعتقد أن الوضع «قد يسوء أكثر في الأيام المقبلة»، مشيرة إلى أن «قرار شن حرب برية قيد التشاور مع واشنطن وعواصم أخرى وتل أبيب التي طلبت دعماً متنوّعاً، بما فيه دعم استخباراتي، وأن الأمر قد يتطور إلى طلب دعم أكبر، خصوصاً من الأميركيين الذين يشعرون بأنهم معنيون بحماية إسرائيل من أي تهديد».
ويبدو أن الخطوة الأميركية ترد في سياق رفع مستوى التهديد الموجّه إلى حزب الله تحديداً، ربطاً بالاتصالات التي أجرتها أطراف كثيرة مع الحزب وإيران في الأيام القليلة الماضية، والتي لم يحصل معظم الوسطاء بنتيجتها على جواب واضح حول خطط الحزب، فيما تواصل المقاومة الإسلامية تنفيذ ضربات مختارة ضد مواقع قوات الاحتلال على طول الحدود مع فلسطين المحتلة.
في هذه الأثناء، أطلق وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، بعد عودته إلى طهران، مواقف لافتة مرتفعة السقف. فقد نقلت وكالات الأنباء الإيرانية عن عبداللهيان مساء أمس «أن أي عمل استباقي من قبل المقاومة ضد إسرائيل في الساعات المقبلة أمر وارد». وأضاف: «خلال جولتي في المنطقة والاجتماع مع قادة المقاومة، كان الأمر الوحيد في ذهنهم هو أنه إذا أدّت الحلول السياسية إلى نتيجة، فسينظرون إلى هذه الفرصة للقيام بذلك، ولكن إذا استمرت جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد المدنيين، فمن المحتمل اتخاذ أي إجراء».
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت إيران ستدخل الحرب، قال عبداللهيان: «كل الاحتمالات واردة (…) لا يمكن لأي طرف أن يبقى غير مبالٍ باستمرار هذا الوضع. اليوم، عندما نتحدث عن المقاومة، لا نتحدث عن حزب الله وحده». وأوضح: «كان لي حديث مع قادة المقاومة الآخرين، إضافة إلى الاجتماع مع الأمين العام لحزب الله. وللسيد (حسن) نصرالله دور مؤثّر. وكان المحور الرئيسي لمشاوراتنا يتعلق بالوضع الحالي في المنطقة. وأثناء شرحه لأزمات الكيان الصهيوني طرح بعض الأفكار. كل الخيارات والسيناريوهات الممكنة مطروحة أمام حزب الله. لقد تمّ تقدير كل شيء بشكل صحيح في الحسابات، ولن يسمح قادة المقاومة للكيان الصهيوني بالقيام بأي إجراء في المنطقة. واتخاذ أي إجراء استباقي خلال الساعات المقبلة محتمل». وخلص عبداللهيان إلى «أننا إذا لم ندافع عن غزة اليوم، فعلينا أن ندافع (غداً) عن مدننا. وقال السيد نصرالله أيضاً إنه إذا لم نتخذ إجراءً فورياً، فسنضطر إلى القتال مع القوات الصهيونية في بيروت غداً». وأضاف: «أود أن ألفت انتباه السيد الأمين العام للأمم المتحدة، أن الوقت ينفد، وإن كنت تريد اتخاذ إجراء ما فافعل قبل فوات الأوان. ربما اهتمت قوى جبهات المقاومة بتوصياتنا إلى الآن، لكن هذا لا يعني أنها ستهتمّ بتوصياتنا ليوم غد أيضاً».
بلينكن حمل مشروعاً لنقل نصف سكان قطاع غزة الى مصر ودول خليجية أخرى
وتكشّف أمس المزيد من التفاصيل حول المشاريع التي حملها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الدول الحليفة لواشنطن في المنطقة، ومن بينها مشروع يقضي بإيجاد حل مؤقت يسمح بنقل نصف سكان قطاع غزة إلى مصر ودول خليجية أخرى، ريثما يتم التوصل إلى حل سياسي سريع وشامل. وقالت مصادر على صلة بالعاصمة المصرية إن بلينكن فوجئ بطريقة استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي له، وبكلامه العلني الرافض للحملة الإسرائيلية. وأضافت أن مساعدين للسيسي نصحوا بلينكن بعدم إثارة ملف التهجير معه، والتركيز على سبل تهدئة الأمور. وبحسب مصادر إعلامية، فإن الوزير الأميركي لم يكن مرتاحاً أيضاً لزيارته للسعودية، إذ إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تعمّد تأخير الاجتماع معه لأكثر من عشر ساعات، ثم أبلغه بموقف الرياض الرافض لفكرة التهجير، مشدّداً على أن الحل يكون بالعودة إلى مبادرة السلام العربية.
