أعلن الرئيسان بشار الأسد وشي جين بينغ أن سورية والصين تمضيان نحو علاقة إستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات، وذلك خلال قمة بينهما عقدت في يكين. واعتبر الرئيس الأسد أن زيارته للصين مهمة بتوقيتها وظروفها حيث يتشكل عالم متعدد الأقطاب سيعيد للعالم التوازن والاستقرار، ومن واجبنا جميعاً التقاط هذه اللحظة من أجل مستقبل مشرق وواعد.
وقال الرئيس الأسد: “أتمنى أن يؤسس لقاؤنا اليوم لتعاون إستراتيجي واسع النطاق وطويل الأمد في مختلف المجالات، ليكون جسراً إضافياً للتعاون يتكامل مع الجسور العديدة التي بنتها الصين”.
وأضاف الرئيس الأسد: “أعبر عن سعادتي لزيارتنا للصين التي تقف مع القضايا العادلة للشعوب، منطلقة من المبادئ القانونية والإنسانية والأخلاقية التي تشكل أساس السياسة الصينية في المحافل الدولية والمبنية على استقلال الدول واحترام إرادة الشعوب ونبذ الإرهاب، والتي كان لها دور كبير في تخفيف آثار الحرب على سورية”.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن سورية تنظر لدور الصين البناء على الساحة الدولية وترفض كل محاولات إضعاف هذا الدور، كما أنها ترفض محاولات خلق توتر في بحر الصين الجنوبي وإنشاء تحالفات إقليمية تهدف إلى ضرب الاستقرار في منطقة جنوب شرق آسيا.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن الصين دولة كبرى ومتقدمة وقوية اقتصادياً، لكنها لم تفقد إنسانيتها كغيرها من الدول المتقدمة، بل تلعب دوراً كبيراً في التوازن على الساحة السياسية وتؤسس لطريق جديد من التنمية يقوم على التعاون والربح للجميع، مؤكداً أن سورية ستبقى صديقاً وفياً للصين لأن ما يجمع بينهما هو المبادئ، كما أن الصين لديها أيضاً رؤية واضحة تجاه سورية ومنطقتنا عموماً.
وشدد الرئيس الأسد على أن سورية تدعم كل المبادرات التي تقدم بها الرئيس شي جين بينغ لضمان مستقبل آمن للبشرية وتتمسك بمبدأ الصين الواحدة.
واعتبر الرئيس الأسد أنه ليس هناك فرق بين سورية وأوكرانيا وبحر الصين الجنوبي، فالغرب يستخدم هذه الساحات لإرباك الدول، لذلك يجب أن نواجه مبدأ القوة العسكرية بمبدأ القوة الناعمة المبنية على الأخلاق والتعاون الذي أقرته الصين.
وقال الرئيس الأسد: “أتوجه بالشكر لكم شخصياً وللحكومة الصينية على كل ما قمتم به للوقوف إلى جانب الشعب السوري في قضيته ومعاناته ومحنته، وأتمنى للشعب الصيني الصديق المزيد من الانتصارات العلمية والحضارية والإنسانية”.
بدوره وصف الرئيس الصيني اللقاء مع الرئيس الأسد بأنه حدث مفصلي في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين في مواجهة الأوضاع الدولية المفعمة بعوامل عدم الاستقرار.
وقال الرئيس شي جين بينغ: “على مدى سبع وستين سنة تظل العلاقات السورية الصينية صامدة أمام تغيرات الأوضاع الدولية، وتظل الصداقة تاريخية وراسخة مع مرور الزمن” مؤكداً أن بلاده تحرص على تعزيز التعاون مع سورية في إطار مبادرة الحزام والطريق، وتدعم انضمام سورية لمنظمة شنغهاي كشريك للحوار، كما تدعم بشكل ثابت جهود سورية ضد التدخل الخارجي وترفض
وتمركز القوات غير الشرعية على الأراضي السورية وتحث الدول على رفع العقوبات والحصار الاقتصادي غير الشرعي، إضافة لدعمها بناء القدرات السورية في مكافحة الإرهاب.
