تعليقاً على تصريح وزير الخارجية الأميركية الداعم للعدوان الاسرائيلي في غزة بذريعة الدفاع عن النفس لفت الخبير الدستوريّ الّدكتور جهاد اسماعيل إلى أنه ” يستشف من أحكام المادة ٤٢ من اتفاقية لاهاي الدولية لعام ١٩٠٧ بأنّه مجرد أن تفرض قوات العدو سيطرة فعليّة على أرض أجنبية دون موافقة الطرف الآخر تصبح القواعد القانونية لإحتلال الحرب واجبة التطبيق، وبالتالي لا مجال لتطبيق حظر استخدام القوة ضد قوات الاحتلال، مما يُفرغ أيّ محتوى أو مضمون للدفاع المشروع المزعوم الّذي يستند، زوراً، للمادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة ويفترض، في الوقت عينه ، هجوماً مسلّحاً من دولة على دولة أخرى، لا من قِبل شعبٍ أراد الحق في تقرير المصير ومقاومة الاحتلال، وما يعزّز اعتقادنا هو أن محكمة العدل الدولية، في اطار النظر في قضية الجدار العازل عام ٢٠٠٤، قضت بأن المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة تعترف بوجود حق طبيعي في الدفاع عن النفس في حالة الهجوم المسلّح من قبل إحدى الدول ضد دولة أخرى، وأن إسرائيل، بحسب ما ذهبت اليه المحكمة، لا تدعي من ان الهجمات ضدها يمكن عزوها إلى دولة أجنبية، لا سيما أن اسرائيل تبسط سيطرتها على الاراضي الفلسطينية المحتلة، وأن التهديد الذي تعتبره مبرراً لإنشاء الجدار ينبع، كما تصرّح اسرائيل ذاتها، من الداخل وليس من خارجها، الأمر الّذي يؤكد، في رأينا، أن الدفاع عن النفس وُجد، أصلاً، لمنع تهديد العلاقات بين الدول لا بين دولة وسلطة احتلال ترتكب، إضافةٍ إلى اغتصاب الإقليم، أبشع الانتهاكات المحظورة في اتفاقيات جنيف وقواعد القانون الدولي ، علاوة على قصور ميثاق الأمم المتحدة في الإحاطة بكل النقاط القانونية، ما يوجب العودة إلى كلّ قاعدة قانونية دوليّة تسلّط الضوء على الاحتلال ومخاطره ودلالاته”.
وفي حديثٍ لموقع المنار قال اسماعيل إلى أن” حق المقاومة الفلسطينية او اللبنانية في مواجهة العدوان يجد أساسه في المادة الأولى من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بقولها :”لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها”، وهذا الحق جرى تكريسه في قرارات أممية مختلفة ومنها القرار رقم ٣١٠١/ ١٩٧٢، الصادر عن الجمعية العامة، الّذي يؤكد حق الشعوب الخاضعة للاحتلال بالتحرر منه بالوسائل كافة، وغيره من القرارات الّتي كرّست حق الشعوب في مقاومة الاحتلال وبالتالي تقريرها مصيرها بنفسها من دون قيد، وهذه العمومية أو الاطلاقية في هذه القرارات تعكس شرعية المقاومة في مواجهة الاحتلال، وبالتالي لا تُقوّض في نصّ المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة بقوله “ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء “الأمم المتحدة” وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي….”، مما يعني أن هذا النص يفيد بلازمتين، الأولى: حقانيّة إستخدام القوة في الدفاع عن النفس عند وقوع اعتداء مسلّح، والثانية: انتهاء فترة الدفاع عن النفس فور اتخاذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين، ولأن مجلس الأمن لم يتخذ التدابير الآيلة لحفظ السلم والأمن الدولي فتبقى ممارسة الدفاع الشرعي قائمة ومشروعة”.
المصدر: موقع المنار