مع ذلك، لم يتوقف الأميركيون عن مساعيهم مع التشديد على رغبتهم بكسب الأيام القليلة المقبلة لتنفيذ اتفاق «هدنة إنسانية» يسمح لحاملي الجنسيات الأجنبية في غزة بالسفر إلى مصر وإطلاق سراح الأميركيين المحتجزين في غزة مقابل تمرير مساعدات طبية وإغاثية إلى القطاع. ويبدو أن إسرائيل هي من يرفض السير بالخطوة كونها ترى فيها تراجعاً أمام ضغوط حماس، فيما الملف الإنساني ليس أولوية لدى أي مسؤول في إسرائيل الآن.
حزب الله: ربط الجبهات قبل فتح الساحات؟
ينزلق حزب الله الى الحرب الدائرة بين اسرائيل وحماس أم يبقى على مسافة منها دونما تحييده عنها؟ لا احد يملك ان يجيب تأكيداً او نفياً. للحقائق المتوالية على الارض جواب محدد مقدار ما هو مهيأ للاجتهاد: كل يوم يمر لا يشبه الامس
ليس خافياً ان حزب الله، يوماً تلو آخر، يطوّر دوره في الحرب الدائرة بين اسرائيل وحماس. ما فعله غداة اندلاعها اضحى على صورة مغايرة تماماً الآن، كما لو انه يتحضر لربط الجبهات على طريق فتح الساحات عندما يحين أوانه.
التصعيد الميداني العالي النبرة في جولات الاحد اعطى الاشارة الاولى الى ان ساحة الحزب ليست في مزارع شبعا فحسب. الحجة التي دافع فيها عن اطلاقه صواريخه في اليوم الاول تصويبها الى منطقة محتلة يملك حقاً شرعياً في المقاومة فيها لتحريرها. في الايام التالية وصولاً الى الاحد الفائت، اضحى الخط الازرق مسرح عملياته دونما ان يقصره على نفسه. انضمت «كتائب القسام» و«الجهاد الاسلامي» الى حزب الله على نحو اظهر تقاسم الادوار والجبهات. في الوقت نفسه لا يتوقف الحزب عن تأكيد تمسكه بقواعد الاشتباك المرعية في مزارع شبعا، متأنياً في الانتقال من مرحلة الى اخرى. ذلك ما يجعل موقفه الفعلي لغزاً محيِّراً الى الآن رغم اصراره على انه لن يقف مكتوفاً حيال الهجوم البري على غزة. على طرف نقيض من حرب 2006 التي يستعيد الحزب دروسها باستمرار، وكانت التجربة الاكثر اكتمالاً في مساره واحالته مذذاك قوة اقليمية، لن يستدرج اسرائيل الى ارضه كما فعل وقتذاك بأسر جنود اسرائيليين، بل سيذهب اليها في الارض التي تحتلها.
اكثر المُحيِّر في لغزه ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لم يقل بعد كلمته في ما حدث او سيحدث.
يقارب الحزب ما انتهت اليه الايام العشرة الاولى في الحرب الدائرة في اسرائيل وغزة تبعاً لمعطيات منها:
1 – مع تمسكه بقواعد الاشتباك في مزارع شبعا، لن يتوقف عن إشغال اسرائيل بالجبهة الشمالية لتخفيف الضغط العسكري على غزة، وهو ما يعدّه الحزب الحد الادنى المطلوب في الوقت الحاضر. اخيراً تساوت الجبهات من مزارع شبعا الى الناقورة بعضها مع بعض، وأضحت عنده شريطاً واحداً. لكل منها هدف استخدامها وتوقيته.
2 – يعتقد حزب الله ان ثمة تقدّماً في الموقف الغربي من حرب غزة يمهّد لاعادة النظر في كل ما رافق الايام الاولى ما ان مُنحت اسرائيل تفويضاً مطلقاً للقضاء على حماس. مذذاك سارعت الى التعبير عنه بالطلب من فلسطينيي غزة مغادرتها توطئة لمهاجمة القطاع واحتلاله نهائياً بعد تدميره كلياً. لم تعد الآن الاولوية نفسها. في المواقف الاخيرة للغرب افصح عن احدها الاكثر اهمية الرئيس الاميركي جو بايدن برفضه تهجير غزة، بات المطلوب رد الاعتبار الى الجيش الاسرائيلي وهيبته وسمعته المحلية والاقليمية بالاكتفاء بهجوم بري – لا بالهجوم البري – دونما الوصول الى تهجير غزة. لم يعد القطاع برمته الهدف، بل جزء منه على انه يمثل انتقام اسرائيل منه بعدما دمر مدنه.