وشكر الرئيس شي جين بينغ سورية على دعمها للصين في القضايا المتعلقة بتايوان وتشينج يانغ، وأكد أن المباحثات مع الرئيس الأسد كانت مثمرة وتم التوصل إلى توافقات واسعة النطاق.
وشهدت المباحثات توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين الحكومتين السورية والصينية وقعها عن الجانب السوري وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد، ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل، وعن الجانب الصيني وزير الخارجية وانغ يي، ورئيس الهيئة الوطنية للتنمية والإصلاح تشنج شانجي حيث تم توقيع اتفاقية تعاون اقتصادي وفني ومذكرة تفاهم حول التبادل والتعاون في مجال التنمية الاقتصادية، ومذكرة تفاهم حول السياق المشترك لخطة التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق.
وجاءت قمة اليوم على رأس الفعاليات واللقاءات التي سيجريها الرئيس الأسد في مدينتي خانجو والعاصمة بكين خلال الأيام القادمة، ومن بينها لقاءات مع عدد من المسؤولين في جمهورية الصين، وكذلك حضور افتتاح دورة الألعاب الآسيوية التاسعة عشرة.
سورية والصين تصدران بياناً مشتركاً بإقامة علاقات شراكة إستراتيجية بين البلدين
بعد لقاء القمة بين اليد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية السورية والرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية، في مدينة خانجو الصينية، صدر البيان التالي حول إقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.
نص البيان:
تلبية لدعوة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ لحضور رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد مراسم افتتاح الدورة الـ19 للألعاب الأسيوية في الصين خلال الفترة ما بين 22 و 25 أيلول 2023، أجرى رئيسا البلدين مباحثات في جو من الصداقة والمودة، وتبادلا وجهات النظر حول العلاقات الثنائية بين الصين وسورية، والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وتوصلا إلى توافقات واسعة النطاق.
وأعرب رئيسا البلدين عن تقديرهما العالي للصداقة التاريخية القائمة بين الصين وسورية، واتفقا على أن الصين وسورية تربطهما علاقة تقوم على الأمانة والوفاء وتصمد في وقت الضيق، ووافقا على إقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية بين الصين وسورية للدفع بالتعاون الودي في كل المجالات على نحو شامل، بما يخدم شعبي البلدين بشكل أفضل.
أولاً: سيواصل الجانبان تبادل الدعم الثابت في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى للجانب الآخر ويلتزم الجانب السوري بثبات بمبدأ الصين الواحدة، ويعترف بأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين بأكملها، وأن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وهو يدعم جهود الصين للحفاظ على سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، ويرفض رفضاً قاطعاً قيام أي قوى بالتدخل في الشؤون الداخلية الصينية، ويدعم كل الجهود المبذولة من قبل الحكومة الصينية من أجل تحقيق إعادة توحيد البلاد، ويدعم بثبات الموقف الصيني من المسائل المتعلقة بهونغ كونغ، والجهود الصينية للحفاظ على الأمن القومي في إطار دولة واحدة ونظامين، ويؤمن بثبات بأن شؤون هونغ كونغ هي من الشؤون الداخلية البحتة للصين، ويدين بشدة التصرفات غير الشرعية التي قامت بها القوى الخارجية للتدخل في شؤون هونغ كونغ والشؤون الداخلية الصينية، كما يدعم بثبات الموقف الصيني من المسائل المتعلقة بشينجيانغ، ويؤكد مجدداً على أن المسائل المتعلقة بشينجيانغ ليست مسألة حقوق الإنسان على الإطلاق، بل هي مسألة متعلقة بمكافحة الإرهاب العنيف ونزع التطرف ومكافحة الانفصال، كما يدعم الجانب السوري بثبات الجهود الصينية لمكافحة الإرهاب ونزع التطرف، ويرفض رفضاً قاطعاً التدخل في الشؤون الداخلية الصينية تحت ذريعة المسائل المتعلقة بشينجيانغ.