3 – تصل الى حزب الله اصداء ما يقوله سفراء غربيون في بيروت امام المسؤولين اللبنانيين، في محاولة يقترن فيها توجيه رسائل تطلب عدم تورطه في الحرب الدائرة، وفي الوقت نفسه اعتقاد هؤلاء ان حكوماتهم لم يعد يسعها انتظار الحلول العسكرية المدمرة. ما تبصره من تدمير وقتل وحشي في القطاع يحمل حكوماتهم على مقاربة الجانب الانساني في الحرب تلك بتنديدها بخرق القواعد الاخلاقية المتفق عليها في الحروب والمعاهدات الدولية وحقوق الانسان. على ان اياً منهم لم يشر الى ان امتعاضهم تحوّل الى ضغوط مباشرة على اسرائيل. عزز التحوّل هذا تعيين الرئيس الاميركي موفداً خاصاً للمساعدات الانسانية هو الديبلوماسي المخضرم الواسع الالمام بالشرق الاوسط ودوله دافيد ساترفيلد، المشهود له ابان وجوده في سفارة بيروت مطلع التسعينات بعداء غير مشروط لحزب الله. دلّ تعيينه على ان ثمة مؤشراً جديداً الى ان ابواب التفاوض السياسي قابلة للحياة في وقت ما.
4 – في نهاية المطاف ستنتهي حرب 2023 في غزة الى ما انتهت اليه حرب 2006 في لبنان. آنذاك هاجمت اسرائيل لبنان بقرار تصفية حزب الله، اذا الحرب تنتهي باجلائها وترسيخ بقاء الحزب على ارضه يحتفظ بسلاحه تحتها وفوقها. انتصر حزب الله دونما ان يربح الحرب لمجرد ان حال دون القضاء عليه، وخسرت اسرائيل مع انها ربحت الحرب العسكرية بالتدمير واخفقت في الوصول الى الهدف الذي توخته. اما ما يراهن الحزب عليه فعلياً، فهو ان النتائج السياسية لحرب غزة لن تكون اقل اهمية من تلك التي افضت اليها حرب لبنان: بقاء حماس هو انتصارها الفعلي كحليفها اللبناني. مفهوم كهذا ملتبس في المنطق السياسي كما القانوني كما العسكري، بيد ان حزب الله جعله شعاراً حقيقياً أقنع به جمهوره وخصومه وأعداءه.
هذه المرة لن يصيب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ما اصاب اسلافه عندما خسروا حروبهم كإيهود اولمرت في حرب 2006 ومن قبله مناحيم بيغن في حرب 1982، ومن قبله غولدا مائير في حرب 1973، بتنحيهم جميعاً وذهابهم الى العزلة. ما يقدم عليه نتنياهو – الموصوف منذ مهاجمة حماس غلاف غزة بالجثة السياسية – مجازفة غير مأمونة. لا يملك سوى الخيارات السيئة. المحسوب انه ما ان يخرج من منصبه بعد وضع الحرب أوزارها لن يمضي السنوات الباقية في تقاعد هادىء كأسلافه. بل قد يكون مصيره اسوأ. لن يجلو غبار ما حدث في الجيش الاسرائيلي واجهزة استخباراته وذعر المجتمع والرهاب المحدث الذي بات يعيشه، الا بعد وقف النار والتفاوض السياسي الحتمي.
لا عودة إلى ما قبل 2005: إسرائيل تفضّل «المناورة البرّية»
يخطئ مَن يظنّ أن إسرائيل معنيّة باجتياح برّي لقطاع غزة من شأنه إعادة سيناريو ما قبل انسحاب عام 2005، أو أنها تريده. أيضاً، قد يكون مخطئاً مَن يظنّ أن العدو لن يلجأ إلى «المناورة البرّية» داخل القطاع. وفي حين أن الخيار الأول مستبعَد، يُرجَّح اللجوء إلى الخيار الثاني، علماً أن المفهومَين يتمايزان، وإنْ كان ثمّة مَن يخلط بينهما، وهو ما يؤدّي إلى فساد تقدير الآتي في غزة. ويُقصد بـ«المناورة البرّية»، تفعيل خيارات تشمل السيطرة على أراضٍ، وتوغّلات، وإغارات، وعمليات خاصة، يراد منها تحقيق هدف إستراتيجي ما. وما إن يتحقّق هذا الهدف، حتى يُصار إلى العمل على إعادة انتشار القوات، إلى ما كانت عليه، أو إلى انتشار آخر، يضمن استمرار تحقّق الهدف. أمّا الاجتياح، فهو يعني تدخّلات برّية تكون نتيجتها السيطرة المادّية الكاملة على أرض العدو، بهدف الاستقرار فيها، والعمل على إدامة احتلالها.
وهكذا، فإن المناورة والاجتياح متباينان؛ فالأولى وسيلة لتحقيق هدف آخر، فيما الهدف من الثاني هو الاحتلال نفسه، بما يشمل الصدم الممتدّ زمنياً، أو النهائي. وبدا جليّاً، منذ اليوم الأول للحرب، أن إرادة إسرائيل اتّجهت نحو طلب هدف إستراتيجي كبير جداً، وهو «سحق» حركة «حماس»، وتالياً تحقيق جملة إنجازات، لا تقلّ في أهميتها عن الإنجاز المادّي المباشر. ومن اليوم الأول أيضاً، أدركت تل أبيب أن المناورة الجوية والقتال عن بعد، لا يحقّقان النتيجة المطلوبة، بل والإلزامية، لاستعادة مكانتها، لدى نفسها ولدى الآخرين. ومع ذلك، بدا أن إسرائيل، وعلى رغم التهويل الهائل والمبالغات التي صدرت عن مسؤوليها وإعلامها، تريد النتيجة (إزالة حكم «حماس» والحركة نفسها)، مع أقلّ «مناورة برّية» ممكنة. ولذا، وُجّهت المناورة الجوية، بشكل رئيس، في اتجاه تدفيع الفلسطينيين، وليس «حماس» فحسب، الثمن، من أجل معادلة ما أمكن من الخسائر الظاهرة والمباشرة، المادية والبشرية على السواء، على أن يُصار لاحقاً إلى العمل على «سحق حماس»، بتركيز مضاعف.
ويَطرح الحديث عن قرب «المناورة البرّية» المرجّحة، والتي ربّما تأخّرت، أسئلة عن الأسباب التي حالت دون تنفيذها إلى الآن: هل هو خلاف على القدرة على الإنجاز الميداني؟ أم على الأثمان التي يُقدَّر أن تكون مرتفعة؟ أم حول المخرج السياسي للحرب، بين إسرائيل والراعي الأميركي؟ وإذا كانت الأسئلة مفتوحة في هذا الإطار، إلّا أنه مع مرور الأيام، وعدم مبادرة إسرائيل إلى «المناورة البرّية»، التي تأمل من ورائها تحقيق الهدف الإستراتيجي، كما سلف، تَصعب المهمّة ويرتفع ثمنها، كما يتراجع تأييدها دوليّاً؛ والأخير جزء لا يتجزّأ من مكوّناتها، ولا سيما لجهة دعم الولايات المتحدة التي باتت هي صاحبة القرار والآمر الناهي في هذا الصراع.
هل ثمّة تباين حول المخرج السياسي للحرب بين إسرائيل والراعي الأميركي؟
وعلى هذه الخلفية، يأتي حديث الرئيس الأميركي، جو بايدن، عن أن الاجتياح البرّي خطأ – وهو حديث علني وليس في الغرف المغلقة -، ليشير الى أوجه خلاف على الهدف أو الأهداف السياسية للحرب، بين الجانبَين. فإذا كانت «الشهيّة» الإسرائيلية مرتفعة جدّاً بدافع الصدمة التي ثبت أنها تتحكّم برؤية دولة الاحتلال في أكثر من مستوى واتّجاه، إلّا أن الأمور، من ناحية الولايات المتحدة، تبدو أكثر «عقلانية» نسبياً، وأكثر ارتباطاً بسلّة مصالح لها علاقة بالإقليم، حيث لا تريد واشنطن الإضرار بإستراتيجيتها المرسومة للمنطقة، عبر التماشي مع القرارات الإسرائيلية، على حساب الشركاء الآخرين، وعلى حساب المصالح الأميركية نفسها، والتي لا تُقارن شموليتها بالنظرة الإسرائيلية إليها.
لهذا، يبدو أن الخيار البرّي، كما كانت تعمل عليه إسرائيل – وهو خليط من الاجتياح ومن «المناورة» – بات أمراً مستبعداً، بعدما فرض الراعي الأميركي قراره عليها. إلّا أن ذلك الفرض لا يلغي «المناورة البرّية»، وإنْ كان يلغي الاجتياح بمعانيه الآنفة الذكر. فسلّة الأهداف التي يُسمح لإسرائيل بالعمل عليها، تحتاج أيضاً إلى رافعة ضغط برّية. وفي الحالتَين، أي النيّات الإسرائيلية والخطط الموضوعة برّياً لإنجازها، والمحدّدات الأميركية وضوابطها التي تَفرض على تل أبيب الحدّ الأدنى من الفعل البرّي، تبقى النتائج مرهونة بردّ فعل الطرف الآخر في المعادلة، والذي ينتظر، كما يؤكّد، إقدام إسرائيل على تفعيل خياراتها البرّية، أيّاً كانت هذه الخيارات، حتى يفاجئها بما لديه.
اللواء:
إنشغال رئاسي دولي بـ«جبهة لبنان».. وبايدن لحزب الله: لا تفعلها!
كولونا تتوقع حرباً طويلة.. وجلسة نيابية اليوم
يكاد الوضع الميداني في القرى والقطاعات الجنوبية على امتداد الحدود مع اسرائيل يقترب من الروتين اليومي، ما لم تطرأ تطورات تكسر قواعد الاشتباك.
ومع ذلك، فحركة الاتصالات الدولية تتجه بوصلتها، من جهة اسرائيل إلى «الجهة الشمالية» ومن جهة لبنان إلى ما يمكن تسميته «جهة ثانية من لبنان بوجه اسرائيل الغارقة في حسابات يرجح انها خاطئة، وفقاً للقراءة الاميركية، إذا ما اجتاحت غزة براً.