يدعم الجانب الصيني بثبات الجهود السورية للحفاظ على استقلال البلاد وسيادتها وسلامة أراضيها، ويدعم الشعب السوري لسلك الطريق التنموي الذي يتماشى مع الظروف الوطنية، ويدعم السياسات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية في سبيل الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها وتنميتها، ويرفض قيام القوى الخارجية بالتدخل في الشؤون الداخلية لسورية والمساس بأمنها واستقرارها، ويرفض الوجود العسكري غير الشرعي في سورية أو إجراء العمليات العسكرية غير الشرعية فيها، أو نهب ثرواتها الطبيعية بطرق غير شرعية، ويحث الدول المعنية على الرفع الفوري لكل العقوبات الأحادية الجانب وغير الشرعية على سورية.
ثانياً: يقيم الجانب السوري تقييماً عالياً ويدعم بموقف إيجابي ما طرحه رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ من مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، وسيجري الجانبان التعاون الفاعل لتنفيذ المبادرات المذكورة أعلاه على نحو جيد، والعمل يداً بيد على بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية، وبذل جهود مشتركة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
ثالثاً: يحرص الجانبان على تعميق التواصل والتعاون بين البلدين على الصعد الحزبية والبرلمانية والمحلية، وتعزيز تبادل الخبرات حول الحوكمة والإدارة، وسيعزز الجانبان التعاون الودي في مجالات الاقتصاد والتجارة والزراعة والثقافة والشباب والإعلام وغيرها. وسيواصل الجانب الصيني تقديم ما بوسعه من المساعدات لسورية، ويدعم الجهود السورية لإعادة الإعمار والانتعاش في التنمية.
يشكر الجانب السوري الجانب الصيني على ما قدمه من الدعم السياسي والمساعدات السخية، وعلى وقوف الجانب الصيني إلى الحق في مجلس الأمن الدولي لصالح سورية.
يتفق الجانبان على مواصلة تعزيز التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن، وتضافر جهود مكافحة الإرهاب.
رابعاً: يدعم ويرحب الجانب الصيني بعودة سورية إلى جامعة الدول العربية ويدعم سورية في تحسين علاقاتها مع سائر الدول العربية، كما يدعم الدول العربية في المنطقة بما فيها سورية في تقوية الذات عبر التضامن، ويعرب الجانب السوري عن التقدير العالي للجهود الدبلوماسية الصينية التي أثمرت عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية، ويشكر الجانب الصيني على مساهمته الإيجابية في إيجاد حلول للقضايا الساخنة والحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
خامساً: يقيم الجانبان تقييماً عالياً الدور المهم لآلية منتدى التعاون الصيني العربي في تعزيز التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية، مؤكدين استعدادهما لإجراء التعاون النشط في سبيل تنفيذ مخرجات القمة الصينية العربية الأولى، وتكريس روح الصداقة الصينية العربية والعمل يداً بيد على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد.
سادساً: يدعم الجانبان تكريس القيم المشتركة للبشرية المتمثلة في السلام والتنمية والعدل والإنصاف والديمقراطية والحرية، ويحترمان حق شعوب العالم في اختيار الطرق التنموية والنظم الاجتماعية التي تتماشى مع ظروفها الوطنية، ويعارضان بشكل قاطع تسييس قضية حقوق الإنسان أو استخدامها كأداة، ويعارضان بشكل قاطع قيام أي دولة بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت ذريعة الديمقراطية وحقوق الإنسان.
سيعزز الجانبان التنسيق والتعاون في الشؤون الإقليمية والدولية، ويلتزمان بشكل مشترك بتعددية الأطراف الحقيقية، ويدافعان عن المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزاً لها والنظام الدولي القائم على القانون الدولي والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية المبنية على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويعارضان بشكل قاطع الهيمنة وسياسة القوة بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك فرض عقوبات أحادية الجانب وإجراءات تقييدية غير مشروعة على الدول الأخرى، ويدفعان بإقامة نوع جديد من العلاقات الدولية، ويعملان يداً بيد على بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
المصدر: وكالة سانا