والابرز في حقل الاشغال الرأي الدولي والاميركي، على وجه التحديد، ما أعلنه الرئيس الاميركي جو بايدن، الذي سيكون في وقت قريب في الشرق الاوسط واسرائيل للمشاركة في قمة شرم الشيخ العربية – الدولية لوقف الحرب على غزة، من أن «إعادة احتلال قطاع غزة تمثل خطأ جسيماً» وما خص به حزب الله، في معرض الإجابة عن سؤال يتعلق باحتمال فتح جبهة الجنوب الثلاث مرات: لا تفعلها..
إذاً هدف واحد، تلتقي عليه الحركة الدبلوماسية الغربية والاقليمية باتجاه لبنان: عدم التسرع والابتعاد ما أمكن عن الوقوع في محظور جبهة عسكرية ثانية انطلاقاً من جنوب لبنان.
وكانت وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا من طلائع الوزراء الذين وصلوا إلى بيروت ، ووصفت من قصر الصنوبر الوضع بأنه قلق، وناشدت الجميع تحمل المسؤولية والسيطرة على الوضع ويجب عدم الخلط بين حماس والشعب الفلسطيني.
وبعد لقاء الرئيس نبيه بري دعت كولونا المسؤولين لأن يلعبوا دورهم في منع جرّ لبنان إلى الاحداث الاقليمية وفرنسا لن توفر جهداً لترميم مسار السلام.
وتوقعت كولونا أن يمتد الصراع الراهن لمهلة غير محددة، مطالبة لتجنب الحسابات الخاطئة والعمل على ابقاء الجنوب خارج التشنجات.
وشدد الرئيس نجيب ميقاتي أمام الوزيرة الفرنسية على أنه يجري الاتصالات لابقاء لبنان بمنأى عن التوترات في المنطقة.. مشدداً على ضرورة وقف اطلاق النار.
والوضع في الجنوب، والدور الذي يقوم به الجيش اللبناني لضبط الامور هناك، حضر خلال اللقاء بين الوزيرة الفرنسية وقائد الجيش جوزاف عون، بمشاركة السفير هيرفيه (Herve) ماغرو والسفيرة آن غريو، التي تشغل مديرة شؤون افريقيا الشمالية والشرق الاوسط في الادارة المركزية لوزارة الخارجية.
وزير الخارجية التركي
ويصل إلى بيروت اليوم، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في زيارة رسمية، تلبية لدعوة من نظيره اللبنانية عبد الله بو حبيب، وعلى جدول الاعمال : قضايا ثنائية والتطورات في غزة ولبنان.
دبلوماسياً، تسلم الرئيس ميقاتي دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لحضور القمة العربية الافريقية الخامسة في 11 ت2 المقبل.
وسلَّم الدعوة سفير المملكة لدى لبنان وليد بخاري كما جرى عرض لتطور الاوضاع في ضوء حرب غزة.
في مجال متصل، دعت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي رعاياها في لبنان بالتفكير بمغادرة البلد ما دام بإمكانهم ذلك، بسبب المخاطر الامنية المتزايدة في المنطقة.
وأعلنت الخطوط الجوية السويسرية تعليق رحلاتها المتجهة إلى بيروت حتى 25 ت1 بسبب الوضع في الشرق الادنى والتوترات على الحدود بين لبنان واسرائيل.
نيابياً، وفي وقت بدأت فيه لجنة المال والموازنة دراسة مواد موازنة 2024، دعا الرئيس بري إلى عقد جلسة نيابية اليوم لانتخاب أمين سر وثلاثة موظفين.
وكان الرئيس بري اعتبر أن «المشروع الإسرائيلي الذي يُنفّذ اليوم ليس قضاءً على القضية الفلسطينية، بل سقوط للأمن القومي العربي ومشروع تجزئة للمنطقة بأسرها إلى دويلات طائفية متناحرة».
وفي الاجتماع الطارئ لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، لفت برّي إلى أن «الدفاع عن فلسطين مسؤولية الأمّة جمعاء». ودعا برّي اتحاد المجالس إلى «مُطالبة الدول الأعضاء في المنظمة التي تقيم اتفاقيات مع إسرائيل. مطالباً بإلغاء هذه الاتفاقيات فورية.
حكومياً، يعقد مجلس الوزراء جلسة سيدعو إليها الرئيس ميقاتي قريباً، أبرزها عرض الاوضاع في الجنوب، وأكثر من 39 بنداً تتوزع بين نقل اعتمادات من موازنة 2023 إلى موازنات بعض الوزارات والادارات العامة، وأمور توظيفية وإدارية منها تعيين مدرسين في ملاك الجامعة اللبنانية.
رئاسياً وجَّه بطاركة الشرق الكاثوليك من روما نداء الى اللبنانيين والاسرة الدولية دعوا فيه الى انتخاب رئيس والاعتراف بحياد لبنان وتطبيق القرارات الدولية وتسوية الصراع الإسرائيلي والفلسطيني. وقالوا اثر اجتماع عقد بدعوة من الكردينال بييترو بارولين، أمين سرّ دولة الفاتيكان: صحيح انّ وطننا لبنان يواجه تحديات جدّية وخطيرة، نرى انّه من الضروري البدء بانتخاب رئيس للجمهورية يعمل على استعادة عمل المؤسسات الدستورية وتطبيق الإصلاحات المطلوبة. فنطلب من رئيس مجلس النواب فتح أبواب المجلس ودعوة السادة النوّاب في اسرع وقت إلى جلسات نيابية متتالية. وندعو السادة النواب إلى القيام بواجبهم البرلماني والوطني وانتخاب رئيس وفق أحكام الدستور.
الوضع الميداني
عسكرياً أشارت المقاومة الاسلامية إلى أنه قبل السادسة من عصر أمس، هاجمت وحدة منها موقع الضهيرة الاسرائيلية واستهدفت دبابة ميركافا عند مدخله بالصواريخ الموجهة وأصابتها إصابة مباشرة.
ورد الجيش الاسرائيلي برمي قذائف فوسفورية حارقة في محيط الضهيرة.
البناء:
نتنياهو وبلينكن ومجلس الحرب إلى الملاجئ هربا من صواريخ المقاومة… وبايدن يصل الخميس
زحمة وزراء وموفدين إلى بيروت… وبري: إذا نجح تهجير غزة سقط الأمن العربي وبدأ التقسيم
عبداللهيان: محور المقاومة إلى خطوات استباقية… والقسام : الأسرى 250 وسنفرج عن الأجانب
كتب المحرّر السياسيّ
تتوزّع الحركة السياسي والدبلوماسية في المنطقة بين تل أبيب وبيروت، في تل أبيب اجتمع وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن بمجلس الحرب في كيان الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، قبل أن تداهمهم صواريخ المقاومة وتجبرهم على النزول إلى الملاجئ، ناقلاً الأجواء التي عاد بها من جولته على دول المنطقة الحليفة لواشنطن، والتي سمع فيها ما لخصه بالدعوة الى وقف النار وتأمين المساعدات إلى غزة كأولوية، بينما يصل اليوم المستشار الألماني أولاف شولتز متضامناً، ويصل بعد غد الرئيس الأميركي جو بايدن، للمشاركة في تقدير الموقف، لجهة فرص البدء بالعملية العسكرية البرية، أو مواصلة عملية القتل والتدمير، أو فتح الطريق للمسار التفاوضي، بينما في بيروت فقد جالت وزيرة الخارجية الفرنسية على المسؤولين ناقلة التحذيرات من خطورة انخراط حزب الله في حرب غزة، بينما يصل وزير الخارجية التركية للتشاور، وذلك بعدما غادر وزير الخارجية الإيرانية بيروت، حاملاً التحذيرات من خطر انفجار المنطقة إذا تواصلت عمليات القتل والتدمير في غزة، مجدداً أمس الكلام عن احتمال قيام محور المقاومة بخطوات استباقية ما لم يتوقف العدوان الوحشيّ على غزة.
في المواقف كان كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام المؤتمر البرلماني لدول العالم الإسلامي، مخصصاً للحديث عن حرب غزة، داعياً لكل أشكال المساندة، محذراً من نجاح مشروع تهجير غزة باعتباره إعلان سقوط الأمن القومي العربي وبداية مشروع تقسيم دول المنطقة إلى دويلات.
في المواقف أيضاً، وبما يوحي بوجود مساعٍ تفاوضية نشطة تحدث الناطق بلسان قوات القسام، كاشفاً العدد الإجمالي للأسرى بـ 250، منهم 200 لدى قوات القسام، مشيراً الى قرار القسام بالإفراج عن الأجانب بصفتهم ضيوفاً مؤقتين ريثما تسمح الظروف بإطلاقهم.
وحذّر الرئيس نبيه بري، من مشروع «ترانسفير» الذي يحاول العدو الإسرائيلي فرضه على الفلسطينيين عبر تهجير أهالي غزة الى سيناء، منبهاً الى أن نجاح هذا المشروع سيؤدي الى سقوط الأمن القومي العربي.
وخلال كلمة ألقاها عبر تقنيّة “الفيديو كول”، في المؤتمر الطّارئ لرؤساء المجالس النّيابيّة لاتحاد مجالس الدّول الأعضاء في “منظمة التعاون الإسلامي”، شدد الرئيس بري على أنّ “الدّفاع عن غزة وعن فلسطين ليس مسؤوليّة فصيل فلسطيني بعينه، وليس مسؤوليّة الفلسطينيّين وحدهم، بل هو مسؤوليّة الأمّة جمعاء”، مشدّدًا على أنّ “المشروع الإسرائيلي الّذي ينفَّذ الآن فوق جغرافيا قطاع غزة بالدّم والنّار والتّدمير، والّذي يتبارى المستويان السّياسي والعسكري في الكيان الإسرائيلي على التّباهي بإعلانه وكشف نواياه، من خلال العودة إلى التّلويح بمخطّط “الترانسفير” للشعب الفلسطيني من قطاع غزة باتجاه شبه جزيره سيناء، إذا ما قدّر لهذا المخطّط أن يمر هو ليس سقوطًا وقضاءً على القضية الفلسطينية، إنّما هو سقوط للأمن القومي العربي والإسلامي، ومشروع تجزئة وتقسيم للمنطقة بأسرها إلى دويلات طائفيّة وعرقيّة متناحرة؛ تكون “إسرائيل” فيها هي الكيان الأقوى”.
وطالب بري الدّول الأعضاء في المنظّمة الّتي تقيم اتفاقيّات مع الكيان الصّهيوني، إلغاء هذه الاتفاقيّات فورًا، أو تجميد العمل بها إذا لم يكن متاحًا إلغاؤها. ما دعا الى المسارعة فورًا إلى تشكيل وفود حكوميّة من دول المنظّمة، تتحرّك وتتوزّع على عواصم القرار كافّة في العالم، لوقف حرب الإبادة الّتي تشنّها آلة الحرب الإسرائيليّة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والضّغط أيضًا من أجل وقف كلّ مشاريع التّهويد الّتي تستهدف المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس والمسجد الأقصى؛ لا سيّما مشاريع تقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا.
الى ذلك، يعيش لبنان سباقاً محموماً بين انفجار الجبهة الجنوبية على نطاق واسع وبين نجاح الضغوط الديبلوماسية لاحتواء الوضع على الحدود، إذ يشهد لبنان حركة ديبلوماسية كثيفة ولافتة محورها واحد هو الضغط على حزب الله لعدم التوغل أكثر بالحرب بين الفلسطينيين وكيان الاحتلال.
وتقدمت هذه الحركة الديبلوماسية وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا التي جالت أمس، على كبار المسؤولين اللبنانيين لاجراء جولة محادثات مستبقة نظيرها التركي هاكان فيدان الذي يصل اليوم، بحسب الخارجية التركية، للغاية نفسها، وأيضاً موفد بريطاني خلال الأسبوع الحالي وفق ما علمت “البناء”.
والتقت الوزيرة الفرنسية الرئيس بري في عين التينة بحضور السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماغرو ومديرة أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية السفيرة آن غريو وعدد من المستشارين في الخارجية الفرنسية، حيث جرى عرض للاوضاع العامة في لبنان والمنطقة على ضوء تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. واستمرّ اللقاء لأكثر من ٤٥ دقيقة غادرت بعده كولونا دون الإدلاء بتصريح.
وأشارت مصادر مطلعة لـ”البناء” الى أن “كولونا نقلت للرئيس بري قلق بلادها من الأوضاع الأمنية على الحدود مع فلسطين المحتلة، وتزايد احتمال تدهور الاشتباك القائم الى حرب شاملة”، وشددت الوزيرة الفرنسية للرئيس بري على ضرورة بذل المساعي للضغط على حزب الله لتفادي الحرب، ونقلت تحذيرات بأن أي حرب سترتب تداعيات كبيرة على لبنان والمنطقة، كما أكدت ضرورة الحفاظ على الاستقرار على الحدود من خلال بقاء لبنان بمنأى عن المواجهة المستمرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “أن الحكومة تواصل اتصالاتها داخلياً وخارجياً لإبقاء الوضع هادئاً في الداخل اللبناني قدر المستطاع وإبعاد لبنان عن تداعيات الحرب الدائرة في غزة”.
وشدد على أن “الاتصالات تتم بعيداً من الإثارة الاعلامية حرصاً على نجاحها ولعدم اثارة الهلع عند الناس”. معتبراً أن “الاتهامات التي توجّه الى الحكومة بالتقصير هي اتهامات سياسية للتحامل ولا أساس لها على ارض الواقع”. وفي خلال لقاءاته في السراي قال ميقاتي “هناك وحدة لبنانية كاملة تضامناً مع فلسطين، لكن لا مصلحة لأحد بالقيام بمغامرة فتح جبهة من جنوب لبنان، لان اللبنانيين غير قادرين على التحمّل”.
وفي موازاة ذلك، واصل وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب لقاءاته الديبلوماسية، حيث التقى على التوالي سفراء دول كل من: الولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا، سويسرا ماريون ويشلت، روسيا ألكسندر روداكوف، اليابان ماغوشي ماسايوكي، الصين تشيان مينجيان، فرنسا هيرفيه ماغرو، الارجنتين موريسيو أليس، وبريطانيا هاميش كاول. وقد تمّ التشاور مع سفراء الدول المذكورة في آخر التطورات في غزة والجنوب، حيث شدد الوزير بو حبيب على عدم رغبة لبنان في التصعيد، محذراً من عواقب الدعم اللامحدود لـ”إسرائيل” على الأمن والسلم الإقليميين، وتجاوزاتها للقانون الدولي الإنساني وقانون الحرب من خلال قيامها بعقاب وحصار جماعي مفروض على الشعب الفلسطيني في غزة.
الى ذلك استمرت المواجهات بين المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وأصدرت المقاومة الاسلامية في لبنان سلسلة بيانات عن عملياتها ضد مواقع وتحركات قوات الاحتلال، فأعلنت أن المقاومين “هاجموا موقع الضهيرة الإسرائيلي واستهدفوا دبابة ميركافا عند مدخله بالصواريخ المُوجّهة وأصابوها إصابة مباشرة، كما استهدفوا خمسة مواقع إسرائيلية هي: موقع مسكاف عام، خربة المنارة، هرمون، موقع ريشا وموقع رامية، بالأسلحة المباشرة والمناسبة، وحققوا فيها إصابات مؤكدة”.
وتشير أوساط مطلعة على الجبهة الجنوبية لـ”البناء” الى أن المقاومة مستمرة في عملياتها العسكرية ضد مواقع الاحتلال وأن الوضع الميداني تحت السيطرة والمقاومة على أهبة الاستعداد وهي تفرض معادلة صعبة على العدو، مؤكدة أن استهداف مواقع العدو لن يتوقف وسيستمر بشكل يومي وكل مواقعه وثكناته وتحركاته وآلياته ستكون هدفاً للمقاومة، متوعّدة العدو بمفاجآت في الوقت المناسب، مبينة أن عمليات المقاومة ستتصاعد بشكل تدريجي بمستوى يرتبط بالتطورات الميدانية في فلسطين المحتلة وفي غزة تحديداً.
ومساء أمس، أطلق جيش الاحتلال من مواقعه في مزارع شبعا قنابل مضيئة فوق قرى العرقوب وتزامن ذلك مع تحليق للطيران التجسسيّ من حين لآخر في سماء المنطقة. كما أطلقت قذائف فسفور على بلدة الضهيرة جنوب لبنان، وقنابل مضيئة فوق كفرشوبا ومزارع شبعا.
في المقابل لا يزال الذعر يسيطر على كيان الاحتلال والمستوطنين في شمال فلسطين المحتلة خوفاً من حدث ما قد يحصل في أي وقت.
وأعلن جيش الاحتلال تفعيل خطة لإجلاء سكان الشمال الذين يعيشون على مسافة تصل إلى 2 كم من الحدود اللبنانية، محذراً من أن “إذا قرر حزب الله مهاجمة “إسرائيل” سيكون الرد عنيفاً”، وقال: “عززنا وحداتنا على حدودنا الشمالية وسنرد بحزم وقوة على كل عملية ضدنا”.
كما أمر الجيش سكان منطقة المطلة الحدودية مع لبنان بدخول الملاجئ تحسباً لوجود عملية تسلل.
بدوره، توجّه رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، لإيران وحزب الله بالقول: “احذروا ولا تختبروا إسرائيل في حدودنا الشمالية وإلا ستدفعون ثمناً كبيراً”، مشدداً على أن “الرد سيكون بحجم الجريمة».
وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض، الى أننا “لا نريد للنزاع أن يتسع ونبقي أعيننا على الجبهة الشمالية لـ”إسرائيل”، ولم نرصد أي مؤشرات على رغبة حزب الله في توسيع المواجهات مع “إسرائيل»”.
ويعتقد خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية بأن الحزب سيدخل المعركة بحال استمرت قوات الاحتلال بحرب الإبادة على قطاع غزة، موضحين لـ”البناء” بأن فتح الجبهات سينسّق بين الغرفة المشتركة لمحور المقاومة الذي يضمّ لبنان وفلسطين وسورية والعراق واليمن. وقد تفتح هذه الجبهات تدريجياً ويطلق صواريخ من كل الجبهات على كامل المستوطنات الإسرائيلية في وقت واحد، مع احتمال دخول فرق خاصة من حزب الله وحركة حماس الى المنطقة الشمالية والجليل وربما تدخل مجموعات أخرى موجودة في سورية الى الجولان. وقد يستهدف حزب الله أو حركة حماس ميناء حيفا بالصواريخ الدقيقة ما يؤدي الى تعطل التجارة الخارجية وبطبيعة الحال نقل النفط والغاز الى أوروبا، ومن السيناريوات ايضاً استهداف حقل كاريش بمسيرات تابعة للحزب. كما وقد تقصف إيران بالصواريخ البعيدة المدى المدن الإسرائيلية وبحال تطورت الحرب قد تغلق مضيق هرمز أمام الملاحة الغربية ويغلق أنصار الله في اليمن مضيق باب المندب. وهنا وفق الخبراء نكون قد دخلنا في حرب إقليمية كبيرة لن تنتهي بأشهر وربما بعام.
وبعد الفرنسيين والألمان، أعلنت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، أن “الكنديين في لبنان يجب أن يفكروا في المغادرة بينما تظل الرحلات الجوية التجارية متاحة”. وبدورها، أعلنت الخطوط الجوية السويسرية تعليق رحلاتها المتّجهة إلى بيروت حتى 28 تشرين الأول “بسبب الوضع في الشرق الأدنى والتوترات على الحدود بين “إسرائيل” ولبنان».
المصدر: صحف